رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) الفصل السادس 6 – بقلم روزان مصطفى

رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) – الفصل السادس

[العبث السادِس]

[العبث السادِس]

[العبث السادِس]

-رُكاب سفينة نوح.

•عنوان الفصل/ لكِن أليس! هُنا ليست بلاد العجائِب.

•” دعنا نحلُم! لِحُسن الحظ رجُل التذاكِر الباهِظة لا يجلِس أمام بوابة الأحلام، لِنقع في ذات الحُفرة التي سقطت بِها أليس، أو نسير في الدرب الذي سارت بِه ذات الرِداء الأحمر.. لنترُك ذلك الواقِع اللعين على ضِفاف الحُلم ونُغادِر! “-بقلمي

المكان:  جناح ١٢ /فُندق ****

تحديدًا:  دورة المياة.

كان واقِف بياخُد شاور وهو بيغني بإستمتاع:  على فين وخداني عينيك يا ساقيني الشوق بإيديك دا أنا قبلك ياما قاسيت من الناس والشوق والدُنيا تبقى إنت وهُما عليا تيرارارا.

إتفتح باب الجناح بطريقة ذكية، ودخل نوح ووراه الأرانِب.. سمع نوح صوت الدوش فـ قال للأرانِب بهمس:  ثلاثة منكُم يوقفوا عند باب الحمام وأربعة عند باب الجناح، والباقي حواليا.

الأرانِب بطاعة:  أمرك يا باشا.

إتحركوا يوقفوا زي ما نوح قالهُم، كان لابس نوح بدلة سودا وقميص إسود.. بص بعينيه على الترابيزة لقى عليها إزاتين شامبين وكاستين فاضيين وباكيت ثلج

وطبق عنب أحمر.. ضحك الرايق بسُخرية وقعد قُدام الترابيزة وحط رجل على رجل، وهو بيفتكر عمايل الراجل اللي بياخُد شاور جوة دا في أُمه.. خرج لابس البُرنص وهو بيكمل غُنا بمزاج وبيقول:  ويا ترى يا جميل لو قلبي يميل ويا نصيبي.

وأول ما شاف نوح إتخض وبرق وهو بيقول: إيه دا إنت مين ودخلت هنا إزاي!!

جري على الفون عشان يكلم الإستقبال يبلغهُم بوجود شخص غريب في جناحُه واحد من الأرانِب غرز مِطواة صُغيرة في كف إيدُه اللي محطوط على سماعة التليفون فـ صوت بألم شديد، مسكوه من دراعاتُه الإتنين فـ قال نوح بنبرة غريبة: عبدالخالِق متولي، أشهر مُحامي نجِس في فترة التسعينيات.. وحاليًا بيصرف كُل فلوس القضايا اللي كسبها زمان، على النسوان.. والدليل على كدا مدام إنتصار الموكلة بتاعتك اللي خلعتها من جوزها وجيالك عشان تقضوا ليلة مع بعض.

كان بيترعش بجسمُ المتوسط وكِرشُه الكبير، وقُصر قامتُه.. كان أقرع وعندُه شعر من الجنبين لونُه رمادي

كان زمان إسود، وشنب كذلك.. وشُه مدور وعنده خدود مدلدلة..

كانوا ماسكينُه من دراعاتُه وبدأت رجليه كمان تترعش، كشر نوح وقال بنبرة غريبة: رؤى، فاكرها؟

عبد الخالِق برُعب:  رؤى مين بالظبط ما في تسعين رؤى.

إتقدم نوح بجسمُه وهو بيبُص جوة عيون عبد الخالِق وبيقول بجدية وغيظ: رؤى اللي أثبتتوا عليها إنها زانية! وحرمتوها من كُل حاجة هي وإبنها، وموتوها بحسرتها، مش فاكرها؟ دا حتى إنت كُنت موكِل زوجها.

بلع عبدالخالِق ريقُه وهو مبرق وبيفتكر..

-التعسينيات-صباح يوم مُشمِس.

خرج عبدالخالِق مِن قاعة المحكمة وهو بيلبس نظارتُه الشمسية والصحافة بتجري وراه فـ وقف وقال:  نشكُر نزاهة وعدالة هيئة المحكمة في الحُكم الصادِر مِنها تجاه الخِصم وموكلتُه، وتم تقديم كافة الأدلة التي تُثبِت أنها بالفعل قد قامت بفِعل الزِنا.

واحدة مِن المُذيعات:  هل بالفِعل شقيقة الجانية شهدِت ضِدها؟

خرج عبد الخالِق سيجار بُني وحطُه بين شفايفُه وهو بيقول: أه طبعًا ودا الصح، الشهادة الصادِقة هي الصح والأصح ودا قوى مِن موقفنا عشان إحنا أصحاب الحق.

شاور بإيدُه ليهُم يوسعوله عشان يمشي وهُما مبطلوش أسئلة وهو ماشي، وصل لعربيتُه لقى رؤى شايلة نوح على دراعها وبتقول وعينيها حمرا من العياط:  ضميرك مش هيوجعك بعد ما إفتريت عليا وعلى شرفي إنت وأهل جوزي؟ أنا مش مسامحة، حسبنا الله ونعم الوكيل فيك.

ضحك بسُخرية وقال:  إذا كان أُختك شهدت ضدِك، مستنية مننا إحنا إيه؟

كانت رؤى بتبُصله وعينيها وارمة من العياط لإنها خسرت كُل حاجة، بصلها هو بشهوة ورغبة وقال وهو بيمسك دراعها: بس إحنا فيها، مُمكِن نلعب لعبة صغيرة وأغير كُل القضية لصالحك وأخليكِ تاخدي منهُم فلوس وتخلي إبنك معاكِ بعد كِدا، وفوق كُل دا ترُدي كرامتك من تاني وتبقي شريفة في نظر القانون.

لوت رؤى بوقها بحسرة وقالت:  ودا مُقابِل إيه؟ أنا مش معايا جنيه.

قرب منها وقال:  ليلة واحدة في بيتي معاكِ، ليلة واحدة تبقي بين إيديا

زعقت رؤى وقالت:  إبعد الله يلعنك عايز تلوثني وتخليني زانية بجد.

عبد الخالِق بغرور وهو بيزُقها بإيدُه: يلا يلا، يلا يا فاجرة من هنا هو جسمك لناس وناس ولا إيه.

ركب عربيتُه ورؤى شايلة نوح وبتقول:  منك لله وعند الله تجتمع الخصوم، يوم القيامة ربنا هيجيبك قُدامي وهقتص منك، لو مكُنتش أنا صعبت عليك كان صعب عليك إبني اللي على دراعي، منكُم لله يارب رُدلي حقي، رجعني في نظر الناس طاهرة يارب!

كان نوح وهو على دراع رؤى حفِظ ملامح عبدالخالِق كويس، وحفِظ نظراتُه كُلها.

-الوقت الحالي..

عبدالخالِق بصدمة وهو مبرق وبيبُص لعيون نوح: أنا فاكرك، فاكر إني شوفت عيونك دي في حتة قبل كِدا؟ النظرات دي مش غريبة عليا! هي رؤى إتجوزت بعد كِدا؟

نظرات الحِقد والغضب في عيون نوح إتحولت لظلام كُره وحسرة وضحِك بمرارة وقال:  هو بعد اللي عملتوه كان في حد هيرضى يشيلها إسمُه؟

عبد الخالِق برُعب:  يعني إنت مين؟

وقف نوح وهو بيفُك أزرار أكمام البدلة وبيقول:  أنا الرايق، وإنت حاجة من الحاجات اللي بتخليني أتضايق، فـ لازم أتخلص منك، عشان للباقي أبقى فايق.

الأرانِب قعدوا عبد الخالِق على رُكبُه فـ قال برُعب:  أنا عملتلك إيه، هُما.. بُص هفهمك، دفعولي فلوس كتير وهددوني، هددوني صدقني أنا عاجِز قُدامهُم.

بـِ بوز جزمتُه اللي بتلمع خبطُه ما بين رجليه فـ صرخ عبد الخالِق بألم فـ قال نوح:  وهددوك كمان إنك تطلُب تعمل علاقة مع أمي وإنت بتبُصلها بنظرات وسخة كُلها طمع وكإنها عريانة قُدامك!!

عبد الخالِق بـِ ألم وبصوت متقطع:  مـ..  ما هي.. هي مرضيتش.

كمل نوح وقال:  أنا برضو لما كبرت وبقيت راجل زي ما إنت شايف، مبقتش أي ست تعجبني، يعني بنتك ملك مثلًا

برق عبد الخالِق وهو بيرفع راسُه وبيبُصله وقال:  ملكش دعوة بيها، إوعى تكون أذيتها!

نوح وهو بيحرك إيديه قال: لفتت إنتباهي أوي، إحتمال أقضي معاها كام ليلة لغاية ما أزهق.

الدم غلي في عروق عبد الرازِق وقال:  ليه فاكرها زي أ| مك الـ ****.

عند النُقطة دي وطى نوح بسُرعة البرق لدرجة إن الأرانِب إيديهُم إرتخت عن عبد الخالِق مِن الخضة!

مسك دقن عبد الخالِق وقال بِصوت خِشن: أنا هخليك تشوف كُل أنواع العذاب قبل ما تموت، أنا نوح اللي كُنت على دراعها، إفتكرت؟

برق عبد الخالِق برُعب وقال وشفايفه بتترعش:  وجاي تنتقم مني أنا؟ منتقمتش من خالتك ليه اللي شهدت ضِد أمك في المحكمة؟

خرج نوح الفون بتاعُه من جيبُه وفتح الجاليري جاب صورة جُثة خالتُه وحطها قُدام عبد الخالِق وهو بيقول:  خالتي دي؟

صرخ عبد الخالِق برُعب ووطى راسُه وهو بيبوس جزمة نوح وبيقول:  أبوس رجلك ورجل الست هانم والدتك الفاضِلة، إحنا لسه فيها وهبقى خدام جزمتك وهروح أطلع في كُل القنوات أثبت برائتها وشرفها، هعترف بكُل حاجة.

نوح بيضحك بتشفي فـ قال: هو أنا هستناك إنت بروح أمك تقول كلمتين تبرأها؟ أنا برأتها من زمان بس إنت اللي مكونتش متابِع..  بما إنك لسه واصِل مصر فـ الأخبار ملحقتش تجيلك ودا عشان إيه؟؟ عشان إنت نازل مصر تجري ورا النسوان وبس.. بس أنا بقى عرفتك أول وأخِر الأخبار.

عبد الخالِق بـِ خوف ورُعب: أنا تحت أمرك يا نوح باشا، أبوس رجلك إديني فُرصة أكفرلك عن كُل حاجة.

وقف نوح على رجليه وبصله من فوق بصة إحتقار وتشفي في ذِله، وقال للأرانِب وهو بيقلع چاكيت بدلتُه:  هاتوهولي على الحمام عشان عايز الجناح نظيف، وأهو الد| م اللي هيتبقى منُه ينزل في البلاعة.

جروه من إيديه زي الخرو| ف للحمام ونوح بيكمل الأغنية: على فين وخداني عينيك يا ساقيني الشوق بإيديك، تيرارارا رارا رارا

عبد الخالِق بصويت حقيقي: إلحقووني.

سحبوه للحمام، ورموه على الأرض، دخل نوح وراهُم وقفل الباب بالمُفتاح بتاع الحمام ورفع أكمام قميصُه، قعد على رُكبه قُدام عبد الخالِقة وهو بيمسك دقنُه وبيقول: كُنت بشوف فيديوهات كتير، لجزا| رين.. بيسـ| لخوا الأُضحية عشان تتشفى وتتغسل.. بس أنا هشفيك ومش هغسلك أصلك كدا كدا مش هتنظف، مش هرميك حتى لكلا| ب الشارع عشان مشيلش ذنبهُم.

عبد الخالِق صوته إتنبح وهو بيصرِخ وبيقول:  إلحقووني.

وبمُجرد ما فتح بوقه حط نوح إيد مسك بيها الفك العلوي، والإيد التانية مسِك بيها الفك السُفلي، والأرانب مكتفين إيديه ورجليه، وبمُنتهى القوة الجسدية بتاعة نوح فتح كُل فك بعيد عن التاني، لغاية ما عين عبد الخالِق جحظت.. بدأ الجلد اللي بين الشفتين يتقطـ| ع والدم ينزل خطوط على رقبة وجسم عبد الخالِق، إستمر نوح بفتح بوق عبد الخالِق لغاية ما قسم بوقه نُصين وبان الأعضاء الداخلية، والد| م اللي نازِل بقوا يحطوه في باكيت الثلج اللي أخدوه من الترابيزة وفضوه وبدأوا يعبوا فيه الدم، كان عبد الخالِق بيطلع في الروح وعينيه مش قادر يحركها هي ثابتة على نوح، نوح بإبتسامة خبيثة: أيووة، هي النظرة دي بالظبط اللي كُنت بتخيلها من ساعة ما شوفت نظراتك لأمي، دي تحديدًا.

مسك فك بوقه اللي واقع على صدرُه وسحبُه لتحت أكتر لغاية ما طلع بالجُزء الأمامي من الرقبة، كان ساعتها عبد الخالِق إنتهى..

بقية جلد الرقبة كان مدلدل فوق صدر عبد الخالِق اللي مليان د| م، سحب نوح الجلد دا لغاية تحت لغاية ما بان لحم عبد الخالِق، الحمام أرضيتُه بقت كُلها د| م لدرجة إن الد| م إتسرب لبرا، وراس عبد الخالِق وشعره من الجنبين مسلو| خين زي راس الخروف عند الجزا |ر.

_________________________________________

المكان: مسرح الدُمى

تحديدًا: الكواليس.

دخل عيسى جري بعد ما حاول واحِد يمنعُه من الدخول وهو بيجري في الكواليس وشايف عرايس الماريونيت مركونين جنب الحيط والستاير القديمة اللي عليها شبك عنكبوت، قعد يدور عليها إختفت، خبط برجليه على الأرض بعصبية وجِه يلِف عشان يمشي لفت نظرُه حاجة بتلمع على الأرض، وطى عشان يشوف لقاه الخاتم اللي كانت لبساه على شكل فراشة وهي بتحرك عروسة الماريونيت، مسك الخاتِم وقعد يدقق فيه لقى جواه حرف A.. عينيه لمعت وهو بيقبض على الخاتم بكف إيدُه بنظرة سعادة غريبة..

وخرج من الكواليس، قابلُه واحِد من جماعة الرمادي بيقوله: لقيتها يا سفير؟

عيسى بخيبة أمل:  لا كانت إختفت، بس لقيت حاجة جايز تانية مُهمة مُمكِن توصلني ليها، يلا بينا..

خرج عيسى من المسرح ومعاه الراجِل بتاعُه، مشيوا في الباركينج لغاية ما وصل كُل واحد لعربيتُه، ركِب عيسى العربية بتاعتُه لقى والدتُه بتتصل بيه فـ رد

عيسى وهو بيدور العربية:  أيوة يا أمي.

والدتُه بهدوء:  إيه يا حبيبي فينك عاوزين نتغدى إنهاردة سوا، أنا بلبس عبايتي أهو عشان أروح أجيب ماسة والبت قمر وحشتني.

إبتسم عيسى وقال: ورايا مشوار بس هخلصُه وأجي عليكُم على طول.

والدتُه بضيق:  يادي المشاوير على الشُغل يعني نموت من الجوع لغاية ما تحِن علينا، يابني يعني هيجرى إيه لو جيت تاكُل لُقمة سُخنة الأول وبعدين روحت مشوارك، دا اللمة وقت الأكل بـ..

قاطعها عيسى وهو بيتنهد وقال: حااضر يا أمي جاي في الطريق عليكِ وهأجِل المشوار بعد الأكل، يلا سلام عشان سايق.

وبالفِعل غير إتجاهُه وراح ناحية حارة المنيل.

________________________________________

المكان: حارة المنيل.

تحديدًا: شقة مياسة.

كانت حاطة شنطة السفر بتاعتها على السرير وبتلم هدومها، وقمر نايمة بعد ما مياسة شالتها ورضعتها وإهتمت بيها وسط حُزنها.. كانت عيون مياسة وارمة من العياط، لابسة تيشيرت أوف شولدرز إسود وبنطلون زيتي ستريتش.. وفاردة شعرها.. سمعت صوت جرس الباب بيرن..

إتأففت وخرجت بسُرعة عشان قمر متصحاش ووقفت عند الباب وهي بتاخُد نفسها، قالت بصوتها الطفولي: مين؟

والدة عيسى: أنا يا ماسة إفتحي.

فتحت مياسة الباب وهي بتقول: إتفضلي.

دخلت والدة عيسى وقفلت الباب وراها وهي بتبُص لعيون مياسة الوارمة وبتقول بصدمة: يا حِزني! مالِك معيطة كِدا ليه!

مياسة مردتش بس عينيها رمشت كذا مرة عشان متعيطش تاني فـ حضنتها والدة عيسى وهي بتقول:  يا بت فيكِ إيه فهميني!

أول ما والدة عيسى حضنتها بدأت مياسة تترعش وهي بتعيط وقالت بعياط وصوتها الطفولي: مش عايزة أقعُد هنا تاني ولا عايزة أشوفه في أي حِتة.

والدة عيسى بإستغراب:  تقصُدي مين إهدي بس.

إتشحتفت مياسة وهي بتاخُد نفسها وبتبعد عن حُضنها وقالت: عيـ..  عيسى، مش عايزة اشوفه ملهوش دعوة بيا.

والدة عيسى وهي بتمسحلها وشها من الدموع بالحجاب بتاعها: ليه يماا عملك إيه وأنا أقطُملك رقبتُه.

حطت مياسة إيديها على صدرها وقالت بعياط وهي صعبان عليها نفسها: تعبت.. تعبت من أمل وطيفها اللي مش قادرة أتخلص منه، وإبنك اللي مش بيساعد نفسه يعيش زي الناس الطبيعية وينساها.

والدة عيسى بحُزن: مش بإيدُه يا بنتي، والله ما بإيدُه هو تعبان، الصدمة عملتله مُشكلة نفسية أقفي جنبه.

رفعت مياسة أكتافها بقلة حيلة وقالت: مش هقدر، صعب عليا مش هقدر ساعديه إنتِ، أو جوزيه واحدة تقدر تستحمل إنه شايفها واحدة تانية.

قعدت مياسة على الأرض وضمت رُكبها لصدرها وهي بتعيط وبتترعش، وطت والدة عيسى وقعدت جنبها وهي بتطبطب عليها وبتقول: متعمليش في نفسك كدا بالله عليكِ، يابنتي إنتوا أصلًا متطلقين يعني هتعملوا إيه اكتر من كدا!

قامت مياسة من على الأرض وهي بتمسح وشها وقالت: أيوة متطلقين بس هو عامِل نفسُه مسؤول عني وبيظهر قُدامي كُل شوية

ضحكت والدة عيسى وهي بتقول: يبقى بيحبك أهو.

مياسة بصتلها وقالت:  لا دا بيعمل كدا عشان أم بنتُه بس.

كتفت والدة عيسى إيديها وهي بتبتسم وتقول:  هو مكانش ناوي يتجوز أبدًا كتير كانوا عاوزينه يتجوزهم بس هو مكانش ناوي على جواز مع أي واحدة، كون إن هو إتجوزك يعني حبك لدرجة..

مياسة إبتسمت بحسرة وقالت: لدرجة إنه إتجوز واحدة غير أمل؟ أنا عرفت منهُم كُل حاجة..

عقدت والدة عيسى حاجبيها وهي بتقول: عرفتي إيه ومن مين؟

مياسة بضيق: الإتنين الجيران ستات جُم يزوروني وحكوا ليا كُل حاجة عن أمل وعيسى وهُما صغيرين، إبنك خلاني أسمي بنتي قمر على إسم عروسة أمل اللي كانت بنتهُم وكُل الحارة عارفة.

إنهارت مياسة في العياط تاني بس المرة دي على الكنبة وأم عيسى واقفة متضايقة منهم عشان جُم مخصوص يحرقوا دم مياسة ويخلوها عاوزة تمشي، بصت أم عيسى لمياسة اللي بتعيط وقالتلها بنبرة جادة وهي بتحاول تتحكم في أعصابها: شكلهُم إيه الإتنين دول؟

رفعت مياسة راسها وبصتلها وقالت: دا كُل اللي لفت نظرك من كلامي؟

والدة عيسى وهي بتتك على الحروف:  شكلهُم إيه الإتنين الستات دول يا ماسة!

وصفت مياسة ليها شكل الستات فـ هزت والدة عيسى راسها وقالت: طب يماا، أنا هروح أعمل حاجة بسُرعة، تكوني قومتي غسلتي وشِك وحطيتي كُحلة كدا عشان تنطق وشك، غيري هدومك وكلفتي قمر وأستنيني.. هخلص هاجي أخدك نتغدى سوا.

حركت مياسة راسها يمين وشمال بمعنى لا فـ رفعت أم عيسى صوباعها وقالت:  ولا كلمة زيادة، هروح المشوار دا بسُرعة وأجيلك ألاقي جاهزة.

خرجت أم عيسى من عند مياسة وهي نازلة على السلم قالت: طيب يا أم فتحي إنتِ وأم بثينة.

نزلت على السلم منه للشارع وراحت ناحية العمارة بتاعتهُم، طلعت على السلم بتاع العمارة لغاية ما وصلت لشقة أم بثينة، خبطت على الباب وتستنت شوية فتحتلها أم بثينة وأول ما شافت إنها أم عيسى قالت بفرحة وسعادة:  يا ألف نهار أبيض إزيك ياختي.

حضنتها وباستها وأم عيسى مكشرة وهي بتقول ببرود: أهلًا يا أم بثينة، عندك حد؟

أم بُثينة بسعادة: لا يماا ولو عندي مش هيبقى أغلى منك تعالي إتفضلي.

دخلت أم عيسى وقعدت على الكنبة جنب الباب وهي بتبُص على الشقة، نظيفة بس بسيطة زي شقتهم تمام.

بصت لأم بثينة وهي بتقول: متأخذنيش بس إيه اللي وداكِ إنتِ وأم فتحي عند ماسة مرات إبني؟

سابت أم بثينة كُل الكلام وقعدت جنبها وهي بتقول بصدمة: مش هي طليقتُه ياختي؟

بصتلها أم عيسى بضيق وقالت: خليني معاكِ على كلامك، طليقته.. إيه اللي وداكُم!

مسكت أم بُثينة فوق شفايفها بالطرحة بتاعتها وهي بتقول: وفيها إيه ياختي لما نروح نتونس بيها ونتعرف عليها غلطنا فـ إيه؟

والدة عيسى بدأت تتعصب: واللي رايح يتونسمع حد يفتح في القديم ليه؟ بُصي أنا لو عايزة بنتك لإبني كُنت خدتهالُه من الأول بس إبني مش عاوزها، أكتِفُه وأجوزهولها غصب؟

أم بُثينة بضيق:  إيه يا سِت الكلام دا هو أنا بنتي رمية ولا رمية؟ دا بيجيلها الشُبان يتقدموا ويتحايلوا نوافق بس أنا مش شيفاها غير مع عيسى إحنا شاريينُه والبت متعلقة بيه من زمان أوي من أيام كان مع امل والحارة كُلها تشهد، أنا اللي بعملُه إني مش عاوزة أكسر قلب بنتي.

والدة عيسى بعصبية وهي بتوقف:  مش عايزة تكسري قلب بنتك فـ تقومي كاسرة قلب مرات إبني، ياختي تك السِم، إسمعي لو عوزانا نفضل جيران وحبايب متهوبيش ناحية شقتها ولا بيتها نهائي ولو شوفتيها مترميش عليها السلام في الشارع ودا أخر كلام عندي، متخلينيش أشيل منك أنا مقدرة قهرة قلب بنتك.

كانت بُثينة في أوضتها بتسمع الكلام من ورا الباب وبتعيط

لانت أم بُثينة وهي بتقول: خلاص يماا ماليش دعوة بيها خالِص، أمانة عليكِ تقعُدي نشرب حاجة ساقعة سوا هبعت البت لدُكان البوهيمي.

لفت أم عيسى طرحتها كويس وهي بتقول بتعب:  لا خليها بعدين أنا عاملة الغدا ومستنية إبني نتغدى سوا، إقعُدي بالعافية.

أم بُثينة بحسرة: الله يعافيكِ يماا مع ألف سلامة.

قفلت الباب وقعدت على الكنبة فـ فتحت بُثينة باب أوضتها وهي بتقول بعياط: مش قولتلك ماليش حظ معاه خالص، ماصدقت أمل ماتت و..

قاطعتها أمها وقالت:  لا!  لا يابنتي ما صدقتي إيه، دي البت فرفرت.. فُستانها متعلق في دولابها وخُرم الطلقة فيه أد كدا، مش قادرة أنسى صويت أمها.. يا حبيبة قلبي كانت شقت بيه الحارة كلها، ماتوا حسرة عليها وعلى شبابها اللي ملحقتش تشوفُه، متفرحيش بموتها أبدًا متبقيش قاسية قلب يماا.

بُثينة قعدت جنب أمها ومسكت إيديها وهي بتترعش وبتقول:  طب، طب ساعديني، أنا تعبت من الوقفة على رجلي في البلكونة في البرد بستناه ييجي اشوفه، بقالي سنين طويلة على كدا.. مستنية منه كلمة، مش قادرة أتحرك وأشوف غيره، مبشوفش غيره ساعديني.

وبدأت تعيط لدرجة جسمها إتهز وهي غارزة راسها في حُضن أمها، طبطبت أمها عليها وقالت:  طب يا بنتي أعمل إيه ما أنا روحت لطليقته عشان أبعدهُم عن بعض نهائي ميكونش في أمل للرجوع، بس أديكِ شايفة جريت تشتكي لأمُه إزاي، متحمليش هم سيبيها على ربنا وعليا، قومي بس أغسلي وشك كدا وهاتيلنا الغدا لأحسن هبطت من التنظيف.

قامت بُثينة وسابت أمها بتفكر إزاي تخلي عيسى يتجوزها.

_______________________________________

المكان: الچيم

تحديدًا: عند عزيز وسيليا.

كان لسن حاضنها جامد ولسه بيقرب عشان يديها قُبلة بعدت وشها عنُه وقالت: إحنا متطلقين، مش حلال ليك..

عزيز قالها بنبرة سُخرية: وأيام زمان كُنا متطلقين برضو؟

قامت سيليا من حُضنه وهي بتقول: وقتها كُنت مُراهقة مش مُدركة الصح من الغلط هيمانة معاك وواقعة في حُبك.

قام وراها وسحبها من دراعها خلاها تبُصله وهو بيقول: ودلوقتي؟

رفعت سيليا أكتافها وقالت ببرود: دلوقتي إنت طلقتني في المُستشفى وسيبتني وروحت مع الهانم بتاعتك وكأني لم أكُن، إنت لا تؤتمن عليا..

عزيز بعصبية: تاني بتعيدي الكلمة دي؟؟ مفيش فايظة فيكِ مش هتتغيري!  شيفاني مش قادِر أحميكِ! روحي لبدر بيه أنا قرار إني أطلقك كان صح حتى لو هيتعبني، الست اللي متقدرنيش وتقلل مني متستاهلش تكون معايا.

سيليا بعصبية: إنت اللي متستاهلنيش ولا تستاهل قلبي ولا حُبي، كُل اللي باصص ليه كلمتي دي ومش باصص إنك سيبتني لوحدي ومشيت في المستشفى عشان كدا بقولك لا تؤتمن، إنت أكتر بني أدم أناني شوفته، أناني فيا وفـ چايدا وفـ كُل حاجة.

عزيز بنفاذ صبر: أنا زِفت، قطران وهباب روحي شوفيلك واحِد يناسبك يمشي على مزاج الهانم، أنا لاا.

خبطته سيليا في صدره عشان تبعده عن طريقها بس جسمه كان ثابت متهزش من خبطتها، فـ بدأت تخبطه بجسمها وبإيديها جامد وهو باصصلها من فوق عاوز يضحك عليها راحت الناحية التانية وهي بتلم حاجتها ومتعصبة، فـ قال وهي مدياله ضهرها: أنا في وضع دلوقتي مينفعش أطلق چايدا حتى لو رجعنا أنا وإنتِ سوا، لإني مش هقدر أظلِمها تاني وأحسسها إنها إستبن.

لفت سيليا بعد ما لمت حاجتها وقالتله بنبرة كُلنا كبرياء:  دا لو رجعنا أنا وإنت أصلًا، متتأملش.

وقف قدامها وبصلها وقال:  بس أنا محبتش في حياتي

حد قد ما حبيتك، مفيش أنثى أثرت فيا قدك.

حط إيدُه على رقبتها وكمل وقال: بتخيلك لما بكون لوحدي، بتخيلك في حُضني عشان بتوحشيني.

غمضت عينيها وميلت راسها تلقائيًا على دراعُه فـ قرب منها وحط مُقدمة راسُه على مُقدمة راسها وقال: ساعات بحس إن أي خِلاف بيني وبينك صُغير أوي قُدام إشتياقي ليك يا ملبن.

مسك خصرها وحضنها تاني وهو بيهمس في ودانها وبيقول: إعملي زيي، لما تشوفيني مبتنسيش كُل حاجة وحشة حصلت بيننا؟

ضِعفت هي وغمضت عينيها وسرحت معاه، كانت عايز تحضُنه بدراعاتها أكتر، لكِن فاقِت وهي بتبعدُه عنها وبتقول: لو كُنت أنا اللي إتجوزت أو حتى إرتبطت بواحد غيرك، مكانش هيبقى رأيك كِدا.

خرجت جري وهي بتعيط من قهرتها إنه برغم كُل دا هيفضل مع چايدا، أنانية هي عارفة دا كويس، وعارفة

إن چايدا وإبنها ليهُم حق عليه زيها هي وبنتها بالظبط، بس عزيز بالنسبة ليها مبتقدرش تشوفه مع حد غيرها، غصب عنها!

ركبت عربيتها ومشيت بيها، وخرج عزيز ورجع على وشُه نفس الريأكشنات القديمة، الصمت.. الغضب.. الشر.

________________________________________

المكان: منزل أعلى تل مُرتفِع

تحديدًا: الأريكة في الطابِق السُفلي.

كان نايم عليها خالِص جسمُه سُخن وفي حبات عرق باردة على شعرُه من قُدام مخلية خُصلات الشعر لازقة في راسُه، وعمال يخرف وهو نايم، مسكت أمنة الكمادات وهي قاعدة قصادُه بتعصُر القُماشة وبتحُطها وسط الثلج تاني، وبعدها بتحُطها على مُقدمة رأسُه عشان تنزل الحرارة، بقى يترعِش فـ دخلت فتحات الغطا حوالين جسمُه بعدين سندت بدقنها على صدرُه وهي بتتأمل ملامحُه، ونفسُه الدافي بييجي على وشها من وقت للتاني، عدلت راسها ونامت براسها على صدرُه وهي بتحرك خدها عليه وبتغمض عينيها وبتقول: حلمت كتير باللحظة دي، بس في بيتنا بعيد هنا.

جت مرام من وراها وهي بتقول بصوت عادي:  وتقوليلي مش بتحبيه ولا طبعًا، دا إنتِ هيمانة.

إتعدلت أمنة بسُرعة وهي بتقول بهمس:  شششش وطي صوتك أومال لأحسن يصحى.

قعدت مرام على مِقعد قُريب مِنهُم وقالت بسُخرية: بس في بيتنا بعيد عن هنا، أخ لو تسمعي كلامي أخليكُم تتجوزوا من بُكرة.

عدلت أمنة شعرها من تحت طاقية الخدم وقالت:  قولتلك بس، مبحبهوش لا بس كُنت عاوزة أجرب الشعور، الست نسرين لو عرفِت إنك سايبة شُغلك وقاعدة هنا هتعملك مُشكِلة قومي أحسنلك.

إتفزعوا هُما الإتنين على همس نسرين وهي بتقول لمرام: أيوة بالظبط عندها حق، قومي بقى عشان كُنت ناوية أسمعك الكلمتين فعلًا.

قامت مرام وراحت معاها، وأمنة جت عشان تشيل الكمادات حسست بكف إيدها على خدُه وهي سرحانة فيه فـ قام إتنفض فجأة وهو بيشهق والكمادات وقعت من فوق راسُه، إتخضت أمنة ورجعت لورا وهي حاطة إيديها على قلبها، كان بيترعش فـ قربت منه تاني لكن خلت بينهُم مسافة بخجل وقالت: خُد نفسك بالراحة، حمدالله على سلامتك أجيبلك كوباية مياه؟

غرز صوابعُه في شعرُه وهو لسه بيتنفس بسُرعة وبدون مُقدمات فجأة سحبها على رجله وهو بيخنقها مِن رقبتها جامد وبيقول من بين سنانُه: إنتِ مين؟؟ مين اللي زاقِك عليا!!

كانت أمنة عمالة تحاول تتملص منُه لكِنُه كان إتمكِن مِنها، لحُسن الحظ نسرين كانت جاية تطمن عليه لقتُه بيخنُق أمنة فـ بعدتُه وهي بتزعق وبتقول:  هتموتهاا هتموت البت سيبهااا.

رخى إيدُه عنها وهو بيترعش وأمنة جريت وسندت ضهرها على الحيطة وهي بتكُح ومصدومة إنُه كان هيقتلها، حط راسُه على كف إيدُه وهو بيحاول يستوعب ويفوق فـ قالتلُه نسرين بحزم: إنت جرالك إيه؟؟

وبعدها وجهت كلامها لـ أمنة وقالت: روحي إنتِ على المطبخ أنا اللي هتابِع حالتُه.

جريت أمنة على المطبخ وهي بتترعش وبتعيط، مرام سابت المواعين وهي بتقول بخضة: يالهوي مالك!

حضنتها أمنة وهي خايفة وبتعيط راحت أتخضت مرام وطبطبت عليها وهي بتقول:  مالك في إيه حد زعلك؟ مالك يا حبيبتي!

________________________________________

المكان: فُندق ***”

تحديدًا: جِناح المُحامي عبد الخالِق متولي.

كانت الأنوار بتاعة الجناح مطفية، وصلت الموكلة بتاعتُه وهي بتمشي بالكعب العالي لقت الباب مردود، فـ فتحتُه وهي بتضحك وبتدخُل وتقفل الباب وراها وقالت: مكسل تفتحلي ولا إيه؟

لقت الأنوار مطفية فـ حطت إيديها على الزُرار وفتحت النور لقت بلالين منفوخة ومرمية على الأرض فـ ضحكت جامد وهي بتقول:  يا خبر دا إنت عامل إحتفال، لا إعمل معروف أنا وقتي ضيق مش هقدر أقعُد معاك غير ساعتين.

غطت مناخيرها وهي بتقول بتضرُر:  إيه الريحة الوحشة دي زي ما يكون مد| بوح هنا خروف.

مشيت خطوتين فـ داست بالكعب بتاعها على بالونة بالغلط راحت البالونة مفرقعة ونازل منها دم على الأرض، إتخضت هي ومن الخضة وقعت على الأرض سندت بكف إيدها على بالونة تانية راحت إتفرقعت ونزل منها دم هي كمان، بصت على رجليها وجزمتها لقت د| م مبهدلها، بصت على إيديها وهي مبرقة وبتترعش لقت د| م على كف إيدها.

كانت هتصوت بعدها حاولت تهدي نفسها وهي بتترعش قامت بعد ما زحفت على رُكبها وهي بتقول بنبرة رُعب:  بتـ..  بتحاول تعمل فيا مقلب، إنت فين! إنت فين يا عبد الخالِق!

فتحت الحمام لقتُه نظيف وفيه علبتين هدايا واحدة كبيرة أوي وفوقها علبة مُربعة بتاعة ذهب فـ إتنهدت بـِ سعادة وقالت: يا خبر كُل دا عشاني؟ يا ترى جايبلي إيه؟

قربت من العلب ومسكت العلى بتاعة الدهب المُرعبة، فتحتها وهي مُبتسمة وأول ما فتحتها لقت فيها عيون عبد الخالِق بـِ العِرق اللي ماسكهُم سوا.

حدفت العلبة من إيديها وهي بتصوت صوات هستيري وكأنها جالها نوبة هلع مش قادرة تبطل صويت، الـأستاف بتاع الفُندق جريوا عليها ودخلوا الجناح وراحوا للحمام لقوا العيون مرمية في البانيو والعلبة وقُدام البانيو علبة هدايا كبيرة.

فتحوها لقوا عبد الخالِق مسلو|  خ من الجلد تمامًا..  ومتقطـ| ع تقطيعة جزا|  رين كإنُه هيتفرق.

زاد صويت وجحظان عين الموكلة ووقعت من طولها وللاستاف طلعوا جريوا على برة، واحد منهُم طلب الشُرطة وهو بيتهته في الكلام..

ساعة بالظبط كان ليث ومنال وقوة من الشُرطة كبيرة وصلوا لمكان الفُندق، طلعوا الممر اللي فيه الجناح والريحة كانت سيئة للغاية لدرجة إنهُم أخلوا الغُرف اللي في نفس الممر تمامًا..

ليث وهو باين عليه إنه ضعِف وباين عليه الإرهاق:  في حد لمس أي حاجة؟

مُدير الفُندق:  محدش لمس حاجة كُله خايف وعندُه هلع من اللي حصل والست من ساعة ما فوقناها وهي مبتنطقش ومبرقة ورجعت أربع مرات..

ليث وهو مكشر وبيدخُل الجناح مستحملش الريحة، ريحة سلـ| خانة حرفيًا، حط معصم إيده على بوقه ومناخيره وهو بيقول: فين الكاميرات؟

المُدير بـِ قرف وصُداع:  كانت عطلانة وكُنا بنصلحها يافندم.

ليث بزعيق:  ما كاميرات الفُندق بتاعك عطلانة متطلعش أي حد هو دا عادي؟؟ في أي مكان ممكن حد يدخل منه غير الباحة الرئيسية؟

المُدير بتبريقة خوف:  في الباب بتاع مخرج الطواريء بس دا بيودي للسطح يعني صعب حد يدخُل منه غير لو هو معاه مُفتاح جناح أو أوضة في الممر!

دخل ليث وجت منال تدخُل برقلها وقال: خليكِ!  لسه منعرفش المنظر جوة عامِل إزاي.

منال بتصميم: هدخُل معاك هو أنا داخلة كُلية الشُرطة بالصُدفة!

ليث بضيق:  يا منال لو سمحتي خليكِ مش ناقصين.

بعدت منال إيدُه ودخلت قبلُه لقت البالونات المنفوخة على الأرض وفي إتنين منهُم متفرقعين ونازل منهُم د| م

الريحة تعبتها وبدأت تحس بالدوخة.. لكنها تمالكت نفسها عشان ليث ميقولهاش حاجة، سبقها ليث ودخل للحمام لقى العلبتين مفتوحين واحدة في البانيو وعيون المُحامي مرمية معاها، والتانية فيها الجُثة من غير جلد ومتقـ| طعة.

ليث قعد يكُح من المنظر والريحة لغاية ما رجع، أما منال وقعت من طولها فـ إتخض ليث عليها وهو بيمسكها ويقول: منال!!

________________________________________

المكان: قصر أمير الذهبي.

تحديدًا: جناح صِبا وأمير.

خرج من الحمام بعد ما أخد شاور ولبس الهودي الإسود بتاعُه وصِبا قاعدة على السرير مربعة، بصلها وهو رافِع حاجِب فـ قالِت صِبا بضيق: عملت إيه؟

أمير بعدم فهم: عملت إيه فـ إيه؟

صِبا قعدت على رُكبها على السرير وقربت منه وقالت: فـ رفيف لقيتها؟

أمير بعصبية:  ما تركزي مع إبنك كدا وتاخديه في حضنك وتسيبي شغل الرجالة ليا؟ أنا لسه محاسبتكيش على الحركة الخايبة اللي عملتيها وقت إجتماع الشركة بتاع الرايق، بتتصرفي من دماغك ليه؟ دماغك الفاضية اللي مفيهاش مُخ دي!

قامت صِبا من على السرير وهي بتقول:  أولًا إبني كان في حضني طول اليوم ولسه نايم أكل وغيرتله ودلعته يعني مش هتعرفني أخصص وقت لإبني إزاي، ثانيًا إنت لو ذكي وفاهم فعلًا مكونتش وقعت في الفخ اللي عملهولنا الرايق وكُنت خدت حذرك.

كور أمير إيدُه وقال من بين سنانُه: يا صبر أيووب!

لما قالها إفتكر إن الرايق كان بيرُد عليه وبيقوله من حُبك مش عايز أتوب فـ ملامح وشه إرتخت وبقت حزينة، لاحظت صِبا اللي حصل وفهمت راحت مقربة منه ومحاوطة رقبتُه بدراعاتها وهي بتحضُنه، حضنها هو كمان وهو بيحاوط جسمها بإيديه وبيغمض عينُه

صِبا وهي بتطبطب عليه وهو في حُضنها: حاسة بيك متفتكرش عشان بعاتبك وبعاتبكُم على اللي حصل لرفيف طول الوقت إني مش مقدرة اللي إنت فيه، بس مش عيزاها تبقى ضحية ليه.

بعد أمير راسُه عن كتفها، وبصلها في عينيها وهو بيقول بنبرة غريبة: وحشتيني.

فتحت صِبا بوقها بصدمة فـ إنحنى أمير بـِ شفايفُه لـِ شفتها السُفلى وقبلها، بصلها تاني فـ قالت صِبا بنبرة مُثقلة بالبُكاء: إنت عارف بقالك أد إيه مقربتليش؟

رجع باس خدها ومُقدمة رأسها بعدين شالها بين إيديه وهو بيقول: ما تيجي نصلح الغلط دا؟

إتعلقت صِبا في رقبتُه ومِن ثُم..

________________________________________

المكان: فُندق ******

تحديدًا: غُرفة فارغة.

كانت منال ممددة على السرير وواقف ليث بيتكلم مع الدكتور، فاقت منال وهي دايخة وبتبُص حواليها لقت راغِب قاعِد وبيبُصلها بضيق فـ قالت بتعب: راغِب؟ إيه اللي جابك هنا؟ أنا فين؟

بص راغب لليث فـ قال ليث بهدوء: أنا هخرج برا أسيبكم براحتكم، دا مسرح جريمة حاول لو فاقت تخرجوا عشان الشوشرة بس.

خرج ليث وقفل الباب بعدها بص راغب لمنال اللي ممددة على السرير وهو بيغمض عينُه وبياخُد نفسُه عشان ميتعصبش.

إتعدلت منال وهي بتلبس الساعة بتاعتها اللي كانت محطوطة على الكومود الخشبي جنبها وبتبُص لراغِب بإرهاق وبتقول:  مالك بتبُصلي كدا ليه؟ أُغمى عليا عادي مِن منظر الجُثة و..

راغِب بزعيق وشخط:  لا مش منظر الهبابة!

إنتفضت منال من صوته فـ قالت بجدية: وطي صوتك بتزعق كدا ليه؟؟

وقف راغِب وهو بيمد إيدُه ليها بهدوء وبيقول:  يلا يا مدام عشان نروح.

عدلت منال شعرها اللي بدأ يطول وقالت: مش هروح دلوقتي ورايا شُغل.

راغِب بعصبية: مفيش زفت تاني، إنتِ حامِل وأجهدتي نفسك عشان كدا هنروح البيت ترتاحي في سريرك وأنا هعملك كل حاجة حتى المواعين أهم حاجة صحتك.

منال وقفت وقالت بخضة: مين دي اللي حامل إيه حامِل دي!

راغِب بضيق:  يلا يا منال لو سمحتي أنا خايف عليكِ.

منال وهي بتترعش قالت: طب، طب أوعدك هستقيل لما أخلص القضية دي.

زعق راغِب بصوت عالي وكإنُه فقد أعصابُه وقال: أنا خايف عليكِ من القضية دي إنتوا بتتعاملوا مع ناس معندهُمش عقل ولا رحمة، مش عايز يجيلي إتصال يقولوا تعالى خُد مراتك من المشرحة! أنا عملتلك كُل اللي يريحك ولا أنا راجِل هيقعدك في البيت لا إشتغلي، بس حاجة تليق بيكِ كـ بنت مش شغل رجالة يعرض حياتك للخطر، يغور الشغل وتغور الحياة لو إنتِ مش معايا.

بدأت عيون منال تتملي بالدموع وقالت بنبرة كإنها حازمة: مش هقعُد في البيت غير لما أخلص القضية دي يا راغِب.

سكت راغِب وهو باصصلها بصدمة بعدها قال: أنا ولا القضية يا منال؟

منال بضيق: متعملش كدا لو سمحت، ومتخافش عليا! ثِق فيا شوية!

راغِب بفُقدان أعصاب:  الموضوع مش موضوع ثقة الفكرة إنك..  خلاص إعملي اللي أنتِ شيفاه صح بس أنا مبقتش قادر أستحمل الوضع دا.

منال بصدمة: يعني إيه؟

راغِب بضيق:  يعني أنا لما خيرتك بيني وبين شُغلم مختارتنيش، إنتِ حتى مش قادرة تريحي إنهاردة.

منال بنفاذ صبر:  القضية دي بدأناها أنا وليث سوا وهنخلصها سوا وأكيد هو بيواجه نفس الضغوطات من مراتُه لإنها قلقانة زيك، لو مكتوبلي أموت في سبيل شُغلي يبقى أمر الله وأنا راضية بقضاؤه، روح يا راغب وأنا هخلص شُغل وهاجي البيت نتكلم.

راغِب وهو بيسحب مفاتيحُه من على الكُرسي وبيمشي:  مبقاش في حاجة خلاص نتكلم فيها.

فتح الباب وخرج وكان واقف ليث عند الباب أول ما شافُه خرج دخل الأوضة على منال لقاها حاكة إيديها على راسها بتحاول تستوعب اللي حصل، بصلها ليث وقال بقلق:  إيه إتخانقتوا ولا إيه؟

منال وهي بتجهز نفسها وبتعدل هدومها: محصلش حاجة يلا بينا عشان نخلص شغل.

كانت خارجه وسبقاه فـ مسك دراعها وهو بيقول:  تعالي هنا إنتِ مسمعتيش الدكتور قال إيه؟ إنتِ حامل يعني لازملك راحة والفترة الجاية كُلها تنطيط سيبيهالي.

منال سحبت دراعها من إيد ليث وقالت بحزم: ليث أنا هكمل شُغلي في القضية مهما إن حصل لو مش حابب تتعاون معايا دي حاجة ترجعلك لكن متتحكمش فيا.

ليث بضيق:  بقى كدا يا منال؟ عشان خايفين عليكِ بتعاملينا كدا؟ أنا فاهم إن دي هرمونات حمل فـ مش هرد عليكِ، فيكِ حيل طيب نشوف الولية الموكلة دي؟

منال وهي بتتاوب: أه هي فين صحيح؟

ليث بهدوء: قاعدة برا بتترعش وبتضحك ومرة تصوت، جالها صرع مستنيين عربية المصحة تيجي تاخُدها.

قربت منال من ليث وهي بتهمسلُه وبتقوله: تفتكر نوح اللي عملها؟

رفع ليث أكتافُه وقال: أنا مش هتحامل عليه أنا فكرت في كلامِك وجايز يكون واحِد عاوز يمشي على خُطى نوح وخلاص كـ سايكو أو مُختل، لسه هنراجع ملف القضية أنا وإنتِ ونعرف أكتر عن الضحية لو ليه أي علاقة بنوح مِن قُريب أو من بعيد يبقى هو.

*صوت زعيق برا جري على أثرُه ليث ومنال*

زوج الموكلة وأفراد الأمن بيحوشوه: يا سافلة يا مُنحطة يا فاجرة، جاية تقابلي عشيقك في الفُندق.. مركزي بقى في الأرض من بعد عملتك *قام بالبصق عليها*

وصل ليث عندُه وهو بيقول لأفراد الأمن: سيبوه، مساء الخير مع حضرتك نقيب ليث الصفتي.

الراجل وهو متعصب:  هقتـ| لهاا، هقتـ| لها الفاجرة اللي لوثت شرفي.

ليث ببرود: تمام يافندم حقك، ممكن كلمتين بس وبعدين إعمل اللي إنت عايزه؟

منال وهي بتبُص لليث بصدمة قالت:  إيه اللي بتقوله دا يا ليث؟

ليث تجاهلها وكمل كلامُه وقال: هي في حالة صدمة عصبية وصرع فـ مش هنعرف نستجوبها عن شيء بالتالي حضرتك الأدرى بالمدام، تتفضل معايا دقيقتين؟

الراجِل بعد ما فقد أعصابُه: إنت بتقول إيه دقيقتين إيه بقولك جاية الفُندق تنام مع المُحامي بتاعها وإنت عايزني أحكيلك قصة حياتي!!

ليث فقد أعصابُه وسحب الراجِل من الچاكيت بتاعُه وهو بيصوت وبيقول:  بقوولك إيييه، أنا واقِف على رجلي من الصُبح ومش فطران وشايفك ساندوتش هامبورغر أساسًا، تعالى إقعد معايا بدل ما أحقق أنا في قضية مراتك ونجيب حد يحقق في قضيتي بعد ما أقتـ| لك!

الراجل إتصدم فوق صدمتُه في مراتُه وراح قعد مع ليث عشان يبدأ التحقيق..

________________________________________

المكان: حارة المنيل.

تحديدًا: منزل الغُريبي.

دخلت والدة عيسى وهي بتقول لمياسة: تعالي يا بنتي إدخُلي يوسف أخد نيللي هيقضوا اليوم برا إنهاردة.

دخلت مياسة وهي شايلة قمر، وقعدت على الكنبة، والدة عيسى خلعت عبايتها وقالت لمياسة: عايزة تخلعي العباية وتقعُدي براحتك مفيش حد هنا.

حطت مياسة قمر على الكنبة وقامت تخلع عبايتها كانت لابسة تحتها بنطلون چينز أزرق غامِق وتيشيرت إسود بأكمام..  وفاردة شعرها..

راحت لوالدة عيسى المطبخ وهي بتقول بصوتها الطفولي:  أساعدك فـ إيه؟

والدة عيسى: قطعي إنتِ السلطة وأنا هحُط الأكل في الأطباق.

وقفت مياسة تقطع السلطة فـ قالتلها والدة عيسى: الواحد عقله مش دفتر نسيت أقفل الشباك بتاع أوضة الفراخ،  خلصي السلطة على ما أجيلك.

مياسة بإستغراب:  تمام!

لبست والدة عيسى العباية وخرجت من الشقة لقت عيسى قُدامها فـ إبتسمت وقالت: مياسة جوة أنا هروح أقفل على الفراخ وإنت راضيها بطريقتك عايزين نحِل الخلاف اللي بينكُم دا.

عيسى بصدمة: إيه اللي بتعمليه دا يا ماما! مفيش بيننا خلاف أنا مقدرش أجبرها أو أضغط عليها.

مسكت والدتِه كف إيدُه وهي بتقول:  ورحمة أبوك يا شيخ ما تشنت فينا الأعادي “الاعداء”

إتنهد عيسى ودخل لـ جوة وقفل الباب وراه.

حطت مياسة شعرها ورا ودانها وهي بتقلب البامية: أنا وطيت عليها كانت هتتحرق يا ماما، وكمان أنا مش عارفة هي كدا إستوت؟

حضنها عيسى من ورا وهو بيسحبها بإيديه من بطنها وبيلزق ظهرها في بطنُه وبيقول بهمس:  إستوت على الأخر.

إتخضت مياسة وهي بتحاول تفلت ونفسها زاد، فـ كمل عيسى همس في ودانها وقال: ولو عايزة تتأكدي أوي، جربي تدوقيها.

حط دراعُه على خدها وخلاها تبُصله وقبلها قُبلة عميقة، حاولت تبعد عنُه لكِنُه كان مُتحكِم فيها.

فلتت من إيدُه أخيرًا وفجأة!..

_________________________________________

المكان:  منزل أعلى تل مُرتفِع.

تحديدًا: الجناح الخاص بـِ رفيف.

دخل نوح الجناح وهو بيقفل الباب وبيبُص على السرير لقاه فاضي، بص عند الشباك الكبير لقى رفيف قاعدة على الكُرسي الخشبي الهزاز وماسكة الولدين ريان وركان بتحاول تنيمهُم وهي بتغني ” بُكرة بيخلص هالكابوس وبدل الشمس بتضوي شموس على أرض الوطن المحروس رح نتلاقى يومًا ما ”

نوح وهو بيخلع الچاكيت بتاعُه قال بنبرة رجولية: إنتِ ومين؟

إتخضت رفيف وقامت بهدوء حطت الولدين في سرايرهُم الصُغيرة، وقربت لنوح وهي بتقول: أنا وأختي..

إتأملها نوح، كانت لابسة دريس بيبي بلو حرير نازل على جسمها محدده.. وفيونكة بيضا كبيرة لامة بيها الخُصلات الجانبية ونازل شعرها بطوله من الأطراف.

فوق نوح نفسُه من التأمُل فيها وقال ببرود: أختك بخير، لو عايزة تشوفيها معنديش مانع أنا بهتم بيها وبرعاها على أكمل وجه.

إداها ظهرُه وفك أزرار قميصُه فـ عيت رفيف وهي بتقول بـِ رقة:  إنت معندكش قلب أبدًا

قلب عينيه ورجع بصلها وقال بنفس البرود:  إسطوانة كُل يوم، معندكش قلب، إنت خاين..  إنتِ لو بغبغان مش هترددي الكلام بالشكل دا، إوعي يكون دا إكتئاب الولادة؟

قربت رفيف منه وقالت: أنا معرفش إنت جايبني هنا ليه وبتخرج كل ليلة بتروح فين بس الأكيد إنك بتعمل كوارث، كُل اللي عوزاه تسيبني أنا وأختي في حالنا وأنا مش هجيب سيرتك أبدّا لأي حد مهما إن حصل.. وولادي هعرف أربيهُم لوحدك.

كتف نوح دراعاتُه وبصلها وقال: إزاي يا ترى؟ هتتخطبي لواحد يصرف عليهُم؟

بصت للأرض ومردتش فـ قال هو: بالظبط كدا، بصرف عليكُم وواخد بالي منكم مش مطلوب مني حاجة أكتر، إنتِ بالنسبالي في الوقت الحالي أرنبة تخلفي وتولدي وبس.. لأحسن أنا بعِز الأرانِب أوي زي ما إنتِ عارفة.

مدد على السرير بالشوز بتاعتُه وبالبنطلون وهو عاري الصدر، قربت رفيف منه وقعدت جنبُه على السرير وهي بتسحب الغطا وبتحطُه عليه، فتح عينيه مستغرب من الحركة بتاعتها فـ خدت رفيف نفسها وقالت: بتقول إني بالنسبة ليك أرنبة بتحمل وتولد بس، لكن لما بنكون سوا بحسك معايا بكُل كيانك، مش مجرد راجل عايز يخلف من واحدة وخلاص، أنا بحس إنك بقلبك وروحك معايا، إحساسي مش كذاب زيك يا نوح.

إتعدل وقعد وهو بيمسكها من أكتافها وبيقول بعصبية: إنتِ عايزة مني إيه بالظبط؟؟

خدت رفيف نفسها وعينيها رمشت كذا مرة، قربت منه و..

يتبع..

#العبث_الأخير “رُكاب سفينة نوح”

#بقلميييييييي

#روزان_مصطفى.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق