Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية انين مكة كاملة بقلم أم فاطمة (جميع الفصول للقراءة والتحميل)

رواية انين مكة كاملة بقلم أم فاطمة على مدونة كوكب الروايات، حيث تمكنك المدونة من قراءة الرواية كاملة بالترتيب من الحلقة الأولى إلى الأخير كاملة مع التحميل بصيغة Pdf.

رواية انين مكة كاملة

رواية انين مكة الفصل الأول

أقتربت الشمس بإغلاق جفنيها لتسقط بإشعتها الذهبية فى مياه البحر الهائجة ، المتلاطم بأمواجه وسمع لها صوت حين إصطدامها بالصخور المتراصة بحرافية جميلة من صنع الخالق عز وجل .
وقفت مكة تتابع كعادتها كل يوم مشهد الغروب وتستنشق رائحة البحر الذى أبهج روحها الحزينة لبضع لحظات قبل العودة لمنزلها فى إحدى أحياء مدينة الأسكندرية .
وكانت معها فى تلك اللحظة صديقتها المقربة وزميلتها فى العمل ( عنان ) .
حيث إنها ممرضة فى إحدى المستشفيات الحكومية أو ملاك الرحمة كما يسمونها .

عنان بعد أن ضمت يديها بقوة على صدرها ، محركة شفتيها بإهتزاز.........بت يا مكة مش نروح بقه البيت .
الجو تلج يا أختى ، أنا مش عارفة لزمته اه ، كل يوم والتانى لازم نسلم على البحر قبل ما نمشى .

فركت مكة بكلتا يديها لعلها تنعم ببعض الدفىء ثم قالت ...خلاص أهو دقيقتين ، أشوف الشمس تنزل فى المية ونمشى ، الصبر بس يا عنان .
عنان ......والله يا بت أنتِ لو جالى أنفلوزة يا بقه أنتِ السبب .
ثم فاجئها الرشح ........هطشششششى.
مكة بضحك.....يرحمكم الله ، واسمها أنفلونزا يا حاجة .
كام مرة أعلمك تقوليها ، غلبتينى .
عنان ......مش فارقة يعنى كتير ، مددققيش .
المهم نروح دلوقتى كفاية كده عشان عايزة أضرب طبق العدس اللى عملاه أمى النهاردة عشان الجو البرد ده ، أهو بيدفى ولا أحلاها دافية .
مكة بنفور........لا عدس إيه بس ؟ مش عارفة بتكليه إزاى ده ؟
عنان بضحك......ياسلام يا أختى ؟ ماله العدس ، نعمة ورضا ، اللى يشوف كده يقول البت هتروح تاكل المحمر والمشمر .
أغمضت عينيها مكة متألمة من كلمات عنان ، لتتجمع فيهما العبرات .

من هى مكة ؟؟؟
مكة فتاة فى بداية العشرينات ، ذات ملامح هادئة ، ليست بشديدة الجمال ولكن لها جاذبية خاصة ،
فتجدها مبتسمة دوما ، رغم ما تحمله ما أثقال الجبال من هم وكدر ، تجدها تواسى الجميع بكلماتها الطيبة رغم إنها تحتاج من يواسيها .
ما أجمل كلماتها وهى تذكرك بالله ولا يبقى على لسانها غير قول ( الحمد لله ) رغم ما يعصف بها .
.......
لاحظت عنان عبراتها التى إنسكبت على وجنتيها ، فضغطت على شفتيها بحزن قائلة....يقطعنى يا حبيبتى ، مش قصدى والله حاجة .
ماإحنا كمان كلنا فى الهوا سوا ، على قد الحال ، بس أنتِ أكتر أنا عارفة ، عشان المنيل جوز أمك اللى بيلهف مرتبك كل أول شهر ويدوبك يسبلك حق المواصلات اللى مش بتكفى اصلا وتضطرى تقضيها مشى للبيت .
تمتمت مكة مع هز رأسها...الحمد لله على كل حال ، ده نصيبى .

زفرت عنان بغضب قائلة...أنا مش عارفة ،أمك إزاى أتجوزته ؟ وإزاى صبرت عليه الفترة دى كلها ، وليه سيباه يلطش فيكِ كده ؟.

حدثت مكة نفسها بألم .....ياريت ده بس .
ده كمان نظراته ليه فى الريحة والجاية مطمنش أبدا .
مكة .......أمى ست غلبانة وعايزة تعيش زى اللى المثل اللى بيقول ( ضل راجل ولا ضل حيطة ).

عنان بلوم ......وده يتقال عليه راجل ده ؟

ده ولا شغله ولا مشغله وملقح على القهوة طول النهار ، وبياكل وبيشرب على حساب تعبك وهددتك فى الشغل .
مكة......هنقول إيه ربنا يهديه .

عنان........يارب .
بس يعنى ملهوش أى لزمة ، متكلمى أمك تخليها تطلق منه وتعيشوا براحتكوا .

تنهدت مكة بحرارة قائلة........ياريت كان ينفع ، بس نروح فين لو طلقها ؟
هنترمى فى الشارع .
ضربت عنان على صدرها بيديها قائلة....يا مصيبتى ، ليه هى الشقة بإسمه ، أنا بحسبها بتاعة أبوكِ الله يرحمه .

مكة بغصة مريرة ....لا شقته هو ، إحنا شقتنا لما بابا مات الله يرحمه ، صاحب البيت منه لله طردنا منها .
فاضطرت أمى بعد فترة من البهدلة عند كل حد من قرايبها شوية تجوز عباس رغم كل بلاويه .
عشان نلاقى مكان نستر فيه من عيون الخلق اللى عايزة تنهش فى لحمنا .

ربتت عنان على كتفها بحنو قائلة....عينى عليكِ يا حبيبتى ، بس إن شاءالله فرجه قريب ، يمكن ربنا يرزقك ابن الحلال قريب ، اللى يستتك ويهنيكِ وتبعدى عن الزفت جوز أمك ده .

مكة بضحك.......لا أنا مستنية أفرح فيكِ أنتِ الأول ،ولو طلعتى تمام والأمور مشيت معاكِ أخر حلاوة ساعتها هفكر .

نكزتها عنان بمرح قائلة...شوفى البت اللى كانت بتعيط من شوية ، دلوقتى بتضحك وتهزر ولا كأن فيه حاجة وكمان عايزة تجرب فيه الجواز الأول .

مكة...........ربنا بيهونها يا قلبى وأملى فيه كبير.

عنان.....ونعم بالله .
بس مقدامك الحاج حنفى الجزار ، هيموت عليكِ وعايزك فى الحلال ، وهو راجل مقتدر وهيعيشك مبسوطة وتخلصى من الهم ده .

قضبت مكة جبينها قائلة بنفور ........يعنى أصبر أصبر وأفطر على بصلة ، وأجوز واحد قد أبويا وكمان مجوز بدل الوحدة اتنين ، يعنى هدخل فى حرب ضراير ملهاش أخر على إيه ؟
هو أنا ناقصة هم .
عنان.......كده ، بس الراجل يعنى شكله حبوب اووى وبيقعد يسبلك فى الريحة والجاية .

كزت مكة على أسنانها بغيظ قائلة.......والله بكون عايزة أفقعله عنيه الإتنين دول ابو عين زايغة ، بس أقول إيه ربنا يهديه .

عنان..........طيب بلاش أبو عنين زايغة ، ندخل على ابو عضلات وقلب من حديد ، فتوة الحارة ، وناصر الغلابة ، ومعذب قلوب العذارى ، حمادة النمس .

ضحكت مكة حتى دمعت عينيها قائلة ...والله يا بت يا عنان ،تنفعى مقدمة برامج ، إيه العظمة فى وزن الكلمات دى .

حركت عنان رأسها بإمتنان شاكرة لـ مكة ثم ضحكت قائلة........المهم يا أختاه ، الواد برده بيحبك وساق طوب الأرض عليكِ عشان توفقى وأنتِ مصدرة الطناش ، مش عارفه ليه يعنى ؟
تقوليش البت عيون خضرا ، وشعر أصفر على الخدود يهفف ويرجع يطير ، أنتِ كده بتطيرى العرسان .

مكة...........هو اه أنا يعنى عادية مش اوفر حلاوة ولا حاجة ، ومفروض اللى زييى تقبل اى حد يجلها ومتصدق .
بس أنا نفسى فى شخصية معينة وهفضل أستناها حتى لو فتنى قطر الجواز .
أحسن ما أركب أى قطر ويرمينى ويدوس عليه وتنتهى حياتى قبل ما تبدء .

عشان بجد الجواز ده فعلا يا حياة كريمة مع إنسان بيقدرك .
يا حياة بدون روح مع إنسان بيحبطك .

قامت عنان بالتصفير والهتاف مرددة....عظمة على عظمة يا ست مكة ، ده أنتِ طلعتى فسلاسوفة وأنا معرفش .
مكة بضحك....إسمها إيه ؟
عنان......أنا عرفة أهو بسمع الناس بتقولها ،ومدققيش بقه فى كلماتى ، المهم إنك فاهمة قصدى .

مكة .......ماشى يا ستى ، كل اللى يطلع منك عسل .
عنان...بس الواد حمادة النمس برده شخصية ، فليه مش عجبك ؟

مكة ...... شخصية على نفسه ، وده عقله فى عضلاته اللى فرحان بيها ومن غيرها ولا حاجة ، وكمان مين قلك إنه ناصر الغلابة ؟

عنان ....... يوه يا بت ، منا بشوفه بعينى اللى هيكلها الدود دى ، وهو بيحامى على الستات اللى بيفرشوا فى السوق .

وأى حد من أهل الحتة أتزنق فى حاجة كده ولا كده بيجيبه ويقف معاه .

مكة.........بيحامى وبيقف بولاشى كده ولا كله بتمنه ؟

اتسعت عين عنان بذهول ثم حركت شفتيها يمينا ويسارا قائلة......قصدك يا بت إنه بياخد فلوس على كده ؟
مكة.....اه ، طبعا ، هو فيه حاجة مجانى دلوقتى يا بنتى ؟
عنان.........يا خيبه المنيل ،قُطع بجد .

وصح يا حبيبتى ، مفيش حاجة مجانى إلا رحمة الله .

مكة ......ونعم بالله .

عنان....يعنى كده الإتنين عرسان طلعوا على فشوش ، يعدلها ربنا بقه ويبعت من عنده حاجة ذوق كده .

ويلا بينا يا حبيبتى ، خلاص الشمس طست فى المية واتبسطتى بمنظرها زى كل يوم .

يلا بينا نروح ندفى، ألا مش حاسه بمفاصلى من كتر السقعة ثم حركت شفتيها بكلمة ...متكتككككككة.

أستنشقت مكة عبير البحر الذى يشعرها بالسعادة والراحة ثم أردفت...يلا بينا ، قدامى يا ست الحاجة أم مفاصل .

فضحكت عنان ثم توجهوا للبحث عن وسيلة مواصلات للعودة إلى المنزل .
.................
فى مكان أخر
فى منزل أنيق ، ذو أثاث فاخر وديكورات تعود لزمن كلاسيكى مضى ولكن تحتفظ برونقها .
كما يزين الحائط لوحات زيتيه تنم على إبداع راسمها ، بجانب صور لشخصيات على مراحل زمنية عدة من الصغر للكبر .

نعم إنها عائلة اللواء مجدى الزيات ذات الأصول العريقة التى أمتدت من نسل الباشا محمد على .

وزوجته سهام الصياد وأولادها على النحو التالى من الأكبر للأصغر.
ركان ....وهو على رتبة نقيب ، ذو ثلاثون عاما ، حاد الملامح ، قوى البنيان ، ليس بالطويل ولا القصير ، يتمتع بشخصية قويه ، يهابه الجميع ، ولكن تسقط هيبته عندما تنظر له إحداهما فيسقط معها فى بئر الحب معا ثم يرتفع هو ويتركها فى مستنقعها تعانى فقدانه .

أما رياض ....فهو على رتبة ملازم أول ، ذو خمسة وعشرون عاما ، هادىء الملامح ، مرح الشخصية ، ممتلىء بعض الشىء .

ثم أخيرا .....ريم ، ذات الواحد وعشرون عاما ، فى السنة الأخيرة من كلية الفنون الجميلة .

وهى فتاة أرستقراطية بعض الشىء ،تتعالى بشخصيتها ذات النسب العريق على من حولها ، فتجد من ينافقها ليكسب صُحبتها أو من يبتعد عنها لتعاليها المستمر .

وهى تتمتع بجمال الأتراك الذى ورثته عن أجدادها .
ولكنها فى ذات الوقت تمتلك موهبة رائعة فى الرسم .

ولج رياض لغرفة اخيه ركان بينما كان يرتدى بذلته
الرسمية .

رياض بمرح مبتسما....يا صلاة النبى أحسن يا حضرة النقيب ، عينى عليك باردة ، جمال وحلاوة يا عمنا ، والبنات حواليك زى الدبان بيلتزقوا فيك .

ضيق ركان عينيه الرمادتين وعقد حاجبيه بشدة ثم أستدار له وأشار إليه ليصمت مردفا بغضب ...إيه ده يا حضرة الملازم ؟
مش مكسوف من نفسك وأنت بتكلم الألفاظ السوقية دى ، زى بتوع الشوارع بالظبط .

كام مرة حظرتك متكلمش كده ؟
واحترم عيلتك ومكانتك .

حرك رياض رأسه بلا مبالاة قائلا...وبعدين يا سيادة النقيب معاك ؟

متبقاش أفوش كده ؟ وبحبحها حبتين يا راجل ، إحنا فى البيت مش فى المديرية .
ميبقاش هنا كمان ميرى ، دى حاجة تخنق والله ، ولا كنت عايزها ولا حببها أصلا ، ربنا يسامحك أنت وبابا سيادة اللواء.

ركان بسخرية.......مش أحسن مش شغل المزاكتية اللى كنت عايزه ؟

وتجبلنا فضيحة لما ابن اللواء مجدى الزيات يدخل معهد للفنون عشان فى النهاية يبقى صبى عالمة .

رياض بغيظ.......ما اتحسن مَلفظك يا يا حضرة النقيب .
مش كنت لسه بتقول الألفاظ والعيلة واللذى منه .
فإيه صبى عالمة دى ؟
ده أنا فنان مفيش زييى اتنين وبضرب على الجيتار ولا فريد فى زمانه وبدندن ولا عبدالحليم .

ركان بسخرية .....وبترقص ولا فيفى كمان بالمرة .

رياض بغصة مريرة.....لا الرقص سبتهولك أنا مع مزز أخر الليل فى البار يا حضرة النقيب ابن اللواء مجدى الزيات .

ثم التفت رياض مغادرا حزينا على الكلمات الجارحة التى أطلقها ركان .

فابتلع ركان ريقه وتمتم بندم....إستنى يا حضرة الفنان ، أهو أنت اللى بقيت أفوش أهو وأنا بهزر معاك.

رياض بصوت رخيم ...لا زعلان متحولش .
ركان بضحك...ولو قولتلك هات العود وسمعنى أغنية لحُلم بتاعك ، هتسمعنى إيه ؟

فالتفت له رياض بإبتسامة مشرقة لقلبه الطيب قائلا .....بس كده أنت تؤمر يا سيادة النقيب.

ثم أسرع لغرفته لإحضار العود وعاد إلى ركان .
وبدء فى عزف أغنية صدفة

كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة
كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة
يا اللي جمالك أجمل صدفة، يا اللي جمالك أجمل صدفة كان يوم حبك صدفة
صدفة قابلتك ولا على بالي، شفت ساعتها جمال الدنيا
صدفة لقيتني إتغير حالي
واتبدلت لوحدي في ثانية

إندمج ركان مع كلمات الأغنية ثم تسائل هل حقا سيأتى اليوم الذى سيجمعه مع فتاة أحلامه
صدفه ؟
فهو رغم قساوة قلبه إلا إنه يشتاق لحب حقيقى يملىء عليه دنياه ، يلمس شغاف قلبه ، يشعره بالسعادة وكأنه أمتلك الدنيا بأثرها .

حب يضىء سماء قلبه الظالمة ، حب يمنحه الأمان الذى يفتقده رغم رتبته ومكانته ، حب يمنحه مزيد من الحنان والإحتواء فى تلك الحياة القاسية .
ثم تابع ركان بتكبر معاندا ذاته """
لا مش ركان اللى يقع فى الحب ،ويكون فريسة سهلة ، فالأفضل أكون بعقلى عشان أعرف أسيطر عليه .
ثم أشار لـ رياض ليتوقف قائلا ..
أشجيتنا يا فنان ، كفاية كده النهاردة ، عشان ألحق شغلى .
وحضرتك برده أظن وراك شغل ، بس للأسف بتهرب منه زى العيال ، إمتى هتسترجل يا رياض ؟

رياض بعبوس...ليه كده يا سيادة النقيب ؟
ما أنت شايفنى راجل قدامك أهو .
ركان.......راجل بس مهمل فى شغلك وبتغيب كتير عنه ومعتمد على سلطة أبوك ، بس خلى بالك بابا قرب خلاص ينفجر فيك ، لإنك كده بتحرجه كتير.

رياض......منا قولت من الأول مليش فى شغل البوليس والحرامية ، أنا فنان بس محدش فاهمنى.
فأقترب منه رياض وأمسك بتلابيب ملابسه وبنظرة حادة وصوت أفزعه..... يعنى إيه ملكش ؟

لا ليك طبعا ولازم تجمد قلبك شوية ، أنت فاهم .
وإذ كان على الفن محدش هيمنعك بس تهتم بشغلتك الأساسية ورسالتك فى خدمة بلدك وحماية الناس ، وبعدين تنددن براحتك .

ويلا قدامك خمس دقايق مفيش غيرهم ، وأشوفك قدام باب الشقة جاهز ولابس .

رياض بغيظ.....ماشى ، بس إرفع إيدك التقيلة دى .
فتركه ركان ليفر بعدها رياض إلى غرفته سريعا لإرتداء ملابسه .

اصطدم رياض بوالدته وهو فى طريقه لغرفته .

سهام ......إيه يا ولد أنت مش تحاسب ، ومالك كده بتجرى زى متكون عايز تلحق القطر ؟

فتوقف رياض وقبل جبهتها متأسفا ....معلش يا ست الكل ، كنت بس عايز ألحق ألبس قبل ما حضرة النقيب يمدنى .

فانفجرت سهام ضاحكة ثم تابعت ""
يمدك ، مش مكسوف وأنت بتقول كده ؟

أنا مش عارفة هتكبر إمتى وتسترجل وتكون شخصيتك قوية زى أخوك كده وتهتم بشغلك ؟

رياض...أنتِ كمان يا ماما بتكلمى زيه ، ايوه مهو ابن البطة البيضة وأنا السودة .

سهام بعتاب......ليه بس كده يا رياض ، انتم كلكم واحد عندى ، كل ما فى الأمر ، إنى عايزة اطمن عليك وأشوفك مالى مركزك كده .

رياض وقد أولى ظهره وانطلق مسرعا ...ماشى رايح أهو أملى مركزى قبل ما ابنك يفضيه .

فابتسمت سهام ودعت له بالهداية والصلاح.
ثم توجهت إلى غرفة ركان ، فوجدته أمام مرآته يصفف شعر ثم ينثر عطره المفضل الذى يملىء الأجواء .
سهام مبتسمة بحب ..... ماشاءالله عليك يا سيادة النقيب ، مال وجاه ومظهر حسن ، يبقى مفضلش غير إيه ؟

أركان وقد أقترب منها وطبع قبله على جبتها ثم قال بمكر...فاضل إنى أنزل وأطير للشغل .

سهام .....يا ابنى أنت فاهم وعارف قصدى كويس ، أنت مبقتش صغير ولى قدك أجوز وخلف كمان .

ركان بعبوس....يا أمى ، أنتِ مش بتملى من السيرة دى ؟
وارجع أقولك أنا مش حابب سيرة الجواز دى ولا طايقها ولا بحب التقييد ووحدة اخر النهار تقولى كنت فين واتأخرت ليه وتفتحلى محضر .

جذبته والدته من مرفقه وأجلسته بجانبها على حافة الفراش ثم حدثته بحنو....يا حبيبى ، دى سنة الحياة ، ولازم يكون ليك بيت وأولاد ولا عجبك حياة اللى أنت عيشها دى ؟
والسهر لوش الفجر مع استغفر الله العظيم الأشكال اللى تعرفها دى .

أركان.......يعنى يا أمى ، بفك عن نفسى شوية بعد ضغط الشغل .
سهام..........ما الأفضل تفك نفسك مع بنت ناس فى الحلال .
ركان.....مش فارقة معايا .
سهام......بقولك إيه ؟
يا ولد أنت ، أنت هتجوز يعنى هتجوز .
والعروسة كمان هتكون معزومة على العشا عندنا النهاردة ، فتعمل حسابك مفيش سهر بتاع كل يوم .
وقف ركان غاضبا وبنبرة حادة ...يعنى إيه ؟
هتجوزونى غصب عنى وكمان أنتم اللى مختارين العروسة ، ده حتى البنات دلوقتى بتختار تجوز مين ومتجوزش مين .

فما بال بقه ركان مجدى الزيات ،فده لا يمكن أبدا يحصل .
وأنا مش جى وأقابليهم لوحدك .

لم يتم ركان كلماته الغاضبة حتى وجد أمامه والده اللواء مجدى الزيات أمامه .
ركان بالرغم إنه شخصية يهابها الجميع ولكن تقف حدوده عند والده الذى يكن له كل الأحترام والتقدير فهو مثله الأعلى بل ويهابه أيضا ولا يرفض له أمر .

مجدى بنظرة صارمة وتوعد....أنت بتعلى صوتك يا ولد على أمك ، أتجننت صح وعايز تحرجنا قدام الناس اللى جاية .

نكس ركان رأسه وتمتم بصوت خافت ...يا بابا أنا ....؟
مجدى .....مفيش أنا ، إحنا كلنا واحد ومصلحة واحدة ولى يشوفه حد فينا مناسب ، بيمشى على الكل .

وأنت عارف العروسة اللى حضرتك مش عايز تقابلها دى ، بنت مين ؟
ركان حدث نفسه بسخرية....بنت مين يعنى ، ما أنا برده مش شوية .

مجدى.....دى شاهيناز فهمى الجلاد ، بنت اللواء فهمى الجلاد المحافظ .

ركان محدث نفسه....المحافظ ،يعنى خلاص كده يا ركان وقعت فى شر أعمالك وهتتقيد حريتك وهتكلبش بعد أنت اللى كان من حقك تكلبش الناس .

ركان وقد خرجت كلماته بصعوبة ...تمام اللى حضرتك تشوفه ، وهكون موجود فى المعاد بإذن الله .

مجدى بإبتسامة باهتة....تمام .
كده رجعت ابنى فعلا اللى ربيته إنه ينتهز كل فرصة قدامه تساعده فى تحسين مركزه وصورته قدام الناس .
ثم تابع مجدى ""'
ودلوقتى يلا بينا يا سهام ، خليه ينجز حاله عشان ميتأخرش .

وبالفعل غادروا ليتركوه فى حيرة من أمره ، فهو لم يشأ أن يتزوج بهذه الطريقة ، بالإضافة إنه لا يحب التقييد بشىء ولكنه فى ذات الوقت كان يحلم بمقابلة ظل له ، من تسطيع أن يكون بين يديها كالطفل ، تفهمه من نظرة عينيه وتحتويه بحبها وحنانها ، من تملك عليه دنياه فيكون عاشق لها ، وتملى عليه قوانين العشق فيخضع لها وحدها دونا عن سائر الخلق أجمعين .

أفاق ركان من شروده على صوت أخيه رياض "''
أنا جاهز يا ريس ومالى مركزى أهو بالبدله وعلى سنجة عشرة .

ومتقلقش أول منوصل القسم هرسم على وشى التكشيرة اللى هى ، عشان يعملولى حساب .
بس على الله أمسك نفسى ، عشان أنا مليش فى جو الأكشن ده .

أبتسم ركان رغم ضيقه .
ثم تقدم من أخاه ولف يده على كتفه بحب قائلا.
يلا بينا يا حضرة الملازم .
فماذا يا ترى سيحدث لـ ركان ؟
هل سيقابل من تمتلك عقله وقلبه أم سيعيش بدون قلب مع زوجة لا يشعر بها ؟؟
وماذا عن مكة ؟ وإلى متى ستعانى تلك الفتاة الطيبة ؟

رواية انين مكة الفصل الثاني

ولجت مكة لمنزلها فاستقبلتها والدتها ببشاشة .
حكمت والدة مكة.........حمد لله على السلامه يا ضنايا .
مكة وهى تطبع قبلة على جبهتها ...الله يسلمك يا ست الكل .
ثم سئلتها وهى تضع يدها على بطنها من شدة الجوع ""'
ها عندك أكل ولا هقضيها عيش ناشف مع كوباية الشاى اللى من غير سكر وادخل أنام ؟

دمعت عين والدتها حكمت من المأساة التى تعيش بها إبنتها بسبب زوج معدوم الضمير ، مدمن يأخذ كل تملكه لإرضاء نفسه ويتركها فريسة للجوع ، حتى فقدت الكثير من وزنها .

حكمت بأسى ........يا حبيبتى يا بنتى .
لا النهاردة فيه مفاجأة "'
بصى أنا مخبيالك إيه ؟ بس كليه بسرعة قبل مالمنيل عباس يطلع ويشوفك ويطين عشتنا .

ثم أخرجت لها طبق من المحشى الذى قد بعثته لها جارتهم عنايات ، وخبئته والدتها لها .

اتسعت عين مكة من الفرحة قائلة....الله الله محشى مرة واحدة ، يا جمالو يا حركاتوا .

أكيد ده من عمايل خالتى عنايات ، تسلم إيدها وكتر خيرها .

ثم جلست مكة سريعا متمتمة ( بسم الله ) وتناولت أصابع المحشى بشراهة مع إطعام والدتها بيديها فى فمها .

حكمت........يا حبيبتى ، كلى أنتِ ، وسيبك منى ، أنا أكلت مع عمك عباس من شوية.

مكة بسخرية .......وأكلتى إيه ؟
مهو مفيش غير الفول والفلافل اللى خلاص نشفوا بطننا وكمان ساعات باجى مش بلاقيهم وفين وفين لما تعملى صنية فتة من غير لحمة من رز التموين ، ده لو لحقتيه قبل مياخده جوزك ويبعيه عشان الكيف .

حكمت بغصة مريرة........هنعمل ايه بس يا بنتى ؟
قدر ومكتوب ، ربنا يهديه .

مكة ....يارب .

وإذ بباب الشقة قد فتح من قبل عباس الذى ولج إليهم كالثور الهائج .

فارتعدت مكة واحتمت فى أحضان والداتها .
عباس وقد أطاح الإدمان بعقله ...أهلا بالسينورة ، أظن النهاردة أول الشهر وحضرتك قبضتى ، فاطلعى بالمعلوم .

ثم وقع نظره على طبق المحشى فاتسعت عيناه بنهم واختطفه من أمامها قائلا....إيه ده بتكلوا من ورايا وده منين إن شاءالله ؟
حكمت بخوف........ده من ست عنايات جارتنا .

عباس.... اه بس مش مفروض لو أنتِ ست محترمة تشليه لجوزك ، ولا تلهفيه أنتِ وبنتك لوحدكوا يا عالم معفنة .

بس كويس إنى جيت فى الوقت المناسب.

وها يا بت أمك ، أطلعى بالمعلوم ومينقصش جنى واحد وإلا هعلم وشك الحلو ده بالمطوة .

ثم أخرجها من بنطاله ، فشهقت مكة بخوف وأسرعت لإعطائه مرتبها إلا جزء يسير منه لا يكفى ثمن الموصلات.

خطف عباس من يدها المال ، ووضعهم فى بنطاله ثم ألتهم ما تبقى من المحشى وأسرع للمغادرة لينفق ما أخذه منها عنوة على المخدر .

بكت مكة بمرارة فى أحضان والدتها صارخة.........وبعدين يا أمى هنفضل فى الذل والأرف ده كتير .

حكمت......على عينى يا ضنايا ، ربنا على الظالم والمفترى ، ربنا ياخده ونرتاح منه بس نعمل إيه؟
ملناش مكان يؤينا غير بيته .

مكة بحزن .........أنا حاسه إنه فى يوم من الأيام هيدفنا هنا .
حكمت ......بعد الشر عليكِ يا ضنايا ، ومتخافيش هو بيهوش بس لكن جبان ميقدرش يعمل حاجة ، أنا خبزاه وعجناه وعارفه إنه بوق بس .

وربنا يجازيهم ولاد الحرام اللى علموه الكيف وخلوه كده .
ده مكنش كده لما اتجوزته ، كنتِ لسه أنتِ صغيرة.
ومش واعية لحاجة .
وكان يعنى مش وحش اوى بس عيبه الوحيد بتاع ستات لكن بعد كده أتلموا عليه صحاب السوء وخلوه يشرب ويشم لغاية مخلص فلوسه على الهم ده .

واتغيرت أخلاقه زى ما أنتِ شايفه كده .

مكة بغصة مريرة....طيب يا أمى ، ربنا يرحمنا برحمته ويكفينا شره .
وأنا هقوم بعد إذنك ألحق صلاة المغرب قبل العشا متأذن .
وأقرء وردى لغاية العشا وأصليها وأنام عشان مهدودة من وقفة طول النهار فى المستشفى .
غير إنى بصحى الفجر ومش بعرف أنام لغاية ما بتوكل على الله لما الشمس تطلع .

حكمت بحزن على حال إبنتها.....ربنا يقويكِ يا ضنايا .

وعقبال ما اشوفك فى بيت الهنا متهنية وسعيدة .
مكة بإبتسامة واهنة .....إن شاءالله ، دعواتك يا أمى ديما .

ثم ولجت مكة للمرحاض فتوضئت وولجت لغرفتها لإداء فرضها ثم أتمت وردها ورفعت أكف الضراعة لله قائلة.......اللهم أنت ترى مكانى وتعلم حالى ، فهل يا سيدى من فرج قريب ، اللهم إن كان بلائى بسبب ذنب فاغفره لى وارفع عنى البلاء .

ثم جلست فى مصلاها تنتظر صلاة العشاء ولكن أصاب النعاس جفنيها فجاءها زائر ما فى منامها يستغيث بها بعد أن وقع فى وحل من الطين ولم يستطع النهوض .

فمد لها يديه لكى تنشله من هذا الوحل ، فمدت له مكة يدها فأخرجته فتشبث بيديها ولم يتركها .

ثم أفاقت مكة من نومها على صوت آذان صلاة العشاء مبتسمة أن أكرمها الله بإنقاذ أحدهم
فمن يا ترى هو ؟؟؟؟

أدت مكة فرضها وعندما توجهت لفراشها للنوم ، تخلل لأذنها صوت مشادة بين والداتها وزوجها.

عباس بغضب..........بقولك يا ولية أنتِ .
هتجوزه يعنى هتجوزه ، وأنا خلاص اتفقت مع الراجل ، ولا عايزة تطلعينى عيل قصاده ؟

قضبت حكمت جبينها وهمست برجاء...يا راجل حرام عليك ده قد ابوها ومجوز بدل الوحدة اتنين .

عباس........مليش فيه .
هو راجل مقتدر وهيعشها فى نعيم وإحنا هينوبنا من الحب جانب .

حكمت.......أنت عايزنى أبيع بنتى عشان الفلوس .
عباس....والله سميها زى متسميها .

المهم هتجوزه يعنى هتجوزه .
وهو جى بكرة إن شاءالله نقرء الفاتحة ونحدد معاد الخطوبة وكتب الكتاب وبعدها الدخلة على طول عشان المعلم حنفى الجزار مستعجل .

حكمت بنفاذ صبر....حرام عليك يا راجل والله اللى بتعمله فيا أنا وبنتى ده ، هتروح من ربنا فين ؟

عباس بغضب....أنتِ بتدعى عليه يا وليه ، حرمت عليكِ عشتك أنتِ وهى .

مش عجبك أطلقك وتروحى فى ستين داهيه أنتِ وهى .
وفهمى بنتك لو موفقتش ملهاش قاعد تانى فى البيت ده .
سمعت مكة الحوار ولكنها لم تجرؤ على مناقشته أو الرفض فهى لا حيلة لها سوى رحمة الله .

فتكورت مكة على نفسها فى فراشها ،حيث ضمت رجليها إلى صدرها كأنها تضم إليها نفسها وتسللت العبرات من عينيها على وسادتها وتمتمت بقهر....حسبى الله ونعم الوكيل .
...........................
وفى أحد الأقسام .
جلس النقيب ركان على مقعده يزفر بضيق ويعلو صوته فيسبب الرعب فى قلوب من حوله .

ركان بصوت جهورى عالى .....أنت يا زفت يا شاويش منصور ، دخل المتهم خميس .

منصور برهبة.....حاضر يا باشا .

فدفع منصور المتهم خميس دفع إلى ركان مسددا لها الضرب على مؤخرة رأسه بضربات متتالية .

خميس بذل........الرحمه يا باشا ، الله يخليك .

فوقف ركان أمامه والغضب يمتلكه وقد برزت العروق فى رقبته قائلا.........دلوقتى بتقول الرحمة وكانت فين الرحمة لما قتلت صاحبك وعشرة عمرك عشان مية جنى كنت سلفهم منه ومردتش تردهم .

خميس ببكاء.......مش أنا اللى قتلته يا باشا ، صدقنى ، أحلفلك بإيه ؟

فصفعه ركان صفعة قوية على وجهه قائلا بزمجرة...........قالوا للحرامى أحلف .

أنت هتستهبل يلا ، أنت بصماتك على السكينة اللى غرزته بيها ، لما خدته على خوانه وهو ماشى بضهره .

فاعترف من سكات يا حيلتها وإلا ما هتطلع من هنا إلا على نقاله .

ذعر خميس و انهار وانهمرت الدموع من عينيه وعلم إنه لا مفر من الأعتراف بجريمته فاعترف بقوله .. ....كانت لحظة شيطان يا باشا صدقنى ومكنش فى بالى أعمل حاجة زى دى خالص .

بس هو أحرجنى وخله رقبتى زى السمسمه ، لما جالى وقلى فين فلوسى اللى خدته منى ، قولتله مخدتش منك حاجة ، فقعد يزعق ويحسبن عليه ، وراح ماشى .
فخوفت يفضحنى قصاد صحابى ، فأول مجه يمشى وعطانى ضهره ، راحت غارز فيه السكينة راح مستحملش وطب ساكت ، وأنا كنت قاصد بس أخوفه .

ضحك ركان بسخرية.......والله كنت خايف من فضيحة صغيرة ، أديك بعقلك ده ، أتفضحت قدام الخلق كلهم .

ثم أخذ ركان يسدد له الركلات وحدة تلو الأخرى والرجل يصرخ .

فولج إليه فى تلك اللحظة أخيه رياض ، فانزعج من ضرب ركان قائلا........كفاية يا ركان ، وخلى القانون ياخد مجراه أفضل من الضرب ده .

فانظر له ركان بحدة ثم أشار إلى الشاويش منصور لأخذ خميس إلى الحبس .

وبعد أن غادر ، سخر ركان من رياض قائلا.........هتفضل طول عمرك قلبك رهيف كده ، قانون إيه وبتاع ايه اللى بتكلم عنه ؟

الناس الزبالة دى ميجيش معاهم غير كده ، عشان ينطقوا ويعترفوا .

رياض.....مش لازم بالضرب ، أقيد الخناق عليهم وواجهم بالأدله وهما هيعترفوا .

ركان........ايوه يا حنين، المهم حضرتك سايب شغلك وجى ليه ؟
رياض بضحك ...عشان الست الوالدة مشددة عليه ، أشوفك كل شوية وأطمن إنك موجود ، عشان متزوغش كده ولا كده ، عشان معاد العروسة .

قضب ركان جبينه وزفر بضيق قائلا...يادى العروسة والجوازة اللى شكلها هم دى من أولها .

رياض....مش عايزها ، أنا فى الخدمة ، وعايز أتاهل من دلوقتى .

ركان .....ياريت ، اشربها أنت مبروك عليك بنت المحافظ .

رياض بتهكم.......مالها بس ؟
البت على حسب علمى ، حلوة ومركز ووظيفة قيمة ، فمالك مزربن كده ؟

وياريت كان ينفع بس حضرتك الكبير ولازم أنت تخوض المسيرة ونحن من ورائك .

ركان.......مش حابب أجوز بالطريقة دى ولا حابب فكرة الجواز أصلا.
إلا لو لقيت فعلا بنت احبها من قلبى واتمنى تكون من نصيبى ، غير كده فحياة الحرية أفضل .

رياض.......عندك حق ، هو الحب إحساس جميل ، بس تقريبا دلوقتى بقه مقتصر على الأفلام والروايات ، غير الواقع تماما ، فخلينا يا سيدى فى الواقع ، والله اعلم يمكن تحبها .

ركان بتنهيدة حارة.....لما نشوف الهانم اللى عشان خاطرها ، ضيعت سهرة النهاردة .

رياض بغمز .....يا سهراتك يا عمنا ، متخدنى معاك مرة .
ركان بسخرية....لا السهرات دى للكبار .

فنكزه رياض بغيظ....ليه شايفينى عيل قصادك ولا إيه ؟
طيب قدامى وحلال فيك شاهى بنت المحافظ .
ركان.........كده ، امرى لله ، يلا بينا .

.............
زوجة المعلم حنفى الجزار الأولى وتدعى ( إجلال ) ذهبت لزيارة زوجته الأخرى ( تهانى ) على حين غرة .

فطرقت إجلال الباب بطرقات متتالية وسريعة تنم عن الغضب .
سمعت تهانى صوت الطرقات فزفرت بضيق ........ايوه يلى بتخبط مالك مسروع كده ؟

ما براحة شوية على الباب، هيتخلع فى إيدك .

ثم توجهت لفتح الباب لتفاجىء بضرتها ( إجلال ) .
تهانى بعبوس.......ست إجلال !

ده إيه اللى رماكِ علينا النهاردة مش بعاده يعنى .
إجلال وهى تدفعها برفق أمامها ثم تغلق الباب ....اللى جابنى هو المر اللى عايشه فيه يا تهانى .
وأهو أنتِ كمان هتدوقيه زى مدوقته قبلك .
مهو كاس وداير .

تهانى بإستغراب.......بس متزوقيش كده.
وهو إيه يا حبيبتى ده اللى ادوقه ؟

أنتِ شكلك جاية تجرى شكل على الصبح .

وبنظرة تكبر وثقة وهى تضع يديها فى جمبيها تابعت""
ومش قادرة لغاية دلوقتى تستوعبى إن المعلم إجوزنى عليكِ.

إجلال بسخرية....حيلك حيلك يا ست تهانى ، مش اوى كده .
ومتخديش فى نفسك قلم ، وياستى اللى خدته القرعة تحده أم الشعور .

تهانى بغيظ........بقولك إيه يا ست أنتِ ، إصطبحى وقولى يا صبح ، وأدخلى فى الموضوع على طول عشان مش فاضية .

ثم حاولت أن تدب فى قلبها الغيرة بقولها .......أصلو رايحه أعمل للمعلم شوربة الكوارع اللى بيحبها من إيديه .

إجلال محركة شفتيها يمينا ويسارا قائلة بسخرية........وماله يا أختى أعمليله ،مهو عريس جديد برده ومحتاج تقويه .

ثم ضحكت بإستهزاء .

تهانى بنفاذ صبر ......قصدك إيه ؟ وعريس إيه ؟
متدخلى فى الموضوع على طول .

إجلال......قصدى إن المعلم ناوى يعملها لتالت مرة ، يعنى هيجوز عليكِ أنتِ كمان يا حلوة وتدوقى نفس الكأس اللى دوقته من قهر وذل .

إرتجفت تهانى واهتز جسدها فأستندت على الحائط وقالت بصوت متحشرج........لا لا أنتِ أكيد كدابة ، وبتقولى كده عشان غيرانة منى عشان أحلى وأصبا منك .

إجلال بتهكم.......مهو برده منقى حتة كده صغيرة لسه .
بس عادية وجسمها زى عود القصب بس لسانها يتلف فى حرير وممكن تاخد الليلة كلها مننا .

ولو مش مصدقانى ، أسئليه بنفسك وهو هيقولك ، أصل المعلم حنفى صريح فى الحجات دى بذات .

تغير لون تهانى وتطاير الشر من عينيها قائله .....هى مين دى اللى ما تسمى وأنا أروح أولع فيها ؟

إجلال .....البت المسهوكة مكة بنت حكمت .
معرفش عجبه فيها إيه ؟ المقشفة دى .

بس صراحة كل رجالة وستات الحته بيحبوها عشان بت جدعة ولسانها حلو وفى حالها .

ضربت تهانى على صدرها بإحدى كفيها صارخه ....يا مصيبتى ، بقه المعلم يبص للبت دى عليه أنا .

دى ولا ريحه ولا طعم ، ومتسماش وحده ست فى سوق الحريم .

إجلال.........والله أسئليه أنتِ بنفسك ، إيه اللى عجبه فيها ؟

تهانى بغيظ...وأنا لسه هسئل ، أنا هروح أجبها من شعرها هى ولى يشددلها .

المهم جاية معايا ؟ ولا جاية تغظينى بس ؟

إجلال معاكِ طبعا ، بس تفتكرى نعملها دلوقتى ولا نستنى لما تكون معاه فى الكوشة ونديها العلقة التمام ، عشان متفكرش وحدة تانية تبص للمعلم بتاعنا ؟؟
..............

سهام والدة ركان فى إستقبال ضيوفها شاهيناز ووالدها اللواء ومحافظ البلدة وزوجته ( حنان ) .

سهام بإبتسامة .......أهلا اهلا ، شرفتونا بزيارتكم .
حنان.....أهلا بيكِ ، الشرف لينا .

سهام .... ماشاءالله على بنتنا شاهى ، زى القمر .
شاهيناز بخجل ....ميرسى .

سهام.......أتفضلوا فى الصالون ، وصليهم يا ريم .
ريم بأبتسامة صفراء ....أتفضلوا .

ثم ولجت سهام لغرفة ركان لتخبره أن عروسه قد حضرت فوجدته نائم .

فأمسكت الوسادة بغيظ شديد ثم ألقتها فى وجهه ، فقام مفزوعا مخرجا سلاحه الميرى من أسفل وسادته وسدده إليها بدون شعور .

سهام بغضب...أنت أتجننت يا ولد ، فترفع سلاحك فى وشى .

فرك ركان عينيه متثائبا بنعاس...معلش يا امى ، كنت بحلم إنى فى عملية للقبض على عصابة.

سهام بغيظ......وحضرتك ده وقت نوم ، كنت بعتقد إنك بتنهى لبسك عشان تطلع تقابل الضيوف .

ركان بتثاؤب.....ضيوف مين ؟
سهام....لا أنت زودتها عن اللازم ، ثم أمسكت بكوب الماء الذى على المنضده بجانبه ، ثم سكبته على وجهه ليستفيق .

فغضب ركان وأعتدل من جلسته قائلا....ليه يعنى كل ده ؟
منا قعدت ساعة استناهم وحضراتهم أتأخروا ، فعينى غفلت غصب عنى من إجهاد الشغل .

سهام بتوعد شديد .....قدامك خمس دقايق مفيش غيرهم يا سيادة النقيب عقبال ما نحضر السفرة للعشا وألاقيك قدامى بره .
فاهم ؟
ركان بنفاذ صبر ....فاهم .

غادرت سهام وتركته يتخبط لا يدرى ما يرتدى فى تلك الدقائق القليلة .

فسحب سريعا بنطال باللون البيچ وتيشريت بأكمام طويلة كاجول باللون الزهرى .

ثم صفف شعره بإحترافية ونثر عطله المفضلة.

فولج إليه رياض فصفر بفمه قائلا........إش إش يا حضرة النقيب ، مز جامد أنت ، والعروسة برده مزه ، شعر أصفر وعنين زرقة وأعتقد سنانها بيضه .
مش متأكد .
مش باينه اوى من صباع الروچ اللى وكلاه .

ركان بضحك....يخربيت كده ، إهدى يا حضرة الملازم .
ربما يكون الجمال ده جمال صينى مضروب مش أصلى .

رياض مداعبا خصلات شعره....اه اتصور ،طب والعمل ، نوصى البت ريم عليها وهى هتعرف تجيب قرراها وتوقعها .

ركان.......أسكت بلاش فضايح ، أنا هعرف لوحدى ، أنا واخد على الأشكال دى وأعرف الطبيعى من الصناعى.

رياض.....يا لعبك يا عم ، خلاص لما يجى الدور عليه ، هاخدك معايا تعاين البضاعة .

واتفضل يلا عشان أمك بتغلى بره وبتقرمشلك .

ركان.......حد قالها عايز أجوز ، تشرب بقه .

رياض بمداعبة .. ....معلش هدى الدور وأزمة وتعدى يا اخويا متعملش فى نفسك كده .

ركان بضحك....هتموتنى وأنا لسه عايز أشوف الدنيا اللى بره .

رياض .....طيب قدامى يا عريس .
فدفعه رياض أمامه حتى ولج إلى غرفة الصالون .

رأت شاهيناز ركان فحدثت نفسها ...واو ،كتير جانتيه .

وعندما لمحها رياض حدث نفسه ....شكلها مش بطال .
بس لو طلع عقلها فى شكلها هتبقى مشكلة ، يلا لما نشوف عقل الآنسه فيه إيه ؟

فتحدث ركان معها فى أمور عدة ولكن وجدها لا تهتم سوى بالأزياء وآخر صيحات الموضة والميكب والسفر والرحلات والنوادى .

ركان بنفور محدث نفسه ......ودى هتجوز وتفتح بيت إزاى إن شاءالله وهى كل تفكيرها فى اللبس والفسح ؟

هى دى أخرتك يا ركان ،يا خسارة .

ولكنه لم يجد مفر من مجاراتها فى الحديث من أجل إرضاء والديه ، الذى تفاجىء بتحديد والده موعد لزيارتهم قريبا .

فالتزم ركان الصمت لعله يفكر فى سبيل للخروج من هذا المأزق .

ثم رن هاتفه من رقم يعلمه جيدا فتنهد بإرتياح فعسى هذه المكالمة تساعده على التخلص من ثرثرة تلك العروس .

فستأذن ركان للولوج للشرفة ليتستجيب للمكالمة.
فأذنوا له على مضض منهم .
ولج ركان للشرفة واستجاب للمكالمة .

ركان....الووووو
دلال......قلبى يا روكا ، وحشتنى مجتش ليه النهاردة ؟

ركان بغضب....أنتِ أتجننتى يا دلال ، بتتصلى بيه وبتكلمينى بالأسلوب ده ، أنتِ نسيتى نفسك ولا إيه ؟

دلال بحرج وتوتر.........أسفة يا باشا بس قلقت عليك ، اعذرنى ، سماح المرة دى عشان خاطرى .

ركان بتوعد....إياكِ تعمليها تانى ، هخسف بيكِ الأرض وهرجعك تانى السجن .

دلال بخوف وصوت متوتر......حرمت يا باشا حرمت .

ركان....طيب سلام .

دلال....استنى بس يا باشا معلش .

ركان بنفاذ صبر ...عايزه إيه إنجزى ؟ مش فضيلك .
دلال........البت كرميلا صاحبتى الأنتيم .

أتمسكت أداب من شوية وقلبى وكلنى عليها يا باشا .
فسايق عليك النبى ، تشوفها وتحاول تطلعها زى ماعملت معايا ، أنت قلبك كبير وحنين .

ركان بنفور........هى ناقصه بلاوى، خليها تتأدب شويه وبلاش سرمحه .

دلال برجاء........عشان خاطرى يا باشا ، البت كرميلا دى مش بتاعة بهدله ودى أول مره تعملها .

ركان بسخرية....أول مرة ؟ أنتِ هتشتغلينى يا روح أمك .

دلال..... وحياة غلاوتى عندك أباشا
(ولا يجوز الحلف بغير الله )

ركان بزفير حار....طيب ، هى متلقحه فى أنهو قسم ؟

دلال.....قسم المنتزة أباشا .

ركان محدث نفسه.......فرصة أزوغ من العروسة الحلاوه اللى بره بحجة الشغل .

ركان ....ماشى ، أنا رايحلها وهجبها وهاجى البار .

دلال بفرحة....ألف شكر يا باشا ، مش عارفه نودى جميلك فين علينا والله .

ركان....تحطى بس لسانك جوه بوقك ، وما تكلمنيش تانى .

دلال...اخر نوبه يا باشا.

ركان...طيب أقفلى ، سلام .

ثم ولج لضيوفه واستأذن لإن لديه شغل هام ، فنظر له والديه بحده ولكنه تغافل عن نظراتهم وأسرع للمغادرة متنفسا الصعداء بعد تخلصه من تلك المقابلة التى أصابته بالأختنقاء .

.............
وجدت عنان صديقتها مكة فى إحدى أركان المشفى تضع يديها على وجهها وتبكى بمرارة .
فتبدلت ملامح عنان للحزن واقتربت منها لتربت على كتفها بحنو قائلة.........قلب عنان مالو زعلان ؟
والدموع دى مش هتنشف كده أبدا ولا إيه ؟

مسحت مكة دموعها بكفيها متنهدة بحرارة موجعة ....وأنا بإيدى إيه غير الدموع ؟

عنان...يا حبيبتى ، صلى على النبى كده ، وقوليلى حصل إيه لده كله ؟

مكة ....النهاردة قراية فتحتى على المعلم حنفى الجزار .

عنان ....يوه _ مش كنتِ رفضتيه وقولتى مش عايزه مشاكل مع نسوانه .

مكة.......أعمل إيه ؟
جوز امى منه لله ، قال لو موفقتش ، هيكرشنا من البيت .

عنان.......حسبى الله ونعم الوكيل .
بس معلش يمكن يكون رحمه عن جوز أمك ده وتلهفى من وراه قرشين حلوين ، ومتقلقيش من نسوانه ، حطى صبعك فى عنيهم الأتنين .

فانفجرت مكة فى البكاء قائلة بصوت منبوح.....أنتِ مش فهمانى يا عنان ، فلوس إيه بس ؟
دى أنا كده ببيع نفسى .
عنان ....طيب والحل ؟

الفصول الأخيرة

انتظرونا في الفصول الجديدة عبر مدونة كوكب الروايات، وليصلك شعار فور نشر الفصول الجديدة قوم بعمل كومنتات، لكي نخبرك بالفصول الجديدة.
reaction:

تعليقات