رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع
الفصل السابع
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل السابع:
تقف “جهاد” على أعتاب باب المطعم تلتفت يمينًا ويسارًا برأسها تراقب الطريق وتترقب مجئ والدها.
تكتم غيظها من هذا التأخر رغم إدراكه بقدوم معلم لابنته الصغرى.
لحظات مرت حتى رأته يأتي فصاحت بصوت عالي وصل للبقية داخل المطعم:
-ابوكم جه اخيرًا.
وأثناء سيره واقترابه من منزله رأى ابنته تقف هكذا وتتطلع به، فاقترب منها وسألها بنبرة قاسية:
-ايه اللي موقفك برة كدة يا بت؟
-مستنياك اصلك عوقت والأستاذ بتاع العربي ملطوع في عربيته، ومرضيناش نطلعه غير لما تيجي.
أشارت أثناء حديثها الأخير نحو أحمد القابع داخل سيارته، حول الرجل بصره نحوه، وكذلك انتبه أحمد وخمن بأنه والدهم.
فسارع بالترجل من السيارة حاملًا حقيبته متقدمًا منهم ماددًا يديه إلى الرجل يرغب في مبادلته السلام قائلًا بحفاوة وحرارة:
-اهلا يا فندم، معاك أحمد جابر سلطان مُدرس لغة عربية وبعون الله ومن غير أي مقاطعة بنتك هتطلع الأولى على المدرسة وهتقفل المادة.
و بعين متفرسة دون أن يكلف خاطره لمبادلته السلام قال:
-لما نشوف يا أخويا، يلا بينا.
تحرك الرجل وسبقه، بينما ظلت يد أحمد معلقة بالهواء وشعر بالحرج من فعلته الوقحة، وكذلك شعرت جهاد وقبل أن تفكر في إصلاح الأمر و مبادلة أحمد السلام كان يخفض يديه ويضعها بجواره متبعًا والدها.
فقالت تخبر شقيقاتها:
-أنا طالعة حبة ونازلة.
بالاعلى فتح “شكري” باب منزله فوجد ابنته “إحسان” تستقبله بتلك الكلمات:
-بابا اتاخرت لـ
لم تكمل بفضل كلمات والدها التي قاطعتها متمتم بأسلوب جاف ويد تلوح بالهواء:
-خشي جوه يا بت.
هزت رأسها موافقة و رضخت لحديثه لرؤيتها ذلك الشاب الذي خلفه والجة غرفتها مغلقة الباب من خلفها.
بينما أشار شكري لـ أحمد كي يدخل، ثم لاحقته جهاد التي أشارت نحو الصالون:
-اتفضل اقعد ارتاح هناك عقبال ما انادي رضا.
تحركت من مكانها ومن خلفها شكري الذي سار خلفها ثم مسك بذراعيها يجبرها على الوقوف قائلًا:
-اعملي حسابك البت لو مفلحتش بعد الفلوس اللي هدفعها لمدرس الغفلة ده وفلوسي طارت في الهوا مش هسمي عليكم، فاهمة؟
-لا متخافش واطمن يابا هتفلح وهتطلع الأولى كمان ثق فيا وفيها وفي الاستاذ اللي هناك ده، أنت مش شايف شكله.
رد بسخرية:
-لا مش شايف ماله شكله؟
-شكله بيقول انه مُدرس لغة عربية وقديم كمان وهيخلي البت رضا عشرة على عشرة اسالني أنا، انا من نظرة بفهم وبقيم اللي قدامي، اطمن بقى.
-اطمن إيه أنا قلقت اكتر واديني حذرتك وأنتِ بقى حذري مقصوفة الرقبة والزفت اللي ورا ده عشان هيبقاله نصيب لو حصل ومفلحتش.
***************
-يا عمي أرجوك شوف حل أنا تعبت منه ومن أحمد، اللي هما عايزين يعملوه ده غلط كدة هيودوا البنت في داهية وهيخلوها تسقط، ده العربي بتاعهم غلط، بجد حرام كدة.
هتفت “ثراء” كلماتها ملقية إياهم على مسامع “سلطان” بعدما قصت عليه ما يبغي ابنها وزوجها فعله مع تلك الفتاة الصغيرة على مرأى ومسمع من زوجها الذي كان لا يبالي أو يهتم بشيء في هذا الوقت، سوى هاتفه وابنه أحمد الذي لا يجيب عليه.
حول سلطان بصره نحو جابر يسأله بترقب:
-صح الكلام ده يا جابر؟؟؟ انتوا فعلا هتعملوا كدة؟؟ وفعلا أنت موافق ابنك وبتشجعه على كدة!
رد عليه بغيظ من ابنه بعدما داهمته العديد والعديد من الشكوك والأفكار:
-وهو فين ابني ده فين؟؟ ده مبيردش، وشكله اشتغلني وبيدي البت الدرس دلوقتي.
انفعل سلطان وهب من جلسته واقفًا امامه، متمتم بغضب واضح:
-درس ايه و زفت إيه على دماغك أنت وهو.
أنهى كلماته محاولًا التحكم باعصابه وحفظ صورة ابنه أمام زوجته فقال يطلب منها:
-ثراء هاتيلي كوباية ماية لو سمحتي عشان اعرف ابلع اللي هما هببوه ده.
أدركت نواياه و رغبته في رحيلها، فقالت:
-حاضر بعد اذنك.
بعد رحيلها مسك به من تلابيبه متمتم:
-أنت عايز تشلني ياض؟؟ عايزني اتجلط واموت بسببك أنت وابنك يعني مش كان كفاية أنت عليا لا وجبتلي ابنك كمان عشان يشلني معاك ويبقى الموضوع اسرع مش كدة.
وبعتاب قال جابر:
-بعد الشر عليك يا حاج ليه بس بتقول كدة؟؟ وبعدين إيه الوحش اني ادي دروس سبوني احقق حلمي منذ الصغر وادي دروس بليز يا حاج، ارجوك، من فضلك، إذا سمحت، بعد إذنك.
-ياض ابلع ريقك وحكاية الدروس دي تنساها وابنك لما يجي تقوله يشيل الموضوع من دماغه ويعتذر لاهل البنت أنه مش هيقدر يكمل، أنت سامع ولا لا؟
حرره ودفعه بعد انتهائه من الحديث، فلاحقه جابر بالرد متمتم بأسلوب مبالغ به:
-لا يا حاج، لا مش سامع تقدر تعتبرني أطرش، بس ده حلمي وحلم ابني ومش هنستغنى عنه وهنفضل متمسكين به لآخر نفس ولاخر يوم في عُمرنا.
دخلت والدته بتلك اللحظة وبصحبتها شقيقه الأكبر أشرف، مستفسرة منهم:
-هو ايه ده اللي هتفضل متمسك بيه ياض يا جابر قولي؟
-حلمي ياما أنا خلاص فرصتي جت، وانا والواد أحمد هـ ندي دروس لغة عربية ونثبت نفسنا ليكم ولكل العالم.
دوت ضحكات “أشرف” عاليًا مما أثار غضب جابر الذي صاح عليه:
-بتضحك على ايه ياض أنت ما تحترم نفسك.
وقبل أن يجيب أشرف، كان عابد يأتي من العدم قائلًا:
-يعني خنقتني بـ احترم أخوك الأكبر بخمس دقايق وانت اصلا مش بتحترم اخوك الأكبر مني ومنك.
نفخ جابر واستمع لصوت آسر الذي جاء للتو و قال بأسلوب مرح مدافعًا عنه متخطيًا الجميع مقتربًا منه :
-لا، عمي جابر لا، كله إلا ده، زعقولي أنا، اشخطوا فيا انا، انا فدا عمي.
ابتسم جابر واحتضن وجه آسر بعدم تصديق متمتم:
-حبيب قلب عمك، اقسم بالله أنت حبيبي اكتر من أبوك وتوأمي اكتر من أبوك يلا بينا يا نن عين عمك وسيبك من العيلة النكد دي، احنا جيناها غلط.
أيده آسر وقال موافقًا:
-بينا على اقرب موقف ميكروباصات يخرجنا من وسطهم.
وبالفعل تحركا معا يدًا بيد، فجذب أنظار جابر عضلات يد آسر فمال عليه وسأله بخفوت:
-طبيعي دول ياض ولا نفخ ؟
-عيب عليك طبيعي طبعا أنا مليش في النفخ.
-جدع ياض كدة أنت حبيب عمك أوي، استني لما اجرب اتصل على الواد أحمد انا مش هسيبه انهاردة.
حاول الإتصال عليه مجددًا ولكن دون جدوى فقد اغلق هاتفه تلك المرة، فقال متيقنًا من خداعه وتلاعبه به:
-يا ابن الكلب يا أحمد.
***************
يجلس كل من أحمد و رضا حول طاولة تم وضعها بغرفة الصالون من أجل درسهما، يتبادلان النظرات المختلفة بعدما اغلق أحمد هاتفه بفضل اتصالات والده المكررة، فكانت نظرات أحمد ثابتة واثقة، أما هي فكانت متفحصة له ولهئيته.
قطع هو الصمت قائلًا بهدوء:
-اهلا.
ردت بهدوء وهي تريح ظهرها للخلف:
-بحضرتك، قولي اسمك إيه ؟
-محسوبك اسمه أحمد، قصدي أستاذ أحمد مُدرس لغة عربية، وبدون مقاطعة هخليكي بريمو في اللغة زيي بضبط، قوليلي بقى أنتِ اسمك إيه ؟
-أنا اسمي رضا، وابويا اسمه شكري، و أخواتي اساميهم إسلام وجهاد وبرق و ضياء ورياض وإحسان وعصمت و أنا رضا اخر العنقود.
ابتسم لها ثم قال مازحًا:
-وطبعا اخر العنقود.
استرسلت بدلا عنه:
-سكر معقود يا مستر، وانا فعلا سكر ده مش كدب وكل أخواتي بيحبوني إلا البت ضياء نقرها من نقري مش عارفة ليه ودايما تقول عليا فتانة ومبيتبلش في بُقي فولة، ولو هتسألني انا بقى بحب مين فهقولك روضة ولو هتسأل مين روضة هقولك روضة تبقى رياض بس هي مبتحبش حد يقولها رياض اصلها متعقدة من إسمها.
انتهت متلفتة حولها تتأكد من عدم وجود أحد، مشيرة له كي يميل، فاستجاب لها والدهشة ترتسم على محياه فهمست له كاشفة له الكثير والكثير:
-اصل بابا مبيحبش خلفة البنات وبيكرههم وكان نفسه اوي في ولد بس مجاش وكل خلفته كانت بنات، قام ايه بقى سمانا كلنا بالاسامي اللي قولتهالك دي.
ابتعدت عن اذنيه وتراجع هو في جلسته وهو يردف صدمة:
-يعني ضياء و رياض دول بنات ؟؟ واختك روضة تبقى رياض ؟؟؟
-اه وهما الاتنين مش بيحبوا اساميهم ضياء الرخمة بنقولها دودي و رياض بقى روضة.
ارتفع حاجبيه وقال:
-معاهم حق هو في حد عاقل يسمي بناته ضياء ورياض.
تابعت تُعد على أصابعها:
-واسلام وجهاد و برق وإحسان و عصمت وانا رضا.
-هو كل اللي قولتيه عادي واعرف انهم يتسموا بنات عادي، ما عدا برق هنحطها في القائمة مع ضياء ورياض، ده انا المفروض أحمد ربنا أنه ابويا سماني اسم حلو ده انا اول ما هروح هبوسه هو وأمي وجدي وستي وباقي العيلة نفر نفر.
ابتسمت له قائلة بحماس وفضول طفولي:
-أنت عيلتك كبيرة ولا إيه ؟
-يـــــــــــوه متعديش استني هحكيلك، جدي ابو أبويا اسمه سلطان كان زمان فاتح مطعم فول وفلافل باين وكان عايش على قده وكان مخلف اعمامي اللي هما عمي أشرف وعمي نضال وعمي عابد و أبويا و عمي خليل وللعلم عمي عابد وابويا دول توأم زيي أنا واخويا اصل انا ليا أخ اسمه صابر ويبقى توأمي وانا أكبر منه بخمس دقايق.
ابتلع ريقه ثم تابع بشغف وسعادة من حديثه مع تلك الطفلة التي كانت توليه اهتمام جعله يرغب في الحديث أكثر واكثر وتناسى أمر الدرس:
– المهم في يوم وليلة الحال اتغير والزهر لعب وجدي ورث واحد قريبه واتنقل من حارة لقصر وفي القصر اللي قدامنا بقى ساكن جدي ابو أمي وده بقى يا بت يا رضا يطيق العمى ولا يطيقني ولا يطيق ابويا بس مش موضوعنا المهم أن حصل نصيب واتجوزوا من بنات عيلة الحلواني اللي كانوا جيرانهم.
قطع حديثهم مجئ جهاد التي كانت تقف بالمطبخ وتُعد له شيء يشربه بجانب بعض من قطع الحلويات الشرقية وخلفها تسير روضة.
وقف الاثنان معًا أمام الطاولة و وضعت جهاد الكوب والصحن أمامه وهي تهتف:
-اوعي تضايقي الاستاذ يا بت يا رضا لو اشتكالي منك أنتِ عارفة اللي هيحصلك.
عقب انتهائها خرج صوت روضة ترحب به:
-ازي حضرتك عامل إيه.
وقبل أن يجيبها كان صوت جهاد يخرج مجددًا:
-صحيح البت روضة قالتلي على اللي عملته معاها ومكنتش اعرف انه انت وقولتلها أنك هتدي رضا درس العربي وبجد كبرت في نظري اكتر واكتر وربنا يكتر من امثالك يا شيخ.
-انا والله معملتش حاجة واي واحد مكاني كان هيعمل كدة.
خرج صوت روضة مبحوحًا تنفي هذا الحديث:
-لا محدش عمل اللي أنت عملته، اكتر من مرة يضايقني ويقف في طريقي ومحدش كان بيكلم معاه كلمة، وبجد بشكرك من كل قلبي.
-لا شكر على واجب يا ست البنات.
خجلت من كلمته العفوية والتي خرجت تلقائية وعلى الفور استاذنت عائدة لغرفتها بينما رددت جهاد:
-هنزل نصاية وراجعة تاني.
وقبل أن تغادر دخلت غرفة إحسان وقالت لها:
-بت يا إحسان قومي بكتبك وحاجتك دي ذاكري برة بعيد عن اختك والاستاذ شوية عشان يبقى حد معاهم ومن وقت للتاني تبصي عليهم عقبال ما اطلع.
بالخارج وبعد ذهاب جهاد وخروج إحسان وجلوسها على مقربة منهم، تبسم وجه رضا وقالت:
-يلا كمل يا حمادة آخر حاجة قولتها أن اعمامك اتجوزوا من البنات جيرانهم وبعدين ؟
تنهد متابعًا ببسمة واسعة بلهاء:
-وبعدين خلفونا، عمي أشرف خلف يوسف، و عمي نضال خلف فريد و عمي عابد خلف الواد آسر الفلتان، وابويا خلفني انا و صابر و زهر، أما عمي خليل بقى خلف الواد محمد اللي شغال عندكم في المطعم تحت.
هنا واتسعت عين أحمد وصُدم مما قاله وكيف ذل لسانه و فضح أمر محمد امام تلك الطفلة التي اتضح عليها إدراكها لحديثه ومقصده قائلة بصدمة وطريقة لا تليق مع عُمرها الصغير:
-عمك مخلف محمد اللي شغال مع إسلام وجهاد وبرق تحت في المطعم ؟؟؟
لم يجد حل سوى النكران قائلًا بتعجب:
-ايه ده مين قال كدة ؟؟؟
-أنت!!!
-أنا قولت كدة امتى يا بنتي؟؟؟
-دلوقتي قولت أن عمك خلف محمد اللي شغال عندنا في المطعم تحت يا حمادة.
-محصلش انتِ جبتي الكلام ده منين، يتقطع لساني لو كنت قولت حاجة زي دي…
*****************
يجلس يوسف مع فريد في غرفته مُمددًا بجواره على الفراش وكل منهما يلزم الصمت شاردان في أمور تشغل بالهم.
خرج فريد من تلك الدوامة من الأفكار والتي تجذبه للتفكير بالاسوء ألا وهي نتائج فعلته الأخيرة.
متحدثًا معه منتشلًا إياه هو الآخر مما يفكر:
-ساكت ليه يا يوسف بتفكر في ايه؟؟؟
رفع يديه وعدل من وضعيه نظارته على عينيه، متمتم:
-مش بفكر بس مضايق ومخنوق أوي يا فريد، مش عارف لحد امتى ماما هتفضل تعاملني كدة كأني عيل صغير او مراهق مش عارف الصح من الغلط، اوقات كتير بسأل نفسي امتى هتشوفني كبرت وتعاملني على الأساس ده، المشكلة اني مبحبش ازعلها او اضايقها بس زعلي انا هين بالنسبالها.
-بس هي بتحبك وبتخاف عليك وأنت عارف ده.
-عارف بس كمان عارف أن حبها وخوفها زي الحبل اللي بيتلف على رقبتي وكل مادا بيضيق وبيخنقني لحد ما هيموتني.
-بعد الشر عليك يا متخلف أنت، وبعدين متبالغش اوي كدة، وصدقني أنت أحسن كتير من غيرك يعني مثلا جسمك كويس مش تخين زي حالاتي والبنات مش هتهرب منك، وكمان مش بارد وغامض زي صابر، ومش فتان ولا اهبل زي احمد، ومش هادي وبعيد زي محمد، ومش بتاع بنات وصايع زي آسر وقصي، صدقني انت حالك احسن من كتير ولو على خنقتك وضيقتك فـ انت برة البيت تقدر تعمل اللي انت عايزه أمك مش هتبقى شيفاك، يعني ابسط نفسك وابسطهم، برة اعمل اللي تحبه ويرضيك وقدام عيونها اعمل اللي هي تحبه ويرضيها وكدة تكون رضيت جميع الأطراف واللي هي نفسك و أمك.
لاح إعجابه بتلك الفكرة وبدأ التفكير يظهر على محياه، وبعد تفكير لثواني نفض كل هذا من رأسه فهو لن يفعل هذا بالتأكيد، هو ليس كذلك !!
حدق بفريد فوجده يليح عليه التفكير وقليل من الحزن والشرود فسأله:
-مالك يا فريد شكلك مضايق انت كمان ؟؟ احكيلي.
رمقه فريد بجانب عينيه ثم قال بترقب:
-احيكلك بس متحكيش لحد؟
-أكيد طبعا.
سحب فريد نفسًا عميقًا زفره على مهل، ثم تمتم مقررًا إفشاء سره الصغير لابن عمه:
-هحكيلك عشان أنا فعلا محتاج اشارك حد اللي أنا عملته بس مش عشان هو صح لا انا عارف اني غلط بس مكنش قدامي حل تاني غيره وهو اللي جه قدامي وحاسس اني ندمان وضميري بيعذبني.
قلق يوسف عليه فالتفت بكامل جسده إليه وقال بنبرة يغمرها الخوف:
-ايه اللي حصل ؟؟؟
رد عليه بضيق وسخط على حاله و وزنه الذي أوصله إلى هذا التصرف:
-انا بكلم واحدة سوشيال و كانت عايزة تشوف صورة ليا وأنا كنت خايف بعد ما تشوف صورتي وتعرف اني تخين تبعد وتسبني، انت عارف أن البنات بتحب الواد القمور ابو عضلات وأنا بعيد كل البعد عن المواصفات دي، وعشان كدة.
-وعشان كدة ايه يا فريد عملت إيه!!!!!!؟
-بعتلها صورة آسر على أنه أنا.
****************
-هموت يا بابا في ايدك حرام عليك ويقولوا اللي قتل ابنه اهو وينزلوا صورتك على مواقع التواصل الاجتماعي، حررني ارجوك.
ردد أحمد كلماته بصوت عالي يطلب التحرر من جابر الذي كان ينتظره ومسك به ما أن جاء والان يرفض تركه أو تحريره.
حضر بعض من العائلة يشاهدون ما يحدث ما بين الأب وابنه، وكان أول الحاضرين هو سلطان الذي ما أن رآه جابر حتى تراجع عما كان ينوي الحديث به وابدل كلماته تمامًا مغمغم:
-وربنا ما هسيبك، بقى يا كلب يا واطي يا جبان بتدي درس لبنت صغيرة، بتستغل سذاجتها وأنها مش فاهمة انك فاشل، عايز تضيعها، ده انت القتل فيك حلال ياض.
ثم حول بصره نحو والده متمتم:
-ايه رأيك فيا يا بابا وانا بربيه؟؟
اماء له سلطان فخورًا به، ثم تحرك رفقة زوجته تاركين إياه خلفهم يمسك به والبقية يشاهدون ويضحكون عليهم.
بعد ذهابهم تبدل حديثه وصاح:
-اه يا حيوان يا كذاب بتضحك عليا وتقولي الدرس الساعة تسعة وتقولي هبعتلك اللوكيشن واتصل عليك متردش وبعدين تقفل الهاتف، ده انا هنفخك يالا.
اتسعت عين أحمد وهتف مدافعًا عن نفسه:
-محصلش انا مبكذبش الكذب حرام يا والدي، وانا متربي ومش بكدب صدقني انا مش كداب، ده انا حتى بكره الكدب كره العمى، اقولك على حاجة ؟؟ ده انا اطيق العمى ولا اني اطيق الكدب وبعدين مش عيب تشك فيا يا والدي مش عيب.
حمحم محمد الذي كان متواجدًا هو الآخر وقرر اقلاب الأمور عليه والانتقام منه قليلًا وربما الهرب منه مجددًا:
-بعد إذنك يا عمي بس حابب اقول أنه مش شوية قالي أنه راح وادى البنت الدرس وأنه كان قصده يقفل موبايله ويديك ميعاد غلط..
جحظت عين أحمد وقال بصدمة:
-أنت بتكدب عيني عينك كدة؟؟؟ انت متعرفش أن الكدب حرام يا محمد ؟؟
هزه جابر بعنف متمتم:
-طب ما تقول لنفسك يا كداب ده انا كان المفروض اسميك كداب مش أحمد.
-اه عشان اتعقد وكل الناس تتنمر عليا وعلى اسمي وأكره اسمي ونفسي واكرهكم كمان بالمرة.
هنا وتدخلت ثراء و فصلت زوجها عن ابنها قائلة:
-جرا ايه يا جابر سيب الواد مش هفرح بيك لو جراله حاجة انا.
احتضنها أحمد ثم قال بصوت عالي يخبر الجميع:
-يكون في علمكم انا من بكرة هروح الجيم بتاع وسام وهدرب وهخليه هو اللي يدربني شخصيًا، ومن هنا ورايح انا مش هتهزق سامعين…
علت نبرته مع كلمته الأخيرة فهتف جابر وهو يوشك على الركض نحوه مما دفع الآخر للفرار و دخول عرفته:
-أنت بتزعق في مين ياض ما تيجي تلطشنا قلمين بالمرة.
فر أحمد وصعد غرفته بينما ابتسم محمد وشعر بلذة الإنتصار ثم اتجه لغرفته هو الآخر بعدما فر من تلك المواجهة مجددًا والتي كانت ستحدث بينهم، جالسًا على طرف الفراش مفكرًا في طريقة تجعل أحمد يلذ بالفرار من الحارة ولا يعود مجددًا ويشكل تهديدًا عليه وعلى عشقه الذي لا يعلم مصيره حتى الآن…..
يتبع.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.