رواية الحب كما ينبغي – الفصل الرابع والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الرابع والأربعون:
تقف جهاد أمام المرآة تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها وبالتأكيد ليس حبًا في الزينة، بل كان هدفها إخفاء أثار البكاء وعدم النوم عن وجهها.
فقد صارعت طوال الليل، لم يمر عليها مرور الكرام، بل ظلت مستيقظة، تبكي بصمت مراعية نوم روضة بجوارها والتي بعد ما حدث معها لم تتركها وظلت جانبها….
تتذكر جيدًا أثناء تلك الدوامة من البكاء والإنهيار التام دخول شكري واقتحامه للغرفة كي يرى ما يحدث وسبب ذلك البكاء والنحيب والصوت العالي.
وللحق لم تعيره جهاد أهتمامًا و واصلت في إخراج كل ما بداخلها من مشاعر حزن، ندم، لوم وعتاب للنفس قبل الغير.
لا تتذكر شيء من الحديث الذي دار بينه وبين روضة ولكن من الواضح أن روضة تولت آمره وألقت حجة ما على مسامعه لأنه بعدها غادر وفارق الغرفة تاركًا إياها بين أحضان الآخرى لا يبالي بأمرها.
وبعد فترة سكنت وهدأت، و زيفت نومها.
كذلك انتظمت أنفاس روضة وذهبت بسبات عميق بعد بقائها مستيقظة لكثير من الوقت.
بعد تأكد جهاد من نومها فتحت جفونها وظلت مكانها تبكي دون صوت.
لم تنهض من الفراش إلا بعد أن استمعت لآذان الفجر.
وتحديدًا تلك الكلمات.
“الصلاة خير من النوم.”
حينها وجدت نفسها تنهض من نفسها وذهبت لتتوضأ ثم آتت بسجادة الصلاة وأرتدت إسدالها وأقامت الصلاة……
وبعد إنتهائها وعلى سجادة الصلاة وجدت نفسها تعود ساجدة تبكي بحرقة تشكو إلى الله وتخبره بكل ما يجثو على صدرها من ألم وجع و…… ندم يأكلها وينهش بها نهشًا، طالبة الرحمة والغفران من الله عز وجل.
تغلغلتها راحة كبيرة وسكون فظيع وهدأ قلبها، ولسانها لا يتوقف عن ذكر الله.
بعد إنتهائها نهضت عن الأرض ولملمت السجاد ثم خلعت إسدالها وعادت بنومتها جوار روضة مجددًا، ولكن ظل النوم يأبى الحضور على النقيض بلسانها الذي لم يتوقف عن الدعوة والشكوى لله عز وجل حتى حل الصباح وأشرقت شمس يوم جديد.
تنهدت جهاد ثم أطالت النظر لنفسها في صورتها المعكوسة بالمرآة، فعلى الرغم من توقفها عن البكاء إلا أن الحزن بات يسكن عيونها.
ومن يفهم في لغة العيون سيفهم جيدًا ما تعانيه وتعايشه تلك الفتاة.
لاحت شبة بسمة ساخرة على وجهها، تتساءل بدهشة وتعجب من حالها وحال قلبها الذي أحب بل عشق شخصًا كهذا!!!
عديم الرحمة والشفقة، شخص ذو قلب متحجر لا يعرف ماهية الحب والهوى وأن تكون عاشقًا.
كيف سمح لنفسه أن يقسو عليها بهذا الشكل وهو يعرف جيدًا ما كان يعنيه بالنسبة لها!
لتلك الدرجة لا تعني لـه شيء لا هي ولا حبها.
كزت على أسنانها بغضب كان مصوب لنفسها أولًا وأخيرًا متسائلة تلك المرة كيف ومتى وصلت لتلك المرحلة التي جعلت منها فرصة لـه كي يهينها ويلقنها درسًا عن الأخلاق والتربية والزوجة الصالحة.
يراها تتعامل دون حدود وتمزح مع هذا وذاك!!!
توقفت عن الكز على أسنانها ولانت قسماتها وتحولت من آخرى غاضبة لنفسها لأخرى حزينة منها.
عندها أخبرها وحدثها عقلها بأنه لم يكن من حقه أهانتها بهذا الشكل، ولكن معه الحق في رفضها فكيف يبادلها حبها أو حتى يشعر بـه ويخطو خطوة وهو يراها لا تصلح وليست مصدر ثقة، لا تفرق بين الحلال والحرام، وما يصح فعله وقوله وما لا يصح بالمرة.
عند تلك النقطة، أوصدت جفونها بقوة تعتصرهم، تقاوم رغبتها في البكاء والإنهيار من جديد، تعترف بأنه بتلك النقطة محقًا…
فتحت عيونها مبتلعة ريقها بصعوبة، راغبة بل مقررة بكامل قواها وعقلها وقلبها بأن تصبح نسخة أفضل من نفسها.
فتاة تعرف دينها وحدودها.
لن تسمح لرجل أن يهينها من جديد.
ذلك هو التغيير الذي ستسعى خلفه.
تغيير لن يكون من أجله أو من أجل أي شخص غيرها.
راغبة في نيل رضا الله عز وجل، والعودة لـه.
أما عن صابـر فقد انتهى آمره وانتهت قصتهم قبل حتى أن تبدأ.
خرجت من أفكارها الكثيرة وقرارتها الأخيرة التي أتخذتها وعزمت على تنفيذها على صوت روضة التي سألتها وهي تنهض عن الفراش وبصوت يتبقى بـه أثار النوم:
-جهاد، عاملة إيـه دلوقتي يا حبيبتي؟
استدارت إليها بكامل جسدها مبتسمة لها تشعر بالإمتنان والحب الكبير نحوها بعد أن تكفلت أمر العناء بهـا وعدم تركها دون الإلحاح والإصرار على معرفة ما بها وأدى أن تصل لتلك الحالة:
-الحمدلله أحسن كتير عن امبارح.
اقتربت منها روضة أكثر ثم وعلى حين غرة قامت بمحاوطة خصرها بذراعيها أما عن رأسها فقد وضعتها على صدرها، تخبرها بحنو وتأثر:
-متعيطيش تاني، محبش أشوفك كدة، جهاد اللي أعرفها أقوى من كدة وأقوى من أي حاجة، آه أنا معرفش اللي حصل واللي وصلك لكدة بس برضو أي كان مفيش حاجة تستاهل ولا تستحق تعيطي وتزعلي كدة.
عانقتها جهاد هي الأخرى، ثم زفرت مطولًا تخبرها وهي تنظر بالفراغ:
-حاضر يا حبيبتي، حقك عليا عشان خليتك تشوفيني كدة، مكنتش أحب أن ده يحصل و
-بطلي كلام فارغ يعني لو معيطيش قدام أخواتك هتعيطي قدام مين؟؟ الغريب؟ وبعدين لو حضني محتوكيش مين هيحتويكي يعني، وبعدين متفتكريش أني حضنتك بـ نية بريئة أنا حضنتك عشان وقت ما أحب اعيط الاقي اللي يحتويني أصل أبوكي من سابع المستحيلات يفكر يحضني ويطبطب عليا، فـ أنا سبقت السبت عشان الاقي الحد.
كانت تمزح معها، لا تقصد إيلامها أو جعلها تشعر بالحسرة ولكن تلك المزحة الصغيرة عن أبيها جعلت جهاد تشعر بالكثير والكثير الذي يعجز اللسان حتى عن التعبير عنه والإفصاح بـه…….
خرجت روضة من أحضاتها تخبرها بصدق:
-جهاد لو مش قادرة تنزلي وحسة أنك مش عايزة تنزلي شغل النهاردة متنزليش خليكي قاعدة وأنا وضياء مش صغيرين وقادرين نشيل الشغل متشليش هم حاجة.
رفضت جهاد تهز رأسها دلالة على عدم استحسانها للفكرة:
-لا يا ستي مـ……
منعتها روضة من الاسترسال قائلة:
-يا ستي لا ليه؟ أنتِ مش واثقة فيا أنا وضياء!! بس لو هتقولي أبوكي وهيوجع دماغي ويسأل منزلتش ليه هقولك متشليش هم أبوكي وسبيه عليا.
مجددًا حصلت روضة على الرفض من جهاد التي أصرت وتمسكت بالنزول ومباشرة العمل معهما، فلا ترغب بالجلوس بمفردها والتفكير كثيرًا، يكفي ما حدث طوال الليل فلن تشغل ذهنها بما حدث بالأمس بل ستنشغل بما سيحدث بالغد.
~~~~♡♡♡♡~~~~
يقف آسـر أمام المرآة يلقي نظرة أخيرة على نفسه بعد استعداده للإنطلاق والذهاب لعمله وشغل نفسه عنها.
فكل يوم يمر عليه يصبح الأمر صعبًا عليه ويزداد قلبه تعلقًا وعشقًا بها وهذا ما يجعله مصدومًا كليًا.
كيف يحدث هذا وهي لا تفعل أي شيء لتحاول كسب قلبه، بل هي بعيدة كل البعد عنه وكلما حاول معاها لا يجد منها سوى الصد والردع.
على النقيض تمامًا بما كان يحدث معه سابقًا، فهناك الكثير والعديد حاولوا معه وبذلوا الكثير من الجهد الذي لا ينكر ولكن لم يسقط قلبه صريعًا للعشق والهوى لأي منهم بل كان ينفر ويبتعد.
أخذ نفسًا طويلًا وهو يرى الأمر يزداد تعقيدًا فكلما حاول شغل نفسه عنها يجد نفسه مشغولًا بها أكثر فـ أكثر.
سمع طرقات على الباب، فخرج صوته أذنًا للطارق بالدخول.
فتح الباب وطلت والدته التي ولجت وأغلقت الباب خلفها وهي تسأله:
-أنت صاحي كنت فكراك نايم قولت أجي اصحيك وكمان أقولك متمشيش قبل ما أتكلم معاك.. بس لو مشغول ومش فاضي نأجلها ولما ترجع بليل نتكلم.
دنا منها آسـر ملتهمًا ما يفصله عنها، طابعًا قبلة على وجنتيها قبل أن يمسك بيدها ويسحبها معه:
-لو مش فاضي أفضي نفسي مخصوص عشانك أنا عندي كام وئام يعني؟
جلست على طرف الفراش وهو بجوارها ولا يزال يمسك بيدها، فأجابت عليه عقب توقفه عن الحديث:
-كُل بعقلي حلاوة يا واد.
-بس أنا مش بأكل بعقلك حلاوة أنا بتكلم بجد يا ماما، أنا جايز أكون مبعرفش أعبر عن حبي ليكِ، بس أنا بحبك أوي يا ماما.
-مش أكتر مني يا آسـر، أوعى تكون فاكرني مش ملاحظة أنك بدأت وبتحاول تغير من نفسك، أنا مركزة معاك جدًا و واخدة بالي أنك بطلت سهر وكمان بقيت تصحى بدري وتروح شغلك، ومش أنا بس خلي بالك عابد كمان واخد باله، قولي هتفرح قلبي بيك أمتى؟
زفر زفرة طويلة كانت محملة بالشوق والتوق لتلك اللحظة التي يتحقق بها حلمه وتوافق عليه:
-مش عارف، هي مش متقبلاني، شايفاني زي ما كلكم كنتوا شايفني، أنا سمعتي بايظة عندها، ومش هتعرف تثق فيا بسهولة، بس أنا مش هستستلم، آه كتير ببقى تايهه ومحتار مش عارف أعمل إيـه، بس الله المستعان.
رفعت وئام يدها تربت على يده بحنان تبثه الكثير من التشجيع والتحفيز للمتابعة وألا يعرف للإستسلام طريقًا:
-متستسلمش، خليك ورا حبك أوعى تضيعه، لو استسلمت ممكن تحس وقتها أنها كان معاها حق متثقش فيك وأنك من أول الطريق استسلمت وأحنا كستات بنحب الراجل اللحوح في حبه وبيتمسك بيـه، وهي بصراحة معذروة وأكيد أنت عـارف ده عشان كدة بتحاول لسة ومحاولاتك مستمرة، مش عايزاك تيأس وقولتهالك وهفضل أقولهالك أتمسك بحبك ومضيعهاش من أيدك يا آسـر.
~~~~♡♡♡♡~~~~
يجلس أحمد على طرف الفراش رافعًا قدمًا فوق الأخرى يرتدي جوربَه، تاركًا باب غرفته مفتوحًا سامحًا للقط أن يأخذ راحته وحريته في الإنطلاق واللعب واللهو.
فـ تارة يجده يركض للخارج بسرعة الفهد، ثم يعود والجًا إلى غرفة أحمد والذي ما أن يصرخ باسمه بطريقة مازحة حتى يجده عاد راكضًا مرة أخرى للخارج.
أطلق أحمد تنهيدة طويلة خافضًا لقدمه، رافعًا الأخرى كي يرتدي بها الجورب هي الأخرى.
وفور إنتهائه رفع عيونه فسقطت على صابـر الواقف على الباب ويبصره بصمت.
صمت ظل يلازمه حتى وجد أخيه قد انتبه إليه، فقال بصوت هادئ:
-صباح الخير.
-صباح النور.
رد عليه أحمد ببساطة، فلا يزال يشعر بالغضب تجاهه ويستنكر ما فعله مع جهاد، وحاول بالأمس قدر المستطاع التعامل معه بشكل طبيعي أمام العائلة ولكنه فشل.
زفر صابـر ثم تحدث وهو يخطو داخل الغرفة:
-وبعدين طيب؟ فاكر أني كدة مش واخد بالي يعني، أنت مفضوح يا أحمد وباين أوي أنك مضايق مني.
-مضايق منك!! ليه بس بتقول كدة! هو أنت عملت حاجة تضايق ده أنت نسمة، ده أنا أخاف عليك تتحسد من كتر ما أنت نسمة وبتخاف وبتراعي مشاعر الناس، وبذات جهاد البنت الغلبانة اللي أتعاملت معاها بطيبة وإحساس وكان ناقص تدلعها قدام الناس.
لم يغضب من سخريته الواضحة وضوح الشمس، بل هتف بهدوء:
-أحمد اللي حصل مع جهاد برة عنك، وملكش أنك تدخل فيه، أنا لو حكيتلك فحكيتلك عشان أنا حابب أحكيلك وحابب أفضفض معاك، مش عشان تاخد جنب مني وتتعامل معايا بالشكل دة عشان خاطرها!
انفعل أحمد وعقب على حديثه الأخير:
-لا يا شيخ! يعني أنت مضايق عشان بتعامل معاك كدة، طب ده أنا كدة مجيش حاجة في طريقتك معاها واللي عملته! مش مستحمل طريقتي وأنت أخويا، أومال الغلبانة دي تعمل إيـه؟ ثم أن اللي حصل مع جهاد برة عني، طب ومقولتش لنفسك ليه برضو أن اللي هي بتعمله برة عنك، ما تكلمني ولا تكلم قُصي أنت مالك ما برة عنك برضو ولا أنت عايز تمشي الدنيا واللي حواليك على مزاجك، بقولك إيـه يا صابـر متخلنيش اتعصب على الصبح الله يكرمك.
هنا ونفد صبر صابـر وتجنبًا لاستماع العائلة لحديثهم وشجارهم الذي على مشارف النشوب، استدار نصف استدارة بجسده ومد يده مغلقًا الباب بقوة صاببًا بـه جام غضبه، متمتم بنبرة وعيون تنذر بالجحيم القادم:
-وادي أم الباب عشان أنا خلاص مش هسكتلك أكتر من كدة ومنلمش علينا البيت.
انتفض جسد جابـر الواقف بالخارج، والذي كان يتابع الحديث الدائر بين الاثنان بعد أن جذبه صوتهما وهو على وشك الهبوط للأسفل.
لم يكن هو فقط من يقف ينصت لما يحدث بالسر بل كان يجاوره عابد…و نضال واللذان ما أن رأوا وقوفه واستراقه السمع لما يحدث بين أحمد وصابـر حتى جاءوا و وقفوا بجواره وعلى الفور أشار لهم بإلتزام الصمت، ملقيًا عليهم تلك الكلمات بهمس لم يصل لابنائه:
-هش أنت وهو ولا صوت ولا حرف ولا كلمة ولا نفس حتى.
بعد إغلاق صابـر الباب كز جابـر على أسنانه متمتم بغيظ:
-يا بن الكلب بتقفل الباب في وش أبوك وأعمامك ومن هم أكبر منك سنًا.
لكنه لم ييأس ودنا من الباب واضعًا أذنيه عليه وكذلك اقتربوا عابد ونضال.
لم ينصت نضال لشيء مما يقال فصاح متسائل بهمس:
-هما اخرسوا ليه وصوتهم مبقاش طالع؟
دارت عين جابـر يمينًا ويسارًا مخمنًا بهمس:
-صابـر بلع الواد ولا إيـه؟ نقتحم طيب ولا نعمل إيـه.
هنا وجاء صوت من خلفهم يعرفوه جيدًا بل يحفظوه عن ظهر قلب، ضاربة على صدرها بعدما أطلقت شهقة:
-يا مصيبتي أنتوا بتلمعوا أوكر؟!!! يا خبيتك يا دلال في ولادك..أنا مليش غير أشرف، هو اللي نصرني فيكم.
أشار جابـر لها كي تلتزم الصمت، متمتم بصوت يكاد لا يسمع:
-اسكتي ياما، صابـر شكله بلع الواد أحمد ابني، صوتهم مش طالع بعد ما كانوا بيتخانقوا.
بالداخل، وبعد إغلاقه للباب ونطقه لبعض الكلمات.
صمت وعم الهدوء الغرفة، هو يحاول ألا يستسلم لغضبه الذي يملئ صدره وينفجر بـ أخيه، وتخرب علاقتهم وتعود لما كانت عليه سابقًا، هذا أخر شيء قد يريده.
لا توجد لديه نية لخسارة أحمد لأي سبب كان.
فالعالم بأكمله لديه بكفة وأحمد بكفة بمفرده.
إلتقم أحمد ريقه ثم قال كاسرًا هذا الصمت:
-إيـه سكت يعني؟ مش قفلت الباب عشان خلاص مش هتسكتلي أكتر من كدة، اتفضل وريني هتعمل إيـه هتضربني؟ اتفضل أضربني.
-متأڤورش يا أحمد ومتخرجنيش عن شعوري أكتر من كدة أرجوك، أحنا أساسًا بنتخانق في إيـه ولا عشان إيـه! مفيش حاجة تستاهل نتخانق أو يحصل مشكلة ما بينا عشانها.
احتج أحمد على كلماته الأخيرة فهتف بعدم تصديق:
-أنت بتقول إيـه؟!!! طب ومشاعر جهاد وحبها ليك؟ شايفها متستاهلش بجد نتخانق عشان اللي عملته معاها!! لا هو لو حد ميستاهلش هيبقى أنت، وخسارة اتكلم معاك وأفهم فيك غلطك، أنت مش صغير وكبير كفاية، ومدام شايف أن اللي عملته وطريقتك وأسلوبك في النصيحة صح مية في المية يبقى ملوش لازمة كلامي ويبقى بتعب نفسي على الفاضي.
كاد يتحرك ويرحل من أمام صابـر ويترك لـه الغرفة، لولا يد الآخر التي رُفعت ومسك بـه، منفعل عليه:
-أنت لية بتحسسني أني غلطان وغلط في اللي عملته وقولته ليها رغم أني فهمتك وعرفتك أنا عملت كدة لية؟؟ أنا مغلطش يا أحمد الغلط عندها هي و راكبها من ساسها لرأسها، وأنا غلطان أني أتكلمت وفضفضت معاك بس ملحوقة ومش هتكرر تاني.
لملم شتات نفسه الساخطة الثائرة متحركًا نحو الباب تاركًا أحمد خلفه.
وفور فتحه وجد أمامه كل من جابـر، عابـد، نضال، ودلال.
الذين شعروا بالحرج وعلى الفور صاحت بهم دلال متمتمة ببلاهة زائفة:
-أنا كنت رايحة المطبخ أنا إيـه اللي جابني هنا؟
لم يبالي صابـر بتواجدهم من عدمه، أوصد الباب خلفه، وأكمل سيره.
نظر جابـر في أثره، متمتم بعدم فهم لما يحدث:
-أنا مفهمتش حاجة، حد فيكم فهم حاجة يفهمني؟
رد عابد مجيبًا على سؤاله:
-أنا مفهمتش أوي برضو بس واضح أن في مشكلة بين صابـر وجهاد، وأحمد زعلان منه عشانها، بس يا ترى جهاد دي هي جهاد اللي نعرفها ولا واحدة غيرها.
~~~~♡♡♡♡~~~~
حديث والدته لا زال يتردد صداه بأذنيه وبالأخص كلماتها الأخيرة قبل رحيله.
“متستسلمش، خليك ورا حبك أوعى تضيعه، لو استسلمت ممكن تحس وقتها أنها كان معاها حق متثقش فيك وأنك من أول الطريق استسلمت وأحنا كستات بنحب الراجل اللحوح في حبه وبيتمسك بيـه، وهي بصراحة معذروة وأكيد أنت عـارف ده عشان كدة بتحاول لسة ومحاولاتك مستمرة، مش عايزاك تيأس وقولتهالك وهفضل أقولهالك أتمسك بحبك ومضيعهاش من أيدك يا آسـر.”
فذلك الحوار وتشجيع والدته لـه وتحفيزه على المتابعة بأثبات حبه وصدق مشاعره معها، جعل الأمل والتفاؤل يتغلغلان ويعودان إليـه بقوة مرة أخرى.
بلل شفتاه وهو يفكر في الحديث معها مرة أخرى وإثبات صدق نيته وتمسكه بها.
ترى هل يفعل ذلك الآن أم يؤجل تلك الخطوة قليلًا.
ولكن إذ قام بتأجليها كيف عساه يتحمل كل هذا الوقت.
شعور الخوف وترقب المجهول صعبًا للغاية.
وللصدق هو لم يعد يطيق الإنتظار أو بُعدها.
يرغب بالشعور بها من حوله.
وأن يعلن حبه وعشقه لها أمام الجميع.
حالمًا أن تتوج علاقتهم بالزواج ويرزق بـ ابناء منها.
أحلامة كثيرة وجميعها باتت تدور حولها دونًا عن الجميع.
ظل يفكر ويفكر… منح نفسه كثير من الوقت كي يفكر ويتأخذ قرارًا سليمًا لا يندم عليه لاحقًا.
لذا حسم أمره وقرر إنهاء الخوف والحيرة والترقب.
فارق المطعم و وقف خارجه، وهاتفه يقبع بين يده.
جاء برقمها وبدون تردد قام بالإتصال عليها.
في ذات الوقت كانت تعمل مع جهاد و روضة، وهاتفها موضوع بجيب سروالها الچينز.
شعرت بـاهتزازه واستمعت لصوته، فتوقفت عما تفعل ثم جاءت بالهاتف فوجدت اسمه ينير شاشتها.
ضاقت عيونها جاهلة بسبب اتصاله.
جهل سرعان ما تحول لغضب واستنكار لأفعالـه.
أعادت الهاتف محله مقررة عدم الرد عليه.
ولكنه كان لحوحًا ومُصرًا بطريقة أثارت ريبتها.
لاحظت روضة وجهاد هاتف ضياء الذي لا يتوقف عن الرن فصاحت روضة تخبرها:
-مش ناوية تردي ولا إيـه، ما تشوفي مين ولا في إيـه؟
اومأت ضياء وقالت وهي تهم بترك مكانها والمغادرة والصعود لأعلى للرد عليه بحرية وتوبيخه مثلما تشاء إذ كان اتصاله بلا هدف ومن باب التسلية.
صعدت للمنزل ودخلت غرفتها وأغلقت خلفها، تجيب على اتصالاته التي لا تتوقف بالمرة.
فتحت المكالمة واضعة الهاتف على أذنيها، متحدثة بانفعال طفيف:
-هو في إيـه يا آسـر شغال رن رن و زن زن يعني مش كدة بصراحة!!!
ألجمه حديثها وانفعالها الذي لم يتوقعه، لكن سرعان ما عاد لوعيه وأجابها معتذرًا على إتصالاته الكثيرة:
-آه، أنا أسف والله، بس كنت عايزك تردي ضروري في موضوع مهم عايز أتكلم معاكي فيه لو ينفع يعني.
وبذات الطريقة المنفعلة أجابت عليه:
-موضوع إيـه؟ اتكلم أنا سمعاك.
رفع يده يحك دقنه، يخبرها بتردد بسيط للغاية:
-لا ما هو مش هينفع في الموبايل، لازم أشوفك وأقابلك.
وبطريقة جامدة لا تمزح معه قالت:
-أسفة مينفعش أقابلك، لو عندك حاجة مهمة زي ما بتقول قولها هنا ودلوقتي عشان أنا معنديش أي نية أرد عليك تاني.
لا يعلم لما شعر بالاختناق والضيق… والندم في الوقت ذاته.
ربما تعجل وهذا ليس وقته.. ولكن حدث ما حدث فإذا تراجع وأخبرها بحجة ما غير الحقيقة وقتها قد تفهمه وتظن بـه الأسوء.
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يخبرها بما يحمله قلبه من عاطفة وحب كبير لا حدود أو نهاية لـه:
-ضياء أنـا بحبك، ومش قادر أوقف تفكير فيكِ للحظة، أنا عايز بعد ما تخلصي امتحانات ونتيجتك تطلع أتقدملك ونتجوز و….
قاطعته تمنعه من المتابعة، تخبره بنبرة قوية ذو مغزى واضح وكأنه لم يعترف لها للتو بحبه لها ورغبته بالزواج بها، فقط كل ما ترغب به هو دفعه بعيدًا عنها وجعله لا يفكر بها مجددًا:
-صح مقولتلكش، أنا قابلت طارق وأتكلمنا وأتصالحنا، هو عرف غلطه وندم وأنا سامحته خلاص، بس اتفقنا منتكلمش ولا نتقابل تاني لحد ما يجي ويقابل بابا والموضوع يبقى رسمـي……………………
««يتبع»»………
فاطمة محمد.
أتمنى الفصل يكون عجبكم هو صغير عن كل مرة وبعتذر لأنه صغير، بس أوعدكم بفصل أكبر يوم التلات بأمر الله. 🫶🏻❤
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.