رواية الحب كما ينبغي الفصل الخامس والأربعون 45 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس والأربعون

الفصل الخامس والأربعون

الفصل الخامس والأربعون

الفصل اللي فات التفاعل عليه وحش جدًا مقارنة بتفاعل باقي الفصول، فـ فضلًا اللي معملش ڤوت يعمل وعايزة تفاعل حلو على الفصل ده علشان تحمسوني وتشجعوني❤

قراءة ممتعة وهستنى رأيكم🫶🏻

________________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والأربعون:

خيم صمت بالأجواء، لم تتلقى جوابًا على حديثها، غافلة وجاهلة عما حدث ويحدث لـه بتلك اللحظة من انقباض بصدره.

وكأن أحدهم يمسك بقلبه ويعتصره بقوة مسببًا لـه ألم شنيع لم يذوقه يومًا ولن يذوقه مجددًا.

وقع صريعًا بالهوى وأحبها ولن يشعر تجاه أخرى مثلما شعر نحوها.

لم يرغب في سواها.

يشعر كأن أحدهم قد ضربه على رأسه.

أو ربما يخيل لـه كل هذا ولا يمت للواقع بصلة.

من سابع المستحيلات أن تفعل بـه وبقلبه المسكين كل هذا!!!

ألا تدري معنى أن تكون عاشقًا عن حق..مُتيمًا حد النخاع.

آتاه صوتها يسلبه من أفكاره، مجبرًا إياه على الإيفاق وإدراك أن ما يحدث الآن ليس بوهم بل واقع ملموس ويحدث بالفعل.

-سمعتني قولت إيـه؟ ولا مسمعتش؟

ارتجفت شفتاه رجفة بسيطة قبل أن يجيبها بصوت خرج بصعوبة متحاملًا على نفسه:

-سمعتك.. بـ…. بس.. ليه؟؟

تقطعت كلماته بمنتصف حديثه، ولكن لم يكن من الصعب عليها فهم جملته.

انعقد حاجبيها تسأله بعدم فهم للكلمة الأخيرة:

-هو إيـه اللي ليه؟

إلتقم ريقه ثم تحدث مستجمعًا شتات نفسه قليلًا مقارنة بحالته منذ أن سمع الخبر:

-ليـه هو!؟ ليـه مش أنـا؟

لامست نبرته وكلماته الذي نطق بها فؤادها، شعرت بأنها ترغب بالبكاء ولا تدري سبب هذا الشعور ربما نبرته التي كانت حزينة يملؤها عتاب استشعرت صدقه.

تظاهرت بالقوة وعدم تأثرها تسأله بقوة لا تليق بما يحدث بداخلها من ندم بسيط وصراع:

-مش فاهمة برضو؟ ياريت تكلم بوضوح مش هتقعد تنقطني بالكلام واقعد أقولك مش فاهمة كدة كتير أنا مش فـ……

-ليه ادتيله هو الفرصة دي! ليه مخدتهاش أنا، هو مش بيحبك أصلًا، أنا اللي بحبك يا ضياء، هو مش هيحافظ عليكي ولا هيصونك بس أنا هعمل ده، ليه وثقتي فيه من تاني وادتيله فرصة تاني بعد ما خد فرصته الأولى ومعرفش يحافظ عليها ولا كان يستحقها من أصله، ليه مسبتنيش أخد فرصة ولو لمرة واحدة زي ما عملتي معاه، ليه موثقتيش فيا زي ما وثقتي فيه، ليه يأخد فرصتين معاكِ وأنا ولا فرصة واحدة حتى!!!

نبرته…كلماته تعكس مدى سوء حالته وعدم تصديقه لفعلتها من إعطاء فرصة لمن لا يستحقها وقام بجرحها مسبقًا….

لم يمهلها فرصة للحديث والتعقيب على أي شيء قاله، بل تابع محل توقفه مخرجًا كل ما بداخله من عتاب ولوم وسخط طفيف لم يدري أكان مصوب لـه أم لها أم لقلبه الذي تسبب لـه بكل هذا الآلم:

-أنتِ عارفة معنى اللي كان بيعمله معاكِ ده إيـه، أنتِ حتى متعرفيش كان ناويلك على إيـه، بس أنا عارف، ليه تثقي فيه وتديله فرصة ميستحقاش، أنا أولى بيها، ليه حكمتي عليا من غير ما أخد فرصة أوريكي فيها قد إيه أنا حبيتك وصادق فـ كل كلمة قولتلها…ده أنا عُمري ما واحدة شغلت قلبي وعقلي، وحبيتها زي ما حبيتك، ليه بتعملي معايا كدة، أنتِ لو كنتِ طلبتي عينيا مكنتش هتأخر.. ليه يا ضياء!! ليــه!!!

للحق كانت في حالة لا تحسد عليها، كلماته جعلتها تشعر بألم لم تتخيل أو يأتي بعقلها أن يحدث لها، صمتت لثواني ثم وصل لـه صوتها تخبره بعصبية حلت للتو وبدون تفكير أو ترتيب:

-قولتلك قبل كدة أني مستحيل أثق فيك يا آسـر، اللي أنا شوفته منك مكنش قليل، وأنت جاي بتكلم بكل سهولة كأن الموضوع سهل أوي للدرجة دي وعادي والمفروض أول ما تقولي أنا بحبك وعايز اتقدم ونتجوز يا ضياء أني أصدقك وأقولك إيه ده بجد وأبقى طايرة من الفرحة مش مصدقة أنك بصتلي….

زفرت بصوت مسموع من فرط الإنفعال الذي تمكن منها تذكره بما مضى:

-لو نسيت أحب أفكرك، أنت كنت مصاحب صاحبتي و وأنت معاها عينك كانت مني، ضايقتني وطاردتني وكلمتني ومعرفتش تطولني، آه عملت فيا جميلة، بس برضو مش سبب الله أعلم بنواياك…أنا عارفة على فكرة اللي في دماغك وعارفة كويس اللي زيك بيفكر إزاي، أنت اللي زيك عُمره ما بيتغير، هتفضل زي ما أنت وحتى لو اتغيرت هيبقى تغيير مؤقت وهترجع ريما لعادتها القديمة عارف ليـه؟

برزت عروق فكه من قوة ضغطه على أسنانه ولم يتفوه بحرف وترقب متابعتها.

وبإندفاع وحجود قالت راغبة في نهي تلك المهزلة:

-عشان ديل الكلب عُمره ما بيتعدل يا آسـر.

أصابته في قلبه المسكين، وكذبت عشقه لها واساءت إليه بشدة.

شعر وكأن الوقت قد توقف، لا يتوقف عن سماع صدى حديثها الجارح بل الذابح لـه ولقلبه الذي ينزف الآن.

ابتلعت ريقها تترقب تعقيب منه، لكنه أطال الصمت.

أطاله بطريقة أثارت حفيظتها.

ما لبثت أن تتحدث مرة أخرى بأي كلمات، لكن أوقفها صوته الذي خرج متمتم بقوة ليست حقيقة بالمرة:

-مكنتش فاكر أنك بالقساوة دي، كنت فاكر عندك قلب هيحس باللي بيحبك وعايزك بجد، بس مع الأسف كنت غلطان، وأنتِ معاكِ حق فعلًا أقنعتيني مش عارف إزاي كنت شايف الموضوع بالسهولة دي وكنت فاكر أنك ممكن تثقي فيا وتصدقيني بعد كل اللي عملته…… دي آخر مرة هتسمعي صوتي فيها ولو حصل أي تجمعات أو عزومات تاني مش هسمح لنفسي أضايقك بشوفتي، وأسف لو كنت ضايقتك وطولت عليكِ…بس قبل ما أقفل حابب أقولك خلي بالك من نفسك..ومتثقيش فيه خدي حذرك منه متأمنيش ليه، وربنا يوفقك ويسعدك في اللي جاي، مع السلامة يا ضياء…………….

_______________________

في المساء، تجلس ضياء على الفراش تضع الغطاء على قدمها، وأمامها يوجد بعض من الكتب والأوراق.

وبين يدها واحدًا من تلك الكتب ترفعه قبالة عيونها.

من يراها قد يظنها منهمكة في الدراسة، ولكن بالحقيقة هي بعيدة كل البعد عن هذا الظن.

فما يشغل ذهنها الآن ما حدث اليوم وما فعلته وسمعته منه.

يؤنبها ضميرها ويعاتبها لقسوتها معـه وجرحه لـه وكذبها عليه في أمر كهذا.

حائرة في أمرها، مندهشة من حالها.

كيف لها ألا تثق بـه ولا تصدقه بما يخص مشاعره نحوها وفي الوقت ذاتـه يغمرها الضيق الشديد لأجله.

ترى كيف حاله الآن.

هل هو بخير…أم أنه كاذب وخدعها والآن يتسلى ويضيع وقته مع أخرى بعد أن علم بأن لا جدوى مما يفعله معها.

ابتلعت ريقها وهزت رأسها يمينًا ويسارًا كمحاولة منها لنفضه من رأسها والكف عن الإنشغال بـه لتلك الدرجة.

فهي لديها من الهموم ما يكفيها ويفيض أيضًا.

فقد رأت نموذجين من الرجال كافيان لجعلها تكره الصنف بأكمله وتنعدم ثقتها نحوهم.

الأول والدها الذي لم يكن بالجيد وكلمة سئ لا تنصفه بالمرة بل قليلة عليه، جعلها ترى وتسمع وتعايش الكثير والكثير.

أما عن الثاني فكان من واعدت و وثقت فيه وفي النهاية أدركت أنه لم يكن محل للثقة، غدر بهـا وجعلها تشعر بالخزى الشديد..

آحساس بشع، فكيف لهما أن يفعلان بها كل هذا.

سحبت نفسًا عميقًا حبسته داخل صدرها لثواني فقط ثم زفرته ببطء شديد، تهز رأسها بإيجاب تلك المرة تخبر نفسها بأن ما فعلته هو الصحيح فكان عليها إبعاده بأي طريقة حتى لو كذبت وقست عليه فبالنهاية هو رجل مثل والدها وطارق ولم يكن بريئًا بالسابق إذن هي لم تظلمه بل كان يستحق وبجدارة…….

_______________________

طرقات على باب غرفة آسـر مستمرة متتالية، لا تتوقف من قِبل والدته والتي كانت على يقين بتواجده.

اندهشت من عدم إيجابه وخمنت بأن سبب اختفائه هو الغط في نوم عميق.

عميق لتلك الدرجة التي تجعله لا يسمع طرقاتها..

قررت بالنهاية فتح الباب ودخول الغرفة..لن تنتظر أكثر وستقوم بإيقاظه.

ولجت الغرفة وأغلقت الباب من خلفها وعلى الفور سقط بصرها على ابنها الذي يتوسط الفراش جالسًا فوقه وليس نائمًا مثلما ظنت.

وسريعًا تساءلت بصوت مسموع تسأله عن سبب عدم استجابته ورده:

-إيـه ده ما أنت صاحي أهو أنا افتكرتك نمت عشان كدة مش بترد وقولت أصحيك تنزل تقعد معانا و…..

ظلت تقترب أثناء حديثها معه، وبمنتصف الحديث توقفت عن الإسترسال ترى حالته التي لا تسر عدو ولا حبيب.

عيونه ذابلة فاقدة للحياة.

ملامحه تعيسه كأنه فقد عزيز أو غالي.

هذا ليس ابنها التي تعرفه وتحفظه عن ظهر قلب.

بل كان آخر لا تعرفه.

التهم الخوف قلبها وسارعت بالتقدم منه جالسة بجواره تسأله:

-أنت عامل كدة لية؟؟ في إيـه مالك؟

رفع عيونه ينظر لها يخبرها ببساطة:

-رفضتتي يا ماما، ابنك اترفض من البنت الوحيدة اللي حبها واتمناها.

تلك البساطة التي تحدث بها سرعان ما تحولت لشيء آخر.

تجمعت دموعه داخل عيونه باتت رؤيته مشوشة بفضلهم.

وللتو أدركت فقط ما يحدث لـه وسبب حالته التي جعلتها تتألم للغاية خاصة بعد رؤيتها لدموعه الثمينة.

لم تترك مسافة تفصل بينهما بل سارعت بأخذه لداخل أحضانها تربت على ظهره بطريقة دافئة لم ولن يشعر بها إلا معها:

-وده يخليك بالشكل ده، أنا مش قولتلك متستسلمش، متبقاش ضعيف كدة أنا محبش أشوفك كدة، ابني اللي اعرفه أقوى من كدة، وبعدين بدل ما تعيط أ…..

تحررت دموعه من داخل مقلتيه منطلقة بحرية على وجنتيه، تاركًا عناقها مبتعدًا عنها ينظر لها داخل عيونها متحدث بألم:

-بدل ما أعيط إيـه يا ماما، الموضوع مش أني استسلم أو لا، هي محبتنيش وعُمرها ما هتحبني ولا هتثق فيا، مستسلمش ده لو حبي متبادل بس أنا حبي ليها من طرف واحد، أنا أول مرة أحب وأول مرة انجرح كدة، أنا اترفض، فرض نفسي عليها، اختارت غيري، اختارت مدتنيش أي فرص، بس هي معاها حق، أنا مستاهلش، أنا بني آدم زبالة و وسخ وهي متستاهلش تاخد واحد زيي بس ليه هو، أنا خايف يجرحها يا ماما خايف عليها يأذيها، أنا تعبان أوي، مخنوق، حاسس أني باخد نفسي بالعافية.

لأول مرة تراه هكذا والسبب فتاة أحبها ولم تبادله!!!

بل فضلت آخر…

آخر لن يصونها..أو يمنحها الحب التي تستحقه.

آخر لا يستحقها وعلى يقين بأنه سيؤذيها وهو لا يريد أن يرى بها أذى أو ضرر.

آخر شيء قد يتمناه هو أن يمسها سوء.

ليته يستطيع العودة بالزمان وتغيير الكثير في حياته.

لم تتحمل وئام رؤيته هكذا فضمته إليها من جديد لا تكف عن بثه حنان في أمس الحاجة إليه.

استمر في بكائه كطفل صغير داخل أحضان والدته، ولسانه لا يكف عن الحديث عن أشياء لم تستطع فهمها، لكنها لم توقفه و تركته يفضفض ويخرج ما بحقبته:

-أنا السبب، أنا اللي خليتها مش عارفة تثق فيا، لو مكنتش بصاحب دي و دي مكنش زماني عرفت صاحبتها مكنش زماني حاولت معاها وضايقتها واديتها الصورة دي عني، أنا بس مكنتش عايز غير فرصة واحدة بس، أنا بحبها أوي يا ماما، وقلبي وجعني…وجعني ومجروح أوي….أنا خسرتها…مليش نصيب فيها…

-أهدا يا حبيبي، أهدا يا آسـر، وبعدين متقولش كدة، محدش عارف نصيبه فين، ومحدش عارف بكرة ممكن يحصل إيـه، اسمعني يا آسـر وبُصلي.

تلك المرة هي من أخرجته من أحضانها محتضنه وجهه بين كفيها ترى وجهه الذي بات أحمر اللون من البكاء وعيونه التي لا يختلف لونها عن وجهه كذلك وجنتيه التي تسير عليها دموعه، قائلة بقوة ظاهرية رغم تحطمها داخليًا لأجله:

-مش عايزاك ضعيف كدة، وأوعى تفكر ترجع للعك اللي كنت فيه وتقول مش فارق ما هي كدة كدة بايظة وخربانة ورفضتني، قبل ما تفكر أنك تتغير عشانها وعشان حبها لازم تتغير عشان نفسك قبل أي حد..عشان أنت متستاهلش غير كل خير وكل حاجة حلوة، واديك قولت يارتني، آسـر القديم مش لازم يرجع، آسـر القديم لازم يتمحي.

حركت يدها ومسحت دموعه عن وجهه، ملتقطة أنفاسها التي تشعر بثقلها على صدرها:

-لو اتمحى وحاولت عشان نفسك يمكن وقتها يجي يوم وتشوف ده بعينها، ومين عالم يمكن تكونوا لبعض، مفيش حاجة اسمها مستحيل، نصيبك هيصيبك ولو لبعض والله لو حصل إيـه هتبقوا لبعض برضو ومفيش حاجة هتقدر تفرقكم.

________________________

-يعني هو كلمك وروحت قابلته برة!! وطلب منك فلوس وكمان متعرفش حد!!!!

هز يوسف المتواجد بمنزل محمد وإسلام هو و زوجته ويجلس معه الآن بمفرده بحجرة الصالون، وزوجاتهم بالمطبخ، رأسه بهدوء مؤكدًا كلمات محمد الذي هتف بها.

بعدما أخبره يوسف بما حدث بدءًا من محادثة شكري لـه وطلبه مقابلته.

منتهزًا الوقت التي كانت تحضر بـه برق محاضراتها ليذهب ويراه وبكل وقاحة وبجاحة طلب شكري منه مبلغ من المال كـ دين مخبرًا إياه بأنه سيقوم بتسديده لـه قريبًا.

ارتفع حاجبي محمد عاقدًا لذراعيه أمام صدره يسأله بترقب:

-طلب منك كام بقى؟

رد يوسف بعدما حرر تنهيدة:

-خمسين ألف جنية بس.

-بس!!! أنت عبيط يا يوسف!

هز يوسف رأسه ببراءة تشبه براءة الأطفال يعقب على حديثه:

-لا ما هو بس دي مش بتاعتي دي بتاعته هو، هو اللي قالها، قالي أنا عايز خمسين ألف جنية بس، الحمدلله أنه مطلبهمش دولار، بس متقلقش قالي هيرجعهم إن شاء الله.

زفر محمد بنفاذ صبر قائلًا من بين أسنانه:

-يوسف متعصبنيش الله يكرمك، هو لو كان عنده نية يرجعهم مكنش كلمك أنت، ما أنا في نفس اليوم روحت قابلته مقاليش ليه!

وصل لـه مغزى كلماته فتشنج يسأله:

-أنت قصدك إيـه، أنت بتغلط فيا صح؟؟ فاكرني مش هفهم؟! طب إيـه رأيك بقى أني فهمتك وأوي كمان.

-يا بني أنا مش بغلط فيك، بس هو عارف أنك طيب وغلبان وعلى نياتك وعشان كدة كلمك أنت واختارك أنت، وخد الكبيرة بقى معندوش نية يرجع حاجة، ممكن يعزم عليك و ساعتها هيستنى تقوله أنه مفيش فرق بينك وبينه وأنك جوز بنته وفي مقام ابنه، هيقعد يصر عليك بس كل الكلام ده هيبقى عزومة مراكبية، بس الحقيقة أنه هياخد الفلوس ومش هيرجع حاجة، الراجل ده مش سهل و واضح كدة أنه هيبدأ يستغلك عشان الموضوع مش هيقف على الـخمسين ألف ده هيقعد يسحب منك ويعاملك معاملة الكريدت كارد.

سأل يوسف بقلق بسيط:

-طب وبعدين؟؟ أعمل إيـه؟ اديله الفلوس ولا لا المفروض كنت هقابله بكرة وياخدهم مني.

التوى ثغر محمد جانبـًا يخبره بأسف:

-ما هو خلاص مدام كلمته وقولتله أنك جهزتله الفلوس مينفعش ترجع في كلامك معاه، بص أنت هتدهومله وأنا كنت عرض عليه شغل وشراكة في كافيه فـ أنا هفضل أزن عليه واطمعه أكتر وأكتر عشان نقعد البنات في البيت بدل مرمطة المطعم وهو قاعد ومستريح.

هز يوسف رأسه موافقًا، فالتقطت عيونه تقدم كل من إسلام وبـرق حاملان اثنان من الصحون تحوي على ذرة الفشار، يقتربان منهما فهمس لـه بكلمات لم تصل إليهم:

-طب خلاص اقفل على الكلام عشان جم، ومتقولش حاجة لـ إسلام ولا أنا هقول حاجة لـ برق.

وبالفعل هذا ما كان ينوي محمد فعله، فلا يرغب أي من الشابان أن يخبروهما بمدى طمع والدهم ورغبته في استغلالهم وانتهازهم وأخذ مبالغ طائلة من النقود دون أي وجه حق.

_______________________

يقف ياسين أمام الفراش المتواجد بذلك المنزل الذي وضع بـه ياسمين، يرمقها بصمت وهو يمط شفتيه بضيق.

لحظات وكان يغادر مرة أخرى تاركًا إياها خلفه بعدما جاء إليها كي يفعل ما يفعله دائمًا بها وينفث عن غضبه الشديد التي باتت هي منفذه الوحيد والذي يصب بـه جام غضبه.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فـ تلك المرة الأمر اختلف تمامًا ولم يفعل شيء بعد أن ولج ورآها على الفراش فاقدة للحياة بعد أن طال تعذبيها وتعنيفها بواسطته….

لا يدري متى فقدت حياتها وفارقت روحها جسدها، ولكن الأمر واضح وضوح الشمس، فقد كان على يقين تام بأنها قد ماتت، وكتبت نهاية قصتها…….

_______________________

بعد مرور ساعات على شجارهم بالصباح وتفكير طويل، يجلس أحمد بحديقة المنزل في إنتظار صابـر الذي لم يأتي حتى الآن واضعًا غطاء سميك عليه ومن حين لآخر ينظر بساعة يده.

فالوقت قد تأخر ولم يحضر صابـر حتى الآن وهذا الغريب بالأمـر فهو لا يتأخر ويغيب بالعودة بهذا الشكل.

ابتلع ريقه وشرد بعيونه وهو يتذكر ما حدث بينهما.

فبالرغم من أنـه لا يزال عند موقفه ومتمسك بـه ويراه مخطئًا في حقها، إلا أنه لا يتحمل أن يدوم الشجار بينهم أكثر من هذا.

خوفه الآن من خسارة أخيه وعودة العلاقة بينهما لما كانت عليه سابقًا نفس خوف وتفكير صابـر صباحًا فخوفه من فكرة خسارة أحمد هي من جعلته يذهب لـه راغبًا في حل ما بينهم.

أثناء انتظاره لـه، رفع عيونه ينظر للسماء، ولا إراديًا ذهبت عيونه تجاه القمر الموجود بالسماء المزينة ببعض النجوم المتفرقة.

تشكلت بسمة واسعة على وجهه وهو يبصر القمر وعلى الفور تذكرها

رضـوى…….

تلك الصغيرة الجميلة والبريئة في ذات الوقت والذي رآها لأول مرة عندما كان يزعجها طـه معترضًا طريقها أثناء عودتها لمنزلها.

رسمت بسمة أوسع من ذي قبل يفكر فيما عليه فعله فليس من السليم أن يتقدم لها بمثل هذا الوقت ويشغلها ويجعلها تقصر في دراستها.

بل عليه الإنتظار لبعض الوقت وبعدها يقسم بأنه لن يجعلها بعيدة كل هذا البعد عنه.

-إيـه اللي مقعدك برة كدة، الجو تلج هتأخد دور برد محترم.

فاق على تلك الكلمات التي خرجت من صابـر الذي جاء للتو وقبل أن يلج المنزل رآه جالسًا بالخارج واضعًا غطاء عليه ويتضح عليه الشرود مع تلك النظرة الحالمة للسماء وتحديدًا القمر.

-مستنيك، وخلاص رصرصت من السقعة والبيه ولا همه، اتأخرت كدة ليه، مش عارف أني بقلق عليك وبعدين من أمتى بتتأخر كدة؟ هنخيب ولا إيـه.

ضحك صابـر ضحكة دون صوت متمتم بفهم واضح لما يحاول أحمد فعله:

-ده أنت بتصالحني بقى.

-آه بصالحك عادي، مصالحكش ليه؟ هنفضل متخانقين يعني العُمر كله، وبعدين أنا توأمك والكبير كمان يعني ليا كل الصلاحية وعادي جدًا نتخانق الصبح ونبقى أخصام ونتصالح بليل برضو، ما أنا بحبك للأسف.

خرج صوته يجيبه مازحًا معه:

-للأسف!! بقى بعد كل الكلام الحلو ده، تخربها بـ للأسف طب ليه كدة!!

-براحتي، لا أحد شريكي لذا أفعل ما أشاء وما أحب.

اقترب منه صابـر ثم طوق عنقه وهو يعقب بفرحة مما يفعل لأجله متناسيًا ما بينهم مغلقًا باب الشجار في وجه الشيطان:

-طب يلا قوم خلينا ندخل جوه عشان متبردش قوم.

وبالفعل نهض أحمد معه وهو يبصره مخبرًا إياه بتعنيف ليس حقيقي:

-آه بس يكون في علمك أنا لسة زعلان ومضايق منك آه، متفتكرش أني سهل وأني عشان مستنيك يبقى خلاص، لا أنت أسلوبك شبه وشك وأنا لسة عند كلامي أنك غلطان أقولك على حاجة أنت لازم تشتغل على نفسك كدة.

طالعه صابـر بنظرة ذات مغزى معقبًا بكلمات بسيطة:

-حاضر يا أحمد، ربنا يسهل.

_______________________

بعد مرور خمسة عشر يومًا، قرع جرس منزل شكري والفتيات.

في ذات الوقت كانت جهاد ترتدي عبائتها وحجابها على أتم استعداد للهبوط.

فتحت الباب فوجدت أمامها اثنان من أطفال المنطقة.

ابتسمت لهما، مرحبة بهم ويدها تسلل لخصلاتهم تداعبهم بحب:

-عامل إيـه يا حودة وأنت يا صاصا.

ابتسموا لها قائلين بطريقة مشاكسة:

-الحمدلله يا أبلة..بقولك إيـه أحنا هنعلق زينة رمضان في الشارع وبنلم خمسين جنية من كل شقة.

ضربت على صدرها وهي تردد بصدمة سرعان ما تحولت لنبرة جادة تنهرهم:

-خمسين جنيه!! مرة واحدة كدة..ليه أصلًا خمسين جنية كتير يا واد أنت وهو، أنتوا بتعملوا مصلحة على قفانا وعايزين تطلعوا بسبوبة لا بقولكم إيه أنا مدقدقة في الحوارات دي كنت بعملها زمان وأنا قدكم.

ختمت حديثها وهي تفتح محفظة النقود القابعة بين يدها تخرج ورقة نقدية مانحة إياها لأحدهم.

استنكر الصبي وصاح باستهجان لا يليق بعُمره:

-عشرة جنية!! دي نعمل بيها إيـه دي، متعملش حاجة دي يا أبلة جهاد، وبعدين بنلم خمسين جنية بتدينا عشرة بس، هو أحنا بنشحت ده أحنا هنعلق زينة رمضان وهنجيب فانوس كبير.

رمقته جهاد ثم قالت وهي تأخذها من يده مرة أخرى:

-معاك حق، مدام متعملش حاجة هاتها بقى خسارة فيكم، مش كفاية بتنصبوا عيني عينك يا واد أنت وهو.

هتف الصبي الأخر يحاول تلطيف الأجواء:

-يا أبلة جهاد، كل سنة وأنتِ طيبة بقى ورمضان كريم، هاتي العشرة جنية والله مقبولة منك..أقولك على حاجة مش عايزين منك حاجة خلي عنك خالص.

ابتسمت لـه جهاد ثم فتحت محفظتها من جديد وأخرجت ورقة نقدية أخرى ثم منحتها هي والورقة الأولى لذلك الصبي صاحب اللسان الجميل:

-طب خد دي كمان يا صاصا والله مش خسارة فيك عشان لسانك اللي بينقط عسل ده، بس متديش للواد ده حاجة، ومن هنا ورايح يكون في علمك يا واد أنت مش هقولك يا حودة هقولك يا محمود عادي خالص.

بعد إنتهائها معهما هبطت من البناية كي تأتي ببعض الأغراض اللازمة من إحدى متاجر العطارة كـ البلح، والتمر الهندي، قمر الدين، زبيب، بعض من المكسرات التي تفضلها وأشياء أخرى لاقتراب واستقبال الشهر الكريم.

وقبل أن تصل إلى غايتها قابلتها واحدة من فتيات المنطقة تسألها:

-إيـه يا جهاد مبقتوش تفتحوا ليه ده الواحد نفسه هفاه على طبق كشري قبل رمضان، قفلتوا بدري ليه كدة ده لسة كام يوم على رمضان.

ردت عليها تخبرها:

-ولا قافلين بدري ولا حاجة، أحنا مش هنفتح تاني أصلًا، أبويا شاف مكان وهيفتحه كافية والافتتاح في العيد إن شاء الله، يلا بقى متعطلنيش أكتر في حاجات كتير عايزة أجيبها يلا سلام دلوقت.

بعد مرور ساعتين ونصف، توقفت عربة توكتوك أمام البناية وهبطت منها جهاد، حاسبت السائق أولًا ثم حاولت لملمة كل الأغراض التي جاءت بها فلم تكتفي بجلب العديد من الأغراض من متجر العطارة بل قامت بشراء بعض الخضروات مثل الطماطم، بسلة، قلقاس، جزر، بصل وأنواع أخرى.

التقط الشاب صعوبة حملها لكل تلك الأغراض فسارع بترك مكانه مقتربًا منها يرغب في مساعدتها وحمل الأغراض معها، قائلًا وهو يميل بجسده:

-عنك يا أستاذة…..

أثناء حديثه وقع بصرها على ضياء، و روضة القادمتان فصاحت تخبره بامتنان:

-متتعبش نفسك، أخواتي هيساعدوني تشكر يا رجولة.

-متأكدة؟

هتفت بجدية وهي تشير بيدها للاثنان فسارعا بالاقتراب وحمل الأغراض معها:

-آه يا خويا شكرًا ربنا يكتر من أمثالك، شيلوا معايا يا بنات.

حملوا معها الأغراض وعلى الفور هتفت روضة وهي تحملق بالحقائب وكل ما أتت بـه جهاد:

-إيـه يا جهاد كل ده؟؟

-فين كل ده، ده لسة في نازلة تانية في حاجات لسة عايزها اجيبها، بس الدنيا زحمة أوي يارتني نزلت بدري عن كدة ده السوق موت…

سألتها ضياء بفضول تشارك معهم في الحديث:

-زي إيـه؟ أنا حسة أنك جبتي السوق كله.

-ولا كله ولا حاجة، لسة عايزة اجيب زينة اعلقها وطقم كوبايات جديد وطقم صواني، واعملوا حسابكم تساعدوني الكام يوم اللي جايين دول عايزين نقلب الشقة ونعمل صلصة طماطم ونشيلها ولسة عايزة أجيب كرنب ونعمله برضو وصح كنت هنسى عايزة أجيب فانوسين تلاتة، أنا بحب الفوانيس أوي.

________________________

ذهب كل من زهـر و وسـام، محمد و إسلام، يوسف و بـرق إلى منزل عائلة سلطان، ملبين دعوة أحمد إليهم للتناول الطعام سويًا، متكلفًا بمهمة جلب الطعام لهم، رافضًا أخبارهم عن الأصناف الذي سيقوم بأحضارها.

رحبت وعد بابنها و زوجته ترحيبًا حارًا مما بعث السعادة بقلب يوسف بتغير والدته مع زوجته مستجيبة لطلبه…

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل بعد لحظات من ترحيبها بهما غابت لبعض الوقت هي وفجر والدة محمد.

ثم عاد الاثنان وكل منهما تحمل حقيبة هدايا.

مدت فجر يدها تجاه إسلام قائلة:

-اتفضلي يا حبيبتي، كل سنة وأنتِ طيبة ده أول رمضان ليكِ وسطينا وعقبال كل سنة يارب والسنة الجاية ابقى شايلة ولادكم.

لمعت عين إسلام بسعادة ونهضت تأخذ منها الحقيبة وعلى الفور قامت باحتضانها وشكرها…

في ذات الوقت فعلت وعد مثلما فعلت فجر ومدت يدها تجاه بـرق بالحقيبة تخبرها ببسمة بسيطة:

-كل سنة وأنتِ طيبة يا بـرق، دي هدية بسيطة كنت هاجي واجبهالك بس بما أنكم هنا قولت اديهالك، كل سنة وأنتِ وسطينا.

شعرت بـرق بشعور لم تستطع تحديد ماهيته، هل ترغب بالبكاء أم الضحك.

لا تعلم مشاعرها مخبطة.

منحتها بسمة واسعة والتقطت منها الحقيبة ثم ضمتها تعبر عن امتنانها لها:

-مكنش في داعي يا طنط والله تعبتي نفسك، مش عارفة أقولك إيـه.

-متقوليش حاجة، أنتِ بقيتي زي بنتي ومرات الغالي يا بـرق.

من جديد سارعت بـرق بمحاوطتها بكلا ذراعيها راغبة في التعبير عن حبها لها وإمتنانها الشديد نحوها.

وأثناء فعلتها قابلت وعد عيون يوسف والذي ابتسم لها وقذف لها قبلة طائرة…..

خرج صوت زهـر المتذمر عاقدة ذراعيها أمام صدرها حانقة مما يحدث قائلة بصوت عالي:

-طب وأنا مليش هديـة ولا إيـه؟؟ ده إيـه التفرقة العنصرية دي؟

رد عليها صابر الجالس على الأريكة المقابلة لها وبجواره كل من جابـر وآسـر.

-مين قال ملكيش؟؟ قبل ما تمشي فكريني اجبهالك من فوق.

اتسعت بسمة زهـر وعلى الفور نهضت مقبلة صابـر على وجنتيه بحب دفين.

تلك المرة آتى التذمر من جابـر الذي صاح:

-ياسلام، يا سلام بتبوسيه على إيـه عمل اللي محدش عمله ولا يكونش عمل اللي محدش عمله ما أنا كمان جايبلك هدية…

كادت تقفز من فرحتها وسألته:

-بجد طب فين عايزاها دلوقتي.

ابتلع جابـر ريقه ثم قال من جديد يحاول الإنفلات من تلك المعضلة:

-يا سلام تاني اشمعنا هديتي أنا عايزاها دلوقتي ما هو قالك خديها قبل ما تمشي مقولتيش حاجة، ما تقول حاجة يا آسـر آسـورة ولا أنت واكل سد الحنك، أنا ملاحظ خلي بالك، أنت الفترة الأخيرة ساكت كدة ومش عجبني شكلك مكتر من سد الحنك خف منه شوية.

رمقه آسـر من جانب عيونه ثم قال برضوخ لم ينال إعجاب جابـر بالمرة:

-حاضر.

-حاضر!!! مش بقولك أنت مش عجبني.

انتهى من حديثه مع آسـر ملتفتًا نحو صابـر يهمس له:

-اقطع دراعي لو مكنش الموضوع فيه قصة حب، والواد ده خد خازوق محترم طلع من دماغه…أنت بتبصلي كدة ليه أنت كمان، أوعى أكون جيت على الجرح.

لم يقابل سوى الصمت والسكون واكتفى صابـر بمطالعته بنظرات عجز جابـر كليًا عن فهمها، فتابع وهو يربت على ذراع ابنه:

-يبقى شكلي جيت على الجرح ورشيت رشة ملح… أنت مكشر ليه كدة طيب؟؟ أقولك نكتة يمكن تفرد وش أمك ده طيب ولا اعمل ايه… طب استنى خد دي، بيقولك إيـه يا سيدي، مرة واحد رجع في كلامه خبط في اللي وراه.

لم تتغير تعابير وجه صابـر، فهمس له جابـر بغيظ:

-مضحكتش ليه طب على الأقل ابتسم،  متعرفش حاجة اسمها جبر الخواطر، كتك نيلة أنت واللي خلفك مش وش نعمة، عيل بومة كدة ونكدي، مش عارف أحمد حبيبي فين كل ده.

انهى حديثه ملتفتًا إلى آسـر تلك المرة متمتم بهمس لـه:

-آسر أقولك نكتة؟ بس تضحك اديني بقولك أهو

تنهد آسـر ثم أجابه:

-قول يا جابـر وهضحك حاضر.

-بيقولك مرة واحد عنده زهايمر ضحك نسي بوقه مفتوح.

قبل أن يجيبه آسـر هتفت زهـر مصوبة حديثها إلى إسلام وبـرق تسألهم بما جذب انتباه آسـر وصابـر رغمًا عنهم:

-أخواتكم مجوش ليه، كنتوا قولتولهم أنا بحبهم أوي دمهم شربات فراولة والله وكانوا خلوا القعدة أحلى من كدة كمان.

ردت إسلام تخبرها ببسمة:

-لا هما مش فاضين دلوقتي خالص، كلمت جهاد امبارح وقالتلي هتنزل النهاردة تجيب حاجات رمضان ولسة عايزين يعملوا البيت.

-اها فهمت بس الدنيا مش هطير يعني، دي جهاد و ضياء وحشوني خالص.

كلماتها الأخيرة لم تكن عفوية أو بدون تفكير وتخطيط بل كانت تتعمد قول اسمائهم كي ترى ردود أفعال صابـر وآسـر.

مال وسام على أذنيها يهمس لها:

-أخوكي قالب وشه كدة لية ولا آسـر هو كمان كأنه قاعد في عزا.

همست له واضعة يدها على فمها:

-خدت بالي وقلبوا وشهم أكتر وأكتر أول ما قولت اسامي البنات بقولك إيـه تيجي نعمل اختبار ونقول أساميهم تاني ونشوف وشهم هيقلب أكتر من كدة ولا ده آخرهم.. جرب.. جرب قول حاجة كدة.

-أجرب إيـه أنا عايزاني أسال عليهم ولا أتكلم عنهم عشان أبوكي يمسك في الكلمة ويقولي عيني منهم ويطلعني عيني زايغة وبعدين هو أحمد فين بقى أنا جوعت عصافير بطني عاملة فرح جوه.

وصل إليهم صوت مروان قاطعًا حديثهم الدائر سويًا مغمغم:

-نزل أيدك يا حيوان عنها، مالك حاضنها كدة ليه هي هطير؟؟ أنتِ بطيري يا زهـر.

-والله أبدًا يا جدو، أنا مش سوبر ومن.

هز مروان رأسه وهو يردف:

-بس أنا سوبر مان وهمسك في جوزك ده و….

لم يتابع بفضل صوت جابـر الذي ردد بصوت عالي تعمده:

-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، قال يا قاعدين يكفيكوا شر الجايين.

ابتعد مروان عن وسام وزهر ودنا من جابـر يسأله بترقب:

-الكلام ده ليا أنا.

ادعى جابر الغباء وقال بأعين قد ضاقت:

-كلام إيـه يا حمايا العزيز.

-اه استعبط استعبط، بس هستنى إيه من واحد شايف بنته قدامه جوزها حاضنها وسايبه وساكت.

ضرب جابـر كف بالآخر وقال بزهق:

-اديك قولتها بعضمة لسانك جوزها، يعني كاتب عليها وبعدين حضن إيه اللي بتكلم عنه دول مستنين أول نونو، فأرجوك يا حمايا، أرجوك إذا سمحت بطل هبل.

-بطل هبل!! لا ده أنت زودتها بقى وأنا سكتلك كتير، تعالالي بقى.

مسك بـه من ملابسه وآتى سلطان والبقية على أصواتهم ونهض من يجلس من جلستهم عدا وسـام و زهـر الذي حثها على عدم النهوض ومتابعة ما يحدث أثناء جلوسهم، كذلك صابـر وآسـر.

ظل الشجار قائم بين الاثنان والشباب من حولهم وعلى حين غرة انتفضت أجساد الجميع من بينهم زهـر التي نهضت من مكانها و وسـام يحاوطها بخوف وكذلك ضم كل من يوسف ومحمد زوجته إلى أحضانه أما عن مروان وجابـر فانطلقت صرخة من فوه مروان وركض من محله متخطيًا الجميع صاعدًا على الأريكة واقفًا أعلاها وهو يصرخ بخوف:

-قنبلة…قنبلة..هنموت كلنـــا….

««يتبع»»…………

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق