رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الرابع والثمانون
الفصل الرابع والثمانون
اتمنى التفاعل يزيد والفصل يعدي الـ ١٠٠٠ فوت ❤️
________________________
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الرابع والثمانون:
بات
بمواجهته
، رفع يده وقبض على
مرفقيه
بقوة وغل وهو يجذبه معه مردد بنبرة غاضبة آتى بها من أعماق الجحيم:
-امشي معايا من سكات يلا..
تبادلت وئام وثراء النظرات القلقة
مخمنين
إدراكه بما بدر من هذا الشاب، فصاحت وئام بهدوء:
-خليل م
لم يدعها تسترسل وقال وهو يجذبه معه للخارج رغمًا عنه…
-روحوا
اقعدوا
مع فجر عقبال ما ارجع..يلا يا حيلتها يلا.
صُدم
الإثنان من طريقته بالحديث وعلموا ما ينتظر هذا الشاب..متابعين مغادرته معه وملاحقة إيمان لهم خوفًا على أخيها.
بعد مغادرتهم ابتلعت وئام ريقها وقالت
مصوبة
حديثها
لثراء
:
-ثراء روحي اقعدي مع فجر وأنا
هخرج
وراهم يلا.
اماءت
لها ونفذت ما قالته وخرجت وئام خلف خليل..
غافلة عن ذلك المتابع لها وخرج هو الآخر خلفها…
وفجر التي لم تتحمل الجلوس بعد رؤيتها لخليل يخرج رفقته..
فخافت
على زوجها و شعرت بالرهبة..فنهضت هي الأخرى تلحق بهم..وفشلت ثراء بمنعها وبالطبع لم تتركها..
خرج خليل معه خارج القاعة
وبعيدًا
عن الأنظار، وعلى الفور تبدل من ذلك الهادئ إلى آخر أكثر شراسة
وعدوانية
..
لم يتحدث.. أو يتبادل معه أطراف الحديث..بل سارع
بلكمه
على وجهه لكمات متتالية سريعة وعنيفة دون
سنحه
فرصة للحديث والدفاع عن حاله..
واي دفاع هذا وهو كاد يحطم وينهي على من ملكت قلبه وعقله..
خرجت صرخة خائفة من فوه إيمان والتي تحدثت ترجوه:
-لو سمحت بلاش كدة..
متضربوش
.
ظلت تتحدث
وتعنفه
لتطاوله
على أخيها..لا تدري بأنه لا ينصت إليها من الأساس..
فالغضب
قد
أعماه
..
كل ما يراه
ويتذكره
بتلك اللحظة هو دموع فجر أثناء قصها لما بدر منه..
ونوى
على فعله..
جاءت وئام
ودنت
من خليل الذي لا يتركه وقالت:
-خليل سيبه لو سمحت..خليل…
حضر عابد والذي
جحظت
عينيه من شجار أخيه المسالم مع أحدهم بل وضربه بشكل عنيف همجي..
فمن يراه الآن لا يصدق بأنه خليل..بل
سيقسم
بأنه شخص بربري…
سارع بالركض نحوهم والفصل بين أخيه وذلك الشاب…
مربتًا
على صدر خليل الذي يعلو ويهبط بغضب ناري:
-في إيه؟؟ اهدا وقولي عملك إيه؟
بتلك اللحظة آتت فجر
وبصحبتها
ثراء..رآها أنس أولًا.. وبتلك الحالة التي لا تسعفه على حديث..تحدث ونطق حروف اسمها ينادي عليها وليته لم يفعل.
”
فــجــر
“.
اشتعلت عين خليل مرة أخرى وخرب ما كان يحاول عابد فعله..وذهب
هباءًا
وانقض
خليل مرة أخرى عليه ولكن بعنف وغضب مضاعف..متحدث بغل:
-اسمها
ميجيش
على لسانك يا حيوان..انت سامع يالا…اسمها
ميتقالش
ومتنطقهوش
..
نظرت وئام نحو عابد وقالت بانفعال:
-أنت
بتتفرج
عليهم؟؟ اعمل حاجة..
صرخت إيمان على خليل مرددة بخوف كبير وحقيقي على أخيها:
-بس بقى حرام عليك سيبه..
وللمرة الثانية ينجح عابد في الفصل بينهم..دافعًا أخيه بصدره مسببًا في تراجعه للخلف خطوات عدة..
رمقه
خليل بنظرة تحمل نيران وغضب..دافعًا إياه بصدره..
حضر الآمن بتلك اللحظة فقام عابد بالتصرف معهم
وبصرفهم
بعيدًا.
بارحت
إيمان مكانها واقتربت من أخيها تطمئن عليه..فقد كان ينزف من أنفه…
فتحت حقيبتها وأخرجت
منديلًا
ورقيًا
ثم
قربته
من أنفه..التقطه منها ومسح أنفه..عائدًا بعينيه نحو فجر..متمتم بندم شديد:
-أنا آسف سامحيني…انا مش عايز غير انك
تسامحيني
..
أرجوكي
.
تحركت إيمان من جواره واقتربت من صديقتها السابقة والتي خسرتها للأبد بعد ما كادت تفعله بها، متحدثة بدموع لا تزال تذرف:
-فجر..احنا جايين انهاردة عشان
نعتذرلك
.. إحنا بجد ندمانين
وبنتمنى
تـ
لم تتركها فجر تتابع
وتجاهلتها
متحدثة مع خليل:
-خليل خلينا نرجع القاعة يلا..
ظل خليل واقفًا مكانه كما هو..يتمنى الانقضاض عليه من جديد
لافتراسه
مثل الأسد عند هجومه على فريسته..
فما فعله به لم يطفئ نيرانه أو يبرد صدره..
علمت ما يحدث معه فعادت تكرر حديثها:
-خليل يلا خلينا نرجع..
تلك المرة استمع إليها واقترب منها وتحرك معها..وقبل أن
يغيبوا
تمامًا أردف أنس بصوت عالي:
-ارجوكي
سامحينا
.. احنا مش عايزين اكتر من كدة..انا آسف..من كل قلبي آسف.
لم تتوقف..أو تمنحه ما يريد..فقط غادرت مع زوجها وعادت لداخل القاعة مرة أخرى تذرف الدموع من أسفل نقابها….
تقدمت ايمان من أخيها وقالت بأسف:
-يلا يا أنس خلينا نمشي.
وبقلب يتمزق..وضمير يعذبه غادر معها فعلى ما يبدو أنه
سيتعايش
مع هذا العذاب..
بعد مغادرتهم..لم يتبقى سوى ثراء.. وئام وعابد..
كاد الشقيقتان يرحلان لولا وقوفه أمامهم وتسليط بصره على وئام متحدث معها:
-ممكن اتكلم معاكي؟
وباعين
لا تنظر إليه ردت عليه:
-لا.
خطف نظرة نحو ثراء قبل أن يتابع بترجي بسيط:
-عشان خاطري.
نظرت تلك المرة بعينيه وهي تخبره بقوة:
-ملكش خاطر عندي..يلا يا ثراء.
رحلت وتركته ينظر
بأثرها
..ثم بأثر ذلك الشجار الذي كان
قائمًا
والذي لا يعرف سببه..
تنهد وتحرك
عازمًا
على سؤال أخيه لاحقًا.
_______________________
بعد وقت وأثناء مشاركة بعض الشباب الرقص مع خالد، نضال، وأشرف..
وبعض الفتيات مع أبرار، داليدا، و وعد..
شعر جابر
بالإنهاك
بعد وصلة من الرقص المتواصل..فترك الرقص وعاد للطاولة الذي يجلس عليها عائلة أروى وخليل وفجر اللذان
يتسامران
مع دلال ونجلاء
وكأن
شيء لم يحدث اليوم..
وبالطبع معه وسام لا يتركه..
وما أن جلس حتى صاحت نجلاء والتي كانت تتابع وئام الجالسة:
-عن
إذنكم
.. لحظات وسأعود.
عقدت دلال حاجبيها وسألتها:
-رايحة فين؟
-سأعود لا تقلقي.
وبالفعل غادرت واتجهت نحو طاولة وئام..
ملقية
التحية عليهم..ثم نظرت إلى ثراء قائلة:
-هل من الممكن أن
تنزاحي
قليلًا؟
عقدت ثراء حاجبيها وسألتها:
-انزاح؟!
-اينعم..ارغب بالحديث مع
شقيقتك
..
انتقلت ثراء لمقعد آخر تاركة المقعد لـ نجلاء.. التي بدأت حديثها
متخليه
عن الفصحى متحدثة بالعامية
منتبهه
لبرود
وئام معها:
-عاملة إيه يا بنتي؟
نظرت إليها
ولزمت
الصمت..
مطت
نجلاء شفتيها وقررت الدخول بصلب الموضوع:
-عارفة انك واخدة على خاطرك..وحقك..كلامي كان سم..
ومكنش
ينفع أقوله..ورغم اني
اتأسفتلك
وقتها..عايزة
أتاسفلك
تاني..انا آسفة يا بنتي..
اندهشت وئام من اعتذارها والتي لم تتوقعه بالمرة..والتقطت نجلاء تلك الدهشة فقالت مبررة:
-متستغربيش اني
بتأسفلك
….انا غلط..
وغلطي
مش هين..ومش معنى أني اكبر منك يبقى
معتذرلكيش
..لا..هي مش بالسن..ومرة تانية متزعليش مني يا حبيبتي.
أنهت حديثها
مقتربة
منها معانقة إياها على حين غرة..
وبتلقائية
رفعت وئام يدها تبادلها
عناقها
..
ابتسمت نجلاء من رد فعلها..فسارعت بتقبيلها على وجنتيها..
هامسة
لها:
-على فكرة عابد بيحبك أوي..وانا أتمنى ترجعوا.. وإن شاء الله ترجعوا..عشان أنتِ مش هتلاقي حد يحبك زيه..
_____________________
على الطرف الآخر.. رأى وسام فتاة
تقاربه
بالعُمر
ترتدي فستان يصل إلى ركبتيها..
وتترك خصلاتها الناعمة محررة على ظهرها..وترقص بطريقة طفولية مع امرأة يبدو أنها والدتها..
حدج جابر به وكان على وشك التحدث معه
والاقتراح
عليه
بالمجئ
معه بدلا من المبيت مع جدته وابنتها بغرفة الفندق..لولا رؤيته
لنظراته
المسلطة
على الفتاة..
مسك به من تلابيبه مرة أخرى..مسببًا في فزعه..مردد من بين أسنانه:
-أنت إيه اللي
جرالك
يا واد أنت!!! أنا حاسس أنك هتبقى مشروع نسوانجي كبير..لم نفسك ياض..لم نفسك..بتبص على البت ليه ها..بتبص ليه؟؟
وقبل أن ينطق ويخبره فقط بأنها لطيفة وجميلة كان جابر يسبقه
مخمنًا
ما يوشك على قوله:
-إياك..إياك تقولي عشان حلوة
وقمورة
.. أقولك على حاجة..اعمل اللي انت عايزه..بس بنتي تنساها..انا
هجوزها
لابن خليل.. أو ابن أشرف..
شعر وسام بالحنق من تهديد جابر المستمر..فقال
بزهق
وطفولية
شديدة وهي يدفع يد جابر عنه:
-أنت
زهقتني
وقرفتني
…كل شوية متقولش.. متعملش مش هجوزك بنتي..هي فين بنتك دي أصلا..اقولك أنا على حاجة أنا مش عايز
اتجوزها
..
ومبقتش
عروستي..
خليهالك
..
أووف
..
ردد الأخيرة وهو ينهض عن الطاولة
واتجهه
نحو الفتاة الصغيرة
مقترحًا
على والدتها مشاركتهم الرقص..اتسعت عين جابر من تلك الوقاحة كما رآها وقال:
-احييه..الواد باظ خالص..هو ايه اللي
جراله
ده مكنش كدة !!!!!!
_____________________
عادت نجلاء مرة أخرى فسألتها دلال بدهشة:
-كنتي
بتقوليلها
ايه؟؟
وبتبوسيها
ليه؟
-اعتذرت لها عما بدر مني يا أختي..
وأخبرتها
بأن عابد يحبها ولن تجد رجل آخر يعشقها مثلما يفعل هو..
تنهدت دلال وقالت مستنكرة طريقتها:
-هو ينفع تكلميني عادي..ابوس ايدك يا شيخة.
-لا..فقد حظت الفصحى على إعجابي..ولكن هذا لا يعني اني لن أتحدث بالعامية..بل
سأتحدث
ولكن من حين لآخر..
وأثناء حديثهم أقبل عابد عليهم وجلس بالمقعد الخالي من الجهة الأخرى لوالدته..
نظرت دلال لهوية ذلك الشخص الذي يجلس جوارها.. وسرعان ما
ارتخت
تعابيرها
وتألم
قلبها..
ابعدت عينيها عنه ونظرت باتجاه شقيقتها لا تبالي بتواجده..
لكنه لم يتركها وقال:
-ماما..
ورغم
استماعها
إلى
ندائه
إلا أنها لم تعلق..
أخذ نفسًا
عميقًا
ثم تحدث مرة أخرى:
-يا ماما بكلمك !
حدجت
به تلك المرة وقالت بنبرة تئن
ألمًا
و
وجعًا
من قدرته على عدم التحدث معها أو رؤيتها طوال تلك الفترة !!!!!!
ترى هل تستحق هذا العقاب؟
ألم يحن قلبه إليها أو يشعر بالشفقة نحوها؟
لم يتذكر لها شيء واحد جيدًا قد فعلته من أجله؟
-أنا مش ماما..
ومتكلمش
معايا..
عادت تولي اهتمامها إلى شقيقتها..
فسرق
عابد نظرة نحو جابر وخليل واللذان قاما
بتشجيعه
على الأقدام واستمرار محاولته معها..
على يقين بأنه قد بالغ في مقاطعتها..
فتلك الثلاث شهور مروا عليها وكأنهم ثلاث سنوات وليس ثلاث شهور..
افتقدته
..
واشتاقت
إليه..
فلو علم مدى اشتياقها إليه لكان حن قلبه وخجل من مقاطعته لها..
بلل شفتاه..ثم ابتلع ريقه مقتربًا
بمقعده
منها يصر على الحديث معها:
-لا أنتِ ماما
وهتكلم
معاكي..
رغمًا عنها تجمعت دموعها داخل
حدقتيها
.. وتجدد
آلمها
من عدم سؤاله..
نظرت إليه وقالت
بأستهجان
وسخرية:
-ماما
بأمارة
إيه ها؟؟
بأمارة
سؤالك عني الفترة اللي فاتت..
بأمارة
انك كنت بتيجي تشوفني؟
للدرجة دي هونت عليك؟؟
مفتكرتليش
حاجة واحدة بس حلوة عملتها معاك؟
قولي ليه الحلو
اتنسى
والوحش هو اللي علق معاك؟
انا استاهل منك كدة؟؟ كل ده عشان بحبك وعايزة مصلحتك..زعلت مني عشان اتكلمت عليها ومش عايزاك
ترجعلها
..
رفعت يدها و
ربتت
على صدره متابعة بذات الألم:
-متزعلش..مش هكلم عليها تاني…
وارجعلها
انت حر يا بني.. أنا مش هدخل فيكم من بعد انهاردة لا
بحلو
ولا
بوحش
..
وقبل أن تبعد يدها كان يلتقطها
ويقبلها
..ثم مدها نحو رأسها يجذبها نحوه
ويقبلها
على رأسها متمتم بأسف:
-حقك عليا يا ماما.. انا آسف ليكي..
هبطت دموعها أثناء تقبيله
لرأسها
..
ابتعد عنها ونظر داخل عينيها فقالت وهي لا تستطع مقاومة اشتياقها إليه طيلة تلك المدة جاذبة إياه
لاحضانها
:
-وحشتني يا ابن الكلب..وحشتني اوي..كذا مرة كنت هكلمك وأسألك أنا ازاي مش فارقة معاك كدة؟؟
إزاي قادر على بعدي
وازاي
هونت عليك..
التلت
شهور كانوا تلت سنين عليا..وحشتني اوي يا عابد..
ابتسم عابد أثناء احتضانه لها..شاعرًا بالحنق تجاه ذاته لما فعله من مقاطعة طويلة.. جعلتها تشعر بذلك السوء..
-وأنتِ كمان يا ماما وحشتيني اوي وحقيقي البيت وحش من غيرك..أنتِ لازم ترجعي معانا…انا مش هسيبك..
وهقوم
اكلم بابا ده بيتك .
ما لبث أن ينهض كي يتحدث مع والده بشأن عودتها..لولا
إمساكها
به قائلة برفض:
-لا مش
هرجع
..
رفض هذا الرفض وقال
مُصرًا
:
-لا هترجعي يعني هترجعي..أنتِ مشيتي بسببي
وبسببي
برضو هترجعي..
-لا مش بسببك..ده بسببي أنا..
واقعد
ومتحاولش
ابوك مش
هيوافق
وانا كمان مش عايزة ارجع..
رد عليها بهدوء قبل أن يرفع من نبرته متحدث مع خليل وجابر:
-وانا قولت هترجعي..خليل..جابر.. تعالوا معايا
عايزكم
..
__________________
انتهى حفل الزفاف وعادت دلال بالفعل إلى منزلها التي اشتاقت إليه لدرجة لم تتخيلها..
ولم تشعر بها إلا عند دخولها إليه..
فقد استطاع جابر وخليل وعابد إقناع سلطان..والذي رغم معارضته بالبداية إلا أنه كان بداخله يرغب بتلك العودة
فالمنزل
بدونها كان
مــيـتــًا
…
فمكثت
هي
بغرفتهم
..بعد أن تركها لها..ومكث هو بأخرى..
أخرى كانت شاهدة على تلك البسمة التي ارتسمت على وجهه ما أن داخلها..وكان سببها عودتها.
كذلك أقنع جابر وسام بالذهاب معه والنوم معه بذات الغرفة بعد ما حدث بينهم..
فظن الصغير أنه حديثه وما فعله كان شيء بسيط لم يثير غضب جابر..لا يدري بما يخطط جابر لفعله به…
كذلك دخل كل من داليدا ونضال إلى غرفتهم بالمنزل وكذلك وعد وأشرف…وذهب خالد
وأبرار
إلى منزلهم.
والآن وبداخل غرفة خليل وفجر…
كانت تقف أمام المرآة تصفف خصلاتها بعدما
ابدلت
ملابسها..وهو خلفها يراقبها والغريب أنه يشعر بها..يدري ما
تحبسه
وتكبحه
بداخلها..
وبدون اي تفكير كان يقطع المسافة الفاصلة بينهما..واقفًا خلفها..ممسكًا
بكتفيها
يديرها يجبرها على الوقوف
بمقابلته
و
وجهًا
بوجه..
ابتلعت ريقها وكانت عينيها تنظر للأرض بعيدًا عنه..رفع ذقنها وقال بحنق طفيف:
-اتكلمي..قولي حاجة..
متسكتيش
!
عيطي
لو عايزة..يلا يا فجر..يلا.
وبهذا الحديث
والأذن
منه بالبكاء انكمش وجهها
بكاءًا
.. وانهارت سريعًا…حتى كادت تسقط على الأرض..لولا ملاحقته لها
وتلفقه
لها
وجلوسه
معها على الأرض..
أخذًا
إياها بين أحضانه..
يربت
على ظهرها..ينصت إلى بكائها بين يديه كطفلة صغيرة..
كان بكائها يزداد خاصة مع تذكرها
لاعتذارهم
..
وطمعهم
في
مسامحتها
.
رفعت عينيها
الباكية
تنظر إليه تخبره بصعوبة وكلمات متقطعة:
-أنا…مش ملاك يا خليل..مش ملاك عشان
اسامحهم
…انا مش هقدر
اسامحهم
..
آسفهم
مش
هيعملي
حاجة..ولا
هينسيني
اللي كان هيحصل..هما إزاي
مستهونين
باللي كان هيحصل..
جتلهم
منين فكرة أنهم
يعتذروا
كأنهم
خبطوني
أو عملوا حاجة بسيطة..ده أخوها كان.. كان..
لم تتابع
فلسانها
قد عجز عن المتابعة..جز خليل على أسنانه وضمها بقوة مضاعفة يهمس لها جوار أذنيها:
-متكمليش.. وانا عارف أنك مش ملاك..محدش فينا ملاك..وعارف أنه حقك..
انسي اللي حصل النهاردة
وانسي
أنك
شوفتيهم
..انا جمبك..
ومعاكِ
..واي حاجة تهون وتعدي مدام احنا الاتنين مع بعض..وحقك عليا أنا يا فجر..حقك عليا يا حبيبتي..
_________________________
داخل غرفة جابر
وتحديدًا
على فراشه كان يتمدد وسام على جوفه يعبث في هاتف جابر..
وينتظر عودته من الخارج.
انفرج الباب ودخل جابر
مخبئًا
يده خلف ظهره.
موصدًا
الباب بقدميه
جاذبًا
أنظار الصغير.
التفت إليه وسام بعد أن جلس على الفراش مردد:
-كل ده انا زهقت؟؟
ابتسم له جابر
بغلاظة
متعمدة
متقدمًا
منه قائلًا:
-ملاحظ أن لسانك بقى طويل..وده شيء مش في صالحك..عشان أنا ديب يالا..وبعدين قولي كدة قولت ايه انهاردة عن بنتي!! يلا قول تاني كدة..
قطب وسام حاجبيه
وابتلع
ريقه بقلق وهو يسأله:
-جابر أنت
مخبي
ايه ورا ظهرك؟
-وانت مالك..رد وقولي كنت بتقول إيه على بنتي؟
وبخوف
بسيط رد:
-مقولتش.
-لا قولت تحب
افكرك
قولت إيه؟
-يووووه انت عايز إيه دلوقتي..
اتسعت عين جابر مرة أخرى واخرج تلك المرة جوز من الجوارب..
رافعًا إياهم أمام أعين الصغير وبيده الأخرى يسد انفه يخبره:
-الشراب ده فضلت لبسه أسبوعين تقريبًا
ومقولكش
على ريحته..
اجارك
الله من ريحته..
ولو
هتسألني
جايبه ليه..فـ أنا جايبه
اعاقبك
بيه..عشان تطول لسانك ده عليا..ياض مش
بينلك
من اسمك انت واد ولا بت..وبعدين بطول لسانك عليا بدل ما تشكرني اني هجوزك اصلا لبنتي
بأسمك
ده..ابقى وريني مين
هتقبل
بيك وأنت اسمك وسام..
تراجع الصغير في الفراش يود الهرب منه..فلحق جابر به قبل أن يهرب..ممسكًا به..مسببًا في انفلات صرخة من فوه الصغير..فقام بوضع الجوارب على أنفه:
-شم ياض..شم عشان تتوب..
وتتعظ
..انا عايز
انتشلك
من الضياع.
دفع وسام يده وهو يردد
بأشمئزاز
:
-يعععع..يععععع..
-قول ياض أنك
هتلم
نفسك وتبقى محترم يلا قول……آه يا بن
العضاضة
..
ردد جابر
متالمًا
مفلتًا
وسام بعد أن قام بغرز أسنانه بيده.
ابتعد وسام و وقف في نهاية الغرفة
يطالعه
ويطالع
صدمته..
رفع جابر عينه عن يده وقال بعدم تصديق:
-أنت
بتعضني
ياض..بتعملي ساعة؟؟
انا محدش عرف
يعملي
ساعة قبل كدة..
طب
تعالالي
بقى..
اقترب من وسام الذي لم يجد مفر أو مكان للركض بعد أن
حاصره
..حمله من جوفه ثم اندفع به نحو الفراش
وتسللت
يده إلى جوفه
وعنقه
وهو يردد مسببًا إطلاق ضحكات الصغير:
-بتعضني ياض..
بتعضني
..
استحمل
بقى
الزغزغة
…
_______________________
خرجت «وعد» من دورة المياه التي دخلتها
وابدلت
بداخلها ملابسها.
سقط بصرها على أشرف الجالس على الجانب الأيمن من الفراش ويبدو أنه في انتظارها.
ويطالعها
متاملًا
تلك المنامة التي ترتديها والتي كانت محتشمة واسعة للغاية قد تسع شخص آخر معها..
والسروال
طويل يتعدي قدميها..كذلك الأكمام كانت تخفي كف يدها..
وخصلاتها
كانت
منسابة
على كتفيها.
ارتفع حاجبيه وعلق ساخرًا:
-إيه اللي انتِ
لبساه
ده يا ماما؟؟
-هدوم..
-يا شيخة قولي والله هدوم؟!!
ده انا كنت فاكرها شربات للرجل..
أنتِ بتهزري يا وعد!
بللت
شفتيها وهي تتقدم منه قائلة بتوتر تحاول إخفائه والسيطرة عليه قدر الإمكان:
-لا..
ههزر
ليه يعني..ده انت اللي بتهزر ايه شربات للرجل دي..وبعدين انت نايم في
الجمب
اليمين ليه أنا متعودة أنام على اليمين..لو سمحت
اتعتع
كدة و خش في الناحية الشمال..
سحب أشرف نفسًا
عميقًا
قبل أن يحدث ذاته:
-اهدا يا أشرف..اهدا يا بابا..
بعد
تحدثة
مع ذاته، تحرك من الجانب الأيمن واستقر في الأيسر..
تمددت هي على مشارف النوم..قائلة بكلمات ذات مغزى قد
تعمدتها
:
-اه هموت تعبانة..الكعب
قطم
ظهري..حتى مش قادرة اكل..قوم
كُل
انت لو عايز..بس بعد ما تاكل
اطفي
النور..
ظل كما هو يناظرها بصدمة ممزوج بغضب بسيط..شعرت بنظراته
تخترقها
.. فقامت
بالتقلب
على الفراش مرة يمينًا ومرة
يسارًا
..
وبالنهاية هبت جالسة قائلة باقتراح مرح:
-بقولك إيه أنا مش مرتاحة هنا تبدل؟؟
للمرة الثانية يغمض عينيه ويردد مع ذاته:
-يا أشرف اهدا..اهدا اوعى تتهور..
اماء
لها بموافقة و ببسمة صفراء
سمجة
..سعدت بهذا وجاء مكانها واخذت هي مكانه..
تمددت على ظهرها ونظرت للسقف
ومجددًا
تشعر بنظراته
تخترقها
..
ابتلعت ريقها وعادت الكرة مرة أخرى متقلبة..
وما أن فعلت المثل قالت :
-بقولك إيه؟
اتسعت بسمته الصفراء متمتم بغيظ :
-اشجيني.
-مش مرتاحة..حسة عندك كان احلى يلا نبدل تاني.
تلك المرة لم ينصاع لها وقال من بين أسنانه:
-نامي يا وعد نامي يا ماما.
هزت رأسها بموافقة
وتوترها
في تزايد..تمدد جوارها هو الآخر..
أغمضت جفونها تدعو ربها أن تغط في النوم سريعًا..
كادت تكمل
دعائها
لولا.. شعورها
بتحركه
في الفراش..فتحت عين واحدة وعلى الفور وجدته يقترب منها رويدًا رويدًا..
لم تفكر
وانتفضت
مفارقة الفراش قائلة بارتباك جلي:
-لا بص مش مرتاحة..السرير ده مش مريح خالص..اقولك على حاجة انا هاخد مخدتي دي
وهنام
على الكنبة اللي هناك دي..
كانت تتحدث وهي تلتقط
وسادتها
تنوي بالفعل تنفيذ ما تقوله..
هب هو الآخر من نومه مردد بلهجة ساخرة:
-انا شايف انك تاخدي
مخدتك
دي وعند اهلك يلا….بقولك إيه..
ردد الأخيرة وهو ينهض عن الفراش
ويدنو
منها بخطوات بطيئة..جعلتها على وشك البكاء.
وكلما كان يتقدم خطوة كانت هي
تتراجعها
.
قائلة بحذر وقبل أن يمس جسدها الخزانة من خلفها:
-لا بص
متقربش
والله اصوت
واجبلك
ابوك وامك..
نظرت خلفها تنظر فيما
تصادمت
فوجدتها الخزانة ابتلعت ريقها
وتفاقمت
ضربات قلبها وهي تراه مستمر في تقربه هذا…
حاولت البحث عن أي كلمات أو حجة..فلم ترى سوى الطعام المغطى فقالت وهي تشير نحوه:
-يــــاه ده انا
جعانة
أوي..انت مش جعان ولا إيه.
بات أمامها مباشرة..انفاسه تلفح وجهها هامسًا بنفي:
-لا مش جعان..وبعدين ما تهدي بقى..ايه اللي شوية مش مرتاحة في
الجمب
ده..
واسيبك
تاخدي مكاني تقوليلي برضو مش مرتاحة وفي الآخر عايزة تنامي على الكنبة..ما ترسيلك على بر بقى..متجننيش معاكي..وقوليلي بقى عايزة ايه بضبط؟
وبوجهه منكمش على مشارف البكاء ردت عليه بطفولية تناقض شخصيتها التي كانت تتعامل بها:
-عايزة ارجع لأمي
وأبويا
….
يتبع.
فاطمة محمد.
رأيكم
ومتنسوش
الفوت ❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.