رواية مغرم بك الفصل الرابع والثلاثون 34 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل الرابع والثلاثون

الفصل الرابع والثلاثون

الفصل الرابع والثلاثون

الفصـل الرابع والثلاثـــون

مُغـرَم بـكِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تفاجأ بحضور أسرته من الخارج ثم أفاق من نومه ليقابلهم حين ارتدى الروب سريعًا، هبط إياد الدرجة برشاقة وقد اتسعت بسمته حين رأى أبيه وأمه قد عادا، تحرك ناحيتهما مرددًا بمسرة:

-حمد الله على السلامة

ضمه وليد بتشوق ويديه تمسد على ظهره قائلاً:

-الله يسلمك يا ابني

لم يختلف وليد عن السابق فملامحه الوسيمة كما هي، زاد فقط عليه بعض الشيب في مقدمة رأسه لیزیده وقارًا، ابتعد إياد عنه ليرحب بوالدته التي تبتسم باشراق والمرح منجلي على طلعتها، احتضنها إياد لتضمه بحرارة قائلة:

-مقدرتش أغيب عنك كتير، وحشتني يا حبيب أمك

رد بتودد:

-أنا أصلاً محتاجكم حواليا، وكويس إنكم متأخرتوش

أبعدته ميرا لترمقه بظلمة أحرجته، ردت بمكر:

-طبعًا هتموت وتشوفنا علشان مش وحشناك، أكيد فيه حاجة تانية، مش دي الحقيقة

رد بتلعثم من شدة توتره:

-لا مش هي الحقیقة!!

خاطبها وليد بلوم:

-خلاص يا ميرا سيبيه، المهم إنه كويس

تنهدت لتصمت ثم نظرت لابنها بمودة، انتبه وليد لعدم سماعه صوت ابنته فردد بدهشة:

-جنى فين؟!

تذكر إياد أمرها ليسأل بشغف:

-صحيح فين جنى وحشتني قوي؟!

التفت وليد وميرا حول نفسهما بحثًا عنها فقد ولجت برفقتهما، وجدها إياد جالسة على الأريكة واضعة يدها على خدها ويظهر عليها العبوس، استغربوا من هيئتها ثم دنوا ثلاثتهم منها، سبقهم إياد ليقول لها بعتاب:

-أيه يا جنا قاعدة كده ليه، موحشتكيش

ثم وقفوا أمامها فردت ناظرة لهم بتضايق:

-قاعدة مستنية تخلصوا ترحبوا ببعض، ما أنا بقيت منسية في وسطيكم

ضحك والديها عليها ثم جلس كل منهما على ناحية لتتوسطهم جنى التي رسمت الحزن بخبث، رددوا سويًا:

-إنتي بنتنا الغالية وكلنا بنحبك

ابتسمت بسرور ثم جثا إياد على قدميه أمامها ليخاطبها بمحبة:

-مش ممكن ننساكي أبدًا، بس إنتي اللي بتدلعي عليا كتير

هتفت ميرا بترحيب:

-براحتها خالص وتدلع زي ما هي عاوزة

قبلت جنى خد والدتها ثم توددوا في حديثهم الأسرى، حضرت لين بمرحها المعتاد لترحب بجنى رفيقتها الدؤوب، هتفت ببشاشة وهي تتدرج ناحیتهم:

-جني!!

انتبهت جنى والجميع لقدومها لتهتف بتهلل وهي تنهض متحركة نحوها:

-لين وحشتيني………..!!

____________________________________

لم تعد قادرة على الرؤية جيدًا من كثرة الضرب المبرح الذي تعرضت له بداخل تلك الغرفة ذي الضوء الخافت، حین كفوا عن ذلك انتبهت وهي راقدة على الأرض بمن يلج عليها، فتحت عينيها المتورمتين ثم حاولت جاهدة رؤية الشخص الذي وقف أمامها حين رفعت رأسها للأعلى، علمت بهويته لتردد بتلهف:

-مازن، شوفت حصلي أيه؟

ابتسم باستهزاء ولاح عليه عدم اهتمام جعلها تفطن بأنه على علم بذلك وربما مشتركًا في ما حدث معها، رد باحتقار:

-بصراحة مش عاجبني اللي شوفته، لازملك شوية كمان

تيقنت بأن على علم لتحدثه باندهاش:

-طيب ليه تعمل كده، أنا معملتش حاجة؟

عارض ما تفوهت به قائلاً بنفور:

-عملتي كتير، اللعبة اللي عملتيها علشان اتجوزك، عاوزة تكرهيني في مراتي، أبوكي اللي خلتيه يتحكم فيا علشان أكلمك كويس وتذليني، محاولتك تقتلي ابني والحمد لله ربنا ستر، كل ده ومعملتيش حاجة برضوه

اكتسا وجهها بعلامات الصدمة الجمة، سبح الرعب بداخلها لتدرك بأنه سينتقم منها فهو كشف فعلتها، تذمرت للتو من ضربها لتحبذ ذلك فحتمًا ستتلقى الأسوأ، حدجها مازن بغل فكانت البداية فقط ضربها، دون مقدمات دنا ليجثو على إحدى ركبتيه فارتعدت مبتلعة ريقها بصعوبة، رددت برهبة:

-فيه أيه تاني مش خلاص انتقمت مني؟!!

بالتزامن مع نظراته المتقززة منها ابتسم بازدراء، أمسك عضدها بقوة جعلت قلبها يكاد يقتلع من مكانه من شدة خوفها، قال بغموض فكت شفرته بعدها:

-مش دي الأيد اللي زقيتي ابني بيها

نظرت له بتزعزع لتستنبط بأنه سيعاقبها بالمثل فصرخت رافضة محاولة التملص منه قائلة باهتياج:

-لا أبعد عني

بادر مازن بكسر ذراعها بقسوة دون أن يرحمها فتعالى صراخها العنيف ليملأ الغرفة ويصدح في أرجاء المنزل الذي هي فيه، نتيجة ذلك فقدت الوعي ثم ترك مازن ذراعها الذي كسره من عند الكوع، نهض من مكانه ناظرًا إليها ثم بكره بصق في وجهها قائلاً:

-في ستين داهية على الله تموتي، أنا طلعت رحيم معاكي، أنا بس مش عاوز أودى نفسي في داهية علشان واحدة متشواش زيك

ثم نادى على أحد الرجال الذي حضر راكضًا، أمره بلا مبالاة وهو يهم بالرحيل:

-ارميها في أي مقلب زبالة…………..!!

__________________________________

استغلت وجود ابنها عند الطبيب لتتحدث معها بمفردهن، طرقت نور باب غرفة ابنها لتفتح لها زينة بعد وقت، اندهشت زينة من مجيئها إليها لتقول بتوتر:

-آيان لسه مرجعش

-أنا جاية ليكي إنتي!!

قالتها نور بصلابة، اضطربت زينة من نبرتها الجادة والهادئة، لم تمانع لتمتثل لذلك قائلة وهي تشير لها ناحية الداخل:

-اتفضلي

مرقت نور للداخل وهي تخطف نظرات على ما حولها وابتسمت من ملابسهما الملقية هنا وهناك، خاطبتها بمعنى وهي تتوجه لتجلس على حافة التخت:

-مبتناديش الخدامة ليه ترتب أوضتكم؟

ازدردت زينة ريقها وهي توضح:

-أنا كنت هرتبها بنفسي بس كنت بصلي

ثم وقفت أمامها باحترام فردت نور بحرج طفيف:

-أنا بصلي أوقات، تعرفي إني حجيت أنا وعمي وزين

رددت نور ذلك لتخبرها بصورة غير مباشرة أنها متقربة من الله مثلها، ابتسمت زينة لها برقة وهي تقول:

-مبروك، حاجة حلوة قوي إنك تقربي من ربنا

هزت نور رأسها مقتنعة بذلك، بينما ارتاحت زينة من حديثها الودود معها لتجدها طيبة راقیة في حدیثها وملامحها الطفولیة فمن یراها سینکر أنها أم لشباب، وجدت الرقة بعكس معرفتها الأولى بها، لاحظت نور وقوفها فقالت لها بلطف:

-اقعدي واقفة ليه

لم تعرف زينة أين تجلس لتكون قريبة منها ثم نظرت للمقعد لتسحبه ناحيتها كي تجلس، نظرت لها زينة بآذان صاغية فقالت نور بجدية:

-شوفي أنا مش بكرهك، علشان اللي يحبها ابني أحطها في عنيا، أنا بس عاوزة حاجة منك ترضيني

ردت زينة بترقب:

-أيه هي؟

هتفت بنبرة متشددة:

-تحبيه وتخافي عليه، شوفي بيعمل أيه علشانك واعملي زيه وأكتر، كده حياتكم هتكون حلوة طول العُمر

أومأت زينة برأسها مرددة بانصياع:

-حاضر، أنا خلاص نسيت زعلي مع آيان ومبسوطة معاه

ردت نور بتفهم:

-أنا مش هلومك على ردة فعلك معاه، بس نصيحة مني حبيه قوي طالما هو بيحبك، بالشكل ده مش هتدوا فرصة لحد يوقع بينكم أو يفرقكوا عن بعض

نصحتها نور وعقلها يعاود تذكر ما كانت تفعله مع زين وما سببته من وجود فراغ بينهما سمح للبعض بالتأثير عليها حتى افترقت عنه ليخالجها ندم شديد بعدها، ردت زينة بخجل:

-صدقيني باحبه قوي، كل حاجة حلوة بيعملهالي خلاتني أنسى كل حاجة وحشة كانت بينا، ومبسوطة إني في وسطكم وحتى رفضت نروح للفيلا لوحدنا

ابتسمت لها نور بود قائلة:

-طالما هتحبيه بجد هتلاقيني أنا كمان باعتبرك زي ماريان بنتي، وإنتي هتبقي في وسطنا واحدة مننا

غمر قلب زينة سعادة داخلية بعثت لها براحة فورية لتكسب محبة والدة زوجها، هتفت نور بمصادقة:

-يلا قومي ذاكري لعُمر شوية علشان مكسلة………!!

___________________________________

استمعت لشكواها حين هاتفتها باهتمام وغطى وجهها غرابة عجيبة فهي متيقنة أنه لن يتحمل فراقها يوم واحد، هتفت رانيا باستنكار:

-روحتيله ومأثرش فيه يرجعلك

ردت رسيل بغيظ:

-أيوة روحت وكلمته وعملت كل حاجة علشان يندم ويرجعلي بس هو عامل بارد

-متضايقيش يا رسيل أنا هخلي مصطفى يروح يتكلم معاه

واستها رانيا بمفهوم فردت رسيل بتنبيه:

-اوعي يا رانيا يعرف إني باقول حاجة، خليه يكلمه ويفهمه إن ده مينفعش والولاد هيتأثروا ببُعده عنهم

تنهدت رانيا لترد بعتاب:

-ياما قولتلك يا رسيل بلاش موضوع الغِيرة ده الراجل بيزهق مسمعتيش كلامي، وكمان بتغِيري من واحدة لسه متجوزة علشان زمان كان عنيها منه

ردت مدافعة عن نفسها بتردد:

-آه كنت خايفة منها ودا علشان كنت حامل وخايفة أيهم يزعل مني ويهددني إنه يسيبني، بس اتجننت لما وصلني الجواب وحسيت بإني على حق

هتفت رانيا بعقلانية:

-يا رسيل دا أكيد حد فهم إنك مش حباها فوقع بينكم واستغل ده، باينة قوي وكان لازم تفهمي، بس نقول أيه حُبك ليه مخليكي تتصرفي من غير تفكير

ردت رسيل نافخة باستياء:

-اللي حصل حصل، قولتلك ليه خايفة، أنا بس مبحبش نبعد عن بعض لو عرف بحملي

-وأهو بِعد هتعملي أيه بقى

ردت رسيل بقسمات حزينة:

-هو بيعاقبني، بس خليه براحته وهو فاكر هجري وراه

ابتسمت رانيا فهذه الحقيقة، قالت بتودد:

-متزعليش نفسك هخلي مصطفى ينصحه ويفهمه إن ده غلط، أنا متأكدة إن أيهم بيحبك

ولجت سميرة عليها الغرفة قائلة ببسمة محببة:

-رسيل الصغيرة جهزت علشان تاخديها معاكي

انتبهت رسيل لعمتها وهي تمسك بيد ابنتها التي ارتدت ثياب أنيقة، ابتسمت لها لتختم الحديث مع رانيا، خاطبت عمتها بمعنى وهي تنهض:

-أيوة هاتيها يلا، أنا هاخد مروان كمان علشان أكلم المدرب بتاعه على حاجة كده

ناولتها سميرة الصغيرة ومعها حقيبة صغيرة جهزتها لها لذهابها للنادي وهي تقول بمفهوم:

-دا مايوه، خليها تلبسه لما تنزل البسين مع البنات

هزت رسيل رأسها بتفهم لتنحني مقبلة وجنة الصغيرة بمحبة، ابتسمت سميرة بشدة ثم قالت بتوسل محبب:

-خلي بالك منها يا رسيل وتابعيها وهي بتعوم في المية، إنتي عارفة إني مش بخرجها وبخاف عليها

ردت رسيل بتأكيد:

-رسيل في عنيا، دا بنتي يا عمتي……….!!

__________________________________

أخذها معه رغم عدم ارتضائه حضورها هذه الأماكن وخاصة بأنه سيوجد تبادل النيران، لم تبالي سالي بحياتها بقدر تلهفها على رؤية صغيرتها فقـط، ارتابت الشرطة في هدوء المكان عن الأمس منذ المراقبة الدائمة لتتخذ قرارها بالهجوم في وضح النهار وهذا ما جعل الخوف يتملك من سالي، تحرك أفراد الأمن شاهرين أسلحتهم متخذين وضع الهجوم على الوكر وهم يقتربوا من هذا المنزل المقام بين الأراضي الزراعية، وقفت سالي في الوراء برفقة ماجد الذي يراقبها هي كي لا تندفع وتفتعل حماقة ما، ركل أحد أفراد الأمن الباب بغتةً ليجد بعض الأشخاص بالردهة فانفزعوا ليحاولوا الهرب، لحقه البقية الأفراد ليهتف محذرا إياهم:

-محدش يتحرك

وقفوا مستسلمين فتعمق الأمن لتكبيلهم ومنهم من توجه للبحث عن الصغار، صدموا حين دلفوا غرفة بها عدة سرائر وعليها عدد لا بأس به من الأطفال الغير متيقظين، توجهوا ليفحصوهم وارتاحوا حين وجدوهم نيام فقد تناولوا مخدر ما، هتف الضابط بحزم:

-نادوا عربية الإسعاف اللي برة تيجي تشيل الولاد دول

ركض أحدهم لينادي الأطباء فرأته سالي وتفهمت أن المهمة انتهت، رددت بلهفة:

-باين قبضوا عليهم

تفهم ماجد ذلك ليتحرك معها لداخل المنزل، توجهت سالي حيث الغرفة تلك وعينيها مترقبة باهتمام ما بها، توقفت أمام الباب حين وجدت المسعفين يدلفون حاملين لأطفال بعُمر ابنتها وأصغر، فتشت وقلبها ينبض على ابنتها وسطهم وهم يخرجونهم واحدًا تلو الآخر، لم يبقى سوی طفلة واحدة فابتسمت فبالتأكيد هي؛ حين تقدم بها المسعف ناحيتها نظرت لها بتهلل، تبدلت تعابيرها للضياع حين وجدتها أخرى وهي تردد:

-دي مش بنتي، أومال بنتي فين؟

وقف ماجد من خلفها مذهولاً فلابد من وجودها بينهم، تفهم الضابط ليتوجه نحو المقبوض عليهم والذي اختطف الصغيرة، سأله وهو يصفعه بعنف:

-فين بنت المدام اللي خطفتها من الملاهي يا مجرم؟

ماطل الرجل في الرد فصفعه مرة أخرى هادرًا فيه:

-اتكلم هي فين؟

انثالت الدماء من أنفه وسالي تنظر له ببكاء منتظرة أن يتكلم، رد بتخوف:

-البنت مش هنا، سيدة أعمال اشتريتها علشان تتبناها

فغرت سالي فاهها بصدمة مقلقة، نظر لها ماجد ليخشى أن يحدث لها شيء مفاجئ، سأله الضابط بحدية وهو يركله في بطنه فتألم الأخير:

-اسمها أيه الست دي وعنوانها أيه؟

رد الرجل بوجع:

-معرفهاش، بس اللي أعرفه إنها هتسافر بيها برة مصر، يمكن تكون سافرت

فور سماع سالي لذلك حتى فقدت وعيها لتغيب عن العالم من حولها، التقفها ماجد بين ذراعيه كونه منتبهًا لها ليعرف الأسى طريقه لداخل قلبه، ردد ماجد بحزم:

-دكتور بسرعة…………….!!

_____________________________________

دلفوا من النادي بمرح وهم يأكلون المثلجات التي جلبتها رسيل لابنها وأبنة عمتها، تحركت السيارة الخاصة بها لخارج النادي بعد قضائهم أوقات ممتعة بداخله، من خلفها دون أن تشعر كانت سيارة الحرس تتبعها وذلك بعدما رفضت رسيل حماية أيهم لها لأي سبب كان منذ رغيد وهما معها، لكن أخذوا أوامر من أيهم بضرورة حراستها وإن كان في الخفاء، سارت السيارة في الطريق المعتاد ليتوجهوا للفيلا، تحركت سيارة مفيمة مجهولة الأرقام من مقربة منها ولم تشعر رسيل بمن يكيد لها، لاحظ السائق حركة غريبة فغمغم باقتطاب:

-أيه العربيتين دول ماشين ورانا من وقت ما خرجنا

انتبهت رسيل له ثم نظرت من النافذة لتجد تلك السيارة من ناحيتها فنظرت له بقتامة مستشفة هي لمن؟، اعتلى وجهها هلع شديد وهي ترى الرجل بداخله يخرج سلاحا ناريًا من النافذة قاصدًا التصويب عليهم، خاطبت رسيل السائق بخوف:

-سرّع العربية دول هيضربوا علينا نار

زاد السائق من سرعة السيارة ثم أمرت رسيل ابنها والصغيرة أن يخفضوا رؤوسهم تحت المقعد ويختبئا به لتحميهم مرددة:

-بسرعة استخبوا تحت

كانت جملتها الأخيرة حين أطلقت النيران على السيارة، أصيب السائق بطلق ناري اخترق رأسه ليتوفى في الحال، أيضًا أصيبت رسيل بطلق في كتفها جعل قوتها تضعف، من الخلف تنبه الحرس لها ليتتبعوا السيارة وهم يطلقون عليهم النيران كي يجعلوها تتوقف، لم ينتبهوا لسيارة رسيل التي تسير بمفردها لينشغلوا بأمر الأخرى، رفع مروان رأسه ليخاطب والدته بتوجس طفولي:

-مامي إنتي كويسة

كذلك الصغيرة رسيل التي اعتدلت لتنظر لها بعدم وعي، لاحظت رسيل رغم ألمها أن السيارة تتحرك دون سائق، وعيت لما يحدث خيفةً على الصغار فربما ترتطم السيارة بشيء ما وتنفجر لعدم إتزانها، جاهدت على التصرف سريعًا حين قالت لابنها مشددة من قوتها:

-يلا يا مروان علشان تنط

خاف الولد وانكمش فتجاهلت ذلك فهو لمصلحته، مدت يدها لتفتح الباب له فهتف مروان برفض وهو يجهش بالبكاء:

-لا يا مامي مترمنيش

لم تجد رسيل أمامها غير ذلك ثم دفعته لتجد أيد مجهولة تمسك به لتأخذه منها، لم ترى الشخص لكن لم تهتم ثم إلتفتت ناحية الصغيرة، لخوف الطفلة رفضت لتتعلق بعنقها مرددة برعب:

-لا مش عاوزة، خليني معاكي

صرخت بها رسيل وهي تدفعها:

-هتموتي هنا، يلا بسرعة متخافيش

لم تتركها الصغيرة ولضعف رسيل لم تقدر على أن تفلت ذراعيها المتعلقة بها، اغمضت عينيها بتعب شديد تريد الاستسلام، انتبهت للسيارة تعرج لمكان غير مستوٍ لتستوعب خطورة الأمر، لم تقوى على التصرف لتجد السيارة في لحظات معدودة قد انزلقت من على منحدرٍ عالٍ ثم انفجرت محدثة ضجيج مفزع لمن يسمعه ويراه………………!!

____________________________________

ضحكا الاثنان بشدة وأيهم يتحدث معه عن أمر زوجته حين توجه مصطفى للشركة كي يقابله فيها، هتف بضحك وقد لاحت فرحة على ملامحه:

-يعني هي هتموت علشان أرجع؟

رد مصطفى هازًا رأسه بتأكيد:

-وأنا جيت علشان أقنعك ترجع

حرك أيهم رأسه بمعنى لا فائدة مرددًا:

-الستات يعملوا المشاكل ويرجعوا يندموا، خليها كده شوية علشان تحرّم تتوهم حاجات خايبة زيها وكفاية دلع

هتف مصطفى بمغزى:

-بس إنت بتحبها يا أيهم ولازم تحس بيها، كل ده علشان بتحبك

رد بضجر:

-وزهقت منه، كل ده مش بيجيب غير مشاكل، خايف قوي يكون ليها يد في اللي حصل مع “لما”

رد معارضًا:

-ما ظنش رسيل ممكن تأذي “لما”، معقول جوزها يصدق إن بينك وبينها حاجة!!

رد أيهم بجهل:

-مش عارف، المهم دلوقتي خليت باباك يكلم قريبكم ده علشان يشوف هي سافرت فين؟

رد مصطفى باطلاع:

-الموضوع صعب علشان مش عارفين سافرت فين وأي مطار، يوميًا فيه سفر لبلاد كتير

تأفف أيهم مغتمًا، هتف بتحير:

-هتسافر لوحدها إزاي، أكيد فيه حد ساعدها، علشان مينفعش تسافر غير بإذن جوزها

رد مصطفى بتأييد:

-صح، ويمكن تكون سافرت بورق مزيف

اقتنع أيهم مرددًا بضيق:

-كده الموضوع بقى صعب و……

قاطعه رنين هاتفه ليستأذن بالرد، أجاب أيهم بصلابة:

-أيوة خير؟

أخبره أحد الحراس بما حدث مع زوجته والصغار بملخص ما رآه لينهض أيهم من مقعده هاتفا برعبٍ يقشعر البدن:

-مستشفى أيه إنطق بسرعة…………………………!!

_________________________

_________________

________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق