رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس
الفصل الخامس
الحب كما ينبغي.
فاطمه محمد.
الفصل الخامس :
-ايه ده انتوا تعرفوا بعض وساكنين مع بعض ولا إيه؟؟؟
هكذا سألت جهاد بعدما رأت ما حدث بين محمد وأحمد وكيف قام أحمد بضم محمد والقاء تلك الكلمات على مسامعه وكأنه يقيم معه بذات المنزل!
افترق أحمد عنه يبصرها بنظرات سريعة ، بينما سارع محمد بالرد، مخرجًا ذاته من تلك الصدمة التي سيطرت عليه من فعله أحمد الذي قد يفضح أمره بأي وقت:
-لا طبعا مش ساكنين مع بعض.
وقبل أن تتحدث جهاد مرة أخرى سارع أحمد بالتعقيب بنبرة غامضة وهو يدس يده بجيبه متلذذًا ومستمتعًا بما يحدث الآن وكيف يتلاعب باعصابه:
-ساكنين جمب بعض، الباب جمب الباب يعني جاري، وتصدقي معرفتش أنا وهو الكلام ده غير امبارح بليل بعد ما شوفته في الخناقة امبارح.
ارتفع حاجبيها تزامنًا مع مجئ “إسلام” والتي ثبتت بصرها على “أحمد” قائلة:
-مش حضرتك اللي كنت في الخناقة امبارح؟؟ وحضرتك برضو اللي كنت في المطعم الصبح ؟
وبابتسامه واسعة وفخر كأنه انجز شيء ما، أجاب عليها:
-ايوة أنا كل ده.
ابتسمت جهاد وقالت تبادله مرحه:
-وهو برضو اللي هيدي البت رضا أختك درس العربي.
صُدم محمد مما يسمعه، وساءت حالته كثيرًا وامتلئ الخوف قلبه، لا يدري ما الذي يفعله هذا الأحمق فقط كل ما يدركه ويعرفه أنه يساعد ويعجل في كشف كذبته والتي ستكشف عاجلًا أم اجلًا….
لم يسيطر على نفسه وقال بانفعال وتشنج واضح عليه:
-يعني ايه تدي دروس لرضا ها؟؟ هو أنت مُدرس عربي أصلا وبعدين شغلك التاني هتعمل فيه ايه؟؟؟
رد عليه أحمد مزيفًا إدراكه لمقصده الحقيقي و رغبته بأبعاده:
-مش هسيبه وهشتغله برضو.
ثم نظر نحو إسلام وجهاد متمتم بحزن:
-اصل محسوبكم وراه مشاغل بالكوم وبيشتغل بدل الشغلانة اتنين وتلاتة، أصل محدش يقول للشغل لا واللي يقول يبقى حمار.
وبشك وعدم ارتياح سألته اسلام:
-وأنت بتشتغل إيه أصلا، وبعدين انتوا شكلوا تعرفوا بعض صح؟
-واحدة واحدة، أسالي واحدة واحدة، عشان اعرف أجاوب واحدة واحدة برضو ، وبعدين واحد بيدي دروس لغة عربية يبقى بيشتغل ايه؟؟ اكيد مُدرس عربي، أما السؤال التاني فـ أنا لحد امبارح بالنهار مكنتش اعرفه بس اكتشفت صدفة انا وهو اننا جيران والباب جمب الباب حتى الدور هو هو مش كدة يا أبو حميد.
وببسمة غليظة حملت الكثير والكثير خلفها رد محمد كي لا يثير شكوكهم:
-كدة يا حمادة.
بادله أحمد بسمته وفهم سبب استجابته معه والذي كان سببها ألا يكشف أمره.
خرج صوت أحمد مقترحًا وهو ينظر بساعة معصمه:
-طيب عشان متأخرش على شغلي أكتر من كدة، إيه رأي حضراتكم نبدأ من الغد الدروس ؟
ردت جهاد موافقة وبطريقة مماثلة له:
-ولما لا فخير البر عاجله.
ارتفع حاجبي أحمد سعادة من ردها واستجابتها قائلًا:
-حسنًا سأتي غدًا، اخبريني ما هو الوقت المناسب.
حولت جهاد بصرها نحو إسلام تتناقش معها:
-ايه رأيك يا اسلام يجي امتى ؟
ردت عليها وهي لا تتوقف عن رمقه بشكوك:
-خليها على سبعة يكون أبوكي موجود في البيت.
-إذن موعدنا غدًا بالسابعة مساءًا، دمتم سالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فارق المطعم وتحرك محمد وهو يتوعد بداخله ويتحدث مع ذاته بحيرة وغضب والعديد من المشاعر المختلفة.
أما جهاد فإدعت نسيانها سؤاله عن شيء ما وخرجت ورائه.
وتركت إسلام من خلفها والشكوك ترتسم على محياها نحوه ونحو محمد الذي تلبك وتوتر مثلما حدث معه أمس.
-استنى يا استاذ صابر استنى ؟؟
التفت أحمد إلى نداء “جهاد” باسم شقيقه، متوقفًا عن صعود سيارته، مغلقًا الباب مرة اخرى، يعدل لها:
-أحمد مش صابر، صابر ده أخويا، توأمي، ولو هتسألي مين فينا الكبير فـ أحب اقولك أنه أنا اكبر منه بخمس دقائق بحالهم، اخبريني هل حدث شيء ؟
ابتلعت ريقها وخفت ابتسامتها من تلك المعلومة التي عرفتها وهي أنه توأم لهذا الشاب ويصغره بخمس دقائق، مقررة معرفة المزيد:
-ايه ده بجد معأن شكلك اصغر منه وميبنش أنك أكبر خالص، يمكن هو عشان طبيعة شغله مش هو ضابط برضو، والله شكله ضابط.
نفى لها سريعًا واقعًا في فخها التي نصبته:
-لا لا صابر مش ضابط خالص صابر شغال فـ
وقبل أن يعترف لها بعمله بواحدًا من مطاعم جده، ابتلع ريقه وقال:
-شغال جرسون في مطعم كدة.
قطبت حاجبيها وتذكرت سيارته الذي كان يستقلها:
-الله !! منين جرسون ومعاه عربية زي اللي هو راكبها دي ؟؟؟
وفي هذا الوقت لفت نظرها سيارة أحمد هو الآخر والذي يتضح عليها بأنها باهظة:
-الله !! ده أنت كمان راكب عربية هو شغلكم ده بيكسب للدرجة دي؟؟؟
ابتلع احمد ريقه وحدق بالسيارة يفكر في رد قد يخيل عليها، وما أن وجده حتى ألقاه عليها:
-هو انا مقولتلكيش، دي مش عربياتنا ده إحنا شغالين عليها سواقين جمب شغلنا الأساسي.
-يعني أخوك شغال شغلتين زيك يا حرام تلاقيه بيعمل كدة عشان يعرف يتجوز اللي بيحبها ولا عشان يعرف يصرف على بيته ومراته وعياله.
-مين ده !!! صابر أخويا أنا ؟؟ لا صابر أخويا لا بيحب حد ولا متجوز ولا مخلف، اصلا ده مبيحبش البشر ولا البني ادمين.
اتسعت ابتسامتها ما أن تاكدت من أنه عازب ولا يتواجد بحياته اي امرأه، فقال أحمد بفضول:
-صحيح ممكن اعرف اخت حضرتك اللي أنا هديها دروس ايه ظروفها يعني هادية ولا شعنونة ؟؟
-لا اطمن دي هادية جدا وشاطرة جدا وبتفهم بسرعة جدا.
صدقها أحمد وقال وهو يستقل سيارته:
-روحي الله يبشرك بالخير.
*************
خرج “يوسف” من غرفته وأوصد الباب من خلفه وهو يُعدل من وضعية نظارته الطبية، مبتلعًا ريقه يحضر ذاته لما على وشك مقابلته ومواجهته بعدما استيقظ متأخر عن ميعاد استيقاظه المعتاد بفضل نومه في وقت متأخر.
هبط الدرجات ثم توقف عن السير، رافعًا يديه يحك جبينه بتوتر وقلق.
وعندما تحلى بالشجاعة وقرر الذهاب والبحث عن والدته لأخذ هاتفه ثم يذهب لعمله، تناهى إليه صوت “آسر” من خلفه.
استدار “يوسف” بجسده يطالعه وهو يهبط الدرج قائلًا ببسمة:
-ايه ده مش مصدق أنت لسة في البيت؟؟
هز رأسه يجيبه وهو على وشك التحرك:
-ايوة نمت امبارح متأخر وده اللي خلاني اصحى متأخر، بس خلاص هروح اجيب موبايلي من ماما عشان خدته مني امبارح وهروح على الشغل.
علت ضحكات “آسر” جعلت الآخر يتوقف ويتابع ضحكاته مندهشًا منها فهو لم يقل اي شيء يستدعي ضحكه بتلك الطريقة!!
وبعدما هدأ آسر قليلًا سأله:
-أنت بتضحك على إيه يا آسر ؟؟
رد عليه بصراحة مطلقة:
-عليك طبعا، موبايل إيه اللي خدته منك ؟؟ هو أنت بنت ؟؟ ولا لسة عيل صغير عشان تاخده منك !! يا ابني أنت راجل، وبصراحة عيب على شنبك لما تقول كدة.
رفع يوسف يديه بتوتر ملحوظ مقربًا نظارته من عينيه أكثر:
-وايه العيب في كدة؟ العيب أني مسمعش كلام ماما أو اهلي عموما.
ارتفع حاجبي آسر وسارع بإيجابه:
-لا هو العيب اللي بجد أنك تبقى في السن ده ومخلص جامعة و بتشتغل وامك تعمل معاك كدة، وبعيد عن اللي بيحصل بس موبايلك ده حاجة تخصك تاخده ليه منك؟؟ وبعدين يا ابني أنت لو اتجوزت هنشوف مشاكل بالهبل بين مراتك وأمك وممكن توصل للطلاق.
هنا وتبدلت تعابير وجه آسر تمامًا وتحولت لاخرى جدية للغاية وكأنه شخص عاقل، رزين وحكيم:
-يوسف أنا بحبك وعايز مصلحتك، أنت لازم تتغير، مش بقولك تعصي أمك بس خلي عندك شخصية شوية.
-قصدك اني معنديش شخصية ؟؟
عقد آسر ساعديه واجابه بصدق:
-لا عندك بس مهزوزة، أمك لازم تعرف أنك مبقتش صغير مش لازم تسيبها تتحكم فيك، أنت راجل مش بنت، دي زهر مبيتعملش معاها كدة، اسمع مني أنا عايز مصلحتك.
لاح على يوسف الشرود والتفكير في حديثه، فقام آسر بالربت على كتفيه تاركًا إياه واقفًا محله مغادرًا هو مكانه.
وأثناء مغادرته أخرج هاتفه وقام بالاتصال على “يارا” وبعدما أجابت عليه وعاتبته على عدم رده عليها وحاول هو ألا يظهر مقته و زهقه منها بل قام بإصلاح الأمر بينهم، استفسر منها بنبرة غامضة:
“قوليلي الدرس اللي عليكي انهاردة امتى وفين ؟؟؟ ”
على الجانب الآخر، تحرك يوسف وبحث عن والدته حتى وجدها داخل المطبخ رفقة زوجات أعمامه، و اللواتي يكونون أقاربها بذات الوقت:
-صباح الخير.
ردوا عليه معًا، بينما التزمت والدته الصمت رامقة إياه بنظرة جانبية باردة.
ابتسم لهم يوسف، ثم ثبت بصره عليها يطلب منها:
-ماما بعد إذنك ممكن موبايلي عشان أروح الشغل.
ردت عليه ببرود جعله يشعر بالآلم:
-شوفت النوم متأخر خلاك تصحى امتى يا استاذ؟
شعر بالحرج البسيط وحرك بصره على المتواجدون، ثم نطق مبررًا:
-غصب عني يا ماما مكنش جايلي نوم.
-من القهوة اللي شربتها قولتلك ميت مرة متشربش قهوة، بس ازاي كلامي بيتسمع من ودن ويخرج من التانية، على العموم موبايلك فوق في اوضتي انا وابوك اطلع جيبه هتلاقيه في درج التسريحة اللي على الشمال.
-تمام بعد إذنك، بعد اذنكم.
قالها وهو يتهرب بنظراته من الجميع متجهًا لغرفتها كي يأتي بهاتفه.
بعد مغادرته تحدثت “وئام” والدة آسر معها:
-أنتِ مفيش فايدة فيكي؟؟ الكلام مش بيحوق معاكي، كلمناكي بدل المرة مليون احنا وأشرف وبرضو اسلوبك مع الواد زي الزفت، مش عايزة تقتنعي أنه كبر وبقى راجل، وطريقتك دي غلط.
انزعجت وعد من تدخلها بينها وبين ابنها، متمتمة:
-والله انا حرة مع ابني، ده ابني أنا، وياريت متدخليش، زي ما أنا مدخلتش وجيت قولتلك ربي ابنك النسوانجي، اللي أنا وأنتِ عارفين أنه كل شوية يكلم واحدة، فنصايحك دي تخليها لنفسك، أنا على الأقل ابني مش كل يوم مع واحدة.
لاح الحنق والاستنكار على أوجه الجميع بينما لم تصمت وئام وقالت:
-انا مقولتش أن ابني صح، وأنه طالع بيرفكت ومفيهوش عيب، وأنا مش ساكتة يا وعد وبحاول على قد ما اقدر اني اخليه يوقف اللي هو بيعمله، لكن أنتِ خليتي يوسف ضعيف، يوسف لو اتحط في موقف مش هيعرف يتصرف فيه لوحده، وصدقيني هيجي وقت وتندمي بس يارب يكون ساعتها الأوان ما فاتش.
**************
استيقظت “روضة” من نومها منزعجة من أصوات تلك الأغاني التي تصدح بالحجرة، فتحت عينيها وسرعان ما اغلقتهم مرة أخرى لا تتحمل ضوء الشمس القادم من النافذة المفتوحة.
وببطء قامت بفتحهم ونهضت جالسة على الفراش تناظر شقيقتها بشعر أشعث، فوضوي، قائلة بصوت عالي:
-يعني خلي عندك دم وراعي أن في بني آدمة معاكي في الاوضة.
التفتت إليها “ضياء” بوجه على مشارف البكاء مشيرة بسبابتها إلى وجهها وكأنها لم تنصت إلى حديثها:
-بُصي الحباية دي لسة شيفاها ومضيقاني أوي، متعرفيش حاجة تضيعها ؟؟
نهضت “روضة”عن الفراش وهي تتأفف بصوت عالي، مغمغمة بانزعاج وغضب كلي تمكن منها:
-اووووف بجد، بني ادمه معندكيش ريحة الدم، وفوق ده كله تافهه قال حباية قال.
وصل إليها صوت ضياء قائلة بحنق طفولي:
-بس يا منكوشة واه حباية ومش تفاهه على فكرة الحباية دي لو كبرت شكلها هيبقى وحش وممكن تسيب آثار، وعلى فكرة بقى أنتِ اللي معندكيش دم مش أنا.
توقفت الأغاني وصدح رنين هاتفها فانتشلته و رأت رقم غير مدون لديها، فأجابت عليه وهي تعود بنظرها نحو المرآة و تركزه على وجهها:
-الو مين؟
-دودي انا طارق متقفليش عشان خاطري واسمعيني.
انتشلها من تركيزها مع وجهها، قائلة بحنق:
-مش عايزة اسمعك وقولتلك متتصلش عليا تاني، إحنا فركشنا يا طارق وانا مش عايزة ارجع لك ومتتصلش تاني عشان بجد هزعلك، وانهاردة لو حاولت تكلمني في الدرس متزعلش من اللي هيحصل.
اغلقت معه وهي تتأفف، فجاءت روضة والتي رمقتها بغضب وهي تنتشل إحدى الكتب كي تبدأ مذاكرة قبل ذهابها إلى درسهما اليوم.
***************
دخل “أحمد” المطعم العائد لعائلته وعينيه تجوب بحثًا عن صابر، واثناء تنقل بصره هنا وهناك رآه واقفًا أمام إحدى الطاولات الجانبية ويفعل ما اعتاد فعله دائمًا ألا وهو وضع الأشياء بمكانها.
تنهد “أحمد” واقترب من أخيه، وهو يعقب بصوت عالي:
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العزيز، كيف حالك؟
رمقه صابر بجانب عينيه، ثم عاد مبصرًا أمامه يتابع ما يفعله.
مط أحمد شفتاه مضيفًا بطريقة مستنكرة:
-يا اخي رد يا أخي ده حتى السلام لله، يخربيت تناحتك.
رد عليه بصوت غليظ و قسمات غاضبة:
-أحمد لم لسانك مش عايز اتغابى عليك.
-وتتغابى ليه بس هو أنت متعرفش تعمل حاجة غير تتغابى، طب ده حتى جاي من الغباوة، بقولك ايه عندي فكرة ايه رأيك تضحك شوية، وتفك التكشيرة اللي على وشك دي واللي بتخلي الناس تفتكرك راجل كبير.
توقف مبتلعًا ريقه، وعلى الفور تابع محاولًا اقناعه بالابتسام:
-اديك مثال؟؟ والله لهقول مثال عندك البت اللي كانت في خناقة امبارح، البت العبيطة دي اللي فضلت تشجع فيك وفي الاخر جت تقول ازاي تعمل كدة وتمد ايدك على ابن منطقتهم، عرفتها ؟؟
لم تتبدل تعابير وجه صابر أو يكلف نفسه بايجابه، فتابع أحمد محاولًا تذكيره:
-ياض البت اللي افتكرتني مُدرس عربي دي وكانت عايزني ادي دروس لأختها ها عرفتها ؟؟
-مش عايز اعرفها ولا عايز افتكر واخرس بقى اخرس شوية جبتلي صداع أنت بالع راديو ؟؟
-لا تلفزيون، المهم بقى ياض يا صابر البت دي كانت فكراك اخويا الكبير وده ليه ؟؟ قولي ليه ياض يا أحمد؟
صر صابر على أسنانه و رفع رأسه وثبت عينيه على أحمد وهو يضم قبضته بغل، متمتم بتشنج واضح وهو على مشارف الهجوم عليه:
-مش هقولك ليه ياض يا أحمد، وهبطحك يا أحمد بالملاحة دي هتبقى مبسوط كدة صح.
انتبه أحمد لالتقاطه لتلك القطعة الزجاجية الصغيرة ذات فتحات عدة من الاعلى، وعلى وشك ضربه بها.
اتسعت عينيه وسارع بالتراجع وهو يردد:
-احييه بهزر وربنا بهزر متبقاش قفوش يا صابر يا حبيبي وخلي عندك صبر.
وقبل أن يتهور صابر، جاء صوت من خلفهم يستفسر عما يحدث بينهم:
-في إيه يا صابر؟؟ في ايه يا أحمد ؟؟ انتوا بتتخانقوا ولا إيه ؟؟؟
التفت أحمد للخلف ما أن استمع لصوت والدته وقبل أن يجيبها أي منهم، كانت زهر المرافقة لها و الواقفة جوارها، تجيب ببسمة:
-أنتِ بتسألي يا ماما، ده اكيد وكالعادة الخناقة هتبقى لصالح صابر اللي هيستغل أن لسة مفيش زباين وينقض على أحمد اللي اكيد عمل مصيبة.
انزعج أحمد وقال:
-قصدك ايه يا بت انتِ، لا بت متنسيش نفسك.
-ايه منساش نفسي دي قصدك إيه ؟
هلل لها وهو يلوح بيده بالهواء:
-قصدي متنسيش أنك هتبقى عمت عيالي، يعني حربوقة أو حرباية أو ثعبانة.
ضربت زهر بقدميها أرضا مصوبة حديثها لكلا من والدتها و اخيها صابر:
-شايفة يا ماما بيقول إيه، شايف يا صابر ؟؟
ابتسم أحمد بسمة تهكمية متمتم:
-اه يختي شايفين وبعدين هو ده كلامي؟؟ ده كلام الناس كلها ويلا يا حربوقة من هنا يلا.
ردت باندفاع تدافع عن نفسها:
-على فكرة ده اي كلام ومفيش اللي بتقوله ده التعميم ده اكبر غلط.
بينما التهم صابر ما يبعده عنه واقفًا أمامه تمامًا وفارق الطول كان يظهر بوضوح والذي كان لصالح صابر، قائلًا بنبرة مظلمة:
-بتقول ايه ياض، مين دي اللي حربوقة وحرباية وتعبانة ها ؟؟
لم يجد ما يجيب به فقال:
-لا معلش مقولتش تعبانة، هي مش تعبانة و زي القردة اهي، انا قولت ثعبانة وثعبانة هنا يعني.
-أنت لسة هتشرح بقولك إيه أنا مش عايز امد ايدي عليك.
اتسعت عين أحمد من جديد وابتعد عنه وهو يردد بعدم تصديق وطريقة مسرحية:
-حقا لا اصدق ما تسمعه عيناي وتراه أذناي، عشت وشوفت الاخ الصغير يهدد اخوه الاكبر بخمس دقائق، يا ليتني مُت قبل أن اسمع وأرى هذا، أو ليتك مت أنت.
وقبل أن تعقب والدتهم جاء صوت آخر لم يكن سوى لابيهم والذي قال معقبًا على ما استمع إليه:
-أو ليتني مت أنا ولم ارى هذا، بتعاير أخوك يا معفن وبـ ايه بخمس دقايق عُمي اومال لو كنت أكبر منه بسنة كنت عملت فيه إيه.
-أبي !! ما الذي جاء بك إلى هنا؟؟
-جئت لأسمع هذا و أرى ما تفعله بـ أخيك يا ندل.
هنا وحول جابر أنظاره نحو صابر مشيرًا بيده نحوه يمدح به ولا ينتبه لمحاولات زوجته وابنته بالخلف كي يكتمون ضحكاتهم:
-اخيك الهادئ، الوقور، الخلوق، العسول، البار بوالديه.
شعر أحمد بالحنق فصاح بطريقة طفولية:
-ده ايه الظلم ده، وربنا ما خلوق ولا نيلة هو فيه خلوق يعمل رعب لاخوه الكبير، لا اخوه الكبير إيه ده عملك رعب أنت شخصيًا، أبا بقولك ايه بلاش الشويتين دول وقول أنك خايف منه.
-خايف من مين يالا، ده أنا جابر على سنح و رمح.
-وانا احمد برضو وبرضو على سنح و رمح، ومدام بتهزقوا فيا كدة انا ماشي سلام عليكم.
وقبل أن يتحرك مسك به جابر من تلابيبه مغمغم:
-مفيش مشيان وهناكل كلنا سوا يلا قدامي كلكم على الطاولة اللي هناك دي وإياك اسمع اي اعتراض يلا قدامي.
يتبع.
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.