رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الثاني والتسعون 92 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثاني والتسعون

الفصل الثاني والتسعون

الفصل الثاني والتسعون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الثاني والتسعون:

لم يصدق عابد ما سمعته أذنيه، وظن بأنه يتوهم موافقتها وبأنها لم تنطق بعد..

لكن حديث مروان المصوب له و الذي جاء عقب موافقتها هو ما أكد له بأنه لا يتخيل، بل حقيقة، وهي وافقت أخيرًا على العودة إليه.

“ومدام هي وافقت، فـ أنا مستنيك بليل عشان نتكلم ونتفق و

لم يتابع مروان وتوقف عندما رأى نظرات عابد المثبتة على وئام ولا تتزحزح أبدًا..

رفع يده ومدها نحو ذقنه يجبره على ابعاد انظاره عن ابنته والنظر إليه بدلًا منها متمتم:

-بص لي أنا يا حبيبي، ركز معايا كنت بقول تيجي بليل و

حرك عابد رأسه مرة أخرى يطالعها فتحاشت نظراته وازدردت ريقها متطلعة بـ ثراء التي ابتسمت رغمًا عنها من رد فعل عابد.

كاد مروان يحرك رأسه تجاهه مرة أخرى لولا تحدثه تلك المرة، قائلًا بصدمة سرعان ما تحولت لسعادة كبيرة لا مثيل لها:

-أنا مش مصدق أنك وافقتي !! انا سمعت صح مش كدة، أنتِ وافقتي ترجعيلي وابوكي واقف بيتفق معايا عشان اجي بليل صح؟؟

نفى مروان برأسه وهو يربت على كتفيه:

-لا يا حبيبي مش صح، أنت سمعت غلط وهي رفضت وأنت نايم اصلا مش صاحي، كمل نوم يلا.

اوشك على التحرك جاذبًا وئام معه، فلحق به عابد متمتم بلهفة تشكلت على محياه:

-أنت واخدها ورايح على فين دي خلاص وافقت يعني هتبقى مراتي…

ثم نظر لوئام التي ظلت تتحاشاه، ومن شدة التخبط والسعادة رغب في ضمها مقتربًا منها بحركة مباغتة، وقبل أن يمسها كان مروان يقف له بالمرصاد وبعينيه المتسعة سخطًا:

-هوب هوب هوب، أنت بتهبب ايه، أنت عايز تحضنها قدامي؟ أنت عبيط؟؟

وببسمة متوترة رد عليه معتذرًا يبرر له هذا التهور والإندفاع:

-أنا آسف بس أنا فرحان وبعدين هي مراتي قصدي هت

-لسة يا أخويا مبقتش مراتك لما تكتبوا الكتاب ابقى اعمل اللي تعمله.

جاء تعقيب على حديث مروان ولم يكن صاحبه سوى جابر والذى عاد مرة أخرى، متمتم بتحدي:

-أنا لو منك مسمعش منه وعندًا فيه بقى أ

لم يتابع بفضل اندفاعه وركضه من مكانه إلى الخارج مرة أخرى هربًا من مروان الذي ما أن رآه وسمع صوته الغليظ حتى هرول من مكانه وهو يقوم بطي أكمام قميصه..

تاركًا كلا من ثراء و وئام رفقة عابد وبعض من عمال المتجر المتابعين لما يحدث خلسة..

ترددت ثراء بعد إلحاق والدها بجابر الذي أعلن رغبته بالزواج بها وطلبها من مروان، قائلة بتوتر:

-عابد مش أحسن تخرج تشوف أخوك، بدل ما بابا يبطحه بحاجة.

وببسمة وراحة كبيرة رد عليها دون أن يزيل حدقتاه عن وئام، متقدمًا منها عدة خطوات:

-متخافيش على جابر، ياما اتبطح ودماغه اتفتحت.

شعرت وئام بالخطر، وانعكس ما يدور بداخلها على وجهها، فحاولت الهروب لكنها فشلت واستمعت لحديثه الهادئ الحنون:

-أنا النهاردة أسعد راجل على وجه الأرض، وعايزك تبقي واثقة أني هعوضك وأن اللي جاي أحلى وأحسن بعون الله.

هنا ونظرت داخل عينيه فلا تندم على موافقتها وانهاء ما يحدث، بل تتمنى أن تكون حياتهم القادمة سويًا أكثر سعادة وتفهمًا، فالاثنان ارتكبا أخطاء وتعلما منها، تقربا من الله عز وجل وأصبحا أكثر علمًا بدينهم..

وسيتجنبون أخطائهم السابقة وبالطبع لن يكرروها مرة أخرى…..

خرج صوتها مبحوحًا، هادئًا في ذات الوقت:

-يــارب.

على الجانب الآخر، لم يتوقف مروان عن الركض خلف جابر والذي كان يلتف برأسه من حين لآخر يختطف النظرات نحوه، لا يبالون بمشاهدة الناس ما يحدث، فكل ما كان يشغل ذهن جابر هو الهروب، أما مروان فكان شاغله وهمه الأكبر أن يمسك به ويطوله و وقتها لن يتركه وسيتجرد وقتها من الرحمة أو الشفقة.

وعندما طال هذا الركض صرخ جابر عليه والذي كان يتنفس وقتها بصوت عالي وصدره يعلو ويهبط بشدة:

-كـفـاية يخربيتك، أنا تعبت، جايب الصحة دي منين، ده انا اصغر منك وتعبت …..

اسرع مروان من خطواته الراكضة والذي بدأ يشعر بالإنهاك ولكنه لم يرد أن يظهر هذا، واجابه بقوة وصوت عالي وصل إليه:

-قر بقى قر يا بن القرارة، وربنا ما هسيبك، بقى عايز تجوز بنتي أنا، لا وبجح فاكرني هوافق..

رد جابر عليه وهو يصطدم بكتفيه برجل مار من جواره:

-ومتوافقش ليه هو أنا كخة، ده أنا شاب ممتاز، اي فتاة تتمنى نظرة مني وحياتك.

-يخربيت الفشر، أنت كداب ليه ياض، كداب ليه ثم أنا ادي بنتي لواحد كان منحرف زيك ليه؟؟؟

هنا وتوقف جابر عن الركض والتفت إلى مروان بانفاسه المتسارعة وبكل قوة وشجاعة كان يتقدم منه وهو يجيب على استفساره:

-عشان توبت، وعرفت غلطي وكرهته، ومدام كرهته يبقى مش هرجعله، انا عايز ابدأ من جديد مع اللي اختارها قلبي واللي هي من سوء حظي ودعوة أمي و دونًا عن رجالة عيلتك كلها بنتك أنت.

قبض مروان على تلابيبه وهو يجيب عليه فمازال ظنه السئ نحو مستمر:

-وانا ليه دونًا عن الرجالة كلها اجوزهالك انت يا منحرف.

وضع جابر يديه على يد مروان يدافع عن نفسه:

-وربنا توبت خلاص، ودلوقتي مفيش في القلب غير بنتك،ا عمل فيا جميلة بقى وجوزنا..

شعر مروان بالانهاك والتعب وحرر جابر وهو يعلق بزهق وضجر:

-اعمل أنت فيا وفي بنتي جميلة وابعد عنها.. عارف لو بعدت هحبك، وربنا هحبك..

رد جابر عليه بلهفة:

-طب ما تعمل أنت الجميلة وجوزنا وانا اللي وربنا هحبك فوق حبي ليكي.

-يا بني هو أنت مبتزهقش، طب ما بتتعبش؟؟

-اهو شوفت بقى مين اللي بيقر على مين دلوقتي، وبعدين أنا فيا إيه وحش؟؟؟ عد عندك، شاب وسيم، خلوق، غني غناء فاحش، شيك، يغض بصره، ويؤدي صلاته، وعنده عربية وبيحب بنتك، أنت ليه طماع؟؟

عض مروان على شفتيه من الداخل اثناء حديثه، وما أن أنهى حتى صاح مسببًا فزعه:

-طب بص بقى يا وسيم يا غني، بنتي تنساها، تمحيها من ذاكرتك، عشان مش هطولها، ولو هطولها هيبقى في حالة واحدة بس وهي أنك تشوف حلمة ودنك، فلو شوفتها ابقى تعالى وقتها واطلبها.

ابتسم جابر وقال بسعادة ولهفة وهو يخرج هاتفه ويأتي بالكاميرا الأمامية:

-طب استني..

ضيق مروان عينيه وهو يرى فعلته ويراقب تصوير جابر لحلمة أذنه..

قام جابر بتصويرها ثم مد يده بالهاتف المفتوح على صورة اذنيه متمتم وهو يحدق بها:

-اهو، ادي حلمة ودني واديني شوفتها، وأنت قولت لما تشوف حلمة ودنك واديني شوفتها وقدام عيونك، يلا جوزني بنتك دلوقتي.

كز على أسنانه وقبض على ملابسه مرة أخرى وهو يتمتم:

-أنت عايز تشلني ياض؟؟ عايز تجلطني، حلمة ودنك مين اللي شوفتها، بقولك ايه انسى بنتي عشان مش ليك طول ما أنا عايش وبتنفس..

دفع جابر يد مروان وملامحه تتبدل وتتغير لآخرى تنذر بالشر، متحدث بنبرة جديدة نجحت في دهشة مروان وجعله يشعر بالخوف البسيط:

-يبقى أوقفك عن التنفس وأقطع نفسك، يلا أجري ورايا تاني لحد ما نفسك يتقطع وتموت يلا..

رفع مروان رأسه للسماء وهو يهتف:

-يارب خده عشان هيشلني.

فعل جابر المثل وقال:

-يارب خده عشان اتجوز بنته يارب…

برقت عين مروان فتابع جابر مهددًا إياه واضعًا مزحه ومرحه جانبًا محاولًا إخافته كي يرضخ ويوافق:

-بص بقى يا حمايا العزيز عشان واضح أن الأدب مش نافع معاك، بنتك دي تخصني وسبق وقولتلك أن أي دكر بط هيفكر يهوب منها هقتله وقولتلك أني هقتلك إنت كمان، فوافق كدة بالحسنى وخلينا أحباب احسن…

-ولازمتها ايه حمايا العزيز ها، اقولك على حاجة أعلى ما في خيلك اركبه، وابقى وريني هتجوزها إزاي…

_____________________

استيقظت أبرار أولًا، ونهضت وأخذت لها ملابس أخرى من الخزانة، ثم ولجت دورة المياه وابدلت ملابسها..

وبعد وقت كانت تخرج من الغرفة بأكملها تاركة خالد يغط في سبات عميق، متجهه نحو غرفة وسام كي تقظه، ولكنها توقفت ولم تتابع طريقها بعد أن وجدته مستيقظ ويشاهد التلفاز ويتابع إحدى الأفلام.

تبسم وجهها وقالت وهي تغير مسارها وتتقدم منه:

-صباح الخير يا وسام؟ أنت صحيت امتى؟

رد عليها بهدوء:

-صباح النور، أنا صحيت من شوية.

جلست جواره على الأريكة وهي تستفسر منه مداعبة خصلاته بحنان شديد:

-طب ومصحتنيش أنا أو بابي ليه عشان نقوم نقعد معاك؟

هز كتفيه بعدم معرفة، متمتم بطفولية:

-مش عارف، حسيت اني عايز اقعد لوحدي أفكر.

ارتفع حاجبيها من طريقة حديثه التي لا تليق أو تلائم عُمره بالمرة، وسرعان ما تخطت هذا الحديث وسألته:

-طب إيه مش جعان؟؟

-كلت كورن فليكس، بس لو هتأكلي ممكن أكل معاكي تاني.

ابتسمت له وقالت وهي تنهض وتحمله وتتحرك به صوب المطبخ:

-مفيش ممكن هو هتأكل، أنا هحضر الاكل ونصحي بابي أنا وأنت عشان ناكل سوا، ماشي؟

هز رأسه بموافقة، و وصلت به المطبخ واجلسته أعلى مقعد يتواجد به، ثم سألته:

-قولي تحب تاكل ايه دلوقتي.

-عايز بطاطس مقلية، ومربى.

-عيوني.

وعلى الفور بدأت بإعداد الطعام، وبتلك الاثناء كان الصغير يتابعها، وبرق سؤال بذهنه فسارع ينادي عليها كي يلقيه عليها:

-مامي، هو أنتِ كدة مش هتروحي بيتك تاني وهتفضلي هنا معايا أنا وبابي صح؟

استطاع حديثه رسم البسمة على ثغرها وإسعادها مجيبة عليه بحب:

-لا يا روح مامي، مش هروح في حتة، أنا هفضل معاكم دايما.

جاء صوت خالد يؤكد هذا وهو يدنو من ابنه ويقبله على وجنتيه:

-ده بقى بيتها يا وسام خلاص، بس طبعا لو حبت تروح بيتها الاولاني تشوف أهلها وتزورهم مش هنقولها لا، ولا أنت ايه رأيك، نقولها لا؟؟

نفى وسام يرفض هذا، متمتم:

-لا منقولهاش لا، نقولها آه علطول، وبعدين أنت صحيت ليه، إحنا كنا هنصحيك، يلا روح نام تاني.

اغمض خالد عين واحدة ورد عليه وهو يمد يده للإمام بمستوى صدره قائلًا بمزاح:

-أنا اصلا لسة نايم، بس ساعات بمشي وانا نايم، حتى شوف..

ثم سار عدة خطوات وهو على هذا الحال، فتركت أبرار ما تفعله وقالت من بين ضحكاتها:

-روح يا خالد يا حبيبي اغسل وشك وسنانك عقبال ما اخلص، وبطل كلام، صدعتني انا و وسام..

انزل يديه وتخصر بهم متمتم بامتعاض:

-يا سلام يختي وأنتِ بتكلمي بلسان ابني ونيابة عنه ليه، اتكلمي عن نفسك بس.

تحدث وسام وساند أبرار بحديثها يؤكد له كلماتها:

-لا وعني عشان أنا برضو صدعت.

حدق خالد بالاثنان وقال ببسمة ساخرة:

-اه انتوا شكلكوا اتفقتوا عليا، بس خلوا بالكم انا مش سهل، أنا..

قاطعه وسام وتابع بدلا عنه يسخر منه:

-ديب زي جابر واللي يلعب مع الديب يستحمل التعذيب.

-لا يا واد أنا مش ديب أنا أسد، وداخل اغير قبل ما اكلك هم هم………..

_____________________

عاد جابر إلى المتجر بعد رحيل كلا من عابد و مروان ولم يتبقى سوى الفتيات مع العمال به..

وتلك المرة كانت ملامحه جديه للغاية و تعمد تجاهل ثراء، وطلب من وئام الحديث معها.

لبت له طلبه و وقفت معه جانبًا كي تسمع ما لديه، فقال بذات الجدية التي ترتسم على محياه:

-أنتِ طبعا عارفة اونكل مروان شايفني ازاي ومش طايقني ازاي، وأنا بفركش خلاص وبحب ثراء وهو مش موافق، وأنا مش هينفع اسيبها أو اتخلى عنها، فأرجوكي ساعديني.

ابتلعت ريقها ولمست صدقه، مما جعلها تسأله:

-أساعدك إزاي، بابا دماغه ناشفة، وبجد موضوعك صعب.

-بس مش مستحيل، أنتِ بنته وحفظاه وفهماه وعجناه وخبزاه، قوليلي ثغراته، وممكن ادخله منين، وايه اللي ممكن يخليه يوافق؟؟

منعت بسمتها من الارتسام على وجهها فجديته قد تبخرت وحديثه بات يجبر من أمامه على الضحك..

اختطفت نظرة نحو ثراء المتابعة لهم خلسة، ثم نظرت إليه وأخبرته:

-هو أنت ممكن تكلم مع عمو سليم أوعمو بسام، يعني لو حد منهم اتكلم مع بابا إن شاء الله هيوافق وهما دلوقتي هتلاقيهم في البيت.

اتسعت بسمة جابر وصاح يهلل داعيًا لها وهو على مشارف الرحيل لا يترقب ردها:

-روحي ربنا يباركلك، روحي الهي تربحي ما تخسري، روحي إلهي يسعدك زي ما أسعديني، وأنا حقيقي، بجد مش هنسالك الموقف والجدعنة والشهامة دي كلها….

رحل كي يفعل ما أخبرته بها ويتحدث مع سليم وبسام، الاثنان معًا وليس واحد فقط..

دنت ثراء من وئام بعد رحيله تسألها عما حدث ودار بينهم:

-في إيه وكان بيكلم معاكي في ايه، وماله هلل كدة ليه وقعد يدعيلك؟

تذكرت وئام ما فعلته معها وكيف انحازت إلى عابد فقررت أن تفعل المثل بها وتذيقها من ذات الكأس مرددة:

-معرفش ابقى اسأليه…

________________________

-بــابــا، بــابــا…وئام وافقت، خليل وئام وافقت يا خليل وأبوها مستنيني بليل عشان نتكلم…..

هكذا القى عابد المندفع نحو والده وخليل بعد أن رأهم يتحدثون سويًا داخل المطعم، فلم يتحمل الوصول إليهم واخبرهم بما لديه من أخبار سعيدة قبل وصوله.

تبادل خليل و سلطان النظرات بعدم استيعاب وفهم نظرًا لحديثه السريع..

سأله سلطان وهي يحثه على الهدوء والتحدث ببطء قليلًا:

-اهدا بس واتكلم براحة عشان افهم انا واخوك، وئام وافقت على ايه؟ وابوها م

هنا ولم يتممها وفهم سلطان ما حدث، اتسعت بسمة عابد وتحدث من جديد:

-وافقت نرجع، و ابوها مستنيني عشان نتفق ونتكلم.

فتح سلطان ذراعيه له، مغمغم بسعادة تملكت منه لأجله:

-الف مبروك يا حبيبي، وأخيرًا.

كذلك بارك خليل بعد أن أخرجه سلطان من ذراعيه، معانقًا إياه هو الآخر:

-مبروك يا عابد، الف مبروك.

-الله يبارك فيكم.

في تلك اللحظة رن هاتف خليل، وقبل أن يخرجه ويرى المتصل كان قلبه يدق بتسارع وسعادة كبيرة، مدركًا بأنها هي، فمن حين لآخر تقوم بالاتصال عليه، لتجعله يشتاق ويتلهف للعودة إلى المنزل أكثر وأكثر.

استأذن منهم وابتعد عنهم واخرج الهاتف وصدق حدسه فكانت هي.

رد عليها بنبرة شغوفة لا تظهر إلا معها:

-تصدقي أنك بنت حلال، كنت لسة هكلمك.

وبهدوء ممزوج بنعومة، عقبت:

-هو أنا كل ما اتصل تقولي كدة، نفسي تسبقني في مرة وأنا اللي اقولك تصدق أنت ابن حلال كنت لسة هكلمك..

ضحك وقال بطريقة مرحة تعشقها:

-حاضر المرة الجاية، المهم عايز اقولك على حاجة.

-قول.

-وحشتيني أوي، ومش كلام ده بجد، عايز اخلص الشغل واجي اقعد جمبك.

باغتها باعترافه، والذي يناقض نبرته الجدية السابقة لاعترافه.

تنهدت وقالت معترفة هي الأخرى:

-وأنت كمان وحشتني وعشان كدة كل شوية بتصل عليك، اوعى تكون بتتضايق، لو بتتضايق قول و

قاطعها متمتم بمرح:

-أنتِ عبيطة، هو أنا لو مضايق هقولك كلام حلو؟ ده انا مش هرد عليكي أصلا..اقولك على حاجة هتفرحك ومش هتصدقيها.

-ايه هي؟

-وئام وعابد هيرجعوا وعمك مروان مستنيه بليل، عابد لسة واصل المطعم وقالنا.

وبفرحة رددت:

-ده بجد؟؟ يعني خلاص !

-الحمدلله ربنا يهديهم..

-آمين يارب ويهدي الجميع.

بعد وقت كانت تهبط للاسفل كي تخبر الجميع بهذا الخبر..

وصلت حيث تجلس كلا من وعد وأشرف و نضال وداليدا..

-عرفتوا اللي حصل؟؟

تساءلت وعد والتي كانت ترتشف الماء ولا تتوقف عن شربها منذ تناولت تلك الأسماك المُملحة:

-معرفناش حاجة، وخضتيني يا فجر، كنت هشرق.

لم تبالي فجر وقالت بلامبالاه:

-مش وقتك يا وعد، انا لسة قفلة مع خليل وقالي أن عابد و وئام هيرجعوا، وعمو مروان مستنيه بليل..

تهللت أسارير داليدا، وكذلك أشرف ونضال، أما عن وعد فقالت مدعية الذكاء:

-مش مرتاحة لميرو، عشان كدة بقول اروح مع عابد واهو ابقى في ظهره هو و البت وئام.

ردت داليدا باستنكار:

-مش مرتاحة ايه ما هو لو مش موافق مش هيقوله تعالى !

-يمكن كمين أو فخ.

كتم أشرف ضحكته وهمس لها:

-اسكتي يا حبيبتي اسكتي الله يباركلك، اقولك في جوه بقيت الفسيخ والرنجة قومي كُلي..

-أنت عايزني اموت ده أنا مش مبطلة شرب ماية، وريقي عمال ينشف ما بالك لو كلت تاني…

تدخل نضال متمتم بحنق زائف:

-اخص عليك يا أشرف عايز تموتها وتخلص منها؟؟ ده مش بعيد تكون عينك من واحدة تانية عشان كدة عايزها تموت.

ارتفع حاجبي وعد وقالت بوجه منكمش حنقًا:

-ملكش دعوة يا بوتجاز عشرة شعلة أنت، أنا محدش يعرف يوقع بيني وبين أشرف، إحنا أحباب ومع بعض حتى الموت…ولا شو رأيك حبيبي؟؟

-طبعا طبعا أومال….

_______________________

هبطت عفاف من بنايتها وقصدت متجر «حسن» كي تتحدث معه علها تحنن قلبه على ابنتها وتقنعه بالعودة إليها…

وصلت المتجر والقت السلام ثم التزمت الصمت لتواجد بعض الزبائن لديه..

انتظرت حتى انصرفوا وعلى الفور بدأت حديثها معه بصوت خافض كي لا يسمع حديثها من يعمل معه…

-عامل ايه يا حسن؟

وببسمة لم تصل لعينيه رد عليها:

-كويس يا خالتي، و زي الفل زي ما أنتِ شايفة اهو.

قلقت من طريقته، لكنها سرعان ما نفضت أي شكوك تخبرها بأنه لن يقبل بالعودة إلى ابنتها، وقالت:

-بس أنا مش شايفة أنك زي الفل، والبت بنتي برضو مش زي الفل، دي مقطعة نفسها عياط، ومش راضية تنزل الشغل، قعدت اتحايل عليها، بس أبدًا، البت بتحبك يا حسن، معاك أنها غلطت ومكنش يصح وعيب اللي عملته بس صدقني بـ

لم يعد بمقدرته الاستماع أكثر وقال مبدلًا الحديث متجاهلًا كل شيء قالتله وكأنها لم تهتف به من الأساس:

-محتاجة إيه يا خالتي اجبهولك؟

ابتلعت ريقها وقالت مستجيبة لرغبته:

-اديني ازازة خل، وكيس بن محوج…..

______________________

اقترب جابر بسيارته من بوابة منزل عائلتها، راغبًا في الحديث مع سليم وبسام، كي يساندوه ويوافق مروان على زيجته من ثراء..

ولكن قبل أن يلج ويمر من البوابة انتبه لسيارة زاهر التي تتقدم..

تراجع عن تقدم أي خطوات إضافية وهبط وظل متابعًا له حتى وجده يهبط ويترجل ويدنو منه ويحمل بين يديه علبة يدركها جيدًا..

حدق بالعلبة بدقات قلب متسارعة فما انتظره كثيرًا على وشك أن يتحقق، أخيرًا سيصبح حرًا.

مد زاهر العلبة والتي لم تكن سوى شبكة أروى الذي قدمها لها جابر وقت الخطوبة..متمتم ببسمة جانبية فقد قرر أن ينهيها بنفسه وبدون علم والده:

-اروى اكيد حكتلك على اللي حصل، وأنا دلوقتي بقولك أنت حر من اللحظة دي يا جابر، ودي الشبكة بتاعتك، وشكرًا على كل حاجة عملتها مع أروى.

وبعفوية شديدة قام جابر باحتضانه مجبرًا زاهر على أن يبادله إياه، متمتم بصدق وشكر وسعادة:

-شكرًا ليك أنت وخلي بالك من أروى.

صمت ثم تابع بعد أن انهى عناقه معه وهو يلكزه بمرح:

-لو زعلت أروى أو عملتلها حاجة انا اللي هوقفلك خلي بالك.

ابتسم له وقال وهو يعود لسيارته مرة أخرى:

-ماشي يا سيدي وانا موافق…….

تنهد جابر بعد رحيله، ثم استقل السيارة واضعًا العلبة بالمقعد جواره، ثم مر من البوابة…

ترجل منها بعد ثوانٍ وقرع الجرس وهو يدعو ألا يفتح له مروان مثلما يحدث معه بالعادة..

استجابت دعوته ومن حسن حظه فتح له سليم، والذي سرعان ما رحب به متمتم:

-اهلا يا جابر اتفضل..

اماء له و ولج بالفعل وهو يردد:

-ميرسي يا اونكل، انا فعلا هتفضل عشان عايز اتكلم مع حضرتك ومع اونكل بسام إذا سمحت ولو مفيهاش إزعاج يعني.

اندهش سليم ولكنه لم يرفض واخبره بانه سيغيب ويعود بـ بسام..

انتظره جابر وأثناء انتظاره التقطته عين مروان فصرخ عليه:

-أنت تاني ياض؟؟ الله يخربيتك، أنت عايز مني ايه بضبط..

وببرود رد عليه:

-عايز اتجوز بنتك، ثم أنا مش جايلك يا اونكل، أنا جاي لاونكل سليم ابن عمك واونكل بسام أخوك.

كز على أسنانه وقبل أن يعقب حضر بسام رفقة سليم ورحب به بسام هو الآخر..

وعلى الفور طلب منهم جابر:

-لو سمحتوا عايز اتكلم معاكم بس على انفراد، يعني انا وحضرتك وحضرتك بس..

عقب مروان على عدم رغبته بتواجده:

-أنت عبيط ياض ده بيتي!!

تبادل سليم وبسام النظرات، ثم قام سليم بالحديث مشيرًا نحو غرفة المكتب:

-طب تعالى هنتكلم في اوضة المكتب..

صاح مروان مُصرًا على الحضور ومعرفة ما لديه:

-وانا كمان هاجي، ده بيتي بقى والاوضة دي كانت بتاعة جدي صابر الله يرحمه يعني مش بتاعة حد فيكم يعني اقعد فيها براحتي وأحط رجل على رجل.

تأفف جابر بينما تجاهل كلا من سليم وبسام حديث مروان وتحركوا صوب المكتب..

دخلوا إليه وقبل أن يتبعهم ويلج هو الآخر أغلقوا الباب بوجهه وبإحكام من الداخل كي يضمنوا عدم ازعاجه لهم…….

جلس جابر أمامهم وبكل صراحة واندفاع دون وضع أي مقدمات قال:

-أنا هتكلم بصراحة واجيب الناهية والمفيد، دلوقتي انا فركشت خطوبتي وبقيت عازب رسمي وأخوها جبلي الشبكة، وانا بحب آنسة ثراء بنت اونكل مروان وصدقوني كنت مكمل مع أروى لأسباب خاصة مينفعش اتكلم فيها احتراما ليها.

ابتلع ريقه ثم تابع موضحًا أكثر:

-يعني الخطوبة متلغتش عشان انا وحش ولا حاجة، لا، وتقدروا تسألوا عني، ودلوقتي اونكل مروان حاططني في دماغه ومصمم اني منحرف ومتربتش، رغم أني والله توبت ومبقتش منحرف، ده انا الأول كنت بكلم بنات بعدد شعر رأسي بس حاليا ولا بنت اقسم لكم بالله..وتقدروا تسألوا أهلي..

حمحم سليم والذي يدرك ظن مروان به وأدرك بجهل جابر بهذا، فقال بعدما اطلق تنهيدة:

-طيب المطلوب مننا ايه دلوقتي؟؟

-تقنعوه، انا مش طمعان في أكتر من أنه يوافق ويخليني اجي بليل مع عابد واتفق أنا كمان معاه وبعدين أنا و عابد توأم، وثراء و وئام توأم، يرضيكوا توأم يتجوز وتوأم تاني لا؟؟؟؟؟طب ده حتى كدة يبقى تفرقة عنصرية.

ابتسم بسام على طريقة جابر المثيرة للضحك وكذلك سليم، وبعد تفكير وتبادل نظرات بين الاثنان ردد سليم بحسم:

-طيب يا سيدي إحنا هنتكلم معاه وهنقنعه وانا بنفسي هفهمه أنك مش زي ما هو فاكر، وتقدر تيجي بليل مع عابد أخوك…

لم يصدق واتسعت عينيه فرحة متمتم بعدم استيعاب:

-ايه ده بجد؟؟ طب افرضوا مرضيش وجيت بليل؟ هطرد !

ضحك سليم ورد عليه:

-لا متخافش مش هتتطرد وعلى ضمانتي، انا وبسام هنقنعه بأمر الله، ومستنينك بليل يا بطل…….

يتبع.

فاطمة محمد.

رأيكم وتوقعاتكم وتفاعل حلو بقى عشان بنفنش الرواية. 😘❤️

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق