رواية الحب كما ينبغي الفصل الخامس والثلاثون 35 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الخامس والثلاثون

الفصل الخامس والثلاثون

الفصل الخامس والثلاثون

متنسوش الڤوت وكومنت برأيكم في الفصل أو توقعاتكم، وأتمنى الفصل يعجبكم🩷🩷

_________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الخامس والثلاثون:

بعد إلقاء أحمد لكلماته المستنجدة بهم، تقدم منهم مروان وهو لا يتوقف عن الرقص لا ينتبه بعد إلى حالة أحمد وجابـر وكيف يجلسان كالقرفصاء أرضًا، راغبًا في مشاركة الشباب الرقص قائلًا بجسد لا يتوقف عن التعقيب والصعود والنزول:

-وقفتوا رقص ليه ارقص ياض أنت وهو يلا عقبوا معايا…. عقب يا آسـر عقب يا واد يا صابـر، إيـه ده أنتوا الاتنين قاعدين كدة ليه، بتعملوا بيبي ولا بتعملوا إيـه عندكم.

أثناء حديث مروان مد آسـر وصابـر يديهم يساعدان جابـر على النهوض.

فصاح جابـر وهو يعقب على حركات مروان في الرقص بل وإتقانه للحركات:

-أنت بتعقب كدة عادي وطلعت ونزلت عادي ولا أجدعها شاب مراهق!! أومال أنا مالي في إيـه، كدة علميًا أنا الصغير عمليًا أنت الصغير مش أنا..

-أنت بتقر عليا يا جابـر يا بن سلطان!!!

وقبل أن ينطق جابـر ويعقب على كلمات مروان صدح صوت أحمد من جديد والذي كان لا يزال بالأسفل، رافعًا رأسه يبصرهم مردد بنبرة شبه صارخة يستغل صوت الموسيقى العالي والذي من المؤكد بأنه سيغطي على صوته.

-آه اقعدوا اتخانقوا وسبوني كدة كتير، يا نــاس ياهــو البنطلون اتفــزق أقوم إزاي دلوقتي، بنطلوني اتفـــــــــــزق.

وعلى سبيل الصدمة توقف صوت الأغاني أثناء حديثه مما جعل صوته يصدح عاليًا بمنتصف القاعة جاذبًا جميع من حوله وبعض المعازيم والذي وصل إليهم صوته وكلماته عن سرواله الممزق.

ارتخت قسماته وهو يتساءل بذهول متمنيًا أن يكون ما حدث ليس حقيقي:

-هي الأغاني وقفت ليه؟؟ صوتي مكنش عالي للدرجة صح محدش سمعني.

علق مروان ينفي هذا مع صوت الأغاني الذي صدح من جديد:

-محدش سمعك إيـه قول مين مسمعكش، بس متقلقش هما يوسف ومحمد ومراتتهم وأخواتهم البنات وشوية ناس معرفهاش، أنت تعرف أنك فكرتني بأبوك زمان بنطلونه برضو اتقطع يوما ما وكان معزوم عندنا ساعتها ومكنتش بطيقه ولا نازلي من زور، المهم خد ساعتها بنطلون من عندي وبرضو كان لابس قميص لونه مهبب ومعفن ميختلفش عن ده كتير و…..

-أقعد احكيلي قصة حياتك ومغامراتك أنت وأبي وطنش اللي أنـا فيه…..يا فضيحتي، يا فضيحتك يا أحمد يا فضيحتك…..

هنا وتدخل صابـر مع اقتراب محمد ويوسف للاطمئنان عليه.

ساعده صابـر على النهوض وهو يخلع جاكت بدلته السوداء عنه ويمنحه لاخيه كي يلفه حول خصره.

التقطه أحمد بطريقة عاجلة وبالفعل قام بلفه حول خصره وهو ينحسب من بينهم قائلًا تلك الكلمات:

-لازم أروح أغير لازم.

هرول للخارج يتغافل عن نظرات وضحكات البعض، فقد كان ملفتًا للأنظار بسبب ذلك اللون الذي لم يرتديه أحد غيره بالفعل.

لم يتركه صابـر وكذلك آسـر وتحرك الاثنان خلفه..

خرجا الثلاث من باب القاعة فتعلقت الأنظار بـ أحمد مما جعله يخبرهم:

-هما بيبصولي ليه لون البدلة عجبهم أكيد.

ابتسم آسـر بسخرية يؤكد له:

-أكيد..

خرجا الثلاث تجاه سيارة صابـر..

صعد أحمد مسرعًا بالمقعد الأمامي بجوار مقعد السائق وقبل أن يصعد صابـر ويجلس به رأى آسـر الذي مد يده وعلى مشارف فتح الباب الخلفي والصعود هو الآخر..

سأله صابـر بحاجب معقود:

-أنت رايح فين أنت!؟!

رد عليه وهو يقوم بفتح الباب:

-جاي معاكم؟!!

-جاي معانا فين هو أحنا رايحين نتفسح!! ارجع الفرح الله يهديك.

-شايفني مجنون وبشد في شعري ولا إيـه ما تحترم نفسك يا صابـر.

خرج صوت أحمد ينهر الاثنان:

-آه ما ده اللي كان ناقص فعلا اقعدوا اتخانقوا أنتوا كمان وسبوني ببنطلوني المفزوق المقطوع لحد ما الفرح يخلص عشان ترتاحوا وتنبسطوا، انجزوني عايز اروح أغير أقولكم اركبوا بسرعة واتخانقوا لما تركبوا يـلا….

~~~~♡♡♡♡~~~~

يعم السكون بالسيارة، صابـر يقود بسرعة عالية يحاول الوصول سريعًا، وأحمد بجواره يشعر بالحرج الشديد مما حدث، اغمض عينه واعتصر قبضته بغيظ..

بينما آسـر كان ينظر من النافذة الزجاجية بجوار شاردًا، حزينًا.

فاليوم قسى على قلبه لم يدعه يتحكم بـه.

بل عافـر و قاومـه بكل قوته، لم يرضخ ويمتثل لرغبته في تأملها وتأمل جمالها.

أشباع عينه منها ومن طلتها الجميلة السالبة الآخذة للأنفاس.

لحظات ولم يعد يرغب بالتفكير فيما حدث أكثر فما حدث حدث بالفعل وانتهى وحسم الأمر..

مد أحمد يده وهو يرغب في تشغيل الأغاني عله ينسى ذلك الموقف المحرج، وبالفعل لحظات وكانت تصدح كلمات تلك الاغنية عاليًا بالسيارة…..

“مش هعرف ابقى لحد غيرك وأنا بتخيل نفسي معاك من يوم ما بعدت وكل حاجة لسة في مكانها بتستناك، وأنا ليه بحتجلك ولسة أنا ليه مش جمبك وحسة أنا بيك يا حبيبي حياتي معاك، وأقول انساك بحن أكتر ولا برتاح ولا بقدر واعمل إيه يا حبيبي حياتي معاك……”

تجعد وجه آسـر وتأثر من تلك الكلمات التي كان يعلو صوتها بالسيارة، فسارع بالتحرك من مكانه وإغلاقها.

حدق بـه أحمد مندهشًا من فعلته يسأله:

-قفلتها ليـه؟؟

-كدة مصدع وبعدين لما نرجع تاني هصدع أكتر، وأساسًا جيت معاكم عشان أخد برشام للصداع اللي عندي مش حبًا ولا عشقًا في جنابكم.

التوى جانب فم صابـر ساخرًا وهو يعقب باستهزاء على كلماته:

-يا راجل، بقى مروح عشان تاخد برشام للصداع ده على أساس مفيش صيدليات تجيب منها حاجة للصداع ولازم تروح.

لم يجيبه آسـر تركه يقول ما يقوله، فرغبته بالهروب والفرار من حفل الزفاف لأي سبب تافهه أو صغير كانت واضحة وضوح الشمس فلو كان الأمر بيده كان لغادر دون عودة.

لا يريد رؤيتها مجددًا.

فرؤيتها تلك تؤلمه وتؤلم قلبه وتعذبـه..

بعد دقائق وصل صابـر وصف السيارة أمام المنزل، هبط أحمد سريعًا وهو يخبرهم بطريقة متعجلة:

-خمس دقايق، خمس دقايق وهبقى قدامكم، انتظروني وترقبوا عودتي.

هرول من أمامهم مندفعًا داخل المنزل، قاصدًا غرفته.

أغلق الباب من خلفه وتقدم من الخزانة وفتحها.

وقف أمامها ثواني وعينيه تدور على الملابس الذي يمتلكها.

سقطت عينيه على بدلة ما، جديدة كليًا لا يرغب بارتداها منتظرًا حدثًا بعينه كي يكشفها ويجعل الجميع يراهـا…

ولكن هناك صوت داخل عقله يخبره باخراجها وارتدائها بتلك المناسبة.

ابتلع ريقه وهو يردد بخفوت وتردد واضح متحدث مع البدلة:

-طب البسك ولا اعمل إيـه دلوقتي؟؟؟ أنا آه جبتك لفرح صابـر بس هو شكله مطول وأنتي أكيد مش هتفضلي مركونة وقاعدة كدة طب ده حتى تزعلي مني وهيبقى حقك.

زم شفتاه وهو يمد يده ويأخذها متخذًا قراره بشأنهـا قائلًا ببسمة وهو يزيل عنها الغطاء الموضوع عليها:

-خلاص أنا هلبسك عشان بس متزعليش مني وعشان بعد تفكير طال قولت أن ممكن اتخن ومعرفش البسك ولا اتهنى بيكِ.

يعـم السكون السيارة بالخارج، آسـر صامتًا شاردًا وصابـر حاله من حال الآخر.

تنهد صابـر أولًا ونظر بساعة معصمه يرى كم مـر على ذهاب أحمد.

وبعد إدراكه للوقت، التفت برأسه يبصر آسـر هاتفًا بترقب:

-أنـا مش مرتحلك أنت بقيت كئيب وده ضد طبيعتك.

أجابه آسـر الذي جذبه وانتشله صوت صابـر من شروده بهدوء:

-عادي ما أنت بقيت رغاي وفضولي وده برضو ضد طبيعتك يعني الحال من بعضه يا ابن عمي.

ارتفع حاجبي صابـر وسألـه تلك المرة بجدية:

-إيـه اللي حاصل معاك مخليك كدة؟

وبدون تفكير قال آسـر بخفوت وصل إلى صابـر:

-لا حاجة بسيطة خالص، كل اللي حصل أن قلبي اتكسر مش حاجة مهمة يعني إيـه يعني لما قلبي يتكسر مش حوار.

لاح الحزن والتأثر على وجه صابـر بعدما استمع لرده العفوي المفاجئ الصادم بالنسبة له، فلم يتوقع أن يصارحه ويعترف بما حدث معه بالفعل.

وباهتمام وحزن بسيط لأجله سألـه:

-ومين اللي كسر قلبك.

-مش هيفرق مين، المهم أن قلبي اتكسر، أول مرة أحب فيها بجد واتعلق بحد، اذيت نفسي بنفسي، الحب جابني لورا وكسرني، مكنتش اتوقع أن ده يحصل معايا يوم بس اديه حصل، حبيت واعترفت كان عندي استعداد اعمل كتير عشانها وعشان توافق عليا بس هي رفضتني، سمعت منها كلام خلاني مش قادر ارفع عيني في عينها متخيل أن آسـر عابد سلطان اللي كنتوا بتحلفوا بشقاوته وصياعته يحصل فيه كدة!!!!

تذكـر صابـر جهاد أثناء حديث آسـر، وجاء بذهنه ما فعله بها وكيف قام بمواجهتها وقسى عليها دون أن يشفق أو يرحم قلبها العاشق….

تساءل لأول مرة منذ هذا اللقاء كيف حالها!!

هل عذبها ولا يزال يعذبها رفضه وإهانته لها.

-إيـه ده؟؟ إيـه اللي عيني شيفاه ده!!!!!!!! إيـه اللي أخوك لابسه ده!!!!!!!

كلمات آسـر المصدومة انتشلت صابـر من أفكاره، ليجعله ينتبه إلى أحمد الذي فارق المنزل وأغلق الباب خلفه ويتقدم منهم ولا يكف عن الرقص والتفاخر والتباهي ببذلته.

لم يصعد السيارة بل ظل بالخارج متحدث بصوت عالي يستفسر بفخر وهو يراهم يهبطون من السيارة:

-إيـه رأيكم في اللون الجامد أوي ده!!! كنت شايلها لفرح صابـر بس مش خسارة في محمد ويوسف.

تلك المرة تحدث صابـر أولًا وسبق آسـر معلقًا على لون البذلة:

-بينك!! لابس بدلة لونها بينك يا أحمد!!!

هز رأسه ينفي يصحح حديثه عن اللون:

-لا معلش عذرًا ده مش بينك، ده اسمه بمبة مسخسخ أو بمبة فسفوري برضو.

علق آسـر ساخرًا منه ومن ذوقه:

-أنت إيـه الاختيارات المهببة دي يعني يا ليموني يا بينك وليه فسفوري وليه مسخسخ أصلًا..

-قولت مسمهوش ليموني كان أخضر مسخسخ أو فسفوري، وده بينك مسخسخ برضو أو فسفوري كفاية جهل.

لم يصمت آسـر وعقب من جديد:

-طب الليموني، ولا بلاش ليموني، الأخضر الفسفوري وعديناها ماشي تمشي، بس بمبة مسخسخ أنت إيـه.

رد أحمد يشرح له قصة اختياره لتلك البذلة:

-ما أنا هفهمك، أنا ضد العنصرية والتمييز والتفريق، يعني ليه تم تمييز اللون البمبة على أنه لون بناتي فقط افرض أنا بحبه وأحب أجيب هدوم باللون ده مجبش؟؟ الأجابة هتبقى لا أجيب عادي ده لون زي أي لون، طب ما الأزرق متميز أنه شبابي بس البنات عادي بتلبسه ليه بقى محدش بيقولهم حاجة؟؟ جت علينا يعني؟؟ وأنا من هنا هناشد كل رجال العالم اللي بيحبوا اللون البمبي ده أنهم يلبسوه وميكسفوش، اللون طبيعي وعادي و للجميع مش للبنات فقط زي ما هما بيلبسوا اللون الأزرق عادي ومحدش بيقولهم حاجة.

تبادل صابـر وآسـر النظرات وعلى الفور أشار آسـر للآخر بيده دلالة على جنون أحمد.

هز صابـر رأسه بيأس من تفكير أخيه الطفولي، ثم قال وهو يشير له ويستقل السيارة مرة أخرى:

-طب اركب خلينا نرجع الفرح ونبقى نشوف بعدين الحوار ده..

-يركب إيـه ده يطلع يغير بسرعة القرف ده هو هيروح كدة بجد!!!!!

-قرف!!!! أنت اللي قرف وستين قرف متقولش عليها كدة وآه هروح كدة……

~~~~♡♡♡♡~~~~

إضاءة خافتة تعم القاعة، يجلس البعض حول الطاولات، وآخرين يقفون حول محمد وإسلام، يوسف وبرق يلتقطون العديد من الصور ومقاطع الفيديو أثناء رقص كل منهما مع زوجته.

وبالحقيقة لم يكن يشعر محمد بوجود من حولهم، فهو لا يرى سواها، فقط هي من تخطف أنظاره وتتسبب في علو دقات قلبه.

يشعر بأنه يحلم من شدة جمال ما يذيقه الآن.

لا يصدق بأنه حظى بها بالفعل وباتت زوجته والآن تقبع وتسكن بين يداه يضمها إليه، عيناه تتلاقي بعيناه بكثير من الأحاديث التي تعكس ما يشعر به والحب الذي يحمله بقلبه لها.

وبجوارهم يرقص يوسف مع برق، يضع يديه على خصرها ويدها هي تلتف حول عنقه بخجل وحياء شديد..

يشعر بضيق طفيف من تلك العدسات الملونة التي تضعهم فعيونها دون تلك العدسات تبدو أجمل وأرق…..

طرد هذا الضيق ولم يعد يفكر فيه، مخبرًا نفسه بأنها طالما وضعتها فهذا يعني أنها تعجبها إذن لا بأس بها…

أما هي فكانت تتفادي النظر داخل عيونه الهائمة العاشقة حد النخاع مباشرة.. عيونه التي تتسبب في ارباكها.

فرغم تصريحها مسبقًا برغبتها في الزواج من شاب يحمل صفات لا يتسم يوسف بها إلا أنه حينها كان مجرد حديث وثرثرة فارغة، وما حدث على أرض الواقع اختلف عن حديثها ورغبتها فمنذ رأته بالمرة الأولى خطف قلبها و وجدت نفسها تنجذب إليه رغمًا عنها.

في ذات الوقت وقعت عين جابـر والذي كان يقف جانبًا رفقة أخيه أشرف على المدعو صديق عُمره المعلم زهران.

اتسعت ابتسامته مستمعًا لكلمات أشرف الساخرة من أمر تلك الصداقة:

-الحق صديق عُمرك جه ولابس أسود في أسود حد قاله أنه جاي عزا!! وبعدين فين الشيشة!

رد عليه جابـر بطريقة متعجلة وهو يستعد للتحرك والذهاب:

-مسمهاش شيشة اسمها كريمة يا جاهل، وبعدين زهورة شيك طول عُمره واللون الأسود هو ملك الألوان زي ما الأسد كدة ملك الغابـة.

رحل وفارق مكانه تاركًا أخيه يضحك على أفعالـه، اقترب من زهران وهو يرحب به بحفاوة وصوت عالي كي يسمعه جيدًا:

-صديق عُمري اتاخرت ليه وفين كريمتك مجتش معاك ليه، متخانقين أنت وهي ولا إيـه لو متخانقين قولي وأنا أصالحكم أو اديك أفكار تصالحها بيها.

ضحك زهران عاليًا ثم أجاب على حديثه:

-وهي كريمة وش نكد برضو النكد ده مش بتاعها بس أنا قولت مينفعش أخش بيها كدة أنا بفهم في الأصول برضو يا صاحب عُمري وميرضنيش أخش بكريمة.

-طول عُمرك بتفهم في الأصول وبعدين لو كنت جيت بيها كان ممكن يقولولك جاي الفرح بشيشة!! ليه مفكر نفسك الحاج إبراهيم سردينة ولا عبد الغفور البرعي.

-صح يا صاحب عُمري، بس قولي إيـه رأيك في شياكتي!! جتلك بأسود في أسود عشان عارف أني لما قابلتلك قبل كدة بالطقم الأسود في أسود عجبك.

-لا شيك شيك يعني ده أنت غطيت على محمد ويوسف يا صديق عُمري، بقولك إيـه تعالى نقعد على ما العيال تخلص رقص وأول ما يخلصوا نقوم نرقص سوا، ده أنا لسة كنت خاربها أنا والواد أحمد ابني فضلت أعقب واطلع وانزل ولا اجدعها شاب عشريني، والواد آسـر بقى نزل مطلعش شباب آخر زمن.

اتسعت عين زهران وقال بصدمة:

-لا يا راجل نزل مطلعش!!

-أينعم قال وعاملي فيها بتاع بنات، المهم سيبك من العيال تعالى نقعد فـ أنا والله اشتقت إليك يا صديق عُمري.

وقبل أن يخطو جابـر أي خطوة رفقة زهران تسمر وتجمد جسده مكانه بعدما سقط بصره على أحمد الذي يلج القاعة ببذلته الجديدة بطريقة متباهية تعكس مدى إعجابه الشديد بها..

اندهش زهران من حالته فصاح يسألـه:

-في إيـه يا صاحب عُمري وقفت ليه وبتبص على إيـه كدة شوفت واحدة عجبتك ولا إيـه……….إيـه جو الدنيا ربيع والجو بديع قفلي على كل المواضيع ده، إيـه القرف اللي عامله ابنك ده يا جابـر.

رد جابـر عليه وهو لا يزال على صدمته من هيئة ابنه الذي يقترب منه بصحبه صابـر وآسـر:

-ابني ربنا يحميه طول عُمره ذوقه مهبب ومعفن مش عشان ابني هجامل لا اديك شايف بعينك منظره وهيئته…

وقف الثلاث شباب أمامهم فهتف أحمد بسعادة يتغافل عن نظرات من حوله نحوه:

-هاي أبي، هاي اونكل زهران، كيف حالك، هل أنت بخير؟ اتمنى أن تكون على مايرام.

وبتلقائية هتف جابر:

-وكيف يكون على ما يرام بعد أن رأك يا بني.

بعد حديث جابـر أضاف زهران ساخرًا:

-إيه يا بن صاحب عُمري ده! ده مفيش واحدة هتبص في وشك بعد اللي أنت لبسه ده.

شعر أحمد بالضيق منه فرد عليه وهو يمعن النظر بملابسه السوداء:

-طبعًا ده المتوقع هستنى إيـه منك يعني يا عمو وأنت لابسلي أسود في أسود زي ما يكون جاي عزا مش فرح.

-ياض سوقك هيقف ياض، شكلك إيـه دلوقتي قدام البنات والنسوان وأنت داخل دلوقتي ولابس لبسهم.

-لبس مين دي بدلة رجالي هو حد قال لحضرتك أنها بدلة حريمي ولا بدلة رقص، دي بدلة زي أي بدلة، ثم أن لونها مميز ومش أي حد بيلبسه فضلًا وليس أمرًا بطلوا تمييز بقى وعنصريه مطلعوش سمعة على اللون أنه للبنات بس.

-ياض ممكن تتفهم غلط ياض باللون ده اسمع من عمك زهران.

انهى زهران حديثه وهو يميل على أحمد يهمس له ببعض الكلمات تحت أنظار جابـر وآسـر وصابـر.

كلمات ما أن سمعها أحمد حتى انصدم واتسعت حدقتاه وشحب وجهه.

ابتعد زهران يبصر جابـر وقبل أن ينطق هتف أحمد مدافعًا بإصرار عن اللون:

-استغفر الله العظيم استغفر الله العظيم، لا لا مش للدرجة دي وكفاية ظلم لـ اللون حرام عليكم اتقوا الله.

انهى حديثه رافضًا تصديق كلمات زهران له.

بعد ذهابه سأل جابـر زهران بفضول:

-أنت وشوشته قولتله إيـه..

-كنت بوعيه خايف يتفهم غلط، ابنك شكله غلبان وأهبل وعلى نياته كان لازم توعيه عن كدة برضو يا صاحب عُمري، ما أنت لو شاكمه كدة زي ما أنا شاكم عيالي مكنتش وصلت لكدة.

أثناء سير أحمد واتجاهه نحو الطاولة التي تجلس عليها والدته دنا منه مروان باعين قد ضاقت قائلًا بشك:

-إيـه ياض اللون اللي أنت لابسه ده!! فاكر نفسك باربي ولا إيـه لابسلي بينك في بينك، واد أنت أنا مش مرتحالك.

كبح صابر وآسـر ضحكاتهم بينما صاح أحمد يتوسل جده:

-لا أبوس ايدك متفهمنيش غلط هو عمو زهران طلع معاه حق ولا إيـه، والله والله يا جدو مروان وأنا بجيبه كنت شايفه لون زي أي لون وبتعاملوه بعنصريه مفكرتش في اللي أنتوا بتفكروا فيه ده، هي الدنيا جرا فيها إيـه!!!! أنتوا اللي تفكيركم بقى وحش ولا المشكلة فيا أنـا.

هنا وصدح صوت آسـر خلفه يمزح معه:

-اشرب بقى ودافع عن البمبة المسخسخ بتاعك مش كنت هتناشد كل رجال العالم باين، البس بقى يا معلم..

التفت إليه أحمد قائلًا:

-اخرس أنت.

ثم التفت لصابـر يطلب منه:

-أخي العزيز الحبيب القريب تيجي نبدل البدل ؟؟؟ أرجوك.

سيطر صابـر على ضحكاته وهو يجيب على أخيه ويسبقه تجاه الطاولة:

-لا ولا هنا لسببين مهمين مش جحود مني، أول سبب مقاسك غير مقاسي فبدلتك الحلوة الكيوت دي مش هتيجي فيا، ثانيًا لازم تتعلم الثبات على المبدأ يلا تعالى نقعد.

~~~~♡♡♡♡~~~~

تقف جهاد جانبًا خارج القاعة تحديدًا جوار بابها، خلفها بعض الزهور، وأمامها رضا تقف على مسافة ليست بالقريبة على أتم استعداد لالتقاط صورة لها.

التقطت واحدة فتحركت جهاد وهي تقترب منها قائلة بصوت عالي كي تنصت إليها:

-وريني كدة، لو وحشة هخليكي تلقطيلي غيرها.

تأففت رضا تشعر بالضجر.

لم تنل الصورة إعجاب جهاد فعادت تخبرها وهي تمنحها الهاتف:

-لا وحشة صوريني تاني.

تحركت واقفة بذات المكان من جديد، مبتسمة باتساع وهي تنظر لعدسة الكاميرا.

انتهت رضا من أخذها ثم دنت هي تلك المرة وهي تقول بتذمر طفولي:

-اتفضلي يارب تعجبك ونخلص بقى.

-لا لا لا وحشة أوي وبعدين مش تقولي أن الطرحة مش مضبوطة ده أنتي معندكيش ضمير بربع جنيه، خدي صوريني تاني.

وبالفعل هندمت حجابها ثم وقفت ونظرت للعدسة مجددًا ولكن قبل أن تلتقطها رضا، مر صابـر الذي خرج هو الآخر من القاعة ليظهر بالصورة التي اخذتها رضا.

مما جعلها تصيح:

-تاني تاني، صابـر طلع في الصورة.

تحركت عين جهاد معه وهي تقول بتذمر وغضب بعد إدراكها لتخريبه للصورة ومروره بهذا الشكل الوقح:

-صوري تاني يا بنتي معلش بهايم هربانة من الزريبة بقى هنقول إيـه….

وصلت كلمات رضا أولًا إلى مسامعه منصتًا إلى اسمه.. ورغم تجاهله بالبداية إلا أنه توقف فجأة ما أن استمع إلى كلمات جهاد المتطاولة والتي وصفته بـ “بهيم.”

عاد إليها خاربًا الصورة ظاهرًا بها للمرة الثانية وهو يسألها:

-مين ده اللي بهيم؟؟؟

ظلت مبتسمة كما هي، لا تنظر إليه بل تبصر شقيقتها الواقفة أمامها وتمسك بالهاتف، قائلة متعمدة تجاهله تمامًا وكأنه هواء:

-صوري يا بنتي خلينا نخلص من أم دي صورة، انجـزي.

لم يزيح عينه عنها مقتربًا منها أكثر فـ أكثر وهو يسألها من جديد:

-أنا بكلمك على فكرة، ردي عليا مين ده اللي بهيم.

تلك المرة أجابته دون أن تنظر إلى عينه مباشرة متمتمة بتشنج:

-والله أنا حرة ومش عايزة أرد فـ مش هرد محدش يقدر يجبرني اعمل حاجة مش عايزاها، وبعدين محدش كلمك أصلًا وأبعد بقى خليني أعرف أتصور.

ارتفع حاجبيه وقال باستهزاء واضح:

-لا يا شيخة، إذا كان أنا سامع بوداني وهي بتقولك صابر طالع في الصورة، روحتي قايلالها معلش بهايم هربانة من الزريبة ده معناه إيـه؟!!

وبدون أن تنظر هي أجابته:

-والله أنا مغلطش وموجهتلكش أي كلام، لكن لو الكلام على مقاسك فمبروك عليك وبعدين أثبت على حاجة شوية تقولي قولت بهيم وشوية بهايم..

-قولتي بهايم يا جهاد..

تلك المرة التفتت إليه ونظرت داخل عيونه، مما جعل ملامحه ترتخي وتهدأ وهو يستمع لكلماتها التي قالتها بانفعال واضح وضوح الشمس:

-هو في إيـه بقى أنت عايز تتخانق وخلاص، والله قولت بهايم قولت بهيم أنا حرة ده لساني وبُقي وأنا حرة أقول اللي أقوله محدش شريكي وتاني مرة متكلمش معايا تاني مفيش بيني وبينك أي حاجة تستدعى أننا نتكلم يا استاذ صابر، وآه قبل ما انسى متقوليش يا جهاد حاف كدة تاني، قولي يا آنسة جهاد، ودلوقتي وسع لو سمحت خليني اعرف اتصور صورة عدلة بدل اللي أنت بوظتها دي.

نظرت أمامها وهي تصوب حديثها لرضا:

-صوريني تاني يا بنتي معلش هـ…….

ابتلعت باقي كلماتها وهي تجد مكان وقوف رضا خالي من وجودها، التفتت برأسها وحركت عينيها يمينًا ويسارًا تبحث عنها ولكن لا أثر.

كزت على أسنانها وهي تتوعد لها بداخلها:

-ماشي يا رضا الكلب والله لوريكي.

التوى ثغر صابـر جانبًا مبتسمًا بسخرية ثم غادر متابعًا طريقه….

بينما عادت هي لداخل القاعة من جديد وهي تبحث عن رضا وتتوعد لها.

~~~~♡♡♡♡~~~~

-أنتي كدة هتولدي أمتى صحيح يا زهـر؟؟

طرح آسـر سؤالـه على مسمع ومرآى من وسـام و زهـر.

وقبل أن تنطق وتجيب على استفساره هتف وسـام بامتعاض:

-خير يا آسـر هتيجي تولد مكانها ولا إيـه، إيه السؤال الغبي ده هيفرق معاك يعني هتولد أمتى وبعدين لسة بدري حضرتك ها ارتحت يا سيدي.

رد آسـر باستنكار:

-كل ده علشان سألتها هتولد أمتى؟؟

-لا يا ناصح كل ده عشان تخطتني وسألتها هي كأني شفاف معأنك لو كنت سألتني كنت جاوبتك..

-وأسألك أنت ليه هو أنت اللي هتولد ما طبيعي أسالها هي.

-لا يا أخويا مش طبيعي بقولك إيـه متجننيش وتخليني اتعصب وجناني يطلع عليك….

-يخربيت تناحتك يا جدع، ده أنت خنيق ثم أنا كام مرة هقولك أنها بنت عمي وبنت خالتي يعني في مقام أختي..

-قوم يا آسـر قوم بدل ما ابطحك اشوهلك وشك ده قوم.

نهض آسـر بالفعل قائلًا:

-أنا هقوم فعلًا بس مش عشان أنت قولت قوم متفكرش نفسك حاجة، أنا قايم بكيفي وبمزاجي هشرب سيجارة وراجع.

خرج آسـر وفارق قاعة الزفاف بل خرج من بوابة الفندق راغبًا في استنشاق الهواء والتدخين.

ولكن قبل أن يقف ويفعل أي شيء انتبه لتلك الضجة التي تأتي من مكان ما.

نظر حوله يبحث عن مصدر الصوت وعلى الفور سقط بصره على إحسان وعصمت يصوران فيديو على إحدى الأغاني.

عقد حاجبيه واقترب منهما قائلًا ببسمة:

-أنتوا واقفين برة كدة لية تبردوا، وبعدين أنتوا بنات لوحدكم وممكن حد يضايقكم مينفعش تبعدوا وتقفوا لوحدكم كدة، أنتوا بتصورا إيـه أصلًا..

سبقت عصمت إحسان تخبره بحماس:

-بنصور فيديوهات وبنزلها على التيك توك.

لكزتها إحسان وهي تنفي حديثها:

-لا مش بنعمل كدة، دي عيلة مش فاهمة حاجة.

ضاقت عيون آسـر وشعر بأن هناك شيء ما.

حك جانب جبينه ثم قال مخمنًا:

-واضح أنكم بتعملوا كدة فعلا وبتصوروا فيديوهات وتنزلوها فعلا على التيك توك بس محدش يعرف صح؟؟

لم تجيب عصمت ونظرت نحو إحسان التي سارعت بالنفي:

-لا مش صح.

-طيب عندي ليكم كلمتين واعتبروها نصيحة من أخ كبير ليكم، بلاش تعملوا الكلام ده، أنتوا لسة صغيرين ومش فاهمين الصح من الغلط، ركزوا في دراستكم وفي مستقبلكم وفككوا من كل ده أ……

-عصمت، إحسان تعالوا هنا…

قاطع حديثه معهم صوت ضياء والتي كانت تبحث عنهما بعدما انتبهت لغيابهم والذي طال.

تعرف آسـر على صوتها وتحرك الاثنان واندفعا نحوها، فقالت تشير لهما برأسها:

-ارجعوا الفرح وحسابكم مع جهاد لما نروح.

فارقا مكانهما وظلت هي واقفة مكانها تتأكد من ذهابهم وما أن تأكدت حتى صدح صوتها تخبره بسخرية وهو يوليها ظهره:

-إيه ملقتش رجا ولا فايدة مني رايح تلف على البت الصغيرة.

لم يكن يرغب بالالتفات والنظر إليها ولكن كلماتها كانت قاسية فوق احتماله..

استدار إليها ببطء قائلًا بصدمة من ظنونها بـه:

-أنتي بتقولي إيه؟؟ إيه التخاريف دي؟؟ مش شايفة أنك افورتي شوية لا شويتين.

-لا مش شايفة أني افورت بس شوفتك وأنت بتكلم مع اخواتي وأكيد عينك من إحسان، واحد صايع بتاع بنات واقف يكلم مع بنات صغيرة يعمل بيهم إيه؟؟ اخواتي خط أحمر أنت سامع.. ابعد عنهم لو شوفتك قريب من واحدة فيهم هروح لجدك وأبوك وأعمامك وأقولهم نفر نفر…

قطع المسافة التي تفصله عنها، واقفًا على مقربه منها، أنفاسه عاليه تلفح بشرتها وتتخبط بها..

وصدره يعلو ويهبط من شدة الانفعال والغضب قائلًا من بين اسنانه:

-اللي أنتي بتقوليه ده محصلش وكفاية بقى كفاية أوي لغاية كدة، فكري في كلامك بعد. كدة قبل ما تقوليه وترميه في وش اللي قدامك، اللي قدامك ده مش حجر ولا جماد كفاية… كفاية بجد…

كلماته الأخيرة لم تكن مصوبة لها بل كان يصوبها لنفسه.

يخبر نفسه بأن يكف عن حبها ويتوقف قلبه عن الوقوع في غرامها أكثر وأكثر…..

فلا يوجد احتمال ولو واحد بالمائه بأن تراه إنسانًا صالحًا…

بل ستظل صورته سيئة بمنظورها لن تتغير أبدًا..

كانت تنظر بعيناه ترى بهما ما يعجز عن قوله ويخفيه…

ابتلعت ريقها وقطع هو هذا التواصل البصري بينهما مفارقًا مكانه تاركًا إياها تنفي ما شعرت به من عيونه..

مخبرة نفسها بأن أمثاله يخدعون ولا يعرفون ماهية الحب الحقيقي…

~~~~♡♡♡♡~~~~

جلس أحمد على المقعد خلف الطاولة التي تشمل بعض أفراد عائلته…

فبعد أن كان يتباهى ببذلته أضحى لا يطيقها ويرغب في إنتهاء هذا الحفل بأسرع وقت ولكن الوقت لا يمر أو هكذا يشعر هو..

عقد ذراعيه بتذمر طفولي أمام صدره تزامنًا مع اقتراب قُصي من الطاولة كي يجلس قليلًا بعدما شعر بالإنهاك والتعب من الرقص برفقة الشباب..

ابتسم وجه أحمد وانتقل من مقعده مقتربًا من قُصي يحاول إقناعه:

-قُصي حبيب قلبي، مزهقتش من البدلة بتاعتك تيجي نبدل أنا وأنت، أنت تاخد بدلتي القمر دي وأنا اخد بدلتك وأهو نعمل لغبطة للمعزايم والضيوف ونضحك شوية.

رفض قُصي قائلًا برفض:

-لا معلش مش بلبس هدوم حد غير آسـر sorry.

علق أحمد على كلمته الأخيرة بخفوت لم يصل إلى قُصي والفضل يعود إلى صوت الموسيقى والأغاني العالية:

-قال سوري قال الله يرحم عاملي فيها ابن ناس وذوات يلا اتفو عليك عيل واطي.

هنا وسقط بصر أحمد على شاب يعرفه من قبل ويكون صديق لـ يوسف منذ أيام الدراسة ولكنه ليس بالقريب ولا يتحدثان إلا قليلًا و بالمناسبات…

اقترب من أحمد مما جعله يرحب به:

-أهلا أهلا يا محمود عامل إيـه..

-الحمدلله يا أحمد إيـه الشياكة والبدلة الجامدة دي، شكلها تحفة حقيقي.

اتسعت عين أحمد مصدومًا من كلمات محمود وإبداء إعجابه بالبذلة:

-بجد يا محمود البدلة حلوة؟؟؟ اوعى تكون بتتريق والبدلة وحشة.

-دي تحفة، فظيعة أنت بجد كريتيف..

سعد أحمد بحديثه فقال وهو يعود جالسًا:

-طب اقعد اقعد..

استجاب محمود له، وبعد دقائق فقط، تنحنح وقرب مقعده من أحمد يهمس لـه:

-بقولك إيـه يا أحمد.

-إيه يا محمود قول كلي آذان صاغية..

التفت محمود برأسه يمينًا ويسارًا فشعر أحمد بالقلق يتسرب إليه..

وقبل أن يتحدث محمود صاح أحمد بقلق وشك:

-لا بقولك إيه أنا مش مرتحالك، أنا آه لابس بدلة بمبة مسخسخ بس اعرف ربنا و راجل أوي، اتاريك بتقولي البدلة حلوة وعجبتك ما لازم تعجبك أنا دلوقتي بس فهمت.

عقد محمود حاجبيه بعدم فهم ثم قال:

-أنت بتقول إيـه أنا مش فاهم حاجة.

-بس أنا بقى فاهم عمو زهران رساني على اللي فيها و واضح أنه كان معاه حق.

هتف محمود بعدم فهم:

-بص هو أنا مش فاهم حاجة بس أنا عايز أسالك على حاجة ممكن؟

وبنظرات حيرة وشك قال أحمد:

-خيـر؟؟

-تعرف البنت دي؟؟

انهى محمود حديثه وهو يشير نحو فتاة ما تجلس بالطاولة القابعة خلفهم.

نظر أحمد للفتاة الذي يشير إليها وعلى الفور تعرف عليها..

هدأت تعابير أحمد وهو يبعد عينه عن روضة ويسأله:

-أعرفها آه بس اشمعنا..

اتسعت بسمة محمود وهو يخبره:

-بصراحة البنت حلوة و مؤدبة وعيني أول ما وقعت عليها اتشديت ليها وأنا اصلا كنت بدور على بنت الحلال اللي تشاركني حياتي، فـ أنا حاسس أن هي دي بنت الحلال..

ابتلع أحمد ريقه وبدون أن يشعر أو يفكر وجد نفسه يخبره:

-مش عارف أجبهالك إزاي بس هي مش سنجل يا محمود دي متجوزة ومعاها أربع عيال.

شعر محمود بالصدمة وقال:

-نعــــــم!!!! بقى دي متجوزة ومعاها أربع عيال أومال مش باين عليها ليه دي شكلها صغير أوي يا أحمد.

-اديك قولت شكلها صغير بس واقعيًا هي كبيرة دي أكبر مني ومنك بعشر سنين تقريبًا.

ومن جديد ردد محمود بصدمة:

-دي أكبر مني ومنك بعشر سنين ومتجوزة ومعاها أربع عيال!!!!!!! أنت بتقول إيـــه!!

-مع الأسف هي دي الحقيقة هي فعلا شكلها صغير وأنا برضو انخدعت أول ما شوفتها كنت فاكرها عيلة بس طلعت أنا اللي اهبل يلا كان نفسي اخدمك و اوفق راسين في الحلال بس أهو بقى نصيبك.

شعر محمود بخيبة الامل وقال:

-ليه بس كدة ده أنا نادرًا لما واحدة تعجبني.

-نادرًا لما واحدة تعجبك!!! أنت فاكر نفسك رشدي اباظة ولا إيـه يا محمود متعصبناش يا اخي يلا قوم شوف يوسف صاحبك وارقص معاه قاعد معايا ليه قوم اتكل……

بعد ذهاب محمود وغيابه عن أنظاره اختلس النظرات نحو روضة الجالسة بمفردها على الطاولة وحذائها بجوارها بعد أن خلعته نتيجة لشعورها بالالم ورغبتها في الحصول على الراحة، وبدون شعور منه كان يبتسم وعيونه تلمع وتعبر عما يشعر به الآن نحوها….

نهض من مجلسه وتناسى أمر البذلة ساحبًا مقعدًا فارغًا بجوارها جالسًا عليه قائلًا:

-عامله إيـه يا رضوى؟؟

انتبهت إليه ومنحته بسمة بسيطة وهي تجيب على استفساره عن حالها:

-الحمدلله يا أحمد، أنت أخبارك إيـه؟

-الحمدلله أنا بخير وبقيت بخير أكتر بعد ما عرفت أنك الحمدلله بخير…

بعد كلماته تلك ظل ساكنًا فقط ينظر إليها من حين لآخر..

فالكلمات قد فرت من على طرف لسانه، كلما رغب بالتحدث وفتح حديث ما يفشل بذلك…

ابتلعت ريقها وهي تشعر بشعور مختلف تلك المرة…

مجيئه للجلوس معها.. توتره الواضح.. نظرات عيونه…

يخبرونها بحدوث شيء معه..

رُبما كانت مخطئة واساءت فهم مشاعره وظنت أنه يكن مشاعر لجهاد…

كادت بسمة سعيدة تغزو وجهها عند تلك النقطة لولا حديثه أخيرًا متمتم:

-أومال جهاد فين؟؟؟؟؟

كان سؤالًا بريئًا منه، ولكن بالنسبة لها جعلها تدرك بأنها لم تسئ فهمه بل اساءته للتو عندما ظنت بأنه جاء لأجلها ولأجل الجلوس معها.

لم تعد تتحمل، نهضت من جلستها وهي تجاوبه بدموع حبيسة وتنتشل حذائها من على الأرض:

-معرفش عن إذنك بابا لو شافني قاعدة معاك لوحدي هيعملي مشكلة ولو شوفت جهاد هقولها أنك بدور عليها وعايزها….

~~~~♡♡♡♡~~~~

انتهى حفل الزفاف، و وصل محمد وإسلام أمام منزلهم القابع بالدور الأول من البناية ويوسف وبرق بذات الدور ولكن بالمنزل المقابل لهم.

وقبل أن يلج كل منهما شقته، اقترب يوسف ومال على أذن محمد يهمس له بتلك الكلمات التي لم تنصت إليها أي من الفتيات بسبب صوته الخافض:

-لا تعرفني ولا أعرفك، طول شهر العسل مش عايز اشوفك ولا ألمحك أنا مش هستنى يحصل معايا زي ما أحمد عمل مع وسام يوم الفرح وراح خبط عليه.

هز محمد رأسه موافقًا هاتفًا بإعجاب:

-تعجبني يا واد اتفقنا ادخل شقتك واقفل بابك.

دخل محمد بعدها رفقة إسلام إلى المنزل، أغلق الباب وعيونه لا تبتعد عنها، لا يستطيع أن يصدق أن حلمه في أن تصبح معه و زوجته أضحى حقيقة.

والآن يتواجد معها تحت سقف واحد.

و………

توقف عن التفكير في أي شيء محركًا رأسه ينفض أي تفكير قد يشغله عنها..

وجدها قد سبقته وأتجهت نحو غرفتها.

لم يبقى مكانه ولاحقها..

اقترب منها و وقف أمامها..

كادت تنطق ويخرج صوتها لولا اندفاعه نحوها وضمها إلى أحضانه بحنو وحب شديد.

حب انعكس بعيونه التي كانت تنطق بالكثير والكثير عكس لسانه الذي ظل ساكنًا ملتزمًا الصمت…..

لم تقف ساكنة بل رفعت يديها وبادلته عناقه…

شعر بيدها الصغيرة التي وضعت عليه مما جعل البسمة تغزو شفتاه.

ثواني وكان يتبعد عنها يخبرها بتلك الكلمات:

-بحبك يا إسلام.

قد تبدو كلمة “بحبك” عادية معتادة للبعض بعدما فقدت مصداقيتها بفضل بعض الأشخاص.

ولكن معها كان الوضع مختلف كليًا كلمة بحبك والتي خرجت بأسلوب مميز وببحة صوته وعيونه التي آسرتها ونطقت بها قبل أن يبوح بها لسانـه……

تعالت خفقات قلبها وباتت كالطبول.

مال عليها عقب اعترافه وطبع قبلة حنونة على جبينها.

في تلك اللحظة صدح صوت جرس المنزل عاليًا مع طرقات سريعة على الباب.

اندهش الاثنان وسارع محمد بالخروج من الغرفة و الذهاب نحو الباب.

فتحه وهو في حالة من الغضب من ذلك المزعج الذي يطرق عليه في هذا الوقت.

وجد أمامه يوسف فسارع بالحديث ينهره:

-إيــه في إيــه هو ده اللي اتفقنا عليه؟!!!

ابتلع يوسف ريقه وهو يستنجد به بتوتر:

-اتفقنا إيـه و زفت إيـه الحقني يا محمـــد…………………….

««يتبع»»……….

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق