رواية الحب كما ينبغي الفصل السابع والستون 67 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع والستون

الفصل السابع والستون

الفصل السابع والستون

الفصل إهداء إلى جميلتي Emy abbas بمناسبة عيد ميلادها وأحب أقولها كل سنة وأنتِ طيبة وجميلة يا عيوني. ❤

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع والستون:

جاء النادل بالطعام و وضعه على الطاولة أمام جهاد وعـادل، ثم بدأ الاثنان في تناول ما وضع من طعام وهما لا يتوقفان عن الحديث وما سيفعلوه كي يصدق الجميع انفصالهم ولا يشكك بـه أحد، وأول خطوة قد فعلوها في لحظتها هي أرشفة أي صور أو فيديوهات تجمعهما سويًا على حسابات بعضهما البعض.

وبعد الانتهاء ومغادرتهم المطعم، صعد عـادل سيارته وسرعان ما أخبرها وهو يغلق الباب خلفه بحماس:

-أنا هصور دلوقتي الفيديو وهبلغهم أننا أنفصلنا وأن كل شيء قسمة ونصيب، بس أوعي تعملي صوت، بدل ما نتقفش والحوار يتفقس.

ردت بهدوء وبسمة لا تغادر شفتيها:

-حاضر.

ثبت عـادل هاتفه أمامه، ثم رسم الحزن على محياه، رسمة بإتقان شديد…ثم سألها:

-باين أني زعلان أننا سبنا بعض؟؟ ولا أزعل أكتر من كدة.

رفعت أصبع الإبهام وأشارت بـه بأنه جيد للغاية، قائلة بهمس مرح:

-تمام أوي، زي الفل أنطلق.

عاد يبصر الهاتف وبدأ التصوير، يخبر متابعيه ومحبينه هو وجهاد أنه تم الانفصال بينهما ولها منه كل الاحترام والتقدير.

“أزيكم، عاملين إيـه، مش عارف أقولكم إيـه الحقيقي، بس يؤسفني أني أبلغكم أن أنا وجهاد سبنا بعض ومحصلش بينا نصيب، كنت راسم كل اللي جاي من حياتي معاها، وقولت عُمرنا ما هنسيب بعض، مستحيل ده يحصل، بس المستحيل أتحقق، دعواتكم ليا أرجوكم.”

أوقف الفيديو ثم انتشل الهاتف وهو يسألها باهتمام:

-إيـه رأيك كلامي حلو؟؟ تعالي شوفيه معايا كدة.

شاهده الاثنان ونال إعجابهما وعلى الفور سارع بنشره.

أما هي فأخبرته بكل هدوء:

-أنا كمان هنزل استوري بليل…روحني بقى عشان مش قادرة حسة أني جعانى نوم.

-بس كدة الجميل يؤمر.

رد عليها منطلقًا بالسيارة يشق طريقه نحو منزلها.

وفي تلك الأثناء قام بتشغيل واحدة من الأغاني الرومانسية مرددًا كلماتها بحب وحماس مع المغني، يعبر لها عن مدى حبه وعشقه الكبير نحوها.

ابتسمت لـه مجبرة، ثم جاءت بهاتفها وظلت تقلب به لعل تلك الدقائق تمر دون أن تشعر.

فبعد أن كانت تحب مرافقته والوقت يمر بسرعة البرق بجواره، أصبح ذلك الوقت ثقيل على قلبها ويمر ببطء شديد.

المشكلة الحقيقة تكمن في قلبها الذي لم يعد يكذب أو يوهم نفسه، بل صرح وعبر أخيرًا عن انزعاجه منتهزًا معرفتها حقيقته و رؤيتها لوجهه الحقيقي من كذب وخيانة.

الندم لا يصف ما هي عليه..

الأمر معها تجاوز الندم وأصبح أكبر بكثير.

ترغب في التراجع والتوقف عما أضحت عليه ولكن الأمر ليس بتلك السهولة.

كما يقولون بأن كل شخص له نصيب من اسمه وهي اسمها جهاد ولذلك لن تستلم بل ستجاهد نفسها الآمرة بالسوء وتحاول خطوة ثم خطوة ثم العودة لما كانت عليه سابقًا.

الأمر لن يحدث بين ليلة وضحاها وهي تعلم ذلك جيدًا، سيستغرق بعض الوقت وعليها أن تجاهد.

أغلقت شاشة الهاتف و وضعته داخل حقيبتها، ثم أوصدت جفونها تفكر وتتذكر كل شيء.

وتساءلت هل كان عليها الوثوق بصابـر حينها واختياره!!!

ولكن لو فعلت حقًا ماذا كان سيحدث بعد، وجوده وبقائه معها لم يكن مضمونًا مئة في المئة، كانت الشكوك ستظل رفيقة لها.

شعرت برغبة كبيرة في البكاء وهاجم قلبها ألم كبير.

الحب ليس بتلك البساطة التي كانت تراها سواء كان في الأفلام، المسلسلات، أو حتى الروايـات..

الحب يؤلم القلب بطريقة لا يتخيلها العقل، تشعر وكأن سكين غرز بـه وذلك السكين يظل عالقًا لا يجد من ينزعه منه ويستمر الوجع والنزيف دون توقف.

فقط تتعايش مع كل هذا الألم وتحاول أن تعتاد عليه، وهذا ما حدث.

هي لم تحب عـادل، بل كذبت وأوهمت نفسها بأنها تحبه والقلب لم يعرف الحب قبله ولكن الحقيقة كانت غير…

ربما أحبت التواجد معه والذي جعلها تتناسى ألمها وما مرت به بشكل مؤقت.

فاقت على صوت عـادل يردد اسمها بخفوت:

-جهاد..نمتي؟ أحنا وصلنا.

فتحت عيونها ونفت بلسانها وعيونها تدور ترى بأنها قد وصلت وأمام البناية بالفعل:

-لا صاحية…هبقى أكلمك سلام.

ودعها و ولجت هي البناية وغادر هو سعيدًا غافلًا عن حقيقة ما يحدث ويدور دون علمه.

بعد وقت كانت تقف في منتصف المطبخ تعد مشروبًا ساخنًا لها وأثناء إعداده، آتت بطبيق الانستجرام وقامت بتنزيل حالة لها كتبت بها

“Single.”

بعد إنتهائها وأخذها للمشروب توجهت صوب غرفتها تجيب على المكالمة الواردة من سـارة..

-شوفتي الاستوري اللي نزلتها، لو لا ادخلي شوفيها.

ابتسمت سـارة وردت بهدوء:

-شوفتها، أنا مكسوفة من اللي هقوله بس عـادل صعبان عليا، ميعرفش اللي مستنية.

-يلا بالشفا على قلبه، ابن حلال ويستاهل كل خير.

وبحركة مباغتة اقتحمت روضة الغرفة دون استئذان وهاتفها بين يديها تسألها بصدمة تشكلت عليها:

-جهاد هو أنتِ وعـادل سبتوا بعض بجد، أنا لسة شايفة اللي أنتوا نزلتوه!!!!!

-طيب اقفلي دلوقتي وهكلمك تاني.

أغلقت جهاد المكالمة وردت على روضة بهدوء:

-أيوة سبنا بعض.

-طب ليه كدة؟؟ أنتوا…

قاطعتها جهاد رافضة حتى أن تسمع أي حديث عنه:

-مفيش أنتوا دي خلاص، متقوليش أنتوا دي تاني، الموضوع انتهى واتقفل وأنا مش عايزة أتكلم فيه ممكن يا روضة؟؟

تنهدت روضة وقالت باستسلام:

-حاضر يا جهاد.

وقبل أن تفارق روضة الغرفة كان هاتف جهاد يعلن عن اتصال آخر، نظرت في الشاشة و وجدتها إسلام.

قلبت عيونها بملل تعرف سبب اتصالها، فالسبب لن يختلف عن سبب اقتحام روضة للغرفة، ولذلك ردت تخبرها دفعة واحدة:

-أيوة يا إسلام اللي شوفتيه مضبوط وأحنا سبنا بعض خلاص ومش هرجعله تاني مش ده اللي أنتِ بتتصلي عشانه.

وعلى سبيل الصدمة كان رد إسلام كالتالي:

-طب والله أزغرط، يلا أهو غار في داهية.

____________________________

يجلس صابـر داخل سيارته خلف المقود، وأمام منزله، لم يترجل بعد.

فقط شاردًا، ينظر في اللاشيء أمامه..

اليوم أنتهى أمر زيجته.

لن تتم، كان ينوي إنهائها لشعوره بعدم رضاها وتقبلها لـه ولكنه كان يرغب في الانتظار قليلًا، مراعاة للظروف العصيبة التي تمر بها في الوقت الحالي من وفاة والدها.

ولكنه كان مخطئًا، هي لم تبالي أو حتى تنتظر وسارعت بإنهاء الزيجة.

ألقت في وجهه الكثير والكثير، كانت كلماتها عنيفة لها أثر على قلبه.

خاصة عندما أخبرته أنه سيجد أخرى في أسرع وقت وأنه بالأساس لا يفرق معه هي من غيرها.

هل كان عليه أخبارها بالأسباب التي أوصلته لتلك المرحلة.

مرحلة ترك القلب جانبًا والمضى قدمًا، غير منصتًا إلى صوت استغاثته كي يرحمه ولا يدعسه ويسحقه بهذا الشكل، تعامل معه وكأنه حجرًا وليس قلبًا يصرخ طلبًا بحبيبته.

وعلى ذكرها شعر بألم و وجع موضع قلبه لا يوصف.

نعــــم، لايزال يحبها وظلم قلبه ونفسه كثيرًا.

ولكن بما سيفيده كل هذا!!

فهي الآن مع رجل آخر…

أوصد عيونه بوجع وعلى الفور آتى بمخيلته صورتها وهي تجلس معه ويراها تبتسم وتثرثر دون توقف.

فتح عيونه كمحاولة فاشلة منه لطرد صورتها وإبعادها عنه.

فلا يملك أي حق للتفكير بها..

حدث ما حدث.

هي ليست لـه وهو ليس لها.

عليه أن يتابع طريقه الذي أتخذه منذ لحظه ابتعادها عنه.

ولكن كيف يفعل ويتابع كأن شيء لم يكن.

حتى بعد مرور الكثير من الوقت تأبى تركه وشأنه، لاتزال تسكن القلب حتى ولو العقل رافضًا وينكر.

عاد لنقطة الصفر وانتهى الأمر.

أطلق تنهيدة طويلة كانت محملة بالشوق والفقدان، والألم من الفراق والبُعاد.

ثم سارع بترك السيارة تاركًا علبة الشبكة داخلها لا يبالي بأمرها، متحركًا صوب باب المنزل كي يلج ويخبر عائلته بأن زيجته قد تم إلغائها.

من حسن حظه وجد والده وأعمامه يجلسون معًا، جلسة لا تخلي من المرح والشجار بين بعضهم البعض أو بينهم وبين جابـر إذ صح القول.

وقف يشاهد ما يحدث لا يشعر بـه أحد بعد منشغلين بالشجار.

جاء صوت أحمد من خلفه يستفسر منه:

-جيت أمتى يا صابـر، و واقف كدة ليه…وما بهم هؤلاء!!

ثم غير أحمد مجرى الحديث وبدلًا من الحديث مع صابـر وتلقي جوابه على سؤاله الذي نسى أمره، رفع نبرته وتقدم من أعمامه وسألهم مدافعًا عن والده:

-أنتوا بتستكتروا على أبويا الحاج الراجل الكُبارة، فاكرينه لوحده ولا إيـه، لا ده مخلف رجالة بشنبات.

تهلل وجه جابـر وترك عابـد الذي كان يمسك بـه من ملابسه، ودنا من ابنه متمتم بسمة فخورة:

-قلب وعين وكبد وطحال أبوك أقسم بالله أنـ…..

-أميرة جاتلي النهاردة وجيبالي الشبكة معاها وفركشت الجوازة.

ألقى صابـر الخبر دفعة واحدة في وجوه الجميع والذين توقفوا جميعًا وصدموا من الخبر.

ولكن الصدمة الأكبر كانت من نصيب جابـر الذي اقترب منه وهتف بعدم تصديق متمنيًا أن يكون قد أخطأ السمع:

-أنت قولت إيـه؟؟ يارب أكون سمعت غلط.

أكد لـه أحمد والذي توقع أن يحدث هذا وأن لا تتم تلك الزيجة، وكيف لها أن تكمل والقلب ملكًا وميال لأخرى تسكنه، ترفض أن تفارقة وتترك محلها لأخرى:

-لا مش غلط ولا حاجة سمعت صح، جوازة صابـر وأميرة اتلغت يا بابا.

وقبل أن يعقب جابـر، آتى التعقيب من شخص غير متوقع ولم يكن متواجد أو مرئ حتى واقفًا بالخلف منصتًا إلى حديثهم صدفة، ولم يكن سوى آسـر:

-بجـد…يعني أنا ينفع دلوقتي عادي أروح أتقدم لضياء مش كدة!! ما خلاص اللي كان حايشنا موت حماه، ودلوقتي مبقاش حماه بما أن الجوازة اتلغت، بابا كلم شكري دلوقتي، حــالًا بقولك…يلا خد منه ميعاد.

الجميع يعلم برغبة آسـر في الزواج من ابنه شكري… ورغم ذلك استنكر أحمد حديث آسـر وصاح معترضًا:

-يعني إيـه يعني الكلام ده!!! وبعدين أنت معندكش دم، ده بدل ما تزعل إيه يا واد الجحود ده، تصدق أنك وغد ابن وغد..سوري يا عمي عبودة، انفعلت بس شوية.

رد عابـد عليه ساخرًا:

-ولازمتها إيـه عمي يا حبيبي، يلا أنت هتجيبه من برة يعني ما أنت ابن جابـر.

سرق أحمد نظرة نحو والده فقال بخفوت وهو يرى صدمة والده والذي لم يتخطى بعد ذلك الخبر الصادم والذي كان بمثابة دلو من الماء المثلج نزل على رأسه:

-سيب جابـر في اللي هو فيه دلوقتي..أبي هل أنت بخير وعلى ما يرام؟؟ أنا خايف والله تقع من طولك.

تنهد صابـر ولم يتحمل كل هذا الهراء الذي يحدث ورحل دون أن ينطق حرف.

دنا أحمد من والده الذي لا ينطق وقام بهزه بخفه يسأله:

-بابا، أنت كويس!! متقلقنيش عليك الله يكرمك.

قلق آسـر هو الآخر ودنا من جابـر يسأله:

-جبوري أنت تمام؟؟؟

ابتلع جابـر ريقه وانتبه لحديث آسـر فهز رأسه ونفى متمتم بخفوت:

-لا، حاسس أن رجلي مش شيلاني قعدوني يا ولاد، قعدوني.

هتف أحمد بطريقة مازحة يحاول إخراج والده مما هو فيه وفي ذات الوقت يساعده هو وآسـر ونضال على أن يجلس ولا يظل واقفًا:

-يا سلام دلوقتي رديت؟؟؟ طب على فكرة أنا اللي ابنك مش هو، ولا هو عشان قالك جبوري ودلعك، لو بتيجي بالدلع ادلع واهشتك عادي.

-تعرف تسكت، اسكت محدش يكلمني دلوقتي سبوني في حالي.

جاء فريـد ودخل هو الآخر يحرك رأسه بفضول وعدم فهم، متسائلًا بصوت عالي:

-إيـه ده مالك يا عمي؟؟؟

رد أحمد عليه من بين أسنانه بدلًا من والده:

-ولا حاجة يا حبيب عمك، جوازة صابـر بس اتلغت، منور والله… بقولك يا حبيب قلبي ناوي تسافر تاني أمتى، أنا بقول كفاية كدة أكتر من كدة هنضيع.

رد فريـد مدافعًا عن نفسه:

-لم نفسك بقى بدل ما اديك بونية في وشك توقعلك صف سنانك اللي فوق واللي تحت، وأخليك من غير سنان خالص، أنا سكتلك وعمال أسكتلك وأنت شغال تسوء فيها، لم نفسك بقى..

من جديد لم يهتم آسـر بكل هذا وتحرك متسللًا تجاه والده يهمس لـه:

-بابا.

-نعم.

-ما تكلم شكري خد ميعاد بقى.

نظر لـه عابـد وهتف باتفعال طفيف:

-هكلمه أقوله إيـه ما الراجل بيفكر لسة أكيد.

-طب ماشي نسيبه لبكرة طيب حلو يفكر من دلوقتي لبكرة ونكلمه بقى، واعمل حسابك لو قال لا، أنا هخطفها وأتجوزها غصب عنه.

همس لـه عابـد يحثه على التحلى بالصبر:

-يا بني اتقل واصبر متبقاش خفيف كدة، عشان محدش يفتكرك واقع.

-طب وليه الكدب ما أنا واقع فعلًا، ده أنا واقع على جدور رقبتي من الدور الخمسين يا بابا والله.

____________________________

-أنا قولت لا يعني لا، الجوازة دي مش هتم، إيـه هتجوز واحدة أنا مش عايزاها يا هشام! هتزعل أمك اللي كرست حياتها كلها لتربيتك وأنك تكبر وتخليك أحسن راجل في الدنيا وألف واحدة و واحدة تتمناك، وكل ده عشان واحدة اتجوزت قبلك!! أنت عارف ده معناه إيـه؟؟

رددت والدة هشام كلماتها وحديثها الغاضب والذي أعمى بصيرتها، وكيف ألا يحدث كل هذا معها وابنها منذ أسبوع يلح في طلبه للزواج من فتاة سبق لها الزواج.

لن يكون الرجل الأول في حياتها…

وهذا ما لا تقبله بالمرة، وفي الحقيقة ليست هي فقط من تفكر بهذا الشكل وعلى هذا المنوال بل كثيرًا من سيدات ورجال المجتمع ينظرون للفتاة المطلقة وكأنها لا تصلح للزواج من شاب أعزب لم يسبق لـه الزواج.

يتناسون بأن زواجها وانفصالها لا ينقص منها شيء، فقد كانت زوجة في الحلال لم تخطأ أو ترتكب فعل شنيع أو فاضح كي يرفضونها هكذا.

ليس عيبًا بالمرة أن تنفصل الزوجة عن زوجها في حال خيانته لها أو حدوث أذى وضرر سواء نفسي أو جسدي.

الطلاق والإنفصال ليس عيبًا أو شيء مخجل عليها أن تخجل منه.

بل يجب أن يخجل من نفسه من يفكر بتلك الطريقة وينظر لها على أنها أقل قيمة ومكانة من الفتاة العذراء التي لم تتزوج ويمسها أحد.

نطق هشام يحاول معها كي تعدل عن رفضها:

-يا ماما عارف وفاهم قصدك بس أنا….

-قسمًا عظمًا يا هشام الجوازة دي ما هتحصل، عايز تجوز أهلًا وسهلًا البنات على قفا مين يشيل، لكن واحدة كانت متجوزة قبل كدة لا، أنت أساسًا إزاي قابل على نفسك!! ده من قلة البنات مثلًا، لو أنت ترضاها على نفسك أنا مرضهالكش، الموضوع يتقفل وميتفتحش تاني والبت دي تبطل تقابلها وتشيل موضوعها من دماغك.

رحلت من أمام ابنها والذي زفـر بعد رحيلها وظل يفكر فيما عليه أن يفعله.

حقًا معجب بها، ولا تفارق عقله، يرغب بها وبشدة.

أخرج هاتفه وآتى برقمها ثم قام بالاتصال عليها.

حينها كانت منشغلة في عملها وقامت برفض مكالمته.

زفر مجددًا وهو يتساءل بشرود وتفكير:

-يا ترى مشغولة ولا بتتقلي.

___________________________

-أميرة فركشت الجوازة ليه؟؟ مقالتلكش أسبابها طيب!

هكذا تساءل أحمد الجالس بجوار صابـر المُمدد على فراشه وبداخل غرفته، حتى ملابسه الذي آتى بها من الخارج لم يبدلها بعد.

رد صابـر بشرود يخبره ببساطة:

-مبتحبنيش وشايفة أن أنا كمان مبحبهاش وندمانة أنها وافقت من الأول وسمعت كلام أهلها.

مط أحمد شفتيه وقبل أن يفتح فمه ويعقب، كان صابـر يسبقه مضيفًا:

-أنا كان ممكن برضو أقولها أن أنا كمان ندمت أني وافقت على الجواز بالطريقة دي، بس مرضتش أجرحها، قولت كفاية اللي هي فيه..أنا كدة كدة مكنتش هكمل وكنت هلغي بس كنت مستني تعدي الفترة دي، بس الواضح أني طلعت شخص لا يطاق ومستحملتش تكمل أكتر من كدة.

رد أحمد بهجوم يدافع عنه كدافع الأمهات عن ابنها ونور عيونها:

-متقولش كدة أنت مليون واحدة تتمناك، هي اللي خسرانة أساسًا وخسرتك.

-بالعكس هي كدة كسبانة وأنا كمان كسبت، تخيل لو كان الموضوع كمل كان إيـه اللي ممكن يحصل قدام أكيد كان هيبقى في مشاكل وممكن توصل للطلاق ويا سلام بقى لو في ولاد في النص.

وفجاءة اقتحم فريـد غرفة صابـر مردد بصوت عالي وضيق شديد من أجله:

-صابـر..أنت قاعد كدة ليه؟؟ ولا تزعل نفسك، هي الخسرانة صدقني وخسرتك، هي كانت تطول أصلًا تتجوزك، دي المفروض تبوس أيدها وش وضهر عشان ارتبط بيها.

سبق أحمد صابـر ونهض من جلسته مقتربًا من فريـد الذي اغلق الباب خلفه وتقدم بضعة خطوات هو الآخر:

-هو مش في باب تخبط عليه قبل ما تدخل؟؟ ولا الباب ده معمول ليه؟ هو أنت فاكرها سداح مداح ولا إيـه، فريـد أنا مبقتش طايقك غور من وشي بقى.

-حبيبي من القلب للقلب والله، وبعدين الكلام ده تقوله لما تبقى أوضتك لكن دي أوضة صابـر يعني برة عنك.

-برة عني!!! لا دي برة عنك أنت، صابـر ده يبقى أخويا…شقيقي… توأمي….my brother..

مجددًا فُتح باب الغرفة دون استئذان وتلك المرة كان كلا من آسـر وقُصي.

وعلى الفور دنا قُصي من صابـر يسأله بضيق هو الآخر بعد أن علم ما حدث معه من آسـر:

-إيـه اللي سمعته ده، وإيـه اللي أنا شايفه ده، بقيت سنجل خلاص خطيبتك سابتك!!

عقب أحمد ساخرًا:

-أيوة أنت بتعايره ولا بتواسيه يعني مش فاهم!!

-هشش اسكت أنت ومتدخلش.

تلقى أحمد هذا الجواب من قُصي الذي لم يوقف حديث بعد واقترب أكثر من صابـر رافعًا يديه يربت على كتفيه يهون عليه يخبره بصراحة مطلقة:

-متزعلش مش لوحدك اللي اتسبت، أنا كمان البت اللي كنت مصاحبها كرفتلي وكل ده ليه عشان قعدت أسبوعين لا بكلمها ولا برد.

من جديد سخر أحمد وعقب:

-شوف إزاي ملهاش حق كانت استنت تكمل تلاتين يوم أهو كانت تبقى مبلوعة شوية.

تجاهله قُصي وتابع سرد قصة حياته تلك الفترة:

-مسألتنيش وقولتلي طب وأنت قعدت أسبوعين مبتكلمهاش ليه فهعتبرك سألتني وأقولك أصلي كنت وقتها بنهي حوار مع التانية…سيبك بقى من كل ده…في بت تانية بقى خالص مجننة أمي.

علق أحمد مرة أخرى تحت متابعة فريـد وآسـر بصمت:

-قصدك تالتة بقى، متلخبطناش.

-ممكن تحط لسانك جوه بقك وتسبني احكي معاناتي لصابـر يمكن لما يسمعني تهون عليه بلوته ويروق….المهم يا صابـر ركز معايا أنا، البت دي مجنناني مطيرة النوم من عيني، اكلمها مبتردش، ابعتلها ولا الهوا، ولما ردت أخيرًا الحمدلله وفرحت قالتلي أنت مجنون يا ابني!!!!

تلك المرة جاء التعقيب ساخرًا من آسـر وغمغم ببسمة جذابة:

-وطبعًا أنت اضايقت عشان قالتلك أنت مجنون وغلطت فيك.

-لا طبعًا، مجنون دي عادي ومجبتش التايهة اللي زعلني أنها قالتلي يا ابني…ابنها إزاي ومن أنهي اتجاه معرفش…فقولتلها ابنك وحطيتلها علامات تعجب كتير كدة أكيد عارفينها.

سأله فريـد بترقب:

-يعني اللي مزعلك أنها قالتلك ابني مش أنها شتمتك وقالتلك أنت مجنون.

تدخل أحمد وهتف:

-ما هي مغلطتش والعينة بينه أهي، في بني آدم طبيعي يضايق من كلمة ابني ويعدي مجنون كدة عادي مرور الكرام، ده بكدة أكدلها المعلومة وأتاكدت رسمي فهمي نظمي أنه مجنون بجد.

تنهد قُصي وتمدد هو الآخر بجوار صابـر، مخرجًا هاتفه الذي يدمنه كي يقلب بـه ولا يشغل نفسه بأحاديثهم عنه.

بينما تحدث فريـد يحاول مع صابـر أن ينهض ويخرجون جميعًا لأي مكان ويخبرون يوسف ومحمد كي يأتيان أيضًا.

رفض صابـر، وبعد رفضه عم في أرجاء الغرفة صوت عـادل في الفيديو الأخير الذي قام بتنزيله ولم يراه قُصي بعد يخبر الجميع بانفصاله المزيف عن جهاد.

“أزيكم، عاملين إيـه، مش عارف أقولكم إيـه الحقيقي، بس يؤسفني أني أبلغكم أن أنا وجهاد سبنا بعض ومحصلش بينا نصيب، كنت راسم كل اللي جاي من حياتي معاها، وقولت عُمرنا ما هنسيب بعض، مستحيل ده يحصل، بس المستحيل أتحقق، دعواتكم ليا أرجوكم.”

اتسعت عين قُصي وهتف بعدم تصديق تاركًا الفيديو يعاد وكلمات عـادل تتلو مرة أخرى:

-عـادل وجهاد سابوا بعض!!!!!! ألحقوا….استنوا أشوف جهاد منزله إيـه هي كمان….

لم يدرك ما الذي أحدثه بقلب صابـر بذلك الخبر الصادم.

فقد اهتز وارتجف كيانه بأكمله وبعد أن كان لا يعطي أي من الشباب اهتمام، أضحى كل اهتمامه ونظراته مسلطة على قُصي الذي يبحث عن جديد لجهاد كي يتأكد من هذا الخبر، واضعًا احتمالية أن يكون مزاحًا أو مقلبًا منهما.

الثواني لا تمر وكانت ثقيلة عليه.

لم يجد قُصي فيديو جديد لها فقال وهو يخرج من التطبيق:

-منزلتش أي فيديوهات ولا استوري على الابلكيشن ده، هشوف الاستوري بتاعتها على الانستجرام يمكن تكون نزلت هناك.

وبالفعل جاء بـه وقد كان….

حدث ما توقعه و وجد حالة حديثه النشر لها، فتحها على الفور وقرأ ما كتبته تعلن انفصالها.

رفع الهاتف وصوبه أمام عيون صابـر التي قراءت على الفور كلمة Single.

شعر بأن ما يحدث ليس حقيقة وكل هذا من نسج الخيال أو ربما ما يتمناه.

غير معقول أن تنفصل في ذات اليوم الذي ينفصل فيه هو الآخر وتتركه أميرة به.

ولكن جاءه التأكيد من قُصي يخبره بل ويخبر جميع من بالغرفة:

-الموضوع شكله بجد والاتنين سابوا بعض، جهاد منزلة أنها single.

ارتفع حاجب أحمد وعلق بتلقائية:

-ما شاء الله، أنتوا الاتنين في نفس اليوم، ده أنتوا لو متفقين أو مضبطينها مش هيحصل كدة.

لكزه آسـر كي يستوعب أحمد ما ينطق بـه.

حل الصمت في الأجواء وبين الجميع ولم يقطعه سوى صوت صابـر يخبرهم بهدوء:

-ممكن تسبوني لوحدي، بعد إذنكم عايز ابقى لوحدي، اطلعوا بـــرة.

________________________

احتاج صابـر أن يبقى بمفرده…بعيدًا عن ضوضاء وصخب الجميع، فقط هو و… قلبه تلك المرة.

قلبه الملتاع المشتاق…شوقه لها يحتل قلبه.

واضعًا عقله جانبـًا، تاركًا كامل الحرية للقلب كي يفعل به الأفاعيل ويشعر بما يشاء دون إنكار أو شعور بالذنب.

يعترف أنه لم يكرهها يومـًا، لم ينساها، كانت تلازم قلبه كما يلازمه ظله.

ولكن ليس باليد حيلة، اختارت غيره وكان عليه أن يتابع، فالحياة لا تتوقف عند شخص.

دائمًا ما كان يسمع تلك المقولة ولن يكذب كان يصدقها ويؤمن بها.

ولكنه أدرك أنها ليست صحيحة بالمرة على الأقل بالنسبة لـه.

الحياة توقفت بعدها، ولم تعد حياة.

وكيف تعد وهي غائبة بعيدة عن عيونه.

كان جسد بلا روح، والآن روحه ردت إليه مع خبر انفصالها عن ذاك المدعو عـادل.

أخذ نفسًا طويلًا ثم انتشل هاتفه واتجه صوب الشرفة.

ولج إليها يستند على السور من أمامه بمرفقيه، وهاتفه قبالة عيونه مباشرة..

ترددت أصابع يده وسارت بها رجفة بسيطة لكنه لم يتراجع رغم ذلك وتابع ما ينوي..

فقد كان يتابعها في البداية يرى ما تقوم بتصويره وتنزيله.

قام بإنشاء حساب آخر باسم ليس حقيقي وكان يتابع كل بث مباشر أو فيديو تقوم بتصويره، وحينها كان يجتاحه شعور يحثه على تحطيم هاتفه لعل هذا يهدأ نيران قلبه التي لا تخمد أو تبرد بل تزداد وهو يراها تتمادى في الخطأ وأغلب أوقاتها تقضيها مع ذلك الرجل.

ولكن كل هذا توقف ولم يعد يتابع لها شيء منذ تلك اللحظة الذي قرر بها أن يبتعد تمامًا وبشكل نهائي، ويتابع حياته وألا يوقفها ودخلت فتاة أخرى وشارف على الزواج بها…

فقط كان يسمع أخبارها وآخر التطورات في حياتها من خلال يوسف، وأحيانًا محمد وقُصي.

جاء بصفحتها أولًا كي يرى ما كان ينزل في تلك الفترة الذي توقف بها ولكنه لم يجد شيء يجمعها به قامت بحذف كل ما يجمعها بعادل من صفحتها…..!!!!

جن جنونه..كان يرغب في رؤية ما فاته وما كان يسمع عنه، فخرج من حسابها وآتى بحساب عـادل وكانت النتيجة واحدة ومسح هو الآخر أي شيء يجمعه بـ جهاد.

ورغم حنقه وضيقه من عدم تمكنه من مشاهدة تلك المقاطع ألا أن هناك جزء داخله سعد وابتهج.

فالخبر صحيح والانفصال واضح بينهما.

أغلق الهاتف فاقدًا الشغف لم يعد حتى يرغب في البحث عن أي شيء خاصة أن ذلك ليس بشيء بسيط بل سيأجج النيران بين أضلعه ويجعله يحرق أي شيء بنظراته فقط.

ولكن يبقى السؤال ما الذي عليه فعله هل يرضي قلبه وجعله يستكين بعودتها إلى جواره أم يضاعف قسوته ويستمر في متابعة حياته المتوقفة بالفعل…وهل ستوافق من الأساس، هل لا تزال تتذكره وتتذكر حبها لـه قديمًا!

___________________________

عــادل..يكاد يجن ويفقد عقله، الجنون وعدم الفهم لما يحدث تمكنا منه.

بعد أن حاول الاتصال عليها ومكالمتها كي يرى ماذا تفعل ويثرثران قليلًا حول إثارة الجدل التي حدثت بعد تفجيره لخبر انفصالهم الكاذب.

لكنه لم يستطع الوصول إليها.

حظرتــه.

الحظر طال كل شيء.

مما جعله يدور في أرجاء المنزل ومن سوء حظه أن صديقه لم يكن يتواجد معه وكان في الخارج.

لا يعلم أين ذهب ولكنه يعلم بأنه غاب ولا يجيب هو الآخر في أكثر يوم يحتاج إليه.

لا يعلم لما فعلت هذا، ليس من الضروري.

هل تناست أن الأمر مجرد كذبة وتمثيل.

حاول إقناع نفسه والكذب عليها بأشياء غير منطقية أو واقعية وهي أنها فعلت هذا لزيادة حبكة الانفصال.

فلا يتواجد سبب كي تحذره هو لم يفعل شيء بتاتًـا.

مسكين للغاية.

جز على أسنانـه، يكتم ذلك البركان المحبوس داخل صدره.

لم تتوقف محاولاته وجاء برقم روضة وقام بالاتصال عليها.

لكنها أيضًا لم تجيب عليه، مكالمته لها لم تحدث فرقـًا.

لم يعد يتحمل أن يحاول مجددًا والفشل يطول محاولاته تلك، فأخذ ميدالية مفاتيحة التي يتواجد بها مفاتيح المنزل والسيارة وهبط ينوي الذهاب إليها.

هبط من البناية وشق طريقه إلى منزلها وبسبب شعوره بالذنب ومعرفته بأنه قد خانها بدأ الخوف يتسلل إلى قلبه يتساءل هل عرفت بذلك الأمر، العديد من السيناريوهات بدأت ترتسم داخل رأسه.

لكن سرعان ما نفى يخبر ذاته ويطمأنها بأن من المؤكد لم تعرف شيء، من أين لها أن تعرف، من المستحيل حدوث هذا.

زفر بهدوء وبذل جهدًا كبيرًا كي يهدأ، هاتفًا بصوت خافت:

-مفيش حاجة وهطلع أنا اللي مكبر الموضوع، مفيش حاجة حصلت أصلًا عشان تسبني، هي أكيد بتهزر معايا أنا عارف هيطلع هزار ومقلب فيا في الآخر.

وبتلك الطريقة اقنع نفسه وصدق عقله ما يتفوه بـه لسانه، متشبتًا بالتفاؤل.

وصل وهبط من سيارته، منتبهًا لسيارتها المتواجدة، فسارع و ولج البناية مشاركًا المصعد مع أحد سكان البناية، ضاغطًا على الزر الطابق.

توقف المصعد وخرج منه واقفًا أمام باب شقتها.

قرع الجرس وترقب أن يفتح لـه أحد ولكن طال انتظاره ولم يفتح الباب.

تسرب القلق والرعب والخوف مجددًا إليه، وبدلًا من قرع الجرس فقط استعان بكف يده وبدأ يطرق بقوة وينادي باسمها بقلق:

-جهاد….جهاد…أنتِ جوه…افتحي.

دنت جهاد من الباب ونظرت من العين السحرية تزامنًا مع قدوم شقيقاتها وخروج كل واحدة منهما من غرفتها.

تساءلت روضة بقلق:

-هو في إيـه؟؟؟إيـه اللي جايبه؟؟؟

كذلك عقدت إحسان ذارعيها أمام صدرها وقالت:

-ما تفتحوا، هتسيبوه بيزعق كدة كتير.

استدارت جهاد إليهم وقالت بنبرة خافتة لا تحتمل نقاشًا:

-خشوا جوه وأنا هتصرف معاه…يالا بسرعة.

استجابوا جميعًا لحديثها عدا إحسان التي ظلت واقفة لم تهتز فقط تحدق بها بنظرات لم تستطع جهاد فهمها، مما جعلها تتساءل:

-أنتِ لسة واقفة كدة ليه وبتبصيلي كدة ليه ادخلي يا إحسان مش هتصوريني.

تشنجت من كلماتها وسارعت بالتحرك وتركها.

بعد ذهابهم استدارت جهاد مرة أخرى بجسدها تستمع إلى حديثه الذي لم يتوقف للحظة وطرقاته التي تتزايد وصوته الذي يرتفع أكثر فـ أكثر.

-جهاد افتحي….أنا عارف أنك جوة، عربيتك واقفة تحت…افتحي بقولك.

وبعد انتظار قد طال وصبر قد نفد ردت من خلف الباب:

-امشي يا عـادل.

لاحت اللهفة على وجهه ما أن وصل لـه صوتها وتعالت خفقات قلبه، متمتم بلهفة:

-افتحي يا جهاد، أنتِ بتكلميني من ورا الباب ليه؟؟؟ وليه عملتي بلوكات!!!! أحنا متفقناش على كدة…وبعدين أنا مش فاهم أنتِ مش عايزة تفتحي ليه، هو إيـه اللي بيحصل ده!!!!!!!!!!!!!

وببساطة ردت عليه تخبره بما جعل أطرافه تشل:

-اعتقد واضحة ومش محتاجة شرح، أحنا سبنا بعض خلاص الموضوع اتقفل.

تخطى صدمته ولم يسمح لها أن تطيل وتتمكن منه، ثم سأل بصوت رغم خفوته إلا أنها سمعته:

-يعني إيـه؟؟؟؟

لاحت بسمة جانبية على وجهه وهو يتابع ظنًا بأنها تمزح معه:

-أنتِ بتهزري صح، أو بتعملي فيا مقلب!!! بتختبريني طيب عشان تشوفي أنا بحبك قد إيـه…ولا تكوني حطة كاميرا أنا مش شايفها وبتصوري؟!

نفت سريعًا تخبره بصدق كلماتها وأن انفصالهم حقيقي وليس مجرد كذبة:

-أنا لا بهزر ولا عاملة فيك مقلب، أنا لو كملت معاك هضيع أنت كل مادا بتشدني معاك لتحت…كفاية أنك النهاردة وافقت أني اقلع الحجاب!!!مش هقولك أنك سقط من نظري لا، أنت كدة كدة سقطت من بدري لدرجة أني مبقتش شيفاك بس أنت اللي مكنتش حاسس، أنت محبتنيش أنت حبيت الريتش اللي أنا عليتهولك والشهرة اللي رجعتلك بعد ما اتكرفت من سـارة، التمثيلية اللي فاكرها كدبة بنكدبها على الناس حقيقية أنا مش هرجعلك.

شعر بأنه على حافة الهاوية وموته وشيك لا شك.

تحدث معها بهدوء ودموعه تتجمع داخل عيونه، يرجوها بأن تفتح ويراها:

-جهاد افتحي…خليني أشوفك ونتكلم وعاتبيني زي ما أنتِ عايزة، أنا أسف لو وافقتك على قلع الحجاب وقولتلك على موضوع أننا نمثل أننا سبنا بعض، لو كل ده اللي هيخليكي تسبيني فـ أنا أسف، بس متسبنيش..افتحيلي الباب خليني أشوفك، أنا بحبك، أنا أسف.

عقبت بهدوء تخبره:

-امشي يا عـادل أنت لا هتشوفني ولا أنا هتكلم معاك ولا هنتعاتب، زي ما بيقولوا كدة العتاب ده بيبقى من باب المحبة وأنت مبقاش ليك جوايا ذرة محبة واحدة ومتستاهلش أني اعاتبك، اعاتبك دي لو أنا لسة باقية عليك وفي مشاعر جوايا ناحيتك…امشي ومتخلنيش أشوف وشك تاني…موضوعنا خلص واتقفل بالضبة والمفتاح.

__________________________

بعد رحيله وتأكدها من خلال خطف نظرة عبر العين السحرية المتواجدة في الباب، فارقت جهاد مكانها من خلف الباب قاصدة غرفتها.

أغلقت الباب عليها تتنهد براحة كبيرة، وكأن هم قد إنزاح عنها وعن قلبها.

مما جعلها تتأكد للمرة التي لا تعرفها عددها خلال هذا الأسبوع أنها لم تحبه كما كانت تتوهم، الحقيقة غير….

أحيانًا نلجأ إلى الوهم كوسيلة للتعايش والاستمرار مع كل هذا الألم الذي يغمر القلب.

تحركت نحو هاتفها الموضوع أعلى الفراش ثم قامت بالاتصال على سـارة.

لم تتأخر الأخرى في الإيجاب عليها، وقبل أن يخرج صوتها كانت جهاد تسبقها تخبرها بمجيئة حتى عتبة منزلها:

-عـادل جالي ومفتحتلوش، سمعته من المنقي يا خيار وبعديها مشي.

-طيب أنتِ كويسة؟ ضايقك؟

-كان على أخره ومتعصب وحسيته هيعيط بس ولا اتهزيت ولا هيهزلي شعره، كمان حسة أني ارتحت، أنتِ بتعملي إيـه.

-مبعملش وزهقانة أوي حسة أني هموت من الملل بجد، بقولك إيـه هو طلب غريب بس ممكن اطلبه منك وتوافقي ومتقوليش لا بليز يا جهاد.

نهش الفضول قلب جهاد وسألتها:

-طلب إيـه اللي غريب، ما تقولي يا سـارة علطول.

وبتردد طلبت منها:

-ينفع أجي ابات عندك، ماما مش موجودة خارجة مع صحابها كالعادة، وأنا مليش مزاج اتكلم أو اخرج مع حد غيرك، مبقاش في حد قريب مني، كله بعد عني لما بعدت عن السوشيال ومحاولوش يكلموني غير لما رجعت، بس أنا كرفتلهم، واوعي تسأليني جايبة الثقة دي كلها منين فيكي، عشان هقولك معرفش، بس اللي أعرفه كويس أني لوحدي.

تأثرت جهاد من حديثها الدائر حول والدتها وحياتها.

فطوال تلك الأيام السابقة انتبهت إلى أنها دائمًا بمفردها.

فكما هي بدون أم هي كذلك أيضًا رغم وجود والدتها والتي كان وجودها كعدمها مثل شكري تمامًا والذي كان وجوده كعدمه في حياة فتياته، والآن لا يراعي أو يهتم سوى بزوجته التي شارفت على إنجاب الصبي لـه.

خرج صوت جهاد مازحًا تسألها:

-وأنا اللي عايزة أعرفه أنت قومتي من مكانك ولا لسة، قومي يلا أنتِ لسة متحركتيش بالعربية، يلا انزلي وهبعتلك اللوكيشن دلوقتي.

وبعد أقل من نصف ساعة كانت تصل سـارة بملابسها الفضفاضة المريحة التي كانت تجلس بها في المنزل.

استقبلتها جهاد وعلى الفور رفعت سـارة يديها المحملة بالأكياس البلاستيكية والتي تحوي على كثير من التسالي والمشروبات سواء الغازية أو الطاقة، قائلة بمرح وبطريقة توحي لمن لا يعلم، أنهما صديقات منذ فترة طويلة قد تكون سنوات وليست أيام فقط!!!

-جبتلنا شوية حاجات عشان نسهر، أنا قررت نحتفل بيكي ونعمل حفلة على الضيق.

ابتسمت جهاد وتحركت معها نحو غرفتها، تخبرها بهمس:

-جدعة و وطي صوتك بس لحد ما ندخل اوضتي عشان أخواتي زمانهم ناموا.

تحركا معًا وأغلقوا الباب عليهم، اقتربت سـارة من الفراش و وضعت الأكياس فوق الفراش ثم جالت عيونها في الغرفة تخبرها:

-الأوضة حلوة أوي، أحلى من الفيديوهات واللايفات كمان.

-الله يخليكي، اقعدي يلا.

جلست سـارة على الفراش ثم آتت بحقيبتها وقامت بإخراج علبة من السجائر وقبل أن تخرج واحدة سألتها جهاد والتي كانت على علم ودخنت سـارة أمامها ذات مرة في الأيام الماضية:

-أنتِ بتعملي إيـه؟؟

-برقص..هكون بعمل إيـه يعني مش باين أني هشرب سيجارة!!

-أنتِ كمان بتتريقي ومش هعجبك، مفيش سجاير البيت ده طاهر وهيفضل طول عُمره طاهر، قال سجاير قال.

ابتسمت سـارة وهتفت بمشاكسة واضحة:

-طب قولي كلام غير ده، قال طاهر قال، ما هو زفت الطين دخله يعني طلعي كلمة طاهر دي من قاموسك.

شارفت على وضع السيجارة التي التقطتها بين فمها وإشعالها، فسارعت جهاد بخطفها من يدها قائلة بحزم:

-أنا قولت مفيش سجاير يعني مفيش سجاير، اتقي الله في صحتك، وبعدين لما أنتِ تشربي سجاير سبتي للرجالة إيـه..

في ذات الوقت، وداخل منزل عـادل، كان يجلس على الأريكة في الصالون.

جسلته توحي بأنه قد تم كسره بنجاح.

الحزن يكسو ملامحه ويملئ قلبه الذي يتألم كما لم يحدث معه من قبل.

الحب يؤلم بشكل غير متوقع.

من أحبته وكانت على أتم استعداد للتضحية بحياتها من أجله لم يستطع أن يحبها وتبدع في كسرها وتحطميها وتركها خلف ظهره…

ومن أحبها من كل قلبه فعلت ما لم يتوقع.

تبدلت الأدوار وبعد أن كان الجلاد…بات ضحية الحب…بل ضحية جهاد.

ظل جالسًا بهذا الشكل لوقت لا يعلمه، فقط يجلس، لا يستطع حتى أن ينهض ويدخل غرفته.

وأخيرًا جاء صديقه من الخارج، لاحظ الضوء المشتعل وجلوس عـادل على هذا الشكل مما جعله يقترب منه يسأله:

-أنت لسة صاحي؟ أنا قولت زمانك في سابع نومة…عـادل مالك في إيـه؟؟؟

خرج صوته بصعوبة وأخبره بنبرة رجل قد تحطم فؤاده:

-جهاد سابتني بجد…..جهاد محبتنيش.

زيف صديقه ضيقه من أجله وجلس بجواره على الأريكة وتمتم ببساطة:

-طب ومضايق نفسك عشان كدة، ما اللي تغور يجي مكانها طابور، الحياة مش بتقف على واحدة يا صاحبي، اجمد كدة أنا أول مرة أشوفك كدة و…….. أنت بتعيط!!!!!!!!

بكى…هبطت الدموع من عيونه دون أن يشعر.

هنا وترك العنان لدموعه وحزنه وكل ما يشعر بـه لعله يرتاح ولو قليلًا.

دنا منه صديقه وظل يواسيه بالكلمات ويربت على كتفيه يهونها عليه، فلم يجد عـادل ملجئًا سوى أحضان رفيقه وصديقه، اندفع يحضنه يخبره من بين دموعه:

-مش قادر أصدق أنها سابتني، أنا حبيتها بجد حبيتها ومش هقدر أكمل من غيرها، أنا رسمت اللي جاي من حياتي معاها.

-أهدا يا عـادل ومتعيطش، مفيش راجل يعيط على واحدة….وبعدين أنا معاك يا صاحبي وفي ضهرك خلاص بقى.

كلمات خرجت منه تعبر عن ضيقه وحنقه من حالة صديقه ولكن الحقيقة الكامنة أنه سعيدًا من داخله، رغم ما يظهره من ضيق ومواساة لأجله مرتسمة على ملامح وجهه…….

عليه أن يكون ممثلًا ويدخل ذلك المجال سينجح بالتأكيد.

فما يكمن في القلوب لا يعلمه إلا الله.

__________________________

لمعت عين نرمين وهي تشاهد الفيديو الذي يعود إلى عادل في هذا اليوم الجديد والصباح الباكر، شاعرة بالشماتة نحو جهاد.

ومن شدة فرحتها بهذا الخبر والذي سببه كرهها وحقدها عليها، اتسعت بسمتها وكشفت عن أسنانها.

وظلت تعيد مشاهدته مرارًا وتكرارًا دون ذرة ملل.

وعندما شعرت بالرضا والاكفتاء بهذا الكم، بحثت عن رد جهاد وما الذي قامت بتنزيله.

وما أن شاهدت الحالة حتى تضاعفت سعادتها، وسارعت بإخفاء بسمتها وهزت جسد زوجها النائم جوارها على الفراش:

-شكري…ألحق يا شكري، عـادل ساب بنتك، اصحى شوف اللي بيدور من ورا ضهرك، الفيديو نازل من امبارح وكل الناس عرفت إلا أنت..

-أنتِ بتخرفي تقولي إيـه؟؟

انفعلت من كلماته وصاحت به راغبة في إشعاله:

-أنا برضو اللي بخرف ولا بنتك اللي مهانش عليها تكلمك وتقولك، وسابتنا نعرف زينا زي الغريب…بنتك دي بجد فظيعة أنا مشوفتش ولا هشوفلها زي..

-استني هكلمها وأشوف الحوار ده…

آتى بالهاتف وقام بالاتصال عليها لكنها لم تجيب عليه.

اخفض الهاتف وأخبرها وهو على وشك العودة إلى النوم:

-مبتردش، تلاقيها لسة نايمة، سبيني انام دلوقتي ولما اصحى نشوف الحوار ده.

-نام يا شكري نام، ما أنت مش بتيجي غير على الغلبانة اللي هي أنا.

وبالفعل تابع نومه وتركها في حيرة من أمرها هل تستمر في غضبها الذي داهمها بسبب بروده ولا مبالاته أم تسعد من هذا الخبر.

والنتيجة كانت تلك البسمة التي زينت وجهها.

مرت بضعة ساعات استيقظ خلالهم شكري وتناول فطوره التي صنعته على مضض.

وبعدها احتسى كوب من الشاي الساخن اعده لنفسه بعد أن أخبرته بأنها بدأت تشعر بالارهاق ولن تفعل شيء.

جلس أمام شاشة التلفاز وبدأ في متابعة إحدى الأفلام وبتلك الاثناء رن هاتفه وآتته مكالمة غير متوقعة في ذلك الوقت.

عقد حاجبيه وأجاب على المتصل، متمتم بحميمية تلك المرة:

-ألو..إزيك يا أبو آسـر.

التقط عابـد التغيير في نبرة صوته واعتراه الأمل والفرحة، فسارع بالرد عليه:

-الحمدلله…ازيك أنت يارب تكون كويس.

-أهو الحمدلله، منقدرش نقول غير الحمدلله.

وبكلمات تقليدية معتادة رد:

-دايمًا يارب، كنت متصل أشوفك عملت إيـه في الموضوع اللي قولتلك عليه؟ موافق ولا إيـه الدنيا.

-هو أنا أقدر موافقش برضو، يعني من الآخر مش هلاقي عريس زيه لبنتي، أحنا موافقين، الدنيا تضبط عندكم عشان موضوع حمى صابـر ده وبعدين نـ..

قاطعه عابـد يخبره بأخر الأخبار:

-لا ما هو موضوع صابـر اتفشكل أساسًا هو وخطيبته محصلش بينهم نصيب وسابوا بعض

امبارح

، وآسـر مستعجل بصراحة، ومدام الجوازة اتفركشت اعتقد مفيش مشكلة أننا نحدد ميعاد ونجيلكم البيت عشان نتفق على كل حاجة، ومتقلقش مش هنختلف على حاجة.

شرد شكري وسرحت عيونه من خبر انفصال صابـر هو الآخر، فقد وجد الأمر مريبًا.

انتشله صوت عابـد يستفسر منه:

-روحت فين؟؟؟

رد عليه تلك المرة يحدد لـه ميعاد:

-معاك أهو….والله لو ابنك مستعجل فـ أنا مقدرش أزعله، بعد بكرة حلو؟؟؟

-حلو جدًا…..

أغلق عابـد المكالمة ثم آتى برقم آسـر والذي كان في ذلك الوقت في العمل وليس المنزل، رد عليه سريعًا وكأنه يترقب تلك المكالمة على أحر من الجمر، وبضربات قلب عالية سبق والده يسأله:

-عملت إيـه؟؟ كلمته؟؟ وافق؟؟؟ اتكلم يا بابا متوقعش قلبي الله يباركلك.

-كلمته وجهز نفسك هنروحلهم بعد بكرة.

لم يصدق ما سمعه وسأله بصدمة وقلب لا يتوقف عن الخفقان بشدة:

-أحلــــف، أوعى تكون بتشتغلني!!!

-والله أبدًا الراجل مستنينا بعد بكرة ومرحب جدًا بالجوازة.

أما عن شكري وبعد إغلاقه المكالمة وانزال الهاتف عن أذنيه، همس لنفسه يتجاهل نداء زوجته وحديثها:

-هما متفقين ولا إيـه!!!! ما هو مش معقول صدفة، أنا هقوم أروحلها.

نهض بالفعل كي يبدل ملابسه وبتلك الأثناء رضى فضول زوجته واشبعه بأخبارها بما حدث في تلك المكالمة…ثم غادر وقصد منزل جهاد.

فتحت لـه ضياء، و ولج للداخل وهو يخبرها دون أن يلقي السلام:

-جهاد فين؟

-لسة مصحيتش.

-نايمة لحد دلوقتي!!!!! ده أحنا بقينا العصر! خشي صحيها عايزاها.

تحركت ضياء وذهبت نحو غرفة جهاد طرقت الباب ثم ولجت مشعلة الضوء مقتربة من الفراش وقبل أن تهز شقيقتها انتبهت إلى حالة الفوضى المنتشرة في الغرفة من حولها وأيضًا لنوم أحدهما إلى جوارها.

-جهاد…اصحي أبوكي برة وعايزك…يا جهاد يلا… وبعدين إيه اللي عمل في الأوضة كدة ومين دي اللي نايمة جمبك؟؟؟؟؟

رفعت سـارة رأسها وفتحت عين واحدة تخبرها بابتسامة وطريقة ناعسة لا تعرف ماذا تفعل فقط تستجيب وتجيب لأي سؤال تسمعه أثناء نومها:

-أنا ســـارة.

وفور ردها دفعت رأسها مرة أخرى على الوسادة.

ذهلت ضياء من تواجدها ونومها في فراش واحد بجوار جهاد!!!!

بينما فاقت جهاد ونهضت عن الفراش وسحبت معها ضياء للخارج والتي لم تلتزم الصمت وسألتها:

-هو إزاي كدة؟؟؟ أحلام العصر دي ولا إيـه.

-هقولك بعدين، خليني أشوف أبوكي الأول.

تحركت صوب وجود شكري، وجلست على أقرب مقعد قائلة بصوت متحشرج وجفون منتفخة قليلًا:

-صباح الخير.

وباستنكار أجاب:

-صباح!!!! قصدك مساء، جهاد أنا هسألك سؤال وجاوبي بصراحة أنت في حاجة بينك وبين اللي اسمه صابـر؟؟؟؟

لم تكن تمنحه اهتمامًا في بادئ الأمر ولكن مع ذكره لاسمه، بات يملك كل اهتمامها وانتبهت لما ينطق بـه:

-في حاجة بينا إزاي يعني؟؟؟ وضح كلامك!!!

-لا يا شيخة!!! يعني أنتِ وهو دلوقتي مش مع بعض؟؟؟؟ متفقتوش أن كل واحد فيكم يسيب اللي معاه وتبقوا سوا، ما أنا مش مختوم على قفايا ومش عبيط عشان أصدق أن أنتِ وهو فركشتوا في يوم واحد صدفة.

تجمدت مع سماعها لهذا الخبر، حتى أنها قد كذبت ما سمعته أذنيها.

تلجلجت وخرج صوتها مترددًا تسأله:

-أنت بتقول إيـه؟ أنا مش فاهمة حاجة، هو صابـر فــركش!!!!!!!!!! أنت بتكلم جد ولا بتهزر!!!!!!!

««يتبع»»……..

فاطمة محمد.❤

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق