رواية كارثة الحي الشعبي الفصل السابع والعشرون 27 – بقلم فاطمة محمد

رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل السابع والعشرون

الفصل السابع والعشرون

الفصل السابع والعشرون

أنظر جيدًا.

كارثة الحي الشعبي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع والعشرون:

تقضم أظافرها وهي تطالع انعكاسها بالمرآة محاولة نفي ما تشعر به من غيرة تكاد تأكلها حية…

منزعجة من عمله الذي سـيبيح له التعامل مع جميع الفئات من السيدات والفتيات الجميلات…

فقد اخبرها اليوم بما يفعله وذلك الصالون الذي يقوم بتحضيره وقريبًا سيقوم بافتتاحه…..

عضت على شفتيها وفكرت في محادثته عله تلك النيران المتأججة تهدأ قليلًا..

اخذت الهاتف وتحركت به بالغرفة مترقبة إجابته عليها…

رد عليها على الفور، مغمغم بصوت عميق:

-كنت لسة هكلمك..حبيت اسمع صوتك قبل ما انام..

ابتلعت ريقها لا تتحمل هذا الكم من المشاعر المفرطة…فكم كانت حمقاء عندما جرحته ورفضت هذا الحب..الذي لن يتكرر..ولن يأتي من يعشقها إلى تلك الدرجة…

قائلة بهدوء و نعومة:

-وانا كمان حبيت اكلمك قبل ما انام..واصلا كنت بفكر فيك…

ظن لوهلة أنه في حلم وليس واقع…فلو أخبره أحدهم بأنها ستخبره بتلك الكلمات ما كان سيصدق بتاتًا…

اوشك على الرد..واخبارها بمدى سعادته ليجدها تسأله بتردد:

-عابد هي مين اللي كلمتك انهارده وانت معايا؟

ضيق عيناه وتضاعفت سعادته مستشفيًا غيرتها عليه….

فكر قليلًا قبل أن يردف كاذبًا حتى لا تحزن أو يلعب الشيطان برأسها:

-دي واحدة بينا شغل…..أنتِ غيرانة ولا ايه؟؟

-أنا !!!! وانا هغير عليك ليه..انا بسأل عادي على فكرة..

رغب بالتلاعب بها قليلًا فقال بمرح وعبث:

-أنا مقولتش بتغيري عليا !! انا قولت بتغيري…

عضت على شفتيها مدركة ما يفعله وايقاعه لها بالكلمات…

قالت مبررة بقوة زائفة:

-وانا يعني هكون بغير منها هي ليه؟؟ هو أنا اعرفها؟؟ بس اكيد قصدك اني غيرانه عليك….بس لا مش غيرانه..عشان أنا عارفة انك بتحبني ولو مش عايزني مكنتش هتحب انك تجوزني وتكمل معايا….

-يا واد يا واثق.. اموت انا في التقل..

اصطبغت وجنتيها واحتقنت عيناها من كلماته التي رأتها غزل صريح اخجلتها على غير عادتها…

قائلة بخفوت :

-انت هتنام..ولا قاعد؟؟

أجابها بسؤال آخر:

-أنتِ هتنامي ولا قاعدة؟؟

تعجبت سؤاله وأجابته:

-لا هنام…

-وانا كمان هنام…

ابتسمت عندما وصل إليها ما كان ينوي عليه فـ لو كانت اخبرته بجلوسها لكان سيجلس معها….

وقبل أن تنتهي المكالمة قال باشتياق:

-أنتِ بكرة هتنزلي الجامعة؟؟

نفت قائلة:

-لا مش قادرة.

-ماشي تصبحي على خير يا حبيبتي..

اوصدت جفونها مستمتعة بتلك الكلمة الصادقة النابعة من أعماق قلبه:

-وأنت من أهله….

_______________

اندس “أشرف” إلى غرفته هاربًا من ثرثرة والدته و بعد أن انتهت مقاومته للنعاس وبات يرغب بدفع جسده أعلى الفراش والذهاب في إغفاء عميق…

دفع هاتفه الذي كان يقبع بين يداه على (التسريحة) ثم تقدم من الفراش وارتمى بجسده موصدًا جفونه على الفور…دقيقة..اثنتان…..وكان يغط في النوم..!!!!

لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ولم يتركه رنين هاتفه الذي بدأ بالأرتفاع بأرجاء الغرفة…

ازعجه وظهر هذا بوضوح على وجهه الذي انكمش ضيقًا…

مقررًا تركه وعدم الاستجابة والاستسلام لسلطان النوم….

عارض المتصل ما يريده ويرغب به وظل يُلح باتصاله…فكلما انتهى الاتصال…يكرر مهاتفته من جديد…

فتح عين واحدة ولسانه يطلق الفاظًا بذيئة عن هذا المزعج..

نهض من أعلى الفراش على مضض وتشنج واضح متجهة نحو (التسريحة) الموضوع أعلاها.

مد يده والتقط الهاتف يحدق بالأسم…

كز على اسنانه وهو يراها هي..

همس بغيظ وصوت مكتوم:

-كان لازم اتوقع انه انتِ…

رد عليها بوجوم وبصوته الناعس:

-خير…

تحدثت وهي ترفع قدميها اليسرى لتسندها على اليمنى أثناء تمددها على الفراش:

-أنت نايم ولا ايه يا أشف..

ابعد الهاتف عن أذنيه وبصوت خافض لم يصل إليها حرر سباب لاذع فظ للغاية…ثم عاد واضعًا إياه على أذنيه مجيب بنبرة يكسوها السخرية:

-لا نايم إزاي هو ده وقت نوم بالذمة…

كادت تتحدث لتجده يصرخ عليها بطريقة خرجت مرحة أكثر من كونها غاضبة..مما أثار ضحكاتها:

-أنتِ هتهزري دي الساعة عدت حداشر وانا بصحى بدري انزل المطعم..ومصدقت نمت يا شيخة…لا وأنتِ شغالة زن… يخربيت معرفتك الهباب….

لم تكتم ضحكاتها واطلقتهم متحدثة من بينهم بمرح مبررة سبب اتصالها:

-الله! مش بطمن عليك واشوفك روحت في داهية زي ما قولت ولا لسة …

علق على الفور بغيظ:

-وهو في داهية اكتر منك..وبعدين صحتيني وقلقتيني عشان كدة..

-اه وهو ده سبب قليل…مش بطمن على نفسي…

سحب نفسًا عميقًا حبسة داخل صدره ثم بدأ بإخراجه تدريجيًا..محاولًا ضبط اعصابه التي أثارتها وجعلتها على وشك الانفجار بها:

-عارفة أنتِ حلال فيكي ايه؟؟؟

اتسعت بسمتها وعضت على شفتيها السفلى بتلهف…مرددة بحماس:

-ايه ايه؟؟؟؟

-ده…

قطبت حاجبيها ولم يصل لها المغزى إلا عندما انقطع صوته ونظرت في الهاتف لتجده قد أغلق في وجهها……

تبخرت البسمة وقالت بخفوت يتخلله بعض الدهشة:

-بتقفل في وشي… اه يا بن الكلب يا أشف….ماشي وهو أنا هسيبك…

حاولت الإتصال مجددًا مقررة عدم تركه فوصل اليها تلك الرسالة الصوتية المسجلة التي تخبرها بأن الهاتف بات مغلقًا………..

_______________

خرجت “داليدا” من دورة المياه وهي تعقد حاجبيها من هاتفها الذي يرن في هذا الوقت فالوقت قد تخطى الثانية عشر صباحًا..اخذت الهاتف وتحرك بؤبؤ عيناها على الرقم المجهول..

زمت شفتيها وضاقت عيناها بتفكير وتردد…

حسمت أمرها بعد لحظات قليلة مجيبة على هذا الرقم بحظر شديد:

-ألو ؟

اخترق سمعها صوت تنهيدة تلاها صوته المحب والعذب…متمتم بارتياح جلي:

-وأخيرًا…عاملة ايه..ليكي وحشة..

صمت كي يحسب عدد الساعات التي مرت منذ أن رآها وتحدث معها:

-بقالي بتاع تسع عشر ساعات مشفتكيش…

احتلتها الدهشة والفضول عن كيفية وصوله إلى رقم هاتفها…

ابتلعت ريقها ململمة شتات نفسها ملقية سؤالها:

-أنت جبت رقمي منين؟

-مش مهم جبته منين المهم اني جبته وبكلمك دلوقتي… وبعدين ده اللي همك في كل اللي أنا قولته؟؟؟؟

ردد بدهشة من أمرها، فقالت معقبة ببرود رغم تلك السعادة التي عصفت بقلبها:

-وأنت قولت ايه مهم يعني..انت كلامك كله

خمن تطاولها أو اساءتها إليه فقام بمقاطعتها عن عمد يصحح لها:

-لا عندك اوعي تغلطي…انا كلامي كله حلو…وذوقي كمان حلو…والا مكنتيش عجبتيني…الا قوليلي يا داليدا في حاجة كدة عايز أسالك عليها…

زفرت بصوت مسموع بالنسبة له غافلًا عن بسمتها التي زادتها جمالًا:

-أسال..بس ياريت بسرعة عايزة أنام عشان عندي مذاكرة بكرة…

تلفظ بمرح وهو يدس يداه بفروته يحكها:

-اه دحيحة ما شاء الله عليكي أنتِ، والكلمتين اللي عندي هما اللي هيعطلوكي..!

-ما تنجز يا نضال؟!!

توقف عقله لبرهة…لا ليس عقله فقط..بل قلبه أيضًا…مستمتعًا باسمه الذي نطقته بتلك الطريقة المميزة بالنسبة له..

سيطر على مشاعره وبلل حلقه متابع:

-لما كلمتك على حوار جابر..قولتيلي حاجة كدة؟؟ يا ترى تفتكريها؟

حاولت التذكر وعصر ذهنها فقد تفوهت بالكثير والكثير ولم تعلم عن ماذا يتحدث؟؟؟؟

-حاجة إيه بضبط؟؟ فكرني..

ساد سكون بينهم تذكر خلاله تلك الجملة التي قالتها دون أن تشعر ولن يجعلها تمر مرور الكرام…بدأ حديثه العابث الماكر:

-المفروض أنك كنتي فكراني انا جابر…ولما كنا بنكلم وأنتِ بتزعقي قولتي انك كنتي بتحبي في صوري أنا؟؟ افهم من كدة أنك

زحفت حمرة الغضب والخجل إليها…مما جعلها تهب من مكانها رافضة استرساله..مغمغمة بعصبية مفرطة تكاد تكون مبالغ بها:

-أنت متفهمش..ومتقولش…انت..اصلا كداب انا مقولتش اني بحب في صورك..وبعدين هحب في صورك بتاع ايه..انا قلبي مش خفيف للدرجة دي عشان احب واحد من صورته… أنت… أنت….

تلعثمت مع نهاية حديثها مما جعله يتمنى رؤيتها بتلك الحالة فلا يكفيه صوتها…بل يريد رؤية انفعالاتها وتشنجها…

-خلاص صادقة…ومدام اتعصبتي كدة انا مصدقك…

كان يسخر منها…فقد علم بأنها حقًا قد وقعت في عشقه..وان الهوى قد دب بأوصالها رغمًا عنها…ورغمًا عن كل شيء…

-انت بتتريق عليا؟؟

نفى سريعًا يكتم ضحكاته وسعادته التي طغت عليه:

-أنا!!!! ابدًا ده انا مصدقك..صادقة يا ديدا..

تكاظم سخطها ونقمها أكثر واكثر صارخة باهتياج:

-متقوليش ديدا دي…او اقولك انت متقولش خلاص.. سلام..

كادت تغلق لتسمع كلماته الأخيرة المحذرة المهددة:

-اقفلي بس قسمًا عظمًا لو لقيتك بلكتيني لهكون طابب عليكم وتلاقيني فوق دماغك….واعملي حسابك أني هكلم أبوكي عشان نكتب الكتاب مع عابد…تصبحي على خير..

________________

لم يترك “خالد” إبنه وظل جواره حتى بعدما ذهب في نوم عميق…

يتأمل ملامحه وهو يشعر بالأسف نحوه…

آسفًا على تلك التي من المفترض أن تكن امًا له..وهي بالحقيقة لا تدري معنى الامومة….فالرحمة والحنو لا تعرف لهم طريق..فقط تعرف الجحود..

رفع يده ماسحًا بها على خصلات صغيره هامسًا له بندم:

-أنا آسف ليك….بس اوعدك اني هعوضك….

اطلق تنهيدة حارة وما هي إلا لحظات حتى تذكر تلك الفتاة التي تلامس ليدها اليوم…وتقابلت عيناهم بلقاء يكاد يكون قصير لكنه لا يفارق مخيلته…

نفض رأسه يطردها من أفكاره ونهض كي يفارق الغرفة…فـ وصل اليه بتلك الاثناء قرع الجرس…

فـ أسرع نحوه وهو عاقد لحاجبيه…

دنا منه وقام بفتحه فوجدها هي أمامه… وعلامات الضيق ترتسم على محياها غير سامحة له بالحديث فقط مندفعة بكامل جسدها نحوه ترتمي باحضانه وهي تتحدث بانهيار جلي أجادت اظهاره:

-انا مش عارفة اعيش من غيرك… ارجعلي يا خالد….عشان خاطري…أنسى كل اللي فات…وكل اللي حصل.. خلينا نبدأ من الأول…عشان خاطري…

شددت من احتضانه وهي تكرر رجائها:

-عشان خاطر نيفين حبيبتك…

لم يحبذ هذا الاقتراب…والاحتضان..حاول إبعادها لكنها أبت ذلك وزادت من احكام يديها حول خصره..قائلة بضعف وبكاء:

-ارجعلي يا خالد..

كز على أسنانه واستخدم قوته في الفصل بينهم….

فعلها اخيرًا فتنهد بارتياح لابتعادها عنه..فـ لمستها له كانت كالجمرات الملتهبة…

قائلًا بهدوء زائف:

-مبقاش ينفع..انا وانتِ مينفعش نرجع..كدة احسن…

-لا مش احسن يا خالد..مش أحسن…أنا عايزاك…عايزة اعيش معاك…

تابع كلماتها وانتظر منها ذكر ابنهم وسام….لكنها لم تفعل احاديثها فقط تتمحور حولها…وحول ما تريده…

ظهرت السخرية على ملامحه وهتف بنبرة عكست ضيقه وسخطه:

-مش ملاحظة أنك مجبتيش سيرة وسام؟؟؟؟ للدرجة دي مش مهم عندك…أنتِ أنانية اوي يا نيفين…عايزة ترجعي عشان نفسك..مش عشان ابنك…عارفة لو كان كلامك عشان ولـمصلحة وسام انا كنت وافقت ارجعلك…..ده أنتِ حتى يا شيخة مفكرتيش تدخلي تشوفيه..جاية لنفسك وبس…

تعلقت عيناها الباكية والمعلق بها بعض الدموع الخادعة، متابعة كلماته:

-أنا مش

هرجعلك

…خلص الكلام..

_______________

اليوم التالي…

يقف “أشرف” وخليل رفقة مهندس الديكور الذي قام خالد بترشيحه لهم…يتبادلان الأحاديث الخاصة بالمطعم…

وعقب انتهائه لما لديه انسحب تاركًا أخيه يتابع معه…

فقد كانت تشغل عقله ولا يدري ماذا تفعل في هذا الوقت؟؟؟ و رُبما يكون قلقًا ويهاب خروجها دون أذنه من جديد….

دس يده في جيبه مخرجًا هاتفه وقام بالاتصال بها متمنيًا أن تفعل ما قاله وألا تخيب ظنه بها….

ضيقت عيناها بغيظ وما حدث أمس يتكرر أمامها منزعجة من غلقه في وجهها…

لذا قررت عدم الاستجابة كي يعلم خطأه ولا يكرره معها…

عادت تداعب الكلب برأسه متجاهلة إياه تمامًا…..

زفر “أشرف” وأوشك حدوث انفجار مدويًا بداخله…..

ظل يكرر اتصالاته….حتى نفخت هي تلك المرة وردت عليه بتذمر ظاهري واشتياق باطني….فلا تريد أن تعترف بأنها ترغب بالإجابة كي تنصت لصوته الذي يجعلها تشعر بسعادة لا تأتيها أو تتسللها بسهولة..لكنه يفعلها بسهولة؟؟؟!!!!

-ألو..

تحدث بانفعال محاولًا خفض نبرته قدر المستطاع:

-أنتِ فين؟؟ ومش بتردي ليه…

هنا ولمعت عيناها ببريق ماكر..مقررة التلاعب به قليلًا كي تثأر من فعلته، قائلة:

-معلش أصلي عند إيمان صاحبتي..مسمعتش الـ

لم تستطع المتابعة وبرقت عيناها من هذا الكم من السباب الفظ الذي وقع على مسامعها منه….يعبر عن غضبه وانكاره لمعاندته والأطاحة بكلماته كأنه لا شيء بالنسبة لها….

اوقفت ما يحدث لا تتحمل الاستماع أكثر معترفة:

-بس بس… يخربيت لسانك الزفر….بهزر…وابقى بنت كلب لو هزرت معاك تاني……

كان صدره يعلو ويهبط بانفعال لا يبالي بنظرات اخيه والمهندس وباقي العمال نحوه…فقد استطاعت ونجحت في ايصاله لذروة غضبه..مجبرة إياه على الانفجار:

-هزار بايخ ومستفز زيك….متهزريش معايا تاني يا بت انتِ…أنا مش صاحبتك…انا سايب اشغالي وحالي ومالي وبتصل عليكي…انا مش فاضي لشغل العيال ده….

أشارت على نفسها بعدم تصديق:

-أنا عيلة؟؟؟

-وستين عيلة…انا..

وصل إليه صوت تاليا شقيقتها التي دنت منها تخبرها بحماس وصوت عالي:

-وعد يالا اطلعي اجهزي هنروح عند خالو هيما وانطي مهرة….وهنقضي اليوم هناك …..

-ماشي…هطلع دلوقتي..

رحلت تاليا وكادت تتحدث ليصلها صوته المتسائل:

-هتروحوا فين؟؟؟؟

-عند خالي ابراهيم…عند خالي ابراهيم….عند خالي ابراهيم..اديني قولتها تلت مرات عشان ميبقلكش حجة….والقيك بتتحول عليا…..

تنحنح قبل أن يغلق، مردد بقوة زائفة:

-عنده ولاد؟؟؟؟

ردت بحماس مؤكدة لا تدري ما فعلته بكلماتها البسيطة:

-اه..مؤنس و زيدان..

كتم غيظه ولم يرغب في منعها واحتفظ بمشاعره الثائرة لنفسه..متمتم بأقتضاب:

-طيب..لما توصلي هناك ابقي كلميني…سلام..

________________

-أنا…. أنا….. أنا…. أنا مش عارفني…انا كنت مني…انا مش أنا…..لا دي ملامحي…ولا شكلي شكلي ولا ده أنا…ابص لروحي فجأة..لقيتني كبرت فجأة…..تعبت من

توقف الشاب عن الغناء عند مقاطعة والده له والذي يجلس جواره بالمقعد الأمامي من السيارة….مغلقًا تسجيل السيارة، مغمغم بيأس:

-ده انا اللي تعبت منك…هتشلني..شللي وموتي على ايدك يا ابن الكلب….

تجعد وجه الشاب إستياءًا من فعله والده، قائلًا:

-أنت هتهزر يابا…هو أنا كلمتك ما أنا في حالي اهو ومندمج وآخر ألسطة..لازمتها اي العكننة دي بس..

وفجأة توقف بالسيارة عندما التقطت عيناه ذلك المتجر القريب وعلى بعد خطوات من مطعمهم الشرقي..نازعًا نظارته الشمسية يستفسر من والده:

-ايه ده يابا هما بيعملوا ايه في المحل؟؟؟؟

التوى ثغر والده للجانب يسخر منه، مجيبًا إياه:

-وأنت في دماغك حاجة، كفاية عليك النسوان اللي تعرفها..عيل ملكش لازمه…

-يووووه…يخربيت ام التقطيم…أنا سألت سؤال واضح..بيهببوا ايه دول؟؟؟

رد تلك المرة بنفاذ صبر:

-ايوب باع المحل وسمعت أن الراجل اللي اشتراه هيحولوا مطعم شرقي….

حدق بوالده مطلقًا صوت من فمه، صائحًا بهدر:

-و بروح أهله بيبعه لناس غريبة ليه…مجاش قالنا ليه كنا خدناه إحنا….

-يا بجاحتك يا أخي وبتسأل ليه؟؟ يمكن عشان البيه مش فاضي يشوف اشغالنا….كفاية طنتيطك من واحدة لواحدة…انت هتلاحق على ايه ولا ايه….لا كدة كتير عليك…وانا اخاف عليك…

كبح غضبه جبرًا عائدًا بحدقتاه نحو المتجر الذي سيتحول عما قريب إلى مطعم شرقي منافس لهم……………..

________________

ودعت “ثراء” صديقتها بعد انتهائهم من هذا اليوم المرهق بجامعتهم…فالامتحانات على وشك البدء….

سارت بضعة خطوات وهي تثرثر مع ذاتها منزعجة من الفتيات فجميعهم رفضوا المجئ اليوم…ولم يأتي سواها…

تسمرت قدميها وشعرت بتثلج أطرافها عندما رأت من تعشقه يقترب منه…

وقف “مؤنس” أمامها مبتسمًا لها بألفه ومحبة اخوية:

-عاملة ايه؟؟

بادلته بسمته وحاولت تناسي مشاعرها نحوه والتعامل على أنه قريبها فقط…

-الحمدلله وأنت؟؟

-مطحون اقسم بالله…ونفسي السنة دي تخلص بقى عشان افضى للشغل مع بابا…

-ان شاء الله…أنت لسة قاعد؟؟

-لا خلاص مروح…يلا بينا..

عقدت حاجبيها قائلة بتخمين:

-ايه ده جاي معايا ولا إيه؟؟ هي انطي مهرة عندنا في البيت..

ضحك يخبرها بمرح:

-لا انتوا اللي عندنا يلا بينا…

وافقت وتحركت معه..وبحركة عفوية سريعة وضع يده على ظهرها..لم يقصد بها شيء…ولم تهتم هي مدركة بأنها لا شيء بالنسبة له كي يتعمد ملامستها وأن الأمر ما هو إلا تلقائية منه..

صعدت معه سيارته…وتحرك الاثنان مغادرين الحرم الجامعي….

تاركة خلفها ذلك الذي تسلل للداخل من أجلها مانحًا أحد أفراد الأمن مبلغًا من المال كي يسمح له بالدخول…

ورآها مع ذلك الشاب…اعتصر قبضته وابتسم بسمة جانبية مغتاظة:

-وعملالي فيها الخضرة الشريفة وانت ِ مقضياها…ماشي يا ثراء انا هوريكي جابر سلطان هيعمل فيكي إيه……………

يتبع.

فاطمة محمد.

رأيكم وتوقعاتكم.❤️

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق