رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل التاسع والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل كبير يا بنات حتى أكبر من اخر فصل نزل تعويض عن امبارح، فتفاعل حلو بقى و وصلوه لـ ٦٠٠ فوت ❤️💫
****************
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل التاسع والثلاثون:
دنا “أشرف” من الهاتف،
والتقطه
على الفور بقلب
ملتاع
وذهن
يغمره
الكثير من علامات الاستفهام؟؟
أين هي؟
وما الذي حدث لها؟
هل
اخُتطفت
أم أنها تمزح معه ؟
هنا ومع تلك الفكرة لانت ملامحه وتمنى أن تكن مزحة ليس إلا، مغمغم بصوت عالي وعيناه تجوب بحثًا عنها
بالأرجاء
:
-وعــد لو بتهزري، او بتعملي فيا مقلب عشان اخرج
واقابلك
فـ أنا قدامك اهو اخرجي..عشان ده مش هزار.
لم يأتيه جواب، فقط صمت من حوله وبرودة
قارسة
، عاد قلقة
يتسلله
من جديد ومسح على وجهه وهو على وشك التحرك لكنه توقف ولم
يخطي
اي خطوة لرؤيته أبيها بصحبة مروان فقد
أبلغهم
البواب بخروجها
وارشدهم
إلى مكان تواجدها.
ازدرد
“أشرف” لعابه منصتًا لسؤال أيهم
الساخط
من فعلة ابنته
والمتعجب
من غيابها:
-اومال الهانم فين، البواب قالنا أنها واقفة هنا..هي فين؟!!
اوصد
أشرف
جفونة
بتلك اللحظة وجهل ما عليه أخبارهم به..
فقط رفع يده
الممسكة
بهاتفها الذي سقط منها أمام عيناهم وسرد عليهم ما حدث:
-معرفش..كانت
بتكلمني
عشان عايزاني اخرج وتكلم معايا، وانا لما عرفت انها خرجت و واقفة برة لوحدها في الوقت ده
زعقت
معاها…
و وأنا بكلم سمعت صوتها كأنه
بيكتم
وهي
بتحاول
تكلم بس مش عارفة والصوت واحدة واحدة كان
بيبعد
…ولما جيت
ملقتهاش
ولقيت تليفونها على الأرض.
هوى قلب ابيها واتسعت عين مروان الذي صاح بصدمة:
-نهار
اسوح
البت اتخطفت !!!
لم يجيب عليه وثبت بصره على أيهم الذي تبدل وجهه لاخر
وشحب
لونه حتى بات
كالموتى
..وتوقف عقله عن العمل..فقط قلبه من
يذعر
على ابنته الان..
حاول الخروج من تلك الحالة التي لن ولم تفيده بشيء بتاتًا وهتف بنبرة سريعة سيطر عليها الخوف وهو يركض من أمامهم:
-كاميرات المراقبة.
**************
مع حلول اليوم الجديد…فتحت “وعد” جفونها، محاولة تحريك جسدها الذي
يغزوه
الم طفيف أثر
نومتها
على تلك الأريكة الصغيرة المتهالكة…
لكنها فشلت بهذا نتيجة
ليدها
المقيدة للخلف..وكذلك قدميها..استوعبت ما يحدث..وحركت بؤبؤ عيناها بحركة سريعة رافعة رأسها قليلًا وهي تهز يدها القابعة خلفها تحاول تحريرها واخراجها من ذلك الحبل…محاولة بذات الوقت عصر ذهنها كي تتذكر ما حدث وكيف وصل بها الحال الى هنا…
-انا فين..وايه اللي جابني هنا…
احيييه
!!!!
مع نطقها
للاخيرة
تذكرت كل ما حدث
بدءًا
من تسللها من المنزل
ليلًا
و صياح “أشرف” عليها..حتى هجوم أحدهم عليها من الخلف
مكمم
فمها
وانفها
بيد تحوي على قطعة كبيرة من القماش المتناثر عليها مخدر ما.. ويده الأخرى تقبض على جسدها الذي يتلوى كي
تتملص
منه..لكن فجأة لم تعد تشعر بشيء وسقط الهاتف من يدها..وفقدت الوعي…
احتقن
وجهها
وهدرت
بعصبية وصوت عالي اثناء محاولتها:
-أنا فين….يا ناس…يا
هوووه
حد يلحقني انا مربوطة
ومخطوفة
هنا…..في حد
سامعني
؟؟؟؟؟؟؟ أنا
توقفت واتسعت عيناها على آخرها وهي ترى ذلك اللص المدعو “محمد” يخرج من ذلك الباب الخشبي الوحيد بذلك المنزل المتهالك القديم المكون من صالة تشمل
اريكة
و مقعد…وطاولة خشبية
ومزهرية
زجاجية فارغة…
وتلفاز
صغير…وسجاد ممزق يغطيه الأتربة….كذلك كان الحائط
مشروخ
ومتسخ
للغاية…
حدق بها وهو
يهندم
سرواله الأسود وبعد خروجه من دورة المياة، مغمغم ببسمة شيطانية:
-اخيرًا صحيتي..ده افتكرتك موتي يا بعيدة…
صكت على أسنانها تعلق بغل وقوة
نبضت
بها ملامحها:
-هو أنت يا حرامي الغفلة…يا عرة الرجالة..فكني يالا وانا اوريك هعمل فيك ايه يا معفن يا حرامي..
قالت الاخيرة مقررة رفع نبرتها علة صوتها
واستنجادها
يصل لأحدهم:
-الـــحـــقــــونـــي….
انـــا
مــخــطــوفــة
……و
قاطعها وهو يتقدم منها يجلس على المقعد بأريحية يخبرها بلامبالاة:
-زعقي..وصوتي من هنا للسنة الجاية محدش
هيسمعك
.. احنا في حتة مفيهاش صريخ ابن يومين..
انكمش وجهها غيظًا وتساءلت:
-عايز ايه مني يالا…
وربطني
ليه..انت عارف أهلي وأشرف
هيعملوا
فيك إيه..دول مش
هيخلوا
حتة في
جتتك
سليمة…
-عارف..بس مش
هيلحقوا
وبعدين متخافيش مش
هأذيكي
ولا بفكر في ده انا بس عايز اطلع بمصلحة..عايز
اتنغنغ
وابقى زي الناس الغنية دي كلها..ايه حرام؟؟؟
-لا مش حرام..انت اللي ابن حرام..فكني يا ابن الكلب…يا حرامي.
زيف صدمته من
سبابها
له، معلقًا:
-لا لا عيب كدة..لمي لسانك
واحفظي
ادبك
عشان افضل مؤدب معاكي..وعشان كمان اكلم حبيب القلب…واتفق معاه…اكيد بالهم مشغول عليكي دلوقتي…
وبيدورا
يا حرام من بليل عليكي..
نهض من جديد مع قوله الاخيرة لا يبالي بمتابعتها له مقتربًا من إحدى
الأدراج
المتداخلة
بالطاولة
مخرجًا
خطًا
غير مسجل بإسمه..
كذلك التقط لاصق شفاف وقام بوضعه لها كي لا يخرج صوتها، ثم دس يده بجيب بنطاله وأخرج هاتفه وقام بوضع الخط كي يهاتف “أشرف” من خلاله…
****************
بكاء مرير و
شهقات
متتالية كانت صاحبتها “رحمة” تلك التي علمت باختطاف ابنتها وانقلب حال اصحاب المنزل
رأسًا
على عقب من بكاء
ونحيب
النساء والفتيات وبذل الرجال وسعهم للوصول اليها فقد
تفحصوا
الكاميرات ولم يظهر بها شيء سوى سيارة دون ارقام يصعب الوصول إلى صاحبها..كذلك حضرت عائلة سلطان كي يقفون
جوارهم
ويهونون
عليهم حتى تعود ابنتهم سالمة
غانمة
.. والآن تجلس داخل أحضان زوجها
يربت
ويهون عليها رغم ما يعتريه من خوف ربما يكون مضاعف…
يطمئنها
بكلمات وصلت إلى مسامع الجميع الذين لم تختلف حالتهم كثيرًا عنهم:
-اطمني..
وبطلي
عياط..بنتنا راجعة..وحياتك
لترجع
..احنا مش ساكتين اهو..واللي عمل كدة و وجع قلبنا مش
هرحمه
هخليه يندم على الساعة اللي فكر
يهوب
فيها من بنتي..
رفعت رأسها وخرجت من أحضانه تنظر داخل عيناه بعيناها الحمراء المليئة بالدموع، مغمغمة بصوت يمزق القلوب:
-أنا عايزة بنتي يا أيهم…عايزة بنتي..بنت الكلب وحشتني…عايزاها تيجي
وتزعق
وتعمل اللي هي عايزاه بس تيجي..انا ممكن اموت لو
جرالها
حاجة..
ردت روفان وهي تفارق مكانها وتقترب منها تضمها لصدرها، متمتمة بحنو:
-بعد الشر عليها يا رحمة..إن شاء الله هترجع ومفيش حاجة
هتحصل
…
زفرت “دلال”
الجالسة
قبالتهم
وجوار
زوجها..مسلطة بصرها على “أشرف” الذي كان بحالة لا تستطع تفسيرها فقط يلزم الصمت وينظر بالفراغ أمامه والألم والضيق
يليح
على وجهه
عاكسًا
ما يشعر به من سوء
لاختطافها
و وضعه العديد من الاحتمالات
والأفتراضات
السيئة التي تجعل قلبه يئن
المًا
من أجلها:
-خير يا جماعة..خير ربنا
مبيجبش
حاجة وحشة…وان شاء الله هترجع
لحضنكم
..
ادعولها
بس..
هنا واعلن هاتف “أشرف” عن
اتصالًا
…
اخرجه
بلهفة و هو ينهض مجيبًا عليه رغم جهله لذلك المتصل….
-ألو مين.
آتاه صوت “محمد” الذي وضع قطعة قماش على فمه كي يتغير صوته ولا يتعرف عليه بسهولة
مضخمًا
إياه:
-المحروسة معايا في الحفظ
والصون
..
ومتخافوش
وعد مني ليكم اني مش
هأذيها
اصل
محسوبك
مش مؤذي…انا بس كل اللي عايزه خمس أرانب..وطبعا مش محتاج اقولكم أن لو
طلعتوا
اغبية
وبلغتوا
وفكرتوا
تلعبوا من ورايا
وتعملوا
حاجة كدة ولا كدة..
هخلف
وعدي معاكم..قولي انتوا
بلغتوا
؟؟
تشنجت
عروقه غير مهتم
بتجمعهم
من حوله مجيبًا عليه ينفي ما يقوله:
-لا
مبلغناش
..
وقسمًا
عظمًا
يا ابن ***** لو لمست منها شعره ولا
هوبت
ناحيتها
لهخلي
اهلك
يترحموا
عليك ده لو عندك أهل من أصله…هي فين..عايز اكلمها..واسمع صوتها.
-لا لا اعصابك..روق
واستنى
مني مكالمة تانية من رقم تاني
هبلغك
بيه بمكان وميعاد الاستلام وساعتها هبقى اسمعك صوتها..سلام يا عم الحبيب…
اغلق معه
لتنهال
عليه التساؤلات
والاستفهامات
…كما أخذ بسام منه الرقم كي يرون صاحبه علهم يصلون إليه…..
أبتسم “محمد”
بسماجة
وهو يزيل لها ذلك اللاصق الذي وضعه على فمها كي لا تتحدث اثناء مكالمته
وابتزازه
لهم:
-عايز يسمع صوتك
ويطمن
عليكي شكله حبك يا بت…ونسي الدكتورة…
بصقت
وعد بوجهه مغمغمة
بأشمئزاز
وانفعال:
-خطفني عشان خمس أرانب يا معفن..بقى انا قيمتي خمسة مليون..دول
ميجبوش
فيلا وعربية يا أهبل…
ضاقت عيناه وشرد قليلًا وقبل أن يزيل الخط من الهاتف عاد اللاصق على فمها لا يهتم برفضها
وتلوي
جسدها
كالثعبان
…
مهاتفًا
أشرف من جديد….
أشار لهم
يحثهم
على الصمت يخبرهم
باتصاله
مرة أخرى…
فجائه
صوته هاتفًا:
-معلش بقى بتصل تاني..بس أنا غيرت رأيي انا عايز عشر أرانب مش خمسة بس……….
*****************
ترجل “جابر” من سيارة الأجرة أمام بوابة المنزل الخارجية…مر من خلالها
مدندنًا
مع ذاته يتقدم من الباب..
قرع الجرس وترقب أن
يُفتح
له لكن طال
ترقبه
وازداد قرعه…وعندما ضجر ونفذ صبره أخرج المفاتيح ودخل المنزل ينادي على والدته ويبحث عنها…
-أما…ياما..أنتِ فين؟؟؟
قطب حاجبيه وتعجب من هذا السكون الذي يعم المنزل وخلوه من والدته أو أشقائه..
مط شفتاه ودس يده بجيبه واخرج هاتفه فوجد كم هائل من المكالمات الفائتة التي تعود لوالدته والذي لم يراها أو ينتبه إليها إلا الآن…قلق قليلًا وجاء
برقمها
كي يرى اين هي ولما المنزل خالي بهذا الشكل..
شعرت دلال
باهتزاز
هاتفها الموضوع
بالمنتصف
بينها وبين سلطان..
انتشلته
وما أن رأت اسم جابر حتى نفخت ومنحته لزوجها تهمس له:
-ابنك
بيتصل
رد عليه
وهزقه
عشان أنا
مفنيش
حيل..وخليه يجي يقف جمب أخوه..
اخذ الهاتف وخرج للحديقة كي يجيب عليه..فتح عليه وقال بصرامة دبت الرعب بقلبه:
-لسة فاكر تتصل من امبارح
بنحاول
نتصل عليك..
رد يبرر عدم
ايجابه
:
-كنت نايم
ومسمعتوش
..هو في إيه وانتوا فين؟؟
رد عليه سلطان يقص عليه ما حدث تزامنًا مع قرع الجرس والاعلان عن ضيف..
اتجه جابر نحو الباب كي يفتحه وهو يضع تركيزه مع والده:
-مرات أخوك أشرف اتخطفت امبارح..ومن امبارح والدنيا مقلوبة واللي خطفها عايز عشرة مليون..وطبعا
البية
ولا على باله و
-ثواني خليك معايا.
انزل جابر الهاتف
وابعده
عنه وهو يرى أمامه كلا من ذلك البغيض الذي تشاجر معه من أجل ثراء وبجانبه رجلًا كبيرًا
بالعُمر
يرمقان
إليه بكره وغل…
لم
يعرى
الرجل الكبير اهتمامًا وسلط بصره على زاهر
يبادله
كرهه…وما اوشك على التحدث حتى فقد زاهر تحكمه
وتخطى
والده
منهالًا
باللكمات
المتتالية المتفرقة سواء كانت على وجه أو جوف الآخر الذي تفاجئ بما حدث وما أن استوعب حتى بدأ يتفادى تلك الضربات
ويتشابك
معه بالايدي
والالفاظ
النابية كأنهما في سباق عمن يلقي اكثر من الآخر…
تدخل “منتصر” الذي أخبره ابنه كل شيء ولم يتهاون مع ابنته وتابع ما توقف عنده ابنه..مما جعل زوجته يغشى عليها ويظل جوارها طيلة اليوم…
حاجزًا
ابنه رغمًا عنه كي لا يرتكب اي شيء احمق قد يندم عليه لاحقًا ….
واخيرًا
فض ما يحدث
دافعًا
جابر عن ابنه، واقفًا قبالة ابنه يوليه ظهره، يصرخ على جابر بشراسة وهدر:
-اسمع يالا… امبارح ابني اللي واقف ورايا ده كان
هيشرب
من دمك..كان
هيقتلك
ويسيح
دمك
ويحلف
أنه ما شافك…لولا امه تعبت وأني
حوشته
عنك…بس أنا
ممنعتوش
لاجل عنيك..لا يا روح امك..انا عشان خايف عليه هو…
استشاط
جابر وصاح
بالاثنان
بصوت جهوري متناسيًا أمر والده الذي على الهاتف
وينصت
لما يحدث:
-لا خفت..
وركبي
بتخبط في بعض…و
لم يدعه منتصر يتابع مضيفًا بتحذير واعين قاتمة:
-اه تخاف..وتخاف اوي كمان…عشان أنا بنتي خط أحمر…ولو شيطانك
صورلك
انك
هتكلمها
وتضحك عليها
وتتسلى
شوية…فـ لا فوق يا بابا..مش اروى منتصر..
لانت قسمات جابر الذي ظن بالبداية أن ما يحدث سببه ثراء وهذا الشجار لأجلها..والآن فقط فهم ما يحدث…ومسح بعيناه فوق زاهر مغمغم بسخرية اشعلت قلوبهم:
-اه فهمت…وانا اللي
ظلمتكم
..وقولت
بجحين
وعينهم
واسعة يعني هو اللي عاكس وهو اللي زعلان..على العموم أنا معنديش غير رد واحد بس…اللي عنده معزة يربطها أو
يلمها
مش فارقة…
برزت عروق زاهر ولم يتردد لحظة واحدة بضربة من جديد…
لاكمًا
إياه بمنتصف وجهه..
لكمه
مباغتة جعلته يترنح وعلى مشارف فقد توازنه..
تقدم منه زاهر
خطوتان
وأوشك
على المتابعة والا
يفلته
الا وهو جثة هامدة….صعدت روحها إلى خالقها..لكن
اوقفه
صوت “سلطان” من خلفهم:
-ايه اللي بيحصل هنا ده؟؟
اجابه زاهر بنبرة سريعة
متشنجة
مشيرًا نحو جابر:
-فيه أن ابنك المحترم بيلعب بـ اختي…بيلعب
بعيلة
لسة في تالتة ثانوي و
استنكر جابر وصاح ساخرًا:
-نـــعـــم مين دي اللي في تالتة ثانوي…دي
قايلالي
أنها في تالته جامعة…لا كدة ***
صرخ به سلطان يمنعه من الحديث بتواجده:
-اخرس أنت..
انتهى
محملقًا
بـ منتصر الذي سبق وتعرف عليه،
مغمضًا
جفونه لبرهة يعتذر منه:
-أنا آسف ليك
ولبنتك
ص
قاطعه جابر بغيظ من اعتذاره:
-أنت
بتتآسف
ليه وبعدين الوسخ ده يوم كتب الكتاب ضايق ثراء ودخل وراها المطبخ
وض
حدجه
سلطان بنظرة نارية محذرة، مغمغم بنبرة آمرة:
-قولت أخرس…روح عند أخوك عقبال ما خلص كلام مع الناس يلا…يلا بقول..
عض على شفتاه من الداخل
وانصاع
إلى امره
متبادلًا
النظرات
المتوعدة
..الكريهه..
الباغضة
لدرجة لا يمكن وصفها مع زاهر…متجهًا نحو منزل الحلواني….تاركًا والده معهم يعتذر منهم ويصلح ما
افسده
هذا المدلل الفاشل..
*****************
شعرت “وئام” بالاختناق… وبأن هناك ما
يجثو
على صدرها..ترغب بالبكاء والنحيب مثلما ترغب وتريد خوفًا على تلك التي كانت دائمة الشجار معها..لكن على الرغم من كل ما يحدث وما تظهره
احيانًا
من جفاف نحوها الا انها تحبها مثلما تحب شقيقتها
وتوأمها
“ثراء”…
عضت على شفتيها تمنع دموعها من السيل على وجنتيها أمام الجميع..مما جعلها تترك مكانها تاركة الجميع بقلب ممزق وبكاء مستمر
والجة
إلى المطبخ لا تدرك بأن عيناه
تترصدها
وقلبه يئن من حالتها…..
استغلت خلو المطبخ محررة ما
كبحته
بالخارج، وجميع ذكرياتهم
وشجارتهم
تعاد أمام عيناها
كفيلم
سينمائي…
اغمضت عيناها وعلت
شهقاتها
مما جعلها تضع يدها على
فوها
….
دخل “عابد” بتلك اللحظة
ورأها
على هذا الحال…تناسى ما حدث بينهم وتركه خلف ظهره من أجلها..فـ الآن ليس وقت العتاب..بل وقت المساندة
والتهوين
عليها فـ بالنهاية هي حبيبته و زوجته.
اقترب منها بخطوات واثقة
وانتبهت
هي إليه..
اخفضت
يديها وحاولت إظهار العكس لكن تلك المحاولة كانت فاشلة…خاصة عندما قال:
-كملي عياط…طلعي اللي
جواكي
متحبسيهوش
..
استجابت له وعادت باكية
منكمشة
الوجهه… كانت ضعيفة…قليلة الحيلة
وأيضًا
جميلة…
حاوط
وجهها
واحتضنه
يهمس لها بنبرة
حاولها
تغليفها بالقوة كي
يطمئنها
:
-هترجع..بأذن الله هترجع..
رفعت يدها واضعة إياها على يده التي
تلامسها
، معترفة
ببكاء
وحزن وخوف من فقدانها:
-أنا بحبها اوي يا عابد..من واحنا عيال واحنا
بنتخانق
ونضرب
بعض..
ونزعق
مع بعض..بس كل ده
ميخلنيش
اكرهها..انا عايزاها ترجع…
رجعوها
..عشان خاطري…انا بحبها
اوووي
..
خرجت الأخيرة من شفتيها التي ترتجف بطريقة جعلته يتألم
وتلمع
عيناه هو الآخر…قائلًا بحنو ويده تسير على وجهها بحرية:
-وهي كمان بتحبك..
وهترجع
…أنتِ اهدي بس عشان خاطري..
ومع نطقه الأخيرة قام
بجذبها
لتسكن داخل أحضانه..ضمته
وحاوطت
خصره متابعة بكائها على كتفيه…
تبسم وجهه ينوي المرح معها حتى يخفف عنها ولو شيء بسيط:
-لا لا عياط على
هدومي
لا…الهدوم جديدة….لسة
مفرحتش
بيهم.
ثم أخرجها بأعين تجوب
تأملًا
لملامحها
مضيفًا بذات المرح :
-ايه ده !!! انا اول مرة أشوف واحدة حلوة وهي بتعيط..هو العياط
بيحلي
كل الستات كدة..
اوشكت على الايجاب لولا
استرساله
، مجيبًا على ذاته:
-لا هي حبيبتي
ومراتي
بس اللي
بتحلو
واصلا هي بتبقى حلوة في كل حالاتها…
ابتسمت
اخيرًا
مسببه في تراقص قلبه، معلق على ما يراه وهو يمسح لها
بأنامله
ما تبقى من دموع:
-اخيرًا…متعرفيش انتِ انا بحب ضحكتك دي قد ايه..ولا هي بتعمل ايه فيا..
صمت للحظات فما كان منها سوى احتضانه من جديد واضعة رأسها تلك المرة على صدره…ارتفع
حاحبيه
واتسعت عيناه مغمغم وهو يحاول الفكاك من حصارها:
-لا لا ده أنا ابن ناس أوي..وأنتِ كدة
بتغرغري
بيا
وبتجريني
للرذيلة
وانا مش بس بحبها لا ده انا بموت فيها…
ضحكت على تلك الكلمات وقبل أن تعلق ولجت “دلال”المطبخ ضاربة على صدرها قائلة بصدمة مما تراه بتلك الظروف:
-يا لهوي..يالهوي..انتوا
بتهببوا
إيه الله
يخربيتكم
..احنا في ايه ولا في ايه يا اللي
معندكوش
دم…
وعلى الفور دفع عابد وئام عن أحضانه، قائلًا
بلهو
وهو يشير نحو زوجته التي تبتسم على ما حدث:
-أنا مليش دعوة هي اللي
جرجتني
وراها… أنا مظلوم ياما…
****************
حضر جابر ونهض “خليل” مقتربًا منه
فهمس
له جابر بخفوت:
-اومال أخوك فين؟؟ وايه اللي حصل ده؟ اتخطفت ازاي يعني ولية؟
رد خليل بجدية جعلت الأخرى يشعر بالبداية بانه صادق:
-لا
ابدًا
مرات اخوك كانت
زهقانة
بس شوية فقالت أما اقوم
اتخطف
شوية
واوجع
قلبهم..
ضيق جابر عيناه وهتف من بين اسنانه بسخط:
-بتتريق… وحظك اني مش
فايقلك
…
تناهى إليهم صوت البكاء الذي بدأ يعلو تدريجيًا…وجذب أنظارهم…
نظر جابر نحو صاحبه هذا البكاء والكلمات المتقطعة فوجدها تلك المنتقبة الذي لم
يسنح
له رؤيتها بعد…
مما جعله يعلق بخفوت وهو يشير نحوها:
-البت فجر هي اللي بتعيط…و
لم ينصت “خليل”
للبقية
فقد بات
أصمًا
..
عيناه فقط من تتابعها بتأثر
وتجعد
وجهه
وجعًا
لاجلها
ولصوت
بكائها الذي يعلو كلما حاول أحدهم
تهدأتها
وطمانتها
بأن وعد ستعود لهم..
انتهى جابر من كلماته فلم يقابل الا الصمت..ناظر أخيه فوجده يمعن النظر بالفتاة وهذا يحدث للمرة الأولى…
ارتفع حاجبيه و ردد بصدمة
منتشلًا
إياه من حالته:
-يا نهارك أسود…
أتحملق
بفتاة ولا تغض بصرك يا شيخنا..حقًا لا اصدق ما تسمعه عيناي وتراه
أذناي
…
اكفهر وجهه خليل وشعر وفاق لذاته…صك على أسنانه
غضبًا
من ذاته ولم يعقب على كلمات أخيه واكتفى بالرحيل والخروج للحديقة…
بعد رحيله ابتسم جابر بسمة عابثة وخرج خلفه…..
وجده يقف و يوليه ظهره…اسرع خطواته و وقف جواره ينظر بوجهه فوجده مغمض العيون
وشفتاه
تتحرك
مستغفرًا
ربه…
-بقولك ايه ما
تاخدها
في حضنك
واقريلها
قرآن يا شيخنا…بس مش عارف
هتتكتبلك
حسنة ولا سيئة عشان بس
مفتيش
فيها..
فتح خليل عيناه يحدق به بنظرات نارية من سخرية الآخر به، قائلًا بتشنج:
-لولا اللي احنا فيه كنت
مديت
ايدي عليك
ورديت
عليك رد زعلك مني أوي..وبدل ما أنت مركز معايا اوي كدة ادخل هون على اخوك واقف
جمبه
..
حسسنا
انك
بتحس
وقلبك علينا ولو لمرة….بدل ما أنت ضارب الدنيا
صرمة
..
ومبتحبش
غير نفسك.
عاد للداخل،
جاعلًا
جابر يقف بمفرده ينظر أمامه
باللاشيء
…
مضت دقائق معدودة عليه وهو لايزال على وقفته وحاله الشارد…لم يفق منها أو
ينتشله
سوى مرورها من أمامه بخطوات
مندفعة
….
لانت
تعابيره
وسلط بصره عليه ولم يتردد بمتابعتها والذهاب ورائها…
دفعت “ثراء” جسدها على الأرضية جالسة على العشب الأخضر راغبة في أن
يتغلل
الهواء البارد صدرها..
فالاجواء
بالداخل تزيد من حالاتها
سوءًا
خاصة مع انفجار فجر بالبكاء دفعة واحدة فقد حاولت الا تفعلها وتبكي
مهونة
على ذاتها لكن لم تتحمل وانفجرت مفزعة إياهم عليها…
راقبها
من بعيد
ورآها
وهي تبكي بصمت…حاول ألا يصدر أي صوت كي يظل يتابعها هكذا..
و رويدًا رويدًا ودون أن يشعر غمره الضيق من أجلها
وتحركت
قدماه رغمًا عنه كل ما يفكر به هو الحديث معها وإخراجها من تلك الحالة المزرية التي جعلته يشفق عليها للمرة الأولى.
جلس بجانبها
محافظًا
على بعض المسافة بينهم
مجهزًا
ذاته على إقناعها بالجلوس فمن المؤكد بانها ستحاول المغادرة…
لكن وعلى عكس المتوقع لم تتحرك وبقت جالسة رغم
لمحها
إياه من جانب عيناها…
حك مؤخرة رأسه وتحدث دون حسبان وبشكل عفوي تلقائي:
-تعرفي أن وعد محظوظة…. محظوظة بحبكم وبكل اللي بيحصل ده…انا تقريبا لو
حصلي
حاجة او اتخطفت زيها كدة محدش
هيسأل
فيا..او ما
هيصدقوا
يخلصوا مني..اصل مش أنتِ لوحدك اللي مش
طيقاني
..حتى أهلي اللي أنا منهم مش
بيطقوني
…محدش
بيفكر
فيا.. أمي روحها في أشرف و أبويا بيموت في خليل..ونضال وعابد العلاقة خربانة بينا…
لم تجيب عليه واحتفظت
بسكونها
، فلم يبالي أو يهتم وتابع وهو ينظر أمامه
باعدًا
مقلتيه
عنها
مستشعرًا
راحة كبيرة بالحديث هذا:
-أنا بجد
بحسدها
عليكم…وكان نفسي اهلي يحبوني زي ما انتوا
بتحبوها
كدة…. أوقات كتير الواحد بيبقى بيضحك
وبيهزر
وضارب
الدنيا بالجزمة ومش همه حاجة…بس بيبقى من
جواه
حاسس بحاجة
نقصاه
ومنغصه
عليه حياته…حاجة محدش حاسس بيها ولا عارفها غيره..ومش عايز حد يعرف بيها…
سرق نظرة إليها، مغمغم
بعبث
بسيط:
-طبعا زمانك
بتسألي
ماله ده وايه الندب ده…بس ده اللي أنا بحس بيه…جابر علطول فاشل في نظرهم…جابر مهما عمل هيفضل افشل اخواته..عمري ما نسيت يوم نتيجة الثانوية العامة…كنت
بذاكر
.. اه مش اوي بس كنت
بذاكر
..يومها محدش كان سأل ولما عرفوا اني سقط برضو
مفرقش
معاهم كتير عارفة ليه عشان جابر مش فارق معاهم….جابر مش مهم.
رفعت يدها
ومسحت
دموعها ولا يظهر عليها التأثر أو تصديق كلماته..انتبه لتلك الفعلة
ومحاولتها
للتوقف عن البكاء امامه، مما جعله
يردف
ببسمة جانبية رسمها بصعوبة وبكلمات جاء بها من أعماق قلبه:
-متوقفيش عياط..لو حسة انك عايزة تكملي اعملي ده عشان ترتاحي
وتحسي
بفرق…ولو عايزاني اقوم
واسيبك
لوحدك هعمل ده..بس لو
سألتيني
انا عايز ايه فـ أنا مش عايز ده..انا عايز ابقى جمبك..يمكن
اخفف
عنك شوية…
هنا ولم تعد تتحمل الاستماع لصوته أو لحديثه، هبت من مكانها وصاحت به بانفعال ظهر فجأة على وجهها
ونبرتها
العدائية:
-انت آخر بني آدم انا عايزاه يبقى
جمبي
..كفاية تمثيل بقى
وقرف
…ابعد عني يا أخي أنا بكرهك….
كتك
القرف…
****************
اصطحب “سلطان” منتصر والد اروى و زاهر إلى الصالون وعلى مضض
رافقهم
“زاهر” كي يرى ما لديه من كلمات وأحاديث حول فعلة ابنه
وتلاعبه
بأخته الصغيرة..
جلس الاب وابنه على
الاريكة
جوار بعضهم البعض..وسلطان على مقعد مقابل لهم…
بادئًا
حديثه، متمتم بهدوء:
-اول حاجة مش
عايزكم
تفكروا اني مع جابر او اني
هحاميله
..لا بالعكس أنا مش معاه وعارف أنه غلط…بس انا آسف في اللي هقوله… الغلط مش عليه لوحده يعني..
قاطعه زاهر
بعنفوان
وقوة يرفض ما هو قادم ورمي التهم
بشقيقته
:
-لا عليه لوحده…عشان هي عيلة صغيرة…وهو استغل ده وضحك عليها..
طالعه أبيه وأشار له بعينه يحثه على الجلوس مجددًا:
-اقعد يا زاهر.
برز فكيه وجلس
مجبرًا
منصتًا
لكلمات سلطان الهادئة كما هي:
-احنا دلوقتي في ظرف صعب وألا كنت حددت معاكم يوم وجيت
اتقدمت
لبنتكم
…بس زي ما قولت الظروف مش سامحة……..بس اول ما
هتسمح
هتلاقوني
جاي مع جابر
وبنطلب
الحلوة الصغيرة…انا يشرفني اني
اناسبكم
…
فارت الدماء لرأس زاهر فنهض من جديد
يزمجر
به:
-انت بتقول ايه يا راجل يا خرفان انت..بقولك عيلة صغيرة وابنك ضحك عليها تقولي ت
لم يدعه منتصر يسترسل..
مطالعًا
سلطان قائلًا بحسم ونبرة غامضة:
-وانا
هستناك
…ويشرفني اني
اناسبك
…
******************
-انت يا حيوان…انا دراعي ورجلي
نملوا
..الله يخربيتك..انا عايزة امشي..يلا قوم فكني وخليك راجل جدع وشهم…يعني كفاية انك حرامي هتبقى حرامي
وخاطف
ومش شهم ولا جدع..كدة كتير…وبعدين هما مش
بيلاقوني
ليه هو أنا
اتناسيت
كأني ما جيت ولا إيه!!!!!!!
نفخ “محمد” بصوت عالي مغمغم باسلوب سوقي:
-ما
تخرسي
بقى ده أنتِ كلتي دماغ أمي….
-يعني انت زعلان عشان كلت دماغك ومش زعلان عشان
خافطني
..
تحدثت وهي تراه يتحرك يلتقط شريط اللاصق فأدركت نواياه مما جعلها تتراجع
وتردف
ببراءة:
-لا بلاش
تكتمني
وتخرسني
وحياة امك…اعتبرني
بفضفض
معاك يا أخي..انت ايه معندكش
إخوات
بنات خايف
يتخطفوا
و
لم تكمل بفضل وضعه
للاصق
متنهدًا
براحة:
-ايوة كدة…
ارغي
مع نفسك بقى..ده أنتِ راديو خربان..
استمع
لمحاولاتها
بالحديث
وتبسم
بشماته
وتشفي..
وبذات الوقت أعلن هاتفه عن اتصال من رفيقه وشريكه بكل شيء…
اجاب عليه..
مستمعًا
لما لديه، مغمغم بظفر:
-لا..ما أنا
اتصرفت
خلاص وعرفت اجيبها…انت اي حد يسأل عني قولهم
بيقضي
مصلحة…وبليل
تعالالي
انا في المكان إياه…
استمر حديثه معه لثواني يغفل عن محاولاتها لفك قيدها وقربها من فعلها…
أنهى المكالمة
وحدق
بها فتوقفت تدريجيًا واصدرت
صوتًا
من فمها فقال:
-ما بس بقى يا بت انتِ…ده أنتِ دعوة من دلال
واتجازت
في الواد….
انتهى
يرمقها
بغضب
والجًا
لدورة المياة…
صافعًا
الباب بوجهها…فعادت على الفور تتلوى بجسدها ويدها تحاول اخراجها من الحبل…وبعد دقيقة كانت تفعلها ونجحت في هذا..
تهلل وجهها…وابتسمت باتساع سعيدة بذاتها ويدها تعرف طريقها إلى قيد قدميها… سارقة نظرة نحو الباب المغلق تارة..وإلى الحبل محاولة فكه تارة اخرى….
وأخيرًا فعلتها قذفت الحبل وتركت العنان
لقدميها
راكضة
نحو الباب….وقبل أن تفعلها وتصل يدها إلى المقبض كان يخرج ويراها…اتسعت عيناه
وهرول
نحوها… لاحقًا بها.
-يا بنت
الابلسة
…
مسك بها وحاول التحرك لكن صعب عليه ذلك من شدة
عنفوانها
ومحاولاتها
بالانفلات
..
فحملها
ورفع قدميها عن الأرض وتحرك كي يصل بها إلى الأريكة…فقامت هي وبحركة جريئة لم يتوقعها بضربه أسفل جوفه…
برقت
عيناه
وانحنى
بجذعه
مصدرًا
انينًا
متالمًا
…تاركًا اياها رغم عنه…
ابتسمت
بظفهر
قائلة
بتشفي
قبل أن تغادر من الباب:
-احسن.. أحسن…
راقب غيابها…واشتعلت عيناه و سقط بصره على تلك
المزهرية
الزجاجية الفارغة..التقطها وتحرك
متحاملًا
على نفسه…
هبطت الدرجات وخرجت من تلك البناية المهجورة تلتقط أنفاسها كي تستطع المتابعة..
اعتدلت
بظهرها وقبل أن تخطي اي خطوة كان هو يصدم تلك
المزهرية
على رأسها كي تفقد الوعي
ويستطع
تقيدها
من جديد…..
*****************
-ممكن تهدي بقى..مينفعش كدة..يعني العياط
هيحل
ايه حرام عليكي يا داليدا..
هكذا نطق “نضال” الجالس جوارها على الدرج بعيدًا عن الجميع يحاول أن يجعلها تكف عن البكاء…تبادل النظرات مع أبرار التي كانت الاكثر تماسك والتي هربت رفقة داليدا إلى هنا وبحث هو عنهم حتى وجدهم يجلسون بهذا الشكل..
تنهدت أبرار وكانها تزيح شيء ما ثقيل على صدرها، توافق على كلمات نضال:
-نضال معاه حق يا داليدا..انا اصلا مش فاهمة
بتعيطوا
ليه..وعد هترجع..إن شاء الله هترجع..
كانت نبرتها هادئة وكانها ترغب
بتصديقها
هي الأخرى…
لاحظ هو نبرتها التي تبدلت فصاح بمرح:
-لا بقولكم إيه
متبقوش
نكد
وبوم
كدة..وأنتِ.
صوب الأخيرة نحو داليدا مضيفًا بمرح
مزيفًا
خلعه
لمعطفه
:
-اقلعلك طيب
واوريكي
شعر صدري..ولا شعر ايدي..يمكن تضحكي..
وبالفعل ضحكت على كلماته ولم تستطع
كبحها
فسعد
هو وصاح
مهلل
:
-اللهم ما صلي على النبي كانت فين الضحكة الحلوة دي من بدري…طب تصدقي مش خسارة فيكي شعر صدري..استني..
هنا
ونهرته
ابرار، مغمغمة
بأشمئزاز
:
-أنا ايه ذنبي أسمع القرف ده…قوم يا نضال قوم..
-طب ما تقومي أنتِ يختي وخلي عندك دم..وبعدين قاعدة مع واحد ومراته ليه يا باردة يا
تنحة
..
-والله دلوقتي باردة
وتنحة
..طيب ادي دقني اهي لو ساعدتك تاني…
ارتبك يصلح ما
افسده
:
-يا ساتر عليكي يا ستي بهزر..بهزر..خليكي فريش وبلاش قفش..
******************
ولج “جابر” حجرة المكتب الذي يتواجد بها كل من بسام..سليم… أشرف…محمود…أيهم.. مروان..وذلك المختص بتلك الأمور الذي حضر بعد تواصل بسام معه..والآن يحاولون الوصول إلى الخاطف من خلال معرفة صاحب الرقم…
تساءل جابر وعيناه تجوب على الرجال الذين لا يتوقفون عن محاولة إيجادها:
-عملتوا ايه و
وصلتوا
لايه؟؟
دنا منه أشرف ورد عليه بخفوت:
-لسة
بنشوف
مين صاحب الخط اللي كلمني و
كاد يلقي عليه ما تبقى لولا مقاطعة جابر له مغمغم بدهشة:
-كلمك انت؟؟؟ غريبة دي
ومكلمش
ابوها ليه ؟
ضاقت عين أشرف وحاول التبرير لنفسه:
-يمكن عشان هي مراتي دلوقتي و
لكنه توقف والخيوط تتجمع برأسه يتذكر محمد…وحضوره الى هنا….
وللتو
فقط أدرك بأن المختطف لم يكن سوى محمد الذي حاول
مساومته
وفشل بهذا بفضل وعد……
ضاقت عين جابر وحاول
استنشاف
ما يفكر به..قائلًا:
-مالك؟؟
اختطف أشرف نظرة نحو هؤلاء
المنهمكين
..ثم غادر من الحجرة دون أن ينطق بحرف واحد…..لم يتركه جابر و ذهب هو الآخر يلحق به…
خرجا الاثنان للحديقة فصاح به أشرف يستفسر:
-عربيتك فين؟؟؟
-متلقحة هناك هو في ايه؟؟
رد أشرف وهو يركض نحو منزلهم كي يتحركوا بسيارة جابر:
-الواد محمد هو اللي وراها…خلينا نطلع على الحارة.. بسرعة……
******************
شهقت “وعد”
مفزوعة
من تلك المياة التي تناثرت على وجهها…تنهد محمد بارتياح قائلًا:
-الحمدلله..زي القردة اهو وانا اللي افتكرتك
فارقتينا
وهروح
انا في حديدة…
رمشت
بأهدابها
عدة مرات قبل ينعقد حاجبيها بصدمة من قيود يدها وقدميها، وألم
رأسها
:
-ايه ده انا فين؟؟ وانت مين؟؟
ابتسم لها
بغلاظه
وهو يجلس أمامها على المقعد مجيب بسخرية:
-أنا بابا يا بت…
-بجد..طب
ورابطني
ليه يا بابا؟
ارتخت قسماته وصاح بها بشراسة:
-لا هطل وشغل جنان مش عايز…أنتِ فاهمة؟
-هطل ايه؟؟ مش انت لسة قايل انك بابا يا بابا…
هنا وأطلق محمد
لفظًا
بذيئًا
منتفضًا
عن المقعد كمن
لدغته
عقربة
….
يحدقها
بنظرات مصدومة لا يدري ماذا يحدث معها؟!!! لكن حالتها و ردودها…
ونبرتها
المختلفة اثارت
ريبته
كثيرًا…
اتسعت عيناها من لفظه
النابي
قائلة بعتاب:
-بابا بيقول حاجات عيب قدامي…..هي فين ماما؟
ظل يحدق بها بصدمة
فتابعت
هي لا تبالي
بصدمته
:
-هو انا اسمي ايه يا بابا..
وربطني
كدة ليه..هو أنا كلب؟
وبنبرة
مرتبكة كان يجيبها:
-انا مش ابوكي..
مالت برأسها للجانب
مخمنة
بملامح بريئة:
-اومال ماما؟
صرخ بها منفعل:
-ولا زفت..
هنا واتسعت عيناها قائلة:
-تبقى اخويا…
لم يجيب
فأضافت
بترقب
:
-عمي؟ خالي؟
وفجأة صاحت ببسمة واسعة سعيدة بما تفعله وكيف تتلاعب به وتثير الرعب بقلبه الآن:
-بس لقيتها انت جوزي صح؟
صك على اسنانه وهو يكاد ينفجر من الغيظ مما حدث لها فعلى ما يبدو بانها قد فقدت الذاكرة بفضل تلك الضربة التي تلقتها على رأسها بواسطته:
-يا
وقعتك
الهباب
يا محمد….
******************
وصلوا إلى الحارة وصف جابر السيارة
وترجل
منها هو وأشرف
وتحركا
سويا
يستفسرون
عن محمد ومكانه…وعندما علموا بعدم ظهوره اليوم
واختفائه
التام..اتقن أشرف بأنه حقًا الفاعل ….
وقف
يتأفف
يتمنى أن تكن بخير وألا يمسها
مكروهًا
… على الجانب الآخر لم يتوقف جابر وتابعه أشرف
منتبهًا
لذهابه
صوب القهوة
وانتشاله
أحدهم من ملابسه
وجره
بقوة لداخل مدخل إحدى البنايات السكنية..
انزوى
ما بين حاجبيه
وخطى
خطوات سريعة
والجًا
البناية هو الآخر…
فتفاجئ
بأخيه يلصق هذا الشاب بالحائط
ويحتجزه
بذراعيه
وبنبرة
جهوريه
دبت الرعب
باوصاله
:
-شوف بقى..انا مش
هحلك
انهاردة غير لما تقولي صاحبك الحرامي فين.. وإلا وحياة امي
لهعلم
عليك
واخليك
فرجة الحارة انهاردة…والعيال الصغيرة تمشي
تزفك
…
ازدرد
الشاب ريقه وقال
كاذبًا
ينفي علمه بمكانه:
-معرفش هو فين..ده
مظهرش
من امبارح وحتى مش بيرد عليا..
تحولت تعابير جابر
للاظلام
وبما لا يبشر بالخير وقبل أن يفعل شيء متهور تدخل أشرف
وازاح
جابر
وحدق
مباشرة في عين الشاب قائلًا:
-هنسألك لآخر مرة
وبالحسنى
…محمد فين؟؟؟
-وربنا ما اعرف…ما أنا لو اعرف
هقولكم
هخبي
عليكم ليه…
طفح الكيل ونفذ صبر الاثنان فقام أشرف بتثبيته اكثر
وتسللت
يد جابر يفتش بـ بنطاله يبحث عن هاتفه….
وبالاخير
وجده… وأخرجه…مبتسمًا بمكر…قائلًا:
-هنعرف دلوقتي إذا كنت صادق ولا لا يا ابو الصحاب..
فتش جابر بهاتفه فوجده قد هاتف “محمد” بالفعل فقال ساخرًا:
-الله !! طب ما انت كلمته اهو..اومال
بتكدب
ليه…مش عيب لما تبقى في السن ده
وتكدب
..طب والله عيب على شنبك…
انتهى جابر من كلماته وهو يبتعد تاركًا مجال لاخيه كي يفعل ما يشاء ويحب حتى يحصل على مكانهم..
قبض على ملابسه
وهزه
هزات عنيفة مسببًا في تصادم ظهره بالحائط من خلفه، متحدث باهتياج لم يرى الآخر له مثيل جعله يرغب بالفرار والتخلص من
براثنهم
:
-اتـكـلـم..
وقــول
هــو
فـيـن
…
بــدل
مــا ادفــنــك مـطـرحك
هــنــا
…
انــطــق
يـــالا
..
يتبع.
فاطمة محمد.
متنسوش الفوت ورأيكم وتوقعاتكم.❤️❤️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.