رواية كارثة الحي الشعبي الفصل الثاني والعشرون 22 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثاني والعشرون

الفصل الثاني والعشرون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل الثاني والعشرون:

“بـعـد مـرور يـومـان”

وقف “جابر” أمام سيارة مروان التي مرت من البوابة..عائقًا استمراره بالسير…قاذفًا لفافة التبغ الخاصة به أرضًا..وكأنه كان ينتظر أو يدرك بخروجه..

تقدم من باب السيارة ثم انحنى بجسده رافعًا يده مطرقًا بأنامله على النافذة المغلقة..

رضخ له واخفض الزجاج..وعلى الفور ابتسم له جابر بغلاظة مردد:

-سالخير يا عمي..

-نعم؟؟؟

قالها مروان بنفاذ صبر..حقًا لا يطيق ذلك الشاب..

عقب الآخر على أسلوبه معه متمتم:

-ايه نعم دي يا عمي..مش اسلوب ده على فكرة يا عمي..

تعمد تكرار كلمة “عمي” كي يغضبه…

صر مروان على أسنانه وأردف :

-عمك دبب..بطل تقولهالي بدل وحياة امي انزل اطبقلك وشك ده والعب فيه واخليك من غير ملامح…

تأفف بضيق وضجر مردد بأسلوب مرح استثار أعصاب مروان:

-ياااه عليك يا مروان لما بتتعصب..جرا ايه يا جدع ده انا حتى بحبك اكتر من ابويا وأمي..

ارتفع حاجبيه واتسعت عيناه معلق بتهكم واستهجان واضح:

-مروان؟؟؟؟؟!!!!!!! هو أنا بلعب معاك في الشارع ياض..ولا أنت هتصاحبني؟

-لا مش بصاحب رجالة أنا..يا اما بنات يا اما مفيش…

عطل مروان السيارة وشارف على الهبوط إليه..فاتحًا الباب..فـ لحق به ومنعه من الترجل مغمغم مغلقًا الباب:

-وربنا ما أنت نازل…ده انا بهزر معاك يا جدع وبعدين متبقاش حمقي اوي كدة..ده احنا هنبقى نسايب حتى..واخويا..توأمي هيتجوز بنتك عاجلًا ام أجلًا..

تلك المرة دفعه مروان وهبط رغمًا عن إرادة الآخر…صارخًا بهدر:

-اخوك مين يالا اللي هيتجوز بنتي…

ردد بنبرة مشاكسة سعيدًا بتلك المحادثة التي تحدث بينهم..وخاصة تلك الحدة والغضب اللذان يظهران على وجه مروان بفضل كلماته:

-عابد..اصله ناوي انهاردة يقطع عرق ويسيح دم…لو هتسألني يسيح دم مين فهقولك عريس الغفلة…وانا بصراحة اخاف على أخويا وميرضنيش يروح في الحديدة فقولت اجي واحذرك بقى يمكن تلحقه…

-آه فهمت..هو بعتك تهددني مش كدة؟؟

نفى برأسه يوضح له:

-محصلش..عابد سلطان مبيهددش..ده بينفذ..وانا فاعل خير..وعارف وحافظ أخويا..فـ انصحك تكلم العريس وتعتذر منه..قوله ميجيش ده لو خايف على نفسه..

دنا منه مروان مبتسمًا بسمة كانت حقيقية…لكن ظن جابر بأنها ساخرة يقصد بها التقليل من شأنهم..قائلًا:

-طيب قول لاخوك بقى يا حيلتها أن العريس هيجي يعني هيجي..وأعلى ما في خيله يركبه..

انتهى عائدًا لسيارته فصدح صوت جابر بكلمات أخيرة محذرة:

-فل أوي..خليك فاكر بقى أني حذرتك وانت مسمعتش مني…ما تبقاش تزعل على العريس بقى…

_______________

يجلس “خالد” على الاريكة، بين يديه ملف يحوي على عدة أوراق، كذلك لم تخلى الطاولة الزجاجية المستطيلة قبالته من الأوراق..

وصل إليه صوت الباب منبهًا لمجيء ضيف..وسرعان ما نهض كي يستجيب للطارق قبل أن يستيقظ ابنه على صوت الباب..

انفرج الباب فوجدها أمامه بكامل أناقتها وعجرفتها التي ازدادت بعد انفصالهم…

مرت من جواره دون أن يتفوه أي منهم بحرف..والجة المنزل دون استئذان.

اغلق الباب بهدوء متحكمًا في أعصابه التي ثارت ما أن رأها شاعرًا بالغضب يتملك منه ويزحف إليه رويدًا رويدًا..

تنهدت بصوت عالي قبل أن تلتفت اليه تتساءل عن ابنها:

-اومال فين وسام؟؟

رد ببرود وعيناه تتجنب النظر إليها:

-نايم.

هزت رأسها بتفهم وتحركت بحرية بالمنزل..رامقة تلك الأوراق المتناثرة على الطاولة والأريكة مغمغمة:

-ايه الكركبة دي؟؟ ده منظر !

-وأنتِ مالك؟؟ ده بيتي وانا حر فيه..ومش من حقك تنتقدي اي حاجة فيه..أنتِ ضيفة فخليكي ضيفة مؤدبة ومحترمة..

ابتسمت بسمة لعوبة ثم التفتت إليه من جديد مقتربة منه بخطوات بطيئة وهي تتحدث بصوت تصنعت نعومته:

-مدام بتكلم معايا بالطريقة دي، تبقى مضايق مني..ومدام لسة بتضايق مني..ابقى لسة فارقة معاك ومدام فارقة معاك تبقى لسة بتحبني…

ضيق عيناه محاولًا فهم ما تحاول التوصل إليه أو فعله، ترى هل تتلاعب معه أم ماذا؟؟

وقفت أمامه مباشرة..متحدثة بهمس شديد وانفاسها تلفح وجهه:

-طلقتني ليه مدام بتحبني ها؟ بذمتك مش ندمان على الخطوة دي؟

تحدث أخيرًا بهدوء ما يسبق العاصفة:

-بحبك ايه؟ وندمان إيه..أنتِ بتقولي إيه؟؟؟

-بقول اللي أنت حبسة جواك؟؟ وبتحاول تداريه بس عينيك بتفضحك يا خالد..نظرتك لسة بتقول انك بتحبني ومش عارف تنساني..تنكر أنك اضايقت عشان سافرت..وبتضايق كل مرة بسافر فيها في شغل..بمعنى اصح انت بتضايق من شغلي عشان حاسس أنه خدني منك..

ابتسم بسمة لم تصل لعيناه معلق على حديثها يكذبه رغم صدقه فلا يزال يكن لها بعض المشاعر والذي يحاول تجاهلها دائمًا:

-لا برافو عجبتيني…بجد بيعجبني فيكي انك بتفهمي..انا فعلًا ندمان ومضايق بس مش زي ما انتِ بتقولي لا..انا ندمان على جوازي منك..دي الخطوة اللي كانت غلط من الأول..ومضايق عشان أنتِ ام ابني وبصراحة أنا ظلمته..عارفة ليه يا نيفين؟

احتدم غيظها واشتعلت عيناها بنيران الغضب..

لم يهتم بهيئتها وبما حدث لها مسترسلًا بقسوة:

-عشان وسام ميستاهلش كدة منك..وسام يستاهل أنه يتحب..يا شيخة ده أنتِ من ساعة ما سبتيه وتليفونك فضل مقفول..بذمتك في واحدة تقعد بالأيام متكلمش ابنها وتطمن عليه..

صاحت به بحدة معللة سبب فعلتها:

-وهو انا سيباه عند حد غريب ما أنت أبوه زي ما أنا أمه…وبعدين بلاش جو الدروس ده عشان مبيأكلش معايا..وبرضو انا لسة عند كلامي يا خالد…

توقفت مقتربة أكثر فـ أكثر حتى كادت أن تتلاصق به واضعة اصبعها على صدره موضع قلبه متمتمة بسخرية:

-قلبك ده لسة متعلق بيا ومش هيحب ولا هيكون لغيري..وقريب اوي هتلاقينا رجعنا تاني وده هيحصل وقت ما هتعرف قيمتي كويس..واهميتي في حياتك وفي حياة ابنك…

انتهت مبتعدة عنه متحركة بغنج نحو الباب تنوي المغادرة….

وضعت يدها على المقبض وقامت بفتحه وقبل أن تغادر ردد بسخرية واضحة:

-طب إيه يا حنينة هتمشي من غير ما تشوفي إبنك اللي بقالك كذا يوم لا شوفتيه ولا كلمتيه..

استدارت له برأسها وهي تغمز له بوقاحة مردفة:

-انا حنينة فعلا وميهونش عليا اصحيه..وهعدي عليكم بكرة واهو نقضي اليوم مع بعض عشان ابنك ميزعلش وحالته النفسية متبوظش…

______________

-قالك ايه؟

تساءل “أيهم” عما جاء به الرجل الذي كلفه سليم بالاستفسار وجلب كافة المعلومات عن عائلة سلطان وخاصة “أشرف” و “نضال”

أجاب “سليم” بهدوء واستحسان عما علمه عنهم:

-اللي فهمته من كلامه أنهم عيال مدردحة..اشتغلوا اكتر من شغلانة بعيدة عن شهاداتهم يعني مكافحين..أشرف كان في كلية خدمة اجتماعية ومكملش فيها سابها وهو في سنة تانية..ونضال وخليل معاهم بكالوريوس تجارة ومشتغلوش بشهادتهم..عابد بقى كان في حقوق وسابها برضو.. جابر ده بقى اللي عاطل وفاشل من يومه وساب التعليم بعد ثانوية عامة بعد ما سقط فيها..

علق على كلماته مردفًا:

-طيب ايه رأيك ؟ موافق أنت يعني على نضال؟

-والله انا شايف ان الراجل بأخلاقه وبجدعنته واحنا شوفناهم كذا مرة وأنا عن نفسي حبيتهم…يعني جدك زمان الله يرحمه لما ابراهيم اتقدم لمهرة اختي مبصش لشهادته بص لشخصيته وليه هو كـ إبراهيم..مش الشهادة اللي بتعمل البني ادم..

تنهد ايهم مدركا مقصده عالمًا بموافقته التي تبدي من حديثه:

-تمام يبقى نتوكل على الله ونبلغ أبوهم ونتفق على ميعاد.

-اكيد بس لما اتكلم مع داليدا وأشوفها الأول…

______________

يقبع “جابر” على المقعد الأمامي المجاور لسائق إحدى سيارات الأجرة ومن حين لآخر ينظر في ساعة معصمه وبسمة طفيفة تأخذ مسارها على وجهه..

فـ خلال اليومين السابقين كلف خالد بالسؤال عن تلك الفاتنة “ثراء” ليدرك وقتها منه مكان جامعتها…وأوقات خروجها وانتهاء محاضراتها…..

مضى وقت خروجها فمن المفترض أن تكون قد انتهت منذ نصف ساعة تقريبًا..وحتى الآن لم تخرج بعد بالسيارة العائدة لعائلتها..

اخرج هاتفه وهو يتأفف يرمق السائق الذي بدأ يشعر بالضجر بحنق…مجلبًا رقم خالد متصلًا به..

رد عليه بعد لحظات فصاح به وهو يلوح بيده:

-قعدت تقولي بتخرج الساعة أربعة..بتخرج الساعة اربعة اديها دلوقتي بقت أربعة ونص ومشوفتش سحنة العربية..

-هو انا جبت حاجة من عندي ده جدولها وانا بلغتك بيه..وبعدين ممكن تلاقيها قاعدة مع صحابها ولا حاجة وشوية وتخرج..هو انت مستنيها ليه؟؟؟

رد عليه بتهكم:

-اصلي فاضي…مالك يا عم خالد ما توزن اسئلتك هكون مستنيها ليه يعني..عجباني..

كاد يعلق على حديثه فأسرع جابر مردد بنبرة سريعة ينظر لتلك المكالمة التي جاءت له وهو يحدثه:

-بقولك ايه اقفل عشان معايا ويتنج..

ضحك خالد على كلمة الاخير والذي لم يسمع لضحاته فقد أغلق بوجهه…

رد جابر على تلك المكالمة متمتم بغموض:

-خليكم زي ما انتوا…واول ما اديكم رنة اجهزوا..وزي ما قولتلكم تقلوا العيار..عايز الموضوع يبان حقيقي.. فاهمين اوعوا تبوظولي الدنيا قدامها..

رد الشاب وهو يحك أنفه منتظرًا بسيارة قام بتأجيرها:

-عيب عليك ياسطا جابر…

-خمسة عليك يا زميكس عايزكم تبهروني انهاردة….

انتهى ثرثرته مع ذلك الشاب ليصيح السائق بنفاذ صبر وضيق من وقوفهم ذلك منذ دقائق عديدة:

-وبعدين بقى يا استاذ هنفضل واقفين كدة كتير..ده انا نملت من القعدة…وعايز اروح انام ده انا مطبق من امبارح.

-وهو يعني انا اللي منملتش ..وبعدين هو أنا مش هحاسبك ما أنا هديك قد كدة اكتر من اللي في العداد كمان…

زفر السائق تزامنًا مع التقاط عين جابر للسيارة التي تقلها بمفردها اليوم..

اتسعت بسمته وحث الرجل على ملاحقة السيارة مغمغم:

-يلا العربية اهي اطلع وراهم بسرعة….

______________

تحركت عين “داليدا” على والديها الجالسان أمامها في غرفتها مخمنة سبب مجيئهم..والذي كان أخذ رأيها وموافقتها على تقدم نضال لها….

اخذت نفسًا عميقًا متذكرة فعلته الأخيرة منذ يومين و وضعه لها على قائمة الحظر وحتى الآن لا يزال يضعها..وهي الحمقاء التي إزالته على الفور وقتها..

هزت رأسها متوعدة مع ذاتها له..فتلك الفعلة التي جعلت النوم يغادر جفونها لن تمر مرور الكرام..

انتشلها صوت روفان المُمهدة لها بنبرة هادئه حنونة:

-حبيبتي في موضوع حبين ناخد رأيك فيه انا وباباكي…

-اتفضلي يا ماما..

تبادلت روفان النظرات مع سليم الذي تحدث تلك المرة قائلًا:

-نضال ابن سلطان جارنا حابب يتقدملك..وكنا حبين نعرف رأيك و قرارك في الموضوع وعلى اساسه هكلم مع الراجل..

ابتلعت ريقها ورسمت بعض الدهشة على قسماتها لكي توحي لهم بذهولها وعدم إدراكها بذلك الخبر…

رددت بخفوت مبتسمة للاثنان:

-ممكن اعرف رأي حضرتك الاول انت وماما؟

عقبت روفان مقتربة منها ممسدة على خصلاتها بنعومة:

-حبيبتي الرأي رأيك أنتِ يعني لو قولتي اوكي هنوافق عليه ولو قولتي مش عايزاه مش هنغصبك..

-معلش يا ماما انا عايزة اعرف رايكم انتوا الأول وعلى أساسه هقولك أنا عايزة إيه..

أجاب سليم يبدي موافقته هو و والدتها:

-أحنا معندناش مشكلة..الولد محترم ولا غبار عليه..

كانت على يقين تام بأنه موافق عليه مدام جاء لها وعرض طلبه عليها..

تمعنت روفان النظر إليها وهي تتذكر النظرات المتبادلة بينه وبين ابنتها خلسة بحضور الجميع..

كذلك انتبهت لتلك اللمعة بأعين ابنتها التي تحاشت النظر لأبيها مرددة بموافقة:

-انا موافقة يا بابا…

______________

ولج مروان الذي عاد من الخارج غرفة وئام بعد أن طرق على الباب عدة مرات ولم تصل له أي إجابة…

جالت حدقتاه بحثًا عنها بارجاء الغرفة..لحظات وكان يراها تقف بالشرفة توليه ظهرها..

تحرك نحوها مناديًا عليها بأسلوب صارم:

-وئام..

التفتت إليه بعد أن كانت شاردة..ابتسمت له بخفوت فلم يبادلها ابتسامتها أو يظهر أي مشاعر فقط مد يده لها والتي كانت تحمل حقيبة تسوق..

التقطتها منه بهدوء وهي تنظر بداخلها وتنصت لحديثه الذي صدمها للغاية:

-عايزك تلبسي الفستان ده بليل عشان في عريس جاي وأنا موافق عليه وهتقابليه وهتوافقي عليه برضو قدام الكل، أنتِ فاهمة؟

______________

-بس بس اقف هنا بقى….

تلفظ جابر ملقيًا آمره على السائق الذي بدأ صبره بالنفاذ…

لم يهتم لأمر الرجل وتابع هبوط السائق الخاص بعائلة الحلواني وهو يهبط ويتشاجر مع هذان الشابان اللذان بدأ بملاحقة السيارة ملقيان الكثير من الكلمات المتغزلة بتلك الفتاة التي تستقل معه…

ظلت تتسع بسمته حتى انه صفق بكلتا يداه فالمشاحنة بدأت بالتفاقم واصواتهم باتت عالية:

-أيوة كدة يا رجالة…

ردد الأخيرة وهو يسلط بصره على السائق مردفًا:

-يلا يلا قرب من الخناقة اللي هناك دي…

تحرك السائق وهو يكز على اسنانه بينما هبطت “ثراء” من السيارة مقتربة من السائق الذي يكون في عُمر والدها محاولة فض ذلك الاشتباك:

-خلاص يا اونكل..اركب لو سمحت خلينا نمشي سيبك منهم..

تقدم منها واحدًا من الاثنان وحدقتاه تجوب عليها بطريقة أثارت اشمئزازها…قائلًا بفظاظة:

-تمشي ليه..ده حتى الجو حلو والليل قرب والدنيا ساقعة و

هبط “جابر” بتلك اللحظة من سيارة الأجرة مهرولًا تجاه الشاب متقمصًا دور البطولة مستخدمًا تلك الحيلة القديمة المشينة للتقرب منها…

قبض على تلابيبه وهو ينهال عليه باللكمات المتتالية التي أطاحت به ارضًا:

-انا هدفيك يا حيلتها….هخليك بتفرفر من السخونية….

تصنع الشاب الثاني غضبه واقترب من جابر..واضعًا يديه على كتفيه…

فأنتفض جسده ونفخ صدره ملتفتًا إليه لينهال عليه أيضًا حتى سقط الشاب ارضًا هو الآخر وقام باعتلائه…غير مباليًا بحديثها وتوسلها إليه كي يتركهم…

نهض عن الشاب أخيرًا مستجيبًا لها مقتربًا منها بأنفاس لاهثة مغمغم بلهجة قلقة وحدقتاه تجوب عليها بخوف زائف:

-أنتِ كويسة؟؟؟؟

اماءت له تؤكد بأنها بخير:

-الحمدلله..

وقف جوارها السائق الخاص بها..شاكرًا إياه..وكذلك هي شكرته و منحته بسمة ممتنة اسعدته وجعلت قلبه يرفرف فها هو على وشك الإيقاع بها…

لكن تلك السعادة لم تدوم طويلًا فقد نظر لها السائق الذي كان يستقل معه منذ لحظات موجهًا حديثه لها من خلال النافذة قبل أن يغادر:

-على فكرة يا آنسة احنا ماشيين وراكي من ساعة ما خرجتي من جامعتك والفيلم الهندي ده من تأليفه وهو اللي زق عليكي العيال دي…

وانت خليلك فلوسك اشبع بيها مش عايز منك حاجة ربنا ينجدنا وينجد بناتنا من أمثالك….

______________

-اسكتي يا نجلاء العربية لو كنتي شوفتيها كنتي اتحسرتي عليها…والله دي عين وصابتهم بس يلا مش مهم فداهم المهم انهم بخير وخرجوا كويسين والعربية بتتصلح…ده انا اقسم بالله اول ما سمعت فرملة العربية اللي تخض دي كنت هقع من طولي…

ردت عليها نجلاء شاكرة ربها:

-الحمدلله عدت على غير ابقي ارقيهم يا دلال…و اعملي عروسة عشان لو محسودين…

-تصدقي فكرة هعملها انهاردة..

-صحيح لسه محدش رد عليكم من جيرانكم.

عقبت بتأكيد:

-اه لسة محدش رد…هـ

قاطعها صوت جرس المنزل فصاحت وهي تنهض مغلقة معها:

-طب اقفلي دلوقتي الباب بيخبط هشوف مين وهكلمك تاني..سلام..

أغلقت معها وفتحت الباب فوجدت أمامها أيهم..منحته بسمة واسعة مرحبة به بحرارة:

-اهلا أهلا نورتنا..

ابتسم لها مستفسرًا منها:

-بنورك..سلطان بيه موجود؟

-لا برة..بس أشرف موجود تحب اناديه؟

-لا مفيش داعي انا بس حبيت ابلغك إننا مستنينكم اي وقت وهستنى منكم تليفون بالميعاد…

تهلل وجهها أكثر فها هي على وشك أن تقفز من شدة السعادة فأثنين من أبنائها على وشك الزواج…

-وتستنوا ليه خير البر عاجله بكرة الساعة سبعة هنكون عندكم..

______________

-واد يا أشرف…يا أشرف…

هتفت بإسمه بسعادة تغمرها بعد مغادرة أيهم…

حضر على صوتها مندهشًا منها ومن حالتها فما كان ينقصها هو الرقص فقط..

قطب حاجبيه قائلًا:

-في إيه؟؟؟

-في فرح قريب… أبو عروستك جه ومستنينا بكرة الساعة سبعة..مبروك يا ولا…عقبال ما اشيل عدلك يارب…

شقت بسمة ثغره سعيدًا بتلك الفرحة التي تظهر عليها، كذلك أدرك بموافقة تلك سليطة اللسان عليه والتي لا يستطع محادثتها مثل البشر منذ يومين فدائمًا ما تتهرب منه وللتو فقط أدرك سبب ذلك الهروب..

بعد لحظات..

دخل غرفته ينوي محادثتها…

وبالفعل قام بذلك وانتظر فقط ردها..

أجابت عليه و وصل له صوتها الذي كان يشتاقه إلى حد ما:

-ألو..

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..عاش من سمع صوتك…فينك؟؟

تنهدت مجيبة:

-في الدنيا.. وأنت؟

-في اوضتي وبكرة بضبط بضبط الساعة سبعة هكون عندكم وقاعد مع ابوكي وبطلبك…الا هو لسة مكلمكيش…

تسمرت وأدركت بأنه علم بموافقتها عليه..ابتلعت ريقها ولم يسعفها صوتها للحديث..وبعد محاولات لثوانِ قالت بتلعثم:

-أنت.. أنا..

قاطعها بمرح يناسبه:

-ايه ده انتِ طلعتي بتتوتري..يعني مش علطول بتحدفي دبش…شكلك كدة اكسفتي.. قوليلي بصراحة أنتِ اتكسفتي؟؟؟

استجمعت شتاتها صارخة به:

-لا بقولك إيه متفكرنيش زي باقي البنات…لا ده انا ممكن اقلبلك رعد بجد…يا..

قطعت جملتها ثم اكملت قاصدة غيظه قبل أن تغلق المكالمة وتنهيها:

-يا أشف..

ولأول مرة لا يغضب من ذلك الإسم بل وصل إليه سبب نعتها إياه به..لتبدأ ضحكاته بالارتفاع بالغرفة..

_______________

-يعني إيه في عريس متقدم لبنتي وجاي انهاردة وانا اخر من يعلم؟؟؟؟ هو في ايه يا مروان مالك اليومين دول مش مضبوط ليه؟؟؟؟

سألت علياء مباشرة وشعور بالحيرة والغضب يسيطران عليها…

رد مروان يبرر لها:

-يعني في عريس جاي يا علياء وانا موافق عليه، ايه اللي مش مفهوم في كلامي، هو أنا بكلم هندي؟؟؟؟؟

-لا عربي يا مروان..بس بجد أنا مبقتش فهماك ولا فاهمة بتفكر ازاي ويكون في علمك لو معجبنيش ومعجبش وئام الجوازة دي مش هتم…..

_______________

حل المساء وراقب كل من عابد وجابر المنزل في انتظار ذلك “العريس” وحينما طال انتظارهم ولم يأتي قرر عابد تعديل مخططه ذاهبًا إلى منزلهم بمفرده…

دق الباب وسرعان ما فتح مروان الذي كان بانتظاره…

ابتسم له ” عابد” مردفًا بتصميم وإصرار ودفاع عن حبه لها وعدم رغبته في ضياعها:

-عريس الغفلة أتأخر فقولت اجي واكرر طلبي…انا بطلب منك أيد الآنسة وئام…….

يتبع.

فاطمة محمد.

رأيكم وتوقعاتكم. ❤️

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق