رواية مغرم بك الفصل الثاني والثلاثون 32 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل الثاني والثلاثون

الفصل الثاني والثلاثون

الفصل الثاني والثلاثون

الفصـل الثاني والثلاثـــون

مُغـرَم بـكِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فور علم بوقاحة ما فعله مع الأخيرة حين وصل للحفل برفقة زوجته غزا طلعته احتدام شرس ليبحث عنه بين المدعوين وهو يردد بانفعال:

-هو فين الزفت ده؟، معقول دا اللي باقول عليه عاقل!!

جاب زين الحفلة وهو يفتش عنه ونور من خلفه تهدئه:

-زين استنى ملناش دعوة، إذا كان أهله ساكتين قدامك

توقف ليرمقها بقسمات ملأها الغضب من لا مبالاتهم، جاءت مريم مهرولة ناحيته حين رأته ومن خلفها حسام، هتف زين بتبرم متجاهلاً ما حوله:

-أيه البرود اللي إنتوا فيه ده، شغل لعب عيال علشان هو، يطلق امبارح من غير سبب ويجي النهاردة يتجوز وسيادتكم مرحبين

وصلت مريم لهما متوترة فنظر لها زين بحنق جعلها تخشاه، خاطبها بغضب:

-وإنتي يا مريم عاجبك اللي بيعمله ابنك الكبير، إزاي توافقيه على كده، ولا علشان هيعمل اللي كنتي عايزاه

ارتبكت مريم وهي ترد بنبرة مشدودة:

-هو اللي قال مش عاوزها وندم على جوازه منها، والله أعلم أيه السبب تلاقيها حاجة تمس البنت وإحنا سكتنا علشان منسوأش سمعتها

ضحك زين بسخرية فهذا ليس السبب وهي تكذب، وجه بصره لحسام الذي لم يعجبه ذلك أيضًا قائلاً بسخط:

-وإنت يا حسام يا عاقل، مخك راح فين، إزاي ترضى بكده؟!

تنهد بضيق وهو يرد بعدم رضى:

-أنا سكت علشان زين، افتكرت حصل حاجة زعلته فقولت أخليني مع رغبته و…

-من غير متفهم منه حصل أيه!

هدر به زين بصوتٍ عالٍ فنظر حسام لمريم بلوم فكل ذلك بسبب كلامها له، رد حسام بتأييد:

-عندك حق يا زين، أنا بصراحة مش مرتاح لكل ده، بس علشان نور وسلمى مرضتش اتكلم ليزعلوا

لم يطيل زين معهم الحديث فهو يرى الحماقة بعينها والنذالة أيضًا، تحرك زين ليبحث عنه ثم لاحظ دلوفه من باب الفندق هو وابنه آيان ومن جانبه زينة فهرع ناحيته مستشاطًا، انتبه له زين فنظر له بتخوف، خطا زين تلك الخطوة بهرولة ليصل له فتأججت رهبة الأخير، فور وصوله إليه هوى زين على وجه بصفعة أبانت مدى استيائه من وقاحته فانصدم آيان ثم ابتعد، لم يعلق الأخير ليخفض رأسه بخزي، صرخ به زين بنظرات ازدراء:

-عيل، النهاردة بس عرفت كده، ابني الصغير أرجل منك

نظرت مريم لابنها بشفقة تريد ضمه وانزعجت مما يفعله أخیها ولكن حسام كان عكسها ليتركه يربيه على طريقته، تدخلت نور بهوادة مخاطبة زين زوجها:

-مش كده يا زين الناس حوالينا، ادخلوا أي أوضة اتكلموا بعقل، وزين مش طفل علشان تعامله كده قدامنا

علق على جملتها الأخيرة محتجًا بضيق:

-دا لو طفل مكنش هيعمل كده

ثم نظر لزين متابعًا بخيبة أمل:

-من النهاردة مش عاوز أشوف وشك، علشان لما تنزل من قيمتي بعملتك دي متستاهلش حتى أعرفك

ظل زين منكسًا رأسه فقد تراكمت عليه المصائب فهو لم يفوق من ترك “لما” له، حين وجدته مريم هكذا حزنت من أجله لتتجمع العبرات في مقلتيها، عاتبت أخيها بنبرة وشيكة على البكاء:

-حرام عليكوا سيبوا ابني يفرح، حسوا بيه زيي ليه جايين عليه

ثم تحركت نحو ابنها لتضمه بحب أمومي كبير فهو ابنها الوحيد ولذلك هي أول من شعرت به، حدثها زين بتهكم:

-يعني عاجبك اللي عمله مع بنت الناس ويصغرنا في وسط أهلها

رمقته بنظرة متبرمة وهي تهتف بعدم اهتمام:

-مليون مرة قولت أنا ميهمنيش حد غير ولادي، مش عاوزة أشوف حد فيهم موجوع، سيبوا ابني يفرح ملكوش دعوة بيه

توجس مريم السابق ظهر الآن فقد كانت تتدخل في حياة أخيها لتدرك خطئها بعدها، عاود الزمن الرجوع لتجد قلب ابنها مكسورًا لتتعاقب فيه، حاربت ألا يحدث ذلك لكن اليوم وجعها قلبها عليه، بكت بحرقة وهي تراه مشتتًا أمامها لتضمه أكثر إليها، اقترب حسام منهما حين شعر بها ثم هدأها حين مسد عليها….

وقفت سلمى من مقربة تتابع ما يحدث، تذكرت كلماتها السابقة لها بأن ما فعلته في أخيها مع زوجته سينقلب عليها لتجده في ابنها، لم تتشفى فيها بل أشفقت عليها، لم ينتبه أحد لتلك النقطة سواها هي وأختها لكثرة حديث سلمى عن ذلك، عاودت سلمى الصعود لتنهي تلك الزيجة فهي بالفعل لم تبالي سوى بابنتها وتناست قلوب الآن منفطرة……..

رفع زين رأسه لينظر بانكسار لخاله، خاطبه بألم:

-أنا بحبها هي وبس، هي سافرت وسابتني

حدقت مريم به بصدمة ليتأكد حدسها، بالفعل كما تركت نور زين في الماضي حدث معه، لم تجعله يبتئس لتحدثه بتحنن:

-سيبك منها، هي الخسرانة، بكرة تقابل أحسن منها، متزعلش نفسك يا حبيب أمك

نظر زين لأخته بمعنى لا فائدة، قال لها بنفاذ صبر:

-سيبيه يا مريم خليه يتعلم، كان محتاج كده علشان يفوق ويعرف يحكم عقله

أبعد زين والدته عنه ليقول بنبرة ضائعة:

-سيبوني لوحدي شوية، عن إذنكم

ثم تحرك مغادرًا فجاءت مريم لترفض لكن منعها حسام قائلاً بعقلانية:

-يمكن كده أحسن له، خليه لواحده يفكر مع نفسه

استمرت في بكائها لترتمي على صدره فربت على ظهرها ليواسيها، رددت بحسرة:

-ليه يا رب، ابني وطول عُمره قريب منك، يا ريت كنت خدتني بدل ما يحصل معاه كده وتوجع قلبي………!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

في الأعلى، وصل معتز إلى الفندق حين هاتفه زين، لانشغاله ترك سلمى تتصرف هي، يعرف أنه مستهترًا لكن هما أهل ووثق فيهم، كانت نور ما زالت بفستانها جالسة مع والدتها ثم نهضت حين رأته، انضم لهن قائلاً بإطراق:

-زعلانة يا نور؟

ردت محركة رأسها بنفي:

-لا يا بابا، أنا مكنتش مرتاحة للجوازة دي، جات بسرعة والحمد لله على كده

ابتسم معجبًا بعقلانيتها وتقبُلها ما حدث، مدحها وهو يضمها إليه:

-عين العقل يا بنتي، تربيتي ليكي ما رحتش هدر

تدخلت سلمى لتردد بعبوس:

-هو إنت ربتها لوحدك، كنت فين أنا إن شاء الله

ضحك معتز ليأخذها هي الأخرى في أحضانه هاتفًا بتودد:

-إنتوا الاتنين عندي واحد، من ونور صغيرة وأنا شايفها إنتي يا سلمى!!

ردت سلمى بمحبة:

-حبيبي يا معتز، عمرك ما زعلتني، ونفسي أجوز نور واحد شبهك في كل حاجة

رد بغموض:

-موجود

لم تتفهم عليه ثم ابتعدت لتنظر إليه، كذلك نور التي ترقبت أن يكمل، وزع نظراته المظلمة عليهن قائلا ببسمة ناعمة فرحة:

-من كام يوم إياد كان طلب مني إيد نور

تذكرت نور إياد قبل سفره، بالفعل كانت علاقتها معه جيدة وكان يتودد إليها، فطنت السبب الآن كونه ربما يحبها، كشرت فجأة فما حدث اليوم سبجعله يسحب طلبه، تفهم معتز سبب حالتها ليتابع بمعنى جعل الأمل يدب بداخلها:

-كلمني من شوية وبيقول لسه عاوزك يا نور…………!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وجدت لا مبالاة من حولها جعلتها تتوجس من هذا الجو، حيث وجدت الأنانية تشع من تصرفاتهم، جزعت أن تكون في يوم من الأيام في هذا الوضع فحتمًا ستنكسر، أثناء سيرها مع آيان نحو السيارة ليعودوا للفيلا تركت يده التي تمسك بها وتراجعت، نظر لها آيان باستغراب فقالت برفض:

-مش عاوزة أرجع معاك، عاوزة أروّح

توقفت نور لتنظر لها بتعجب هي وزين، بينما دُهش آيان من تصرفها المفاجئ هذا ليسألها:

-زينة حصلك أيه؟، يلا نمشي!

حركت رأسها للجانبين وهي تصر على رغبتها مرددة:

-لأ، أنا خايفة منكوا، بكرة ترموني إنتوا مش بتفكروا غير في نفسكم، أنا فهمتكوا كويس، أنانين

انزعجت نور من تطاولها عليهم ثم هدرت فيها بتعنيف:

-احترمي نفسك واعرف بتقولي أيه، إنت ناسية بتتكلمي عن مين

نظرت لها زينة بقسمات بائسة، اقترب منها آيان ليخاطبها بقلق:

-زينة مالك بتقولي كده ليه يا حبيبتي؟

لم يعجب نور سلاسة ابنها معها، هتفت بتضايق:

-دا بدل ما تديها قلمين على طولة لسانها

هتف زين بهوادة وهو يسحبها وقد تفهم وضع زينة:

-نور تعالي سيبيهم يتكلموا مع بعض

لم ترتضي نور بما يحدث ليأخذها بعيدًا عنهم وهو يهمس لها بتفهم:

-أي حد في مكانها هيقول كده، اللي عمله زين ورد فعل الكل ميرضيش حد ومن حقها تخاف

سارت نور معها متجهمة الملامح، هتفت بامتعاض:

-يعملها أيه أكتر من كده، ناقص يركع تحت رجليها

-متتضايقيش يا حبيبتي، كل ست بتتدلع على جوزها

ردت متنهدة بضيق وهي تقف أمام السيارة:

-كل اللي عاوزاه إنها تحبه وتخاف عليه، أديك شايف بعينك بيموت فيها إزاي، كل ده مش مكفيها

ابتسم لها ثم بنفسه فتح لها باب السيارة لتجلس، رد بمغزى جعل البسمة تمحي عبوسها:

-اركبي وسيبيهم براحتهم، كفاية الدلع بتاعك اللي كان مطلع عيني ولا نسيتي………..!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

أخذها من يدها لزاوية جانبية ليستفهم منها محاولاً الهدوء:

-قولي بقى مالك؟، قدام ماما كلمتك كويس، ومش معنى كده راضي باللي قولتيه

نظرت له وهي ترد باستنكار:

-يعني مش شايف قرايبك عملوا أيه مع “لما”، محدش سأل فيها وكمان طلّعوا عليها كلام مش صحيح، وعاملين حفلة وعاوزين يفرحوا، حتى باباك معجبوش اللي بيعملوه

-بس مش معنى ده إن كلنا كده!

هتفت بتهكم:

-مامتك نفسها امبارح كانت بتتكلم كإنه عادي، يعني لو سبتني مش بعيد تتكلموا عليا وحش، وأنا أهم حاجة عندي سمعتي

رد بقسمات متعجبة للغاية:

-يعني اللي عملته علشان اتجوزك مخليكي كمان خايفة، كنتي عاوزة تموتيني ولسه معاكي أنا وخايفة برضوه يا زينة

أطرقت رأسها بحرج فتنهد بقوة قائلاً بحزم:

-يلا نمشي ومش عاوزك تقولي كده قدام ماما، ومش عايزك كمان تجيبي سيرة الموضوع ده

-مامتك مش بتحبني

قالتها سريعًا وهي ترفع رأسها فنظر لها زاممًا شفتيه مفكرًا في ذلك، رد بجدية:

-لازم تعرفي إن ماما غالية عندي قوي، ومش ممكن أزعلها في يوم وبتحبني قوي، وهي مش بتكرهك، تلاقيها من وقت ما حاولتي تقتليني وهي كده، خليكي حلوة معاها، ومعايا بالأكتر علشان تحبك

قالها بخبث وهو يقترب منها فابتسمت رغمًا عنها، تابع بمودة:

-يلا علشان جمبي واجعني وضهري قافش عليا عاوز مساج

خجلت من حديثه فاستنكر بدهشة:

-إحنا لسه هنتكسف بعد اللي حصل بينا، ما خلاص بقى

ردت باستحياء محبب:

-أنا كمان حبيتك، مبسوطة وأنا في وسطكوا رغم إن مامتك مش طيقاني

ضمها إليه بحرارة وبادلته ذلك ليردد بحب صادق:

-حبيبتي يا زينة، يا ريت كل اللي أعرفهم زيك……….!!

____________________________________

عاونوها على الجلوس على الأريكة ببهو الفيلا لترتاح بعدما عادت من المشفى بسيارة مصطفى الذي قام بتوصيلها وتركهم على راحتهن، قالت رانيا باعتراض وهي تجلس بجانبها:

-كنتي أحسن إطلعي في أوضتك استريحي علشان لو هتنامي

ردت متنهدة بضعف:

-مستريحة كده

جاء الابناء الخمسة راكضين نحوها لتستقبلهم رسيل فاردة ذراعيها فقد ظنتهم نيام، حين اقتربوا حدثتهم سميرة بتنبيه:

-بالراحة على ماما علشان تعبانة

لم يبالي بها الصغار ليرتموا على والدتهم وتعلق الصغير بها فاضطرت لحمله على فخذها، عاودت رانيا التحدث معهم بتحذير:

-ماما تعبانة يا ولاد ا….

-سيبيهم يا رانيا أنا كويسة

قالتها رسيل ناظرة لصغارها بمحبة، قبّلت خد الأصغر مرددة بتودد:

-عملين أيه يا حبايبي وليه سهرانين لحد دلوقت

رد مروان بحب:

-دادي قال إنك هتيجي علشان كده منمناش لأنك وحشتيني

ذكر اسمه جعلها تنزعج، سألته بعبوس:

-ودادي فين؟

جهل الصغير أين هو؟ فردت سميرة بتأفف:

-سيبك منه، لو مهتم كان استناكي، إنما هو خد هدومه ومشي

أحست رانيا بأن رسيل حزينة لذا قالت بغرابة:

-أنا مش مصدقة إزاي أيهم يسيب البيت

ردت عليها سميرة بسخرية:

-ما علينا يسيب البيت، دا ساب رسيل نفسها ومكلفش نفسه يجيبها من المستشفى ومهتمش بيها

كلمات سميرة جعلت رسيل تغتاظ أكثر منه كونه تركها وهي بحاجة إليه، قالت رانيا مهدئة الأجواء:

-كلم مصطفى علشان يروح يجيلك، هو اللي قالنا على اللي حصلك، أيهم بيحبك بس تلاقيه زعلان من حاجة

هتفت سميرة بحنق:

-هي عملت أيه يعني، كل ده علشان بتحبه وبتغِير عليه، دا طبيعي والمفروض يستحملها، لو كل راجل عمل زيه هتخرب

خشيت رانيا أن تؤثر كلمات سميرة على رسيل لذا قالت بعدم رضى:

-لو سمحتي متكبريش الموضوع، مهما أيهم بعد هيرجعوا لبعض دي لحظة شيطان

لم تهتم سميرة لتتناسى أمره، استفهمت رسيل بحذر:

-هو صحيح راح يقعد في الفيلا الجديدة؟

نفت رانيا بدراية:

-لا في الفندق بتاعه، الفيلا لسه مخلصتش

هتفت بمقت:

-هيقعد في الفندق ومش قادر يستحمل يقعد هنا علشان ميشوفنيش، براحته خالص أنا كمان مش عاوزة أشوفه

ربتت سميرة على كتفها دليل إعجابها بأنها ذي شخصية لا تريدها ضعيفة، لكن بالفعل هي ضعيفة وما تظهره مناقض لما بداخلها، جاء مروان من الخارج وهيئته لا تبشر بخير، نهضت سميرة لتقابله وهي تترقب معرفة ما به وكذلك رسيل، سألته سميرة بتوجس:

-مالك يا مروان شكلك مش مريحني

رد بنبرة حملت الأسى:

-إيمان أختي دخلت في غيبوبة وهي في المستشفى دلوقت ولازم أروح اسكندرية أشوفها

حدقت به رسيل بقلق فربما الأمر متعلق بما حدث مع “لما”، استفهمت سميرة بجزع:

-أيه اللي حصل؟

رد بنفس نبرته:

-“لما” سافرت وسابت البلد بعد ما جوزها طلقها

-يعني دا اللي خلاها تيجي مع أيهم، ومعنى كده إنها مش فوق

لم يعرف ماذا يقول؟ لتلاحظ سميرة أنها لم ترها طوال اليوم، في تلك اللحظة أدركت رسيل لما عادت معهم فهذا ما حدث، تيقنت بأنها السبب في رحيلها عن هنا، ندمت على اندفاعها لتقول في نفسها بعتاب:

-ليه يا رسيل، تستاهلي كل اللي بيحصل دلوقت

انتبهت للسيد مروان يقول بشكيمة:

-أيهم فين علشان يسافر معايا……..!!

___________________________________

خلف أحد التلال بالطريق الصحراوي وقف أيهم بجوار سيارته المتوارية في الظلام وعينيه الثاقبة متسلطة على هؤلاء الرجال وهو ينقلون الشحنة في الخفاء، فقد انشغل الفترة الدابرة بهذا الرجل، لم يكن هو بمفرده فكانت هناك بعض سيارات الشرطة التي أغلقت الأنوار فهم على علم بميعاد التسليم نتيجة مراقبتهم المتشددة للسيد عيسى في الفترة الماضية، في جانب آخر وقف مازن بجانب عمرو ثم همس له بترقب شديد:

-هيهجموا إمتى؟

رد باستنباط:

-أكيد لما يحملوا كام كرتونة

هز مازن رأسه متفهمًا ليكمل انتظاره الشغوف، فكل ما يحدث الآن بفضل والده السيد عبد الحميد الذي استمع للسيد عيسى وهو يهاتف أحدهم بخصوص صفقة ممنوعة، أخبر مازن وبعدها كان أيهم قد عرف ليأخذ حذره، لحظات من هذا الوقوف المقلق شرع أفراد الأمن بإطلاق النيران عليهم ليقفوا جميعهم متكهنين ماذا سيحدث؟ خلال التبادل الناري من الطرفين، نجحت الشرطة في السيطرة على الموقف ثم أخذوا في التحرك للقبض على البقية، ذُهل السيد عيسى وهو يرفع ذراعيه للأعلى مستسلمًا، تسعرت دهشته حين رأى أيهم بصحبتهم، نظر له أيهم باحتقار ولم يتحدث معه، ليس ذلك فقط ليجد زوج ابنته معهم، أدرك في تلك اللحظة بأنه انتهى، خاطبه الشرطي بسخط:

-المرة دي مش هتفلت يا عيسى ووقعت في شر أعمالك، الدليل المرة دي بصوتك يعني لبساك لبساك!!

امتقع وجه عيسى وتعثر في التكلم، قال أيهم بنفور:

-غلطك الوحيد إنك لعبت معايا، بس نهايتك دي تستاهلها، ربنا مش هيرضى بإنك عاوز تلوثني زيك وخلاني أعرفك على حقيقتك

لم يجد ما يقوله عيسى فقد ضيع نفسه، فغر فاهه بصدمة فما رآه أمامه جعل الدماء تنسحب من عروقه، حيث ظهر زين الذي حضر أيضًا ليشاركهم هذا الحدث، نظر له بثقة جعلت الأخير غير قادر على الوقوف، سحبه رجال الأمن ليصعد للسيارة الخاصة بهم، تحرك أيهم ناحية زين ثم قال له بامتنان:

-شكرًا يا زين بيه، ساعدتني كتير علشان أعرف أكشفه، لولاك كان زماني معرفش بيعمل أيه من ورايا!!

كان زين على صلات قوية بأفراد الشرطة بداخل مدينة الأسكندرية ليقوموا بتلك المهمة، رد بواجب:

-مستحيل اتأخر عن حاجة زي دي، حتى لو إحنا مش نسايب، الراجل ده جاني قبلك وكان زماني مكانك بس أنا عرفت قبلها ورفضت أشاركوا، والحمد لله إنك قولتلي!

رد أيهم بغبطة:

-الحمد لله، كان ممكن يوديني في داهية بس ربنا وقف معايا

فتح زين الحديث قائلاً باعتذار رغم تردده:

-أنا مش عارف أقولك أيه بخصوص اللي عمله ابن أختي، صدقني أنا مش راضي عن كده

تفهم أيهم هازًا رأسه، رد بضيق داخلي:

-المصيبة إن “لما” سافرت ومش عارفين فين، وعمتي وصلني إن حالتها مش كويسة

رد زين بمعنى:

-زين ندمان جامد لما عرف بسفرها، حسيته مكسور وصعب عليا، وكل ده أنا مش عارف سببه أيه ومش راضي يتكلم

تنهد أيهم ليفكر الآن في أمر عمته، رد بمفهوم:

-المهم دلوقتي عمتي، مضطر ارجع معاك اسكندرية علشان اطمن عليها

بادر زين قائلاً بشهامة:

-أنا كمان هاجي معاك واطمن عليها، واعتذرلها كمان……. !!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

-هتعمل أيه دلوقت؟

استفهم عمرو بجدية وهو ينظر لمازن، رد الأخير بانتواء:

-هروح الأول لخلود وافهمها كل حاجة واطمن على ابني

سأل عمرو بتردد:

-ومراتك التانية هتعمل أيه معاها؟

هتف مازن بنبرة منفعلة:

-محتاجة كلام، هطلقها طبعًا، ومش بس كده، هكسر دراعها زي ما عملت مع ابني بنت ******

رد عمرو بتعجب:

-الله يكون في عونك، تشوفها بعينك وهي عاوزة تقتل ابنك وتستحمل، حتى كرّهت خلود فيك

حين يتذكر مازن يثور أكثر، انتقم من والدها للتو وانتهى، شغله أمر واحد فقط جعله يسأل عمرو بتحير:

-أنا قولت لخلود إنتي طالق، كده وقع الطلاق وممكن ترفض ترجع معايا

رد عمرو بسخط:

-مش طلاق شفوي، قولها رجعتك وخلاص كده

-بجد؟!

رددها بتهلل فزفر عمرو بضجر، جاء أيهم منضمًا لهما، حدثه بصلابة:

-عمرو هتروح اسكندرية ترجع مراتك والعيال

نظر له عمرو ليجيب بجدية شديدة لاح فيها بروده الملازم له:

-قولها لما تشوفها عمرو معملكيش حاجة علشان تسيبيه، عاوزة ترجعي هو مستنيكي……………!!

__________________________

________________

_________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق