رواية حياة (ادم وحياة) – الفصل العاشر
*الفصل العاشر*
“مش عارفة”..
*مش عارفة ايه؟*
“مش عارفة ساكنة فين”.
*انتي اكيد بتهزري صح؟* ..
“لا والله مش بهزر بتكلم جد”
*امال من الصبح عمالة تقولي سيبني اروح لوحدي انا عاوزة اكون لوحدي ، كنتي عايزة تروحي تتوهي حضرتك!!”
“لا بس انا بعرف اروح بالمواصلات ، مش بعرف وحد بيوصلني بالعربية”
*طيب كنتي بتركبي ايه!!*
“مش عارفة”
زفر آدم بضيق ..
*استغفر الله العظيم بجد ، حياة ركزي شوية متعصبنيش*
“انت كمان بتتعصب عليا ، طب نزلني يلا نزلني بعد اذنك” .. مثلت حياة الحزن ، فهي كانت تريد الهرب بأي طريقة من تلك الكذبة ..
*يابنتي مش بتعصب ولا حاجة ، انا بس عشان الوقت نلحق نروح ونيجي .. طب بصي كنتي بتركبي ايه*
“مش عارفة بردو”
زفر آدم وأبعد نظره عنها ونظر الي نافذة السيارة ..
ثم جاءت اليه فكرة ..
*حياة طب بصي اسم المنطقة اللي هي ساكنة فيها ايه!!*
صمتت حياة قليلاً قبل أن تجيبه ، واخذت تفكر ماذا ستقول !!
“ساكنة في الزمالك” ..
*حلو اوي.. احنا نروح الزمالك دلوقتي وانتي اكيد عارفة بيتها ف هتعرفيه اول ما تشوفيه .. صح*
هزت حياة رأسها بنعم..
وفي داخلها خوف شديد ..
ولكنها قررت انها ستدخل اي منزل وحدها وتجلس قليلاً على سطح المنزل ثم تعود للسيارة مرة اخرى ..
وتلك الفكرة جعلتها تشعر بقليلاً من الأمان .
وبسرعة جدا قد وصلوا الزمالك .
*حياة احنا في الزمالك ركزي بقا*
“حاضر”
اخذت يد حياة ترتعش من الخوف ..
*مالك بتترعشي ليه كدا ، حياة خلي ايمانك بالله قوي ، وكلنا هنموت يعني ، ادعيلها بالرحمة*
هزت حياة رأسها بالموافقة وهي مدمعة العينين ..
“ربنا يرحمها” ..
ثم سمعوا صوت قرآن في أحد الشوارع ..
“انا سامعه صوت قرآن ، ممكن يكون ف الشارع ده ، روح هناك كدا”
قالتها حياة بصوت عالي يغلبه الفرحة ، وكأن هذا الصوت انقذها من كذبتها ..
حتى نظر اليها آدم بتعجب ، وأمر السائق بالاتجاه نحو الصوت ! ..
ذهبوا لذلك الشارع وبالفعل كان هناك عزاء كبير في ذلك الشارع ..
وكان هناك لافتة كبيرة ، عليها صورة فتاة عشرينيه ..
مكتوب عليها ..
(توفت اليوم فتاة من اجمل فتيات العالم ، توفت من كانت ترسم البهجة على الوجوه ، توفت من كانت لا تترك احد حزين ،
توفت من كانت على دين الاسلام ودين محمد عليه الصلاة والسلام ،
توفت من كانت لا تترك فرض في الصلاة ،
توفت اليوم من احببنا وجودها في حياتنا ،
توفت فتاة عشرينية ولكن روحها كانت طفولية في سن الثانية ،
توفت ابنتنا وحفيدتنا وحبيبتنا ..
توفت شهيدة ..
توفت “مرام السيد محمد” ..
نتمنى منكم الدعاء لها .. وإن لله وإن اليه راجعون) ..
نظرت حياة بدهشة الى اللافتة ..
اخذت تبكي .. تبكي كثيراً ..
هي تلك المرة لم تمثل البكاء ..
بل تبكي من داخلها ..
فالصورة التي رأتها ليست مجرد فتاة عادية ..
انها صديقتها ..
صديقتها مرام ، صديقة الجامعه ..
ولكنها لم تعلم انها تسكن في الزمالك ..
هل كانت كذبتها تلك قدر حتى تصل اليها وتعلم وفاتها ..!!
ماذا ان لم تكذب في خبر الوفاة وفي اسم المنطقة .. كانت لن تحضر عزائها ..!!
(احياناً تكون كذبتُک قدر ، حتى تصل الى ما هو مكتوب لک) ..
والآن ظلت حياة تبكي وتصرخ على صديقتها ، وآدم ظل يهدئها ويجفف دموعها بيديه ..
حتى تطلب الأمر انه عانقها حتى تهدأ ..
وهو يضمها ظل يحدثها حتى تهدأ ..
*يا حياة يا حبيبتي ، البقاء لله وحده ، انتي كدا بتعذبيها ، هي مش هتكون مبسوطة اكيد بعياطك ده ، هي دلوقتي محتاجة دعائك مش عياطك ، ادعيلها ربنا يرحمها بقا)
“حاضر..ربنا يرحمها” .. اخرجت حياة الكلمات من فمها بصعوبة ، فكان صوتها يغلب عليه البكاء ..
لم يتركها آدم حتى هدأت ، ثم ابعدها عنه قليلاً .. وهو ينظر الى وجهها وخاصة عينيها ويجفف دموعها بيديه ..
*مش يلا بينا ننزل بقا*
هزت حياة رأسها موافقة ..
ثم هم الاثنان بالنزول من السيارة ،
وأمر آدم السائق بالذهاب ، فهو من سيقود السيارة عند العودة ..
واقترب الاثنان من العزاء .. فبدأت حياة في البكاء ولكن في صمت ، وظلت دموعها تنزل على وجنتيها ..
*انا هروح اقعد عند الرجالة وانتي اقعدي هنا مع الحريم ، ساعه كدا وهرن عليكي عشان اروحك ماشي*
هزت حياة رأسها موافقة ، فهي لا تستطيع التحدث الآن..
امسح آدم دموعها للمرة الاخيرة ، وتركها ودخل هو الى العزاء الخاص بالرجال ..
ثم نظرت حياة على صورة صديقتها وظلت تدعو لها بالرحمة والغفران ..
والآن دخلت الى العزاء ، هي لا تعرف والدة مرام او عائلتها ، فهي لم تراهم من قبل ..
ولكنها تنبأت ان والدة مرام هي من تجلس في الامام فهي تشبهها قليلاً ، امرأة خمسينية ولكنها لا تصرخ كأي أم في موقفها هذا !!
نظرت حياة الى جميع النساء وجدتهم جميعاً يرتدون العباءات السوداء ..
فنظرت الى زيها ، فهي كانت بزي العمل ، كان اسود وقصير واسفله قميص ابيض ..
فقامت بأغلاق ازرار سترتها الخاصة بها .. ودخلت الى العزاء ..
“البقاء لله يا طنط”.. قالتها حياة والدموع تسير على وجنتيها ..
نظرت اليها المرأة العجوز ، وابتسمت وقامت لتسلم على حياة ..
فضمت حياة اليها كثيرااً ..
_البقاء لله وحده يابنتي .. انتي صحبة مرام صح !!
“ايوة يا طنط ، انا صحبتها من ايام الجامعه”
_انتي حياة مش كدا !!
تعجبت حياة من سؤالها ، فكيف عرفتها بتلك السهولة ..
“ايوة يا طنط انا حياة”
_انا عرفت ان انتي حياة ، عشان شبه مرام اوي ، كانت دايماً تقولي انا وحياة شبه بعض جداً يا ماما ، وكانت تقعد تفرجني على صورك ، كانت بتحبك اوي يابنتي .. قالتها الوالدة وهي تبتسم والدموع في عينيها ..
ابتسمت حياة ثم قالت:
“ربنا يرحمها يا طنط ويصبرك ويصبرنا كلنا ان شاء الله” ..
_ان شاء الله يابنتي ، انا صابرة ، انا مش زعلانة عليها ، بالعكس انا مبسوطة ، بنتي ميتة شهيدة يعني دخلت الجنة ، في أم في الدنيا تكره لبنتها النعيم !!..
لم تستطع حياة ان تجيبها ،وايضاً لم تعلم سبب وفاتها ، فأكتفت بالابتسامة البسيطة وربت على كتفها ..
ثم جلست بجوارها ..
وجلست لتستمع للقرآن ..
ثم سمعت صوت والدة مرام ..
_انتي بقيتي يابنتي حورية من حور الجنة ، هتوحشيني يا مرام ، ابقي تعالي بصي عليا يابنتي ، انتي عارفة اني لوحدي ، تعالي وانسيني لحد ما أجيلك ، صدقيني مش هطول كتير كام يوم وربنا يبعتني ليكي يا مرام ..
ثم ظلت تدعو كثيراً وتقول كلام مؤثر ..
حتى اصبحت حياة لا تستيطع ان تقاوم دموعها ..
فأضطرت للقيام من جانبها ، والجلوس بعيداً عنها ..
ولكنها بالصدفة جلست بجانب صديقتها منذ ايام الجامعه ..
كانت مقربة لحياة ومرام كثيراً ..
وجدتها تبكي ..
“جميلة!!”
نظرت جميلة لحياة بدهشة ، فهي لم تراها منذ فترة طويلة ..
‘حياة!!’قالتها جميلة والدموع تملئ عينيها ..
ثم قامت جميلة بلهفة ، وضمت حياة اليها وهي تبكي بحرقة ..
‘مرام ماتت يا حياة ، مرام سابتنا ، شوفتي ياحياة اللي حصل ، شوفتي ياحياة ماتت ازاي ، منهم لله الكلاب ، منهم لله ،حسبي الله ونعم الوكيل’ ..
تعجبت حياة من كلام جميلة ، ثم ابعدتها عنها ، ووضعت وجهها بين بيديها وهي تنظر في عينيها ، والاثنان منهمكتان في البكاء ..
“هي ماتت ازاي ياجميلة!!” .. قالتها حياة بعيون متسائلة ..
‘انتي ازاي متعرفيش ، دي البلد كلها اتكلمت عن الحادثة دي’ ..
“معرفش ياستي معرفش ، قولي ايه اللي حصل” .. قالتها حياة وهي تصرخ في وجه جميلة ، حتى لاحظ البعض صراخها .
‘كانت مرام راجعة من الشغل متأخرة كالعادة ، وهي كل يوم بتمشي من شارع معين كدا بس الشارع ده دايماً ساكت مفيش ناس بتعدي منه كتير ، ف كانت الساعه تقريباً ٩ ، هي على طول بتروح كدا ، فَفي مجموعة شباب كدا اكيد كانوا شاربين حاجة ، فكانت ماشية على الرصيف عادي ، فكانوا سايقين بسرعه مجنونة وطلعوا فوق الرصيف خبطوها ، لا خبطوها ايه دول فرموها يا حياة فرموها , المشكلة ان الناس دي واصلة جداً ومحدش عارف يجيبلها حقها ، شوفتي الظلم ياحياة شوفتي الظلم’ ..
صُدمت حياة من حادثة مرام ، كيف مرَّ كل ذلك وهي لم تعلم عنه شئ الا من باب الصدفة !!
وكيف حدث لمرام ذلك ، وهي لم تؤذِ آحداً قط !!
جلست حياة بجانبها تبكي بشدة عما حدث ..
وهي ليس بيديها فعل شئ سوى الدعاء لمرام ..
ثم وجدت طفلة تقترب منها تسألها :
≈هو حضرتك طنط حياة ؟؟
ربت حياة على كتف الفتاة ثم اجابتها ..
“ايوة ياحبيبتي انا حياة ، في ايه؟”
≈في راجل برا بيقول انه عمو آدم ، و بيقول لحضرتك يلا هو مستنيكي في العربية ..
صمتت حياة قليلاً ..
ثم ابتسمت للفتاة وقبلتها من وجنتيها وهي مازالت مدمعة العينين ..
“حاضر يا حبيبيتي ، شكراً” ..
جلست حياة تفكر ..
أتذهب أم تجلس قليلاً ..
قررت الجلوس قليلاً بجانب جميلة وهي شاردة بحزن ..
حتى مرَّ نصف ساعة ..
فاستفاقت وسألت جميلة عن الساعة ؟
أخبرتها جميلة ان الساعة الآن 9:00م ..
تفآجئت حياة بأن الوقت قد مرَّ بتلك السرعة ..
فقامت حياة لتسلم على جميلة وتخبرها ان الوقت قد تأخر وانها ستهاتفها فيما بعد ، وايضاً سَلمت على والدة مرام واخبرتها انها ستأتي لزيارتها في الايام القادمة ..
وخرجت من العزاء واخذت تبحث بعينيها عن آدم ..
فوجدته ينتظرها وهو يمسك الهاتف بيديه ويسند بظهره على السيارة ..
فأقتربت منه بخطوات بطيئة ..
“انا اسفة جدا ، يومك كله ضاع بسببي”
تفاجئ آدم انها آمامه ، فهو لم يشعر بقدومها ..
*انتي هنا من امتى!*
“لسه جاية حالاً”
*ااه طيب ، بتتأسفي على ايه يابنتي انتي هبلة ، وبعدين عايزاني اسيبك لوحدك برا البيت كل ده؟؟*
ابتسمت حياة بحزن..
*طيب اتاخرتي ليه جوا كل ده؟ ، هي البنت الصغيرة مجتش قالتلك اني مستنيكي؟ *
“لا لا حرام جت ، بس انا كان لازم استنى شوية”
*على العموم هو العزا خلص خلاص ، واحنا قعدنا للآخر ، ربنا يرحمها ويرحمنا جميعاً*
“اللهم امين يارب”..قالتها حياة بحزن ظاهر على حديثها ..
*طب مش يلا نركب بقا ولا هنقف في الشارع كتير!!*
“اااه ، اتفضل اركب انت ، انا هروح بالمواصلات ، ميصحش اركب معاك في ساعة زي دي”
*ايه ده في ايه!! .. اركبي اماما اركبي وبطلي هبل*
“انا بتكلم جد والله ، اتفضل انت يامستر آدم ، كفاية وقفتك معايا طول اليوم والله مش عارفة اساسا هردلك جميلك ده ازاي”
*ايه اللي بتقوليه ده ياحياة ، انتي عيزاني اسيبك وانتي كدا تمشي لوحدك!!*
“مالي بس ، مانا زي الفل اهو”
*لا مش زي الفل ، اولاً الچيب القصيرة دي مينفعش تمشي بيها لوحدك دلوقتي ، ثانياً مينفعش تمشي وانتي تعبانة كدا وبالحالة دي ، ثالثاً بقا انتي عايزة ترديلي الجميل يبقى تركبي معايا واروحك واطمن عليكي انك دخلتي بيتك ساعتها انا هطمن وبكدا تكوني رديتي الجميل* ..
صمتت حياة تفكر قليلاً ..
ثم هزت رأسها موافقة ..
“ماشي يا مستر آدم ، يلا بينا” ..
صعدا الاثنان الي السيارة ، وكان آدم هو من يقود ، وجلست حياة بجانبه ..
كانت سيارة آدم مريحة كثيراً ، حتى انه يمكن النوم بداخلها ، وكانت جميع نوافذ السيارة سوداء لا يمكن رؤية من بداخلها ..
*حياة انتي ساكنة فين!!*
صمتت حياة قليلاً .. ثم اجابت :
“هو ممكن طلب ولا هبقى تقلت عليك”
*اه بصراحة هتكوني تقلتي كتير* .. قالها آدم مازحاً حتى يخرج حياة من حزنها ..
مما جعل حياة تبتسم بخجل شديد ممزوج بالحزن ..
“طب خلاص انا اسفة”
* اطلبي ياهبله تقلتي ايه بس*
“لا خلاص والله ، فعلا مش هينفع اصلا”
*اصلا انتي لازم تقولي عشان مضربكيش دلوقتي ، يلا انجزي*
فكرت حياة أتطلب منه أم تتلاشى الفكرة !!
كان آدم ينظر له منتظراً طلبها بشدة !!
*ها يابنتي انطقي!!*
“هو انا ينفع .. ينفع يعني اني مروحش البيت دلوقتي!!* ..
نظر لها آدم متعجباً من طلبها ، فهي تبدو مرهقة كثيراً .. ماذا تريد إذاً ؟!
*طيب مش عاوزة تروحي ليه دلوقتي!!*
“مخنوقة ومش طايقة ادخل البيت دلوقتي”
*بس انتي شكلك تعبان*
“لأ مش تعبانة ، ولو حضرتك بتقول كدا عشان متأخر وعايز تمشي ، فأتفضل انت وانا هبقى أروح لوحدي بعدين” ..
زفر آدم بضيق من كلامها ..
*يا حياة ، يا بنتي ، انا مش بتكلم على اساس اروح او لأ ، انا اقصد شكلك تعبان ، وبعدين أهلك زمانهم قلقانين عليكي جداً*…
“لو عشان كدا فأطمن ، انا كويسة مش تعبانة ، وبعدين انا سايبة مسدچ لأهلي اني هتأخر النهاردة عشان عزا صحبتي”
*طيب تمام ، تحبي تروحي فين بقا!!*
“مش في حتة معينة ، بس انا عايزة اتمشى وخلاص”
*تحبي تتمشي على رجلك ولا بالعربية*
“لا مش قادرة امشي ، بالعربية وخلاص”
*طيب تمام*…
قاد آدم السيارة وهو لا يعلم أين يذهب…
وهو يقود نظر بجانبه ، وجد حياة ترتعش ومغمضة العينين ..
*حياة انتي كويسة!! ..تحبي اروحك طيب*
“لا لا مش عايزة اروح ، انا كويسة ، سقعانة شوية بس”
*طيب اشغلك التكييف!!*
“اه ياريت بعد اذنك”
قام آدم بتشغيل التكييف…وقام بتحريك مقعد حياة للخلف ، حتى تستطيع ان تريح جسدها ..
لم تعترض حياة بل فرحت بما فعل ..
وآخذا آدم يقود ويذهب اماكن كثيرة ..
ثم بدأت السماء تمطر ..
ولم يكن هناك ناس كثيرة تسير بالشوارع ، فَفي تلك الأجواء وذلك الوقت يكون المعظم بمنازلهم ..
فرح آدم بالشتاء فهو يحبه كثيراً ، لأنه يعطي جو من الراحة النفسية والرومانسية ..
فنظر لحياة وجدها شاردة وتضم نفسها بيديها ..
فقام بخلع سترته الخاصة به ووضعها على حياة ..
أمسكتها حياة وقربتها من أنفها واغمضت عينيها ..
فأصبح قلبها يدق كثيراً ..
لأنها تذكرت ذلك اليوم بالمكتب ..
كان آدم يضع نفس العطر ، وهي تحب ذلك العطر ..
لاحظ آدم ذلك ، فأبتسم وأستمر في القيادة ..
أحب آدم ان يخرجها من حزنها ..
فقام بتشغيل موسيقى هادئة لتهدئ من اعصابها ..
الآن كان الوضع حقاً رومانسي للغاية ، ومهدئ للأعصاب ..
حتى تناسى الاثنان العزاء وحالة الوفاة ..
أستمر آدم في القيادة الى ما يقرب من ١٥ دقيقة ..
يقود قليلاً وينظر لحياة وهي تضم سترته اليها قليلاً ..
بداخله يتمنى بشدة ان تضمه هو وليس السترة..
ثم توقف في أحد الشوارع ، وحرك مقعده قليلاً للخلف ، وأخذ يستمع للموسيقى وهو ينظر الى حياة وهي تضم سترته ومغمضة العينين ..
فتحت حياة عينيها وجدته توقف عن القيادة وينظر لها ..
نظرت اليه حياة ولم تتحرك او تعدل نومتها ، هي فقط وجهت جسدها بأتجاهه ، لكي يتحدثان وهما ينظران لبعضها ..
“انت وقفت العربية ليه!!” .. كانت حياة تتحدث بصوت خافت وضعيف ..
*عشان تنامي مرتاحة وفي هدوء*
“مفرقتش انا اصلا مش نايمة انا مريحة شوية بس عشان تعبانة”
*تعبانة مالك!!* .. اعتدل آدم في جلسته بفزع ..
“اهدى اهدى متقلقش ، تعبانة يعني عايزة انام”
زفر آدم بأطمئنان ..
*طيب قولي كدا متقلقنيش .. طيب تحبي نروح*
“تؤتؤتؤ مش عايزة اروح دلوقتي” .. قالتها حياة وهي تشاور بأصبعها علامة الرفض ..
ضحك آدم على طريقة حياة ..
*هو انا ليه حاسك سكرانة كدا!*
ضحكت حياة على سؤاله ..
“انا لما بعوز انام ببقى كدا”
اقترب آدم قليلاً منها وهو ينظر لعينيها ..
*هو اللي بيعوز ينام بيبقى حلو اوي كدا* .. قالها بصوت رجولي هادئ ..
ابتسمت حياة بخجل ، وشعرت بدقات قلبها السريعة..
كل ذلك لمجرد انه اقترب قليلا .. ماذا سيحدث عندما يلمسها أذن !؟
نظرت اليه حياة بعيون دابلة ..
“حضرتك بس عشان عيونك حلوة”
*حضرتي !! .. هتزعليني ليه دلوقتي*
“تزعل ليه بس؟؟”
*احنا مش في الشركة عشان تناديني بحضرتي .. بصي تيجي نتفق اتفاق؟*
“اكيد اتفضل..”
*اعتبريني صاحبك ونتكلم براحتنا ونشيل الالقاب والحدود ما بينا .. موافقة*
“موافقة ..” قالتها حياة بابتسامة جميلة ..
*بما انك موافقة ما تعتبريني حبيبك بالمرة ، انا سينجل والعيشة مرة*
ضحك الأثنان كثيراً على جملة آدم ..
“ومالو .. موافقة بردو”..
*الله .. ايوا كدا*
ظل صامتين قليلاً ..
ثم نظر آدم لعينين حياة وأمسك يديها ..
نظرت حياة ليديه وهي تمسك يديها ولم تعترض .. ثم نظرت الى عيون آدم ..
*في نظرة في عيونك بحبها جداً*
“انهو نظرة بقى!!”
*النظرة دي .. عيونك بتبقى دبلانة وجميلة اوي ، بحس انك بتتكلمي بعيونك مش بشفايفك*
خجلت حياة ونظرت للأسفل ، ثم عاودت النظر الى عينيه مرة أخرى ..
*طيب وانت شوفتها فين قبل كدا ، دي اول مرة تحصل عشان عايزة انام بس*
“لأ مش اول مرة ، حصلت مرة واحنا في المكتب .. فاكرة!!”
تذكرت حياة .. وخجلت لأنها فهمت مايعنيه ..
*هاا افتكرتي!!*
“انا مش بنسى اليوم ده اصلا عشان افتكره”
تعجب آدم من ردها .. بل انه فرح به ..
*وياترى بتكوني مبسوطة ولا لأ*
صمتت قليلاً وهي تنظر لعينيه ..
“مبسوطة اوي..” قالتها حياة بصوت يغلب عليه الضعف ..
مما جعل آدم قلبه ينتفض ..
ونظر الى شفتيها كثيراً .. في عقله يريد ان يقبلها بعد صوتها هذا ..
اعتدلت حياة في نومتها واصبحت تنام على ظهرها وتضع يدها أسفل رأسها ، ويدها الاخرى ما زال آدم ممسك بها ..
آدم يحسس على يديها مما جعل جسدها يقشعر مما يفعل .. ولكنها لم تظهر ذلك .
وكلما زاد كلما زادت القشعريرة أكثر وأكثر ..
فنظرت اليه ، وحركت يديها من أسفل رأسها الي يديه وأمسكت هي أيضاً بها ..
وظلت تفعل ما يفعل آدم ..
هل يشعر آدم بما تشعر به حياة ؟!
نعم .. بل أكثر ، فهو الآن يريدها ، يريدها في حضنه ..
اصبحت عيون آدم الآن دابلة كحياة ..
هما يريدان بعضهما البعض ..
ظلا صامتين كثيراً .. ولكن عيونهم كانت تتحدث ..
حتى نطقت شفاه حياة ..
“آدم ممكن طلب!!.”.. قالتها بضعف شديد ..
فنظر آدم الى شفتيها ، يريد ان يخبرها بأن توقف ذلك الصوت ، فهي لا تعلم ماذا يفعل به ..
*قولي!!* .. كان آدم يخرج صوته بصعوبة ..
“ممكن تحضني؟”
نظر لها آدم ، وكأنه يقول بداخله (أخيراااً) ..
فأقترب آدم منها ..
ورفع حياة من على المقعد حتى يضمها وهي جالسة ..
وأدخلها بين ذراعيه ..
ظلت حياة تشتم عطره الذي تعشقه ، فعطره يحركها كثيراً من الداخل ..
ثم رفعت حياة يديها من على ظهره ، حتى قامت بلفها حول رقبته ..
فظل الاثنان يضمان بعضها البعض ، وصوت انفاسهما غلب صوت الموسيقى ..
اصبح آدم يضمها اليه بشدة ، وحياة غارقة في رائحة عطره ..
وانفاسها في رقبته تجبره ان يضمها أكثر ..
كاد آدم أن يكسر ضلوعها ..
فتآوهت حياة برقه متألمه ..
مما جعل آدم يفقد سيطرته ويقع هو وحياة على مقعدها ..
اصبحت حياة بالأسفل وآدم فوقها ، ومازال يضمها ..
ثم أبعد يديه عنها قليلاً..
وأخذ يحرك اصابعه على وجهها وعلى شفتيها ، وحياة مغمضة العينين لتشعر بيديه ..
وانفاسها ودقات قلبها تتصارع معاً ..
وآدم كذلك ..
ثم حرك آدم المقعد للخلف أصبح وكأنه سرير ، ومازالت حياة لم تعترض ..
فأسند آدم يدًه على المقعد والاخرى أسفل ظهر حياة ..
واقترب من أنفاسها بشدة ..
واصبحا يتبادلان الانفاس ..
مما أشعل النيران بداخل قلوبهم ..
والآن سيقبلها آدم ولن يمنعهما شئ ..
لامس آدم شفاة حياة ..
ومجرد ان لامس شفاها لفت حياة يدها حول رقبته لتقربه منها ..
وبدأوا الاثنان في تبادل القبلات سوياً ..
ببطئ شديد كان آدم يقبل حياة ..
مما جعل حياة تتلوى اسفله ، ولفت قدميها حول قدميه ..
وهو مازال يقبلها ببطئ ، ويبعد انفاسه الحارقه قليلا ليستنشق الهواء ولكنه كان يستنشق انفاسها هي .. ويعود لشفتيها مرة أخرى ..
عضت حياة شفة آدم السفلى ، من كثرة التآلم ..
مما جعل آدم يقبلها بعنف ، فعندما عضته علم انها تريده ان يبادلها تلك العضة ..
(هذه العضة دليل على الرغبة) ..
آخذا يتبادلان القبلة بعنف ، وآدم يمسك بجسد حياة ويقربها اليه ..
حتى قامت حياة بفك آزرار قميص آدم ، وقامت بخلعه له ..
كما فعل آدم المثل مع سترة حياة ..
فعلوا ذلك حتى اصبح نصف آدم عاري ..
وحياة ايضاً ..
وهو مازال يقبلها ..
من شفتيها ومن رقبتها ..
حتى أسفل رقبتها ..
وحياة لا تفعل شئ سوى انها تمسك شعره بشده وتتآوه برقة ..
واستمر الوضع هكذا ..
حتى اصبحا الاثنان كما ولدتهم امهم ..
وفعلوا كما يفعل أي زوجان ..
ولكن كانوا للأسف يفعلانه في الحرام ..
ولكن الرغبة غلبت تفكيرهم ..
والآن انظر من خارج السيارة ..
لن ترى شئ ..
ولكنك إذا ركزت قليلاً ستستمع الى تآوهات فقط ..
صوت تآوهات ممزوجة بصوت المطر ..
ولكن بالداخل يوجد عاشقان مغرمان في عالم آخر ..
عالم لا أحد يعلم به سواهم !! ..
ولا يستطيعوا ان يتوقفوا عن فعل ذلك ..
ولكن عندما ينتهي كل ذلك ..
سيندمان ..
سيندمان كثيراً ..
#يتبع …
#بقلم_روان_رشاد
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية حياة (ادم وحياة)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.