رواية ملاذ العاشق – الفصل الثامن عشر
البارت الثامن عشر
البارت الثامن عشر
كريم بيبص لسيدرا وبيقعد قدامها وبيقولها:
“أنا أهه، حبيتها يا سيدرا، بس هي مكانتش تعرفني أساسًا، وأنا نسيتها.
اتلهيت فيكي، وفي اللي حصل، وفي أبويا، وفي حياتي، ومفكرتهاش.
أنا حبيتها إزاي يعني؟ كنت بشوفها وأنا باجي آخدك من الدروس، وروحتها بيتها مرتين وانتي معانا.
منكرش إني كنت باجي كتير علشان أشوفها من بعيد، بس اتأكدت إني كنت منبهر بيها، معجب، إنما حب والكلام ده؟ لا يا سيدرا.
عارفة؟ ما افتكرتهاش إلا إمتى؟
مرة لاقيت صاحبي وأخويا وعِشرة عمري سرحان ومبتسم كده،
كان بقاله فترة من أيام اللي حصل له وهو مطفي،
حسيته اتغيّر، حبّ، حب بجد يا سيدرا، كل حاجة فيه اتغيّرت.
سألته: “إيه اللي غيرك يا صاحبي؟”
قالّي: “حبيت.”
قلتله: “مين؟”
قالّي: “قوم معايا أوريهالك.”
استغربت، ده صاحبي!
قمت معاه، واتفاجئت لما وقف عند مستشفى واستنّى بنت لما نزلت،
وبصّ عليها بكل لهفة وقالّي: “هي دي.”
اتصدمت، لقيتها ملاذ.
طبيعي أضايق واستغرب، بس في نفس الوقت وأنا رايح البيت قولت لنفسي:
هتضحك على نفسك يا كريم؟
إنت محبتهاش، ولا يوم افتكرتها من يوم ما بعدت عنك،
ولا حتى جت في بالك تسأل عليها.
وحِتّى لو كنت بحبها، كنت هضحي علشانها؟
سفيان اتأذى كتير في حياته، وعاش حرمان سنين،
وعمري ما شُفته فرحان وملهوف كده غير معاها.
عدّيت ونسيت،
ولما شافتني ملاذ، ما افتكرتنيش أصلًا،
ولا حتى عرفت إن أنا أخوكي،
فـ اتأكدت إنّي كنت صح.
وقابلت نُهى… وحبيتها.
اتجوزتها، وصدقيني يا سيدرا،
أنا مفيش في بالي ولا دماغي أي حاجة غيرها يا حبيبتي.”
عند ملاذ،
صحيت من النوم كسلانة بطريقتها المعتادة، قامت راحت الحمّام، اتوضّت وصلت، لكن فجأة داخت.
قعدت على السرير، مسكت دماغها، وفجأة الباب خبط.
ردّت بوهن: “ادخل.”
دخلت أمها ليها ومعاها الفطار، وقالتلها بابتسامة:
“إيه يا قلب أمك؟ بقينا الضهر! كل دا نوم؟ يلا علشان تاكلي.”
ابتسمت ملاذ لأمها وهي بتحاول تداري تعبها.
وقفت على رجليها ولسه هتخطّي خطوة، أُغمي عليها.
وقعت على الأرض، والأكل وقع من إيدين أمها، اللي صرخت بخوف:
“ملااااذ!”
وجريت عليها وهي بتحاول تفوقها:
“ملاذ! فوقي يا حبيبتي، فوقي يا بنتي!”
أبوها طلع على الصوت، ولما شافها واقعة، جري عليها، رفعها من على الأرض، ونيمها على السرير، واتصل بسرعة على سفيان.
—
عند سفيان،
قاعد في الشركة هو وكريم، مشغولين في الشغل،
رن التليفون برقم أبو ملاذ.
رد بسرعة: “أيوه يا عم محمد!”
وفجأة وقف، صوته كله لهفة وزعر:
“إييييه؟ طب أنا هرن على دكتورة تيجي البيت وأنا جاي حالًا!”
وقف وطلع يجري بره المكتب.
كريم قاله بقلق: “خير يا سفيان؟”
ردّ وهو بيجري: “ملاذ أُغمي عليها! خليك انت كمل الشغل وأنا هطمن عليها!”
كريم حاول يهديه وقاله:
“متقلقش، إن شاء الله تكون بخير، سوق على مهلك.”
لكن سفيان كان تايه من القلق، ركب عربيته وساق بسرعة، كأنه هيطير.
أما كريم، فطلع الشغل وكمل، بس دماغه مع سفيان وملاذ.
—
عند سيدرا،
كانت خارجة من الحمام بعد ما أخدت دش، لبست بيچامة بيت خفيفة، سرّحت شعرها ونزلت المطبخ.
حضّرت سندوتشات ليها ولـنُهى، ومعاهم كوبايتين عصير، وطلعت فوق.
عدّت من جنب أمها اللي كانت بصّالها بحنين، لكن سيدرا تجاهلتها.
طلعت عند نُهى، خبطت، ولما سمحتلها بالدخول، دخلت وهي مبتسمة:
“أخبار المزّة بتاعتنا إيه؟”
ضحكت نُهى وقالتلها:
“تعالي يا حبيبتي.”
حطّت سيدرا الأكل على السرير، ووَطّت تبوس نُهى من خدها:
“عاملة إيه؟”
ابتسمت نُهى بحب وقالتلها:
“الحمد لله يا حبيبتي، انتي اللي عاملة إيه؟”
أدّتها سيدرا السندوتش وهي بتضحك:
“الحمد لله والله، خدي انتي دا، أصل لو كريم جه ولقيكي جعانة يقتلني! خلّصي واشربي العصير.”
أخذت نُهى السندوتش منها وهي بتبصلها بحب، واتكلموا سوا، ضحكوا،
ولكل واحدة فيهم كانت التانية هي الأخت اللي كانت ناقصاها في حياتها.
—
عند سفيان،
وصل الفيلا في وقت قياسي، طلع يجري على جناحه هو وملاذ.
قرب منها، مسك وشها بين إيديه، وصوته كله خوف ولهفة:
“مالك يا حبيبتي؟ ردي عليّ! إيه اللي حصل يا جماعة؟”
ردّت أم ملاذ بسرعة وهي مرعوبة:
“والله يا ابني أنا لسه داخلة ليها بالفطار، لقيتها أُغمي عليها، وكلمناك.”
مسك سفيان إيدها، بوسها بحب ودموعه خلاص هتنزل من القلق.
دخلت الدكتورة، وسفيان وسّعلها مكان تبدأ فيه شغلها،
ادتها حقنة، وبعد شوية، بدأت ملاذ تفوق.
الدكتورة ابتسمت وهي بتسألها شوية أسئلة عن اللي حاساه، وبعدها قالت وهي بتضحك:
“لا لا، إحنا عال أوي، بس واضح إننا بندلع شوية… دا طبيعي في حالتك.”
سفيان اتوتر وقال بسرعة:
“حالتي إيه؟ مالها يا دكتورة؟”
ردّت وهي مبتسمة:
“متقلقش يا أستاذ سفيان… ألف مبروك، المدام حامل.”
ملاذ بصتله بصدمة، وسفيان واقف مش مصدق، عيناه مليانة دموع فرحة.
أم ملاذ حضنت بنتها بقوة وهي بتقول بسعادة:
“ألف ألف مبروك يا حبيبتي!”
الدكتورة كتبتلها شوية أدوية وقالتلهم:
“علشان الدوخة والجنين، وتيجوا العيادة نتابع إن شاء الله.”
خرجت الأم مع أبو ملاذ عشان يسيبوهم شوية لوحدهم.
قرب سفيان من ملاذ، دموعه نازلة وهو بيحضنها بحب:
“مش مصدق نفسي يا ملاذي… أخيرًا هيكون ليّا ابن… ومنك!
الحمد لله، يا رب، الحمد لله!”
حضنته ملاذ وهي صوتها مبحوح من الفرح:
“ولا أنا يا سفيان… مش مصدقة.”
ضمّها أكتر ليه، وسكتوا هما الاتنين،
كل واحد فيهم جواه مشاعر متلخبطة بين فرحة، خوف، وامتنان.
قعد جمبها، مسك إيدها وقال بابتسامة هادية:
“لو ولد هنسميه آدم، ولو بنت هنسميها حور.”
ابتسمت ملاذ وقالتله بحب:
“اللي تشوفه يا حبيبي.”
ابتسم سفيان وهو بيضمها لحضنه تاني،
غمض عينيه بارتياح، وتمنّى اللحظة دي تفضل معاه… لآخر العمر.
عند أدهم بيطلع من بيته وبيروح على الفيلا بتاعت توفيق، وبدخل وبيسأل عليه وبيقعد ويحط رجل على رجل، وهو بيفكر في غموض.
بيدخل توفيق ويقعد قصاده ويقوله:
– ها، خير؟
بيرد أدهم ببرود ويقوله:
– إيه؟ مش جه وقت إننا نخلص عليه ولا إيه؟ إنت قولتلي متتصرفش من دماغك، بس أنا مشوفتش منك شغل ولا شوفت أي حاجه. أنا عاوز ملاذ وهاخدها، هتساعدني تمام؟ لا؟ يبقى أتصرف لوحدي.
بيهديه توفيق علشان مصلحته، وهو بيقوله:
– طب اهدي، أوعدك الصفقة اللي جاية دي تتم وهتحرك على طول.
بيبصله أدهم بضيق، ويرجع يبص قدامه:
– أما نشوف.
كريم بيخلص شغل وبيرن عليه سفيان.
بيرد عليه كريم:
– أبو يا صاحبي، خير إن شاء الله؟
بيرد عليه سفيان بنبرة كلها فرح وسعادة، وبيقوله:
– أيوه يا كريم، هتبقى عم يا كريم!
بيرد كريم بسعادة واضحة:
– بجد؟ ألف ألف ألف مبروك يا حبيب قلبي! وبالمناسبة الحلوة دي، أتمنى إن انت وملاذ ووالد ووالدة ملاذ تنوروني النهارده في البيت، حلاوة الخبر ده. وكمان الدكتور بتاع سيدرا جاي وجايب أهله، وعاوز يتقدملها، ومش هلاقي أحسن منك ومن أهلك معايا يا حبيبي. وادعي لسيدرا، ربنا يعوضها يا سفيان.
بيرد سفيان، ويقوله بنبرة كلها حب:
– حاضر يا حبيبي، هتلاقينا عندك بليل، وربنا يوفق سيدرا ويعوضها خير يا رب.
وبيفصل معاه، وكريم بياخد عربيته ويروح.
عند حمزه، بيروح وبينده على أمه:
– يا أمي! يا زوزو! يا حاجه!
بتطلع زينات على صوته، وهي بتقوله:
– إيه يا قلب أمك؟ أنا هنا أهو، خير يا حبيبي؟ جاي من شغلك بدري ليه؟
بيبوس إيدها، وقالها:
– تعالي يا ست الكل، نقعد نتكلم على رواقة.
بتقعد معاه وبتقوله:
– خير يا ابني؟
بيقولها بابتسامة:
– خير يا حبيبتي، متقلقيش. عاوزك النهارده تتشيكي كده إنتِ والحاج والبت دينا والبت منار، علشان رايح أخطب.
بتبصله أمه بصدمة، وبتقوله:
– بجد والنبي يا حمزه؟!
وتبدأ تزغرط بصوت عالي، وهي عنيها كلها دموع، وبتحضنه وبتقوله بسعادة:
– أخيرًا، أخيرًا يا حبيب قلب أمك! أنا النهارده أسعد واحدة في الدنيا!
بيطلع إخوات حمزه، منار ودينا، وهما بيسألوا بفضول:
– خير يا ماما، بتزغرطي ليه؟
بترد الأم بفرحة:
– أخوكم هيخطب يا ولاد!
بيضحكوا إخواته بسعادة، ويروحوا عنده ويحضنوه، وهو بيبادلهم الحضن بحنان، وهما بيقولوا:
– بجد يا حمزه؟ هتخطب؟ ألف مبروك يا حبيبي!
بتسأله منار بفضول:
– مين دي يا حمزه؟
قالهم:
– عارفين كريم الحديدي؟ صاحب شركات الصلب والحديد، الشريك مع سفيان الجارحي؟ أخته! وكانت بتتابع عندي في المستشفى. وبجد بنوته زي العسل، متأكد إنكم هتحبوها.
بترد عليه أمه:
– المهم إنك حبيبها يا نن عيني أنا! أقوم أرن على أبوك علشان ييجي بدري ونروح للناس.
وبتقوم وتسيبهم.
بيلف حمزه لأخواته وهو بيطلع مبلغ من جيبه، وبيقولهم:
– خدوا يا حبايبي، هاتوا لنفسكم لبس جديد واللي إنتو محتاجينه.
بيبوسوه دينا ومنار بحب، وبيهتفوا بمرح:
– يعيش حموزي، يعيش!
بيضحك عليهم بمرح، وهو بيتمنى فرحتهم دي متنتهيش.
بيجي بليل عند كريم في الفيلا، وسيدرا لسه رافضة إنها تلبس أو تقابل العريس دا، وعمالة ترن على حمزه وميردش.
نهى بتحاول تهديها وبتقولها:
– هتخسري إيه يعني يا سيدرا؟ البسي الفستان وحطي ميكاب خفيف وانزلي، محدش هيجبرك توافقي. اسمعي كلام كريم يمكن يطلع كويس ويعجبك.
سيدرا بنفاد صبر:
– كويس إيه يا نهى ويعجبني إيه؟! بقولك أنا بحب الدكتور اللي كان متابع حالتي، وانتي تقوليلي يعجبني؟
نهى بتحاول تمشيها بهدوء:
– معلش يا ستي، تعالي على نفسك شوية. اعتبريها مقابلة عادية، وبعدين ملاذ جاية، هنخلص ونمشي ونتلم سوا.
سيدرا بعد تفكير:
– حاضر يا ستي، حاجة تانية؟
نهى بتضحك:
– أيوه كده ربنا يهديكي، يلا رايحة ألبس أنا كمان.
تحت، بيوصل سفيان وملاذ وأهلها، وبيستقبلهم كريم بحفاوة. بيحضن سفيان وهو بيقوله:
– ألف ألف مبروك يا صاحبي.
بيرد سفيان وهو بيبتسم:
– الله يبارك فيك يا كريم.
كريم يروح لملاذ ويقولها:
– ألف مبروك يا ملاذ.
بترد بهدوء:
– الله يبارك فيك.
ويسلم كريم على أم ملاذ وأبوها، ويدخلهم الصالون.
بعد شوية بيوصل حمزه واهله، وبيستقبلوهم، وملاذ وأمها وأم حمزه والبنات بيروحوا يقعدوا في الليفنج. بعدين بتنزل نهى وتسلم على الناس، وبتتعرف على أهل حمزه، وتسلم على ملاذ وأمها.
كريم يقول لنهى:
– اطلعي هاتي سيدرا.
بتنزل سيدرا وهي لابسة فستان أسود كم لتحت الركبة، ميكابها هادي مبرز جمالها، وشعرها بسيط وأنيق.
أول ما دخلت، أم حمزه قالت بانبهار:
– ما شاء الله، إيه الجمال دا؟
سيدرا رفعت عينيها من على الأرض، وعيونها اتقابلت بعيني حمزه.
اتصدمت، مش مصدقة إنه هو، إزاي؟! وازاي مقلهاش؟
بس رغم الصدمة، كانت طايرة من الفرح، وعينيها دمعت من السعادة، وهو ضحكلها وغمزلها غمزة خفيفة فيها عبث.
سلمت على أم حمزه اللي خدتها بالحضن، وحست فيها بحنان أمها اللي عمرها ما حست بيه.
سلمت على أخواته، وباباه، وعلى أم ملاذ، وقعدت معاهم.
بدأ أبو حمزه الكلام، وقال موجهًا حديثه لكريم:
– أنا بطلب منك يا كريم يا ابني، إيد الأنسة سيدرا للدكتور حمزه ابني، وأتمنى إنك توافق.
رد كريم بابتسامة فيها احترام:
– والله يا عمي، أنا سألت عن الدكتور حمزه وعن حضرتك، ولقيتكم ما شاء الله ناس محترمين، ومفيش فيكم غلطة. وأنا مش هأمن على أختي غير مع ناس زيكم. بس ف الأول والآخر، الرأي رأي سيدرا.
بص كريم لسيدرا وقالها:
– ها يا سيدرا، موافقة ولا محتاجة وقت تفكري؟
كانت سيدرا متوترة، بتفرك في إيديها، وقالت بصوت واطي:
– موافقة.
ابتسم كريم بفرح، وهو شايف في عينيها سعادة حقيقية، خصوصًا بعد ما حمزه قاله إنه عارف كل حاجة عن اختو وإنه ربنا عوضها.
قال كريم:
– على بركة الله، يلا نقرأ الفاتحة.
قرأوا الفاتحة، وخلصوا، ونهى وملاذ وأم ملاذ والبنات وأم حمزه زغرتوا وهم بيباركوا لسيدرا بكل حب.
قال كريم:
– يلا يا جماعة على العشا.
اتلموا كلهم على السفرة، والدنيا كلها كانت فرح وضحك، لحد ما دخلت أم كريم ببطء، وعلى وشها ابتسامة خبيثة، وقالت:
– إزيكم يا جماعة؟ ألف ألف مبروك… أما أم سيدرا وبصت على أهل حمزه وقالت وهي نبرتها كلها سم:
– يا ترى بقى أهل العريس يعرفوا إن سيدرا مش بنت؟ ولا إيه
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذ العاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.