رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الحادي عشر 11 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الحادي عشر:

أزاح “سلطان” تلك الستائر البيضاء يراقب من خلف زجاج النافذة ابنه الذي يجلس على الأرضية بالحديقة…

اكفهر

وجهه وابتعد عن النافذة لا يعبأ بحديث زوجته

ومحاولتها

لردعه

عما يفعله

بفلذة

كبدها..

-ورحمة امك يا أبو أشرف

لتناديه

وتخليه ينام في بيته…بذمتك يهون عليك…ما تقول حاجة يا أشرف أنت وعابد….

كز “سلطان”على فكيه حتى أصدرت

صوتًا

نتيجة

لاحتكاكهم

ثم تحرك مقتربًا من الباب…مما جعل دلال تبتسم بأتساع وتتحرك خلفه منتظرة منه أن يعيد أبنها

لاحضانها

….

بينما تبادل عابد وأشرف النظرات ونهضوا أيضًا كي يروا ما سيحدث..وما ينوي عليه والدهم….

بالخارج…

يقبع على العشب الأخضر بأريحية محاولًا الوصول لـ “خالد” لكن هاتفه مغلق….

زفر

بحنق

وسرعان ما

تهللت

أساريره

وهو يرى والده يفتح الباب ويتقدم منه بخطوات

متعجله

..ومن خلفه دلال وهي تبتسم بسمة واسعة..مما جعله يتقن بأنه قد حن ولم

يطاوعه

فؤاده لتركه بالخارج دون مأوى:

-والله كنت متأكد أني مش

ههون

عليك..وانك بتحبني..ما هو

الضفر

ما

يطلعش

من اللحم..

اوشك على استقبال والده

بالأحضان

لكنه وجده

ينتشله

من

تلابيبه

مرة ثانية

ويجره

تجاه البوابة الحديدية…متمتم بشراسة:

-أنت

متستحقش

تقعد هنا ثانية كمان..مش

طايق

اشوف وشك…غور….

حركت دلال شفتيها يمينًا ويسارًا بحركة سريعة ثم علقت على كلماته:

-يا حاج مينفعش كدة يا حاج..الواد

هينام

فين حرام عليك…

رد عليها بغضب ناري ونبرة أتى بها من أعماق الجحيم:

-في ستين داهية..خلي

نجاسته

تنفعه…خليه يعرف أن اللي بيعمله ده غلط…واللي بيعمله ده مسيره

يتردله

سواء بقى..مراته ..بنته..بنت بنته..امه..مرات اخوه…أسماء بنت خالته اي واحدة تخصه ممكن

يحصلها

اللي هو بيعمله…

راقب عابد وأشرف طرد سلطان لـ جابر الذي لم ينطق بحرف واحد أثناء إغلاق البوابة الحديدية بوجهه…..

كادت دلال أن تتحدث عقب

التفاته

إليها ليضع

سبابته

أمام ثغره

ويحثها

على إلزام الصمت:

-ولا كلمة يا ام أشرف…سبيه يتربى…

*************

أطرق “جابر”رأسه

أرضًا

شاعرًا

بالضيق

مستنكرًا

فعله والده..!!!!

زفر وتحرك بطريقة عشوائية طائشة يفكر في حل ما…اخرج هاتفه من جديد وحاول الاتصال بـ “خالد” فكانت النتيجة

كسابقتها

دون جدوى….

رفع يديه وكاد يحطم هاتفه لولا تراجعه باللحظة الاخيرة…و وقوع عيناه على بوابة قصر عائلة الحلواني التي لا تزال مفتوحة على مصراعيها….

لاحت بسمة خفيفة على وجهه وأسرع في خطاه نحو البوابة الذي لم يمانع الحارس الخاص بها مروره لمعرفته إياه…

وقف أمام الباب

واستجمع

شتاته

وهمس مع نفسه:

-يلا يا جابر..بكل هدوء قولهم انك عايز اوضة تنام فيها لحد الصبح ما

يشقشق

….

طرق على الباب عدة مرات متتالية منتظرًا فتح أحدهم له…

كان يتحرك مروان تجاه الدرج كي يصعد غرفته حيث كان يشعر

بإعياء

شديد وألم

بجوفه

جاعلًا

إياه يرغب بشدة في ولوج دورة المياه…

جذبه صوت الطرقات على الباب..

فانكمش

وجهه

انزعاجًا

وعاد الخطوات الذي تقدمها ودنا من الباب وهو يتلوى من الألم..

قام بفتحه فوجد أمامه ذلك الغليظ الوقح

مبتسمًا

له بأتساع

كاشفًا

عن أسنانه…

-ازيك يا

اونكل

؟

تحدث مروان بتشنج

متلويًا

بحركته

لافتًا

أنظار جابر إليه:

اونكل

في عينك عايز ايه يالا؟؟؟

لم يبالي جابر بحالته وقال ما جاء من أجله:

-طب نخليها يا عمو؟ ينفع

تدوني

اوضة انام فيها انهاردة اصل بابا طردني….

رد مروان بصعوبة ومن بين أسنانه بنبرة سريعة:

-حد قالك أن هنا فندق يا روح امك…يلا يا ياض من هنا…يلا بدل ما افتح

نفوخك

اغلق الباب في وجهه سريعًا وتحرك بسرعة البرق

ملتهمًا

الدرجات

متجهًا

لغرفته قاصدًا المرحاض…..

غافلًا

عن ابنته التي تناهى إليها ما حدث مع الآخر……

*************

انفرج باب حجرة “وئام” على مصراعيه وصاحبه صوت ثراء المنادي

بأسمها

:

-وئام…وئام…الحقي…

ذُهلت

وئام من اقتحامها فكانت على وشك الخلود بالنوم…وقالت:

-في ايه…

أغلقت الباب وهتفت بخفوت:

-جابر جارنا اطرد من بيته يا حرام..سمعته بيقول لـ بابا وبابا طبعا قفل في وشه…

حركت وئام رأسها

بلامبالاه

:

-ايوة عايزة ايه بقى؟!

-هو ايه اللي عايزة ايه بقولك اطرد حرام ينام في الشارع…

تجعدت

قسماتها سخرية وعلقت باهتمام زائف:

-يا حرام طب نجيبه ينام في

حضننا

يعني ولا إيه…احنا مالنا ما

يغور

في ستين داهية….

اتسعت عين ثراء من

جحودها

وقسوة قلبها وقالت بعدم تصديق:

-أنتِ بتقولي ايه حرام عليكي…يعني لو

لقيتي

قط مشرد مش

هتعطفي

عليه….ولا

هتحطيله

اكل او شرب…

انفعلت

وئام وهتفت

بانزعاج

:

-ايه دخل ده بده..ده اهبل ده ولا ايه عايز ينام في بيتنا عادي كدة..هو احنا نعرفه…هما

هيتصاحبوا

علينا؟؟؟

تحايلت

عليها وقالت محاولة

اقناعها

كي تأتي معها:

-طب عشان خاطري خلينا

ناخدله

بطانية من هنا..

ونفتحله

اوضة الجنايني اللي في الجنينة ينام فيها….

رغبت وئام بالرفض لولا إلحاح اختها فنهضت معها

رغمًا

عنها….

تسللوا من الحجرة حاملين إحدى الاغطية

ملتفتين

حولهم من حين لآخر..

خوفًا

من أن يراهم أحد….

هبطوا الدرجات غافلين عن تلك التي

رأتهم

ولحقت بهم…وما أن هبطوا الدرجات وكادت ثراء تلتفت برأسها كي تتفقد الدرجات خلفها..حتى وجدت وعد تمسك بهم من

تلابيبهم

كالشرطي

الذي قبض على مجرم للتو..قائلة:

قفشتكم

رايحة فين يا قطة انتِ وهي وايه البطانية دي؟؟؟

حمدت ثراء ربها بينما شعرت وئام

بالحنق

ونفضت

يديها عنها متحدثة من بين اسنانها:

-يا ستي

ابعدي

عني مش

نقصاكي

اووف

شهقت وعد بخفوت قائلة بتهكم:

بتأففي

ليه يا بنت مروان..بت

العلقة

اللي كنتي

بتاخديها

زمان وحشتك ولا إيه؟؟؟؟

فضت ثراء تلك

المشاحنة

الطفيفة بين الاثنان موضحة لها:

-يا وعد ده احنا بنعمل خير..عارفة جابر جارنا…

-أبو قميص بنفسجي ؟ ماله !

ردت ثراء بهمس:

-اطرد

وهخرج

اديله

البطانية دي

وهنقعدة

في اوضة الجنايني لحد الصبح حرام…

اتسعت عيناها وصاحت بهم :

-نعم يختي

تخرجيله

كدة

لوحديكم

افرضي

اتحرش

بيكم..؟؟؟تضيعوا…شرفنا

يتمرمغ

في الوحل!!

-يتحرش ايه و وحل إيه بس يا وعد الله يكرمك بلاش غباء….

قالتها ثراء بتذمر أشبه بالاطفال فردت وعد عليها:

-والله ما حد غبي غيركم..انا جاية معاكم ولو طلع فخ والواد عايز يتحرش هخليه يندم

واخليه

مش نافع

واضيع

مستقبله…يلا ورايا….

*************

جاور “أشرف” عابد جلسته على الأريكة…حدق

بالتلفاز

ثوانِ ثم خرج صوته

مترددًا

قلقًا

:

-عابد..اخوك صعبان عليا..آه هو غلط وكل حاجة..وانا مش معاه في اللي عمله..بس هيروح فين دلوقتي؟؟؟ ده الجو برد تاني

والموجة

الحارة بتاعة الكام يوم اللي فاتوا شكلها

هتخلص

على حظه الفقري….

رد “عابد” بهدوء دون أن يحرك عيناه من أعلى الشاشة:

-يستاهل..عشان يحرم

ويبطل

قلة ادب وبعدين مش

هيغلب

ده..

هيتصرف

..

انفعل “أشرف” وشعر بالضيق لاجله:

هيتصرف

يعمل إيه يعني..

عقب

بلامبالاه

:

-ممكن يروح

لخالتك

نجلاء سهلة..

نفخ “أشرف” و ولجت دلال بتلك اللحظة وبين يديها غطاء سميك…

-قوموا خرجوا ده

لاخوكم

اكيد لسة واقف برة يا قلب امه…..وانا

هطلع

احاول مع ابوكم…يلا..

متسبوش

اخوكم…واعملوا حسابكم لو ابوكم فضل راكب دماغه

تاخدوه

لخالتكم

نهض أشرف والتقط منها الغطاء

منصاعًا

لطلبها…ثم طالع عابد بنظرة ذات مغزى وكأنه يرجوه كي يأتي معه….

غادرت دلال تزامنًا مع نهوض عابد الذي قال بخبث:

-أنا هاجي بس مش عشان صعبان عليا لا..عشان

اشمت

فيه شوية….يلا..

**************

ضرب “جابر” سور عائلة الحلواني الخارجي بعدما رفض مروان مكوثه لديهم تلك الليلة مغمغم:

-طب اروح فين…اروح فين؟؟ حتى الفلوس اللي معايا مش

هتكفي

اقعد في اوتيل…اروح عند خالتي نجلاء؟؟؟

نهر ذاته على تلك الفكرة وقال:

-لا انت

اتجننت

يا جابر عايز تقعد عند خالتك وعيالها

الملزقين

دول….

هنا وتوقف عن ضرب الحائط

مستشعرًا

بالبرودة…فرفع ذراعيه

مربتًا

على كلا ذراعيه محاولًا تدفئه ذاته…

التفت كي يجلس على الأرضية فوجد كلا من وعد وثراء و وئام يقتربون منه…

لكنه لم يهتم بسواها…حيث تناسى ما يشعر به من برودة شديدة…و وضعه المخزي..وهيئته المزرية….وارتكزت عيناه وحواسه معها فقط…..

تنهد بحرارة حتى وجدها تقف أمامه بالمنتصف بين الاثنان وتمد له ذراعيها بذلك الغطاء مردفة :

-أنا سمعتك وانت بتكلم مع بابي… وبصراحة صعبت عليا…فجبنالك الغطا ده وكمان في اوضة للجنايني هي فاضية دلوقتي فـ ممكن تنام فيها…..

ابتسم لها بامتنان شديد وعلق بأعين لا ترى إلا هي:

-اول حاجة يعني مساء الجمال والأناناس…ويعني بصراحة مش عارف اقولك ايه..بس يسلملي الطيب…القم

اوشك على التغزل بها لتفزعه وعد التي صرخت به وهي ترفع يديها تمسكه من ملابسه:

-مالك يالا ما تتعدل انت هتعاكسها قدامي..وبعدين هو انا وأختها مش مالين عينك…ايه البجاحة دي؟

ابتلع ريقه وكاد يفتح فوهه ويلقي الكثير من الكلمات البذيئة على أذن وعد لكن كلمات ثراء أوقفته:

-بس يا وعد عيب كدة…سبيه…

تركته وهي تعلق باهتياج:

-عيب في عينك..بت اتعدلي بكف ايدي وعلى وشك وربنا…..

قلبت وئام عيناها مللا من مشاحنتهم تلك…ثم خرج صوتها مصوبة حديثها إليه:

-طردوك ليه من البيت؟؟؟

رد على الفور مدافعًا عن ذاته:

-ظلم..اه والله ظلم…ميغركوش أنهم بيعاملوني حلو قصادكم لا…الحقيقة أننا عائلة تعيسة….او بمعنى أصح انا هو الشخص التعيس من بينهم وكأنهم وجدوني أمام زريبه وليس كبده فلذهم….أني أتالم حقًا..

تجعد وجه وعد وقالت مشمئزة من طريقته بالحديث:

-بقولك إيه؟؟

نظر لها مجيبًا باستفسار:

-ايه؟؟

-ما تعدل لسان امك ده بروح امك بدل ورب الكون انخفض لمستوى خفي المنزلي المتواجد بقدمي الآن وانزل بيه على قفاك ولن اتركك الا وانت مصاب وتتألم على حق..

انفجرت ثراء و وئام بالضحك ما أن انتهت بينما علق جابر بحاجبين معقودين:

-ما هذا ؟؟؟؟خربتي اللغة يا إمرأة!!!

-ده انا هخربك انت شخصيًا…وبعدين مين فينا اللي خرب اللغه انا ولا انت يا ولا ده انت خسارة فيك المساعدة وحلال فيك الطرد وبعدين متفرحش اوي كدة…ده احنا لو لقينا كلب في الشارع وعايز مساعده هنساعده..بس انت متستاهلش……يلا يا بت أنتِ وهي قدامي..انا غ

-ايه ده في ايه؟؟؟؟؟؟؟

لم تنهي جملتها لاستماعها لذلك الصوت التي باتت تدرك هوية صاحبه..التفتت له على الفور وهتفت بتشنج واضح:

-في ايه انت؟؟ هو حد كلمك انت كمان..

كذلك التفتت ثراء و وئام…وسرعان ما تجهمت قسمات وئام…بينما غضب عابد من تواجدها خارج منزلها بذلك الوقت..والاسوء أنها برفقة شقيقه….ولا يدري عما يتسايرون؟!!!

-أنتوا ايه اللي مخرجكم دلوقتي؟؟

قلبت وعد عيناها غضب بينما تجاهلها أشرف مما زاد مقطها وتمنت خنقه وقتله بالحال!!

رد “جابر” عليهم ببسمة واسعة متحدث بتفاخر لتواجد الثلاث لمساعدته:

-جبولي بطانية…وهيخلوني انام في اوضة الجنايني…..

تحولت أعين عابد للسواد ما أن تخيل تواجد أخيه بالداخل…فتحدث بخشونة وغيرة:

-ليه إن شاء الله من بقيت اهلك عشان يساعدوك….

هنا وجحظت عين وعد وقالت مبتسمة ساخرة وهي تشير نحو الشباب:

-لا انتوا عايزين تتربوا بقى…ايه قلة الأدب دي انتوا متربتوش خالص كدة….

أما وئام وبدون أن تشعر فارقت مكانها واقفة قبالة “عابد” مخرجة الغضب الذي يكمن داخلها منذ أن رأته مجددًا وسكن جوارها…

-ايه من بقية اهلك دي ما تكلم بأسلوب راقي شوية ولا انت ما بتعرفش تكلم؟؟ ايه ما بتتعاملش مع بني آدمين ولا إيه…

باغتها باجابته العابثة التي فاقمت غضبها ورغبت بصفعه على وجهه:

-لا متعاملتش مع بني آدمين كل اللي اتعاملت معاهم بهايم….مبيحسوش..أنانين….وبيلعبوا بمشاعر الناس…

بينما انشغلت وعد بـ اشرف وتركت وئام تتشاجر مع ذلك الشاب….ودنت هي عدة خطوات منه…أما ثراء فكانت تتابع ما تفعله كل منهم …مدركة ما بين وئام وعابد أما وعد واشرف لا تفهم شيء..ولكن يبدو انهم يعلمان بعض من قبل..ترى هل يعشقان بعضهما البعض؟؟

خطر هذا السؤال بعقلها..ولم ينتشلها من أفكارها سوى جابر الذي صدح رنين هاتفه منذ لحظات معلنًا عن اتصال من “خالد” والذي أخبره بأنه بالقرب من منزله وأنه سيكون أمامه خلال خمس دقائق…

همس جابر لها بخفوت:

-بقولك إيه؟؟

طالعته بحدقتان يشعان فضول فقال متأملًا ملامحها:

-مساء الجمال والأناناس بقى…متركزيش معاهم سيبيهم يتخانقوا وخلينا احنا واقفين مع بعض..خالد صاحبي جاي وهخليه يشوفلي مُكنة انام فيها….

-مُكنة.!

رددتها بدهشة فأماء مؤكدًا:

-اه مطرح يعني…

هزت رأسها بتفهم وقالت مشيرة تجاه أشرف و وعد:

-بقولك إيه هو اخوك يعرف وعد؟؟؟

-لا مظنش…أشرف مش خلبوص…ولا بيحب الهلس…

عادت تطالعه وقالت مستفسرة ببسمة طفيفة زادت من خفقاته:

-وأنت؟؟ بتحب الهلس؟ وخلبوص!!

رد بإعجاب ونبرة ذات مغزى وصلت إليها على الفور:

-لا أنا بحب حاجات تانية…زي الاناناس كدة….

على الجانب الآخر تحديدًا وئام وعابد..

-والله!!!! مش يمكن أنت اللي بتدي قيمة لنفسك اكتر من اللي تستحقها؟؟

رددتها بسخرية جعلته يجيبها بانفعال وعروق عنق متشنج:

-لا أنا لو غلطان فعلا فغلطان عشان بدي لشوية ناس ميستحقوش قيمة…عارفة أنتِ العشم الزيادة..عشم انك تلاقي اللي قدامك مقدرك ومقدر حبك….عشم أنه يبادلك حبك وعشقك وانه يحس بيكي وفي الآخر يخذلك..

حافظت على ملامحها قدر المستطاع تتابع تعبيراته التي يليح عليها الألم والوجع والخذلان الحقيقي..

تابع “عابد” كلماته بصوت خافض متألم:

-عارفة زي إيه؟ زي بضبط حد يفرحك ويرفعك لفوق…فوق..ويفضل يرفع فيكي…وهوب فجأة تلاقي نفسك واقعة على وشك…..وكل أحلامك اللي بنتيها اتبخرت وراحت…!!!

-أنت بتقول ايه؟!! عشم ايه وخذلان إيه؟؟هو انا كنت عشمتك بحاجة!! مش ذنبي ان سقف طموحاتك علي وكنت فاكر أني ممكن أكون ببادلك مشاعرك أو حبك… أنا محبتكش يا عابد ومش هيحصل…متحلمش..

قالت الاخيرة بأسف شديد وهي تمد يدها بوقاحة تمسد على صدره باعتذار زائف….

اخفض بصره ببطء شديد يطالع يدها الموضوعة على صدره…. وبحركة سريعة كان ينفض يدها بعيدًا عنه…. متمتم ببرود قاتل وكأنه بات بتلك الثوانِ شخص اخر يناقض ذلك المتألم مسببًا في شعورها بالغضب:

-يقطعني…هو انا مقولتلكيش…مش انا بطلت احلم….وبطلت اللي يعطلني…اللي واقف قدامك ده هيخليكي تحفي وراه يا آنسة وئام..

صمت عقب قوله الأخيرة متقدمًا خطوة واحدة مائلًا للأمام قليلًا قاصدًا أذنيها هامسًا لها بشر ليس له مثيل وأعين يقفز منها الأسى والوجع:

-هتحبيني أضعاف حبي ليكي سابقًا وساعتها هشوطك برجلي…هدوقك اللي عملتيه فيا أضعاف أضعاف…بس انا عايزك تستحملي…مش عايزك تنخي بسرعة….

ابتعد عنها فأبتسمت له على الفور لا تصدق كلماته….متمتمة ببرود وهي تحرك منكبيها:

-مفيش فايدة فيك لسة بتحلم !!؟ وطموحك عالي اوي ودي مشكلتك..

في ذات الوقت على الطرف الآخر..

-هو أنتِ علطول دمك حامي كدة ولسانك سبقك ؟!

ألقى “اشرف” سؤاله على مسامعها فأجابته راسمة بسمة بلهاء ساخرة في ذات الوقت :

-اه اصل وانا في بطن امي كانت بتتوحم على فلفل حامي عشان كدة تلاقيني بحرق…ودمي حامي….

التفتت حولها خاطفة نظرة نحو البقية لتجد وئام منشغلة بالحديث مع عابد وكذلك ثراء رفقة جابر…

لمع الخبث بعيناها وهتفت بخفوت شديد وهي تغمز له بعيناها اليمنى:

-مش هتقولي برضو يا أشف سرقت مين؟ قول قول متكسفش يا راجل..

تابعها بأعين ضيقة وما أن انتهت حتى أخذ نفسًا عميقًا زفره على دفعات متتالية ثم هتف بنفاذ صبر وخفوت:

-طيب بصي يا اسمك ايه أنتِ…انا مش طايقك حقيقي عشان بتفكريني بأسوء يوم مر عليا…و

كاد يخبرها بكل شيء…والسبب الحقيقي وراء تلك الفعلة الشنيعة التي لم ولن يكررها مجددًا..لكنها لم تتحمل السكون وإلزام الصمت…مرددة من بين أسنانها بطريقة افزعته وباغتته قليلًا:

-حوش يا واد الحب اللي انا بحبهولك…انت نسيت نفسك يا حرامي..وياريتك حرامي متمكن كدة وناصح…لا ده انت فضيحة…

-أنتوا بتعملوا إيه هنا؟؟؟؟؟؟؟؟

قاطعهم ذلك الصوت الأنثوي التي كانت صاحبته “أبرار” والتي صُدمت من وقوفهم رفقة هؤلاء الشباب…وكأنهم عشاق سريين..

التفتت لها الجميع فأبتعدت وئام عن عابد واجابتها مشيرة تجاه جابر:

-مبنعملش كنا بنساعد الشخص الغلط…

عبس وجه جابر وأشار تجاه وئام بسبابته مصوبًا حديثه لـ ثراء:

-شايفة عشان تبقي شاهدة بس والله لولا أنها اختك لكان بقى ليا تصرف تاني…

صفت إحدى السيارات أمامهم وهبط منها “خالد” الذي استفسر منهم وعيناه تجوب على الفتيات:

-في حاجة يا شباب؟؟

فارق جابر مكانه واقترب منه ببسمة سعيدة:

-حبيبي يا خلودة والله…بقولك ايه عندك مُكنة انام فيها انهاردة؟

اماء له برأسه ولا يغيب عنه تلك النظرات النارية المتبادلة بين عابد وإحدى الفتيات..وكذلك أشرف…

-اكيد عندي…

توقفت عيناه فجأة وثبتت على “أبرار” التي كانت تنظر إليه..وما أن تقابل بصرهم حتى شعرت بالحياء والخجل يتسللان إليها واخفضت بصرها على الفور….

لكن فزعها صوت مروان من خلفهم والذي قام الحارس بمناداته بعدما تسلل خلسة واخبره بما يحدث بالخارج…

-يا حلاوة….يا حلاوة…بتعملي ايه هنا أنتِ وهي….ما تنطقوا…إيه طرطور انا ولا ايه!!!!!!!!!!!

برقت عين جابر وهمس لخالد بقلق طفيف من القادم من ذلك الأب المجنون كما أطلق عليه:

-اركب بسرعة وطير بينا…يلا…يلا…

بالفعل استقل السيارة فذهبت اعين مروان ناحيته وركض صوبه لكنه كان قد غادر وهرب من براثنه تاركًا اشقائه والفتيات خلفه….

سبه أشرف في سره بينما توجهت أعين مروان ناحيته هو وعابد واستغلت الفتيات ذلك وهربوا والجين المنزل…

حاول عابد الشرح وتوضيح الصورة له لكن رؤيته لما اوشك مروان على فعله جعلته يهرول سريعًا رفقة أشرف …مردد بصوت عالي:

-اجري يا أشـــــــرف…..

خلع مروان حذائه وركض به خلفهم مصيحًا بهدر:

-ورحمة أبويا لو شوفتكم قربتوا ناحيتهم تاني لهشرب من دمكم يا ولاد الكلب..بنات الحلواني خط أحمر……لا مش خط أحمر واحد دول ميت خط أحمر….وبكرة ليا كلام مع ابوكم يا أوباش….

__يتبع__

فاطمة محمد.

الفصل مش كبير زي كل مرة بسبب ظروف عندي بس

اوعدكم

الفصل الجاي يبقى طويل ومليان احداث هتعجبكم بأذن الله ومتنسوش تقولولي رأيكم

وتوقعاتكم

الجاية وكدة كدة الفصل الجديد مش بعيد ده بعد

بكرة

❤️❤️😘

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق