رواية اهداب والماضي الفصل الحادي عشر 11 – بقلم سيلا محمد

رواية اهداب والماضي – الفصل الحادي عشر

— الفصـل الحـادي عشـر « عــاد ليـضع كلـمـة النهـايـة »

« تمنيت وجودك بجانبي يا أبي … ففي لحظات ضعفي قد لا تسعفني الكلمات إلى اللجوء إلى من كانت ولا تزال شراعي بقارب النجاه ..
تمنيت أن تسطر اسمك بواقعي ، و تُرشدني إلى الصواب.
ماذا عليّ أن أفعل ، و أنا ببراءَة قلبي طفله تتهجى الحروف …؟!
ماذا أنا بفاعله ..؟! … أو بالأحري … ماذا عليّ أن أفعل يا أبي … الراحل ؟! »

عودة إلى مكتبها ، تُفكر .. و تُفكر … و تُفكر ..
لقد تفاجئت بما لم تعتقد … كان شُغلها الشاغِـل هو معرفة سر غياب “الأدهم “.. و ها هو يرحل تاركًا خلفه عيون تبحث عن رايات السلام ..
و وسط تفكيرها الذى أصاب من استكانتها الألم ، شعرت “أهداب” بصداع لا يُحتمل ، لتقف على مضض،ثم قررت الذهاب إلى المرحاض لتضع بعض قطرات الماء علَّهـا تفِي بالغرض ..
إلا أن تلك المحاوله لم تؤتي ثمارها ، فالوجع يشتد ولا يكتفي من صبرها ، لذا قررت “أهداب” الذهاب إلى الطابق العلوي بتلك المؤسسه الشامخة ، لعلها بنسِـيم الهواء ، يهدأ عقلها المحموم قليلاً .
و فى الأعلى … سطر الإعجاب المشهد ، لترى “أهداب “صورة متكاملة لتلك البلدة بما يوحي بعظمة العلي القدير …
هدأت أنفاسها كثيرًا … لا يعزُوها سوى سعادة اللحظة ..

فى ذلك الحين .. ترجل “صداح “من سيارته بعد رحلة العوده من الصعيد ، ليستقل المصعد ، مُبتسمًا ، يتذكر الجميله التى ملكت قلبه بعشق فاق حد التباهي …
إشتاقها للدرجة التى جعلت من أنفاسه الساخنة ، موقدًا للقاء … و هى التى لم تتريث فى إبهاره بين الفينة والأخرى .
تلقى “صداح” عبارات الترحيب الحار من كافة الموظفين لديه ، ليترجل إلى مكتبه … فى نفس اللحظه التى استقبله فيها صديقه العزيز” لـؤي “بترحاب مُبطَّن بالسعاده ..
— حمدا لله عـ السلامة يا باشا … الشركة نورت بأصحابها … تفضل بقى إقعد على كرسيك ، و أرجع أنا بقى مكاني من جديد …. بعد ما كنت تعودت عـ المكتب ، مش عارف هتحمل خنقة مكتبي إزاي ….

ضيق” صداح “ما بين ناظريه ، ثم خلع عنه سترته الأنيقة ليجلس على مكتبه فى شموخ قائلا فى شغب :
— ده البيـه ما صدق بقى … هو إن غاب القط ، إلعب يا فار ولا إيه ..؟!..لا يا بابا … كل واحد لازم يعرف حدوده من هنا ورايح ..

تعالت ضحكات “لـؤي” : قائلاً :
— حقك يا كبير الصعيد .. حقك طبعًا … لكن قوللي يا “صداح” صحيح …. هم الصعايدة كلهم حلوين زيك كده ..؟! … أول مرة أعرف إن فيه من الصعايدة عيونهم ملونه ، و بِـوسامتك دي … عارف الشىء الوحيد اللي رغم حبي ليك بضايق منه ، مبحبش تكون معايا فـ مكان عام ، ولا إحتفالات .
رفع “صداح” إحدى حاجبيه متسائلا فى استنكار :
— ليه بقى إن شاء الله يا سي” لـؤي” ..!!

أجاب “لـؤي” بإعجاب ، مقتربًا من “صداح “حد الاختراق ، ليهمس كما لو كان مُحبًا يتغزل فى إمرأته :
— لأنك الوحيد اللي بتغطي عليا دايمًا … العيون كلها تكون عليا جنس ناعم وجنس خشن ، و وقت ما إنت تظهر فـ لحظه ينسوني ، و لا كأني موجود و يتجمعوا حواليك …. شوفت بقى إن وسامتك دي خطر على مستقبلي .

ابتعد “صداح” ، ليرفع قبضته القويه فى وجه “لـؤي” مُحذرًا :
— مالك يا جدع إنت عـ الصبح كده … ما تُظبط الزوايا ، بدل ما أظبطك أنا .. إنت شارب حاجه ؟!

حاول” لـؤي “كتم ضحكة كادت أن تفلت من بين شفتيه قائلا :
— آه ..شارب … شارب إتنين قهوه ، و واحد إسبريسو
ثم تعالت ضحكاتهما …. لتنتهي عند هذا المشهد برحيل “لؤي” إلى مكتبه ..

شعر صداح بالحنين إلى فاتنته “أهداب” ، ليفتح حاسوبه الشخصى ، و يقرر البحث بعينيه عنها عبر الكاميرات ، التى أسفرت عن صعودها إلى العُليه …
انتهز “صداح” تلك الفرصة التى لن تتكرر ، ليُقرر الحديث معها عما يُكِنه قلبه ، و عن حقيقة شخصيته … فالشوق تعدى حدود الكتمان أو الصبر .

و ما هى إلا لحظات …حتى رأى جميلته الساحرة تُشرِق برشاقتها المكان كما شمسٌ صغيرة أحيت بقلبه مشاعر لم يصادفها من قبل ..
اقترب منها حد اللهفه ، ليتنفس عبيرها الأخاذ هامسًا :
— مكنتِش متخيل إن غيابِك عنِّي هيأثر فيا بالشكل ده … لدرجة إن همسك ، ضحكتك ، ابتسامتك ، حتى عصبيتك …كل حاجة فيكي وحشتني … وحشتينى يا “أهداب”

دارت الدنيا من حولها، و ما كان منذ قليل سر حيرتها ..أصبح بصوته العذب قمة اليقين …
لا يمكنها الهروب أو النفي … تشتاقه … حقًا تفعل ،ففي ابتعاده ، شعرت بضيق أنفاسها …
يعني لها الكثير ، فلم يعد عابر سبيل صادَف مشوارها ، ولكنه الرجل الذى نقش بقلبها حروفه المقدسه “الحبيب ”
لذا تشربت السعادة من كأس اللقاء ، و ها هي تلتفت لتغرَق فى مُحيط فضيتيه اللامعتين كسِرداب متسع عميق الأغوار …. ثم همست بإبتسامتها الجذابه :
— كُنت فين …؟! … بِعدت ليه كده من غير ما تقولي يا “أدهم “… أنا كنت قلقانه عليك … حاولت أسأل عنك ، لكن مقدرتش … الشركة كبيره و أنا طول الوقت مشغوله ….روحت فين فجأة ، و عِرفت منين مكاني .. أنا….”

قاطعها “صداح” بقلب عاشق حد النخاع ، ليبتسم بجاذبية تليق بمكانته ، و وسامته ، ثم أردف :
— “أهداب” …. أنا كنت مسافر لأهلي فى مصر … جدي كان تعبان شويه ، و كان لازم أطمن عليه… مقدرتش أودعِك ، و كنت محتاج فرصة أتأكد من حاجات جوايا ، بقت بالنسبة لي الحلم اللى أنا عايش علشانه…
وحشتينى لدرجة إني مبقتش أحس بالحياة من غيرك … لا أكل ، ولا شرب ، ولا نوم .. و لا الدنيا نفسها تسوى لحظه واحده أكون فيها معاكي ، و أحس بنبض قلبك ….
“أهداب”… أنا بعشقك ، و مينفعش أكمل من غيرك … تتجوزيني يا قلب “صداح” و كل دنيته ..!!

ارتبكت “أهداب” من اعتراف “صداح”المفاجىء ، لتتمهل قليلا ، ثم انتبهت إلى جملته الاخيره… يريد الزواج بها … يعشقها حد الإدمان …. يتمناها ولا يتمنى سواها …. يريدها إمرأته … يريـــ…. لحظه ….
ثم صرخت فى وجهه قائله :
— إنت قولت يا قلب مين ..؟! … هو إنت إتجننت يا “أدهم” ، بتحبني و عايز غيرك يتجوزنى …. إنت بتطلب إيدي لرئيس مجلس الإدارة … لأ …حقيقي و نعم الرجوله …

حاولت “أهداب” العبور من أمامه ، وداخِلها يمقُتُه فى لحظات ظنت به السوء ، إلا أن ذلك المُحب العاشق لن يبرح الأرض حتى يملكها ، ويتملكها برحابة قلبه زوجة و حبيبة … ليهمس فى تلذذ :
— إستني بس …. أنا لسه مخلصتش كلامي … تفتكري إيه اللي يخلِيني كل يوم أركب أسانسير رئيس مجلس الإدارة بكل بساطه بدون ما حد ينتبه… إيه اللي يخلِيني ألِـح عليكي أننا نتقابل برة الشركة و نتغدى فـ أي مطعم ، فى حين إنك لما طلبتي إننا نتشارك فترة الاستراحة بكافيه الشركة اعتذرت أكتر من مرة …
مجاش فى بالك لحظة إن “أدهم” ممكن يكون هو نفسه “صداح” رئيس مجلس الإدارة ، و إن كل الموظفين معاهم تعليمات إنِك تاخدي راحتك فى أي مكان بالشركة ..”

إلتزمت “أهداب” الصمت للحظات ، ثم صدحت ضحكتها الساخره ، تُطوِح بكفيها فى عشوائيه و بلا هدف صائحة:
— ياااه … حقيقي النهارده يوم المفاجآت … أنا هـسَمِّيه يوم اعترافات العظماء …. اللى كان بيقول إنه رئيس مجلس الإدارة و إن اسمه “صداح” جاي النهارده يعترف و يقول إنه كِذب و إسمه” لؤي” و شريكك ف الشركة
و التانى اللي اتكلمت معاه ، و تصورته زميل عزيز و اسمه “أدهم “، يِختفي بالأسابيع من غير ما يقول و لما يرجع ، يعترف إنه هو نفسه صاحب الشركة و اسمه “صداح” ….طيب بجملة الاعترافات … انا كمان عايزه أعترف … أنا مش “أهداب” … البنت الساذجة اللى انتوا فاكرينها عشان حلوة وكيوت ، تبقى لعبه فـ ايديكم … والشركة دي أنا هقدم استقالتي ، و حتى شهادة الخبره ، مش عايزاها ، و هرجع بلدي أشتغل فى شركتي ..
و إيه رأيك بقى … وعد شرف مني .. أنافس شركتك دي لغايت ما أمحيها من السوق… مبقاش “أهداب” إما خليتك تعلن افلاسك ، و على إيدِي.”

….. و انطلقت راكضة ، دموعها الحارة تسيل على وجنتيها الناعمة بلا هوادة كما الشلال …

تسمر “صداح” فى مكانه للحظات وجيزة ، إلا أنه استدرك حاله ، و لحِـق بها قبل أن تصل إلى المصعد الذى كان بداية اللقاء ، ليجذبها من ذراعها فى رفق ، فى حين ارتدت إلى صدره المشتعل بآهات الغرام قائلاً :
— أنا ميهمنيش لا الشركة ولا الفلوس ولا الدنيا بحالها … كل اللي يهمني هو إنتِ و بس …. لو كان إفلاسي على إيدِك ، مش هزعل ، كفايه إنِك تكوني المكسب الوحيد ليا من الدنيا …. أنا بحبِك بجنون ، و بـغِير عليكي … صدقيني … أنا مكنتش أعرف إنِّي بحبِك بالشكل ده ، عشان كده خبيت عليكي هويتي …. لكن والله ما بلعب بيكي ولا بتسلى …. أنا عايز فرصة واحدة بس أثبِتلِك حبي ، و إني جدير بيكي … أرجوكي … بلاش تحكمي عليا بالموت … أنا عايش على حلم واحد و نفسي أحققه … إنِك تكوني مراتي و أم أولادي …”

لحظه …. عاود قلبها النبض الصاخب ، و تسارعت أنفاسها ، تتمنى من داخلها لو تحيا معه تلك اللحظه إلى الأبد ، إلا أن كبريائها سطر العناد لتردف :
— و أنا بكرهك ، ومش عايزاك … و سيبني بقى عشان أنا مش قعدالك فـ الشركة دي أكتر من كده … إنت عارف كويس إنِّي كده كده هسافر … و أهي فرصة و جَت لحد عندي …. إبعد بقى يا… تحب أقول” أدهم “ولا “صداح” …؟!

— لا أدهم .. ولا صداح … قولي يا حبيبى … قوليها …

— أنا بكرهك …

— كدابه….عيونِك بتقول غير كده ، و دقات قلبِك بتقول غير كده ، و رعشة ايدِك بتقول غير كده … لكن … لكن “لـؤي” مين اللي بتتكلمي عنه ، و تعرفيه منين … ؟! … إنت فيه بينك وبينه إيه …؟!…انطقي …

هل أصابه الجنون حتى يُلقي عليها الإتهامات …؟! … كيف يسمح لنفسه بالصراخ فى وجهها ؟! …. وما هو أسوء من العِتاب ….. تضخم، لترفع “أهداب” كفها الصغير ، و تلطم “صداح” لطمة قوية ، اهتزت لها رجولته ، ليشتعِل قلبه بنار الغضب قائلاً :
— “أهداب” … إنتِ بترفعي إيدك ، و بتضربي رجل صعيدي بالقلم على وشه …. !!
كل ده عشان بحبك ، و بَـغِير عليكي يا غبيه … غِلطت و خبيت عنك حقيقتي؛ لكن الصدفه اللي قابلتك فيها هى اللي فرضت عليا كده … لو كنت قولتِلك إني صاحب الشركة ، كنتي هتخافي …
حبيت أخفف عنِك الموقف ، عشان كده اخترعت قصة “أدهم” ، و اعتذرت … لكن إنك تكلميني عن “لؤي” ، و إن حصل بينكم كلام ، و عايزاني أعدِّيـها عادي …
ليه فاكره إني مش رجل ، ولا أخلاقي أوروبيه ، و بتعامل ببرود … لا يا هانم … ولازم تعرفي إن القلم ده هنتحاسب عليه ، بس …
…. ثم اتسعت ابتسامته الرجولية لتلتمع وسامته كما القمر فى ضي السماء مستكملاً :
— بس لما نتجوز ، و تبقي مراتي و ملكي …. ساعتها نتحاسب على رواق .”

رغمًا عنها ابتسمت ، إلا أن دلالِـها الأنثوي ، فرض عليها التملص من بين يديه ، لتدلف إلى المصعد بمفردها ، وقبل أن يكتمل إغلاقه همست فى مشاكسة :
— برضه … مش هتجوزك ….بِـعينك يا “أدهم” …”

و استمرت فى الضحك المتواصل ، بشغف قلبها بما أحيا روحها عشقًا …. إنه الحب ولا شك …

وقف “صداح” يتأمل المصعد ، ليقترب من جداره الأملس ، يتحسسه بحذر كما لو كان يخشى عليه من قوته ، ليقترب أكثر ، و أكثر. .. إلى أن قبَّـلـَهُ فى شهوة …. ثم ابتعد يصف حَالِـه بالعاشق المجنون ….
هبط إلى الأسفل ، ليطالب “لـؤي” بالحضور إلى مكتبه فى الحال ، وفى غضون دقائق ..دلف إليه مازحًا :
— إيه يا Boss لِـحقت أوحشك …؟! .. أنا لسه سايبك من دقائق…. ثم اقترب منه قائلا :
— تحب نروَّح البيت ، أطفِّي نارَك …

تأمله “صداح” بنظرات ثاقبه ، و ملامح غاضبة ، ثم قال :
— إبعِـد عن “أهداب” يا “لـؤي” ….. “أهداب” تخصني … شوف غيرها .. ما إنت كل يوم مع واحده … مش هتتعب يعنى ..

ابتلع “لـؤي”مِـزاحه ، ليحل محله أمارات السخرية ، ثم أردف :
— آااااه … قول كده بقى …. إنت باعتلي مخصوص عشان البرنسيسه … مش كنت بتقول إنها زي أي موظفه ، و مُكافئتك ليها عشان مجهودها ، لِحقت تغيَّر كلامك ، و تضمها لأملاكك …. لأ … حقيقي برافو عليها .. طلعت مش سهله أبدًا …

ضيق “صداح” ما بين حاجبيها ، ليضغط على قبضته حتى كادت أن تنكسِر ، ثم أردف فى صرامة :
— “لـؤي” …. عندك …. “أهداب” خط أحمر … ممنوع تقرب منه ، أو تمسَّـها بكلمه …. و بعدين إنت دخلك إيه ، تخصني أو لأ …. دي حياتي و أنا اللي أقول مين يدخلها ، ومين لأ ….. إنت صاحبي وأخويا …. وأنا مش عايز أخسرك ….

إزدادت نبرات “لـؤي” الساخرة ، ليرافقها بحديث ناغم يملأه التهكم قائلاً :
— صاحبك ،و أخوك … والله كويس إنك لسه فاكر …. بس خد بالك إنت كده بتتسرع ، لأن البنت دي مش زي ما إنت فاكر … وَارِد أوي تكون طمعانه فيك ، و بتحاول تمثل عليك البراءة .. أنا اتكلمت معاها قبلك ، و عرضت عليها الجواز ، و هي كانت شبه مقتنعه …. و فرحتها أنا قرأتها فى عيونها …. عشان كده بقولك فكر ، وبلاش تتسرع بقرار تندم عليه ..”

هجم صداح على صديقه ، مُمسكًا إياه من تلابيب قميصه صارخًا :
— إخرس …. لأقطعـلك لسانك …” أهداب” لا يمكن تكون بالصورة اللي بتحكي عنها …. أنا عارفك كويس ، لما تحب تقرب من بنت ، بتدور على نقطة ضعفها علشان تدخل لها منها …. و بعدين تبعد ولا كأنه فارق معاك.

رد” لـؤي “فى غيظ و انفعال :
— برضه ناوي تكمل معاها …. طيب .. إيه رأيك تديها فرصة تفكر ، و بعدين هتشوف بنفسك لما أطلب منها الجواز … هترد عليا بإيه ، عشان تعرف إني مش بكذب عليك ….”
ورحل من المكتب غاضبًا ، يكاد قلبه يتآكل من حِمم الغيرة والغضب … ثم قرر أن يلتقيها ، حتى وإن اضطر الأمر إلى ذهابه إلى بيتها …

ظلت ” أهداب” بمكتبها ، تشعر بسلام نفسي هادىء ، و سعادة فاقت الحُسبان ، لتترك قلبين يحترقان من لوعة الحب و العشق الملتهب ..
انتهت ساعات العمل ، لتقرر العودة الى منزل عمها “أمين” ، و تضع نَصب عينيها رغبة “صداح” فى الزواج منها ، لِـتتخذ القرار الصائب ..
لا تُنكِـر اشتياقها له ، ولا فرحتها برؤيته ، ولا إعجابها الشديد به ، لتجد منه اليوم عاشق مُحِب ، بملامح فاقت حدود خيالها لفارس الأحلام …
و أمام البوابة الأمامية للشركة ، انتظر “صداح” ليلمح عبورِهـا الراقي ، و خُطواتِـها الأنيقة ، قمة الأنوثه ، ثم أردف متسللاً بخطوات من هدوئها لا تُسمع :
— « غزال شارد تايه فى الفلا ، و مِلوَّع أحبابه ….
و غافل عن عيون العِدا ، اللى مِغلبَا وليفه ….
لو تعاند و تقدر عـ البعاد ، يا ورد الصبا …
حبك بقلبي ساكن ، والشوف روحى الفدا ….»
بحبك يا “أهداب” … بعشقِـك عشق ….. إمتى هترُدِيلي قلبي اللي خطفتيه ، و تقولي موافقه … خلينا نتجوز ، و نخلف بنوتة حلوه كده قمر زي أمها ، تجننِّـي من كتر طلباتها ، و ولد جامد رجل ابن رجل صعيدي العصب زي أبوه يخاف على أخته من نسمة الهوا …. وافقِـي خلي الفرحة تدخل قلوبنا “أهدابي”… أنا دايب فيكي …”

تخضبت وجنتي “أهداب ” من فرط الخجل ، لِتَـعِدُه بالرد العاجل ، بعد أن تأخذ فرص التفكير ، ثم رحلت عنه فى هدوء .
بعد إن اطمئن “صداح” لرحيل “أهدابه” ، رحل أيضا فى هدوء ، تاركًا أمنيته بين يدي القدير ، يفعل بها ما يشاء …

و أمام منزل “أهداب” … كان “لـؤي” بانتظارها ، يزفر أنفاسه المشتعله من شدة الغضب ، لا يحتمل الرفض أو التفضيل … و عندما رآها تترجل من السيارة ، اقترب منها باسمًا ، مُلقيًا تحية المساء .. فى حين ارتبكت “أهداب” مما هو قادم
— مستر “لـؤي” … خير. … إيه اللي موقفك هنا .. جنب بيتي ؟!

أجاب “لـؤي” فى تودد :
— كنت مُنتظرِك …. وحشتيني ، و حبيت أفكرِك بطلبي … من شدة تفكيري فـ جوابِك ، مش قادر أستنى ، و هـاين عليا أدخل لعمِّك ، و أطلب إيدك منه رسمي …

تلعثمت ” أهداب” من شدة الإحراج ، لتُقرِر تسطير النقاط على الحروف ، حتى لا يتهِمها البعض بالتلاعب ، و الخِداع … لتهمِس فى توتر :
— والله يا مستر” لـؤي “… أنا أصلي مقدرش أعيش هنا … حياتي كلها فـ مصر ، وأنا لما قدمت أوراق الملف الوظيفي فـ الشركة كان بهدف الخبره …. وكلها أيام و ينتهي العقد بتاعي ، و أقدم استقالتي ، و أستلِم شهادِة الخبرة ؛ و أرجع مصر من تاني …. عشان كده أنا بعتذر لحضرتَك ، مش هقدر ..

نظر “لـؤي” إلى” أهداب “فى مكر ، يعلم حد المعرفة إخفاءها أمر علاقتها بـ “صداح” ….ثم أردف :
— و أنا مستعد أنقِـل شغلي ، وحياتي وبيتي لمصر … كفايه عليا إنِك معايا … ده عندي بالدنيا كلها يا قلبي …

اقشعرت أوصال “أهداب” ، لتهمس وسط خجلها :
— لأ ..ما هو أنا ميرضنيش إنك تنسي كل حياتك وبيتك و شغلك.. و ترجع تبدأ من أول وجديد…. عشان كده صدقني … كمل حياتك زي ما بدأتها و إتجوز اللي تقدر تعيش معاك فـ الغربة ، و تملأ دنيتك سعادة …”

احتقنت وجنتاه من فرط غيظه ليردف :
— يعني رفضِك ده ، مش عشان فضَّلتِي عليا “صداح” مثلاً ، و لا عشان قدر يدخل قلبك ، و يلعب بمشاعرك .. وطبعا صدقتي كلامه ، ما هو صاحب الشركة الصعيدي الجدع اللي مفيش فـ رجولته .. خُسارة كنت فاكرِك أذكى من كِده … طِلعتِي بتنخدعِي بسهوله .. عمومًا حلال عليه الوردة المفتحه ، و حلال عليكي الكداب المخادع … سلام يا أمورة .”
…..و رحل “لـؤي” تاركًا فجوة واسعه بقلب “أهداب” .. فجوة من الشك و الظنون ..

ظلت “أهداب” على حيرتها بعدمـا سَمِعَت من “لـؤي” ، بعضُها لا يصدق من تفوه به بلسانه الحاقد الذى لا يتمنى السعاده لشريك عمله ، و البعض الآخر يحتاط من خِيار قد يكون الشوكة القاصمة لظهر البعير ..
فى حين رفرفت السعادة بقلب “لـؤي” لما زرعه بنفس “أهداب” من تُـهم مُلفقة لصديقه الحميم ، ليشتاط غضبا ، ويصر على استحالة وصاله لها ، طالما فضَّلته عليه و ارتضت به ….

و فى ظل شرودِها البائِس ، اقترب منها السيد “أمين”
عمها الحاني ليطئن عليها ، حين وجدها بزاوية من التفكير العميق … ليهمس فى رويه :
— مالك يا حبيبتى … حصل حاجه في الشغل ؟!

أجابت “أهداب” فى تـِيه :
— بصراحة يا عمو .. حصل معايا حاجه كده .. و حابه أخد رأيك فيها ، بس بليز ..بلاش تكلم مامي فيها دلوقتي ، قبل ما أخد قرار نهائي …

بهدوءه المعتاد ، أومأ لها علامه الرضا ، ليستمع إلى حديثها بآذان مُصغِيه ، و ذهن مُنتبه ..حتى إنتهت و بعد قليل من الصمت .. أجاب “أمين” :
— عايزة رأي عمِّـك اللي يهمه مصلحتك ، لو على حسابه ، و يخاف عليكي من الهوا …. أنا رأيي إنِّـك ترجعي مصر … و إن كان على شهادات الخبرة ، أنا أقدر أستلمها مكانِك و لما أنزل مصر أجيبهالك معايا … فى كل الحالات إنتِ هتستلمي شغلك فى شركتك ، يعنى أوراقِك مش لازم تكون جاهزه فى الحال …

انقبض صدر ” أهداب ” من فِكرة العودة دون “صداح” لتهتف فى انكسار :
— و “صداح” يا عمو …. أسيبه ، و أصدق كلام “لـؤي” … ما يمكن يكون بيخدعني عشان رفضته ، و بعدين “صداح ” منتظر مني الرد … همشِي كده من غير ما أرد عليه … ده عمره ما ينسهالي أبدًا …

ابتسم “أمين” فى حنان مُحدِثًـا إياها بنبرة هادئه :
— اللي يحب بيغفر وينسى ، ربما فعلا يكون كلام “لؤي” كذب و إفترا على شريكه .. لكن إحنا من هنسيب نفسنا للظنون … عشان كده .. إنتِ هتنزلي مصر ، و سيبيلي أنا الموضوع ده .. أنا هـسأل عنه كويس وعن أخلاقه ، و هكلم خالِك “فريد” يسأل عنه فـ بلده … و كده يبقى عندنا تفاصيله كلها هنا و هناك … وقتها بقى لو بيحبك بجد ، مش هيستسلم ، و هيسافر مصر وراكي ، و يرجع يكرر عرض الجواز على والدِتك للمرة الثانيه … ساعتها نقوله آه و إحنا مطمنين …”

تساءلت ” أهداب ” فى توتر :
— و إفرض إنه مرجعكش مصر … هعمل إيه !!

أجاب ” أمين” بعد أن إحتوى إبنة أخيه بين ذراعيه :
— ولا تعملي حاجه … ساعتها يبقى ميستحقش لحظه تفكير واحده مِنِك … و يبقى فعلا مستهتر وما يستهلش نزعل عليه ..

رغم اوجاع قلبها ، و خنجر الخوف الذى أصاب صدرها ، إلا أنها أومأت علامة الاقتناع … لتردد :
— يارب متخذلنيش فيه أبدًا ، و إبعد الوجع عن قلبي ، ولو فيه خير ليا قربه مني ، و لو شر إبعِده عني … و إرضِيني و إرضِي قلبي يارب ..

و فى اليوم التالى …
انطلقت ” أهداب ” إلى مطار” سيدني ” بعد أن أتم عمها الحنون “أمين” حجز طائرة للرحلة الجويه لمصر ، ليودعها مع زوجته وداعًا حارًا مُغلف بالدموع …
صعدت “أهداب” إلى الطائرة بقلب مكلوم ، و أنفاس مُثقلة ، لتُغمِض عينيها طوال الرحلة ….إلى أن وصلت إلى أرض الوطن بأمان .
استقلت “أهداب” إحدى سيارات الأجرة للعودة ، فى حين انتظرتها والدتِـها بالفيلا حسب تعليمات العم “أمين” الذى سرد على مسامع زوجة أخيه ما قصته عليه “أهداب” ..

فى البدايه حزنت “فريدة” من كتمان ابنتها الأمر عليها ، إلا أن “أمين” وضح لها حقيقة موقف “أهداب” ، و خوفها المستميت من كسر مشاعر والدتها إذا تبين خداع “صداح” من صِدقه .. لذا تغاضت عن الأمر ، و أخبرت أخيها “فريد” ؛ ليعقدا العزم على تولي الأمر ، ومعرفة كل ما يخص هذا الشاب ….

وصلت ” أهداب” الى الفيلا ، يبدو على ملامحها أمارات الحزن والإرهاق الشديدين ، لتحتويها والدتها بشوق و لهفة يشوبها الدهشه ، ثم أردفت :
— حمدا لله على سلامتِك الغاليه يا حبيبتى … ليه مقولتلِيش إنِك راجعه من السفر النهارده ، كنت استقبلتِك فى المطار مع خالِك … بس مفاجأة تجنن … نورتي بيتك و بلدك يا عمري … يلا .. اطلعي ارتاحي ، أكيد الرحلة كانت مُتعِبه … خدي الشاور بتاعِك ، و نامي … ولما تصحِي نتغدى سوا ، ونتكلم براحتنا .

استمعت ” أهداب” لنصائح والدتِها ، لتدلف إلى غرفتها فى حنين ، ثم انتعشت بحمامِها الدافىء لتتسلل إلى الفراش فى راحة و أمان ..
بعد أن تلقى فريد اتصال شقيقته ، قرر إسناد الأمر إلى شقيق زوجته ، نظرًا لمهارته كضابط محنك فى وزارة الداخليه ، ثم تحدث معه هاتفيا فى اهتمام :
— ألو …صباح الخير يا سليم .. الحمد لله … كلنا بخير و الله … بقولك يا “سليم” .. فيه خدمة عايزك تقدمهالي ، بس بأسرع وقت … تسلم يا صاحبي …
” أهداب” بنت أختى “فريدة” متقدم لها عريس ، هو عايش فى استراليا بس أصوله من الصعيد …
كنت عايزك تجيبلي كل المعلومات عنه ، و عن عيلته بالتفصيل المُمِل … و أرجوك اهتم بالموضوع من غير تأخير ..

أجاب سليم على الجانب الآخر برزانته المعهودة :
— بس كده … إنت تؤمر يا “فريد” … “أهداب” أختي الصغيرة … سيبلي أنا الموضوع ده ، ومتشغلش بالك …

وانطلق “سليم”فى مهمته ، بعد أن حصل على المعلومات من “فريد” حول هوية “صداح”و هوية عائلته ، فى حين أخبر “فريد” ابن شقيقته “عماد” بالأمر ، ليتعجل عودته من الاسكندريه ، و الذى حصل على عطلة من الشركة يستعيد فيها نشاطه مع أسرته …

فى استراليا …
وصل “صداح” إلى شركته ، عاقدًا العزم على الارتواء من “أهداب” بسماع صوتها المغرد كما أنغام البلابل ، إلا أنه فوجىء بتأخيرها لما يزيد على الساعتين .
أوصى مديرها المباشر بإبلاغه فور حضورها ؛ ثم أنهى ذاك الاتصال بقلب يشوبه القلق .
مرت ساعات العمل بطيئة متثاقله ، و عيني “صداح” القويتين كالصقر على مكتب “أهداب” عبر الكاميرات لا تتحرك قيد أُنمله… و الأمر لم يتغير عن سابقه
ليقرر التواصل معها هاتفيًا ، إلا أنه تفاجىء بهاتفها المغلق ..

ظل “صداح” يجول ويطول ، تتناوب على تلافيف عقله أفكار سيئة حول تغيبها ، و حين انتهت ساعات العمل … قرر الذهاب إلى منزلها للاطمئنان ، و اقتطاع الشك باليقين ..
رن جرس المنزل ، ليصدح صوته المُتناغِم ، فى حين فتحت السيدة رباب باب المنزل ، لتفاجَىء بـ “صداح” ، ابتسمت فى عذوبه قائله :
— مساء الخير سيدي … من أنت ؟! .. وماذا تريد ؟!

أجاب “صداح” بلهجته المصرية الأصيله :
— أنا “صداح الوليد” … أقدر أقابل الأستاذ “أمين” …!!

ابتسمت “رباب” فى ترحاب ، لتأذن له بالدخول ، ثم قدمت له مشروبًا دافئًا ، إلى حين لقاءه بزوجها الذى
حضر على الفور ليستقبل “صداح” فى ود و سعادة قائلاً :
— اهلا و سهلا “صداح” باشا … اتفضل .

ابتسم “صداح” فى امتنان من مقابلة “أمين” الرائعه ، ثم أردف :
— مفيش داعي لأي ألقاب …تقدر سيادتك تناديني “صداح” وبس … أنا جاي النهاردة أتكلم مع حضرتك مع موضوع مهم ، وطبعا آسف إني جيت بدون موعد سابق ، لكن بصراحة غياب “اهداب” عن الشركة النهارده قلقني .. عشان كده قولت أجى أطمن عليها بنفسي .

ابتسم “أمين” ليتساءل فى مكر :
— حضرتك شرفتني طبعا ، لكن هو معاليك متعود تطمن على كل موظفيك المتغيبين عن العمل ؟!

أجاب ” صداح” بعد أن انتبه إلى حنكة الرجل وذكاءه :
— لأ طبعا …. “اهداب” مش مجرد موظفه عندي فـ الشركة … بصراحة أنا معجب بيها من فتره ، و طلبت إيدها للجواز ، وكانت قالت إنها محتاجة وقت تفكر … وأنا احترمت كلمتها ، لكن لما تغيبت عن الشغل النهارده ، قلقت ليكون فيه حاجة …

أجاب “أمين” إجابته الثاقبه :
— “اهداب” سافرت مصر ، ومش هترجع هنا تاني إلا للزيارة …. و بالنسبة لشهادات الخبره و ملفها الوظيفي كنت ناوي بكرة باذن الله أجي الشركة و أستلمهم مكانها ..

نزل الخبر على قلب العاشق كالصاعقة ، ليردف فى وجع :
— سافرت ليه ..؟! …. أنا طلبت إيدها للجواز ، وهى وعدتني تفكر … إزاي تسافر من غير ما تبلغني … و يعني إيه معدتش راجعه استراليا … طب وأنا … مفكرتش فيا لحظه …. معقول رفضت تتجوزني ..؟!
رد عليا يا أستاذ “أمين” ..أرجوك … أنا قلبي هيقف ، و عقلي هيتشل …. ريحني … قول أي حاجه ..

ظل “أمين” صامتا لدقائق ، ثم أردف :
— بصراحة … فيه عريس متقدم لأخوها الكبير ، و طلب منها إنها تنزل ضرورى بحجة تعب والدتها ، وهى مكانتش تعرف … و دلوقتي هى مش عارفه تعمل إيه …؟!

استقام “صداح”صارخًا فى غضب ؛ ملوحًا فى عشوائيه :
— يعنى إيه …؟! … عايز يغصِبها عـ الجواز …؟! …. ليه هى سايبه … و أنا روحت فين ..؟! .. الجوازه دي لا يمكن تتم …. أنا هسافر مصر ، و أقابله … و يانا يا هو..

ورحل صداح و شارات الغضب تشعل بنيرانها كل ما تطاله …بينما عزفت الفرحة أوتار قلب” أمين” ، لتظهر ابتسامته التى تحولت فى لحظات إلى ضحكات صاحبة من السعاده … لتتساءل زوجته :
— فيه إيه يا “أمين” ..؟! … ومين الشاب الوسيم ده …؟!

أمسك “أمين” براحة زوجته ، لتشاركه الجلوس ، ثم سطر على مسامعها الأمر ، لتتألق ملامحها بعلامات الفرح ، ثم أطلقت سيمفونيه رائعه من الزغاريد المُبهجة فى سماء استراليا السائدة بالغيوم ….

فى غضون يومين كاملين ، استطاع “سليم” التوصل إلى كافه المعلومات عن “صداح” و أسرته العريقه بالصعيد …
وفى المساء … إلتقى بكلٍ من فريد و شقيقته و عماد ، ليلقي على مسامعهم ما ألمه فيما يخص العريس المنتظر ..
أخبرهم أن “صداح” من أكبر عائلات الصعيد ، توفى والده قبل ولادتِه ، ليتولى رعايته زوج والدته “كـاشف الحمزاوي” بكل حب واهتمام …
فى حين أنجبت والدته خمس بنات …ليصبح الأخ الوحيد لشقيقاته …
فاحِش الثراء ، استطاع بمهارته و براعته تأسيس شركة من أكبر الشركات الأوروبية ، تتخطى أرباحها ملايين الدولارات سنويًا .. بالإضافة إلى أملاكهم بالصعيد من أراضي و أطيان .
ثم أردف “سليم” :
— باختصار … “صداح” شاب ممتاز ، و على خُلق ، متدين جدًا ، و ملوش فى الغلط …. يعني اختيار ممتاز يشرَّف أي بيت …. حقيقي لو اتقدم لـ ” ندى” أختى أوافق وأنا مغمض .

كانت “أهداب” مختبئة فى الشرفة الخلفيه للفيلا ، و حين استمعت للجمله الأخيرة التى ألقاها “سليم” على مسامع الجميع ، تهللت أساريرها فى سعاده ، لتركض تجاه والدتها هاتفه :
— شوفتي يا مامي … مش قولتـلِك إن “أدهم “… قصدي “صداح” شاب ممتاز ، و يستحق إنك تقابليه .

ربتت الأم على وجنتيها فى رضا ، و فرحة اكتملت بقلبها ، فها هي صغيرتها على مشارف الزواج ، لتهمس :
— مبــــارك عليكي يا عمري … حقيقي أنا فخورة بيكي ، و فرحانه … حاسة إني طايرة من الفرح … بس ممكن نأجل الكلام شويه ، لما نسمع رأي عمك “أمين” كمان …بعد ما يسأل عنه هناك … إحنا عرفنا اللي هنا … و اللي هناك مهم أكتر .

ابتسم ” فريد” قائلاً :
— من الناحية دي إطمن خالص … الأستاذ ” أمين” لسه مكلمنى قبل ما آجى ، و قاللي كلام جميل جدًا … خلاني مستعد أقابله النهارده قبل بكره ، وخصوصا بعد ما قعد معاه وكلمه …
تخيلوا إنه اتعصب لما قاله اللى اتفقنا عليه ، و صمم إنه يرجع مصر … و قال الجوازه دي على جثته … و أدينا مستنين … بس يخوفي يِجمع الصعيد كله ، و يعملوا هجوم شامل علينا ….

ضحك “عماد” ليشاكس شقيقته الصغيرة :
— و الله وهنبقى من ضحاياكي يا “أهداب”

ارتسمت الضحكات على الوجوه … ليشدو كيوبيد الحب لحن الغرام ، بقلب عاشقين بدأت شرارة الهيام بينهما فى أروقة المصعد .

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية اهداب والماضي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق