رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الثالث والسبعون
الفصل الثالث والسبعون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الثالث والسبعون:
التفتت «داليدا» اليها بكامل جسدها تسألها بشكل مباشر:
-نضال كان سهران معاكم ؟
اتسعت ابتسامتها وهي تجيبها وعيناها لا تكف عن فحصها بنظرة شمولية بدءًا من رأسها حتى اسفل قدميها:
-أيوة…وكان مكسوف أوي شكله كان اول مرة ليه يجي أماكن الفرفشة دي..ومكنش طايقلي كلمة…قوليلي انتِ بقى مراته اللي منكدة عليه؟
نظر نضال لتلك الفتاة مردد بنبرة قوية مهددة:
-اخــرســي بقى…….
تلبكت من نبرته وصاحت تبرر حديثها بأعين ماكرة:
-الله ! قولت ايه أنا..هو أنت مش قولتلي يومها انك متجوز…وانا قولتلك أن كل اللي موجودين متجوزين برضو و طفشانين…….مش كدة يا عابد؟
رد عابد عليها بنبرة قوية شابهت نبرة اخيه:
-اخرسي يا جنة اخرسي….
تعمدت رسم بسمة واسعة مضيفة على حديثها وهي تثبت بصرها على داليدا المصدومة كليًا ولا تصدق بأنه استطاع خداعها والتلاعب بها..بل وقلب الحقائق راسًا على عقب….
-فكرتوني في اليوم ده لما عرف اسمي اتريق عليه….
اطلقت ضحكة خافضة مع قولها الأخيرة…..
رمش نضال عدة مرات يحاول عصر ذهنه لايجاد حل قبل أن يخسرها….في ذات الوقت نهضت دلال من مكانها مقتربة من تلك الفتاة تجذبها من ذراعيها تدفعها للخارج هي والبقية من اصدقاء ابنها هاتفه:
-يلا يختي انتي وهي وهو برة…برة يا حلوة يا اللي شبه عروسة المولد بالاحمر والأخضر اللي حطاه في وشك ده أنتِ وهي يلا مش ناقصين قرف إحنا…..
قطبت جنه حاجبيها انزعاجًا من فعلة تلك السيدة…مستنجدة بـ عابد والذي لم يفعل أي شيء…..فقط أطلق زفيرًا تعبيرًا عن استيائه لما حدث وكيف انقلبت الامور من جديد فوق راس أخيه…
ازدرد نضال ريقه وقال يصارحها بعدما علم بان الكذب لن يجدي نفعًا من بعد الآن:
-داليدا اسمعيني…انا آسف.. وعارف اني غلط ومكنش ينفع اكدب عليكي بس…
اوقفته عن المتابعة عندما خرج صوتها الهادئ المصاحب بدموع تهبط من عينيها:
-بس انت هطلقني يا نضال…انا مش هكمل معاك….واسمحلي استعير كلامك واقولك أن ثقتي فيك بقت زيرو فعلا…..
ضربت دلال على صدرها بصدمة متمتمة:
-طلاق ايه يا بنتي…حرام عليكم…..
لم تهتم داليدا بكلماتها وانطلقت من مكانها وفارقت الحجرة بخطوات سريعة……………..فلم تعد تتحمل الوقوف امامه و رؤيته فقد بات كاذبًا بنظرها……
عقب ذهابها ركض خلفها كي يتحدث معها ويقص عليها ما حدث ويدافع عن حاله مرارًا وتكرارًا دون ملل او كلل…..
بعد ذهابه هو الآخر خلفها تبادل جابر الصامت النظرات مع عابد…بينما اختلس أشرف النظرات نحو وعد..والتي وقفت قبالته قائلة:
-هو ده اخوك اللي أنت اتخانقت معايا وخلتني عيط بسببه مش كدة..طيب اديني انا طلعت صح اهو وطلع فعلا كداب وكدب عليها ومن بجاحته قلب الترابيزة عليها….
انكمش وجه دلال ضيقًا من طريقه حديثها عن ابنها فصرخت عليها:
-لمي لسانك يا وعد….اللي بتكلمي عليه ده ابني و اخو جوزك….
ابتسمت لها بسمة بسيطة متابعة:
-ما انا مع الأسف كدة ماسكة لساني ومردتش اتكلم عشان مطلعش بشعلل وبولع رغم اني لو كنت عملتها كان هيبقى معايا حق…داليدا متتخانش..عشان هي مش قليلة ولا وحشة وانتوا عارفين ده كويس اوي……
انتهت مطالعة زوجها عاقدة ساعديها أمام صدرها مسترسلة بقوة وغضب:
-ها يا أشرف ايه رأيك في أخوك واللي عمله؟؟؟؟ ايه رأيك في زعقيك فيا ونرفزتك عليا اللي كانت بسببه وفي الاخر طلعت انا الصح وهو فعلا الغلط وكان كداب….قولي كنت عارف أنه كداب مش كدة؟؟؟؟؟
لم يأتيها جواب..فقط صمت ونظرات زائغه جعلتها تتقن بأنه أيضًا كذب عليها وأخرج غضبه بها رغم إدراكه لكل شيء..
لانت تعابيرها وهتفت بخيبة أمل:
-يبقى كنت عارف وانت كمان كدبت عليا و زعقت فيا وانت عارف اني على حق…….
هنا ولم يتمكن جابر من الصمت أكثر وصاح:
-لا كدة بيج احيييييييه بقى………
انطلقت وعد من الغرفة دون أن تنطق بحرف اخر و أشرف خلفها يلحق بها…نظر جابر لعابد وقال بسخرية وهزل:
-الف مبروك نضال وأشرف هيحصلوك……..
خارج المستشفى…كان نضال يدور حولها يستعطفها بإلحاح كي تقف وتسمع ما لديه غير مبالي بنظرات من حوله له…كل ما يهمه ويشغله بتلك اللحظة هي فقط..ودموعها التي هبطت بسببه.
-والله العظيم مخنتكيش…وسمعتيها جوه قالت إيه…قالت اني مكنتش طايقها..انا اه روحت معاه بس اقسم لك اني مطولتش ولا احتكيت مع أي واحدة فيهم….انا كنت مضايق منك عشان كدة خرجت معاه بليل والله العظيم هو ده اللي حصل……
هتف الأخيرة وهو يقف أمامها يحاوط كتفيها وبحركة سريعة كانت تصرخ عليه وتنفض يده عنها رافضة لمساته:
-متلمسنيش…ومتبررش اي حاجة ومتقولش حرف زيادة..انا اللي عندي قولته وخلصنا…انت هطلقني مش هكمل معاك..انت واحد كداب وبجح..وبدل ما تيجي تعترفلي وتقولي أنا عملت كذا وكذا طلعتني انا اللي غلطانة..وظالمة ومفترية…كنت انت غلطان وانا اللي اعتذرتلك…في الوقت اللي المفروض كنت انت اللي تعتذرلي فيه….
ابتلعت ريقها ومسحت دموعها بعنفوان متابعة صراخها عليه :
-بتقولي مخنتنيش ومحتكتش مع حد هناك..والمطلوب والمفروض اني اصدقك مش كدة..واقولك خلاص يا حبيبي حصل خير…لا يا نضال أنا مش مصدقاك..ومش هصدقك وهطلقني سواء كان بمزاجك أو غصب عنك…انت سامع ……
انطلقت من مكانها مرة أخرى….فلم يتركها شاعرًا بأنه على وشك الانهيار…فقد يتحمل أي شيء.. إلا فقدانها والبُعاد عنها:
-لا…لا..مش هطلقك ومش هسيبك أنا بحبك.. وأنا آسف بس والله عملت كدة عشان خفت اخسرك…انا مش عايز اخسرك انا حبيتك يا داليدا….ومتفكريش اني كنت مبسوط من نفسي وانا بكدب عليكي..والله قلبي كان بيتقطع بس كنت مضطر عشان احافظ عليكي ومخسركيش….
وقفت مجددًا قائلة بسخرية وقوة راها بعيناها بوضوح:
-وانت فعلا كدة حافظت عليا ومخسرتنيش….عارف لو كنت جيت صارحتني وقولتلي كان الموضوع هيختلف حتى لو حاجة بسيطة بس ساعتها هحس انك فعلا ندمان ومقدرتش تشوفني مضايقة وزعلانة من نفسي عشان ظلمتك…بس لا انت عجبك دور المظلوم في حين انت اللي ظالم وظلمتني……واخر حاجة هقولهالك انا مش هكمل معاك وهنطلق يعني هنطلق…….
-مش هينفع…والله ما هينفع…انا لو سبتك مش هعرف اعيش…داليدا انتِ لو سبتيني ممكن أموت..ومش كلام والله.. ده حقيقة أنتِ متعرفيش أنا بحبك قد إيه….
قالها بنبرة متوسلة تحمل بين طياتها الترجي كي تعفو عنه وتتغاطى عن هذا الخطأ…
وبقسوة لا يدري من اين اتت بها إجابته:
-بعد اللي عملته ده وتقولي بتحبني..حقيقي مشوفتش في بجاحتك و وسع كدة بقى مش طيقاك..اوعى……
تابعت سيرها مرة أخرى….فظل مكانه يفكر في حل…واخيرًا وجده….فعاد يركض خلفها يقف أمامها مرة اخرى كالسد المنيع متمتم بلهفة:
-مش هينفع نتطلق…خالص لو عملنا كدة يبقى بنعكنن على خليل وفجر…..
رفضت مُصرة على موقفها:
-لا….هنطلق….
اسرع بالتبرير مرددًا:
-لو اطلقنا هنبوظ فرحتهم…انا بحب أخويا وأنتِ اكيد بتحبي فجر وميهونش عليكي زعلها وان فرحتها تبوظ مش كدة….
ظهر التردد والتفكير على محياها….فاستغل هذا وتابع يقنعها:
-مش أنتِ عايزة تطلقي حاضر…بس مش دلوقتي….عشان خاطر فجر و خليل بس…
وبدون أن تمنحه جواب غادرت واستقلت سيارة أجرة..تاركة إياه خلفها يكاد ياكل انامله ندمًا على ما اقترفه بحقها وبحق ذاته وكيف بات كاذبًا بنظرها وفقد ثقتها واحترامها……..
على الطرف الآخر يقف أشرف أمامها يحاول معها كي يجعلها تسمع وتنصت لما لديه…
-اسمعيني وافهمي ده اخويا..فاهمة يعني ايه اخويا؟؟؟
كزت على أسنانها وعادت طريقتها لما كانت عليه مسبقًا مرددة بقوة وغضب اعمى طل من عينيها:
-وداليدا دي واحدة من الشارع يعني ولا إيه..ما هي كمان أختي… أختي..فاهم يعني ايه أختي…واخوك اللي انت بدافع عنه وخدت موقف مني بسببه غلطان والغلط راكبه من ساسه لرأسه…وانت عارف ده كويس أوي..ورغم انك عارف اني مش غلط جيت عليا واتخانقت معايا عشانه…
نفى هذا مغمغم بحنق:
-لا متخانقتش معاكي عشانه وبس يا وعد…وانا ساعتها قولتلك أن غضبي منك مش بسبب نضال بس بسبب حاجات كتير اوي بتعمليها….
-متبررش عشان بداية المشكلة كانت بسببه يا أشرف والحمدلله أن الحقيقة بانت…وان شاءالله داليدا هتسيبه ومش هترجعله عشان هو ميستاهلش حتى ظفرها هو آخره أشكال صاحبات أخوك المتخلف التاني…..
انفعل وصرخ عليها:
-لمي لسانك يا وعد…مش عايز اتغابى عليكي…
بادلته صراخه وقالت بتشنج مفرط:
-مش هتلم واتغابى يا أشرف… اصلا انت عمال تبيع وتشتري فيا على ايه؟؟؟ ليه مضطره استحمل معاملتك دي معايا و زعقيك عليا؟ عشان بحبك؟؟؟ ينحرق الحب اللي يذل الواحد بالشكل ده….ولو عايز تشوفني لساني طويل قليلة الادب شوفني..مبقتش فارقة…واخواتك سواء عابد ولا نضال ميستهلوش لا داليدا ولا وئام………….
اقتربت إحدى الممرضات منهم معنفة إياهم على صراخهم المتبادل في منتصف المستشفى…فلم تجيب عليها وغادرت هي الأخرى..
***************
تضرب «دلال» على قدميها بحسرة ولسانها لا يتوقف عن اظهار خوفها وقلقها….
-يا حزنك يا دلال..يا اللي العين وراكي وراكي يا دلال…مش كفاية انت طلقت مراتك…كمان بتخرب على اخواتك… حرام عليكم انتوا عايزين تجلطوني..ده لو حد مسلطكم عليا مش هتعملوا فيا كدة…..
انفتح الباب بانفعال وقوة أدت إلى اصطدامه بالحائط من خلفه…و ولج نضال بأعين تطلق شرار صارخًا على كلا من عابد وجابر:
-انتوا السبب…لو داليدا بعدت عني مش هسامحكم انتوا الاتنين…
انكمشت قسمات جابر وقال مدافعًا عن حاله:
-وانا عملتلك ايه إن شاء الله؟؟ انت نقرك من نقري لية نفسي افهم!!! وبعدين لو عايز تلوم وتعاتب حد عاتب نفسك قبل ما تعاتبني أو تعاتب أخوك…هو مضربكش على إيدك..ولا انت صغير ومن غير عقل..ولو زعلان مني عشان خرجتك من الموضوع فـ برضو مش من حقك عشان انت برضو ساعتها اللي طلبت مساعدة وكان ممكن ترفض وتحكيلها بس كدة كدة انت كنت هتكدب…..فمتجيش وتحملنا المسؤولية…
-لا هحملك وهحمله..هو اللي اقنعني و زن عليا عشان اروح معاه…وانتوا الاتنين اللي قولتولي اقلب عليها الترابيزة…بس انا فهمت دلوقتي انتوا ليه عملتوا معايا كدة.. انتوا عايزين تخربوا عليا… أنت..
نظر نحو عابد متابعًا بقسوة:
-غيران عشان لسة مع داليدا.. وأنت و وئام سبتوا بعض..أما أنت بقى…فـ غيران مني عشان أنا طولت داليدا واتجوزتها وانت مش عارف تطول ثراء……..وانا الغبي اللي مشي وراكم لحد ما خرب على نفسه..بس والله ما هسامحكم لو سابتني وانتوا الاتنين هتقولولها اني مخنتهاش واني كدبت عليها بسببكم………….
حل صمت مريب بالغرفة….صمت وسكون لم يقطعه سوى صوت خطوات سلطان التى تقترب منهم..تحولت الانظار نحوه ونحو خليل وأشرف من خلفه والذي تقابل مع الاثنان بالخارج وبعد أن تركته وعد…..
وقف سلطان جوار نضال وخرج صوته حادًا يأمر خليل:
-اقفل الباب يا خليل…
اغلقه بالفعل وبدأ سلطان حديثه والذي خص به نضال:
-ايه اللي انا سمعته ده…من امتى واخواتك بيغيروا منك ها؟؟؟ وهيغيروا منك على ايه يا اهبل..يا متخلف أنت….عابد هو اللي ساب وئام بمزاجه ولو عايز يرجعلها كان رجع…و جابر برضو هو اللي وافق على اروى..ولو عايز يسيبها هيعملها…كلامك وطريقتك مع اخواتك مش مقبولة…انا مش مخلفكم عشان تكرهوا بعض وتحقدوا على بعض..انتوا ملكوش غير بعض…انتو سند وحيطة بعض…لو حد فيكم مال الباقيين يسندوه……..تبقوا مع بعض في الحزن قبل الفرح….تبقوا ايد واحدة محدش يعرف يفرقكم….
وقبل أن يعلق اي منهم دوى صوته يخبرهم:
-الدكتور قالي تقدروا تخرجوا ومفيش داعي تقعدوا هنا…ولما نروح لينا كلام تاني وهتحكولي ايه اللي حصل……………
***************
عاد الجميع إلى المنزل واتجهوا نحو حجرة الصالون مُلبين رغبة سلطان…جلس الخمس شباب أمامه..جابر.. عابد .. وأشرف على الأريكة بينما جلس نضال وخليل كلا منهما على مقعد…أما دلال فوقفت خلف زوجها تترقب حديثه معهم..كي يدرى ما يدور من خلف ظهره وسبب حديث نضال القاسى مع اشقائه واتهامه لهم بانهم يحقدان عليه…
سارت عيناه على الخمس..ثم ثبتت على جابر الذي اختاره دونًا عن الجميع مستفسرًا منه:
-قولي ايه اللي حصل يا جابر…يلا.. وإياك..إياك تكدب أو تخبي عليا قولي كل حاجة تعرفها..
نفى برأسه متمتم بصدق:
-مش بكدب عشان الكدب حرام..وهحكيلك ومن الاول خالص…عابد طلق وئام عشان فاكرها بتخونه رغم أن وعد قالت لـ أشرف أنه محلصش بس عابد مش مصدق ومُصر….
ضربت دلال على صدرها بغضب وصاحت بشراسة:
-نهارها اسود ومنيل خانت ابني…والله لروح وارويها بنت ال*** دي…..
مسك بها سلطان مزمجر بها:
-مش هتروحي في حتة..ويا تقفي وأنتِ ساكتة يا تطلعي اوضتك…..
ابتلعت ريقها خوفًا من نبرته المخيفة…مستمعة لصوته مغمغم:
-كمل يا جابر…
بلل شفتاه ثم استرسل:
– وعشان كدة عابد اتجه للانحراف وبقى يعرف بنات بعدد شعر رأسه…وفي يوم خد معاه نضال لكبارية مليان فواحش وحاجات استغفر الله بس انا مسكتش وروحت جبتهم…
ابتلع ريقه مطالعًا نضال وعابد فوجدهم يرمقونه بغضب جحيمي..ابتلع ريقه وأشار تجاهم:
-بص يا بابا بيبصولي إزاي…انا في حمايتك خلي بالك…
تحدث سلطان بصرامة:
-كمل ومتخافش والجدع فيهم يكلم معاك..
-داليدا شكت فيه وهو ساعتها نفى شكوكها دي وقالها أنه معايا انا وعابد عند الميكانيكي..بس هي برضو مصدقتش وراحت عملت اكونت فيك وكلمت نضال منه على أساس أنها واحدة من اللي سهرانين معاهم ونضال جه واتخانق مع عابد…بس ساعتها اكتشفت انا وعابد أنه فخ من داليدا..وساعدناه وخلناه قلب الترابيزة عليها…والأمور مشيت في صالحه…لحد انهاردة بس البت اللي كانت في الكبارية معاهم اليوم إياه جت لعابد وقالت كل حاجة قدام داليدا…بس كدة….
مط سلطان شفتاه وقال بأسف وهو يصفق بيداه:
-الله …الله عليكم… الشيطان بيصقفلكم وفرحان بيكم…..
غمغم نضال يدافع عن نفسه:
-انا مخنتهاش يا بابا..يمكن كدبت بس كدبتي حصلت بسببهم..لو كانوا شجعوني اقولها الحقيقة بدل ما اكدب عليها مكنش الحال وصل لكدة…
اعترض جابر وقال:
-وانت بتلعب ماتش كوره عايزنا نشجعك !! ايه نشجعك دي…احنا مالنا اصلا انت اللي غلطان…واللي اعرفه خايف تخسر مراتك اوي كدة مكنتش عملت اللي عملته…..
-انا معملتش حاجة…….
-اخرسوا…..مش عايز اسمع نفس…وكلكم زفت..وحقيقي انا معرفتش اربي…ويكون في علمكم فرح اخوكم بعد أسبوعين والفرح هيكمل وهيحصل..طلاق تاني وتبوظوا فرحة اخوكم مش هيحصل انتوا سامعين؟؟؟؟؟
هز الجميع رأسه…فسارع سلطان بالتحرك بذهن مشغول يفكر في حل ما………..
عقب ذهابه صاحت دلال بتوعد:
-بقى البت خانتك وساكت كل ده والله لوريها بنت علياء…
دافع جابر عنها متمتم:
-وهما كمان لما يعرفوا و يوروا ابنك متبقيش تزعلي ياما…قولولي فرقت ايه وئام عن نضال ها…الاتنين بيقولوا انهم معملوش حاجة..لا وئام خانت عابد و لا نضال خان داليدا….
اندفعت دلال مدافعة عن ابنها:
-لا يا حبيبي فرقت…اخوك راجل…ولو خان مرة تعدي عادي…لكن لما الخيانة تيجي من الست دي اللي مش عادي ومتتغفرش….
ابتسم خليل ساخرًا وتدخل اخيرًا:
-غلط…اكبر غلط…خيانة الراجل زي خيانة الست بضبط….مفيش حاجة اسمها راجل ومفيش حاجة اسمها ست..الحرام مبيتجزئش..ولو الراجل خان فـ كدة زنا…والست لو خانت برضو تبقى زنت والاتنين نفس الغلط والعقاب..مفيش عند ربنا راجل من ست……
وافق جابر على حديث خليل متمتم:
-بضبط…أنا مع خليل وضد تبرير الخيانة…عشان هي واحدة…..بس انتوا بتبرروا للراجل خيانته وبتخلوها تعدي وتمر مرور الكرام…لكن لو واحدة بيتعلقها حبل المشنقة..وانا مش ضد انكم تعاقبوها على خيانتها بس خليكم عادلين شوية واللي يمشي على الراجل مشوه على الست كمان……..
****************
-مضايقيش نفسك يا بت ومتزعليش واوعي ثقتك في نفسك تتهز…
هكذا رددت وعد الجالسة قبالة داليدا على الفراش…تبثها القوة والصبر والثقة في الذات…
-ثقتي في نفسي متهزتش يا وعد..اللي اتهزت ثقتي فيه هو…لا وعايزني اصدقه انه محتكش بيهم وهو سهران معاهم..هبلة انا عشان اصدق…
نفت وعد برأسها متمتمة:
-لا مش هبلة..بس البت قالتها بلسانها قدامك وأنه مكنش طايقها ولو كان ادى لاي واحدة فيهم وش كانت سلمت عليه بعشم بس ده محصلش وده يدل على صدقه معاكي…
مسدت على وجنتيها تخبرها بحنو وعقلانية زائدة:
-ولو عايزة نصيحتي و رأيي..فهو اه غلط وكدب وانا متغاظة منه ودمي محروق بس برضو بيحبك وكدب عشان خاف يخسرك..ولو عايزة ممكن تعلميه الادب عشان ميكدبش عليكي تاني..وريه أنه زعلك مش هين ومش سهل يصالحك..عشان بعد كدة قبل ما يعمل اي حاجة يفكر بدل المرة ألف مرة…
صدح رنين هاتفها بارجاء الغرفة..فنظرت لوعد والتي رأت إسمه يزين الشاشة فلم تتردد بتشجيعها على الرد:
-ردي عليه ببرود و اسمعي منه…واعملي زي ما قولتلك ربيه بس متسبيهوش..واوهميه انك هتبعدي عشان يعرف قيمتك…يلا…
هزت راسها بموافقة فنهضت وعد بعد أن طبعت قبلة سريعة على وجنتيها وغادرت من الغرفة تاركة إياها بمفردها كي تستطع الرد عليه…
تنهدت داليدا ثم ردت عليه :
-نعم…
-انا آسف…سامحيني…انا كداب وبجح وفيا كل العبر بس بحبك ومش عايز اخسرك…و والله كدبي عليكي من خوفي لخسرك…
وبذات البرود قالت مسببه في شعوره بالخوف:
-وانا مش مضطرة اكمل معاك…انت خسرت ثقتي ومستحيل ارجع اثق فيك تاني…وهطلقني…
-يا داليدا عشان خاطري….اعملك ايه طيب عشان تسامحيني…
-متعملش مش عايزاك تعمل حاجة غير انك تطلقني…
مسح على وجهه برهبة ودقات متسارعة ثم عاد متحججًا كي يمنحها بعض الوقت حتى تهدأ ويعود من جديد يطلب مسامحتها:
-طيب نستنى عشان خاطر فجر وخليل بس وبعديها هعملك اللي أنتِ عايزاه…مش عايزين نبقى سبب في تعاستهم….
صمتت لثواني ثم قالت:
-ماشي..هستنى لبعد فرح فجر وخليل..بس بعديها كل واحد فينا في طريق……..
**************
دخلت «وعد» غرفتها ودفعت جسدها على الفراش تفكر فيما حدث وما فعلته اليوم.. وكيف اعترفت له بمشاعرها وبانها عاشقة له…
اوصدت جفونها بقوة وصرت على أسنانها متمتمة بغيظ من ذاتها:
-غبية ومتخلفة…ازاي قولتيله انك بتحبيه…….
بعد تعنيفها لنفسها انتبهت لرنين هاتفها…فنهضت على مضض كي ترى من المتصل…ولا تضع بحسبانها ان يكون هو….
جحظت عيناها عندما رأت إسمه…فقد ظنت بانه سيقاطعها…ويعاقبها على ما تفوهت به اليوم وكيف تطاولت عليه بأسلوب غير لائق ولا يمت للاحترام بصلة……
عضت على شفتيها تفكر فيما عليها فعله فقد احتارت ولم تدري هل تجيب أم تتجاهله…
وبالنهاية فاز عقلها و لم تجيب عليه…بل واغلقت هاتفها وقررت معاقبته هي تلك المرة………………………..
يتبع..
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.