رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) – الفصل الثاني عشر
[العبث الثاني عشر]
[العبث الثاني عشر]
•عنوان الفصل/ باريستا
” عيناكِ جعلتني أؤمن بأن هُنالِك ألوان أخرى في هذا العالم، غير لون الدماء
رجُل مثلي ظل يرتجِف فِقدًا لأحِباؤه، كيف لعشقك أن يجعلهُ يشعر بـِ هذا الإكتفاء! ” _بقلميي
سحبت مياسة السلسلة من بين صوابِع بُثينة وهي بتقول بحِدة: إنتِ مالِك إنتِ؟ ومين سمحلِٓك تلمسي حاجة مش بتاعتِك؟
بُثينة كانت عينيها متعلقة على السلسلة وهي بتضُم شفايفها بحُزن وقالِت بخفوت: أنا أسفة.
قلبت مياسة عينيها وهي بتعدل شعرها لإنها مبقتش قادرة تستحمِل الستات اللي في حياة عيسى، الصيدلانية إدت بُثينة الكيس بتاعها فـ أخدتُه وخرجت وسابت مياسة في الصيدلية، عدت مِن قُدام دُكان البوهيمي فـ سمعتُه بينادي عليها وبيقول: أبلة بُثينة.
وقفت وبصت لُه وهي بتقول بحُزن: نعم.
قالها وهو بيمد إيدُه بكيس: الست والدتك طلبت الحاجات دي بتقول عندكُم عزومة، أما باليتة الحاجة الساقعة لسه العربية بتاعة الشركة مجاتش لما تيجي هطلعهالكُم بنفسي.
إبتسمت بفتور وهي بتقول: كتير خيرك.
وأخدت الكيس وإتحركت قابلت يوسف في وشها فـ قالتلُه بهدوء: إزيك يا يوسف وإزي نيللي؟
يوسف بذوق: تسلمي بخير الحمدلله.
شفايفها كانت بتترعش والسؤال محيرها، قالت لـ يوسف وهي مُتردِدة: يوسف هو.. يعني عيسى ناوي يرُد مراتُه صح؟
إستغرب يوسف مِن تدخُلها في خصوصيات لا تعنيها وقال: هو الحقيقة أنا مبتدخلش في حياتهُم بس طبعًا نتمنى عشان عيسى بيحبها وكمان عشان بنتُه.
كلامُه وجعلها قلبها فـ بصت للأرض، فهم يوسف حُبها لعيسى فـ قال بإبتسامة: عُقبالك مع إبن حلال بإذن الله، عن إذنك.
سابها ومشي وطلعت هي للعمارة، دخلت الشقة لإن مامتها على طول فاتحة الباب، لقت أمها قاعدة متربعة فوق كنبة وتحتها الشبشب بتاعها وبتنقي رُز
رفعت والدتها راسها وبصتلها وهي بتقول: إيه يا جميل مكشر ليه؟
حطت بُثينة الحاجة على الترابيزة وقعدت جنب والدتها بتعب وهي بتقول: مفيش أصل قابلت ماسة في الصيدلية وحصل بيننا شد شوية.
برقت مامتها وهي بتقول: شد يعني إيه؟ ليه كدا بتبوظي كُل حاجة أنا بعملها، ما إحنا عازمينهُم على الغدا إنهاردة! مش قادرة تمسكي نفسِك!
قالت بُثينة بغيرة واضحة: يا ماما كانت لابسة السلسلة اللي عيسى على طول بيلبسها.
والدتها بزعيق: ما تلبس إياكش يلبسها عفريت، مليون مرة أقولك لازم تبقي عاقلة ورزينة وتحكمي عقلك قبل أي شيء.
بُثينة بحُزن: بعرف أحكِم عقلي في كُل حاجة، إلا في الحاجات اللي بتتعلق بعيسى.
طبطبت والدتها على رجليها وهي بتقول: طب قومي كدا إستهدي بالله وإغسلي وشِك عشان تساعديني نجهز لعريسك الأكل.
بُثينة عينيها لمعت وقالت بسعادة: عريسي!
والدتها بتشجيع: أيوة قومي يلا بلاش لكاعة.
قاكت جريت بحماس ناحية الحوض فـ وش والدتها قلب بحُزن على حال بنتها وقالت: ربنا يابنتي يسعد قلبك ويسهلك الحال يارب.
-داخِل منزل الغُريبي.
دخلت مياسة وهي شايلة الكيس لقت والدة عيسى قاعدة بـ قمر بتطبطب عليها، حست بالأحراج لإنها سابت البنت ونزلت فـ قالت: أنا أسفة يا ماما بس كُنت محتاجة حاجة ضروري من الصيدلية.
والدة عيسى بهدوء: صوتِك إنتِ وعيسى كان جايب أخر الحارة على الصبح، أنا لا عاوزة أعرف حصل إيه ولا بتزعقوا ليه، بس الحارة دي فيها ناس كتير هيشمتوا لما يلاقوا الحال وصل بيكُم لخلاف فيه زعيق وبنتكُم حتى لو إنفصلتوا ليها حق عليكُم تعاملوا بعض بإحترام ومودة وحُب، فهماني يا ماسة؟
رجعت مياسة خُصلة من شعرها ورا ودانها وهي بتقول: أنا أصلًا كُنت هلم حاجتي عشان أمشي، لازم أرجع بيتي.
والدة عيسى بحزم: دا بيتك وبيت بنتك، عيسى مأكد عليا مسيبكيش تمشي لسه مكلمني في التليفون، بيقول خايف عليكِ.
مياسة قلبها دق وبلعت ريقها وهي بتقول: طب حضرتك حُطي نفسك مكاني، لو خطيبي سألني إنتِ فين أقول إيه لأني المفروض مأجرة شقة في عمارة والده.
طبطبت والدة عيسى على ظهر قمر وهي بتقول: قوليله أنا رجعت لبيتي عشان بنتي، الحقيقة مش عارفة أقولِك إيه بس لغاية ما عيسى ييجي مش هعرف أخليكِ تمشي.
إتنهدت مياسة بغلبة على أمرها وقالت: طب هو ممكن أدخل أستحمى لو ينفع.
والدة عيسى بهدوء: إدخُلي يا بنتي البيت بيتك، وجهزي نفسِك إنهاردة رايحين لأم بُثينة عشان عزمانا على الغدا.
مياسة قالت بعصبية غصب عنها: هي الست دي عايزة مننا إيه هي وبنتها، مش مُمكِن كمية الفرك اللي بيعملوها دي إيه واحد مبيحبهاش، هو بالعافية.
إبتسمت والدة عيسى لإنها عرفت إن مياسة لسه بتحب عيسى وأوي كمان لكِن بتكابِر فـ قالِت أهو أنا عيزاكِ تيجي معانا مخصوص عشان كدا، وتنفعلي قُدامهُم كدا عشان يشيلوا الأمل من عيسى خالِص.
مياسة قالت بكسرة: أمل، عمرها ما هتتشال.
دخلت الحمام وقفلت الباب فـ قالت والدة عيسى: ياعيني يا ماسة محاوطك الهم مِن كُل جِهة.
دخل يوسف البيت لأن الباب مفتوح عشان يجيب هوا، وقال: سلامُ عليكُم يا ماما.
والدة عيسى بهدوء: إيه يابني عشان أعوزك بقيت بتصل بالتليفون، أم بُثينة عزمانا على الغدا إنهاردة وخالفة مية يمين لازم نروح.
يزسف وهو بيفرُك عينيه: تؤ، مش عارف هقدر أجيب نيللي ولا لا، الحمل تاعبها فعلًا وبقت تقوم للحمام بالعافية.. هشوف ربنا يعمل اللي فيه الخير، أومال عيسى فين؟
والدته بهدوء: راح مشوار هييجي بعد الضُهر إن شاء الله
مال يوسف على قمر وقعد يلاعبها وهو بيقول: إيه ياعمو، إيه العيون الحلوة دي.
إبتسمت والدتُه وهي بتدعي يقوم مراتُه بالسلامة عشان تشوف أحفادها حواليها.
-داخِل ڤيلا بدر الكابِر.
فتحت سيا الباب بنفسها لقت عيسى قُدامها فـ إبتسمت وقالت: أهلًا وسهلًا، إتفضل يا عيسى دي سيلا مبطلتش كلام عنك.
إستغرب عيسى روقان سيا رغم خطف عزيز وتعب بدر وعياط البنت.
دخل وهو بيتنحنح ووقف عند الباب وهو بيقول: مش هقدر أدخُل لجوة عشان مفيش حد، أنا بس عاوز أعرف بدر بيه فـ أنهِ مُستشفى، عشان أفهم من مدام سيليا اللي حصل بالظبط.
بصت سيا بإستغراب لعيسى وقالت: بعيد الشر يا إبني، مُستشفى إيه بدر مريح في أوضتُه فوق! ولو عاوز سيليا هي بتاخُد شاور تخلص وهبلغها.
إستغرب عيسى مِن كلامها وقال: وعزيز!
سيا زاد إستغرابها وقالت: مين اللي قالك الكلام دا؟ خطف إيه ومستشفى إيه فهمني بهدوء لو سمحت!
نزلت سيليا وشعرها مبلول، ولابسة بنطلون چينز إسود وبلوڤر نبيتي غامِق شتوي وهي بتقول: في إيه يا مامي.. عيسى؟ بتعمل إيه هنا؟
عيسى بلهفة: مدام سيليا، فين عزيز متعرفيش؟
لوت سيليا بوزها بضيق وقالت: في البيت التاني هييجي بالليل.
إستغرب عيسى فـ قالت سيليا بهدوء: ردني لذمتُه إنهاردة الصبح، ووصلني أنا وسيلا هنا وراح هو هناك يتطمِن عليهُم.
عيسى بإبتسامة: ألف مبروك، يعني هو بخير؟
نزلت سيليا أخر سلمتين وقالت لـ عيسى: ما تفهمني طيب في إيه؟
سيا بهدوء: تحب تشرب إيه؟ تعالى إتفضل إستريح.
دخل عيسى بعد ما تأكد من وجود بدر فوق، قعد على السوفا وقعدت قُدامُه سيليا، قالت سيا بإبتسامة: بعمل كُل حاجة بنفسي مبحبش خدم يحطوا إيديهُم في أكلنا، ها قولي تشرب إيه؟
عيسى بهدوء: تسلم إيديكِ، أنا تمام مش عاوز حاجة.
سيا بذوق: خلاص هعملك على ذوقي.
راحت للمطبخ فـ بصت سيليا لـ عيسى بإستفسار وقلق، إتنهد عيسى وقال: طالما كُلكُم بخير، الظاهِر سيلا كانت بتعمل فيا مقلب بس تقيل شوية.
سيليا بصدمة: سيلا؟ إزاي!
عيسى وهو بيعدل شعرُه قال: كلمتني الصُبح قالتلي إنك وباباكِ في المُستشفى، وفي ناس جُم أخدوا عزيز، فـ طبعًا كُنت سايق على سُرعة عالية عشان ألحقكُم.
وقفت سيليا بإنفعال وقالِت: هي حصلت الكذِب؟؟
بعدها نادت بصوت عالي وقالِت: سيلا!! سيلا إنتِ يابنت!
وقف عيسى قُدامها وهو بيقول بهدوء: إهدي بس، طبيعي طفلة في سنها تكذب عادي، كُلنا كُنا كدا بس تعاملي معاها بشكل أهدى.
بصت سيليا لعيسى وقالت: بتعامل معاها أحسن مُعاملة وربنا يشهد، خروج بخرجها، وقت؟ مُعظم وقتي معاها بحاول أوفق بينها وبين أخوها الصُغير بقوا هُما شُغلي الشاغِل، بنيمها في حُضني وبكلمها زي الصُحاب، يبقى ليه تكذِب إيه المُبرر؟
عيسى بذكاء: هي جابت سيرتي الأيام اللي فاتت؟
سيليا بإبتسامة: كتير أوي، وسألت باباها عنك كتير وهو قالها إنك مسافِر.
زعِل عيسى مِن عزيز عشان بدل ما يكلمُه ويتنازل عن كبريائُه كذب على بنتُه، سمع صوت رجلين بتنزل على السلم لف لقاها سيلا، شعرها مفرود ناعم وتقيل زي مامتها لونه بُني فاتِح، بعينيها الواسعة الطفولية لابسة منامة بيتي لونها رمادي فاتح عليها تويتي، ولكلوك عشان البرد
جريت عليه وهي بتقول: عيسى
فتحت دراعاتها ليه فـ شالها وهو بيبوس خدها وبيقول: في الخدمة دايمًا.
حضنتُه سيلا مِن رقبتُه، جت سيليا تتكلم عشان تعاتبها شاورلها عيسى بعينيه إن سيبي الموضوع دا عليا.
عدل عيسى مِن شعر سيلا وهو بيقول لـ سيليا بإستئذان: تسمحيلي أخُدها أفسحها وأجيبها؟ مش هأخرها ساعتين بالكتير.
كتفت سيليا إيديها وقالت: دي مُكافأة ولا عِقاب؟
عيسى بإبتسامة حلوة: الإتنين.
نزل عيسى سيلا على الأرض وقرص خدها بلُطف وهو بيقول: إطلعي غيري هدومك عشان نتحرك.
سيلا بحماس: هييييه، بس لو طلعت هتمشي؟
جت سيا وحطت كابتشينو قُدام عيسى وكيك فـ قال: على ما أشرب القهوة تكوني خلصتي، مش همشي.
قعد عيسى فـ قالت سيليا: على فكرة دا كابتشينو.
سحب عيسى المج وقال: أهو كُله كافيين.
ضحكِت سيليا عليه لإنُه لسه زي ما هو.
________________________________________
المكان: قصر أمير الذهبي
تحديدًا: غرفة النوم داخِل الجناح.
صِبا بعد ما سابِت إبنها على السرير قالت بعصبية: إزاي تخبي عني حاجة زي كدا؟ ولو ميتة مسمومة ليه الطب الشرعي مفحصش الجُثة وعرف الأسباب! إزاي وافقوا على الدفن من غير الإجراءات الإعتيادية لو في إشتباه في قتل!
رفع أمير راسُه وعينيه حمرا لكِن مفيش دموع بتنزل منها، وقال: إتسجل جُرعة دوا زيادة.. بس الحقيقة مش كِدا، الحقيقة إن في حد دخل القصر هنا، عن طريق حد من الخدم.. وهو اللي عمل كِدا في أمي.
بدأت دموع صِبا تنزِل وهي بتقول: يا حبيبتي يا طنط، يعني مش مكفيهُم اللي هي فيه كمان سعوا إنهُم ينهوا حياتها..
بصت صِبا لأمير لقتُه منزل راسُه، رفعت دقنُه بإيديها عشان يبُصلها وقالت: عشان خاطري عيط، صرخ، عبر عن مشاعرك متكبتهاش.. أنا خايفة عليك أوي.
أمير بتوهان: مش عارِف أعيط يا صِبا، من وأنا صغير متعود العياط والنوم في حُضنها هي، وقفت قُدام القبر.. بس دا تراب! فين أمي!
قربت منُه صِبا وحضنتُه جامِد وهي بتعيط وتواسيه وتقول: في الجنة ونعيمها بإذن الله، ربنايغفرلها ويغفرلنا.. أنا جنبك وحواليك انا وإبنك واللي في بطني
دفن امير راسُه في رقبتها وحاول يعيط معرفش، لكِنُه فضل على الوضع دا وقت طويل وقال: العياط بيحسسني لما أخلص مِنُه وأهدى.. بالغضب.. عشان كدا عايز أعيط، عشان أجيب حقها.
حضنتُه صِبا أكتر وغمضت عينيها وهي بتشم ريحتُه، والفترة الأخيرة بقت تحِس بالأمان معاه أكتر من أي حاجة تانية في الدُنيا!.
____________________________________
المكان: منزل چايدا.
تحديدًا: حديقة المنزُل.
كان نايم عزيز على ظهره وباصص للسما، وجنبه إبنه بنفس الوضعية ونفس المشهد اللي باصصله عزيز
وبيقول: ستة.
عزيز وهو بيضيق عينيه وبيركز: متبقاش غشيم، ركز الأول عشان متعدش غلط.
حط إبنُه رجل فوق التانية وهو بيقول: طب ليه مش نصطادهُم زي ما الكُل بيعمل.
عزيز بكلام ليه مغزى: مبصطادش طيور، بصطاد حاجات تانية.
بصله إبنه فـ بصله عزيز وغمزله، خرجت چايدا من البيت للحديقة وهي شايلة صينية عليها ساندويتشات وعصاير وبتقول: أهو بابا هنا كُل معاه حاجة إنت متغدتش..
إتعدل عزيز في قعدته وقال: إنت صحيح متغدتش لغاية دلوقتي؟ دا وعد الرجالة اللي وعدتني بيه.
قعد متربع وهو بيقول بضيق: يا بابا ماما عاملة كوسة محشية لحمة مفرومة بالبشاميل وأنا مبحبهاش، يعني معرفش ليه معملتش مكرونة!
قعدت چايدا وهي لابسة سويت بانتس بيچ وهودي إسود عليه وقالت: الكوسة مُفيدة أكتر.
ركزت بنظرها على عزيز لإنه كان واحشها، وحست إنها مبسوطة إن الراجِل اللي هي حبتُه من قلبها قاعد قُدامها، جوزها من جديد وحواليهُم إبنهُم.. اللي للأسف مش هيبقى ليه إخوات منها هي تاني.
إتنهد عزيز وهو بيبُص للشمس وبيقول: إيه رأيكُم ندخل سينما ونتغدى برا؟
قالت چايدا بهزار: يعني المفروض أفهم إن كدا أكلي مش عاجبكُم.
عزيز وهو بيقوم وبيشيل إبنُه على اكتافُه، ماسك إيديه وفارد دراعاتُه وبيقول: طالما راجل البيت اللي هيشيل إسمي مش عاجبُه الأكل يتغير كلُه، ونروق عليه كمان.
كان مبسوط مع باباه جدًا، خرجت چايدا فونها من جيب البنطلون بتاعها وبقت تصورهم فيديو وهي ضحكتها لأخرها.
عزيز كان بيقرب للكاميرا وبيقول: تاخدي تشيلي شوية.
چايدا بضحك: لااا.
عزيز بجدية مُزيفة كـ هزار: قُدامك خمس دقايق تغيري فيهم عشان نتحرك، وإلا هنسيبك.. هتقوليلي ميك أب ولبس لا.
جريت چايدا بسعادة على جوة وقالت: حاالًا.
عزيز كان بيحاول بقصارى جُهده يوازِن بين البيتين، عشان يحسس إبنُه هنا بالأمان وبوجوده، ويحسس بنتُه هناك بنفس الشعور.
_________________________
كان سايق عيسى العربية ومقعد جنبُه سيلا وبيقولها: تحبي تروحي فين يا أنسة؟ إنهاردة الدنيا الشمس طالعة عكس إمبارح أمطار وبرد.
سيلا بسعادة: نروح الملاااهي.
رفع عيسى حواجبه وقال: يعني مش عايزة تروحيها مع بابا؟
سيلا بحماس: روحتها مع بابا وماما من يومين، بس عايزة أروحها معاك، إنت وحشتني يا عيسى.
عيسى بهدوء: وإنتِ كمان وحشتيني أوي على فكرة.. بس زعلان منك حبة صغننين.
سيلا بلوية بوز: ليه!
عيسى وهو بيبُص على الباركينج قال: أركِن بس عشان ننزل نتغدى الأول، بعدين نروح الملاهي، هكلمك واحنا بناكُل وأقولك ليه.
فتحت سيلا الباب ونطت من على الكُرسي، نزل عيسى وجه يمسك إيديها راحت حطت إيديها الإتنين في وسطها وقالت: شيلني.
فردت دراعاتها الإتنين فـ شالها عيسى وهو بيقول: بس متتعوديش على كدا، أنا عجوز يا بنتي مش شباب زيك.
ضحكت سيلا فـ ضحك ضحكة خفيفة وقال: بتضحكي على إيه؟
سيلا بطفولية: عشان كارتون ليلى والذئِب، الذِئب كان عامِل نفسُه تيته، وراح.. وراح قال لليلى عايز أحضنك وبعدين أكلها.
قرب عيسى من رقبتها عامل نفسُه هياكُلها وقال: خلاص يبقى بالهنا والشفا عليا إني أكلك.
صوتت سيلا بضحك ودخلوا المطعم، قعدها على الكُرسي اللي قُدامه وقعد، جِه الجارسون فـ قالها عيسى: يلا هتاكلي إيه؟
سيلا بحماس: برجر.
عيسى وهو بيسلم المنيو للجارسون قال: تمام واحد برجر، وأنا عايز قهوة مظبوط.
بص لـ سيلا وقال وهو بيتنهد: هاااه كُنا بنقول إيه؟
سيلا بلوية بوز: إنك زعلان مني.
عيسى قال بهدوء: ايوة، لإنك كذبتي عليا، كذبتي ليه كان مُمكِن تقوليلي إني وحشتك وهجيلك ساعتها.
الحُزن بان في عيون سيلا وقالت: عشان إنت وبابا متخاصمين ومبقتش تيجي، كمان بابا منعني أكلمك عشان بيقول عمو عيسى مش عاوز، بس أنا بحبك وبحب أكلمك.
حس عيسى بضيق وخنقة من عزيز وقال: عزيز قال كِدا؟
حركت سيلا راسها بمعنى أه فـ غمض عيسى عينيه وبعدها فتحها، مد إيدُه ولمس إيد سيلا وهو بيقول بحنية: توعديني متكذبيش تاني تحت أي ظرف وتحت أي شعور، سواء خوف أو توتر أو رغبة أو اي شيء؟ عايزك شخصية شُجاعة وجريئة، توعديني؟
سيلا قالت بهدوء: أوعدك.
ضغط على أيديها وإبتسم، جِه الأكل والقهوة وقعد يهزر معاها عشان تاكُل بنفس.
_____________________________________
المكان: منزل أعلى تل مُرتفِع
تحديدًا: علوية المنزِل.
بعد ما طلعوا خالد للعلوية، بص للسقف لقاه في فتحة صغيرة مسلطة شُعاع ضوء بطريقة أُفقية، ومرايا طويلة مركون على جنب متغطية بجرايد بس نُص الجرايد دي متقطع، وصوت خرفشتها بفعل الهوا يبُث الخوف في النفس، وحاجات تانية متغطية بملايات بيضا مليانة تُراب، كان مكان غير مُناسِب لشخص بيعاني من هلاوس مُعينة زي خالد، وحاجات مش حقيقة، فاق من شروده في تفاصيل المكان على صوت الكُرسي المُتحرِك الطبي بيتحرك شوية، وبتظهر من وراه بنت بتزحف على إيديها ونُصها التحتاني عطلان، بتكُح وحالتها صعبة! شعرها مُجعد ومفرود حواليها، عندها جرح بسيط جنب شفايفها نازِف والدم متجلط على وشها، متبهدلة تراب لابسة بنطلون چينز متوسخ وتيشيرت أبيض رُبع كُم في عز الثلج! ومفتوح من ناحية الصدر.
إتهبدت راسها على الأرض مِن التعب فـ زحف خالد ناحيتها لإنُه كان مربوط بأمر من نوح مؤقتًا، قدر يوصلها بسهولة فـ حط راسها على رجليه وهو مبرق على الاخر وفاتح بوقه بيتنفس بسُرعة لدرجة أنُه بينهج، ببعد شعرها عن وشها لقى وشها اصفر وحالتها صعبة، قال بصوت مُتقطع: إنتِ تعبانة! جالِك برد من لبسك الخفيف وشكلِك مأكلتيش بقالك مُدة، وشفايفك جافة لازم تشربي وتاكلي وتتدفي.
مروة بصوت رايح تمامًا من التعب: عايزة أموت، تعبت أوي، من يوم ما إتولدت مرتاحتش.
خالد كان بيترعش وهو مبرق وبيبُصلها، خلع الچاكيت بتاعُه لإنُه مربوط مِن رجلُه، ولبسُه ليها رغم رفضها، قفلها سوستة الچاكيت وقعد يدفيها بإيديه..
لما حست بالدفا جسمها بدأ يهدى من الرعشة، وحست بالتعب.. كانت سُخنة واخدة دور جامد.. شوية ودخل واحِد مِن الأرانِب شايل صينية اكل وبيقول: ست عبير بعتالك الأكل دا، هي قعدت تتحايل على نوح باشا ووافِق.
خالد وهو على نفس الريأكشن قال: عاوز تلج ضروري!
ضحك الأرنب بسُخرية وقال: عاوز إيه يخويا؟ إنت تحمد ربنا إن الباشا مخلصش عليك، دا إنت تودينا كُلنا في كلبوش.
خالد بخضة: البنت هتموت دي سُخنة!
الأرنب بنفس النبرة: ما إنت قاتل واحدة تحت، جاتلك الحنية دي منين! كُل وإنت ساكت ومتعملش دوشة كتير عشان متتأذيش.
خرج الأرنب وقفل الباب وراه بالمُفتاح، مروة بدأت تحِس بالخوف فـ حاولت تتعدل لكِن إيد خالِد ثبتتها مكانها وهو بيقول: إنتِ فاهمة الموضوع غلط، اللي بيقولوا إني قتلتها دي.. أكتر إنسانة حبيتها في حياتي، أنا بس مكونتش في وعيي ولما أدركت خطأي…
بلت مروة شفايفها بلسانها وقاطعتُه: وإيه اللي جابك هنا؟
خالد وهو بيرجع راسُه لورا وقال بحُزن: نوح باشا قرر يحبسني بعد ما قتلتها..
صمت لمدة أربع ثواني، بعدها بدأ جِسم مروة يتهز وبدأت تضحك، وصوت ضحكاتها يعلى أكتر وأكتر.
خالد بإستغراب: إيه اللي بيضحك؟
مروة قالت بتعاسة وهي باصة للفتحة في السقف اللي نازل منها نور أبيض: المفروض يفتخر بيك، أنك ماشي على خُطاه.. هه.
خالد بتساؤل فضولي: طب وأنتِ هنا ليه الباشا مقالش ليا، يمكن قال للجاردز التانيين بس انا لا، وليه مموتكيش؟
مروة بنبرة الموت: أنا هنا عشان بلغت عنه وفشيت سِرُه للحكومة، مموتنيش عشان.
حامِل مِنُه.
برق خالد وقال بصدمة: إيييه!!.
_______________________________________
المكان: حارة المنيل.
تحديدًا: منزِل والدة بُثينة.
كانت بتحُط المفرش على الترابيزة وهي سعيدة، لابسة فُستان لونه نبيتي، والساعة بتاعة الحيطة تطاتها بتزود ضربات قلبها.. خرجت والدتها مِن المطبخ وهي بتحُط صينية البشاميل وبتقول: يا بنتي إقفلي البلكونة الجو تلج هيبرد الأكل.
بُثينة بتوتُر: ما عشان بشوف كُل شوية جُم ولا لسه.
والدتها بإبتسامة: إنتِ قضيتي نُص عُمرك في البلكونة دي بتستني عيسى يرجع المنطقة، هانِت بس فتحي مُخك معايا.
بُثينة بتفاؤل وإبتسامة حلوة: يمكِن ربنا عمل كُل دا عشان يبقى ليا في الأخر، تفتكري يا ماما؟
والدتها بتنهيدة: أه أفتكِر، يلا قُدامي على المطبخ
بدأوا يجهزوا الأكل على السُفرة، بينما والدة عيسى كانت ماشية جنب مياسة اللي شايلة قمر، وهي شايلة علبة حلويات شرقية وبتقول:لا بحب أتعزم عند حد ولا أروح لحد، بس مرضيتش أكسر بخاطرها إمبارح، هنقعُد خفافي كدا وبعدين نتكِل على الله، وفوتي لـ بُثينة والله دي بت غلبانة.
مياسة بغيرة من جواها قالت بهدوء: أفوتلها إيه؟ لو ليها نصيب هي وعيسى براحتُه زي ما شوفت حياتي مِن حقُه يشوف حياتُه.
والدة عيسى بنفس الهدوء: إنتِ عارفة إنه بيحبك ومش هيعمل كدا.
إبتسمت مياسة بسُخرية وقالت: أكيد مش أكتر مِن أمل.
ركنت عربية عيسى فـ بصِت والدته وراها لقتُه بيركن راحت قايلة لمياسة: إستني دا عيسى جِه أهو، الحمدلله نطلع كلنا سوا.
عدلت مياسة قمر على دراعها وهي بتطبطب على ضهرها وملامحها عليها حُزن، نزل عيسى من العربية وشافهُم فـ قرب ليهُم وهو شايل علبة تورتة وبيقول: أنا أسِف بجد كان عندي مشوار مُهم أخلصُه وقولت أجيب حاجة يعني عشان مندخُلش فاضيين.
رفعت والدتُه العلبة بتاعة الحلويات الشرقية وهي مُبتسِمة وبتقول: جبت أنا وماسة متقلقش.
بص عيسى لـ مياسة بشرود فـ بصت للأرض فـ قالها: إزيك.
مياسة بهدوء: الحمدلله.
إتحركوا ناحية العُمارة وطلعوا لقوا الباب مردود، وقفت والدة عيسى ووراها عيسى ومياسة وهي بتقول: سلامُ عليكُم يا أهل الدار.
رحبت بيهُم والدة بُثينة وهي بتدخلهُم البيت، البلكونة كانت واسعة وبيبانها مفتوحة، والشقة برد.. سحبت والدة بُثينة الستارة وهي بتضحك وبتقول: والله لسه قيلالها تقفلها عشان الأكل ميبردش، بُثينة، يا بِت!
خرجِت بُثينة مِن أوضتها وعينيها كانت بتلمع مِن السعادة، بُثينة مكانتش بجمال بالِغ زي مياسة وأمل، لكِن كانت ملامحها جميلة، سلمت عليهُم جميعًا بعدها قعدت جنب مامتها وعينيها على تيسى اللي هرش في مناخيره وبص للأرض، بدأت مياسة تتوتر فـ هزت رجليها وهي شايلة قمر.
قطعت والدة بُثينة جو التوتُر دا وهي بتشاور للترابيزة وبتقول: إتفضلوا الغدا يا مرحب يا أهلًا وسهلًا.
شالت مياسة قمر وهي بتتحرك بيها فـ مدت والدة بُثينة إيديها لمياسة وهي بتقول: هاتي أشيلها عشان تعرفي تاكلي براحتِك.
مياسة بإبتسامة وذوق: مفيش داعي بجد عشان متعيطش وتزِن.
والدة بُثينة بهدوء: متقلقيش بعرف أتعامل مع الاطفال، يلا بسم الله.
قعدوا حوالين الترابيزة وكان يوسف ونيللي هناك، نيللي كانت حامل وتعبانة..
بدأت بُثينة تحُط لعيسى أكل في طبقُه، سابِت مياسة المعلقة وهي بتبُص لوالدة عيسى اللي طمنتها بعينيها تعدي اليوم ومتتأثرش، يوسف لاحظ اللي بتعملُه بُثينة فـ بص لـ نيللي اللي مكانتش مركزة غير في الأكل لإنها بترضع.
في وسط الأكل قام عيسى وقف وقال بهدوء: سُفرة دايمة.
والدة بُثينة بعتاب: أكلتك ضعيفة، يرضيكِ كِدا يا أم عيسى؟
عيسى بذوق: معلش والله عشان بتعب لو زودت، تسلم إيديكُم طبعًا..
بص على إيديه فـ قالت بُثينة بسعادة: تعالى أوريك مكان الحوض.
مياسة بسُخرية مقدرتش تكتمها: إيه دا هو الحوض حاطينُه في حتة غير الحمام؟
والدة بُثينة فهمت إن مياسة غيرانة على عيسى فـ قالت: حاطينه برا الحمام عشان الضيوف لو حابة تغسل إيديها من غير حرج دخوله، وطبعًا عيسى مش ضيف.
مياسة إتضايقت منها فـ ردت بخُبث زيها وقالت: طبعًا إحنا صحاب بيت طالما ولاد منطقة واحدة.
إتحرك عيسى مع بُثينة فـ إبتسمت والدة بُثينة إبتسامة صفرا وقالِت: أيوة كدا، عايزينك تعتبري المنطقة منطقتك وتاخدي عليها.
بصت مياسة لوالدة عيسى تاني فـ هنا والدة عيسى ردت: هي كدا كدا منكقتها، طالما منطقة عيسى تبقى أم بنته مش غريبة عليها.
وقف عيسى عند الحوض وغسل إيديه سريعًا، وبُثينة واقفة جنبُه شايلة الفوطة على دراعها وهي ساندة راسها على الحيطة وبتقول بإبتسامة واسعة: مش قادرة أصدق إنك هنا.
ثبت عيسى إيديه وهو مستغرب وبصلها لقاها هيمانة فيه فـ قال بهدوء: في بيت أختي، متصدقيش ليه؟
عدلت راسها ووقفت وهي بتبُصله وعينيها في ثانية إتملت دموع وقالت بنبرة مجروحة: من ساعة لما.. أمل جات المنطقة، مبقتش حتى اختك.. كنت بتنزل وتعدي من جنبي متسلمش حتى عليا.. كنت بقعد على سلم العمارة أستناك.. من يومها إتعلمت إنتظارك.. فضلت عن الجنة.. نارك!
عيسى معرفش يرُد، قفل المياه وبص لعينيها اللي ماليها الحُزن، وتحتها خطين من الهالات السودا قدؤت تخبيهم، واضح إنها مبتبطلش عياط.. ومبتنامش كويس..
سحب منها الفوطة وهو بيقول: مفيش داعي نجيب سيرة أموات يا بُثينة.
نشف إيديه وحط الفوطة على دراعها تاني، وطى شوية عشان هي أقصر منه وبصلها.. قلبها بدأ يدُق جامد ونفسها ضاق لإنها مش مستوعبة قُربه، وزود إرتباكها لما قال: يمكِن عشان كُنت طفل إنبهرت بحاجة وسيبت حاجة، لكِن إنتِ تعزي عليا والله.
دموعها نزلت اللي كانت محبوسة وضحكت.. عدل هو أكمامُه وقال: هو أنا مُمكِن أشرب سيجار في البلكونة؟
بُثينة بحماس: اه طبعًا تعالى إتفضل..
مشيت معاه للصالة وراحت ناحية البلكونة، شاورت لمامتها إنها هتوقف معاه فـ بدأت مامتها تشيل الأكل، ومياسة قاعدة على تكة عياط.. غمضت عينيها وخدت نفس عميق فـ مامة بُثينة قالت: إستريحي على الكنبة أنا ثواني وهعملكُم الشاي يدفيكُم..
وقفت نيللي تشيل معاها الأطباق وهي بتقول ليوسف: لو فوني رن تبقى ماما رُد وطمنها.
يوسف بهدوء وهو بيبُص في الفون: حاضر متقلقيش بس متجهديش نفسك إقعُدي إنتِ.
شالت مياسة قمر وقعدت بيها على الكنبة اللي بتبُص على البلكونة، كانت عايزة تعيط وهي شايفة بُثينة بتتلزق فيه، بس تعيط ليه؟ ملهاش أي حق في كدا بعد ما طلبت الطلاق وإتخطبت لراجِل تاني.. دعت ربنا إن اليوم يخلص عشان يمشوا لإنها مش هتقدر تستحمِل، وفضلت عينيها متعلقة على البلكونة..
عيسى حط السيجار بين شفايفُه ولسه بيرفع الولاعة عشان يولعها لقى بُثينة لسه واقفة وبتبُصله بشرود.
عيسى بهدوء: مُمكِن تدخُلي جوة عشان الدُخان ميضايقكيش.
بُثينة بمرح: يووه، دا أنا كُل يوم بركب المواصلات وبيبقى في دُخان أكتر من كدا، وريحته صعبة وبتحمل.. إنما..
بصلها عيسى بعد ما ولع السيجار مستنيها تكمل فـ قالت: إنما دُخان خارِج مِن أنفاسك إنت!.
بص للأرض وحس إنه أتحرج! بعيدًا عن إنه نسوانجي وجريء لكِن بُثينة مشاعرها فياضة كفيلة تحرِج أي حد.
بص عيسى قُدامه ومردش وهو بينفُث الدُخان، فـ بصت بُثينة معاه للشارِع وقالِت: كُل يوم بفضل واقفة مستنياك هِنا لغاية ما ترجع، كان في أيام بتبات فيها برا.. مبترجعش في نفس اليوم، كُنت بنام على نفسي في البلكونة.. وماما تيجي تصحيني عشان أنام جوة.
بصلها عيسى وقال بهدوء: يا بُثينة إنتِ طيبة وقلبك أبيض، وجميلة.. ربنا يرزُقك باللي يستاهلِك.
عينيها جمعت دموع مرة تانية وقالت: يحرم عليا أي راجِل غيرك يا عيسى.. هعذب نفسي مع غيرك ومش هقدر، مع إنك عمرك ما حسيت بيا ولا شوفتني.. كُنت شفافة بالنسبالك.. تخيل بنت من طفولتها بتتخيل إنها مراتك وعايشة معاك؟ خدت الخيال وسيبت لغيري الواقِع.
بدأ عيسى يزعل عليها فـ بصت للأرض ودموعها نزلت وهي بتقول: عمري ما حبيت أبينلك ضعفي.. بس غصب عني كان لازم ييجي يوم وأكلمك عن مشاعري طالما مش شايفني وبتتعمد تتجاهلها، اهو أبقى عملت اللي عليا عشان لو جرالي حاجة..
حط عيسى كف إيدُه على شفايفها عشان متكملش..
شافت مياسة المنظر دا قامت هبت من على الكنبة وهي بتقول بضيق: يوسف مِن فضلك أنا نازلة.
يوسف بإستغراب وهو بيلاعب إبنُه: نازلة فين طيب؟
مياسة بعصبية عشان متعيطش: هجيب حاجة من نحت وأجي.
يوسف بهدوء: طب قوليلي عاوزة إيه وأنا أجيبهولك!
مياسة بضيق لإن خلاص دموعها كانت هتنزل: يووه.
خرجت نيللي من المطبخ وهي بتشيل قمر عنها وبتقول: هاتي لغاية ما تيجي، هاتي حاجتك وتعالي.
سابت مياسة قمر مع نيللي وبدأت تهوي بإيديها على وشها عشان متعيطش وجريت برا الشقة، لاحِظ عيسى جري مياسة لتحت فـ طفى السيجار وقال لبُثينة وهو بيقاطِع كلامها: عن إذنك ثواني.
خرج من البلكونة جري على تحت عشان يلحقها، كانت باعتة لأيمن المكان وأول ما شافتُه واقِف تحت حضنتُه وقعدت تعيط!
أيمن وقِف مكانُه زي المتكهرب مش فاهم هي بتعيط ليه، فـ طبطب على ظهرها.
عيسى كان نازل على السلم لقاها في حُضن أيمن وبتعيط قُدام المنطقة! حارة شعبية! والقيل والقال وبعيدًا عن كُل دا.. هي في حُضن راجِل!!!!
راح ناحيتها وسحبها مِن حُضن أيمن.. ومشي بيها ناحية العُمارة، ايمن مشي وراه وهو بيزعق وبيقول: عليا النعمة ما هسكُتلك تاني يا..
قبل ما يكمِل جُملتُه عيسى بطحُه براسُه في راسُه..
وقع على الأرض لورا وهو ماسك راسُه وعيسى بصلُه بتحذير، سحب مياسة على فوق وهي بتثبت رجليها في الأرض وبتقول: سيب إيدي يا نسوانجي يا قذر.
كانوا في مدخل العُمارة..
ومفيش حد حواليهُم، وبدون سابِق إنذار نزل على وشها بـِ كف.
حطت كف إيديها على خدها وهي بتبُصله بصدمة، كان باصص ليها بقرف وهو بيقول بضيق: تسيبي بنتك مع أمي، وتنزلي تركبي مع الـ **** اللي تحت دا، لمي حاجتك وتغوري.. انا مش إستبن عندك تنامي في بيتي وتصبحي في حُضن عشيقك.
إيديها لسه على خدها وهو بينطُر دراعها من بين إيديه بقرف..
جريت على السلم عشان تخرج من العُمارة تاني، سمع عيسى صوت ضرب نار فـ نزل جري وهو بيخرج السلاح بتاعُه من الحِزام من ظهره ونازل يشوف في إيه!
______________________________________
المكان: قصر أمير الذهبي.
تحديدًا: غُرفة مكتبُه.
كان قاعِد ورا المكتب لابِس هاي كول إسود وبدلة سودا، مرجع شعرُه كُله لورا وهو بيقلِب في الأوراق الخاصة بالأملاك بتاعة عيلة الذهبي.. دخلت عليه صِبا وهي لابسة بنطلون سكيني إسود وبوت اسود طويل للرُكبة، وهاي كول إسود أكتافه مكشوفه لكن أكمامه طويلة، وحزام جملي.
قفلت باب المكتب وهي بتضُم إيديها لبطنها وبتمشي ناحية أمير وبتقول: برضو مش عاوز حاجة تاكُلها؟ حتى لو ساندوتش خفيف يسندك.
هرش امير في مُقدمة مناخيره وهو بيقول: سيبيني لوحدي.
صِبا بسؤال بديهي: طب عيطت؟
بصلها أمير بتبريقة ضيق وقال بملل منها: تؤ! إخرُجي وسيبيني.
تجاهلت كلامُه كالعادة وقعدت على طرف المكتب وهي بتبُص للأوراق اللي بيدور فيها وقالت: بتدور على إيه بالظبط من الصُبح؟
رزع أمير الورق على المكتب وقال بتكشيرة وتنهيدة نفاذ صبر: صِبا، روحي شوفي إبنك وسيبيني.
صِبا بعناد كالعادة: لما أعرف.
أمير ببرود: براجع على كُل مُمتلكاتنا وبحسب نصيبك إنتِ وولادي عشان أكيد نانسي بنت عمي ليها نصيب لازم يتحفظ بإسمها، عشان لما يجرالي حاجة أكون أمنتكُم على الأقل.
وشها إتغير وقالت بخضة وهي بتقعُد على رجليه: بعد الشر!! ليه الكلام دا ربنا يخليك ليا ولولادك.
أمير بجدية: هزود عليكِ حراسة، عشان هضطر أسيبك مع الولد هنا في أمان، واتحرك عشان أجيب حق أمي.
قامت صِبا مِن على رجلُه وبصتلُه بفضول وقالِت: تجيب حقها؟ من مين! إنت مخبي عني حاجة!
بص ليها بنظرة ميتة ومردش، ورجع بص في الورق، بلعت هي ريقها عشان أمير مش طبيعي، ومن وجهة نظرها طالما معيطش يبقى مشاعرُه مكبوته وهيتضرر!
_______________________________________
المكان: منزل عزيز الإبياري.
تحديدًا: الجناح الخاص.
كان بياخُد شاور وسيليا قاعدة على السرير لابسة روب وماسكة الفون.
خرج عزيز وهو لابِس بنطلون أسود ومش لابِس تيشيرت وقال وهو بينشف شعرُه: برضو زعلانة مني؟ يا حبيبي مش أنا خدتك إنتِ وسيليا وروحنا الملاهي وإتغدينا برا؟
رفعت سيليا عينيها وبصتلُه وهي بتقول: لأني المفروض أنا السِت اللي إنت بتحبها دا طبيعي، إنما واخدها هي معاك ليه؟؟
قعد عزيز على السرير ومسك إيد سيليا وقال: عشان هي أمه، تصدقي وتؤمني بالله أنا تعاملي معاها كان في أضيق الحدود، إنما خروجي معاكِ أنتِ وسيلا، كُنت بحضُنك. بخطف بوسة.. بـ..
كان بيتكلم وبيقربلها فـ إتعدلت في قعدتها وهي بتقول: إتلم إحنا لسه كُنا سوا.
حاول يقرب منها تاني لكِنها لاحظت جرح في رقبته من تحت، وباين جرح مش بسيط، نزلت التيشيرت شوية لقته جرح طولي من رقبته لكتفه يعني كان فيها موته.
سيليا إتعدلت أكتر وهي مخضوضة وبتقول: أيه دا يا عزيز؟ مين عورك بالمنظر دا وشكلها مش قديمة! حصلك ايه؟
سحب عزيز التيشيرت من بين إيديها وقال بضيق: مفيش حاجة كُنت بحلق والموس نزلته على رقبتي لغاية تحت بالغلط يعني حاجة بسيطة.
سيليا بعصبية: دا كلام ميدخُلش عقل عيل صغير.. لو بتحلق على الأقل رقبتك من فوق اللي هتتضرر، مخبي عني إيه؟
وقف عزيز وقال وهو بيسحب التيشيرت بتاعُه من على ضهر الكُرسي: يووه، كفاية زن قولت محصلش حاجة.
وقفت سيليا وهي بتحاوط رقبته بإيديها وقالت بهدوء: يا حبيبي مش بزن، أنا بسأل عشان قلقت عليك، مش ناوي تصارحني؟
بصلها عزيز بإعجاب وحُب بعدها قال بهدوء: ناس غريبة أتهجمت عليا فـ..
سيليا وهي بتبُصله مستنياه يكمل: فـ؟
عزيز وهو بيبُص ناحية تانية عشان عينُه متجيش في عينيها: قتلـ| تهُم.
سيليا بخضة وصوت عالي: يالهوي!
عزيز بتبريقة: شششش أومال عيزاني أعمل إيه؟ الواد ركب ومسكني من رقبتي من ورا كان عاوز يدبحني، لولا عندي سُرعة بديهة كان زمانك بتترحمي عليا.
حضنتُه سيليا جامد وهي بتقول بسُرعة: بعد الشر!
غرز عزيز راسُه في رقبتها وهو مغمض عينيه وبيقول: لسه حلوة زي ما إنتِ، زي أول مرة شوفتك فيها.
إبتسمت وهي في حُضنه وقالت: مبتزهقش؟
رفعها من خصرها وحاوطت خصره برجليها وقال: عمري ما أشبع مِنك!
مفهمتش سيليا إنه بيغير الموضوع ويداري على اللي حصل، رغم إنها كانت وحشاه بس خوفه مِن إنها تحس بالخطر تاني وهي معاه كان مسببله قلق.. مكانش مستعد ينفصل عنها وهو حاسس إنه هيحصله شيء
كان حابب لو دي نهايته تكون على ذمتُه لأخر نفس.
______________________________________
المكان: حارة المنيل.
تحديدًا: أسفل بناية بُثينة.
كما توقع عيسى عربيتين مجهولين بدون أرقام بتحاول تخطف مياسة، وأيمن مداري راسُه بين إيديه وقاعد على رُكبه بيصوت، سحب عيسى مياسة اللي مستخبية ورا حيطة العُمارة وخلاها وراها وهو مصوب سلاحُه ناحية العربيتين، بيحاول يصوب على الإزاز أو على الأشخاص اللي بتضرب النار، أو على العجلات عشان يعيقهُم، ومياسة ماسكة في هدومه من ورا بخوف وهي بتترعش، قام أيمن وقِف ورا مياسة اللي واقفة أصلًا ورا عيسى وهو بيترعش ومبرق.. لغاية ما العربيتين مشيوا بعيد عشان عيسى كان بيصوب بطريقة مُحترفين.
بُثينة ونيللي ويوسف وأمهاتهُم كانوا واقفين في البلكونة بيتفرجوا وبيصوتوا، لف عيسى وهو بيبُص لمياسة بعتاب صامِت وضيق مِنها، وبص بتقليل لـ أيمن اللي كان خايف، إتضايق أيمن من نظرات عيسى ايه ونظرات مياسة لعيسى اللي شافتُه بطل فـ قال بضيق: تلاقيهُم تبعك أصلًا وعملت النمرة دي عشان تلفت نظر خطيبتي ليك مِن تاني.
ببوز السلاح بتاعُه ضرب عيسى ايمن في راسُه، وبعدها نزل بكوعه عليه في بطنُه فـ صوت أيمن
نزل يوسف جري والبوهيمي خرج مِن الدُكان بتاعُه عشان يحوش وهو بيقول: خلاص يا عيسى سيبهولي أنا.
نزل يوسف برضو ومسك عيسى من الناحية التانية فـقال عيسى بعصبية: إنت كُنت واقِف مستخبي وراها يعني هي اللي هتحميك بعد كدا يا ***
كان حاطط أيمن إيدُه فوق راسُه وهو بيقول: والله لا أعمل فيك محضر، يلا يا مياسة.
مياسة بصت لعيسى وكانت خايفة تروح مع أيمن، فـ عيسى ضغط على اسنانه وقال: مش هتروح معاك في حتة، تقوم كدا بدل ما أخليك خط مُنتصف الطريق، يلا يا ****.
يوسف بزعيق: ما تنجز يا عم وتغور!
قام ايمن وهو بيقول: محضر تعدي عليا وإحتجاز خطيبتي.
عيسى بعصبية: أه طيب ماشي جدع يلا روح عيط للحكومة زي النسوان.
ركِب أيمن عربيتُه وساقها بسُرعة ومشي، بصت مياسة لعيسى بذنب وهي لاوية بوزها فـ مقدرش عيسى يقاوم، مد إيدُه ليها وهو بيقول بجدية وغضب: هاتي إيدك.
حطت إيديها في إيديه ومشيوا سوا ناحية عُمارتهُم هُما، سايب عيسى وراه بُثينة عينيها مليانة دموع كـالعادة، والحسرة مالية قلبها.
دخلوا العُمارة وبعدها الشقة، ساب عيسى الباب مفتوح وفتح أول زُرارين عشان يتنفس وهو بياخُد نفسُه بالعافية، راحت مياسة المطبخ ورجعت بمنديل.. قعدت جنبُه وبدأت تمشي المنديل على وشه بتمسح له العرق، بصلها عيسى وهو ساكِت فـ قالت هي بـِ رِقة مسمعهاش منها من فترة: أنا أسفة.
عيسى بصوت رايح من كُتر الزعيق: على أيه بالظبط؟
رفعت عينيها وبصت لعينيه وهي بترمِش وبعدها قالت بهدوء: إنت شايف إيه؟
بص لـ وشها بعيونه من فوق لتحت وهو مقرب وقال بتكشيرة: أنا شايف إنك فرس عنيد، وصاحبُه فشل يروضُه، وكُل ما يهرب مِن صاحبُه يدافع الحُرية ويروح لحد تاني، بيعرف إن مفيش حد هيراعيه ويحميه.. غير صاحبُه اللي هو في الأساس مِلكُه.
إبتسمت إبتسامة خجل على جنب وهي بتبُص للأرض، بعد شعرها الطويل الناعِم على جنب عشان يشوف ملامحها فـ نزل شعرها من الجهة التانية وهي بتبُصله وبتقول: أصل اللي بيحاول يروضني، بيحاول يخليني نُسخة مِن فرس قديم.. وأنا عُمري ما هكون غير أنا حتى لو مُقابِل دا هفقد شعور الأمان اللي بحس بيه، فاهِم حاجة؟
عيسى وهو بيعُض على شِفتُه السُفلى قال: أه فاهِم.. عُقبالِك.
الصمت كان ثالثُهم، لغاية ما عيسى قرر يفوق مِن سِحرها وقال: بالليل هتفوت عليكِ سِت في مُنتصف الثلاثينات، هتاخدك معاها لمشوار بخصوص المُفتاح اللي في السلسلة.
حطت مياسة إيديها على رقبتها وهي لامسة السلسلة وبصت لـ عيسى بـ ريبة فـ طمنها بنظرتُه وقال: متقلقيش أمان، روحي معاها وأفتكري مأمنتش حد غيرك على اللي هتشوفيه.
حركت راسها بمعنى حاضِر، رجع سرح فيها تاني، وهي بصتلُه بنظرات خجل وحُب، جِه عشان يقرب منها دخلت والدتُه وهي بتقول بخضة: أيه يابني اللي حصل في الحارة دا؟؟
________________________________________
المكان: منزل أعلى تل مُرتفِع.
تحديدًا: جناح الرايق.
دخل نوح الجناح وهو بيقفل الباب برجل واحدة وبيرجع شعره لورا بإيديه بعصبية وهو بيتنهد، كانت قاعدة رفيف على السرير حاطة قُدامها ركان وريان وهي بتبُص لنوح بإستغراب وبتقول: مالك في إيه؟
فرك نوح عينيه وهو بيقول: مفيش حاجة أنا بس.. عايزك تقفلي على نفسك الجناح إنتِ والعيال كويس ومتفتحيش لمخلوق لغاية ما أجي، الباب مُصفح صعب فتحُه إلا إذا سيادتك قررتي تفتحي الأقفال من جوة.
رفيف كشرت بعدم فِهم وهي بتبُصله وبتقول: مش فاهمة، إنت خارِج؟
بصلها نوح بثبات وقال: أيوة ورايا شُغل مُهم.. هخلصُه وأرجع.
ضحكت رفيف بسُخرية وقالت: طبعًا شُغل مُهُم، زي شُغلك اللي قبل كِدا.
نوح بتبريقة على طريقتها: فوقي وإعرفي إنتِ بتتكلمي إزاي لا إلا هفوقك بطريقتي، تسمعي كلامي عشان أنا مش واثق في الحرس اللي هنا، وبصراحة مش واثق فيكِ تفتحي الباب وتاخدي العيال وتجري بيهُم.. ساعتها تبقي حكمتي عليهُم يعيشوا أيتام مِن غير أُم.
غطت رفيف أولادها وقامت وقفت قُدام نوح وهي بتقول بصدمة: للدرجة دي روحي مش مُهمة عندك؟
نوح قالها بوجع منها: وهو أنا اللي مُهِم عندك اوي؟ إنتِ نفسِك في أي فُرصة عشان تهربي مني.. مش مُتقبلاني ومُتقبلة حياتي وتقولي هروح لأخر العالم معاك لأني مبحسش بالامان غير معاك.
رفيف عينيها إحمرت وضحكت بسُخرية تاني وهي بتقول: أديك قولتها بنفسك.. مبحسش بالأمان غير معاك، أحسُه إزاي بعد اللي إنت عملتُه فيا.
كور إيديه ورفعها فـ إنكمشت رفيف على نفسها، راح خبط إيده في الباب المُصفح جامد.. إتخضت هي، فتح الباب وخرج ورزعه وراه وراح قافل بمفتاح من برا، رزعت هي على الباب بإيديها وهي بتقول بزعيق: هي حصلت بتحبسني!! ماشي يا نوح.
الأولاد إبتدوا يعيطوا فـ هديت وقربت منهُم وهي بتعيط وبتقول: حقكُم عليا، مقصُدش أزعق.
قعدت تهدي فيهُم عشان يبطلوا عياط وهي بتبُص للباب بضيق.
إتحرك نوح ووراه رجالتُه وواحد منهُم بيقول: مش هنجيب خالد معانا يا باشا؟ كان بيساعدنا كتير!
وقف نوح وبصلهُم وهو بيقول: كُنت هقولك خالد محتاج علاج بس لقيتها جُملة هزلية.. لإني شخصيًا المفروض أتعالِج، هطلع أجيبُه بنفسي وبالمرة أشوف التانية.
_________________________________________
المكان: حارة المنيل
تحديدًا: منزل الغُريبي.
مياسة كانت قاعدة على الكنبة بتمسح إيدين قمر بالوايبس الطبية، بصت والدة عيسى مِن المطبخ وهي بتسأل: مقالكيش رايح فين بعد كِدا؟
عدلت مياسة قمر وقعدت تطبطب على ظهرها وهي بتقول: لا يا ماما هو قال وراه شُغل بس وقالي أقولك على الست اللي هتفوت عليا عشان تفرجني على حاجات قمر.
والدة عيسى بإستغراب: أه ما هو إتصل بيا وقالي، بس إشمعنى بالليل دا خطر عليكِ يا بنتي.
مياسة بهدوء: يعني تفتكري عيسى هيخليني أروح مع واحدة هو مش واثِق فيها؟
خرجت والدة عيسى مِن المطبخ وقعدت جنب مياسة وهي بتقول: مش قصدي كِدا، أنا بس مش مرتاحة شوية.
مياسة بإبتسامة: متقلقيش، قمر رضعتها أهو وغيرتلهت خليها معاكِ معلش على ما أخلص مشواري.
شالت والدة عيسى قمر وهي بتقول: ياختي أحب ما على قلبي، بُكرة نيللي تولد وأشيل ولادها برضو.
دخلت مياسة تغير هدومها، وهي بتغير سمعت صوت الجرس فـ عرفت أن الست اللي تبع عيسى جت، لبست مياسة سويتر كُحلي وبنطلون سكيني چيز إسود
وعملت شعرها بوني تيل، بصت للست اللي أم عيسى بتحاول تضايفها والتانية بتقول إنها مستعجلة
كانت ست ثلاثينية، شيك لابسة بوت طويل وفُستان شتوي غامِق، بصت لمياسة وإبتسمت وهي بتقول:
جاهزة؟
مياسة بهدوء بتحاول بيه تخفي التوتُر: أه.
إتحركت معاها وركبوا عربية الست ومشيوا..
وقفت العربية عند محطة القطر.. وكان باين عليها التعب، إستغربتها مياسة وسألتها: هو حضرتك كويسة؟ شكلك تعبانة أوي.
الست بهدوء: متقلقيش أنا بخير، هنزل بس أروح التويليت وأجي نكمل مشوارنا.
مياسة بهدوء: أوك.
نزلت الست من العربية وهي بتضُم هدومها عليها من البرد، وسابت مياسة في العربية مستنياها، إستنت مياسة ربع ساعة بعدها زهقت وفتحت الراديو
” مع راديو مصر، هواك هوانا ”
“قمرين دول ولا عينيك قلبي بيسألني عليك”
” الداخلية تُشدد على ضرورة إلتزام المواطنين بـ “.
قفلت مياسة الراديو وهي بتتأفف بعد ما قلبت في القنوات، الجو كان برد وليل.. ومحطة القطر بس اللي منورة وشكلها مفيهاش ناس كتير.. قررت تنزل تستعجل الست، نزلت من العربية بعد ما سحبت مُفتاح العربية منها وقفلتها، وإتحركت ناحية المحطة وهي بتتلفت حواليها، ملقتهاش فـ قررت تروح للحمامات.. دخلت وهي بتبُص على الأبواب.. لقت باب واحد بس اللي مقفول.
خبطت عليه وهي بتقول لإنها نسيت تسألها عن إسمها: إنتِ هنا؟ الجو برد أوي وأنا إستنيتك كتير!
….
خبطت مياسة تاني لكِن موصلهاش رد.. فـ قررت للأسف تتصرف من دماغها.
________________________________________
الساعة 1 مُنتصف الليل..
رجِع عيسى لبيتُه اللي في الحي الراقي، نزل من العربية ولسه بيتحرك عشان يطلع خبطة على راسُه من ورا وقعتُه في الأرض.. وسحبوه في عربية سودا مفيمة ومشيوا بسرعة..
أصوات مُتداخلة، ألم شديد في راسُه.. عدم القُدرة على فتح عينيه مِن شِدة الألم، حس بنُقك مياه على وشُه فـ فتح عينيه بـِ بُطء..
نور الشمس وشكل السما الزرقا أول حاجة شافها، رمش بعينيه كذا مرة لقى وش بنت فوقه بيقول: عيسى، شكلك هوت بالقميص الأبيض واللبس الصيفي.
صيفي!
إتعدل عيسى لقى نفسُه لابِس شورت چينز إسود، وقميص أبيض مفتوح أول ثلاث زراير مِنُه، والسلسلة بتاعتُه مُنسدِلة على جسمُه، بص حواليه لقى نفسُه على شاطيء بحر! وعلى حواف الشاطيء ستات لابسين فساتين بيضا وماسكين دفوف بيستعملوها مع ألحان الأغنية
بصوت أحمد مُنيب ( الليلة.. الليلة يا سمرا يا سمارة الليلة يا سمراا)
يتبع..
#العبث_الأخير.(رُكاب سفينة نوح)
#بقلميييييي
#روزان_مصطفى
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.