رواية كارثة الحي الشعبي الفصل السابع 7 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل السابع

الفصل السابع

الفصل السابع

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع:

بعد مرور عدة أيام…

مرت إحدى السيارات الحديثة من بوابة ذلك القصر الفخم…

ترجل “أشرف”

أولًا

من السيارة

محملقًا

بمنزلهم

الجديد بصدمة ليست

بهينة

…مبتلعًا ريقه بخوف وندم…

فـ على ما يبدو أن فعلته الحمقاء الذي فعلها منذ ثلاثة أشهر وندم عليها ستظل تلاحقه ولن تتركه مذكرة إياه بما فعل..

وسرعان ما نظر بعدم تصديق تجاه “عابد” الذي توكل أمر انتقاء المنزل الذين ينتقلون إليه الآن.. بعدما انتهوا من الإجراءات اللازمة خلال الأيام الماضية مع ذلك المحامي الشاب المدعو “خالد”..

ساببًا

بخفوت وعيناه تذهب

تلقائيًا

نحو القصر المقابل لهم……

-يا ابن الكلب يا عابد ملقتش غير هنا!!!!!!!!!!!!

بينما احتدت عين “عابد” من اسفل نظارته الشمسية والتفت بنصف جسده يطالع قصرها الذي تعيش به رفقة عائلتها الثرية من خلال

بوابتهم

الذين تركوها مفتوحة على مصراعيها..

غامت

عيناه وتوعد لذاته

ولقلبه

.. وكرامته..بأن يجعلها تندم

ويلقنها

درسًا

لن تنساه…

سيعاقبها

حتمًا

على ما فعلته به من تحطيم

وتألم

….

سيفعل المثل لكن على طريقته الخاصة…!!!!

فاق على صوت “جابر” الذي صفق بيديه مسببًا

ضجيجًا

:

-اوعى على

الغِنى

الفاحش اللي بقينا فيه…يا نهار ابيض يا جدعان ايه

الجمدان

ده…ايه الجنينة دي حاسس اني اول مرة اشوفها ولا كاني شوفتها من كام يوم لما جيت مع أخوكم؟؟؟؟

هنا

وهرول

تجاه حمام السباحة صائحًا بصوت عالي:

شوفتوا

البسين

؟

تأمله للحظات حتى انه لم ينتبه بأنهم لم يجيبوا عليه…ثوانِ وتحدث بفرحة

كالأطفال

تمامًا:

-لا لا كدة كتير…..انا مش مصدق نفسي..انا اكيد بحلم…حد

يصحيني

كدة….

ابتسم نضال بمكر….ودنا منه سريعًا وبحركة مباغتة دفعه بحمام السباحة…..

والغريب بالأمر أن “جابر” لم يغضب….بل أخرج رأسه سريعًا ضاحكًا عاليًا مردد من بين تلك الضحكات وهو يزيل المياه عن وجهه:

-مش بحلم….مش بحلم…انا بقيت غني….جابر بقى غني يا بلد….

انحنى “نضال” للأمام وتساءل

مترقبًا

:

-أنت عبيط يا واد..هل انت عبيط…

رد “جابر” بمرح قبل أن ينزل بكامل جسده أسفل المياه ويبدأ

بالعوم

:

-لا أهبل….

ضرب نضال كفًا بالآخر ثم اقترب من أشرف الذي كان

منغمسًا

بأفكاره يحاول تهدئه ذاته

ويتمتم

بينه وبين نفسه:

-اهدأ يا أشرف…محدش شاف وشك.. أنت في السليم….وبعدين احنا مالنا بيهم كل واحد هيبقى في حاله….وحتى لو حصلت والبت اللي

قفشتك

شافتك صدفة مش

هتعرفك

…اكيد مش

هتعرفني

…الموضوع عدى عليه كذا شهر….

أخذ نفسًا عميقًا محاولًا الاندماج مع أشقائه

بمرحهم

ذلك…

فتناهى

له كلمات خليل المتذمرة:

-جماعة مش شايفين ان البيت كبير شوية علينا… احنا سبعة بس….

حدق به “عابد” وقال بنبرة ذات مغزى:

-مستوانا المادي اتغير يا خليل وبقينا أصحاب ملايين….عيش

وانبسط

.

لم يعجب خليل بحديث عابد…وبحركة مفاجأة صاح “جابر” وهو يخرج من المياه بملابسه

المبتلة

:

-قولولي بسرعة ايه اغلى نوع فاكهه؟؟؟؟

قطب “نضال” حاجبيه وتساءل:

-اشمعنا بتسأل ليه؟؟؟

-هيكون ليه…علاقاتي النسائية

هتطور

… ولازم اغير الاناناس تفتكروا اخليها إيه؟ مانجا..ويبقى يا صباح الجمال

والمانجا

….لا مش حلوة مش عج

قاطعه دفع “نضال” له من جديد.

فصاح خليل وهو يشير نحو جابر القابع بحمام السباحة:

-يكون في علمكم الواد ده

هيبوظ

اكتر ما هو

بايظ

….

أخرج جابر رأسه من المياه غير مبالي بدفع أخيه له متسائلا عن المحامي:

-الا هو خالد فين؟؟؟؟

ضيق عابد عيناه مردد بترقب:

-بتسأل ليه؟؟

-اصلي شايف قصر قدامنا وشكله مسكون فـ عايز اعرف فيه نسوان ولا مفيهوش…

هنا واشتعلت عين عابد و وضع احتمالية رؤية أخيه لها فصرخ عليه بخشونة ادهشت البقية:

-بقولك إيه سفالة مش عايز….

وتلم

نفسك يا جابر بدل وديني وحياة أمي

امسكك

ومش

هحلك

ومحدش هيعرف

يحوشني

عنك…آمين….

انتهى

مبتعدًا

عنهم جميعًا يرغب

بالاختلاء

بذاته غاضبًا من قلبه الذي لا يزال يعشقها

ويغار

عليها بعد ما فعلته به…….

أما جابر فرفع يده وقام بتحريكها جوار جبينه دلالة على جنون أخيه

وفقدانه

عقله موجه حديثه

للبقية

:

-الواد ده مجنون…هو أنا كلمته…ماله مش

فرفوش

زيي ليه….

نفخ خليل ولم يعلق وابتعد كي يحادث أبيه حتى يعرف متى سيصلون ؟؟؟

تاركًا أشرف ونضال رفقته….

*************

استغلت “دلال” انشغال زوجها مع عمال الشاحنة التي تنقل أغراضهم التي تمسكت بها ورفضت تركها وأصرت على أخذها إلى قصرها الجديد…متسللة تجاه بناية “زينة”.

وصلت الطابق المنشود

وطرقت

عليه بهدوء تام ينافي ما فعلته

مسبقًا

من دقات كادت تحطم الباب من قوتها…

فتحت لها “عفاف” التي ارتخت ملامحها ولاح الندم الشديد على وجهها فهي

سببًا

رئيسي فيما حدث بين ابنتها وأشرف…

شعرت “دلال” بالرضا

والشماته

من هيئة الاخرى..

فأبتسمت

كاشفة عن أسنانها متحدثة بهدوء يثير الأعصاب:

-ازيك يا عفاف…عاملة ايه يا حبيبتي…

منحتها “عفاف” بسمة مرحبة بها مشيرة لها

بذراعيها

تحثها

على الدخول:

-اهلا يا دلال…تعالِ يا حبيبتي..

اتسعت بسمة دلال رويدًا رويدًا وقالت ببرود:

-اتفضل فين مفيش وقت

اصلنا

هنعزل

لقصرنا

الجديد…والحاج مشغول تحت مع العمال اصل في حاجات من ريحة أمي

وابويا

لا يمكن

اسيبها

ابدًا

… وبعدين

بتعزمي

عليا دلوقتي ادخل..الا ما عملتيها مرة والعيال

مخطوبين

….

توترت “عفاف” وحاولت التحدث بهدوء شديد متأملة في إصلاح وإعادة العلاقة بين زينة وأشرف…

فكم كانت حمقاء وحرمت ابنتها من كل هذا الثراء….لكن من كان يصدق بأن تلك العائلة البائسة ستصبح ثرية…وان يصبح خطيب ابنتها السابق العاطل محب البلطجة مليونير…!!!!!

لزمت “عفاف” الصمت لثوان محاولة عصر ذهنها كي تجد

اجابة

مناسبة لذلك الوضع التي

وُضعت

به…

لم

تمهلها

“دلال” فرصة للتفكير وتساءلت على مضض وبأسلوب بدأ

يتغلغله

بعض السخرية:

-اومال فين المحروسة بنتك؟؟ في الشغل ؟

نظفت “عفاف” حلقها وأجابت بحزن زائف:

-لا في اوضتها جوه..

مبتخرجش

منها ولا بتنزل شغلها من ساعة ما هي وأشرف

سابوا

بعض…ده انا خايفه عليها

يجرالها

حاجة

ومتأكدة

أن أشرف حالته زيها…هو شيطان..اه والله شيطان ودخل بينهم….

رفعت “دلال” ذراعيها

وربتت

على كتفيها متهمة إياها:

-البركة فيكي يا حبيبتي مفيش شيطان غيرك..ده أنتِ يا ولية يا

عقربة

معاملتك

اتحولت

١٨٠ درجة…وكل ده عشان الفلوس.

اشاحت

“عفاف” عيناها بعيدًا عنها ولم ترغب

بإجابتها

كي لا يخرب الوضع أكثر من ذلك

ويتعقد

أكثر وأكثر ويصبح احتمال عودة أشرف لابنتها مستحيلة….

ارتفع حاجبي “دلال” وصاحت واضعة يديها على خصرها بحركة شعبية:

-مالك سكتي ليه

واكلة

سد

الحنك

..على العموم انا جاية عشان حاجتين ملهمش تالت.. أول حاجة

اشكريلي

بنتك انها سابت ابني..أصل النسوان اقدام وقدم بنتك

مقولكيش

..اليوم اللي

سابته

فيه ورثنا ملايين….

تاني حاجة بقى شيطانك

يوزك

تزقي

بنتك على الواد تاني

وتحاولي

ترجعيهم

لبعض مش هتلاقي غير

شبشبي

…بنتك دلوقتي مش من مستوى ابني المليونير يا حبيبتي…سل

توقفت عن إتمام الجملة قائلة

بتشفي

:

-ولا اقولك مفيش سلام عليكم خسارة فيكي …

غادرت وتركتها تكاد تأكل أناملها

ندمًا

أوصدت

الباب واتجهت نحو غرفة ابنتها والتي باتت لا تخرج منها منذ أن علمت ذلك التبدل الذي حدث لـ أشرف..

فتحت الباب وقالت

متحسرة

:

-شوفتي دلال جاية

تغيظني

ياخيبتك

يا عفاف…يا

خيبتك

استحملناه

كل ده..

وجاية

يا بنت الفقيرة

تسبيه

في اليوم اللي

اغتنى

فيه…اقول عليكي ايه يا بنت بطني..بس صحيح

فقرية

زي أمك….

رفعت “زينة” بصرها

ترمقها

ببرود متذكرة ذلك اليوم التي تركته به وعلمت بما حدث معه…

“عودة بالذاكرة”

أصوات عالية صاخبة تأتي من الخارج

تزعجها

وبشدة…بل وجعلتها تخرج كي ترى سبب هذا التهليل وكأنه هناك حفل زفاف…

وجدت والدتها تقف في الشرفة

وتستفسر

من إحدى جيرانها من خلال النافذة:

-هو في إيه يا ام عبدالله…

-أنتِ

معرفتيش

مش سلطان

طلعله

قريب و ورثوا ملايين…ودلال و ابنها جابر عملين

هوليله

..بنتك حظها من السما دلوقتي أشرف يعيشها في فيلا بدل البيت اللي

خدوه

ويجبلها

عربية…

وميخليهاش

عايزة حاجة…

برقت عين “عفاف” بصدمة ليست

بهينه

فكانت منذ لحظات تبارك لابنتها

لتخلصها

من ذلك الفقير العاطل…والآن تدرك بأنه قد بات مليونير….

احييييه

..

“عودة إلى الوقت الحالي”

عادت عفاف تصرخ عندما لم تجد أي رد فعل منها:

-أنتِ يا بت مش بكلمك…

قابلت “زينة” صراخها تلك المرة بصراخ

يفوقها

بمراحل والدموع تهبط من عيناها:

-سبيني بقى ياما سبيني..أنتِ السبب.. كله منك…قعدتي تزني على وداني..تزني…تزني…لحد ما

خلتيني

سبته…

ارتاحي

بقى

وانبسطي

ارتفع حاجبي عفاف وقالت مدافعة عن ذاتها:

-لا فوقي أنتِ

سبيته

عشان أنتِ عايزة كدة مش عشان انا

بزن

…لو

حبتيه

بجد يا بنت بطني مكنتيش

سبيته

……

انتهت مغادرة الغرفة تفكر في حل ما..بينما دخلت زينة في نوبة بكاء تتمنى عودة عقارب الساعة

…..

***********

حك “جابر” رأسه متقدمًا من أخيه عابد الذي يوليه ظهره ويظهر عليه

شروده

…غضبه…حزنه…

-عابد…

لم يجيب عليه

فكرر

هتافه

من جديد بنبرة أعلى:

عـــابـــد

.

فاق من أفكاره السوداء ومشاعره

المذبذبة

مطالعًا

إياه بجانب عيناه دون أن يلتفت إليه.

-مش انا أخوك حبيبك…

توأمك

.

رفع عابد رأسه للأعلى

بتأفف

مدركًا على الفور بأنه سيطلب منه شيء ما..

استدار بجسده تلك المرة والغضب يقفز من عينيه..متسائلا بنبرة مفتعلة:

-بلاش الأسطوانة

الحمضانة

دي

وخش

في اللي انت عايزه علطول…

تنحنح جابر بخفوت قبل أن يجيب بصوت شبه معدوم..فقط شفتاه التي تتحرك…

قطب الآخر حاجبيه وقال

مدهوشًا

:

-انت بتقول إيه..ما تكلم يا عم..

تحدث من جديد ولكن تلك المرة بصوت خافت بالكاد وصل للآخر….

شعر عابد

بالمقط

فصاح به:

-عنك ما اتكلمت..اخفي بقى من قدامي حالا …

أوشك على المغادرة لولا اندفاع جابر تلك المرة متمتم بصوت عالي:

-عايزك تعلمني السواقة

حالًا

اخوك عايز يتعلم…عايز اسوق…يلا عشان تعلمني كدة كدة امك و ابوك لسة في الحارة

وقدامهم

وقت وانت الوحيد اللي بتعرف تسوق فينا….

استنكر عابد ما قاله وسخر بتهكم:

حالًا

بالًا

…غور من وشي مش

فايقلك

….

خطى عدة خطوات يبحث عن نضال..خليل…أشرف…مخمنًا دخولهم المنزل…

قطع جابر عليه الطريق تزامنًا مع خروج نضال من الداخل كي يستفسر عن شيء بالمنزل…

-ياض…ياض ده اخوك حد يقول

لاخوه

لا..

ويرفضله

طلب وبعدين مش انت اولى من الغريب….وحياة امك يا شيخ

لتعلمني

…بالك لو علمتني

هحبك

فوق الحب حب…

تساءل نضال متناسيًا ما يريده

منشغلًا

بهم:

-في إيه؟؟

اجابه عابد بأنفعال:

-عايز يتعلم السواقة…

ابتسم وجه نضال وصاح

مستحسنًا

الفكرة:

-الله حلوة علمه وهو يعلمني وانا اعلم أشرف وأشرف يعلم خليل…..

عض عابد على شفتاه

وحدق

بالأثنان

بغيظ…

**************

يقف “مروان” أسفل درجات الدرج يراقب العشر فتيات أمامه وهم يرتدون ملابسهم المخصصة للرياضة…

ويهبطون

واحدة تلو الأخرى ومن بين فمه يطلق

صفيرًا

عاليًا يشجع إياهم….

وقعت عينه على “فجر” الأخيرة فوجدها لا ترتدي مثل البقية فصرخ بها:

ملبستيش

ليه يا بنت اخويا؟؟

تذمرت

“فجر” عاقدة ذراعيها أمام صدرها مجيبة على مضض:

-مش عايزة أجري انا ده انا بطلع السلم بالعافية…وبعدين هجري ازاي بالنقاب….اجروا انتوا وانا

هشجعكم

….اقولك خد أحمد معاك بدالي ولا انت

بتفتري

علينا احنا بس

اكمننا

بنات

مكسورين

الجناح…

رمقها

بنظرات قاتلة ثم التفت نحو بقية الفتيات اللواتي يكتمون ضحكاتهم..

-جاهزين يا أبطال….

-جاهزين يا ميرو…

أجابوا عليه بنفس واحد

فأتسعت

بسمته وقال وهو يبدأ بالركض:

-هيا نذهب لمحاربة الشيخوخة..والكسل…

هنلف

عشر مرات

حولين

البيت..واللي

هتفكر

تخلع هخلي أيهم يخلع

سنانها

كلها…

لحقوا به للخارج وبدأ

ركضهم

حول المنزل….

بعد ثوانِ كانت “وعد” تصارع في التقاط أنفاسها فتوقفت عن الركض وفعلت كلا من ثراء..داليدا…أبرار..داليدا…المثل….

فصاحت وعد موجهة حديثها نحو وئام و وثراء:

-هو ابوكم ده

مبيتهدش

…ايه الصحة دي

جايبها

منين..انا نفسي

اتقطع

وافقوا الفتيات على حديثها وفجأة جاء صوته من خلفه :

-يلا يا ماما أنتِ وهي…يلا يا بت…

عايزكم

شعلة نشاط…

وتجروا

ولا

اجدعها

كلب بوليسي

بيجري

ورا حرامي…

طالعته “داليدا” فوجدته لا يتوقف عن الحركة والقفز لأعلى وأسفل….بينما صاحت وعد:

-تصدق أن أنا اللي

هجبلك

كلب في البيت ده…وبعدين كان فين فكرة الكلب دي قبل ما الحرامي ابن الحرامية يجي ويدخل البيت……

-أنتِ

هتقعدي

تحكي يلا…محدش يوقف تاني…يلا…

ركض من جديد وهم خلفوا

لاحقين

ببقية الفتيات…

وبعض لحظات كانت الصورة

كالأتي

…مروان يركض

بالأمام

وخلفه التسع فتيات واحدة تلو الاخرى…

على الجانب الآخر…

يستقل كل من عابد… وجابر السيارة يسيرون بها ببطء شديد أمام القصر الخاص بهم..حيث كان

يلقنه

درسًا

حول كيفية القيادة تاركًا اياه يحاول تولى امره بنفسه والقيادة بصورة سليمة…

-أيوة جدع براحة بقى…وخلي بالك حاول لا تروح يمين ولا شمال…

كانت ابتسامة جابر تزين ثغره سعيدًا بنجاحه بالتعلم..

وجلوسه

مكان عابد…حرك

مقلتاه

ينظر بالمرآة الجانبية..

فالتقطت

عيناه رجل وخلفه العديد والعديد من الفتيات…

ضغط على الفرامل واتسعت عيناه مردد بعدم تصديق:

-يالهوي يا جدعان كل دي نسوان..!!!!!

اخرج رأسه يحدق بالخلف وسرعان ما استطاع تمييز

عُمر

الرجل مخمنًا بأنه أربعيني….

-وقفت ليه يا زفت؟؟؟؟

لم يجيبه ودخل برأسه وراقب مروان من خلال المرآة..ثوانِ و مر مروان من جواره وخلفه الفتيات فأخرج رأسه من جديد وصاح بمرح ونبرة عالية لأقصى درجة:

-مش كتير عليك دول يا جدو…سيب

للغلابة

اللي زيي حبة….

تيبست

ساق مروان بالأرض وكلمة الشاب يتردد صداها

بأذنيه

“جدو….جدو….جدو”

لكز

عابد أخيه بغضب وقال بشراسة:

-أنت متخلف ياض..

كاد جابر يجيب لكن رؤيته لذلك الرجل وهو يعود إليه منعته من الحديث….

اغمض عابد جفونه من رؤيته لـ مروان والد محطمة فؤاده يقترب منهم والغضب يرافقه….

ضرب مروان على السيارة بكف يده

صارخًا

:

-مين ده اللي جدو…انزلي يا حيلتها…

-حيلتها!!!! لا وسع كدة بقى…

قالها جابر

مستنكرًا

وبوجه قاتم…بينما افسح له مروان وسمح له بالنزول…

أما عابد فكان بعالم آخر بعدما التقطتها عيناه من بين جميع الفتيات…شعر

بوجزه

تصيب قلبه…خاصة أنها لم

تلاحظه

مثلما فعل…بل انشغلت مع والدها الذي يتشاجر مع أخيه الوقح….

-أنا

جدووو

ياض…مش شايف نفسك ولا إيه ده انت

شحط

يالا…

أصر جابر على موقفه وقال بنبرة اثارت اعصاب مروان:

-جدو وستين جدو…

تشبث مروان بملابسه فوضع الآخر يده فوقه بصدمه مما يفعله وغضبه لتلك الدرجة من كلمة بسيطة خرجت من فوه…

اشكالك

دي انا عارفها كويس..ده انا صايع قديم يالا..ومش هتيجي حاجة في

صياعتي

….

فبلاش

روشنة

واتكل

على الله…

هبط عابد بتلك اللحظة من السيارة

مستجمعًا

شتات نفسه وقلبه في آن واحد….

بينما تمسكت كلا من ثراء و وئام بذراع محاولين

افلات

الشاب من قبضته….

-خلاص يا بابي….

صاحت وعد تلك المرة صارخة به راغبة في إشعال الأمور سعيدة بما أوصل الشاب مروان إليه:

-خلاص ده ايه!!! ده قاله يا عجوز…بقى مروان الشباب عجوز..

متسكتش

يا مروان….

رفعت “داليدا” حاجبيها بنفاذ صبر وتبادلت النظرات مع أبرار…وصل مغزى نظراتها

للأخرى

فتسلل

الأثنان وعادوا للمنزل….

وقف عابد جوار جابر محاولًا الاعتذار لـ مروان:

-أنا آسف لحضرتك..هو بس دماغه

مفوته

مبيعرفش

هو بيقول إيه….

صُعقت

“وئام” من ظهوره أمامها من العدم بل ودفاعه عن الشاب الفظ ذلك…من المؤكد أنه صديق له…

لم تفقه ما يحدث..وما الذي جاء به إلى هنا…فقالت

مصوبة

حديثها لأبيها:

-خلاص يا بابي..العرق

هينشف

على جسمك يلا نكمل….

دفعتها وعد وأخذت مكانها جوار مروان مرددة:

-عرق ده ايه دلوقتي…مروان لو انت

هتسكت

انا مش

هسكت

…الواد ده لازم يتربى…

ربيه

لو سمحت….

-آه انا عايز

اتربى

..ربوني…لو التربية هتبقى على

ايدكم

انا موافق….

هتف جابر بوقاحة

وفظاظة

وعيناه لا تفارق مروان

متحديًا

إياه…

لم يتردد “مروان” بتلك اللحظة تحديدًا بتسديد لكمة إليه كي يكف عن وقاحته أمام الفتيات….

متمتم بتحذير:

-لو شوفت وشك هنا تاني

اترحم

على نفسك…غور من هنا أنت وهو..دي منطقة محترمة

وهتفضل

طول عمرها محترمة….

ابتسم “جابر”

مستفزًا

إياه:

-قول يارب…بس افتكر يا جدو اني

هشوفك

كتير..ولولا انك راجل كبير كنت علمتك الأدب…وعلى فكرة

هتشوفنا

كتير عشان احنا

المُلاك

الجداد

للقصر الفخم ده…

برقت عين مروان بينما رددت وعد وهي تهز ذراع مروان :

-الحق يا مروان بيقولك

مُلاك

القصر اللي قدامنا يعني بقى جارنا

وهتشوفوا

كتير….

نظرت “وئام” نحو عابد والشكوك

تتسللها

ولكنها تحاول

تكذيبها

..مرددة مع ذاتها بأنه صديقه..وليس

غريبًا

بأن يكون إحدى اصدقائه ثري..من المؤكد صديقه…

لم

يتمهل

“عابد” اكثر

دافعًا

“جابر” عنوة كي يصعد السيارة

ويختفون

عن أعين مروان

المصدومة

فكل ما يشغله بأن ذلك الوقح بات جارهم واحتمال مقابلته للفتيات

ستكن

كبيرة…..

اعتذر عابد لـ مروان نيابة عن شقيقه الأحمق:

-أنا اسف لحضرتك نيابة عنه….

تلهفت

وئام لمعرفة الصلة بينهم

وتتأكد

بأنها صداقة فقط لكن حديثه لم يوضح شيء…

استقل السيارة وتحرك بها والجًا

قصرهم

أمام أنظارهم…..

*************

-يالهوي اتخانقت مع جارنا الجديد يا عديم

الرباية

والدم…يقولوا علينا ايه..

معرفناش

نربي؟؟؟؟!!!

عايزهم

ياخدوا عنا فكرة وحشة..

رددت دلال بصدمة فتحدث “أشرف” من زاوية فمه ساخرًا

غاضبًا

من احتكاك أخيه معهم:

-لا

متقلقيش

ياما باللي عابد حكاه هما خدوا خلاص مش لسة

هياخدوا

…ده بيقولك

عاكسهم

وهما ماشيين مع أبوهم…

اندفع “جابر” بالحديث ولم يدري ماذا يقول

فأردف

بالترهات

بأنفعال:

-بس متقولش بناته ده شكله

شاقطهم

بقى كل دول بناته ليه

هرقليز

زمانه…

عض عابد شفتاه السفليه غيظًا وصاح قبل أن يغادر من امامهم:

-الرد عليك خسارة…عيل غبي..اقسم بالله غبي…

تابعه بعيناه

صارخًا

عليه:

-احترم نفسك..واحترم الخمس دقايق اللي بينا..

بارحت

دلال مكانها منتشلة اياه من قميصه متمتمة من بين اسنانها:

بتتخانق

مع الجيران انت متعرفش أن النبي وصى على سابع جار…

جاء دور خليل

مردفًا

بسخرية:

-هيعرف منين..كفاية عليه

السرمحة

والهلس

بتاعه….

علق بملامح

عابسة

معترفًا

:

-يا سيدي انا راجل

هلاس

وبحب

الهلس

خليك انت في حالك…يا شيخ خليل…

تبادل أشرف وخليل النظرات والبسمة تكاد ترتسم على

فوهم

دهش جابر من نظراتهم المتبادلة فصاح

بتشنج

:

-بتضحك على ايه يا بغل أنت وهو…

ثم حول

انظاره

تجاه دلال التي رفعت حاجبيها له

وتحركهم

بسرعة

وقسماتها

يظهر عليها الذعر

والتحذير

ابتلع جابر ريقه والتفت خلفه ببطء فوجد أبيه يقف خلفه مباشرة وبجواره نضال يكتم

ضحكاته

بصعوبة…

ابتسم له مردف بخوف:

-ازيك؟

جذبه سلطان بعنفوان ثم صدح صوته

بالأرجاء

محذرًا

إياه:

-شغل

الصياعة

والهبل

بتاعك ده انا مش عايزه والا وربنا

هرميك

من البيت من غير ولا مليم

واخليك

تمشي

تشحت

في الشوارع…

انكمشت

ملامح جابر وصاح بنبرة شبه باكية:

-هو أنا مش ابنك يا حاج..بتعمل معايا كدة ليه يعني يوم ما ربنا يديك

تفتري

على الخلق…

-مش عايز كلام كتير سمعت ولا لا…

رد

بخنوع

مجبر:

-حاضر..اللي تشوفه يا أبي…

ضحك خليل بخفة ومال هامسًا على أذن أشرف:

-ده لسة

متقمص

دور مُدرس اللغة العربية…

أنصت إليه أشرف جيدًا

وتبسم

على كلماته ثم مال هو الآخر وهتف بخفوت:

-حاسس كدة والله أعلم أن جابر

هيتنفخ

من ابوك..

أكد خليل

مؤيدًا

:

-نفس احساسي..ادينا

بنتفرج

..

دوى صوت “سلطان”

مجددًا

قائلًا:

متقفش

كدة وخلي ليك لازمه شوية واخرج ساعد الناس برة يلا…

استجاب له على الفور

مهرولًا

للخارج

بذعر

وخوف طفيف….

**************

ضرب مروان على قدميه أثناء جلسته بمنتصف الصالون موجهًا حديثه لبقية أبناء أعمامه:

-أنتوا ايه

برودكم

ده..بقولكم في واد سافل وحيوان

ومهزق

كمان سكن في القصر اللي قدامنا بضبط…ومعاه واد كدة نظراته مش

مريحاني

بس شكله اخوه…واحنا عندنا بنات..وكدة الوضع بقى خطر..والواد ممكن

يغرغر

بأي واحدة فيهم…

تأفف بسام من أخيه وعقب بسخط

فحديثه

لم يعجبه بالمرة:

-أنت إيه اللي بتقوله ده؟؟ بنات مين اللي

يغرغر

بيهم…هو انت فاكر أن كل الرجالة زيك يا مروان..أنت اللي اكيد دماغك

حدفت

شمال..وبعدين ما

يسكنوا

ايه المشكلة..

وافق البقية على حديث بسام

وأردف

أيهم:

-مش ناقصين جنان وحياة امك يا مروان.. اعقل بقى كدة

وملكش

دعوة

بالواد

..واصلا كل واحد هيبقى في حاله..

اهمد

بقى…

هز سليم رأسه

مستحسنًا

حديثهم:

-بضبط

اهمد

بقى..

قال الأخيرة وهو يغادر من أمامه ولحق به كلا.. بسام…أيهم..اياس..آدم…

بقى “مروان” بمفرده فعاد يضرب على قدميه بغيظ

مفكرًا

في حل لإبعاد هذا الشاب قدر الإمكان عنهم

فالقلق

والشك والخوف على بناته وبقية الفتيات يملأون قلبه:

-اعمل ايه ياربي…

اطفشهم

ازاي..

اوهمهم

أنه البيت مسكون وفيه عفاريت….

***************

بينما في الاعلى دخلت الفتيات في نوبة من الضحك وهم يقصون على

والداتهم

ما حدث معهم ولما جن جنون مروان…

وضعت مريم والدة (فجر) يديها على فمها بصدمة مرددة:

-كل ده حصل..كويس أنه الواد

ممدش

ايده على مروان

وطحنه

ردت “ثراء” مبدية رأيها فيما حدث بين الشاب و والدها:

-على فكرة بقى بابي هو اللي

افور

…الولد كيوت خالص…

نهرتها

“وعد”على الفور مرددة:

-أنتِ هبلة يا بت..ده متحرش..ده لو كنا لوحدنا ده كان

ضايقنا

وياريت كان يحصل كنت حصرت أمه على شبابه…و روحت فيه في داهية…

ضحكت “رحمة”

بأتساع

ونظرت لكلا من علياء…روفان…تقى …مريم متمتمة وهي تضرب على صدرها برفق فخورة بحديث ابنتها:

-تربيتي…

أما “وئام” فقامت

بمبادلة

وعد صراخها مخرجة تلك الشحنة بداخلها من الغضب

متعللة

بتطاول

الأخرى على أختها:

-ما تلمي نفسك يا وعد..

ومتشتميهاش

…والا والله

هجيبك

من شعرك…

ارتفع حاجبي وعد وصرخت بتهليل صاعدة أعلى الفراش:

-هو حد كلمك يا بت أنتِ ولا هو جر شكل وخلاص….

اوشك ذلك الشجار الطفيف أن يمتد لاخر عنيف وربما تتشارك به أيديهم…

فأوقفته

روفان قبل أن يبدأ

مصفقة

بكلتا يديها:

استوووب

…عيب كدة أنتِ وهي..

مبتحترموش

بعض على الأقل

احترمونا

….يلا كل واحدة على

اوضتها

يلا….

بعد ساعتين..

فارقت “رحمة” المطبخ متجهة صوب الباب كي تقم بفتحه و رؤية ذلك الطارق…

لحظات وكانت تفتحه لتجد أمامها امرأة في نهاية الأربعينات ترتدي عباءة سوداء

وطرحة

سوداء تخفي خصلاتها عن الأعين…بينما كانت ابتسامتها بشوشة لاقصى درجة مرددة بهدوء:

-سلام عليكم..

ردت “رحمة” بترقب مبادلة إياها بسمتها:

-وعليكم السلام…

اتسعت بسمة المرأة أكثر وهي تردد بفخر:

-طبعا

متعرفنيش

..انا دلال

جارتكم

الجديدة..وقولت

لازمًا

ولابد اجي اشقر عليكم..ونتعرف..في الاول والاخر احنا جيران..والنبي وصى على سابع جار..

استشعرت “رحمة” لطف المرأة

فمدت

لها يدها مقدمة ذاتها:

-عليه افضل الصلاة والسلام..اهلا بيكي يا حبيبتي..انا رحمة..اتفضلي..

استجابت لها دلال

وبادلتها

تحيتها

بالأيدي ثم دخلت منزلهم وعيناها تجوب بكل انش بالمنزل قائلة باعجاب:

قصركم

شيك لا وحلو العفش شكله غالي..

أشارت لها رحمة نحو الأريكة كي تجلس عليها

واستآذنت

منها لثوان…ثم عادت من جديد لكن ليس بمفردها بل معها روفان…علياء…مريم..تقى…

رحبوا بها بحرارة وجلسوا رفقتها فقالت

معتذرة

منهم عما بدر من أبنها:

-الولا عابد ابني

حكالي

على اللي حصل انهاردة من اخوه…وجيت عشان

ميبقاش

بينا زعل…اصلا ابني جابر ده محدش

بيزعل

منه..دماغه

مفوته

..

واهبل

…بس والله غلبان وطيب وعلى نياته…كل ولادي

غلبانين

لابوهم

…و

شقيانين

طول

عُمرهم

مبيحبوش

قعدة البيت وبذات جابر…رغم أن غيرهم ممكن يقعدوا مدام مولودين وفي

بوقهم

معلقة دهب..بس هما ابدا..حتى الفلوس بتاعة ابوهم

مبوظتش

أخلاقهم…

ابتسمت لها “علياء” وقالت:

-ربنا

يخليهوملك

يارب…

-يارب..المهم الكلام خدني ونسيت اقول اللي جيت

عشانه

..احنا

هنستناكم

انهاردة على العشا…عشان يبقى بينا عيش وملح…

اوشكت روفان على الحديث

والاعتذار

منها مدركين رد فعل مروان فلم تعطي لهم فرصة وقالت وهي تنهض:

-والله أبدًا لازم تشرفونا كلكم

ومعاكم

بناتكم

ونصلح

سوء الفهم اللي حصل انهاردة ده….

يتبع.

فاطمة محمد.

تفاعل حلو بقى وقولولي رأيكم توقعاتكم ❤️💫

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق