رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثامن
الفصل الثامن
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الثامن:
برقت عين “جابر” وهتف بصياح تحت صدمة أشرف وعابد:
-ازاي تعزميهم والراجل المهزق ده مد ايده عليا…انتوا لو لقيني على باب جامع مش هتعملوا فيا كدة….
انفعل “عابد” وهتف هو الآخر بتشنج:
-كنتِ استني حتى البيت يروق…واصلا مفيش وقت…مين هيعملهم اكل دول؟؟؟؟
-يا سلام هي دي مشكلة يعني…هنبعت نجيب من برة…هنطلب دليفري يا واد….وبعدين انتوا بتكلموني كدة ليه…لا بالشبشب وعلى بقكم أنتوا هتكبروا عليا ولا إيه؟
لوى “جابر” شفتيه وصاح بهدر وسخرية لا يبالي بتحذيرها:
-امكم عرفت الدليفري….زغرطوا وأقيموا الأفراح…..
مسح “أشرف” على وجهه ونهض وهو يتمتم بحسم:
-أنا مش هحضر…بصراحة معنديش استعداد اقعد اكل مع ناس معرفهمش….
كاد يرحل لا يستمع لـ دلال…فوجد سلطان أمامه…حدق بالجميع بنظرة نارية…ثم قال بحسم ولهجة آمرة:
-محدش فيكم هيغيب عن العشا…كلكم هتحضروا..ولو حد فيكم فكر ميحضرش يستحمل بقى اللي هعمله معاه…بس ميرجعش يزعل…
**************
-نـــعم..!!!! سمعيني كدة تاني وافقتوا على إيه منك ليها…
نطق “مروان” بتشنج وغضب ملحوظ بعدما تناهى له كلمات “روفان” وهي تخبر “سليم” في حضور الجميع عدا الفتيات بمجئ تلك المرأة ودعوتهم للمنزل مساءًا كي يتناولون العشاء سويًا….
اغمضت “روفان” عينيها واضعة يديها على صدرها تهدأ روعها فقد فزعها وفزع الجميع بنبرة صوته العالية المهللة….
نظرت إليه”علياء” وقالت بعتاب:
-في ايه يا مروان خضتنا يا أخي حرام عليك…
حرك رأسه يمينًا ويسارًا بجنون ولم يدري ماذا يفعل فإذا ترك ذاته سيطيح بالجميع ولن يهمه شيء….بدأ بصب غضبه من خلال حركته العنيفة وصعوده أعلى الاريكة مسببًا نهوض زوجته و رحمة التي صرخت عليه:
-انزل من على الكنبة يا مروان…
لم ينصت لها وبدأ بالتنقل بخفة لا تناسب عُمره من أريكة لاخرى وهو يضرب كف على الاخر:
-اعمل فيكم ايه..أولع فيكم واخلص…ولا اولع في بناتكم…بقولكم الشابين دول مينفعش يختلطوا معاهم واحد سافل ومهزق والتاني عامل فيه الرجل الغامض بسلامته..اقطع دراعي أما كان وراه حاجة….
نفذ صبر “سليم” وصرخ عليه هو الآخر:
-هو أنت مش هتكبر على اللي بتعمله ده…احترم سنك على الأقل….
علق “بسام” ساخرًا وعيناه تجوب على أخيه الذي يتنقل ويقفز كأنه لا يزال شابًا في مقتبل العشرينات..
-ويحترم سنه ليه..ميبقاش مروان لو عقل وبطل شغال العيال ده…
هنا وقفز مروان من أعلى الأريكة غير مباليًا بحديث سليم وبسام مقتربًا من “إياس” و “أيهم” مردد على مسامعهم:
-ملكوش دعوة بالاتنين دول..دي ناس مش خايفة على بناتها…خلينا احنا ناصحين بقى ونخاف على بناتنا…
مط “إياس” شفتاه بتفكير ثم رفع يده وحاوط ذراع مروان مردد:
-ومين قالك اننا مش خايفين عليهم يا مروان!!
حرك “أيهم” رأسه موافقًا وقال:
-اكيد بنخاف عليهم..بس الست عزمتنا والناس عايزة تعتذر بالعشا ده..وبالحركة دي نتأكد انهم ناس ذوق…
-بقى كدة اتفقتوا عليا خلاص…طب إيه رأيكم بقى اني مش هحضر ومش هروح في حتة وده قرار نهائي.
**************
حل المساء ولبت عائلة الحلواني تلك الدعوة…والآن يدخلون واحد تلو الآخر من خلال الباب تحت ترحيب دلال وسلطان الحار بهم ونظرات أبنائهم الخمس…
جالت عين “دلال” على العشر فتيات مرددة ببسمة واسعة:
-بسم الله ماشاء الله..خمسة وخميسة في عين العدو..واللي ميصليش على النبي…
-عليه أفضل الصلاة والسلام..
ردد الجميع بذات الوقت مبتسمين لها…
زيف “أشرف” ثباته واستجمع قوته بصعوبة تحديدًا عندما وقعت عين وعد عليه…واختفت بسمتها تدريجيًا وكأنها قد تعرفت عليه من خلال عينيه…
أشاح عينيه بعيدًا عنها متململ في وقفته…محاولًا الحفاظ على قسماته المرتخية…وثباته الانفعالي مردد بينه وبين ذاته:
-مش هتعرفك يا أشرف..مش هتعرفك وحتى لو عرفتك تثبت بقى…
أما “جابر” فكانت بسمته البلهاء ترافقة سعيدًا بهذا الكم من الفتيات الجميلات أمامه…لكن سعادته تلك لم تكتمل عندما وقع بصره على “داليدا”…..!!!!!!
لانت ملامحه وتبدلت للصدمة متذكرًا إياها على الفور…وسريعًا ما حول أنظاره نحو أخيه “نضال” وهو يقسم بأن اليوم سيكون الأخير إذا تحدثت وفتحت فوها….
نطقت روفان مقدمة الفتيات لـ عائلة “سلطان” مشيرة نحوهم:
-اعرفكم أبرار و ريتال بنات إياس وتقى…و دول وعد و تاليا بنات أيهم ورحمة…ودول وئام وثراء بنات مروان وعلياء…ودول داليدا وبراء بناتي انا وسليم….والمنقبة دي فجر ودي اختها سديم بنات بسام ومريم……. ريتال وتاليا وسديم وبراء نفس السن وفي أولى جامعة…والستة الباقين بقى نفس السن برضو وخلاص في آخر سنة وكلها شهور ويتخرجوا…
أثناء ذلك التعريف سقط بصر “داليدا” على “نضال” الذي كان يبتسم وكأنه لم يفعل شيء..لم يخدعها أو يتلاعب بها…
انتبه نضال لنظرات أحدهم المرتكزة عليه فوجد تلك الفتاة ترمقه بنظرات مبهمة بالنسبة له جعلته يتساءل ما الذي فعله لها كي يستحق تلك النظرات المصدومة التي سرعان ما تحولت لأخرى قاتلة…كارهة….
تغاضى عن نظراتها وتفادى عيناها…مستمعًا لكلمات والده الذي انحنى نحو “أحمد” مردد ببسمة ومرح:
-وأنت بتعمل ايه لوحدك وسط كل دول؟؟؟
حرك “احمد” كتفيه مجيب بقلة حيلة:
-مش بعمل..انا بيتعمل فيا وبيفتروا عليا يا باشا اكمني الواد الوحيد….
ابتسم “عابد” مستهزءًا لا يبالي بنظرات “وئام” وتلك العروق البارزة بعنقها مشتعلة من تواجده وحتى الآن لا تصدق ما يحدث…
فكيف له أن يصبح بهذا الثراء..!!!!!
تكاد تجن من فرط التفكير وتخمين السبب وراء هذا التبدل…
أما “خليل” ورغمًا عنه وبدون رغبة منه جاء نظره على فجر…تلك الفتاة التي اختلفت عن الجميع بملابسها المحتشمة…ومتابعتها لما يحدث بسكون تام…
نظر نحو اخوته مقررًا أن يكن حذرًا كي لا ينظر لها من جديد.
جاء دور “دلال” كي تقدم ابنائها:
-اعرفكم انا بقى..ده أشرف ابني البكري..وحتة من قلبي…شغال مع أبوه في المطعم بتاعه…و
شعر “سلطان” بالغضب من كذب زوجته بينما استمع الجميع لباقي حديثها إلا وعد التي برقت عيناها ولم تصدق تلك الصدفة… عيناه لا تختلف عن ذلك اللص…وكذلك اسمه….
يالله ما تلك الصدفة….!!!!
ترى هل يكون هو…
جال هذا التساؤل بذهنها وسرعان ما رفضته ونفت معنفة ذاتها وعقلها الذي اوصلها إلى انه نفس الشخص…
-بلاش غباوة يا وعد..ده ابن ناس مش محتاج يسرق والتاني حرامي ابن كلب….بتفكري ازاي أنتِ يا غبية بلاش غباوة….هتلبسي الواد مصيبة….
عاد تركيزها مع دلال مرة أخرى…التي قالت وهي تضرب على صدر ابنها الآخر:
-ده بقى اسم الله عليه نضال..
اغمضت “داليدا” عيناها ألمًا شاعرة بوجزات تكاد تنهي عليها لا تصدق بأنها قد سمحت لشيطان مثله التلاعب بها وبقلبها….فحتى اسمه قد خدعها به…
تابعت دلال وهى تقترب من “جابر” و “عابد” مرددة:
-دول بقى عابد وجابر تؤام بس مقلكوش يطيقوا العما ولا يطيقوا بعض معرفش ليه..محسودين باين…جابر بيشتغل مُدرس لغة عربية قد الدنيا…وعابد عنده صالون تجميل فاتحه من يجي سنتين كدة……
أغمض “عابد”عيناه بتلك اللحظة تحديدًا عندما اتجهت إليه أنظار “وئام” التي ابتسمت بهزل و استهزاء مدركة كذب والدته عليهم وكذلك كذبه عليها بما
يخص توأمه…..
أما “داليدا” فابتسمت بمرارة وعلقت غصة مريرة بحلقها وقلبها يعاتبها:
-شوفتي حتى اسمه ضحك عليكي فيه..وخد اسم اخوه…
كتمت “ثراء”ضحكتها مدركة كذب المرأة..بينما كانت “علياء” مدهوشة من قدرة تلك المرأة على الكذب….فمالت على أذن “وئام” القابعة جوارها متمتمة بخفوت:
-هو مش عابد ده اللي كان شغال في الصالون بتاعي وأنتِ خرجتي معاه قبل كدة ولا أنا كبرت وخرفت….ما يا أنا كبرت وخرفت يا إما الست دي كدابة كدب الابل….
أكدت “وئام” هامسة:
-لا مخرفتيش يا مامي…الست دي كدابة أوي..حتى ابنها اللي بتقول عليه مُدرس ده سافل…وهو ده اللي اتخانق مع بابي….
كاد “مروان” أن ينفجر بعد أن أدرك بأنهم خمس شباب وليس أثنان…إذًا زادت الخطورة على فتياته وزاد قلقه….فقال بغيظ موجهًا كلماته نحو جابر:
-بقى أنت مُدرس لغة عربية!!!
اطرق “جابر” رأسه وأجاب بخفوت:
-أجل يا سيدي…فالأطفال يأتون إلىّ من جميع المناطق والحتت ويتهاتفون بأسمي…
سخر “مروان” بخفوت:
-حتت!!!!
لحقت به “دلال” مشيرة نحو خليل مرددة:
-ده بقى بركة البيت…خليل…أصغر واعقل واحد في العيال دي كلها…
ابتسم “خليل” بمجاملة…تزامنًا مع صوت “سلطان” موجهًا كلماته لرجال العائلة:
-اتمنى متزعلوش من سوء الفهم اللي حصل..جابر ميقصدش والله…
اماء “جابر” يؤكد:
-أيوة حقيقي مكنش قصدي…
رد سليم بصوت عذب:
-محصلش حاجة…مروان كان زعلان بس اظن انه بعد ما اتعرف عليكم مبقاش فيه زعل ولا ايه يا مروان….
كز على أسنانه وعلق دون أن يشيح عيناه عن جابر:
-اه طبعا مش زعلان خالص ومبسوط….ومنشكح..حتى شوفوا الانشكاح اللي أنا فيه…
زين ثغره ببسمة زائفة صفراء..فكبحت علياء بسمتها على يقين تام بأنه قد ينفجر بأي لحظة….
أشار “سلطان” نحو حجرة الطعام معتذرًا منهم:
-معلش بقى البيت لسة مكركب…والحاجة أم أشرف ملحقتش تعملكم اكل وطلبنا من برة…بس طبعا ليكم عزومة تانية عشان تدوقوا الأكل من ايدها…دي عليها أكل ولا اجدعها مطعم….
ابتسمت دلال سعيدة بمدح زوجها بطعامها بينما كاد اشرف يضرب على وجهه متمتم بخفوت:
-هو لسة في عزومة تانية…استر يارب…
***************
بعد دقائق..مرت بصعوبة على البعض وبسهولة على البعض الآخر…
فلا تزال “داليدا” تحدق بـ نضال بغضب ناري…جعل الطعام يقف بحلقه ويسعل…
انتشل “جابر” كوب الماء من أمامه وناوله إياه…مدركًا ما يحدث..
-اتفضل يا أخويا…
التقطها “نضال” وارتشف منها..ثم وضعها من يده منحني على أذن جابر مردد بقلق:
-جابر البت دي بتبصلي بصات غريبة..كأني قتلتلها قتيل… أو كأني غرغرت بيها….
ارتفع حاجبي جابر وادعى البلاهة مردد بنفي عله يخرج تلك الأفكار من رأسه:
-بجد ؟!!! فين ده..ما عادي يا بني..بصاتها عادية..أنت اللي مركز معاها يا شقي…مركز ليه ها؟؟ عجباك ولا إيه..
-عجباني ايه يا بني آدم..بقولك بصاتها مريبة دي لو تطول تجيب السكينة وتشق بطني هتعملها..بص بص عينها مركزة معايا ازاي…
وبدون أن ينظر جابر نحوها ردد بتلعثم طفيف:
-يا بني بطل تخريف وتهيؤات…البت مش بصالك أصلا..أنت اتهبلت يا نضال…
لم يصدق “نضال” ما يتفوه به جابر وعاد ينظر لها بعدما شك بذاته وبنظره…لكن لا…هي حقًا ترمقه من حين لآخر بكره….
لم يجد فائدة من الحديث مع أخيه واتقن أن هناك شيء لا يدركه..وعزم على الاستفسار منها حينما يُسمح له الحديث معها…
انشغل “عابد” بالطعام أمامه..يزيف لامبالاته…ويخفي اشتياقه…فقلبه يحثه على رفع بصره واختطاف بضعه نظرات لن تضره بشيء….لكنها ستهدأ روعه…وتشبع لوعه ولو قليلًا…
عاش بذاك الصراع لحظات….متمتم في سره:
-متبصش يا عابد…متبصش دي متستهلش حبك…أيوة دي واحدة متستهلش…وانت قوي مش ضعيف..و زي ما حبتها بمزاجك…هتعرف تكرهها وبرضو بمزاجك….
انتهى رافعًا بصره يقتطف نظرات سريعة ولا يدري لما لا يستطع السيطرة على مشاعره وعلى نفسه…
ندم على فعلته مدركًا بأن قلبه الاحمق لاتزال تتحكم به…فهي كانت تنهمك بتناول الطعام ولا تبالي بجلوسه معها على ذات الطاولة….تراه سرابًا…لا يستحق اهتمامها…
نظرت “أبرار” نحو وعد وكانت على وشك الحديث معها فوجدتها تحدق بذلك الشاب المدعو “أشرف”…
قطبت حاجبيها واستفسرت بخفوت:
-في ايه يا وعد؟؟ بتبصيله ليه كدة…
ردت عليها دون أن تزحزح بصرها عنه فكانت له كالمرصاد مرددة:
-الواد ده عينه شبه عين الحرامي…حتة اسمه هو هو….
-أنتِ بتهزري…اكيد مش هو طبعًا…بصي كويس واصلا هيعمل كدة ليه..ده مش محتاج يا بنتي…وبعدين هو أنتِ لسة فاكرة عين الحرامي؟؟؟
-خمسة في عينك و اه فاكرة عينه…وهعرف إذا كان هو ولا لا….اصل أنا مش عبيطة بقولك عينه واسمه هما هما واكيد دي مش صدفة فيه حاجة غلط….
صدح صوتها عاليًا جاذبة الأنظار اليها مغمغمة:
-بقولك ايه يا طنط ابقوا زودوا آمن على البوابة….اصل ولاد الحرام كتروا…..
توتر “أشرف” وظهر هذا على قسماته…حاول التمسك بقوته وعدم اظهار اي شيء….ملتقطًا كوب الماء مرتشفًا منه قليلًا…
تابعت “وعد” بعد أن لاحظت ما حدث له من توتر وارتباك..
-من كام شهر كدة دخل اتنين حرامية البيت واحد هرب والتاني قفشته وكان اسمه أشرف…..
هنا وتفاقم سعاله وتتالى بشكل ملحوظ…نظرت دلال نحوه ونهضت على الفور مربته على ظهره بخوف مصوبة حديثها لـ خليل:
-هات يا خليل كوباية الماية دي اسم الله عليك يا حبيب امك….اكيد حد بيجيب في سيرتك….اكيد الحيزبونة وأمها….آه مفيش غيرهم…..
فاقت دلال قبل أن تتحدث بالكثير والكثير…
توقف “أشرف” عن السعال و زاد شكوك “وعد” نحوه أكثر وأكثر…..
جلست دلال من جديد…فصاح مروان فجأة:
-قولتلي بقى أنك مدرس عربي صح؟؟
اماء له “جابر” بخنوع مردد:
-أجل يا سيدي….لقد أخبرتك من قبل….
انكمشت قسمات “مروان” من طريقته بالحديث فمن يراه الآن لا يظن بأنه ذات الوقح الفظ الذي تطاول عليه وجعله يسدد له لكمة قوية….
فقال بانفعال:
-هو أنت اللغة العربية عندك أجل يا سيدي مكنش حد غلب..أنت متاكد أنك مدرس….
سخر “جابر” من حديثه دون وعي مردد:
-اقوم اجبلك قطعة نحو واعربهالك يعني عشان تصدق ولا إيه….
وعلى سبيل المفاجأة رد مروان مستحسنًا تلك الفكرة:
-وماله…يلا..عجبتني الفكرة….
ارتخت ملامح “جابر” وعقب معتذرًا بطريقة ساخرة:
-لا معلش مش قادر…او تقدر تقول مش في المود اللي يخليني أعرب…ابقى تعال بكرة….او تعال اتفرج عليا وانا بعلم أجيال المستقبل….
-وماله هات العنوان….
التوى جانب وجه “جابر” بامتعاض وهمس:
-ده ايه الراجل الرزل ده….
كاد يجيب بصوت مسموع لينقذ والده الوضع مضطرًا كي لا تظهر زوجته كاذبة:
-شكل مروان بيه لسة زعلان من جابر….
نفى بسام برأسه مردد:
-لو كان زعلان مكنش جه…حضرتك متعرفش مروان….
ابتسم له سلطان بينما مال “أيهم” وهمس لـ إياس شقيقه:
-حاسس أن جابر ده نسخة مصغرة من مروان….وقلبي متوغوش مش عارف ليه..
وافق إياس بهمس:
-نفس احساسي….
*************
اغتنمت “وئام” فرصتها مستفسرة من دلال عن مكان دورة المياه…فأرشدتها وذهبت معها ثراء….
تابعها “عابد” بطرف عيناه وانتهز هو الآخر تلك الفرصة وتسلل خلفها خلسة وبخفة دون أن يشعر أحد بأنه قد ذهب خلفهم….
وقفت “وئام” على أعتاب المرحاض دوم أن تلجه عاقدة ساعديها على يقين تام بأنه سيأتي…. بالتأكيد سيأتي خلفها….
جاء سؤال “ثراء” مغمغمة:
-وقفتي ليه..مش عايزة تدخلي؟؟؟
-لا ادخلي أنتِ….
جاء “عابد” بتلك اللحظة…فرمق الاثنان وسرعان ما اندفعت وئام نحوه متمتمة من بين أسنانها:
-أنا عايزة افهم ايه اللي شقلب حالك كدة!!! وليه جاي هنا بذات…
ظل صامتًا فقط يحدق بعيناها ويتابع انفعالاتها بأعين كالصقر… متجاهلين تمامًا ثراء التي باتت تقف بالمنتصف بينهم…
ابتسمت “وئام” بسمة جانبية ماكرة مدركة للتو سبب انتقاله إلى هنا:
-مش صدفة…أكيد أنت اللي اخترت البيت…عايز تبقى جمبي مش كدة….
وضعت يديها على فمها بنعومة متصنعة الصدمة والضيق لأجله:
-يا حرام معقولة بتحبني للدرجة دي…
تلك المرة لم يلزم الصمت واجابها بخشونة وقسوة لم تراها بعيناه من قبل:
-لا وأنتِ الصادقة…انا بكرهك…وآه صدفة…أنتِ مش مهمة للدرجة اللي تخليني اختار هنا عشان خاطرك…
تحدته وأصرت على حديثها وتكذيبه مغمغمة:
-كداب…مش مصدقاك…عينيك فضحاك يا عبودي…
شعر بالمقط من تدليلها له فصاح من بين أسنانه بانفعال مفرط:
-عبودي في عينك…اسمي عابد…متتخطيش حدودك يا وئام هانم…
لم تتبدل قسماتها وقالت وهي ترفع أناملها تداعب إحدى خصلاتها:
-طيب هعمل نفسي مصدقاك…وانك مبتحبنيش..وانك سكنت هنا صدفة…بس قولي جاي ورايا ليه؟؟؟
مهلًا….!!!! ما الذي جاء به خلفها…اغمض عينيه برهة نادمًا على ملاحقته بها…
حمحمت “ثراء” بعدما غفلوا عنها وتناسوا وجودها تمامًا….منقذة إياه من براثن اختها متمتمة بمرح طفيف:
-يعني اسفة اني بقاطعكم بس انا حسة اني عاطف اوي في نفسي…وتقريبًا كدة لازم واحدة فينا تدخل الحمام يا انت تمشي عشان بابا لو شافنا هيبهدل الدنيا…
على الطرف الآخر…
تقابلت نظرات كلا من “نضال” و “داليدا” من جديد فابتسم لها تلك المرة…فقابلت بسمته باستهزاء وتفادت النظر إليه…
وكم تمنى أن يعلم سبب ما يحدث….
جالت “عين” جابر بحثًا عن عابد مردد بصوت وصل لمسامع الجميع:
-هو عابد راح فين اتبخر مرة واحدة….
انتفض “مروان” ورغب أبناء أعمامه بتهداته خاصة عندما هب وصاح بحثًا عن ابنتاه:
-بناتي فين…ثراء و وئام فين…كل ده في الحمام؟؟؟ هو فين الحمام…
اشار “جابر” له ناحية دورة المياه…فتحرك مروان أمامه وذهب معه نحوه…
وصل أمام المرحاض تزامنًا مع خروج وئام من الداخل و رؤيته لـ ثراء تقف بانتظارها بعدما ذهب عابد قبل مجيئه….
حمد ربه على تواجدهم بمفردهم وعدم محاولة ذلك الشاب بالحديث معهم…
ابتلع لعابه لا يهتم بنظراتهم المتسائلة عن حضوره…
فقالت “ثراء” بنعومة:
-في حاجة يا بابي؟!
نفى “مروان” حدوث شيء..بينما سرح “جابر” بها وبطريقتها الناعمة بالحديث مردفًا مع ذاته:
-بابي ده إيه…ده أنتِ اللي بابي…يا حلاوة يا بقلاوة أنتِ.
بعد مضي بعض الوقت نهضت العائلة بأكملها على استعداد تام
للرحيل….
وقبل رحيلهم تبادل سليم النظرات مع بسام…اياس… أيهم…آدم بمكر ثم قال بما صدم مروان:
-بنشكركم على الدعوة الجميلة دي وحقيقي انبسطنا جدًا…وبأذن الله هنستناكم بكرة ونقضي اليوم مع بعض…….
يتبع.
فاطمة محمد.
التفاعل وحش وقل وكدة انا زعلت 🙂🌚
اتفاعلوا حلو بقى
وفرحوني
تاني🚶❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.