رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) الفصل السابع 7 – بقلم روزان مصطفى

رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) – الفصل السابع

[العبث السابِع]

[العبث السابِع]

[العبث السابِع]

-رُكاب سفينة نوح.

•عنوان الفصل/حبيبتي من تكون؟

• ” أنتِ، أيتُها المجهولة.. أسوأ مِن رائِحة عِطر مرت على أحدهُم لـِ تجعلهُ يقِف مكانهُ مُتسمِرًا، ويبدأ عقلهُ في تذكُر كُل شيء.. لقد أمضيتُ أعوامًا أُحاوِل طمس ذلِك الشعور لكِن عقلي لم يُساعدني، ذلِك الجُرح مُنذ طفولتي، يجعلني أفتقدِك وأفتقدني ” _بقلمي.

المكان: منزِل أعلى تل مُرتفِع.

تحديدًا: جناح رفيف.

رمشت رفيف بعينيها كذا مرة وقربت مِنُه وهي بتقول:  طالما كان غرضك التسلية والإنتقام مِن عزيز وعيسى وأمير، اللي بالمُناسبة أنا مش فاهمة إنتقام ليه وهُما كانوا صُحابك بس إنت قولت كُنت بتتسلى.. أخدتني معاك وجبتني هِما ليه؟

بصلها نوح وقال ببديهية: كُنتِ حامِل وعلى وشك الولادة، المُفترض أسيب ولاد من دمي يتبهدلوا ويجوعوا معاكِ؟ هتصرفي عليهُم منين ولا إزاي؟

رفعت رفيف إيدها عشان تضرب نوح فـ مسك معصم إيدها وضغط عليه بـِ خِفة عشان عارف إنها مُمكِن تتكسر فـ إيدُه فـ غمضت عينيها بألم وهي بتحاول تفلت من إيدُه، قال نوح بهدوء: إوعي تاني مرة تختبري صبري وتفكري تمدي إيدك عليا لإن عقلي مش كُل الأوقات بقدر أتحكِم فيه، مش عاوز صوت عشان هنام.

قام خلع الشوز بتاعتُه وغسل رجلُه وأسنانُه وهو بيبُص في المرايا لـ عينيه، خلاص هانِت.. ناوي ينهي عيلة أُمه بالكامِل، لإنهُم السبب الرئيسي في كُل اللي حصلها..

خرج من الحمام وهو بيبُص على السرير اللي نايم فيه ريان وركان، وقف قُصادُه ولون السما الأزرق الغامِق مع نور القمر مُتسلطين على وِشُه، حرك السرير بالراحة ورفيف بتراقبُه بـِ رُعب، هي مبقتش ضامنة ردود أفعالُه، مبقتش تشوف في عينيه الحنية اللي كانِت بتشوفها قبل جوازهُم.

_الطابِق السُفلي مِن المنزِل.

دخل الأرانِب وهُما بيقلعوا الماسكات ووشهم متبهدل عرق هو وشعرهُم، أخدوا نفس وواحد منهُم قال بصوت غليظ للتاني: أنا مقولتش لنوح باشا إن الجوانتي بتاعك وقع منك وإحنا بنجري، أخدتُه في الخباثة خبيتُه عشان دا لو كان وقع في إيد حد من الشُرطة مكانش هيحصل كويس.

الشاب بتهتهه: مخدتش بالي هو كان واسع شوية عليا.

واحد ثالِث بصوت عنيف: مخدتش بالي دي تقولها لما تزودلي سُكر في كوباية الشاي، مش لما توقعنا بغباءك، جرا إيه أنت متساهل معاه كدا ليه.

اللي أخد الجوانتي رد عليه بغلاظة وقال: حُط لسانك في بوقك ومتتكلمش كتير، مش عاوزين هري! طالما أنا حليتها مفيش داعي نشغل دماغ الباشا بالحاجات دي، أومال خالد فين عاوزين نتطمن عليه!

______________________________________

أمنة كانِت قاعدة جنب شباك المطبخ المفتوح ومدخل هوا بارِد، بتعيط من اللي عملُه خالِد إنُه كان هيموتها، حست بحاجة بتلمس كتفها فـ لفت تبُص لقت خالد ماسك شوكولاتاية وبيداعبها في كتفها بيها، إتخضت ورجعت لورا وهي قاعدة بعد ما شهقت بخوف، قعد خالد جنبها والشباك بينهُم وقال بهدوء وأسف:  أنا أسِف يا أمنة، كُنت بشوف كابوس وصحيت عليكٓ.

لعبت أمنة في صوابِعها وقالت بزعل: أنا بس.. بس لأول مرة أخاف كِدا، عارف لما تعتبر حد أمانك؟ وتلاقيه فجأة موتلك الشعور دا.

قال بنبرة هامسة ساخرة: ما أنا مبعملش حاجة غير إني بقتل.

إستغربت أمنة وقالت: مسمعتش بتقول إيه؟

بصلها تاني وإنتبه ليها وقال: بقولك حقك عليا متزعليش.

مد إيدُه بالشوكولاتة تاني فـ عرق الحُب دب في قلبها ولغى عِرق الخوف، مدت إيديها وأخدت الشوكولاتة وهي بتبتسمله وإتكسفت.

فـ قال فجأة: بس ليا عندِك طلب.

بصتلُه بفضول وهي متوترة فـ قال: حاولي تبعدي عني.

بلع ريقُه بألم وبص للأرض بعدين بصلها، لقى عينيها إتملت دموع من مفيش فـ فتح بوقه بصدمة وقال: بتعيطي ليه؟

أمنة بصوت شِبه رايح: عشان بتقولي أبعد عنك.

قال بسُرعة: بقول دا لمصلحتك، إنتِ بنت طيبة ومُحترمة وكويسة، وفي عيونك خجل مش موجود كتير في زمننا دا، تستاهلي راجل حياتُه سالكة.. سهلة مش وراه هموم ولا مُمكن يفكر يأذيكِ.. غصب عنُه.

دموعها ساعتها نزلت ورفعت راسها وبصتلُه، ضيق خالِد عينيه وهو بيقول: لو قدرتي في أي وقت تمشي، وتبني حياة جديدة، تبقي فيها زوجة وأم وليكِ بيتك، متتردديش لو جاتلك الفُرصة.

قام من جنبها فـ بدأ جسمها يتهز من العياط، قربت منها مرام وهي بتحضُنها وبتقول: حصل إيه؟ أعترفتيله بحُبك ورفضك؟

أمنة بعياط في حُضنها:  سيبيني في حالي يا مرام، الله يلعن الحُب على اللي عاوز يحِب.

_______________________________________

المكان: النيابة العامة المصرية.

تحديدًا:  مكتب ليث الصفتي

كان معلق صور أي حد تبع نوح،وصورة نوح شخصيًا بس كبيرة.

منال كانت قاعدة على المكتب بتبُص بملل للصور وحاطة قُدامها كيس بُقسماط بتاكُل فيه، ضغط ليث على أسنانُه وهو ساند بإيديه على ضهر الكُرسي وبيقول لمنال: زي ما قولتلك المرة اللي فاتِت أنا مش بحملُه مسؤولية كُل الجرايم يمكِن يكون حد بيحاول يمشي على خُطاه، بس برضو إختفاؤه هو ورفيف مُريب، هي مراتُه بس في بلاغ جِه من مجهول إنُه شافها بتتخطف ومعرفناش أي تفاصيل لأنُه متكلم من فون شارِع، ومذكرش إتخطفت فين ولا إيه المكان اللي كانوا فيه، فـ دا يحُطها تحت بند المفقودين..

منال وهي بتمضُغ: ومذكرش مين خطفها، نوح ولا حد تاني دا برضو يبعد الشُبهه شوية عن نوح.

شاوؤ ليث بصوباعُه عليها وهو بيقول:  بالظبط كِدا.

بدأ يسجل المُلاحظات بعدين بص لـ منال لقاها بتبُص للبُقسماطة قرفانة.

ليث عقد حواجبه وقال: مالِك؟ بايظة ولا إيه؟

حركت الأكل في بوقها بـِ بُطء وهي بتقول: مش عارفة، مممم هقوم أرجع.

جريت على حمام مكتب ليث وقعدت على رُكبها ترجع فـ ليث فرد ظهرُه وهو بيقول: حاامل دا أنا نسيت.

قال بصوت عالي عشان تسمعُه وهي في الحمام: يا بنتي ما أنا قولتلِك ارتاحي في البيت وجوزك قالك بس عنيدة اللي في دماغِك في دماغِك.

مسحت بوقها بالمنديل وهي طالعة دايخة وبتسند على الحيطة قالِت: هو حد إشتكالك؟

شاور ليث عليها وهو بيقول: منظرك أشتكالي شكلِك تعبان جدًا، إسمعي الكلام دي قضية صعبة ومُهلِكة، ومحدش ضامِن إيه مُمكِن يحصل، ليه تضيعي نفسك وإبنك عشان كِدا؟

قالتلُه منال ووشها بهتان من التعب: ما إنت عندك بيت، ليه تعمل في عيالك كِدا؟ ونرجس هتعمل أيه من بعدك؟

سكت ليث لما جابت سيرة نرجس، الست الوحيدة اللي عشقها للدرجة دي.. لكِن مفيش قُدامه غير حل لُغزين، الأول إزاي يوقع السُفراء بـ دليل قاطِع إنهُم مرضى ولازم يتعالجوا، والثاني جرايم القـ| تل الشنيعة اللي مفتوحة قُدامه لغاية دلوقتي ثلاثة، وإختفاء إتنين يُعتقد إن إختفائهُم ليه عِلاقة بـِ الجرايم، مروة القعيدة، ورفيف الحامِل اللي غير معروف مصيرها!

________________________________________

المكان: منزل الغُريبي

تحديدًا: المطبخ.

زقت مياسة عيسى من صدرُه جامد وبغضب وهي بتقول: ليك عين تلمسني، يا كذاب ياللي مفيش كلمة صِدق بتخرُج من بوقك، في الأول إنك إتجوزتني عشان بتحبني مش عشان بفكرك بحبيبة القلب، والتانية إنك سميت بنتي على إسم العروسة بتاعتها اللي هي كانت معتبراها بنتكُم إنتوا الأتنين، إنت أو| سخ راجِل أنا قابلتُه وآمنتلُه في حياتي يمكِن نبيل أنضف مِنك، على الأقل ملعبش بمشاعري زيك ولا عملني إستبن، أه باعني في اللحظة الأخيرة مش هنكِر وكان سبب في مو| ت إبني، لكِن مخلانيش أنام كُل يوم وأنا حاسة إن في واحدة أحسن مني عشان حوزي بيحبها، مش عارفة أبعدك عني إزاي إحنا أصلًا متطلقين، بس كُل اللي أعرفُه إني مش عايزة أشوف وشك تاني في حياتي أبدًا، لو وحشاك حبيبة القلب أوي روح موت وحصلها، على الأقل تريحني من وجودك اللي ملهوش لازمة.

كانت بتقول كُل الكلام دا بمُنتهى الغضب، وشها إحمر، عينيها إحمرت.. بدأت تخرج الحروف مُتقطِعة، أما عيسى كان واقِف بهيئتُه الأولى، چاكيت شتوي جِلد على اللحم، تحتُه السلسلة الحديدة اللي بيعُض عليها وقت الغضب، وملامحُه مش عليا أي ريأكشن، بس كان وشه أشبه بـِ طفل أمه دعت عليه بالموت، عينيه الشمال رفت وهو بيقول بـِ نبرة عِتاب ممزوجة بألم: عايزة تسمعي خبري؟ متستعجليش.. كِدا كِدا هتسمعيه، وقولتهالك أنا مش عايز أربُطك بيا حتى بعد مماتي لإني كِدا كِدا ميت، بس متخيلتش لما توحشيني ترفُضيني بالشكل دا، أنا مكذبتش عليكِ يا ماسة أنا خبيت عنك حاجات هتوجعك، أنا بس كُنت واعدها إن أول بنت ليا هسميها قمر.

شاورت مياسة على صدرها وهي بتزعق بصوت عالي وبتقول: أنا مالي بوعودك ليها؟؟ أنا ذنبي إيه أعيش شبح لـِ واحدة تانية؟

غمضت عينيها وهي بتترعش وبتكور إيديها بغضب لإن الأدرينالين علي عندها وقالت: عايزة أخُد بنتي وأمشي مِن هِنا، أروح لأي مكان مشوفكش فيه، إعتقني لوجه الله خليني بعيد عنك لدرجة.. لدرجة لما يقتـ| لوك مسمعش عنك خالِص.

كلامها كان زي السكاكين نازل بدون رحمة، عينيه إتبدلت من الحُزن لـ اللاشيء وقال بـِ نبرة ميـ| تة: حاضر، كِدا كِدا أنا ماشي إنهاردة، خلي بالك من نفسك يا ماسة.

خرج مِن المطبخ، وكانت لسه بتترعش، أول ما سمعت خروجه من الشقة ورزعة الباب قعدت عىى الأرض وهي بتتنفض وبتعيط بصعوبة، وصلوا لـِ نُقطة النهاية في كُل شيء.. الصداقة، الحُب، الحياة.

________________________________________

المكان: مطعم راقِ على أطراف البلدة

تحديدًا: المطبخ الخاص للمطعم.

كان بينبعث صوت موسيقى في أرجاء المطعم، موسيقى فرنسية تليق بالأطباق اللي بيتم تقديمها

“تعالي عانقيني، فـ أنتِ من سيُغادِر، لِماذا تبكين إذًا؟”

وعلى بورد التقطيع كانت بتقطع كرفس وجزر وخُضار بطريقة سريعة وإحترافية، سمعت صوت الجرس اللي فوق الباب بيرن بمعنى دخول شخص للمطعم، فـ مسحت وشها بالمنديل وهي بتقول بصوا عالي: لااست أوردر.

الباب إتقفل تاني، وعم الهدوء للمكان فـ أتنهدت براحة إن اللي دخل خرج تاني، حطت الخُضار في حافظة وهي بتجفف إيديها وبتمسك الفون تبُص في المسچات لقتها فاضية، سابتُه مكانُه وخرجت لـ برا لمكان الطاولات لقت واحد قاعد على كُرسي عند الشباك الكبير للمطعم، وفاتحُه والهوا بيحرك المصباح النحاسي اللي في السقف يمين وشمال، مُصدِرًا صوت

الحديد المُزعِج، ضيقت عينيها وهي شايفة حوالين الراجِل اللي قاعِد تماثيل كتير على شكل أرانِب بشرية، لا لحظة! دول مش تماثيل، من كُتر وقفتهُم الثابتة حسبت إنهُم مانيكان أو حاجة.

بلعت ريقها وهي مبرقة من ورا نظارة النظر بتاعتها وهي بتقول بصوت مُرتجِف: لاست.. أوردر.

رفع الرايق راسُه وبصلها من تحت القُبعة السودا بتاعتُه وقال بصوت غليظ هادي: Last day in your life.

سحب الشمعدان مِن على ترابيزة ورمتُه عليهُم وهي بتصوت وبتجري، جريوا وراها بسُرعة، قام نوح من مكانُه ومسك الشمعدان وحدفُه عليها جِه في راسها من ورا فـ وقعت على وشها.

وقفوا صفين على كُل جانِب و مر نوح من بينهُم، أنحنى وهو بيسحبها من رجليها على الأرض والد| م اللي نازل من راسها سايب خط وراها.

بعد دقائِق عديدة، فاقت وهي بتتألِم، الرؤية مشوشة، وشايفة الأوضة بالمقلوب.. تنميل في الراس وسائِل بارِد بينزِل من راسها وبينقط على الأرض، لما لمحتُه إكتشفت إن لونه أحمر غامِق.. د| مها

لما الرؤية بدأت توضحلها إكتشفت إنها متعلقة من رجليها في السقف، فـ صوتت بـِ علو حِسها وهي بتقول: حد يلحقنييي، حد يخرجني من هنا.

نوح كان واقِف عند الكاتينج بورد وماسِك السكينة بيقطع زيتون مِن اللي كان في الثلاجة شرايح، وبياكلُه بتلذُذ

لف ليها وقال بنبرة غريبة: الزيتون الأخضر مع اللحم بيديها نكهة حلوة جدًا، إنتِ شيف وعارفة، مع الدجاج، مع اللحمة المفرومة، مع التركي.. طب مع لحم البشر تفتكري التيست هيكون إزاي؟

كانت بتتنفس بسُرعة ومن بوقها وهي بتقول برُعب: إنت مين يا مُختل، جوزي كلمني وهييجي ومش هيحصل كويس.

رفع الرايق صوباعين مِن صوابعُه وهو بيشاورلها وبيقول: في معلومتين صح قولتيهُم، يا مُختل.. ومش هيحصل كويس.

قرب نوح ناحيتها خطوتين فـ برقت وقالت: لا! طب عاوز مني إيه؟

نوح قربلها ومسك فكها وعدل راسها وهي مقلوبة ناحيتُه فـ رقبتها طقطقت وصوتت.. بص لعينيها وقال:  سوزان علي، زوجة عدلي محمد.. كُنتِ مُشردة في شوارِع فرنسا أواخِر التسعينات.. لمُدة شهر، بعدها بدأتي العمل كـ نادِلة في مطعم بيقدم إسكارغو*

*-(الإسكارغو هو الحلزون، طبق شهير في فرنسا)

كمل نوح وقال: وإتعرفتي هناك على عدلي محمد، أخو رؤى محمد.. إتجوزتوا، صح كِدا؟

بدأت أنفاسها تبقى زي الفحيح وهي بتقول: إنت مين وعرفت الكلام دا كُله منين؟

إتحرك نوح حواليها وهو بيقول: مين اللي كانت بتتبلى على أُمي طول الوقت ومقوية قلب خالي عليها؟

وسعت عينيها بصدمة وهي بتقول: أمك!!  إنت إبن رؤى؟ إنت ممدوح!

لف شعرها حوالين إيدُه وهو بيسحب جامد فـ صوتت فـ قال: رغم إنك إشتغلتي في فرنسا، بس مش قادرة تتخلصي مِن كُهن الـ..

سكت وكمل وقال: إنتِ عارفة إسمي كويس، إسمي نوح، اللي مكونتيش بتحبي بصتُه ونظراتُه لما تضايقي أُمه؟ فكراني؟

-أواخِر التسعينات/ مُنذ أعوام.

عدلي بِـ برود: وأنا أعملك إيه؟ يعني ليه أساعِد واحدة زا| نية زيك وأديها فلوس عشان تمشي على حل شعرها؟

رؤى وهي ماسكة إيد نوح: إنت عارف كويس إن دي إفتراءات من أهل جوزي عليا وهو مشي وراهُم وصدقهُم عشان دلدول لهم، لكِن هقول إيه ما هُما خرسوك بفلوسهُم.

قام عدلي ومسِك رؤى مِن رِقبتها وهو بيخنُقها ورافعها من رقبتها بإيد واحدة وقال: واحدة غيرك تبوس إيديها وش وضهر إني إتبريت منك بس، أنا لولا مش عاوز أبقى رد سجون كُنت خلصت عليكِ يا فاجرة ياللي عليكِ شهود.

كانت بتحرك رجليها وبتفرفر في إيدُه ونوح بيسحبها من فُستانها وهو بيصوت ومرعوب:  ماماا، سيب مامااا

ماماا

قامت سوزان من مكانها وشدت نوح من كِتفُه بعيد عن رؤى، نوح كان بيضربها بإيدُه، راحت سوزان رمت السيجارة تحت جزمتها الكعب وضربتُه كف على وشُه

وقع نوح على ظهرُه ساعتها عدلي ساب رؤى وشها أحمر وبتكُح جامد وبتاخُد نفسها

نوح كان بيبُص لسوزان اللي واقفة قُدامه بتبُصله بقرف، لما بصلها بنظرة حقد برقت وقالتلُه بنبرة أمر: متبُصليش كِدا!!

يلا.. خُدي إبنك وبرا..

وحركت خُصلات شعرها حوالين صوباعها وهي بتبُص بنظرة شماتة في رؤى.

_الوقت الحالي

إفتكرت سوزان اللي حصل وقالت لـ نوح بسُرعة: لاا، لا أنا ماليش ذنب دا خالك، خالك اللي قالي أعمل كِدا متاخُدنيش بذنبُه، أرجوك دا أنا حتى حاسة بالذنب تجاه مامتك.

بدأت تعيط، فـ كمل نوح وقال: وبالفلوس اللي خدتوها من أهل أبويا البيه عمل شركة وفتحلك المطعم اللي بتتمنيه، مع ذلِك مبطلتيش *****

أي راجِل بيعجبك بتجُري رجلُه ناحية المخزن وتقضي معاه وقت حلو، مع إنك كبرتي في السِن وبقى شكلك يقرِف بس لسه عينيكِ فيها نظرة الـ **** دي.. مبتروحش.

حركت راسها بصعوبة وهي بتحرك جسمها زي حورية البحر وبتقول: هعملك كُل اللي إنت عاوزُه، هو مش إنت!

إنت الزبون اللي جالي المطعم الإسبوع اللي فات وكُنت عاوزة أعمل معاه؟

قالها نوح بقرف: بالظبط، وأنا عشمتك وقولتلك هجيلك تاني، وأديني جيت..

مسك نوح شعرها ولف خُصله متوسطة مِنُه حوالين صوباعُه، وبعزم قوتُه سحب الخُصلة لبرا بقت تصوت جامد فـ الشعر طلع في إيدُه بطولُه

مسك خُصلة تانية أكبر بشوية وهي بتتعذب وراح ساحبها جامد برضو فـ فروة راسها إتجرحت مطرح منبت الشعر بقت تطلع دم، نُقط دم كتير.

بقية شعرها مِسكُه كُله وهي صوتها من الصويت والألم راح وهي بتقول: أرجوك أرجوك أتوسل إليك.

شاور للأرانِب فـ مسكوا بقية شعرها جامد وسحبوه لورا بالقوة، طلع بفروة راسها في إيديهُم وبانت جُمجُمتها

صوت فحيح الموت بدأ يصدُر مِنها والغريب إنها لِسه بتطلع في الروح.

نوح بأمر وهو واقِف قُدام الكاتينج بورد:  طلعولي المُخ، وإقسموها نُصين لغاية ما أشوف هاخُد إيه منها تاني، ولو إني أشُك إنكُم تلاقوا جواها مُخ.

ضحكوا الأرانِب وبدأوا يكسروها في جُمجُمتها كانت ماتت خلاص.

بدأ نوح يقطع بقية الزيتون وهو شايف الدم بتاع راسها نازل على عيونها وبعدها على خدودها، نازل على هيئة دموع.

والأغنية لسه شغالة بنفس الكلمات ” تعالي عانقيني، فـ أنتِ من سيُغادِر، لِماذا تبكين إذًا؟ ”

بص نوح لعينيها الجاحظة وبتبُصله وقال بنفس نبرتها زمان: متبُصليش كِدا!.

_____________________________________

المكان: منزل أعلى تل مُرتفِع.

تحديدًا: جناح رفيف.

كانت بتغير لإبنها كالعادة، شافت الوحمة اللي في جسمه اللي وارثها من نوح فـ باستها وهي بتحضُنه وبتداعبُه

الباب خبط فـ عدلت هدومها وشعرها وهي بتقول: إدخُل

دخلت مرام وقفلت الباب وهي بتقول: زعجتك؟

رفيف بهدوء: لا تعالي.

قربت مرام وهي بتقول: أصل نوح باشا إتأخر، وأنا بصراحة كدا يعني مبعرفش أنام غير لما بييجي، وقولت أسألك لو عندك معلومة هييجي إمتى؟

رفيف بصدمة: نعم! ومبتعرفيش تنامي غير لما ييجي ليه؟

مرام بهيام مقصود قُدام رفيف: أصل هو راجل البيت زي ما بيقولوا، الواحد مبيحسش بالأمان غير لما نوح بيه ييحي ويقفل علينا الباب بنفسُه، أي مكان نوح بيه فيه فـ هو أمان والواحد ينام مستريح.

رفعت رفيف حاجِب وهي مكشرة وقالت: لا معنديش فِكرة راح فين لو خلصتي ياريت تقفلي الباب وراكِ.

مرام بـِ خُبث: متزعليش مني بس بصراحة أنا الوحيدة اللي وسط الخدم لما بغيب بيدور عليا، إكمن يعني أنا أكتر واحدة بفهمه، بفهم عاوز إيه مِن نظرتُه بس.

رفيف كانت ماسكة علبة البودرة بتاعة الأطفال وقالت لـ  مرام: أوك، وأنا معرفش راح فين، ياريت تخرجي وتسيبيني عشان أغير للولاد.

مرام بكيد أخير وهي بتشاور على الولد اللي عندُه وحمة قالت بدلع ماسخ: الولد دا شبهُه على فكرة، نفس العيون القاسية.

خرجت مرام وقفلت الباب فـ حدفت رفيف عِلبة البودرة على السرير وهي متغاظة ومقهورة، وغيرتها على نوح كانت عالية

____________________________________

خرج نوح من المكان بطريقتُه، ولسه بيتحركوا عشان يركبوا عربياتهُم واحِد من الأرانِب إتسحب لورا من رقبتُه، نوح مكانش متوقع اللي حصل فـ لف وبص لقى عزيز هو اللي سحب الأرنب وبيضحك بهستيريا وجنان.

نوح بتبريقة ورعشة في وشه خلت وشه كُله يرعِش: سيبُه يا قائِد، لا إلا إنت عارفني من باب المرح عملت إيه، ما بالك في إنتقامي هعمل إيه.

ثبت عزيز الأرنب من رقبتُه بدراعُه وهو بيقول بإستفزاز: مُخ بانيه.. مش دا اللي عملتُه جوة بالفعل؟

عيون نوح قلبت بشكل وحش وهو بيقول: بقولك سلمني الراجِل بتاعي عشان نهايتنا هتبقى وحشة.

عزيز وهو بيقول ببرود: الكلام دا ميتقاليش، قولتلك لما نخرُج من المُستشفى بعد ما عرفنا حقيقتك تبقى كسبت أسوأ عدو ليك، أنا! مُشكلتك يا رايق إنك فاكر مفيش حد أجمد منك ودا مش حقيقي، أنا مريح بش خوف على ولادي، بس منزلتش عيني عنك وعرفت أوصلك من خلال واحد من رجالتك اللي خايف عليهُم.

نوح بعد ما فهم ألاعيب عزيز قال بضحكة: لعبة قديمة عملتها قبلك، تشككني.. فـ عقلي ينشغل بيهُم، فـ أقع فـ إنت توصلي، تؤ.. أنا ماسِك على كُل واحِد فيهُم حاجات فيها موتهُم، مش هيعملوها عشان يرضوك فـ شوفلك لعبة تانية.

عزيز بجدية: صورت اللي إنت عملتُه جوة فيديو، والواد اللي معايا دا هيكون الشاهِد.

لبس نوح القُبعة بتاعتُه وهو بيقول: وبعدين؟ هتقدمها للنيابة وأبقى أنا رسمي القاتِل؟ ومالُه! ما أنا كدا كدا لما أخلص شُغلي مش هيفرق معايا حاجة وبعدين أنا زيك معايا شهادة معاملة أطفال.. مُختل بقى فـ اخري أتحجز في مصحة

رفع عزيز أكتافُه وقال ببرود: مش دايمًا، في بيتسجنوا وبيتحاكموا عادي.

نوح بزعيق:  دا فـ محكمة أمك دا، أخر مرة هقولهالك وإتحمل العواقِب، سيب الواد يا عزيز.

عزيز بإستفزاز: تؤ.

رفع نوح سلاحُه وسحب الزناد وصوبُه على عزيز وهو بيقول:  معنديش إختيار تاني.

عزيز إبتسم إبتسامة بديهية وقال: أنا بؤمن بمقولة لا تمُت جبانًا أبدًا، فـ لو عاوز تخلص عليا مش فارقة.

كان بيبُصلُه نوح وهو مصوب السلاح وعزيز بيبُصلُه بثبات وإبتسامة وهو لسه ماسِك الأرنب..

” لم يخِب ظني بِك أبدًا، ظننتُ أنك عِندما تهامست مع أحد ونظرتُ لي وأنت تبتسِم أنك تمدح خُصالي الجيدة

كُنت أهِبك أمانًا لم أهِبهُ لنفسي، خشيتُ عليك مِن أذية كُنت تُدبرها لي، لقد فعلت بي أسوأ مِن ما قد تفعلهُ رصاصة.. ”

يتبع..

#العبث_الأخير

#بقلميييييي

#روزان_مصطفى

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق