رواية مغرم بك – الفصل الرابع والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصـل الــرابع والعشــرون
مُغـرَم بـكِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلفت من غرفة نومها ضجرة من تلك العيشة الخاملة الفاقدة للحياة الطبيعية التي حلمت بها، سارت حافصة لتهبط الدرج معتزمة الخروج لبعض الوقت، غمغمت باستياء:
-أيه العيشة دي بس، معقول هافضل كده مافيش حل، مصدقت اتجوز وكمان أيه، أصغر مني!!، يعني حياة كويسة
نفخت بعبوس ثم وضع قدمها لتخطو الدرجة الأولى وأثناء ذلك انتبهت للصغير يهبط ممسكا بسيارة كبيرة نسبيًا، سلطت نظراتها الغامضة عليه وعقلها يفكر في شيءٍ ما مريب، في نفسها رددت بتصميمٍ عجيب:
-هو دا الحل، ودي فرصتي النهاردة!!
هبطت حافصة ببطء الدرج كأنها ذاهبة إليه هو، حين اقتربت منه دون تراجع عما فكرت به دفعته ليسقط من على تلك الدرجات بسرعة كبيرة، لم يخرج صوته من هول الفجأة حينها حتى وصل للأرض مغشيًا عليه، للحظات خاطفة اختفت حافصة من المكان هاربة حين عاودت الصعود متجهة لغرفتها مرة أخرى، في طريق سيرها في الرواق العلوي اصطدمت بإحدى الخادمات التي تحمل مفروشات للسرائر فنظرت لها حافصة بخوف، بدلت تعابيرها للهدوء ثم أكملت سيرها فلوت الخادمة ثغرها غير مهتمة، تحركت لتهبط الدرج ثم وقعت عيناها على مشهد مدمي، صكت على صدرها مرددة بهلع:
-يا نهار إسود، الواد!
ثم توجهت ناحيته بخطوات راكضة لتتفحصه، ظنته مات من هيئته الواجمة فصرخت باستجداء:
-إلحقوني، الواد وقع من على السلم……!!
___________________________________
مررت نظراتها عليها باقتطاب ساخطة على ما ترتديه، جلست نور بجانب ابنها على الفراش ثم خاطبتها بنبرة حملت السخرية:
-هو إنتي خارجة ولا أيه؟
ارتبكت زينة وهي تقف أمامهما لترد بتعجب:
-لا مش خارجة، حضرتك بتقولي كده ليه؟!
نظرت لها نور باستغراب لتوضح:
-هو إنتي في البيت بتلبسي كده برضو؟
ثم أشارت على ثيابها المحتشمة وحجابها ملمحة عليه بالأخص، لم يعلق آيان واكتفى بمراقبة أمه العظيمة فيما تفعله!!، توترت زينة ثم نظرت لآيان بمغزى جعله يبتسم باستفزاز، عاودت النظر نحو نور لترد معللة:
-أنا ملحقتش أغير هدومي من وقت رجعنا، حضرتك اللي جيتي على طول ورانا
انفعلت نور من ردها هاتفة:
-أيه قصدك، مش عاوزاني آجي، ولا مش طيقاني هنا، العوامة اللي إنتي فيها دي بتاعتي
توجست زينة من ردة فعلها فتدخل آيان ليخمد ذلك الجو الموتر قائلاً بتعقل:
-إهدي يا ماما زينة مش قصدها، إحنا بس لسه داخلين، هو حضرتك مرجعتيش الفيلا ولا أيه؟
نظرت نور بطرف عينيها لها ثم نظرت لابنها قائلة بكذب:
-طلبت من باباك يرجعني اطمن عليك، فيها حاجة؟
-والشنطة دي فيها أيه يا ماما؟
سألها ناظرًا للحقيقة فردت نور بدهاء:
-دي بجامة ليا، أصلك مش هتخليني أروح الليلة أكيد، مش كده يا حبيبي؟
لم ترتاح زينة لوجودها، بينما هتف آيان بترحيب شديد:
-مش الليلة بس يا ماما، خليكي معانا لحد ما ننقل لفيلتي
رده أغاظ زينة وجعلها تنفجر داخليًا، في حين ربتت نور على كتفه قائلة بود:
-ربنا ما يحرمني منك، كان نفسي تتجوز بطريقة أحسن من دي وتروح شهر عسلك زي ما كنت بتمنى
ابتسم لها آيان قائلا بمفهوم:
-أنا متجوز كويس يا ماما، وشهر العسل بعد الإمتحانات
ضمته نور فأخذها هو في أحضانه فحاذرت نور من لمس جرحه، خاطبته بابتئاس:
-جدك سأل عليك، كذبت وقولتله إنك سعيد في جوازتك اللي اختارتها، بيدعيلك يا حبيبي كتير، وبيقولك ربنا يبعد عنك ولاد الحرام
تابعت زينة الحديث الدارج بينهما لاوية شفتيها وتأففت مدركة بأنها تلمح عليها، انتبهت نور لها لتعاملها بحدة حين قالت لها بأمر:
-ما تروحي تغيري هدومك ولا هتفضلي كده؟!
تلعثمت زينة في الرد المطاع لها:
-طيب هروح، عن إذنك
ثم توجهت للخزانة بالغرفة باحثة عن ما ترتديه وهما يتابعاها بنظراتهما، من نور مزعوجة ومن آيان متبهجة، أخرجت زينة ما وجدته يليق ثم تحركت للمرحاض لترتديه، فور ولوجها هتف آيان لوالدته بمرح وتهلل استغربته نور:
-حبيبتي يا ماما يا منوراني………!!
__________________________________
تقلّب في فراشه شاعرًا بعدم راحة لاستيلائها على انشغاله بهذا الشكل، استلقى زين على ظهره ثم حدق بالأعلى ليجد صورتها أيضًا أمامه وبطريقتها التي أعجبته أول مرة رآها فيها، جزء من تفكيره أخذ جانبًا ليبعث له عن ما ضايقه منها، عادت وساوسه تسيطر عليه ليغتاظ منها أكثر، قال لنفسه بأنفاس غاضبة:
-أنا مش زي اللي عرفتيهم يا “لما”
ادرك زين تعارفها المباح مع الجميع بعدما اكتشف تربيتها الأمريكية وصفاتها الغير مسؤولة التي اكتسبتها، لاح تملكه حين أكمل بتصميم:
-بس مش هسيبك لغيري، لو هتفضلي مراتي كده وبس، المهم تبقي بتاعتي وملكي أنا، ودا علشان حبيبتك قوي، وإنتي متستهليش حبي ده!!
مسح زين وجهه بكفيه ثم فرك فروة رأسه حين شعر بصداع ما نتيجة كثرة التفكير في تلك المسألة، أكمل جاهلاً لفهم شخصيته:
-باعمل كده ليه معاها، دا حب ولا أيه؟!
ثم صمت ليتابع بإصرار:
-مش مهم أي حاجة، أنا عاوزها ليّه وخلاص!!
ثم أخرج تنهيدة عميقة مفرغًا همومه، اهتز هاتفه معلنًا عن اتصال ما لينتبه له، اعتدل ليمسك به واضطربت نبضاته حين وجدها هي، ابتلع لعابه ثم همّ مجيبًا، ردت “لما” باستحياء:
-صحيتك من النوم؟
ودّ أن يقول لها بأنه لم يذُق طعم النوم بسببها، رد بمعنى:
-أنا لسه ما نمتش
ابتسمت لترد بتردد:
-قولت أكلمك طالما مبتسألش
رد مستجمعًا كلماته المبررة:
-أنا بس مشغول في الفيلا اللي هنتجوز فيها
تعالت ضربات قلبها وهي تسأله:
-هنتجوز فين؟، عمرك ما كلمتني عن أي حاجة تخصنا
كان زين غير مبالي بذلك بتاتًا، رد شارحًا:
-الفيلا مش كبيرة قوي، هي صغيرة وفيها جنينة برضوه صغيرة، أنا بتعبي عملتها، وباعتذر كان المفروض أسألك، يمكن متعجبكيش ومش من مستواكي وتحبي حاجة أكبر
ردت بنرة سريعة غير ممانعة:
-لا مش قصدي حاجة، أي مكان معاك هيبقى كويس ويعجبني
لم يتعجب من ذلك فـ بالأمس كانت تردد تلك الكلمات لـ ابن خاله، رد بخديعة:
-بكرة هنكون عندكم، اتفقت مع بابا إن كتب الكتاب هيكون أول الشهر
اضطربت “لما” من فكرة الزواج عامة، خرج صوتها متوتر حين ردت بتلجلج:
-مش بدري كده؟
رد بسخطٍ داخلي:
-ليه أيه اللي مخوفك، معقول ملحقتيش تتعودي عليا
لمح لها بأنها سرعان ما تتعلق بأحد كـ تركها الغير واضح لـ آيان وارتباطها فجأة به، ردت بمفهوم:
-أنا بس مش هلحق أجهز نفسي في الفترة الصغيرة دي، دا باقي كام يوم على أول الشهر، وكمان متوترة يعني!!
قالت ذلك من وراء رغبتها الحقيقة فهي متشوقة للزواج منه والبقاء معه، بينما رد هو بحب لم يدرك إن كان يزيفه أم لا:
-متخافيش يا “لما” وإنتي معايا، علشان هنسيكي الدنيا كلها
تأملت “لما” خيرًا وابتسمت بسعادة، ردت بنبرة حالمة قابلها باستهزاء في نفسه:
-وأنا متأكدة إني هابقى سعيدة معاك……….!!
__________________________________
كانت واقفة منتصف الجميع الملتف حول الفراش الراقد عليه ابنها تبكي بهيستيرية وهي تتطلع عليه بشفقة فوضعه يقلق من يراه، لازم مازن الطبيب وهو يتفحص ابنه وعلامات الخوف والهلع طافحة على قسماته والطفل يبكي بوجع، لم تخلو وقفته بجانب الطبيب من حدج خلود بنظرات متوعدة، لخوفها على ابنها لم تبالي بنفسها لتترقب حديث الطبيب والذي تيقن من ورم ذراع الطفل وبكائه حين يلمسه وجود كسر به، نهض الطبيب قائلاً بجدية شديدة:
-الولد دراعه مكسور ولازم يجي المستوصف بسرعة علشان نجبسه
وضعت خلود يدها على فمها تنتحب متحسرة، في حين ابتلع مازن ريقه بخوف، ردد بجهل:
-يعني دا حاجة خطيرة، الكسر ممكن يأذيه لما يكبر؟
نفى الطبيب ذلك بنبرة دارسة:
-الولد صغير والكسر هيربط بسرعة، إحنا بس هنجبسه وإن شاء الله شهرين تلاتة وهيرجع زي الأول وأحسن
هدأ خوف مازن قليلاً ليتابع أسئلته القلقة:
-محتاج يسافر في أي حتة…..
قاطعه الطبيب بمعنى ساخط:
-مافيش داعي دا طفل لسه والموضوع بسيط، بس لازم وإنت شايله متحركش دراعه، وهستنى تجيبه على المستوصف علشان نبدأ نجبره
تفهم مازن ليطلب باستعطاف طفيف:
-ممكن تجيب حاجاتك وتجبسه هنا؟
لم يمانع الطبيب وقد لمعت عيناها فسوف یحظی بمبلغ کبیر، قال بمعنى:
-الولد هيحتاج بنج علشان الألم
-اللي تشوفه اعمله، هنا انضف من المستوصف
حرك الطبيب رأسه بقبول ليدلف للخارج كي يحضر معداته الخاصة، تطلع مازن على ابنه بألم شديد مرددًا بحنوٍ وهو يمرر يده على رأسه بلطف:
-متخافش يا حبيبي هتبقى كويس، بابا جنبك!!
من ألمه كان الطفل ينازع داخليًا يريد الراحة، وجه مازن نظراته المستشاطة على خلود التي أخذت تتقدم من ابنها لتطمئن عليه، لكنه أوقفها بصوت صارم قوي:
-خليكي عندك
ارتعدت خلود وهي تنظر إليه ثم دنا منها ليوجه صفعة مؤلمة على خدها متابعًا بغضب وهو يقبض على شعرها بعنف:
-عاوزة تموتيلي التاني كمان، دا ادفنك قبله
بألم مصحوب بالبكاء ردت بغريزة أمومية:
-شوف الولد الأول، مينفعش تسيبه كده!
تجاهلت خلود نفسها لكنه كان عنيفًا هذه المرة لتغطي الغمامة عينيه، من غِله منها صفعها الثانية والثالثة قائلاً أثناء ذلك:
-إنتي طالق، مش دا اللي عاوزاه
لم تستوعب ما نطق به لتحملق فيه مذهولة، دفعها مازن بغيظ لتتراجع بضع خطوات مكملاً باحتدام:
-يلا بقى مش عاوز أشوف وشك، وولاد هنا ملكيش
وزعت خلود بصرها على حماتها وسيرين التي وقفت بجانبها كمن تستنجد، ألجم لسان سيرين لم تستطع قول شيء واكتفت بمواساتها، لكن تدخلت والدته قائلة برزانة:
-بعدين يا مازن، خد الولد يا ابني مينفعش تسيبه كده وهو مكسور
-مش قبل ما تخرج من السراية، مش طايق أشوفها قدامي
هتف سيرين بلوم:
-كلام أيه ده يا مازن، خلود كان ذنبها أيه حرام عليك، هتنبسط يعني لما ابنها يحصله كده!!
رد بنظرات ضروسة:
-زي ما هان عليها اللي قبله، معنديش استعداد أخسر دا كمان، يلا برة ومش عاوز أشوف وشك
تلاشت محبته مقابل حبه لابنه لیخاطبها بجفاء، خرجت خلود عن صمتها لتتحداه:
-ابني مش هسيبه، ومش هتقدر تبعدني عنه
تحرك ليعنفها فوقفت سيرين لتحيل بينهما وهي ماددة لذراعيها، قالت بترجي:
-مش وقته كلامك ده، دي أم وملهاش ذنب في اللي حصل
راقبت حافصة من على بعد ما يدور بداخل الغرفة، تهللت من تأزم الأمور وأدركت قروب مبتغاها، ابتهجت أكثر حين خاطب مازن خلود بعدائية:
-أنا طلقتك، يعني لحد بليل مش عاوز أشوف وشك في السراية، لأ، في البلد كلها…………!!
__________________________________
وهي تخاطبه وتتسامر معه على تخته وجدته تجمد فجأة ومجحظًا عينيه كمن يحدق في شيءٍ ما، إلتفتت نور ناحية ما يحملق فيه لتنبهر داخليًا بجمال هذه الفتاة الناعم، وجه آيان بصره على شعرها البني ذي اللمعة البراقة والمتماشي مع لون عينيها الفيروزي وبياض بشرتها الملفت، ارتبكت زينة من نظراتهما وانحرجت، أزاحت خصلات شعرها خلف أذنيها بحركة متوترة حين سلط آيان نظراته على شفتيها الصغيرة لتفطن غرضه، لم يعجب نور نظرات الإعجاب والتلهف البادية على ابنها، تريده صلبًا!!، قالت زينة بتردد:
-عاوزني أعمل حاجة؟
ردت نور بحزم:
-مافيش خدامين، يعني تقومي تجهزي حاجة صحية يأكلها علشان ياخد دواه
لم تعارض زينة لتتوجه للمطبخ، حين خرجت وابتعدت عن أنظاره انزعج آيان، عاتب والدته بعبوس:
-مش جعان يا مامي، سيبيها تقعد معانا شوية
حدجته نور بتضايق مرددة:
-اتقل شوية، مش حلوة قوي علشان تتهبل عليها كده
احتج بشدة اغاظتها:
-هي مين يا ماما دي باين عنيكي وجعاكي، دي من أول ما شوفتها وأنا هتجنن عليها
نظرت له باشمئزاز من تلهفه المستفز هذا ثم أشاحت بوجهها عنه لتجد بعد فترة وجیزة تلك الغليظة تلج حاملة صينية صغيرة بيديها خجلة، ابتسم لها آيان بشرود فتقدمت زينة منهما، جلست على طرف التخت والصينية على فخذها، حدثته بتوتر:
-عملتلك شوربة خضار
اتسعت بسمته حين قال بترحاب:
-يلا أكليني بسرعة علشان جعان
نظرت له نور عاقدة الجبين فقبل لحظات ادعى شبعه، شرعت زينة في إطعامه والعجيب اشتهائه في التقام الطعام، هتفت بتعجب:
-من إمتى بتحب شوربة الخضار، عمرك ما حبيتها؟
رد ناظرًا لزينة بحب:
-من النهاردة بقيت بموت فيها
اختلجت زينة وهي تطعمه من تلميحاته الجريئة، في حين شعرت نور بأنها دخيلة على ذلك الجو الودود بينهما لتتأفف داخليًا من محبة ابنها الزائدة لهذه الفتاة التي لم تبادله القليل منها، ردد بتضجر وهي تنهض:
-أنا هنام، تصبحوا على خير
كأنها تخاطب نفسها ولم تجد من يرد عليها، كزت نور على أسنانها ثم دلفت للخارج مغمغمة بحنق، كانت زينة منتبهة لها لذا نهضت فجأة بعدما وضعت الصينية على التخت فاستغرب آيان، قالت بتهكم:
-أكل نفسك أنا همشي، أنا مش خدامة هنا علشان تتحكموا فيا، ولو عايزين تبلغوا عني معنديش مانع
ابتأس من استمرار عدم قبولها له، رد بيأس:
-طيب خدي الأكل معاكي علشان مش بأحب شوربة الخضار
رددت بغرابة:
-ما إنت كنت بتاكلها من شوية!!
حدق في عينيها مباشرة ليرد مؤكدًا بتشدد:
-مبحبهاش وعمري ما أكلتها
فطنت بأنه كان يأكلها من أجلها، ردت بقلب حنون:
-عاوز حاجة تانية؟
-لأ شكرًا، تصبحي على خير
قال جملته ثم أغمض عينيه ليتسطح بشكل مريح لجسده فهو مجهدًا بالفعل، تتبعته بنظراتها ثم هتفت بحماقة:
-تلاقيك خليت مامتك تيجي علشان تزلني قدامها، أنا فهماك كويس وطريقتك مكشوفة
وصل لقمته من اتهاماتها ثم أحد إليها النظر، ردد بغيظ:
-محصلش، ويلا إمشي مش عاوز منك حاجة، إزاي كنتي عاوزة تقتليني وأرجع أحبك تاني، أنا غبي!
بالفعل كان محقًا فكانت تنتوي قتله وها هو یساندها، قالت بتوجس مضحك:
-وجود مامتك بيخوفني، خليها تمشي يا آيان………..!!
___________________________________
في ليلة اليوم التالي، توجه زين برفقة أسرته وأيضًا خاله ونور لفيلا السيد كارم والسيدة إيمان، والتي طلبت من أخيها السيد مروان الحضور فهو في مقام والد ابنتها، رحب الأخير ولم يتوانى أيهم في المجيء معه، وبالتأكيد لم تتركه رسيل لترافقه لغِيرتها الداخلية عليه، حضرت لين مضطرة ومدعية اللا شيء من عدائيتها نحو “لما”، زاد الترابط أكثر بهذا الزواج، هتف حسام فرحًا بابنه:
-زين ابني مش هتكلم عنه، من وهو صغير شايل مسؤولية، حتى فيلته هو اللي عملها ومطلبش مني حاجة
أكد السيد زين بلطافة:
-زين مش هتلاقوا أحسن منه علشان تربيتي
ردد السيد كارم بود:
-مش محتاجين تعرفونها كل ده، إحنا موافقين على زين وإحنا مغمضين، كفاية أهله مين، وموضوع جوازهم بدري إحنا مش ممانعینه خالص
ابتسمت “لما” باستحياء وهي تنظر لزين الذي زیف بسمة لها، رمقتهما لين بحقد وهي تقول في نفسها:
-أيوة يا بختها، عرفت تلعبها صح الكدابة دي، بس هاكشفها قريب
ثم نهضت مختنقة مما يحدث من حولها متوجهة نحو إحدى الشرف، هتفت نور بتجهم:
-يا ريت لما تتجوزيه منلاقهوش يوم الدخلة سايح في دمه هو كمان
رد عليها زين بعتاب:
-نور ميصحش كده
هتفت بضيق:
-قال يعني النسب التاني حلو، دا أنا سبتهم مع بعض وخايفة عليه منها
وجد زين بأنها لن تتغير، مندفعة طائشة لا يهمها أحد، وزع زين نظراته للجميع قائلاً باعتذار:
-متزعلوش من نور، مش قصدها حاجة، اللي حصل ضايق الكل
رد أيهم بمعنى:
-إحنا عذرين المدام، وكمان لازم تعذروا زينة واللي مرت بيه
تهكمت نور داخليًا فهي لم يهمها سوى ابنها فقط، تدخل حسام ليقول مُغايرًا حديثهم المتضايق:
-أنا باقول نقرأ الفاتحة أحسن ونتفائل خير….!!
كانت رسيل واقفة بشرفة قريبة منهما تتابع بفضول ما يحدث، حين استنبطت اتفاقهن هاتفت رانيا على الفور لتبعث لها عن مدى مسرتها من ذلك، جاء صوت الأخيرة فهتفت بفرحة جلية:
-قروا الفاتحة يا رانيا، أخيرًا هتتجوز وأخلص منها
عابت رانيا عليها قائلة:
-رسيل ليه كل ده بس، لسه بتشكي إنها ممكن تاخد أيهم منك
ردت رسيل بحنق:
-البنت دي مش متربية وعملت كتير، الله يكون في عون اللي هيتجوزها ده، لو يعرف كانت بتعمل أيه مع أيهم مش هيتجوزها أصلاً
ردت رانيا بعدم رضى ممتزج بالتعقل:
-رسيل دي كانت مراهقة صغيرة وطبيعي تتعلق بحد، حرام تقولي عليها كده، إنسي بقى
لم تجد رسيل ما ينافسها على زوجها سواها، بالأخص أنها قريبته وكبرت عن ذي قبل بشكل يسمح له بالزواج منها، ردت رسيل بنفور رغم أنها ربما تكون هوّلت الأمور:
-المهم تتجوز وتحل عننا، أنا مش عاوزة غير كده….!!
استمر ذلك الحديث لتستمع له لين بأذنين متطفلتين ليتأكد ما كانت ترتاب منه، بالفعل هذه الفتاة مخادعة وعليها تحذير أخيها منها قبيل الزواج منها، ابتعدت لين قبل أن تراها رسيل لتتوعد لتلك الفتاة الخبيثة، قالت بسخرية:
-أيهم كمان المتجوز ده، دا إنتي معتقتيش
ثم صمتت قليلاً لتجد حل لكل ذلك ثم غمغمت بمكر:
-بس أنا هوقعك في شر أعمالك…………………………..!!
_________________________
__________________
___________
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.