رواية مغرم بك الفصل الخامس والعشرون 25 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصل الخامس والعشرون

الفصـل الخامس والعشــرون

مُغـرَم بـكِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جلست على حافة فراش طفلتها تمرر صورها واحدة تلو الأخرى وهي تنتحب بشدة رغم عدم صدور صوت عالٍ سوى همهمات خفيفة، لم تتوقع سالي أن يستلب الله منها طفلتها أيضًا، لما يريد لها الوحدة ونزع الفرحة منها؟، فليكفي حزن لها!، قالت ببؤس:

-أعمل أيه بس؟، لو بنتي بعدت عني هموت أكيد، مش ممكن أعيش من غيرها، أنا خلاص تعبت من كل اللي مريت بيه

ثم تعمقت في بكائها الحارق لتتابع باستياء:

-ليه أنا، سامحني يا رب مش قادرة استحمل كل ده!!

ناداها صوت مجهول تخيلته بأن لا تبتئس وتدرك بأنه اختبار لها، بالفعل واجهت الكثير وقابلته بسوء لتجد العواقب تتوالى عليها، بداية من خداعها للجميع مرورًا بما هي عليه الآن، رددت في نفسها طلب السماح كثيرًا، دُق الباب عليها فمسحت دموعها لتجيب بصوت أبح:

-ادخل

ثم حدقت بالباب لتجد الخادمة تلج عليها فترقبت ماذا تريد؟، خاطبتها الخادمة باحترام:

-المحامي وصل تحت يا ست هانم

اختلجت لتنهض متلهفة، لم تنتظر أن تذهب الخادمة حيث سبقتها لتدلف للخارج متجهة إليه، بخطوات متعجلة توجهت سالي لتهبط الدرج برشاقة في فترة وجيزة، وجدته في بهو الفيلا جالسًا برفقة والدها فتحركت نحوهما، استمعت له يتحدث وقد نطق بما توجست منه حين ردد:

-أخلوا سبيله لعدم ثبوت الأدلة!!

جزعت من ذلك ثم لمعت عيناها بعبرات وشيكة على النزول، دنت منهما قائلة بتبرم:

-معناه أيه الكلام ده؟

وجهوا نظراتهما عليها فتابعت بنبرة محتقنة:

-بنتي خلاص خدها مني بسهولة كده ومش هعرف أرجعها!

هتف والدها بعقلانية:

-الموضوع حساس يا سالي، الراجل ده معروف قوي وليه اسمه، مش بسهولة كده يعرض نفسه لموقف زي ده يشوه سمعته!

ردت بانفعال مدروس:

-يا بابا دا هددني، وإن مكنش هو هيكون مين يعني؟!

هنا رد عليها المحامي بدراية:

-مش معنى إنه هددك والبنت تتخطف بعدها يبقى هو، ممكن البنت فعلاً اتعرضت للخطف من حد تاني

نظرت له باكفهرار غير مقتنعة، قال السيد رؤوف بمفهوم:

-أكيد كان بيقول كده علشان خايف بسبب زعل جوزك تمنعي عنهم حفيديتهم، هما ليهم حق فيها

اغتمت سالي ثم ارتمت على المقعد تبكي وتنتحب، هدأها والدها بحزن عليها:

-أنا مش ساكت يا سالي، بنتك هترجعلك متخافيش

رددت بنبرة موجعة:

-يا ريت أموت وارتاح من كل ده………..!!

_____________________________________

هرولت ناحيته لتتعلق بعنقه حين عاد إليها متشوقة خائفة عليه، هتفت بانة بفرحة:

-حمد الله على السلامة يا بابي، وحشتني قوي!!

ضحك ماجد بخفوت ليرد بمداعبة:

-يا بكاشة لحقت أوحشك، مكنش يوم

ضحكت بدلال قائلة:

-اعمل أيه متعودة أشوفك قدامي على طول، ما إنت دايمًا تاخدني معاك أي مكان بتسافر ليه

تنهد ليسألها باهتمام:

-مدام بثينة فين؟

رسمت الجدية على تعابيرها وهي ترد:

-أخدت الدوا بتاعها ونامت

-سألت عليا؟

ردت موضحة:

-أيوة سألت، قولتلها في شغل وهتغيب شوية، متخافش مشكتش في حاجة خالص، بس قولي عملت أيه، والبنت فعلاً مخطوفة ولا الست دي بتقول كده؟

نفخ ماجد بقوة قائلاً بحيرة:

-مخطوفة، بس يا ترى البنت راحت فين ومين اللي خطفها؟

لم تجد بانة ما تقوله فتابع بقسمات عابسة:

-هروح أشوف معتز عمل أيه، أصله وعدني يحقق في الموضوع بنفسه……!!

_____________________________________

جاب العوامة كلها ليبحث عنها وبالأخص في الغرفة التي اختارتها لتقطن فيها لرفضها البقاء معه في غرفة واحدة، ازدادت ضربات قلب آيان بالتزامن مع ملامحه المزعوجة فقد تخوف من تركها له، وقف في ردهة العوامة قائلاً بضيق:

-معقول وصلت بيها تسيب العوامة وأنا تعبان كده، ضحكت عليا علشان أخلي ماما تمشي وهي تسيبني، قد كده بتكرهيني يا زينة ومعندكيش رحمة بعد ما حاولتي تقتليني

من تعبه جلس على أقرب أريكة متنهدًا بضعف والحزن منجلي عليه، استطرد بخيبة أمل:

-كنت غلطان لما فكرتك طيبة، براءة وِشك عكس اللي عملتيه معايا

أطرق رأسه بخزي من فعلتها لكنه بداخله قرر معاقبتها فهو يحبها ومغرمًا بها، وهي تقابله بالجفاء الدائم، نهض آيان بتقاعس وهو ممسك بجنبه معتزم البحث عنها وهو يضغط على نفسه غير ملتزم بتعليمات الأطباء، حين استدار متحركًا لغرفته انتبه لمن يفتح باب العوامة، التفت بجسده على الفور مترقبًا من، لاحت السعادة تدريجيًا عليه حين وجدها تلج، استغربت زينة من وقوفه هكذا ثم سألته بتردد وهي تتدرج ناحيته:

-واقف كده ليه، مش المفروض تعبان ولازم تكون في السرير!!

لم يبالي بما قالته ولم يعقب عليه، سألها بتلهف:

-كنتي فين؟

تنحنحت بخفوت لتجيب بتوتر:

-روحت أجيب حاجة كده

سأل بنبرة منفعلة اربكتها:

-حاجة أيه دي؟

ازدردت ريقها لا تريد الإفصاح عما جلبته، ردت بحرج:

-حاجة محتاجاها!!

وجه آيان بصره لما تحمله بيدها فوجدها حقيبة ورقية راقية، مد يده ليأخذها منها فتنبهت لتمنعه حين أمسكتها بقوة، نظر لها بظلمة ثم أمرها:

-هاتيها أما أشوف جبتي أيه

رفضت بشدة وهي تحرك رأسها للجانبين قائلة وهي تضم الحقيبة لصدرها:

-حاجة مينفعش تشوفها

عقد حاجبيه محتجًا على ذلك، رد بتصميم:

-هشوفها

ثم مد يده لينتزعها منها فعاندت لتعارض رؤيته لما بالداخل، تحول وقوفهما لمنازعة وخناق، هتفت وهي تمنعه بكل قوتها:

-مش هتشوف حاجة

حين قررت دفعه عنها دون قصد لامست جرحه فتألم بعنف، شهقت بتخوف ثم اقتربت منه مستفهمة بقلق:

-حصلك حاجة؟

تأملت وجهه لتجده بالفعل يتألم غير قادر على الوقوف، ألقت الحقيبة على الأريكة بإهمال ثم دنت منه لتجعله يتوكأ عليها مرددة:

-إسند عليا أحسن

تنفس بصعوبة متحملاً الألم، قال بنهج:

-خايفة عليا قوي، كنتي هتموتيني

ردت بلمعة حزن وهي تمسك به:

-سامحني مش قصدي، إنت السبب

جملتها الأخيرة كانت تعني الكثير، أجل هو السبب من البداية، لم يجد غير أن يتوجه لغرفته للراحة وهو مستندًا عليها، وهما في طريقهما سألها بإصرار جعلها تضحك:

-برضوه عاوز أعرف خرجتي تجيبي أيه

ردت بضحك خفيف:

-يعني لو عرفت هترتاح

هز رأسه ليرد مؤكدًا:

-قولي

عاونته ليجلس على التخت بوضعية مريحة حين وضعت وسادة خلف ظهره، ردت بتحدٍ حين جاءت تبتعد:

-لا مش هقولك

باغتها حين أسرع في إمساك عنقها من الخلف ليقربها منه فتقابل وجهيهما، اضطربت من قرب المسافة فقالت ناظرة لعينيه:

-سيبني

وجدته لن يتركها فهي فرصته فتابعت باقتطاب:

-حاجة تخصني عيب تشوفها

ابتسم فهو على علم بما جلبته بحنکته، قال بجراءة وترتها:

-هاتي بوسة وأنا أسيبك………!!

______________________________________

لسماحتهم المعروفة استقبلوها معهم بداخل الفيلا، حيث مكثت خلود تلك الليلة الكئيبة عند عمرو، والذي لم يعلم بأي شيء سابقًا، لكن جيسي سردت له معاناتها ليعاونها، استمع عمرو لخلود باهتمام والتي اعتزمت إخبار أخيها فالوضع ليس كالماضي فقد طلقها الآن، بعقلانية شديدة حدثها عمرو:

-متقوليش لماجد، علشان لو عرف الموضوع هيكبر أكتر، مازن مش شوية وفيه ياخد الولد لأي مكان ويمنعك تشوفيه

استنكرت ما قاله في وصف الأخير بتجهم:

-أخويا أحسن منه وميقدرش يقف قصاده، علشان بحبه والولد سكت، إنما هو استغنى عني وطلقني وحرمني من ابني، مش هسكت ولازم ابني يرجعلي وماجد يتصرف

سارع عمرو في منعها عن كل ذلك هاتفًا:

-إوعي تعملي كده، لو عايزة ابنك بجد متقوليش لماجد حاجة

زاد عمرو من تخوفها بكلماته لتمتثل له في النهاية هازة رأسها، نظرا لها الاثنان بشفقة حين اجهشت بالبكاء، هتفت جيسي بمواساة:

-ابنك هيرجعلك متعيطيش، وكمان مازن ده ربنا مش هيوفقه، إزاي بعد حبكم يتخلى عنك كده، بني آدم خاين علشان اتجوز عليكي!!

ثم نظرت لعمرو بمغزى ليتفهم تلميح كلماتها، تأفف من نزقها لتخیلها زواجه بغیرها ولم يعلق، بينما قالت خلود باكية بتهكم:

-وكمان واحدة طلعت أكبر منه ومتجوزة قبله

هتفت جيسي بسخرية:

-وإنتي أحلى منها وهي وحشة

لم يتأقلم عمرو مع هذا الحديث النسائي مطلقًا لذا نهض قائلاً بلطف مزيف:

-أنا همشي عندي شغل، وهابقى اتصرف مع مازن واكلمه

ثم تحرك مغادرًا فهتفت خلود بعدم رضى:

-إزاي عمرو يمنعني أقول لماجد، دا طلقني وأخد ابني مني، وغير دا كله مش طايقني في البلد كلها

ربتت جيسي على كتفها قائلة بتأنٍ:

-المهم تفكري بعقل، متخليش زعلك يخليكي تفكري بتهور وممكن تخسري

حدقت خلود بالفراغ وعينيها تذرف الدموع حسرةً فقد فعلت المستحيل محبةً فيه، قالت في نفسها بأسى:

-طلقتني يا مازن، معقول بعد اللي عملته علشان ابقى معاك

ثم تابعت بألم وعقلها مشغول بأنها الذي تركته:

-وحشتني قوي يا قلب ماما، يا ترى عامل أيه وأنا مش جنبك……….!!

____________________________________

ظل دائبًا بجوار الصغير الذي لم يتأقلم بعد على تلك الجبيرة الملفوفة حول ذراعه، والذي لم ينم سوى فترات قليلة ومتقطعة، أدار مازن له مبرد الهواء لشعور الطفل بالحر كما أوصاه الطبيب، حين تيقظ من نومه نهض لينحني بجزعه ناحيته مرددًا بحنوٍ وهو يمسح على مقدمة رأسه:

-عاوز أيه يا حبيبي؟، نام شوية!

خاطبه مازن بنبرة تفهمها الصبي، بنبرة خفيضة بائسة رد الصبي بريبة:

-وقعني

انتبه مازن لما يتفوه به ابنه فاستفهم باضطراب وضيق:

-وقعك!!، مين اللي وقعك؟

لمحدودية فهم الصغير لم يتعمق في ذلك، رد بتلهف طفولي:

-روح عند مامي

تفهم اجتياجه لوالدته فهو بالطبيعي، ولجت حافصة الغرفة عليهما مزيفة قسمات حزينة قلقة، هنا رد مازن بتكشيرة:

-ماما هي السبب في اللي حصلك، وهي خلاص مشيت

شرع الطفل في البكاء مرددًا:

-مامي، روح عند مامي…

صرخ به مازن بانفعال فحدثته حافصة بلؤم دفين:

-سيبه يا مازن دا عيل، بكرة لما يكبر هيفهم قد أيه هي أم مهملة

ثم ربتت على كتفه وظهره ونظراتها المتعطشة للرضى منه تأكله، تبدلت نظراتها للتوجس حين ولجت الخادمة نفسها التي اصطدمت بها، ازدردت ريقها في توتر وهي تتابعها تضع ملابس الصغير المغسولة في خزانته، بينما أثناء ذلك أدرك مازن غرضها من الإقتراب منه لذا غيّر الموضوع قائلاً بغيظ:

-الولد بيقول فيه حد زقه

شحب وجه حافصة وذابت أوصالها خِشية كشفها وخاصةً وجود هذه المرأة وتلقائيًا راقبت مؤشرات وجهها ولم تجد بأنها ارتابت في شيء، لكن متابعة مازن للحديث اراحتها:

-مش بعيد تكون هي اللي عملت کده وعاوزة تحرق قلبي على دا كمان وتعاقبني، مجرمة وتعملها ما هي مش أول مرة

جذلت من ذلك لعدم وجود من يشك فيها وتنهدت براحة، حثته بمكر لتزيد من نفوره من الأخيرة قائلة:

-أنا هنا يعني تنساها خالص، أجبلك الولاد اللي نفسك فيهم، بس إنت إرضى عني

ثم تحركت لتقف ملتصقة به لتضع يدها على صدره بحركة إغواء، زاغ مازن فيما نطقت به ثم نظر لها بغموض لبعض الوقت فربما يفكر في ذلك، ابتسمت له بتأمل ونظراتها تحثه على قبولها فهي تتذلل له لكن لم تهتم تريد كسب محبته، رد بتريث ضايقها بعض الشيء لكنه أفضل الآن:

-سيبيني مع نفسي شوية وهابقى أقولك……..!!

____________________________________

لم تمتثل لرغبته حين طلب منها المغادرة، لكن حضور ابنتها كان السبب، لم تتركها نور لتظل الأخيرة في أحضانها الدافئة تحكي لها عن أخبارها حين اختلت بها نور في غرفتها بالفيلا، سألتها نور بألفة وهي تضمها بقوة:

-أوضتك موحشتكيش؟

ابتسمت ماريان بود قائلة:

-كل حاجة وحشتني، اللي مصبرني على البُعد ده ريان وهو معايا، مبقاش يسيبني حتى الجامعة بيوصلني ويجبني

رجعت نور بذاكرتها للخلف حين كان يفعل زين ذلك متذكرة مشاكستها له، عادت للواقع وهي تلوم نفسها فقد تعذّب من أجلها كثيرًا، لذا محبته انحفرت بداخلها ولن تخرج مطلقًا، سألتها نور بحذر:

-وسلمى عاملة معاكي أيه، ونور كمان؟

ردت بتنهيدة خفيفة:

-بيحبوني يا مامي، كأني واحدة منهم

-ونور؟

سألت نور بفضول داخلي تريد معرفة وضعها بعد زواج زين بغيرها، ردت ماريان بعدم إكتراث:

-عادية مافيش حاجة، على طول بلاقيها في أوضتها ومش كتير بتخرج تقعد معانا، بس هي كويسة!!

زمت نور شفتيها متيقنة تضايق سلمى أيضًا لكنها لم تعلن ذلك، زفرت بقوة قائلة في نفسها:

-أيه القلبة السودا دي، زين أخد واحدة غير نور، وآيان كمان اتجوز البنت اللي معاه دي، مش دايمًا اللي بنتمناه بنلاقيه

ثم تخيلت وضع ابنها مع تلك الغلیظة الآن لتظن بأنهما غير منسجمين، تابعت بتهكم:

-كله منك يا آيان، جريت ورا واحدة كانت عاوزة تقتلك، مفكرني غبية علشان أصدق إنها مش هي، بس عذراك علشان مجربة الحُب قبل كده، واتمنى من قلبي تكون سعيد

فاقت نور على صوت ابنتها يسأل:

-هو زين هيتجوز مين يا مامي؟، كنت مفكراه هيتجوز نور………..!!

____________________________________

كالعادة جلست بغرفتها مدعية استذكار دروسها لتهرب من نظرات الجميع نحوها، تلك المرة رفضت السفر معهم لحضور عقد قرانه، استجدتها سلمى ولا جدوى، دون تعمد بكت نور متحسرة على وضعها، رغم عدم تلميح أحد من والدتها أو والدها للزواج به لكنها بالفعل تخيلته زوجًا، لم تجد أفضل منه لها، ربما خالتها من أوهمتها بذلك، علّقتها أيضًا لين بحديثها، ها هو الآن يتزوج بأخرى، ليس ذلك فقط!!، بل كانت الأخيرة على علاقة سابقة بابن خالها آيان، ابتسمت بألم فقد استشعرت بأنه لا يريدها كما اتضح من بعض تصرفاته نحوها…

صدح هاتفها فنظرت له على الكومود بعدم اهتمام لا ترغب في التحدث مع أحد، مرة وأخرى وهو يرن وبالأخير قررت الإجابة متأففة، وجدتها لين فعبست لكنها ردت، هتفت الأخيرة بضيق:

-فينك يا نور؟

ردت بهدوءٍ كمد:

-كنت باخد شور، خير يا لين؟

رددت الأخيرة بتشفٍ وابتسامة ماكرة:

-اسكتي مش صاحبتك وقعت، أصل عندي اللي يخلي زين ميرضاش يتجوزها

لم تبدي نور اهتمام لكنها بالفعل متشوقة لمعرفة ماذا علمت؟، استطردت لين بانتشاء:

-طلعت مع كل واحد شوية، وصل الموضوع لواحد طلع ابن خالها ومتجوز وعنده ولاد

ردت لين باستنكار:

-هتحب واحد كبير قوي كده علشان أيه، أوعى يا لين تكوني بتكدبي؟

هتفت بمعارضة:

-أنا سمعت مرات ابن خالها دي بتتكلم مع واحدة عليها، وكمان ابن خالها دا مز يا بنتي، دا أحلى من زين أخويا

ردت نور بلا مبالاة مزيفة:

-وأنا مالي، هو حًر في اللي اختارها

لم تعجب لين بردها لتردد بتبرم:

-اسمه أيه الكلام ده؟، هو أنا باعمل كده ليه، مش علشانك

هتفت نور برفض:

-لا متعمليش علشاني حاجة، الجواز مش بالعافية، إنتي بتعملي كده علشان تنتقمي منها وبس

انزعجت لين من تخليها عنها، ردت بمقت:

-براحتك يا نور، خليه يروح يتجوزها والتاني اتجوز صاحبتها ونطلع أنا وإنتي من المولد بلا حمص

بعدم إكتراث مستفز ردت نور:

-أنا اللي اتجوزه هو اللي يطلب ده بنفسه مني، غير كده مش هتجوز، وزين الله يسهله………..!!

____________________________________

أصرت على رؤية الفيلا التي تحدث عنها لذا اصطحبت مايا معها كونها تستحي أن تذهب معه بمفردهما، غرفة وراء غرفة رأتها “لما” قد أعجبت بها، لم تفارق البسمة ثغرها وهي تتطلع على المكان الذي ستمكث فيه معه، انتهت من الطابق العلوي لتهبط برفقة مايا وهن يتحدثن بشغف، خاطب٠تها مايا أثناء هبوط الدرج:

-صغيرة بس حلوة قوي، كل حاجة فيها تجنن والديكور روعة

ردت “لما” بقناعة:

-مش صغيرة ولا حاجة، إحنا في أمريكا كنا عايشين في واحدة أصغر منها

ثم تحركن في البهو فوجدت زين يوليهن ظهره ويتحدث مع أحدهم قائلاً:

-لو مجتش هزعل، إضغط على نفسك علشان فرحي مش هيتم غير بوجودك

استغربت “لما” بالأخص من إصرار زين ثم وقفت هي ومايا بجانبه، انتبه لهن ثم زيف بسمة، تابع حديثه عبر الهاتف ردًا عليه:

-خلاص هستناكوا ومش هكتب الكتاب علشان هتكون الشاهد الأول على الجواز..!!

ثم أنهى حديثه ليلتفت لهن، قال مشبعًا فضولهن حول ماهية المتصل:

-دا آيان، كان بيقول تعبان مش هيقدر يجي، بس ألحيت عليه وخلاص وافق

لم يعرفن الفتيات بما فعلته زينة معه، لذا هتفت مايا بمرح:

-يا عيني بقى، حد يبقى معاه زينة ويفكر في حاجة تانية

لاحظت مايا نظراتهما لبعض فقالت باستئذان:

-هروح اعمل تليفون وارجع تاني، مش هتأخر

ثم تحركت لترك لهما المجال للتحدث سويًا، نظر زين لها قائلاً:

-صاحبتك بتفهم

ابتسمت خافضة رأسها باستحياء فتجرأ زين ليلامس خدها حتى وصل لثغرها فاضطربت ناظرة إليه بتوتر، قال بقتامة ومكر:

-مالك، يومين وهنكون مع بعض!!

ردت بتلعثم من شدة ارتباكها:

-الفيلا طلعت حلوة قوي، بس ليه مجتش تشوفها معايا

-قولت تاخدي راحتك وإنتي بتتفرجي مع مايا، وكمان انا حافظ كل مكان فيها

سألت ضاغطة على شفتيها بحرج:

-هنقضي شهر العسل فين؟

رد بنبرة مبهمة:

-مفاجأة، يوم ما نتجوز محضرلك هديتي ومتأكد إنك مش ممكن تتوقعيها

من الآن زاد فضول “لما” في معرفتها لكن تريثت فلم يبقى سوى القليل لتعرفها لكنه بالفعل خطط ليبهرها بأول مفاجآته، قالت بابتهاج شديد:

-أكتر حاجة مفرحاني إن أهلي كلهم هنا وهيبقوا حوليا……..!!

____________________________________

غفت قليلاً في غرفتها بداخل فيلا زوجها الذي ابتاعها من السيد زين، نهضت رسيل من غفوتها نافخة بضجر حين لم تجد أيهم بجانبها، فكرت وهي تذهب لارتداء روب نومها أن تتوجه لرؤية صغارها لكن غيّرت رأيها لتبحث عن أيهم، فقد شغلها سؤال ما تريد أن تطرحه عليه…

سارت في الخارج فوجدته جالسًا في شرفة الصالون المفتوح بالأعلى أمامها يهاتف شخصًا ما، تحركت صوبه وعينيها عليه تستشف مع من يتحدث واتضح بأنه عن عمله، دنت منه ثم من الخلف انحنت لتلف ذراعيها حول عنقه، همست في اذنه:

-ممكن تفضالي شوية؟!

ابتسم أيهم وهو يميل رأسه ليتقابل مع وجهها الجميل، رد بموافقة وهو يخطف قبلة من على ثغرها:

-إنتي تؤمري

دون ختام لحديثه مع المتصل أغلق هاتفه، سعِدت رسيل من تفضيله لها ثم وزعت عدة قبلات ودودة على وجهه، بحركةٍ متمكنة سحبها أيهم لتجلس على فخذيه فضحكت، طوق خصرها بتملك مرددًا بحب:

-هو انا عندي أغلى منك

عاودت محاوطة عنقه لتسأله بجدية:

-هتفضل تحبني أنا لوحدي على طول، مش ممكن تفكر في غيري مهما حصل

استغرب أيهم من سؤالها فهو دائمًا يغدقها بمحبته واهتمامه، رغم ذلك أكد:

-مش ممكن أحب غيرك، علشان إنتي حبيبتي وأم أولادي!!

تشجعت رسيل لتسأله الآن عما زاد من فضولها قائلة:

-ليه اشتريت فيلا هنا؟، كل شغلك في القاهرة وحياتنا كلها هناك، ليه يا أيهم، ناوي تستقر هنا ولا حاجة؟

ثم شغفت في معرفة رده عليها، بينما لم يهتم أيهم بذاك الموضوع ليرد بمعنى:

-أنا قولت طالما بنيجي هنا يكون عندنا مكان نعيش فيه براحتنا ومنقعدش عند حد!

-إنت ناوي تيجي تاني بعد “لما” ما تتجوز، مش خلاص بقى!

فكر قليلاً ثم رد بمعنى لا مشكلة:

-رسيل وفيها أيه لما يكون عندي في كل بلد مكان خاص بيا، ما أنا مش قاعد في السراية بتاعتي وسايبها، عادي يعني أيه اللي مخليكي مش متقبلة الموضوع

قبل أن يشك في شيءٍ ما حيال توجسها من ذلك ردت بدلالٍ مزيف:

-كل الموضوع إني عاوزاك جنبي على طول ومتسبنيش، فيها مشكلة دي؟!

رمقها بنظرة وقحة ثم قال بمكر:

-هو أنا مجنون اروح أي مكان من غيرك، أصلاً إنتي الهوا بتاعي

كلماته أدخلت الراحة لروحها واخمدت غيرتها، قالت بتمنٍ لم تتخلى عنه سبب له بعض الإزعاج:

-أيهم أنا بفكر نخلف تاني قريب، نفسي في بنت………!!

____________________________________

بحرسٍ شديد حملت الطفل بين ذراعيها وهي تأخذ اهتمامها من عدم خبط ذراعه في شيء، دلفت سيرين من السراية معتزمة أخد الطفل لأمه كي تقر عينها به وتخفف من بكائه المتواصل، في طريقها لفيلا عمرو ناداها صوت مألوف اربكها في الأول لكن بعد ذلك هدأت، إلتفتت ناحيته فاقترب إيهاب منها قائلاً بتشوق:

-سيرين معقول تسيبني كل ده، إنتي وحشتيني قوي

لوت ثغرها ببسمة ساخرة فتابع بمودة:

-أول مرة لما بعدتي أحس إني وحيد كده، وكمان البنت والولد وحشوني، ارجعي معايا يا سيرين لو لسه بتحبيني!!

كان حديثه يسُر قلبها فكم كانت تتمنى محبته لها وها هو يعلنها، لم تعقب علی ذلك بل ردت ملتفتة حولها بتوجس:

-مش وقته، لازم أخلي خلود تشوف ابنها قبل مازن ما يجي

انتبه للطفل تحمله فهم معاونًا لها حين شرع في حمله هاتفًا بشغف:

-هاتيه أما أشيله عنك

-حاسب دراعه مكسور

-متخافيش

ثم حمله إيهاب عنها ليتحركا نحو الفيلا وهما يتحدثان عن وضعهما وطلبه منها الرجوع معه…..

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

حملته برفق وهي جالسة على الأريكة لتقبّل وجهه بالكامل بلهفة أُم لم يتعجب منها أحد، خاطبت طفلها بحنان جارف:

-معقول أنا عاوزة أخلص منك يا حبيبي، ربنا يجعل يومي قبل يومك، كفاية حرقة قلبي على أخوك

وقف الجميع من حولها يتطلع على ما تفعله خلود بعطف، ليخالجهم سؤال واحد وهو كيف لمازن الأحمق أن يصدق ذلك؟، قال عمرو بتعقل:

-يلا لازم الولد يرجع دلوقتي، وجوده هنا ممكن يسبب مشكلة

نظرت له خلود لتهتف بحنق:

-دا ابني، يعني لازم يفضل معايا ومش هسيبه، دي فرصتي أخده وامشي من هنا

ردت سيرين عليها بتخوف:

-كده هتخليني أندم إني جبته علشان تشوفيه، هتورطيني مع مازن يا خلود ومش هيسامحني على كده!!

تمسكت خلود بابنها أكثر لترد بإصرار عنيد:

-بقولك الولد هيسافر معايا القاهرة دلوقتي قبل ما يرجع، هو في القاهرة يعني الليلة فرصتي بجد، روحي مع جوزك وكتر خيرك إنك ساعديني!!

وجهت سيرين بصرها لزوجها الذي وجد بأن رجوعها سيحيل ضيق أخيها منها، تدخل عمرو ليقول باقتناع وهو يحمسها:

-فكرة كويسة، الواد معاكي ودا المطلوب، وعند ماجد مازن مش هيقدر يقف قصاده، هتكونوا في حمايته!

نهضت خلود من جلستها مرددة بحماس:

-يلا أنا همشي بيه دلوقتي

هتف عمرو بمفهوم:

-هوصلك في طريقي، علشان رايح اسكندرية الليلة هحضر فرح بكرة هناك……….!!

___________________________________

استقلت السيارة معه ثم وجهت نظراتها عليه كل فترة لتتابع ما إذا كان يتألم أو من عدمه، قاد آيان سيارته بيد واحدة ولدرايته كان متمكنًا منها، قالت زينة بتردد:

-مكنش لازم تضغط على نفسك كده علشان تسوق وتحضر الفرح

رد بتنهيدة وهو يتابع الطريق:

-زين هيزعل، هو مش بس ابن عمتي، إحنا إخوات

ردت بلا مبالاة مزيفة وهي تنظر من النافذة:

-براحتك، بس أمك هتتضايق!!

القى عليها نظرة مظلمة قائلاً بمكر:

-أمي بقى لو مشفتش اهتمامك بيا وخوفك عليا النهاردة هتتضايق، حاولي تتمسحي فيا على قد ما تقدري

عاودت النظر إليه بغيظ فنظر لها بثقة ومبتسمًا باستفزاز، ردت بغلظة:

-إمتى ارتاح من كل دا بقى؟

رغم ضيقه من ردها بادله بمزح ومداعبة قائلاً:

-عندك حل واحد علشان ترتاحي

هتفت ناظرة إليه بشغف:

-هو أيه؟

نظر لها مباشرة ليرد غامزًا لها بعينه:

-حبيني!!

أشاحت بوجهها كي لا يراها وهي تبتسم فتابع هو القيادة مبتسمًا بتأمل، كانت طريقة مزحه خفيفة مقبولة، ما فعله معها كان طائشًا ولكن ما يصدر منه كان نتيجة محبته لها، وعليه فهم بأن تصرفه معها لن يتقبله أحد، خاصةً بأنها غير متهيئة للزواج بشكلٍ عام……….!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

من بعيد وقفت تتابع جلوسهما بأعين شرسة، حيث رغبت لين فضح تلك اللعينة قبيل زواج أخيها منها، لكن لم تجد الطريقة المناسبة لذلك وبالأخص بعد ترك نور لها تنتقم!!، غمغمت باغتياظ:

-لو كنت قولت لزين مكنش صدقني ولازم دليل، وكان هيزعل مني ويفكر إني باقول عليها كده علشان باكرهها..

ثم صمتت لتقول بعد تفكير محنك:

-لازم وهو معاها يشك فيها، ولو حصل حياتها هتتقلب، أيوة هو دا الحل

بالأخير اعتزمت لين ذلك لتقف تتوعد لهما، كون أخيها لم يبالي بها ليضحى أنانيا معها……!

كانت الحفلة راقية بشكل جذاب حيث أقامها زين في فندقه بداخل المنتجع، دعا كل ما يعرفه وكان المسؤول عنها، حيث توغن أن يتولى أمر الحفلة كهدية منه لابن أخته..

وصل آيان وبجانبه زينة الذي خاطبها بخبث دفين:

-ماما بتبص علينا، إقفشي فيا

تأففت قائلة بمقت:

-لأ، هتخوفني يعني

ثم عفويًا انتبهت لأمه بالفعل تحدق فيهما، سريعًا تشبثت بذراع آيان مدعية توددها معه وهما يتعمقان للداخل، أخرج أنينًا متألمًا قد زيفه بمكر لتضطرب مستفهمة:

-مالك ما إنت كنت كويس؟

-اسنديني مش قادر، وديني لماما تهتم بيا

قال ذلك بلؤم داخلي فتوجست، ردت باستعطاف:

-بلاش نروح عندها، قولي عاوز أيه باعمله ليك

نهج في إلتقاط أنفاسه ليحثها على الاهتمام به، شهقت بخوف حين اقتربت نور منهما ثم نظرت لها بترقب، دنت نور من ابنها مستفهمة بقلق:

-حبيبي إنت تعبان، ليه جيت، تلاقي مافيش اهتمام بيك؟

هنا تجرأت زينة لترد عليها بنفي:

-آيان في عنيا، أنا باهتم بيه متخافيش، دا حبيبي

اندهش آيان من ردها ثم حملق فيها بعدم تصديق، بينما ردت نور بنظرة ساخطة:

-إنتي بنت محظوظة، لاقيه اللي بيحبك

أثرت كلمات نور فيها وتيقنت زينة معناها، هي بالفعل محظوظة بأنها تزوجت شخص مثله، لكن البداية سيئة لتتقبلها، بالإضافة لرهبتها من الزواج، ردت وهي تتقن حُسن اهتمامها بآيان:

-اتفضلي حضرتك وأنا هخلي بالي منه

اطمأنت نور عليه ثم رحلت، قال آيان بتهكم:

-أكيد هتسيبيني وتقولي ملكيش دعوة

ردت باعتراض متيقنة تكرارها لذلك:

-أنا بتكلم بجد

لم يقتنع آيان ولكنه تمنى صدق حديثها، رد بهدوء:

-تعالي نسلم على زين و “لما”…….!

كانت ردوده عليها جافة جعلت الفرحة تذهب من على وجهها لتجهل لما يفعل ذلك، كل ذلك بعدما إتمام عقد قرانهما، خرجت “لما” عن صمتها لتسأله بترقب:

-زين إنت فيك حاجة؟، من وقت ما كتبنا الكتاب وإنت طريقتك معايا اتغيرت!!

نظر لها دون أن يعلق على ذلك فاستغربت، رد بابهام:

-أنا زهقت من الجو ده، ما تيجي نروح، وبالمرة تعرفي هديتي

لم ترتاح “لما” لوضعه ولا نبرته حين يتحدث معها، تأجج توترها عن السابق لذا طلبت بتلجلج:

-لسه الحفلة في الأول، خلينا شوية!!

-بس أنا بجد زهقت ومش طايق الجو حواليا

رد بفظاظة وقلة ذوق لتستنكر بدهشة:

-دا فرحنا ولازم تكون مبسوط

رد بنبرة منفعلة جديدة عليها:

-يعني أقوم اتنطط يعني علشان ابينلك إني مبسوط

هتفت “لما” باستياء مما يفعله:

-زين اتكلم معايا كويس، طريقتك بتخليني مش مرتاحة معاك

نهض زين من جانبها فانصدمت متخوفة من ردة فعله، رد عليها وهو يتحرك مغادرًا:

-هكلم بابا إني عاوز أمشي

ثم تركها غير مستوعبة ما يفعله، رددت “لما” ببؤس:

-معقول دا فرحي اللي باحلم بيه، وكمان ليه زين بيعمل كده؟، كان من شوية كويس، حصل أيه بس؟

ثم مررت نظراتها على الجميع من حولها مشدوهة غير راضية بكل ما تمر به في تلك اللحظة، غمغمت بقسمات متخضبة:

-أنا ليه قلبي مقبوض……………………………………….!!

___________________________

__________________

___________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق