رواية كارثة الحي الشعبي الفصل السادس 6 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل السادس

الفصل السادس

الفصل السادس

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل السادس:

تشبث “جابر” بطرف العباءة الخاصة بوالدته يمنعها من استرسال تلك الدرجات التي تؤدي إلى الطابق التي تسكن به “زينة” وعائلتها…مردد بترجي وتوسل:

-وحياة عيالك يا شيخة ما تكلميها ابنك لو عرف أن انا اللي قولتلك هينفخني يرضيكي اتنفخ ياما؟؟؟ هل يرضيكي أن يتم نفخي كالبالون؟!

نفضت يداه صارخة بوجهه:

-ابعد عن وشي الساعة دي يا واد بدل ما افرقعك انا كالبالون…

أنكمش وجهه وكأنه على وشك البكاء متابعًا صعودها وطرقها بكف يديها بقوة على باب منزلهم مهللة بحنق واضح:

-افتحي…افتحي يا عفاف…

فتحت لها “عفاف” بحاجب معقود مرددة بتهليل هي الأخرى ملوحة بيديها بالهواء:

-ايه الهمجية دي يا دلال؟؟؟ولا صحيح هتوقع إيه منك ده أنتِ عندك بلطجية في البيت..لازم يبقى ده اسلوبك…

شهقت دلال وضربت كف على الاخر تسخر من حديثها معقبة:

-ولاد مين اللي بلطجية يا عفاف…مالك يختي شايفة نفسك على إيه…ولا هي القرعة بتتباهى بشعر بنتها….

ابتلع “جابر” ريقه فقد بات خلفها تمامًا يتابع ذلك الشجار وهو يكاد يضرب على وجهه ندمًا على ما فعله من قص ما حدث عليها..

مال عليها ما أن انتهت من جملتها الأخيرة مصححًا لها:

-غلط ياما بتردحي غلط..اسمها القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها..مش بنتها ياما…

لكزته بعنف مرددة بشراسة:

-اخرس أنت…

في ذات الوقت وصلت أصواتهم لـ “زينة” التي كانت تجلس بحجرتها..فخرجت على الفور مقتربة منهم بقلق وقسمات تليح عليها الدهشة من شجارهم ذلك متسائلة عما يجري لكن لم يهتم أحد بأجابتها…

بينما تابعت “دلال” بحاجب مرفوع ونبرة مشتعلة:

-قوليلي بقى مالك وشايفة نفسك على ابني ليه…مستكترة بنتك عليه على ايه…عشان دكتورة ايه يعني لا هي أول ولا آخر واحدة تبقى دكتورة…ده انا ابني ده تتمناه أي واحدة فيكي يا منطقة….

ضحكت “عفاف” بهزل راغبة في إشعال الأمر حتى تخرب تلك الزيجة مقررة اخراج اسوء ما بـ دلال عن طريق استفزازها:

-آه يا دلال بنتي كتير على ابنك…ولو أنتِ ابنك تتمناه أي واحدة فـ أنا بنتي مش قليلة…

ضحكت الأخرى باستهزاء مرددة:

-طبعا ما القرد في عين امه غزال….وبنتك غزالة في عينك.. والله شكلكم عاملين عمل لابني عشان يمسك فيها كدة…اه اكيد ابني معموله عمل والا مكنش بصلها اصلا…

-نعم نعم يا حبيبتي…مين دي اللي قردة ومين ده اللي نعمله عمل..الأعمال دي يعرفها اللي زيك…

ضرب تلك المرة “جابر” وجهه وردد بخفوت وحسرة:

-يا شبابك اللي هيضيع يا جابر..دول بيردحوا لبعض يا جابر…

خرجت زينة من صدمتها مما يحدث وهتفت تلك المرة بصوت عالي توقفهم عما يفعلونه من فضيحة أمام الجيران الذين فتحوا أبوابهم متابعين تلك المشاجرة والمشاحنة بين الأثنين….

-عيب كدة يا جماعة..خلاص يا ماما…خلاص يا طنط..ماما مش قصدها..وبتحب أشرف والله…

اتسعت عين “دلال” وقالت موجهه حديثها لـ جابر:

-شوف البت اللي ربنا هيسخطها قرد بتحلف كدب..قال امها الحيزبونة دي بتحب ابني..اش حال ما كانت سمت بدنه امبارح والواد راجع وشه اصفر و متعكنن عليه….لا يا عفاف…لا والف لا…ولادي خط احمر…ده اللي يفكر بس يضايقهم اكله بسناني…امص دمه من غير ما اقول يع…فوقي ده الدنيا كلها في كفة و ولادي في كفة….

سعدت “عفاف” بما يحدث ولما وصلت إليه الأمور فردت عليها بهدوء واستفزاز:

-أنا مش هرد عليكي عشان الرد عليكي خسارة..

انتهت دافعة ابنتها للداخل بقوة ورغمًا عنها…صافعة الباب بقوة في وجه دلال التي برقت عيناها من جديد وقالت مشيرة نحو الباب متساءلة:

-واد يا جابر هي قفلت الباب في وشي ولا انا متهيألي…

رد جابر وهو يحك رأسه:

-لا متهيألي أنه متهيألك….

بالداخل…

قالت “زينة” من بين أسنانها:

-ليه يا ماما كدة…ليه حرام عليكي بقى…

-انا اللي حرام عليا…ده انا في بيتي وهي اللي اتهجمت عليا من غير ما اكلمها…بقولك ايه انسي انك تجوزيه دي امه بكرة تشرشحلك وتوريكي النجوم في عز الضهر….

عضت على شفتيها تكبح دموعها وإجابتها بنفاذ صبر متخطية إياها:

-أنا مليش دعوة بكلامك ده…ولا باللي انتوا بتعملوه انا وهو بنحب بعض تقبلوا ده بقى….وسبونا في حالنا..ده إحنا ولادكم مش اعدائكم….

**************

-ها يا وئام ايه بقى اللي حصل وعايزه تعرفهوني؟؟؟؟

طرحت “علياء” التي تجلس خلف مكتبها الخشبي الصغير المطلي بلون أسود لامع سؤالها على ابنتها التي تجلس أمامها مباشرة وتقابلها بالجهة الأخرى ثراء التي تمعن النظر بتوأمتها لا تدري ماذا تفعل ؟؟؟

أخذت “وئام” نفسًا عميقًا قبل أن تردف بضيق بسيط:

-هقول لحضرتك بس في حضور فاتن…

حركت رأسها متمتمة بنبرة شبه هادئة:

-ثراء ممكن تنادي فاتن؟؟

نظرت “ثراء” لوالدتها التي كانت تشعر بالفضول كي تدري ماهية هذا الأمر…

اماءت لها علياء بموافقة فنهضت ثراء على الفور كي تأتي بتلك الفتاة…

لحظات مرت حتى انفرج الباب ودخلت منه ثراء وخلفها فاتن التي حملقت بـ وئام تلك الشيطان المتجسد بجسد فتاة فاتنة.. خاطفة للأنفاس.

جلست ثراء بينما ابتلعت فاتن ريقها بصعوبة مجمعة شتاتها متمتمة بثبات زائف:

-حضرتك عايزاني؟

-لا أنا اللي عايزاكي…

قالتها وئام بنبرة خبيثة عابثة استطاعت ثراء تمييزها..خاصة تلك النظرة المتحدية التي تطلق من عيناها كالسهام..

مدركة للتو بأن شقيقتها تتلاعب مع تلك الفتاة بل وتتلذذ كثيرًا بما تفعله بها من تخبط وتذبذب..

حركت رأسها بيأس فلن تكف وئام عن تلك الأمور..فدائمًا ما تحب تضيع وقتها بتلك الأمور التافهة….

حولت “وئام” رأسها نحو والدتها قائلة:

-امبارح فاتن كلمت حضرتك وقالتلك على الحوار الفاكس بتاع المندوب ده….و

قاطعتها علياء مكررة تلك الكلمة التي لم تحظى اعجابها..او لم تفهم مغزاها:

-فاكس !!

-آه فاكس…عشان الآنسة عايزة تخلص مني…اصلي تقيلة على قلبها فقالت تكلم حضرتك وتبلغك اني خرجت مع عابد…وطبعا لما حضرتك تعرفي كدة هتقلبي عليا وممكن تعاقبيني…..

قالتها وئام دون مقدمات وبصراحة مطلقة..جعلت علياء تتساءل من جديد:

-هو في إيه بضبط؟؟؟؟؟

علقت وئام بحزن مصطنع:

-فيه انها مش بطيقني..بتكره وجودي انا وثراء…

هنا واندفعت فاتن بالحديث مدافعة عن ذاتها:

-محصلش…

-لا حصل تنكري انك كنتي في الحمام امبارح انتي وصاحبتك وكنتي بتشتمي عليا..وبتغلطي فيا…وانا عشان قلبي طيب مردتش ارفدك…بس توصل انك تكلمي مامي وتتبلي عليا ده اللي مش هسمح بيه….

رددت الأخيرة وهي تصرخ بوجهها تحت مراقبة كلا من علياء وثراء….

لم تجيب فقط ترمقها بكره ليس له مثيل…بالله لم تكره في حياتها أحد مثلما تكره تلك…..

بينما قالت علياء معنفة ابنتها:

-وئام اتكلمي باسلوب احسن من كدة…

ثم نظرت لـ ثراء متحدثة بنبرة آمرة:

-ثراء خدي اختك وأخرجوا دلوقتي…

لم تجادلها واستجابت لها مفارقة الغرفة رفقة اختها تاركة فاتن رفقتها…

وما أن أغلق الباب حتى نهضت علياء و وقفت قبالة فاتن قائلة:

-الكلام ده حصل ولا ؟؟؟

اغمضت فاتن عيناها تكظم غيظها…وأي شعور شيء يعتريها بتلك اللحظة…محاولة إيجاد حل كي لا تخسر عملها…وتخسر رؤيته…

ادركت علياء بذلك الصمت أن ابنتها محقة فقالت:

-تمام…فهمت…بصي يا فاتن أنا مبحبش اقطع رزق حد.. وأنتِ صغيرة واي حد ممكن يغلط…عشان كدة هعتبر نفسي معرفتش حاجة…وهسيبك تكملي معانا…بس لو سمعتك بتكلمي عن بناتي مش هتردد لحظة في اني امشيكي.

في ذات الوقت بالخارج…

تقف ثراء قبالتها مرددة بصوت خافض:

-في ايه بينك وبين البنت دي عملتلك ايه يا وئام؟؟؟ أنتِ مش هتبطلي بقى؟؟؟

عقدت وئام حاجبيها وقالت مندهشة:

-ابطل ايه بضبط…

-تبطلي تفاهة وشغل كي جي ده…انا عايزة اعرف بتستفادي ايه لما بضايقي في الناس كدة….

حركت كتفيها بهدوء مجيبة بلامبالاه:

-اليوم بيبقى سبايسي…بزهق من الروتين…لازم شوية اكشن وتغيير..والبت دي بقى بذات هي اللي جبته لنفسها…دي شتمتني يا ثراء..

تأففت ثراء وأجابت عليها محاولة ردعها عما تفعله…والايقاف عن تلك السخافة والاذى…لكنها لم تسمع أي شيء..لتركيزها مع عابد الذي كان يناظرها من حين لآخر…

ابتسمت بتسلية وبدأت هي الأخرى باختطاف النظرات إليه….

انتبهت ثراء لـ شرودها وتلك الابتسامات التي تمنحها له…فقامت بغرز اظافرها بلحمها مما جعلها تتأوه وتنظر لها بغضب ناري…

-ايه الغباوة دي يا ثراء….

-تستاهلي عشان مهزقة بكلمك وأنتِ اخر قلة ادب..ما تروحي تبوسيه احسن…ايه الهبل ده؟؟؟؟؟!!! انا مش مصدقاكي بجد؟؟

ردت وئام بسخرية وبسمة واسعة مغاردة من أمامها بعدما التقطت عيناها فاتن التي تخرج من مكتب علياء:

-عنك ما صدقتي…

************

صدح رنين هاتفه أثناء انشغاله مع إحدى الزبائن فتجاهل الأتصال حتى ينتهي معه وبعدها يرى من المتصل…

لحظات وكان الرجل يغادر الصيدلية ولم يتبقى سوى تلك الفتاة التي تنشغل بالحديث مع زميلته بالعمل…رمقهم بنظرة سريعة مخرجًا هاتفه فوجدها زينة..

كاد يهاتفها لكن تعالى رنين هاتفه من جديد معلنًا عن اتصال من والدته…

قطب حاجبيه وبدأ الشك والقلق يتسللان قلبه..فقال بخفوت قبل أن يجيب عليها:

-استر يارب الاتنين بيتصلوا ورا بعض…!!!

رد على “دلال” التي لم تعطيه فرصة للتحدث صارخة بتشنج خالعة حجابها عن رأسها دافعة إياه على الفراش بغرفتها:

-اسمع يا أشرف…البت اللي اسمها زينة دي انا مش موافقة عليها…أنت يا بني مش قليل…ومش من حق أي بني آدم يقلل منك…أنت راجل..شقيان..وبتتعب عشان تجيب القرش..اللي يقلل من مجهودك وتعبك حط صوابعك الاتنين في عينه خزقهمله وحماتك دي مشفتش رباية…

مسح “أشرف” على جبينه وهتف مستفسرًا:

-ايه اللي حصل ياما ؟؟؟؟

-اللي حصل أني عرفت وشك كان مقلوب امبارح ليه…قلبي كان حاسس ان البومة حماتك عكننت عليك والحمدلله اتاكدت…جابر اكدلي…بس متقلقش أمك في ظهرك وخدتلك حقك..

سب جابر بفظاظة…وتفاقم غضبه نحوه…ومع نطقها الأخيرة ازدادت ضرباته بجنون مغمغم:

-خدتي حقي ازاي؟؟؟ عملتي إيه !!!!!!

-روحتلها وشبشبتلها هي وبنتها وقليلة الأدب اللي مشفتش رباية قفلت في وشي الباب…ولا حبيبة القلب تقولي دي بتحب أشرف الكدابة بنت الكدابة….

قاطعها أشرف متحدث بغيظ وضجر مما يحدث معه وحوله..

-اقفلي يا ماما…اقفلي..لو بتحبيني زي ما بتقولي اقفلي دلوقتي…. عشان بس لساني ميغلطش….

اغلق معها فنظرت للهاتف بصدمة ضاربة على صدرها:

-يالهوي بتقفل في وشي يا أشرف بقى دي اخرتها…يا خسارة البطن اللي شالتك…يا خسارة التسع شهور…يا خسارة شبابي اللي ضاع عليكم هدر….

انتهت من تلك الوصلة من الكلمات المتذمرة…ثم عبثت يدها بالهاتف وجاءت برقم شقيقتها التي ردت عليها على الفور…

فقالت دلال بنبرة باكية قبل أن تبدأ بسرد تفاصيل تلك الحادثة عليها:

-شوفتي يا نجلاء…شوفتي اللي حصل… أشرف بيقفل السكة في وشي وانا في السن ده….

على الطرف الآخر…

فارق “أشرف” الصيدلية واضعًا الهاتف على أذنيه منتظرًا إجابة زينة بملامح لا تبشر بالخير يرغب بمعرفة التفاصيل …

-الو..شوفت يا أشرف اللي حصل؟!

ارتخت قسماته ولانت نتيجة لنبرتها الباكية والذي لم يتحملها وجعلته يتمنى أن يكون جوارها كي يخفف عنها ويزيل لها تلك دموعها الغالية عليه…

-أنتِ بتعيطي؟؟؟؟؟

ردت بذات النبرة التي تغلغلتها تلك المرة بعض الشهقات المكتومة:

-آه يا أشرف بعيط…بعيط عشان اللي المفروض يبقوا معانا ويساعدونا نبقى مع بعض..هما اللي بيبعدونا..

حرك رأسه يمينًا ويسارًا يرفض تلك الفكرة مغمغم برفض:

-محدش هيبعدنا يا زينة…محدش…مش هيبعدني عنك غير الموت أو انك متبقيش عايزاني.. غير كدة انا مستحيل اسيبك…انا محبتش ولا هحب غيرك…

مسحت دموعها بأناملها وقالت ببسمة طفيفة ارتسمت على شفتيها:

-بجد يا أشرف؟؟ اوعدني انك هتفضل تحبني ومحدش هيفرقنا عن بعض…

ابتسم هو الآخر وقال بنبرة عذبة:

-اوعدك يا نن عين أشرف…اوعدك أن محدش هيفرقنا…

صمت ثوانِ ثم تابع بحرارة وخوف من فقدانها:

-وأنتِ اوعديني انك تفضلي جمبي ومتسبينش الا لو روحي فارقتني….

ردت بنبرة سريعة متلهفة:

-بعد الشر عليك يا حبيبي…أن شاء الله انا وانت لا……

-اوعديني يا زينة…عايز اطمن انك جمبي وهتفضلي كدة…

تنهدت مجيبة بهيام:

-اوعدك اني هفضل جمبك ومش هسيبك الا على موتي…….

*************

علت البسمة ثغر “جابر” وهو يرى هذا الكم من الطلاب يجلسون أمامه…

تململ في جلسته على ذلك المقعد الغير مريح بالنسبة له ثم رفع قدميه على الطاولة المتواجدة قبالته موجهًا إياها نحوهم…

ملتقطًا كتاب اللغة العربية وعيناه تجوب عليهم جميعًا…

تبادلوا النظرات وقبل أن يتفوه بأي شيء ظل يحدق بالكتاب قليلًا..

لحظات ورفع رأسه من جديد مردد:

-احييييييه انا نسيت..قيام ياخويا منك ليه..

رد أحدهم عليه بتذمر:

-قيام ليه هو احنا في مدرسة؟؟؟

اخفض قدميه عن الطاولة ضاربًا عليها بكفه مردد بأسلوب همجي:

-آه يا اخويا في مدرسة…مش مُدرس انا ولا ايه…مش هعلمكم وهخليكم تنجحوا وهنقذ حياتكم الدراسية….وبعدين أنت هتتساير معايا….لا بقولك ايه كلام كتير مش بحب…

اتمم جملته مطالعًا كل واحدًا منهم ثم تابع بذات الأسلوب تاركًا الكتاب متناسيًا أمر القيام:

-اول حاجة هدهلكم هي دروس في الحياة..افتحوا ودنكم واستمعوا للي هقوله هذا جيدًا…

متأمنوش لاي صاحب ليه؟ عشان زي ما في شامبو ضد القشرة في صحاب خانت العشرة…..

امك موجودة وابوك موجود واخوك موجود..ابعدوا عن الصحاب….

لم ينل حديثه إعجابهم خاصة عندما استرسل:

-مفيش حد مبيغلطش احنا بشر ولو مكنش في حد بيغلط مكنوش حطوا فوق القلم استيكه….

اتسعت بسمته سعيدًا بما يلقيه على مسامعهم..غير عابئًا بنظراتهم الغاضبة نحوه…

استرسل جابر بحسم مندمجًا بتلك الأجواء ملقيًا على مسامعهم بعض الكلمات التي لا تصلح ولن تفيدهم بشيء:

-الرجولة ضرب نار مش أكل فشار….

والسواقة فن مش عن عن…

لو بتحبها كلم اللي جمبها..

ضربت “دلال” على صدرها فقد جاءت للتو كي ترى ماذا يفعل واستمعت لكلماته الأخيرة:

-يا فضيحتك يا دلال ايه اللي بتعلمه للعيال ده يا واد….لو بتحبها كلم اللي جمبها…!!!!!!!

رد بقلق:

-أو صاحبتها عادي…

انكمش وجهها غيظًا واقتربت منه بخطوات سريعة ضاربة إياه مصححة له:

-لا وانت الصادق لو بتحبها تتجوزها..تراعي ربنا فيها…روح يا شيخ إلهي ربنا

اتسعت عين جابر الذي تفاجأ بقدومها واضعًا يديه على فمها يمنعها من المتابعة متمتم:

-لا ابوس ايدك يا حاجة…اعتبريني توبت….متكمليش..اقولك ادعي لـ عابد هو محتاج الدعوة…

نفضت يداه ونظرات للطلاب أمامها مشيرة نحو ابنها:

-أنتوا عايزين تسقطوا يا عيال…ملقتوش غير ابو ملحق ده!!!

ده مش فالح ده…ده عيل سرسجي…كلامه بيئة مبيعرفش يكلم جملة واحدة لغة عربية…

-ماذا تقولين يا أمي؟؟؟

اتفضحين ابنك أمام العامة!!!!وتفشين سره؟

رباه لا اصدق ما يحدث…..

-افضحه واشرده كمان لو هيضحك على الناس… قوموا يا عيال اهربوا..ده هيسقطكم ده….

انصاع لها الطلاب ونهضوا من مكانهم…لحق بهم جابر واقفًا خلف الباب مردد بنبرة تهديد :

-لو لعبتوا مع الديب استحملوا التعذيب….ارجع ياض انت وهو يلااا ياخويا…

التهمت “دلال” المسافة بينهم وجذبته من ملابسه جابرة إياه على الابتعاد عن الباب:

-وسع ياض يلا يا عيال…يالا يا حبايبي…ولو عايزين تفلحوا متجوش هنا تاني وقولوا لكل العيال اللي في المنطقة…واي حد تشفوه جايله…

-ياما حرام عليكي ياما هو حد مسلطك عليا ده أنا كنت هديهم دروس في الحياة…

قالها بحسرة وانفعال وهو يراقب رحيل الجميع…

ابتسمت دلال وعلقت بسخرية:

-قصدك دروس في الفساد…الخراب..في الشقط…يا بتاع هايدي وجومانا ونهال….قدامي يا واد انا هربيك من الاول يلا يا فاشل….

بعد ساعة.

-قور يا واد البادنجان عدل…وايه ده عورت الكوسة ياللى تنشك…

صرخت “دلال” وهي تجلس جواره تتابع ما يفعله وبين يديها يقبع هاتفها…

-معلش عورتها وجرحت مشاعرها اصل انا قلبي قاسي…

لوت شفتيها وعقبت:

-مهزق..عيل مهزق…كمل تقوير عشان تلحق تحشيه ويستوي يلا….

لم يجيب واسترسل ما يفعله على مضض وصعوبة بالنسبة له…

بينما وضعت هي هاتفها على أذنيها محادثة شقيقتها متبادلة الأحاديث معها من جديد..وفجأة استمع اليها تقول:

-لا لسة مجاش…وبطلي تقطيم فيا ما أنتِ عارفة يا نجلاء مبعرفش أمسك لساني…وكان لازم افوقه…وقولتله أني عرفت وإن الولا جابر هو اللي قالي على عفاف الحيزبونة..

برقت عين “جابر” تاركًا ما يفعل مردد بعدم تصديق:

-نـــعم عملتي إيه؟؟؟؟؟

قولتي لـ أشرف…

رمقت “دلال” ما تركها متفحصة إياها ثم صاحت:

-يخربيتك عورتها يا ولا…

-ده انا هعورك انتِ شخصيًا…

هنا وكان خفها المنزلي يضربه في وجهه..اغمض عيناه وقال:

-طيب شكرًا..انا انهاردة مش في البيت…خافي على ابنك عشان لو فكر يجي جمبي هعوره زي الكوساية دي….

انتهى والجًا غرفته موصدًا الباب خلفه..فصرخت به:

-خد يا واد اومال مين اللي هيعمل المحشي…هو كل حاجة دلال في البيت ده..محدش بيفكر يساعدني…طب مبصعبش عليكم…؟

**************

استغلت “وئام” انشغال والدتها بالهاتف..فمالت على أختها وقالت بخفوت:

-هخرج ثواني وراجعة لو ماما سألت عليا قوليلها في الحمام….

لم تنتظر كي تسمع جوابها وتسللت خارج المكتب…مقتربة من “عابد” الذي كان يقف لا يفعل شيء سوى العبث بهاتفه منتظرًا مجيء المزيد من الزبائن…

انتشلت الهاتف من يديه بحركة مباغتة وجريئة مرددة:

-مخدتش رقمك..وانت مش معاك رقمي…وكدة مينفعش…

تأمل عيناها التي تحدق بشاشة هاتفه ويدها التي تسجل رقمها…ثوانِ وكانت ترفع بصرها ترمقه…قائلة وهي تمد يدها بالهاتف:

-سجلت رقمي..ورنيت عليا…

التقط الهاتف منها مردد ببسمة:

-تمام..

-شوفت ثراء؟؟

رد بتأكيد:

-اكيد مش اول مرة اشوفها يعني شوفتكم كتير…

ابتسمت له معلقة بخبث:

-ده أنت مركز بقى؟؟

رد بذات الخبث واللؤم:

-شوفي بعون الله اللي قدامك ده بيقدر الجمال…

مطت شفتيها بتفكير في حديثه محاولة تخمين إذا كان يتغزل بها.. أم بأختها…

وكأنه أدرك و وصل له ما يدور بجالها فقال :

-ولو عايزة تسأليني مين الأجمل.. فالجواب واقف قدامي دلوقتي…

عضت على شفتيها ولم تتفوه بحرف آخر مغادرة من أمامه…غافلة عن نظرات فاتن وساندي لها…..

*************

في المساء…

طرقات مُلحة على باب غرفة جابر كان صاحبها أشرف الصارخ به:

-افتح يا جابر….وحياة أمي لوريك..ده انت واد عرة….

رد “جابر” من خلف الباب:

-بس متقولش عرة..امك هي اللي مبتسكتش وقعدت تلح اني اقولها ورفعت عليا السكينة يا أشرف كانت عايزة تموتني…يرضيك اني أموت؟؟؟

أعتصر “أشرف” جفونه غيظ وغل بينما ربت “خليل” على كتفيه مهدائًا روعه:

-خلاص يا أشرف اللي حصل حصل..ده قضاء ربنا..ادخل اتوضى وصلى احسن من اللي بتعمله ده….

وافق “أشرف” على حديثه وتحرك مقابلًا والدته في وجهه فقال قبل أن يلج دورة المياه:

-اسمعي يا ماما اللي هقوله ده كويس..انا وزينه بنحب بعض..ومكملين..واللي بتعمليه انتي وامها ده ولا هيفرق معانا….

تركها بملامح عابسة وغيرة تنهش قلبها..

بينما جلس “خليل” جوار نضال الذي يتابع إحدى البرامج..

حمحم “عابد” وجلس جوارهم…مستغلًا عودة والدته للمطبخ…

مطرحًا سؤاله عليهم:

-قولولي…هو لو في بنت مهتمة بيا ده معناه إيه…

ابتسم نضال باتساع وكاد يلقي الكثير من الأسئلة الفضولية لكن سبقه خليل بهدوء وضيق:

-معناه انك تتقي ربنا…وتغض بصرك…عينك دي مينفعش تبص بيها على اي واحدة..النظرة دي حرام…ومفيش حاجه اسمها مهتمة بيك…اصلا مينفعش البنت تبادر بالاهتمام فين الحياء بتاعها؟؟؟؟

قلب “عابد” عيناه من كلمات أخيه…فلزم نضال الصمت مؤقتًا…

وفجأة برقت فكرة في عقل عابد ونهض من مكانه مقتربًا من غرفة جابر ونضال..

طرق على الباب هامسًا بخفوت:

-افتح ياض يا جابر…أشرف في الحمام…

-قديمة يا حيلتها..العب غيرها..عارف أنا الفخ ده..تقولي كدة وافتح والاقي اخوك في وشي ويقوم ساحبني من هدومي…

اغتاظ “عابد” من غبائه وقال:

-افتح يا غبي…بقولك في الحمام..وربنا في الحمام…

تردد “جابر” قليلًا ثم اخفض عيناه ناظرًا من تلك الفتحة الخاصة بمفتاح الغرفة مطالعًا الخارج من خلالها فأدرك صدقه وفتح له…مخرجًا رأسه فقط مستفسرًا منه

-عايز إيه مني…

دفع “عابد” الباب و ولج الحجرة فاغلق جابر خلفه بأحكام…

ثم التفت له وقال:

-مش مرتحلك؟؟؟

حمحم “عابد” ثم قال دفعة واحدة:

-لو في واحدة مهتمة بيا ده معناه إيه؟؟؟؟

ضحك جابر باستخفاف وعقب:

-ايه السؤال الغبي ده اكيد معجبة بيك أو بتحبك…

ازدادت خفقات الآخر بعدما أكد له جابر حدسه…

ابتلع ريقه وقال مستفسرًا:

-طيب والمفروض اعمل إيه ابادلها اهتمامها ده؟؟؟

زفر “جابر” مطولًا ثم اجابه:

-تبادلها اول كام يوم..وبعد كدة تتجاهلها تمامًا…الدلقة وحشة…اتقل على البت عشان تحبك…وتتعلق بيك اكتر واكتر…

شرد بحديثه مفكرًا بها…غير مستمعًا لكلمات جابر الذي استرسل نصائحه وارشاداته…

ظل بذلك الشرود حتى انتشله رنين هاتفه….اخرجه بلهفة مخمنًا بأنها هي… وكان شكه في محله فقد أنارت شاشة هاتفه بأسمها

“وئام”.

خرج من الغرفة ودخل غرفته مغلقًا خلفه مجيبًا عليها بصوت عذب ودقات متسارعة:

-ألو…

-بتعمل إيه؟؟ومتصلتش عليا ليه؟؟

انهمك بالحديث معها لدقائق سرعان ما باتت ساعة كاملة يتسامر معها والبسمة لا تغادره….

**************

مضت ثلاثة أشهر تفاقمت خلالهم أحاديث كلا من “عابد و وئام” ومقابلتهم بالخارج…ونظراتهم السارقة أثناء تواجدهم بالصالون…فقد بات قلبه عاشقًا لها دون أن يشعر ورغمًا عنه…وكأنها قد القت تعويذة عليه كي تجعله يهيم بها بهذا الشكل المريب…

ويسري حبها بدمه كما يسري السم…

فلا تخرج من عقله وقلبه..طيفها يطارده دائمًا…حتى بأحلامه تأبى تركه..

ولكن السؤال الذي ظل معلقًا بذهنه ويؤرقه هو

ترى هل تعشقه مثلما يفعل؟؟؟

لا يدري الجواب ولم يعترف لها بعد…ولا ينوي فعلها بالوقت الحالي يكفيه تواجدها معه…

****************

داخل إحدى متاجر الأثاث المنزلي…

يشير لها ناحية إحدى غرف النوم متسائلًا:

-ايه رأيك في دي يا زينة؟؟؟

ردت بنبرة بادرة وبداخلها تتلوى مما يفعله معها:

-وحشة يا أشرف وحشة…

ختمت جملتها وهي تتركه مغادرة المتجر…

ذهل “أشرف” من رحيلها ولحق بها بخطوات سريعة مهرولة..حتى لحق بها واوقفها متحدث معها بدهشة:

-في ايه ؟ متعصبة ليه…ولية وحشة ما الاوضة كويسة ومناسبة لـ

قاطعته بحدة وصرامة:

-مناسبة لفلوسك…من تلت شهور بضبط لما قولتلي أن أبوك هيساعدك وانك هتجيب الشقة كنت هموت من الفرحة…مكنتش أعرف أن لما هنيجي نوضب الشقة ونشطبها هتعمل كدة…أنا مفيش حاجة اختارتها بمزاجي…كل اللي اتجاب على قد الفلوس…بذمتك دي اوضة نوم عروسة….رد عليا يا أشرف…

صدمته بحديثها وتمنى انشقاق الأرض وابتلاعه بتلك اللحظة ولا يستمع لتلك الكلمات الجارحة…

رد عليها بعدم تصديق:

-أنتِ بتقولي ايه يا زينة!!!

فكرك لو معايا هستخسر فيكي حاجة؟

بس أنتِ عارفة اللي فيها…

ضجرت من تلك الكلمات والترهات التي لا يتوقف عن القائها عليها..

-أنا زهقت….زهقت انا المفروض انقي اللي يعجبني…حتى الفرح مش هنعمل… وطبعا فستان الفرح مش هتعرف تجبهولي مش كدة؟؟؟

-أنتِ بتقولي ايه انا مش مصدق اللي أنا بسمعه ده؟!!!!!

رد بصدمة لم يخرج منها بعد…فعلقت بهزل واستخفاف:

-وانا كمان مش مصدقة اللي أنت عملته معايا كنت فكراك هتجبلي اللي أنا اختاره…مش اللي فلوسك تختاره…كنت فكراك بتحبني بجد..بس واضح أن ماما كان معاها حق…

لانت ملامحه وتجمدت كلماته على طرف لسانه…ونظر داخل عيناها…ولأول مرة يرى تلك القسوة…بالله كم تشبهت بوالدتها بتلك اللحظة…

فمن تقف أمامه لم تكن معشوقته التي وعدته منذ ثلاثة أشهر بالبقاء معه وعدم تركه….

تلك كانت غريبة…جديدة عليه كليًا..معشوقته لا تقسو عليه إلى تلك الدرجة…لن تتركه في منتصف الطريق…وترحل.

تابعت قسماته التي تتبدل من حين لاخر وكانه يصارع بداخله…

فقالت حاسمة آمرها قبل أن تتركه وتعود إلى منزلها:

-أنا كنت غلطانة يا اشرف..لو اتجوزنا احنا الاتنين مش هنلاقي نأكل…انهاردة هبعتلك الشبكة وحاجتك كلها……

رحلت..!!!!!!!

بالفعل رحلت وتركته في حالة يرثى لها…لم تنظر خلفها أو تتردد بجرحه وتحطيم وجدانه… أو الوفاء بعهدها معه.

***************

داخل الغرفة الخاصة بـ علياء بصالون التجميل كانت”وئام” تتحدث بالهاتف وضحكاتها تعلو مجيبة على صديقها فادي:

-تصدق انك وحش..وانا زعلت منك…ومش هتصالح غير لما ..

قطع كلماتها دخول “عابد” المباغت وبقمسات توحي بالشر بعدما استمع لضحكاتها وحديثها مع رجل آخر…

مردد بغيرة تكاد تفتك به وتقتله دون رحمة:

-بتكلمي مين؟؟

ضاقت “وئام” من هجومة على الغرفة وحديثه معها بذلك الشكل المهين!!!

من يظن نفسه ؟ وكيف يعطي لذاته حق التدخل بشؤنها الخاصة؟؟

-اقفل يا فادي وهكلمك تاني..باي..

أغلقت معه وعيناها لا تفارق الآخر الذي استشاط من نطقها حروف اسم رجل آخر..ومحادثته أمامه بتلك الفظاظة…

-بتقول ايه بقى سمعني كدة تاني؟؟؟

التهم المسافة بينهم وقبض على ذراعيها مردد بغيرة واضحة:

-بلاش استفزاز..بتكلمي مين؟؟ مين فادي ده؟؟

ردت بسهولة غير مبالية بحالته وتلك النيران التي على وشك إحراقها:

-وأنت مالك؟؟ غيران ولا إيه…

هنا وبرقت عيناها وقالت بأسف:

-متقولش انك بتحبني… وأن كلامي وخروجي معاك الكام شهر دول خلوك تفكر أن انا كمان بحبك….

تشنج معقبًا بصدمة محاولًا تكذيب أذنيه:

-يعني إيه الكلام ده؟؟؟؟

-يعني أنا مش بحبك يا عبودي..ومش ذنبي انك حبتني…اصل معلش مش مطلوب مني احب كل واحد يحبني كدة مش هخلص..

وبعدين بالعقل كدة واحدة في مستوايا وجمالي ده هتبصلك أنت ليه؟؟؟؟

انا يوم ما افكر احب وارتبط هيبقى بواحد من مستوايا…انا مقدرش اعيش في مستوى أقل من اللي أنا فيه..بس انت تقدر ترتبط بواحدة من مستواك…

حطمته…جعلت قلبه يتقطع اربًا ويعاتبه على عشقه لمن لا تستحق….

ابتلع ريقه وقبل أن يغادر قال بقوة تنافي ضعف فؤاده:

-أنا آسف بس مش ليكي..آسف لنفسي ولقلبي عشان حبك…بس زي ما حبك قادر يكرهك يا وئام هانم.

***************

-اعمل ايه يا ربي انزل ادور عليه في الشوارع ولا اعمل إيه…ربنا يسترها معاك يا أشرف يا ابن بطني…انا قولتله من الاول دي عيلة معفنة مسمعش مني…اكيد قلبه وجعه دلوقتي…لا والبجحة بنت البجحة بعتت الشبكة وهدايا اخوك مع أبوها…

أكد “جابر” موافقًا:

-بجحة بقى نعمل إيه.

جاء صوت “سلطان” من الخلف مردد :

-شوارع ايه اللي تدوري عليه فيها يا ام اشرف…سبيه لما هيهدا هتلاقيه داخل علينا…

جلس على الأريكة وأشار إليها كي تأتي وتجاوره بجلسته..

انصاعت له وجلست جواره…فظل يهدأ بروعها..

بتلك اللحظات صدح صوت الباب فصاح سلطان:

-قوم يا جابر أفتح…

تذمر جابر ونهض على مضض…

فتح الباب فوجد أمامه رجل يرتدي بدلة سوداء ويظهر عليه الثراء…

تفحص هيئته وتساءل ببلاهة:

-بوليس ولا إيه؟؟

رد الرجل مستفسرًا منه:

-ده بيت سلطان راضي؟؟؟

-والله على حسب اللي انت عايزه فيه..يعني لو عمل مصيبة انا مش ابنه ولا اعرفه..

أبتسم الرجل بخفوت ومجاملة..فدهش جابر وحك رأسه بينما نهض سلطان كي يرى ذلك الرجل..

تفحص هيئته هو الآخر وقال بترقب:

-أيوة يا بني اتفضل انا سلطان…

-اهلا بحضرتك انا خالد المحامي الخاص بـ مدحت أيوب..

ارتفع حاجبي “سلطان” وتذكر ذلك القريب له من جهه الأب والذين لا يعلمون عنه شيء منذ سنوات طويلة فالعلاقة بينهم لم تكن وطيدة..

-ياااه ده انا بقالي زمن معرفش عنه حاجة ولا شوفته…

ضم “المحامي” شفتاه آسفًا ثم قال بهدوء تزامنًا مع مجئ “دلال” واستماعها لما يحدث:

-البقاء لله مدحت بيه مات من أسبوع..وقبل ما يموت كتبلك كل أملاكه….

صدم الجميع من ذلك الخبر وفرغ فاه دلال وجابر.

تخطى “سلطان” صدمته وقال بحزن:

-لا حول ولا قوة إلا بالله ربنا يرحمه..

بينما هتف “جابر” بلهفة وفضول:

-أنت قولت كتب أملاكه لبابا…

اماء المحامي مؤكدًا…فقام جابر بجذبة على الفور يجبره على دخول المنزل..موصدًا الباب…مردد على الفور:

-قولي أملاكه دي تعملها كام الف يعني؟؟

استنكر “خالد” كلماته وعقب قبل أن تسقط دلال فاقدة الوعي من هول حديثه:

-الف!!!!..قصدك كام مليون….مدحت بيه كان مليونير……!!!!!!

يتبع.

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق