رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثامن والثمانون
الفصل الثامن والثمانون
الفصل مش كبير يا بنات وصغير جدا، بس قولت انزله عشان وعدتكم بفصل ينزل انهاردة و اوعدكم الفصل الجاي يبقى اكبر من كدة واتمنى ينال إعجابكم ❤️
____________________________
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الثامن والثمانون:
-بس أنا مش عايزة أتكلم معاك.
كان هذا جوابها والتي قامت
بإلقائه
عليه دون النظر إليه،
متفادية
أي لقاء قد يحدث بأعينهم.
لم يوافق على هذا الحديث وقال بإصرار يشوبه بعض الترجي:
-بس إحنا لازم نتكلم في كلام كتير أوي عايز اقوله ولازم
تسمعيه
.
ابتلعت ريقها محاولة التماسك قدر الإمكان، قائلة
بتعابير
جامدة لا تظهر أي شيء من مشاعرها الحقيقية بتلك اللحظة:
-مفيش حاجة إسمها لازم!! بس في حاجة إسمها مش عايزة اسمعك يا عابد ولا اتكلم معاك من أساسه،
أساسًا
مفيش حاجة ما بينا عشان نتكلم فيها كل واحد راح لحاله.
هنا
وازاح
عينيه عنها مطالعًا أختها ثراء الجالسة جوارها،
متحدثًا
معها بعينيه،
فالتقطت
هي
رجائه
بقول أي شيء قد يبدل قرار أختها ويجعلها تعدل عنه.
خرج صوتها
مقترحًا
على وئام:
-خلاص يا وئام شوفيه عايز إيه،
واتكلموا
مش
هيجرى
حاجة يعني..
لم تنتظر جوابها بالموافقة وقالت قبل أن تغادر السيارة:
-أنا هنزل
ابص
على الكلب عقبال ما تخلصوا كلام..
هبطت بالفعل وتركت السيارة، فسارع بالالتفات حول السيارة وذهب مكانها وقبل أن يصعد وتبعد هي كان يهمس لها
بامتنان
حقيقي على مساعدتها تلك:
-شكرًا
ليكِ
.
اومأت
له بعينيها دون أن تنطق بحرف..
صعد هو بالمقعد المجاور لوئام ثم بدأ حديثه لا يبالي
بحدقتاها
التي لا تنظر نحوه،
فيكفيه
بأنها تنصت إليه، فهو لا يريد أكثر من ذلك:
-قبل أي حاجة، أو ابدء أي كلام معاكي عايزك تعرفي أني لسة بحبك،
ومبطلتش
أحبك، ولا قلبي بطل يدق باسمك..ورغم محاولاتي أني أكرهك إلا أني مقدرتش يا وئام..
زفر بهدوء ثم أضاف على حديثه:
-أنا مش هقولك أني مش غلطان، وإني حتى مش ندمان..
بالعكس أنا غلطان
وندمان
..وأنتِ كمان غلطي وأكيد
ندمتي
..
انا بس عايزك تحسي بيا،
وتحسي
باللي
بيجرالي
، أنا عارف أنك بتحبيني زي ما أنا بحبك،
وبتتعذبي
زيي بضبط.
وأخيرًا
حركت رأسها وسلطت بصرها عليه،
وتلاقت
عينيهم..قائلة بنبرة تحمل الكثير من السخرية:
-بتحبني بأمارة إيه يا عابد؟؟
قولي بتحبني بأمارة إيه!!
بأمارة طلاقك ليا بعد ما
اعترفتلك
بحبي ليك!!
بأمارة ما روحت عرفت غيري!!
بأمارة ما صدقت واحد متعرفوش
وكدبتني
أنا!!
ولا بأمارة الفكرة اللي وصلت لأهلك عني وكلام خالتك اللي اتقال في وشي..يمكن سهل تقولي أنك بتحبني وتكرر ده، بس أنك تثبت ده صعب أوي..
صمتت للحظات تهدأ من روعها، مبعدة بصرها عنه، ثم تابعت بذات الألم الذي يجعله يتعذب:
-أنت لو فعلا بتحبني كنت عرفتني غلطي..
عاقبتني
..بس
متنهيش
كل حاجة كدة..
فكرك أنا كنت
هقاوحك
وهقولك
لا عادي اللي أنا عملته وايه يعني؟؟
فكرك لو انا شايفة أن اللي عملته صح انا كنت قطعت معاه كلام؟؟
انا عارفة أني غلط
وخنت
ثقتك..بس رد فعلك كان قاسي أوي..قاسي لدرجة أنه
دبحني
..عايشة معاهم
وبتكلم
وباكل
وبنام
وبرسم
البسمة بس أنا في الحقيقة مش عايشة.
-ولا انا كمان عايش يا وئام،
وعايزك
معايا، عايزك
ترجعيلي
من تاني، إحنا
اتعلمنا
من اللي حصل
وخدنا
درس مش
هننساه
، واكيد اللي حصل ده في صالحنا، رغم وجعه،
وألمه
إلا أني واثق في ربنا… أنا امبارح اتكلمت مع
أبوكي
وهو معندوش مانع أننا نرجع..حتى عمك كان موافق..
عادت تنظر له، قائلة بحسم معترضه على فكرة الرجوع:
-بس أنا مش موافقة، ومش
هوافق
، لأني كل ما بشوفك
بفتكر
كلام خالتك واللي أنت عارف كان عامل إزاي بس يمكن ده تكملة
لعقابي
….و زي ما قولتلك لو كان ممكن نرجع فبعد اللي حصل بقى مستحيل..ومش معنى أنه عدى وقت على الموقف يبقى أنا نسيت..انا
منستش
ومش
هنسى
..ومفيش حاجة
هتنسيني
…وعلى فكرة أنت معاك حق اللي حصل إحنا
اتعلمنا
منه
ولولاه
انا مكنتش اتغيرت…..
انفعل من
أصرارها
على رفضه، فلا يتصور أن يتابع حياته دونها:
-يعني إيه يا وئام؟؟ يعني إيه؟!
افهميني
بقى أنا مش هقدر من غيرك..مش هقدر..افهمي.
ابتلعت ريقها محاولة التماسك أمامه، قائلة:
-لازم تقدر يا عابد لازم.
-لا مش لازم، لأن أنتِ غلطي وانا غلط.. وأحنا الاتنين
اتعاقبنا
فبكفاية
بقى عقاب أشرف و وعد ونضال وداليدا حتى فجر وخليل وخالد وأبرار كلهم
اتجوزوا
..مبقاش ناقص غيرنا.. أنا هكلم ابوكي
وهتفق
معاه عشان
نتجو
تبدلت تعابيرها لأخرى مقاطعة إياه:
-لا مش هتكلم حد ولا
هتقوله
حاجة، لأن انا
موافقتش
ومش
هوافق
..
وبإصرار
وتحدي وتمسك بها ردد:
-لا
هتوافقي
يا وئام.
-لا مش
هوافق
يا عابد، مش عافيه هي.
هز رأسه بإيجاب مردد بهدوء مفتعل قبل أن يترجل من السيارة ويعود لسيارته وينطلق بها:
-صح هي مش عافية..بس برضو
هتوافقي
وبمزاجك
لأن وئام لعابد وعابد لوئام مهما حصل..ودلوقتي سلام مؤقت.
__________________________
تتوسط وعد صدره، تحتضنه أثناء نومها، واضعة يدها على جوفه..فابتسم وهو يشدد من ضمه لها بذراعيه التي تقبع أسفل رأسها..مقبلًا أعلى جبينها
وبسمته
المحبة لا تغيب عن ثغره..
مسرورًا
بذلك القرب الذي تحقق…
ورغم ذلك يشعر
بالتلهف
إليها..
تلهف
لا يقل، بل ازداد عن ذي قبل..
وكأن
ذلك القرب
وانسجامهم
معًا لم يكن في صالحه
بتاتًا
وكان في صالحها هي وجعله يغرم بها أكثر واكثر ويتمنى إلا يبتعد عنها ويظل معها ولا يجعلها تغيب عن عينيه للحظة..
فعينيه
ستتطالب
برؤيتها إذا غابت…
فهي حقًا استثنائية، إمرأة ليس لها مثيل، فريدة، مميزة، قوية، وفوق كل هذا جميلة، جمال يتفاقم كل يوم بعينيه..
تململت
بنومتها
وكادت تتقلب
وتفارق
أحضانه
وتحرره
من ذلك الحصار التي فرضته عليه…فرفض هذا الإستقلال وتمسك بها بقوة، متحدث معها بهمس وكأنها تسمعه:
-خليكي في حضني…متبعديش.
جائه
جوابها بعد أن استمعت إليه، مجيبة بصوت
ناعس
ودون أن تغادر ذراعيه، فقط
ممررة
يدها على وجهها
بنعومه
:
-مش هبعد أنا جمبك.
التقط يدها وقبلها بعذوبة، ثم نطق يطلب منها:
-نمتي كتير اوي، قومي بقى، صوتك العالي ولسانك الطويل
وحشوني
.
ردت دون أن تفتح عينيها:
-كداب اوي على فكرة.
-كداب على أي اساس؟؟
اتكلمتي
مع قلبي
وسألتيه
إذا كنتي وحشاني ولا لا
وقالك
لا..
-لا
متكلمتش
معاه
وسبني
أنام بقى يا أشرف..
ابتسم بسمة جانبية متمتم باقتراح:
-بقولك إيه وأنا وأنتِ لوحدينا قوليلي أشف..
وانسي
أشرف ده.
فتحت عينيها أخيرًا ونظرت له متبادلة معه النظرات معقبة
بتذمر
:
-انساه
فلساني
يتعود على أشف تاني
واقوله
قدامهم كلهم وأنت ترجع تزعل ويحصل مشكلة بينا
ومنتكلمش
وتبقى اشف سبب في خناقة عبيطة بينا صح؟
-لا مش صح وبعدين إيه الفيلم الهندي اللي
قولتيه
ده؟
-ده مش فيلم هندي
وسبني
اكمل نوم الله يخليك..
سحب ذراعه من أسفل رأسها،
ناهضًا
عن الفراش:
-لا مفيش نوم تاني يلا قومي..يلا..
تأففت
دافنة
رأسها مجيبة إياه
بضجر
:
-مش عايزة أقوم نفسي أنام..
اقترب منها
مداعبًا
خصلاتها مغمغم
بمشاكسة
:
-طب إيه رأيك تقومي
وتشوفيلك
حاجة تانية نفسك فيها وعيني ليكي بس قومي اقعدي معايا..
التفتت نحوه برأسها قائلة
باستحسان
لتلك الفكرة وهذا العرض المغري:
-بجد!! يعني أي حاجة نفسي فيها
هتعملهالي
؟
هز رأسه بإيجاب متمتم ببسمة واسعة:
-جربي وشوفي بنفسك هعمل ولا لا..
اتسعت بسمتها وهبت جالسة قائلة بحماس:
-طب حيث كدة بقى أنا نفسي في فسيخ و رنجة أوي…
تبخرت بسمته تدريجيًا
وانتبهت
هي لهذا فقالت:
-ايه؟؟ مش أنت اللي سالت وقولتلي أي حاجة نفسك فيها؟؟ وقولتلي جربي وشوفي، انا بقى نفسي في فسيخ ورنجة..
التقط الوسادة بيده وضربها بخفة مرات متتالية متحدث بغيظ:
-لا ارجعي نامي تاني احسن…انا غلطان أصلا.. نامي يا شيخة.
__________________________
تأفف
وسام بصوت عالي بعد أن فشل في إيقاظ جابر
مستعينًا
بالجوارب
العائدة له، كي يفعل به ما فعله معه…لكن كل هذا دون جدوى، ولم يستيقظ جابر وظل كما هو..
دفع وسام الجوارب على الأرض
باشمئزاز
مقررًا
ايقاظه
بطريقة أخرى..
دار حول الفراش وصعد عليه، ثم اقترب من جابر..
وانحنى
بوجهه جوار أذنيه تمامًا وعلى الفور صرخ بصوت عالي، لا يبالي
بمجئ
أحد على صوته..فقط يريد
ازعاجه
مثلما يفعل معه..
انتفض جابر عن الفراش..وهو يتلفت برأسه بعدم فهم أو استيعاب لما يحدث..ونتيجه لانعدام تركيزه سقط أرضًا
متألمًا
…
مستمرًا
في سؤاله عما يجري..
-في إيه الله يحرقك على الصبح
فزعتني
…
قهقه
الصغير
كاشفًا
عن خدعته والتي نجحت بالفعل..
كز جابر على أسنانه وبات
مستعدًا
للنهوض…فسارع وسام بالركض نحو الباب والابتعاد عن الفراش..فلا يرغب أن يمسك به..
انتبه جابر لما يفعله وكيف يحاول الهروب فحاول أن يعجل من خطواته
ونهوضه
مغمغم:
-خد ياض هنا…
رد عليه بطريقة سريعة ويده
تقبص
على مقبض الباب:
-لا مش هاجي..
هنا وزيف جابر عدم قدرته على النهوض وجلس أرضًا مرة أخرى….بل لم يكتفي بهذا ورفع يده
مغطيًا
وجهه بها مصدرًا أصوات وكأنها بكاء…
تراجع وسام عن الخروج..وتبخر مكره
وعبثه
بهذا الصباح..وبدأ يقترب من جابر وهو يستفسر منه بخوف وندم على ما اقترفه وأدى إلى بكاء صديقه:
-جابر أنت بتعيط؟؟؟ أنا آسف والله مش قصدي
اخليك
تعيط.. أنا بحبك..
ابعد جابر أنامله عن عين واحدة، ونظر له من خلالها معقب بنبرة باكية أجاد إتقانها وخدع الصغير:
-لا
مبتحبنيش
..وبقيت تعاملني وحش..
وبتكرهني
وغدرت
بيا، نسيت كل حاجة حلوة عملتها عشانك، نسيت أيامنا مع بعض، حتى بنتي غدرت بيها زي ما غدرت
بأبوها
وبعد ما كانت
عروستك
وعايز
تجوزها
بقيت تكرهها ومش عايزها..
جلس وسام جواره على الأرض وهو ينفي بصوت طفولي مدافعا عن ذاته
مبررًا
أفعاله:
-لا بحبك والله، بس أنت
زهقتني
يا جابر..كل شوية تقولي بنتي..بنتي..بنتي..
ومتعملش
ومتبصش
..وهي بنتك مش موجودة لو موجودة كنت بصيت عليها هي..
باغته
بإزاحه
يده
وقبضه
عليه من تلابيبه مردد
بتوعد
ليس جاد ومرح للغاية:
-قفشتك
وخدعتك
..بقى
بتصرخ
في ودني انا يالا…وبعدين بنتي مين اللي تبص عليها ده انا
اخزقلك
عينك دي
وادس
صوابعي
فيهم ومسبكش غير وهما في أيدي قال تبص لبنتي قال..فاكرني ايه أنت ها؟؟
-مش فاكرك
وسبني
بقى.
-لا يا حبيبي سوري دخول الحمام مش زي خروجه واللي يلعب مع الديب
يستحمل
التعذيب…..
رد عليه بطفولية محاولًا نفض يده:
-طب سبني يا ديب..
-طب مش
سايبك
غير بمزاجي..
واخرس
بقى عشان افكر
وافنن
في طريقة عقابك…
صدع رنين هاتفه في هذا الوقت وبدون أن يتركه سحب هاتفه من أسفل الوسادة ورد على أروى التي زين إسمها شاشة هاتف…
وصل إليه صوتها قائلة:
-صباح الخير..
-صباح النور على
البنور
..المذاكرة عاملة معاكي إيه؟؟؟
-اهو ماشية الحمدلله، المهم كنت متصلة بيك عشان موضوع ضروري اوي
وهيفرحك
أوي..
قطب حاجبيه وردد بدهشة:
-موضوع إيه ده؟؟
-أنا عرفت خلاص ازاي
هنفركش
الخطوبة يا جابر..وبطريقة بسيطة وسهلة أوي..
ظهرت اللهفة على تعابيره وترك وسام الذي فر
هاربًا
من قبضته
منتهزًا
تلك الفرصة…
لم يبالي جابر ونهض من جلسته على الأرض متمتم بلهفة
وتوق
لمعرفة الطريقة:
-قولي ازاي قوام
متسكتيش
.
-أبيه زاهر هو اللي
هيساعدنا
يا جابر.
يتبع.
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.