رواية الحب كما ينبغي الفصل الحادي والستون 61 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الحادي والستون

الفصل الواحد والستون

الفصل الواحد والستون

كل سنة وأنتم طيبين وبخير❤❤❤❤

بعتذر جدًا جدًا جدًا جدًا عن التأخير اللي حصل و وقوف الرواية بس أنتوا عارفين مش بيأخرني عنكم غير الشديد القوي…

____________________________

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الواحد والستون:

لم يستوعب عقله ما نطق بـه لسانها.

كأنه توقف عن العمل تمامًا، ولم يعد ينفعه بشيء.

ارتخت ملامح وجهه وسألها بعدم فهم لا يليق بـه ولم يتصف بـه يومـًا:

-يعني إيـه مش هينفع وإيـه آسفة دي!!! آسفة على إيـه أساسًا!!

-كلامي شارح نفسه يا صابـر مش محتاج يتشرح!! بس مدام عايز تسمع ردي تاني معنديش مشكلة اسمعك تاني…مش موافقة مش هسيب كل حاجة ورا ضهري ومفكرش في بكرة لمجرد أنك موجود…وجودك بالنسبالي مش مضمون وممكن تمشي عادي جدًا وفي الآخر كله هيجي فوق دماغي أنا.

ختمت حديثها وعيونها تتقابل مع عيونه..

يطالعها بنظرات قد تجعل أي امرأة تلين وتحن…تعود لـه دون ذرة تفكير واحدة.

لكن هذا لم يحدث معها، وظلت ثابتة على موقفها لم تبالي بعيونه التي حان دورها وتترجاها الآن كي لا تتركه وتبتعد عنه..وتظل بجواره طوال العُمر.

يده لا تزال ممدودة لها، لم يبعدها أو يعيدها لمكانها على أمل أن تتراجع وتمسك بها.

الآوان لم يفوت بعد، لا تزال هناك فرصة.

ابتلعت ريقها وأبعدت عيونها عن عيونه الناطقة، رامقة يده بنظرة أخيرة قبل أن توليه ظهرها، تسلبه تلك الفرصة الذي كان يأمل بها.

تابعها لم يزيح حدقتاه عنها.

خذلته….وخذلت قلبه الذي لم يطلب ويرغب بفتاة سواها.

قررت تركه والابتعاد عنه، لم تشفق عليه…أو حتى نظرت خلفها.

بل اقتربت من عـادل الذي نهض بمساعدة واحد من العاملين في المقهى وسألته بما جعل قلب الأخر يعتصر:

-أنت كويس؟؟

اماء لها عادل وأخبرها بنبرة تأن ألمًا:

-الحمدلله.

وجع ليس لـه مثيل…يعجز اللسان عن وصف حال فؤاده الذي ينزف دموعًا ودمًا.

فها هي أمامه تسأل غيره عن حاله وأحواله، تاركة إياه خلف ظهرها!!!!!

كأنها لم تعشقه يومًا وخفق لـه القلب.

تهتم بغريب لا تعرفه وتهمله هو وقلبه.

دعست على الاثنان دون ذرة تفكير أو تراجع.

رأت قسوته وجرحه لها ولم ترى ندمه وعشقه الكبير.

عادت والجة المقهى رفقة عـادل وتحرك العاملين للداخل أيضًا.

لم يعد هناك من يشاهد ويراقب.

الشجار قد توقف والجميع رحل وها هو يقف وحيدًا، لا يتواجد بجواره من يؤنس تلك الوحدة ويهون عليه وجع قلبه.

ظل هكذا لثواني وبعدها بدأ بالتحرك صوب سيارته.

لكن حركته وطريقة سيره كانت مختلفة تمامًا..

فقد كان منكسرًا، مصدومًا…ضعيفًا لدرجة لا يمكن وصفها.

لملم شتات نفسه بصعوبة بالغة، فتح باب سيارته وصعد جالسًا بمقعده.

لم يتحرك على الفور بل ظل شاردًا لوقت لم يعرفه أو اهتم بمعرفته.

فقط يتذكر كل شيء حدث بينهم.

بدءًا من أول لقاء لهما حتى تلك اللحظة…

تلك اللحظة التي كانت نهاية علاقتهما التي انتهت قبل حتى أن تبدأ.

وفور خروجه من دائرة الذكريات، قام بتشغيل السيارة وتحرك مفارقًا مكانـه لا يعرف إلى أين سيذهب لكنه بالتأكيد يرغب في الانعزال والجلوس بمفرده بعيدًا عن الجميع.

______________________________

-أنت كويس بجد؟!

من جديد تلقي جهاد ذات السؤال على مسامع عـادل الجالس أمامها يخبرها بهدوء:

-صدقيني كويس دي شوية خدوش بسيطة مش مستاهلة تقلقي للدرجة دي.

نبرتـه تغلغلها المرح البسيط الذي لا يتناسب مع الموقف بأكمله.

اندهشت من كلمة “بسيطة” وقالت لـه باستنكار واضح:

-كل اللي في وشك ده وتقول بسيطة ومش مستاهلة ده أنت وشك باظ.

-مبنقولش كدة على فكرة، هوني عليا قوليلي أنت زي الفل، أو على الأقل هبقى زي الفل، أنتِ صريحة كدة لية!

لم تجاريه في مزاحه المستمر، تشعر بالذنب..

تراه لا يستحق ما حدث لـه بسببها.

لم يفعل شيء سوى أنـه وقف معها وفي وجه صابـر..حاول الدفاع عنها.

فعلته بالنسبة لها كانت بالكبيرة وليست بالصغيرة.

ابتلعت ريقها وسألته من جديد:

-يعني متأكد أنك كويس؟

أطلق تنهيدة ضجرًا من سؤالها المكرر والتي لا تتوقف عن طرحه:

-والله كويس..كفاية يا جهاد تسألي نفس السؤال عشان ردي عليكي مش هيتغير، أنا لو حاسس نفسي مش كويس هقولك مش هخبي ولا هكدب عليكي، أصل أنا بحب الصراحة أوي، يعني بشوفها حاجة حلوة.

وأخيرًا منحته بسمة صغيرة قبل أن تتحدث في أي شيء.

بسمة لم تدوم وسرعان ما اختفت عن وجهها وهي تعتذر لـه تلك المرة لما تعرض لـه بسببها:

-أنا أسفة، مكنتش أحب يحصلك كدة بسببي.

-وبسببك ليه إن شاء الله!! هو أنتِ اللي عملتي فيا كدة!!! جهاد أنتِ ملكيش ذنب في اللي حصل، أنا فاهم وشايف وسمعت على فكرة..وعشان كدة مش عايزك تحسي بالذنب خالص، وبعدين أنتِ مش قاعدة مع طيشة ولا كيس جوافة عشان اسكت على اللي شوفته وعمله معاكي..أنا كنت هقل من نظر نفسي لو كنت وقفت اتفرجت من غير ما ادخل، وبعدين فداكِ وحصل خير، أنا مش عارف هو ليه كل شوية يطلع في وشك ومش راضي يبعد عنك ويحترم رغبتك زي ما فهمت، بس اللي أعرفه وافهمه وعايز أقولهولك متخليش حد يقف سد بينك وبين مستقبلك.

عاقـل…ناضج…متفهم…شهم..طريقته توحي بمدى حنانـه ولطفه.

ترى هل يوجد رجل يتسم بكل هذا بالفعل؟؟

أم أنه يزيف كل هذا وتلك ليست حقيقته!!

هذا ما دار في بالها أثناء حديثه معها.

لم تجد جواب لسؤالها عن حقيقته، ولكن الوقت كفيل كي يجعلها تدرك الأجابة الصحيحة.

-خير إن شاء الله..أنا هقوم أجبلك تلج.

_________________________

علم شكري بما حدث اليوم من العاملين لديه، فقد قص عليه أحدهما الشجار الذي نشب أمام المقهى ومن سوء حظ صابـر أن الشاب قد رأه مسبقًا سواء في افتتاح المقهى، أو عندما جاء خصيصًا لشكري وطلب الزواج من جهاد..كما أنه يدرك بالقرابة الذي بينه وبين محمد ويوسف.

عيونه تحولت لأخرى يملؤها الشر والحقد… والغيظ في آن واحد..كما تملكت الحيرة والغضب منه….بات على يقين بوجود شيء بين ابنته وصابـر.

حلمه في أن يصبح ثري ويملك الكثير والكثير على مشارف التحطم والإنهيار…

خاصة إذا أصر صابـر واستمر فيما يفعله والدوران حول ابنته واللعب بعقلها.

فقد علم من العامل بأنه كان يريدها أن تذهب معه، علم تفاصيل حديثهما بالكامل…..

لذا قرر الحديث وإنهاء تلك المهزلة، فلن يسمح لأحد بسلبه حلمه الجديد.

ولكن الحديث هنا لن يكون مع جهاد..أو حتى صابـر.

سيقوم بتكبير وتضخيم الأمور كي يضمن أنه قد ازاحه تمامـًا ولن يعود مجددًا.

لم يعود للمنزل.

بل قصد المنزل الماكث بـه صابـر رفقة عائلته..

فقراره وتفكيره كان كالأتي..

الحديث مع سلطان وجابـر وهما من سيتوليان مهمة إبعاده بعد حديثه معهما.

وصل المنزل واستقبله كل من عابـد وأشرف وبملامح وجهه عابسة لم يبتسم حتى لهما سأل عن سلطان وجابـر وطلب الحديث معهما على إنفراد.

اندهش عابد وأشرف من طلبه.

تبادلا النظرات الفضولية حول ما يريده هذا الرجل المريب بالنسبة لهما.

وفي تلك اللحظة حضر سلطان ورحب بـه بحرارة هو الأخر…فترحيبه الحار لم يكن حبًا بـه ولكن من أجل محمد ويوسف ولأنه ضيف، وإكرام الضيف واجب.

وكما فعل شكري مع عابد وأشرف فعل كذلك مع سلطان وقال لـه:

-عدم لمؤاخذة عايز اتكلم معاك ومع جابـر في موضوع خصوصي، فـيستحسن نبقى لوحدينا.

لم تختفي بسمة سلطان الودودة رغم ما رأه من شكري وقال وهو يهز رأسه تأكيدًا ويشير نحو غرفة مكتبه:

-آه أكيد… أشرف نادي جابـر وخليه يحصلنا على المكتب، اتفضل يا شكري..تحب تشرب إيه؟.

وبوجوم هتف مجيبًا:

-أي حاجة مش فارفة كتير.

لم يظهر سلطان قلقه أمامه…فطريقة حديثه..نظراته…عبوس وجهه..وطلبه الحديث معه ومع جابـر أثار قلقه، واخبره أن هناك شيء كبير يحدث…وبالتأكيد ليس خير على الإطلاق.

دخل شكري المكتب رفقة سلطان والذي اتجه صوب الأريكة وقبل أن يجلس ألتفت نحو شكري وأشار إليه نحوها وهو يقول لـه ببسمته الذي لا يزال يحافظ عليها:

-اتفضل يا شكري اقعد.

استجاب شكري لطلبه بالجلوس أولًا.

وفور جلوسه جاوره سلطان في جلسته، قائلًا بهدوء لا يناسب بالموقف ولا بعبوس وجه الآخر:

-خير يا شكري؟؟

-لما يحضرنا أبو صابـر إن شاء الله، عشان بصراحة كدة وعلى بلاطة كلامي مش هيتكرر مرتين، وهقوله مرة واحدة.

التقط سلطان السبب وراء ما يحدث خاصة بعد نطقه لـ” أبو صابـر…” بطريقة توحي بأن صابـر سبب حضوره اليوم وطلبه مقابلتهما والحديث معهما.

ارتفع حاجبي سلطان، وقبل أن يضيف أي كلمة ويعقب على حديثه.

نما إلى مسامعهم تلك الطرقات على الباب والتي صاحبها دخول جابـر.

والذي حضر بعد أن تولى عابد أمر أخباره بحضور شكري وطلبه مقابلته للحديث في شيء خاص معه ومع والده.

-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..سمعت أنك ترغب برؤيتي والحديث معي ومع أبي العزيز! لعله خير إن شاء الله.

نفى شكري على الفور ودخل بصلب الموضوع دون مقدمات متحدث بأسلوب متعجرف، منفعل بشدة:

-وهيجي منين الخير طول ما ابنك حاشر نفسه في حياة بنتي من غير أي حق..عدم لمؤاخذة هو لا أبوها ولا أخوها ولا خطيبها ولا جوزها…ولو هنعتبر في قرابة عشان جوازة محمد ويوسف من بناتي فدي قرابة بعيدة أوي أوي ده لو اعتبرناها قرابة أصلًا!!!

لم تنال طريقته في الحديث إعجاب جابـر أو حتى والده.

ودون أن يعرف جابـر عن أي ابن يتحدث من الاثنان تضايق من الحديث في العموم واساءته لواحد من ابنائه…وبدون أن ينصت إلى رد سلطان كان يسبقه ويسأل شكري بانفعال حضر وتملك منه سريعًا:

-أنت بتكلم كدة ليه!!! وبتكلم عن مين فيهم!! هو مطلوب مني اخمن ولا إيـه؟!!

رد شكري بانفعال واضح موضحًا لـه هوية من يتحدث عنه ويشكو منه:

-بتكلم عن صابـر..وبعدين أنت بتحاسبني أنا وبتقولي بتكلم كدة ليه ومضايق أوي، أومال أنا اعمل إيـه في ابنك اللي مش سايب بنتي جهاد في حالها، وعمال يلف وراها وعمل مشكلة النهاردة برة الكوفي شوب بتاعي وضرب الراجل اللي بتشتغل وبتصور معاه جهاد وكان عايز يخدها معاه عافية!!!…إيه هيعصيها ويقويها عليا يعني ولا إيـه!!

هل اكتفى شكري بهذا الكم من الحديث والشرح لهم؟؟؟

لا لم يكتفي بل تابع كاشفًا لهما ما حدث، متابعًا ما لديه بانفعال قد تضاعف:

-جه وقالي بحبها وطلب يتجوزها وأنا قولتله لا…إيـه بقى هيفضل يحوم وراها ومش محترم قراري ولا كلامي معاه راجل لراجل..ده اسميه إيه!!! أنا جاي النهاردة لحد عندكم وفي بيتكم عشان أقولكم تبعدوه عن جهاد وطريق جهاد، اظن أنكم مش هتحبوا مشاكل تحصل ما بينا.

وبعدم تصديق هتف جابـر يسأله، راغبًا في سماع ما قاله مرة أخرى:

-أنت قولت إيـه؟؟؟

-قولت أنكم مش هتحبوا مشاكل تحصل و…

قاطعه جابـر وقال بضيق واضح:

-لا مش دي قبلها في الأول خالص، قولت صابر جالك وإيـه؟؟؟؟

زفر شكري قبل أن يمنحه الجواب الذي يريد سماعه، متمتم:

-قالي بيحب جهاد وطلب مني يتجوزها و…

مجددًا يقاطعه متمتم بترقب وأعين قد اتسعت:

-وأنت رفض!!!!!! أنت عارف أنا مستني الخبر ده من أمتى، أنت إزاي ترفض، أنت معندكش دم؟؟؟ صابـر مدام قالك بيحبها طلبها وعايز يتجوزها يبقى بجد بيحبها وهيصونها وهيشيلها في عينه!!!! أنت إزاي تقول لابني لا…سامع يا بابا؟؟؟؟ سامع ولا أخليه يسمعك تاني، قال للواد لا…كسر قلب الواد…ده هيعقدلي الواد.

تلك المرة لم يصدق شكري ما يسمعه.

غضبه وصل إلى آخره.

هب من جلسته وصاح بغضب لا يحترم أحد:

-يكش يكسر دماغه…وأنا اللي جاي أشكيلك منه وأقولك ابعده عنها تقولي إزاي ارفض…ما ارفضه عادي، اسمع يا جابـر، ابنك يبعد عن بنتي، أنا رافض ومش هوافق.. البت دلوقتي بتشق طريقها وبكرة هتبقى مشهورة وناجحة ولا أنا ولا هي عايزين حاجة تقف في طريقها، عشان كدة ابنك مرفوض.

ختم شكري حديثه مع جابـر رامقًا سلطان مصوبًا له حديثه تلك المرة ولكن بنبرة أهدا مقارنة بالذي تحدث بها مع جابـر:

-أنا عارف أنك هتحترم رغبتي وقراري وهتبعده عن البت…وياريت تعرفوه أنه لو قرب منها أو حتى شوفته بيحوم حواليها مش هيحصله خير.

لم يتحكم جابـر باعصابه وفقد السيطرة على نفسه.

التهم ما يفصله عن شكري من مسافة ممسكًا بـه بكلتا يديه، متمتم بنبرة جحيمية لم يتوقعها شكري ويسمعها لأول مرة من جابـر والذي استهون به كثيرًا:

-أنت بتهددنا…هتعمله إيـه يعني؟؟؟ طب فكر تأذيه ولا تلمس منه شعره، قسمًا عظمًا هتشوف واحد تاني خالص قدامك ومش هيكفيني بلدك كلها…أنت لو فاكرني ولا شايفني محترم فالاحترام وقته خلص وجه وقت قلة الأدب.

مسك شكري بمعصم جابـر وأزاح يده عنه بسهولة نظرًا لعدم مقاومة جابـر واستسلامه لتركه.

متحدث مرة أخرى مع سلطان الذي كان ملتزم الصمت:

-أنا مش هرد عليك عشان أبوك قاعد بس…وعمومـًا الكلمتين اللي عندي أنا قولتلهم…ابعدوا الواد عن البت..خلص الكلام ومفيش حتى سلام.

_____________________________

-أحمد تعرف أخوك فين؟؟؟ اتصلت عليه قافل تليفونه، كلمت المطعم قالوا مش موجود وخرج من بدري، كلمك ولا حاجة؟؟؟

هاتف جابـر أحمد، راغبًا في الأطمئنان على ابنه الذي لا يعرف مكان تواجده وأدرك ما حدث معه اليوم من شجار مع الرجل الذي تعمل معه جهاد وكيف تم رفضه من قِبل شكري.

نفى أحمد معرفته بمكان تواجده، قائلًا:

-لا مكلمنيش…اقفل أنت طيب وأنا هحاول اكلمه ولو وصلتله هتصل عليك.

-هتوصله إزاي؟؟؟ بقولك قافل تليفونه صحصح معايا يا أحمد الله يكرمك.

-طيب هو في حاجة حصلت عشان كدة أنت قلقان من موبايله المقفول ده؟؟؟؟ أصل ممكن يكون فصل شحن ولا حاجة، أو هو في مكان مفيهوش شبكة عشان كدة بيديك مقفول.

تنهد جابـر وقال يخبره مؤكدًا لـه حدوث شيء معه وهذا ما يثير قلقه عليه ومن غلقه للهاتف:

-أيوة..الزفت اللي اسمه شكري جه البيت واتكلم بأسلوب زي الزفت شبهه بالضبط وقال أنه صابـر اتخانق النهاردة مع الراجل اللي جهاد بتشتغل معاه وقال إيـه تاني عايز صابـر يبعد عن جهاد وأنه بيحبها وطلب يتجوزها والحيوان اللي ربنا يأخده قول آمين ياض يا أحمد…رفض ومرضيش…المهم أنا قلبي متوغوش على أخوك ومش هرتاح غير لما أعرف أنه كويس وبخير…….بقولك إيـه هو أنت كنت عارف أنه اتقدم لجهاد؟؟؟

أكد أحمد لـه معرفته قائلًا بصدق:

-آه صابـر قالي…المهم اقفل وأنا هحاول أوصله ربنا يستر.

____________________________

-يا بن الصايعة، لا حركة صايعة متطلعش غير منك..بس أنت وشك اتشلفط خالص يا بني.

هكذا ردد صديق عادل على مسامعه بعدما رأى ما حدث في وجهه وبعدها سرد عليه عادل ما حدث وأدرك منه ما لم تدركه جهاد.

رفع عادل يديه يتلمس وجهه، يجيب عليه بشرود طفيف:

-كان لازم ده اللي يحصل مكنش ينفع اضربه قدامها، عشان كدة سبته يعمل اللي يعمله، كدة هي هتشيل منه وهتكرهه وهتحس بالذنب ناحيتي، لو مكنتش عملت كدة كان ممكن يأثر عليها وكل اللي عملته كان هيروح على الفاضي.

زينت بسمة أعجاب وجهه إعجابًا بدهاء صديقه، متراجعًا بظهره للخلف يستفسر منه:

-طب وحست بالذنب ناحيتك فعلًا عشان اضربت بسببها ولا عملت معاك إيه ما تحكي علطول.

-حست بالذنب بس! دي كان ناقص تعيط وكل شوية تسألني أنت كويس..الواد ده كان خطر عليا بجد بس خلاص زحته من طريقي ومش هتبص في وشه تاني وهو إن شاء الله يطلع عنده دم وكرامه وميهوبش منها تاني.

-طب ولو طلع معندوش لا دم ولا كرامة؟؟! هتعمل إيـه؟

وبعد تفكير قصير، متذكرًا كلمات جهاد..إصرارها على النجاح والوصول، ابتسم مجيبًا بثقة:

-مش هحتاج اعمل حاجة، هي اللي هتعمل، أنت مشوفتهاش عملت إيه معاه واتكلمت ازاي، مشوفتش عدم ثقتها فيه وخوفها من أنه يغدر بيها ويسيبها، مشوفتش نظرة عينها وهي بتكلم وعايزة توصل وتنجح، خوفها من بكرة وحاجتها أنها تعمل وتمسك قرش هتخليها تفضل تقوله لا وترفضه.

________________________________

فشل أحمد في الوصول إلى صابـر، كما فشل جابـر أيضًا.

لم يستطع أي منهما الوصول إليه.

وعلى الفور أتقن أحمد برغبته في البقاء وحيدًا فمن المؤكد أنه يمر بوقت عصيب ولا يريد أي شخص حتى أقربهم وأحبهم لقلبه.

وبقدر المستطاع حاول أحمد أن يطمئن والده عليه.

ولكن الخوف والقلق عليه ظل يرافق الاثنان.

والآن وبعد تخطي الوقت الثانية عشر بعد منتصف الليل وصل صابـر أخيرًا.

صف سيارته وفارق السيارة وعلى الفور قابل في وجهه كل من أخيه وأبيه واللذان كان ينتظران ويترقبان عودته على أحر من الجمر جالسان بحديقة المنزل لا يتحملان الجلوس بالداخل.

سبق أحمد والده وسأل صابـر بلهفة وعيونه تجول عليه يتأكد بأنه بخير:

-صابـر أنت كويس؟!.

-آه.

أجابة بسيطة للغاية…لم يكن يحتاج إليها أحمد فكما يقولون “الجواب باين من العنوان”

هيئته وحالته المزرية التي تنعكس وتظهر بوضوح ما يمر بـه كانت خير جواب وكفيلة لتجعلهما يدركان أنه ليس بخير بتاتـًا حتى ولو كذب لسانه وأخبرهم بالعكس.

هنا وجاء دور جابـر والذي أخبره بقلب يهتز ويرتجف من أجله:

-تعالى معايا يا صابـر عايز أتكلم معاك.

رفض صابـر وقال يرفض أي حديث أو مناقشة خاصة في هذا الوقت الذي لا يسمح فلن يتحمل ولو كلمة صغيرة:

-مش دلوقتي يا بابا بعد إذنك بعدين.

أصر جابـر وتمسك برغبته في الإنفراد بـه والحديث معه، متحدث بقوة وعزيمة:

-لا مش بعدين دلوقتي، كفاية أوي غيابك طول اليوم وقلقنا عليك…يلا بعد إذنك أنت، أنا عايز أتكلم معاك….يلا.

لم يعترض صابـر تلك المرة وذهب أمامه سابقًا لـه وخلفه سار جابـر وبالأخير أحمد.

ولج الثلاث المنزل، ثم الطابق القابع بـه غرفة صابـر وأحمد.

دخل صابـر غرفته وترك الباب مفتوحًا كي يلج والده.

وما أن ولج جابـر وكان أحمد على مشارف الدخول هو الآخر أخبره جابـر بهدوء يحثه على المغاردة:

-معلش يا أحمد روح أوضتك دلوقتي، أنا عايز أتكلم معاه لوحده…ابقى تعالى بعد ما أخرج.

احترم أحمد حديث ورغبة والده، وهز رأسه بموافقة دون أن يجادله.

تاركًا للاثنان مساحة للحديث بحرية كأب وابنه.

بعد مغادرة أحمد أوصد جابـر الباب ثم استدار بجسده ملتفتًا نحو صابـر والذي جلس على الفراش وعيونه تتابع والده.

وقف جابـر أمامه ثم بدأ حديثه الجد والصادق والمحمل بالعديد من المشاعر اللطيفة والتي توضح وتشرح مدى حبه وخوفه على ابنه.

-ليه كدبت تحت؟؟؟؟

ضاقت عيون صابـر قليلًا ثم سأل بعدم فهم لمقصده:

-كدبت في إيه بضبط يا بابا؟؟

-لما أحمد سألك أنت كويس ورديت قولت آه.. أنت مش شايف شكلك؟؟؟؟ اللي قدامي دلوقتي ده مش صابـر ابني اللي أعرفه!!!! وبعدين ليه تكدب وتقول أنك كويس وأنت مش كويس بتخبي على مين؟!!!! عليا وعلى أخوك!!!!!! بتخبي على اللي منك وبيحبوك أكتر ما بيحبوا نفسهم!!!

ابتلع صابـر غصة علقت في حلقه كان يصعب عليه بلعها في البداية، لكنه نجح في النهاية، وبعد نجاحه عقب على كلمات والده:

-عايزني أقول إيـه يا بابا.

اقترب جابـر منه وجلس بجواره يخبره بخوف زعزع كيانه بأكمله ولمس صابـر صدقه:

-تقول اللي أنت حاسس بيه متخبيش علينا؟؟؟ صابـر أنا أبوك….عارف يعني إيـه أبوك!!!!! يعني محدش هيحبك ولا هيخاف عليك زي ما أنا بحبك وبخاف عليك…..طول ما أنت مش كويس قول أنا مش كويس متوهمش نفسك أنك زي الفل ومفيش حاجة واللي حاصل العكس….ادي زعلك وخنقتك حقها متحبسهمش جواك عشان هيجي وقت وهتنفجر على أتفه سبب…..أنا عارف سبب اللي أنت فيه، شكري جه النهاردة وعايزك تبعد عن سكة جهاد…بس أنا مسكتلهوش واديته على دماغه وعرفته قيمته…….أنت ساكت ليه؟؟؟ فوق يا صابـر إيه الاستسلام اللي أنت فيه ده!!! من أمتى وأنت ضعيف كدة!!!

وقع على مسامع جابـر ما لم يتوقع سماعه يومـًا، فلو كان أخبره أحدهم أن تلك الكلمات ستخرج من فم صابـر لم يكن سيصدق يومـًا:

-من يوم ما حبيتها يا بابا، أنا مش فارق معايا أبوها، هي اللي فارقة معايا، محدش غيرها يفرقلي في حاجة، عايز تسمع الحقيقة يا بابا؟؟ حاضر هقولك الحقيقة…ابنك مش كويس يا بابا، ابنك اتوجع وقلبه اتكسر، خسرت جهاد بأيدي…محدش كان سبب في أني أخسرها غيري….أول مرة تشوفني ضعيف عشان أول مرة أحب..وهتبقى آخر مرة برضو…ليه مقولتليش أن الحب بيوجع وبيكسر كدة!! كنت حذرتني وقولي متسلمش قلبك لحد مكنش جرالي اللي جرالي……..

أنهى حديثه مغمضًا لعيونه بقوة، يعلم جيدًا بأن كلماته الأخيرة دون جدوى.

فالقلب خارج عن نطاق السيطرة.

لا يمكن التحكم به وأخباره بمن يحب ومن يكرهه.

الوقوع في الحب يحدث دون تخطيط أو إرادة.

وهذا ما حدث معه.

رغم الاختلافات المتواجدة بينه وبين جهاد واعتراضه على كثير من أفعالها ونفوره منها في بادئ الأمر إلا أن القلب كان لـه رأي آخر يختلف مع رأي العقل والمنطق.

أحبها حب لن يستطع أن يمنحه لأخرى.

فتح عيونه مضيفًا على حديثه:

-أنا بقول أي كلام صح؟؟ بتكلم كأن قلبي ليه ريموت ولو كنت قولتلي الكلام ده كنت هعرف اتحكم فيه وأقوله لا متحبهاش…حتى لو كنت قولتلي كنت برضو هحبها…بس خلاص الموضوع اتفقل النهاردة، أنا خيرتها وهي اختارت وأنا هحترم قرارها ورغبتها…مش هعترض طريقها تاني بس مش عشان أبوها جه وقال كدة لا عشان هي عايزة كدة..وأنا هعملها اللي هي عايزاه.

-هتسيبها يا صابـر؟؟؟ هتسيب حبك يضيع من أيدك!!!

ردد جابر سؤاله باستنكار وترقب لجواب ابنه.

نظر صابـر داخل عيونه وهو على وشك البكاء والإنهيار، لكنه تماسك بكامل قواه:

-هي اللي سابتني مش أنا، أنا لآخر لحظة كنت متمسك بيها وعايزها بس هي مبقتش عايزاني.

شارف جابـر على الحديث مجددًا وإقناعه بالتمسك بها أكثر وفعل المستحيل كي يكونان معًا.

لكن دموع صابـر التي هبطت أمام عيونه ونبرته المترجية الضعيفة بشدة أوقفته عن قول شيء…فقط استمع للكلمات التي خرجت من فمه يرجوه:

-اقفل الموضوع يا بابا عشان خاطري مش مستحمل اتكلم فيه أكتر من كدة….الكلام بيوجع قلبي أكتر…والموضوع اتقفل أساسًا خلاص ومش هيتفتح تاني والكلام ملوش فايدة.

ضعف جابـر أمام دموع ابنه، فلم يضيف حرفًا واكتفى باحتواء ابنه وضمه إلى صدره والجلوس معه ومرافقته في أكتر أوقاته ضعفًا و وألمًا…..

______________________________

انتظر أحمد كثيرًا…ترقب خروج والده من غرفة صابـر كي يحل دوره ويدخل هو الآخر ويطمئن على حال صابـر.

لكن بمجرد خروج جابـر وتحرك أحمد نحوه ونحو الغرفة بلهفة أوقفه والده يخبره بهدوء:

-معلش يا أحمد متدخلهوش وسيبه دلوقتي.

-بس أنـ…

-أحمد متوجعش قلبي أنت كمان واسمع الكلام يا قلب أبوك، يلا روح نام وابقى شوفه واتكلم معاه الصبح، هو بقى كويس متقلقش.

رفع أحمد يده وحك مؤخرة عنقه يبحث عن جواب يمنحه لوالده:

-ماشي…أنا هدخل لـ آسـر بقى مدام اطمنت منك أصله كان عايزني وأنا قولتله شوية وهجيلك..تصبح على خير.

-وأنت من أهل الخير.

قالها جابـر وهو يربت على وجهه بحنان، وعلى الفور تحرك أحمد نحو غرفة آسـر.

فتح بابها ودخلها ثم أغلقه على مرأى ومسمع من جابـر الذي ما أن تأكد من دخوله غرفة آسر رحل……

بالداخل وبعد دخول أحمد…لم يكلف وسعه ليبحث عن آسـر بل ظل واقفًا خلف الباب ينتظر مرور ثواني يكون والده رحل أو حتى دخل غرفته وبعدها يخرج ويقوم برؤية صابـر.

انتبه لـه آسـر الذي كان يتمدد على الفراش وتفاجأ من اقتحام أحمد غرفته دون قول شيء وكذلك يوليه ظهره.

نهض بنصف جسده العلويمن نومته واستند بمرفقيه على الفراش قائلًا بصوت هادئ:

-في إيـه؟؟ واقف عندك كدة ليه؟ عملت مصيبة ومستخبي مش كدة؟؟

وبدون أن يبصره أجاب ينفي حديثه:

-لا مش كدة غلط…بابا مش عايزني ادخل لصابر وأنا مش هيجيلي نوم غير لما اشوفه وأطمن عليه، وملقتش غير أوضك هنا عشان ادخل فيها عقبال ما يمشي.

وباستهزاء طفيف سأله آسـر بدهشة:

-طب ما كان ممكن تدخل أوضتك أنت وتستنى لحد ما عمي يمشي وبعدين تدخل لأخوك، ليه تدخل هنا وتزعجني وتضايقني وتقتحم خصوصيتي و وحدتي.

تلك المرة ألتفت إليه أحمد قائلًا بدهشة من فعلته ومن نفسه ومن تفكيره الغريب:

-إيـه ده صحيح!!!! أنا مدخلتش أوضتي ليه وليه جيت عندك، ما كان ممكن أقوله أني هنام وادخل وبعدين أخرج لما يمشي!!!!!

عاد آسـر دافعًا نصفه العلوي على الفراش، يتنهد بنفاد صبر، متمتم بضيق واضح:

-يارب صبرني…اخرج برة يا أحمد سبني لوحدي…وأنت خارج اطفي النور معاك خليك جدع ورجولة.

التقط أحمد ضيقته، وعلى الفور ودون تردد اقترب منه كي يطمئن عليه هو الآخر وكأن لا يكيفيه أمر صابـر.

-صوتك مش عجبني…أنت كويس ياض؟؟ بخير!!!

-لا…اطلع برة.

-تصدق أنك مهزق…وعشان قلة أدبك مش طالع غير لما تقول مالك وتنطق..أنا بجد مش عارف ألاحق على مين ولا مين…أنا حاسس أننا اتحسدنا…العيلة اتحسدت..أو بلاش العيلة عشان مبقاش كداب…أنا اتحسد..أنا الضحكة مكنتش بتفارق وشي…كنت فرفوش، منكم لله ضيعتوا فرفشتي.. اتكلم..كلي أذان صاغية لك يا بن عمي يلا أتكلم..

-مش عايز يا بن خالتي.

بعد قوله لتلك الجملة ورفضه الحديث…تذكر أحمد حديث آسـر مع قُصي سابقًا فقال دفعة واحدة:

-قولي إيه اللي هتعمله وقولت لـ قُصي ميزعلش وقتها!!! أنا قولت هتنتحر قولت لا ومش عايز تخسر أخرتك….يبقى ناوي على إيـه قولي؟؟ إيـه اللي ناوي تعمله عارف أنه هيزعل قُصي منك!!!

لم يجيب آسـر….صمت….

فقط يتبادل النظرات مع أحمد والذي حاول الأخير خلالها استكشاف ما يدور برأسه وينوي على فعله.

وبالفعل استطاع فهمه وقراءة أفكاره.

وسريعًا صاح يخبره بصدمة وصوت عالي:

-ناوي تسافر مش كدة!!!! ناوي تعمل زي فريد ما عمل وتبعد أنت كمان عننا صح؟؟؟ هو ده اللي أنت ناوي عليه وهيزعل قُصي منك!! ما هو مفيش غير كدة!!!

-وطي صوتك يا أحمد حد هيسمعك.

-حد هيسمعني!! هو ده اللي همك!!! يعني أنا صح!!طب ومشاعرنا!!!!! والزعل اللي هنزعله وهنحس بيه لما تسافر وتفارقنا أنت كمان….أنتوا بتعملوا كدة ليه!!!! ليه بتبعدوا واحد واحد…ناقص صابـر هو كمان يقرر يسافر ويهرب وتبقى كدة كملت وفل أوي.

-أحمد متبقاش عيل، أنا بتكلم مع راجل، بطل حركات وقمص العيال ده..أنا عايز أبعد يا سيدي وافصل دماغي… عايز أبدأ من جديد وعلى نضافة يا أحمد.

وبانفعال أجابه أحمد لا يتصور غيابه وبعده هو الآخر عنهم:

-تبدأ من جديد هنا….وسطنا…وسط أهلك…متسبش عيلتك ورا ضهرك وتبقى أناني مش بتفكر غير في نفسك…متعملش زي فريد…فريد بسفره وهروبه من هنا مش حل ولا عُمره هيبقى حل…ده اسمه هروب…عجبك حال عمي نضال ومراته وهما لوحدهم وابنهم سايبهم….يمكن مش مبينين هما قد إيـه متأثرين بغيابه وبيتعاملوا عادي، بس هما مش عادي، ابنهم الوحيد بعيد عنهم وخرج من بلده….عايز تعمل أنت كمان كدة في أمك وأبوك!!!!!!!!

-أنا مش هسيبهم لوحدهم أنا هسيبهم معاكم، أنتوا موجودين.

-أحنا مش أنت، أحنا غيرك..أحنا حتى لو موجودين مفيش حد يقدر يعوض أو يحل محل الابن سواء عند الأم أو الأب، بطل أنانية، فكر فيهم يا آسـر زي ما بتفكر في نفسك…يا سيدي عايز تسافر تغير جوه… سافر حتة جوه البلد اقعدلك يومين افصل فيهم….بلاش يومين اقعد اسبوعين..اقولك اقعد شهر…شهرين لو عايز…بس ترجع بعدها علطول وتبقى في نفس البلد…أقولك يلا نسافر دلوقتي أنا وأنت وصابـر ممكن نروح دهب…نروح شرم الشيخ وصدقني برضو هتفصل وهتريح دماغك وهنقضي كام يوم ملهمش حل…..فكر يا آسـر…وقولي الصبح قرارك….بس أي كان قرارك أنت هتشيل فكرة أنك تسافر برة البلد دي من دماغك….

ترك أحمد الغرفة وصفع الباب بقوة من خلفه، وقبل أن يزور أخيه ويدخل غرفته حاول أن يهدأ من روعه وأعصابه الذي فقدها بفضل آسـر…..

دقائق معدودة وكان يدخل غرفة صابـر دون استئذان.

فقد كان الظلام حالكًا ينتشر في الأرجاء.

أضاء أحمد الأنوار وهو ينادي باسم صابـر مندهشًا من هذا الظلام.

لكن سرعان ما توقف عن الحديث ما أن سقط بصره على صابـر الممدد على الفراش ويزيف نومه.

اقترب أحمد منه وقال بصوت هادئ خافض:

-صابـر…أنا عارف أنك صاحي، مش عليا الحركات دي.

وبصوت خرج بصعوبة رد عليه:

-وأنا عارف أنك عارف أني صاحي…سبني يا أحمد لو سمحت دلوقتي مش قادر أتكلم والله.

تنهد أحمد ثم قال موافقًا على طلبه:

-حاضر..تصبح على خير.

ثم تحرك من مكان وقوفه وتحرك عدة خطوات كي يغادر ولكن قبل أن يحدث ويلبي مطلبه.

تراجع….قرر ألا يستجيب له ويتركه بمفرده في مثل هذا الظرف الصعب والشاق على قلبه.

اتجه نحو الفراش وتمدد نائمًا بجوار صابـر يخبره برفض تلك المرة:

-لا مش حاضر… ومش بمزاجك ومش هسيبك..عايز ابقى جمبك…سبني أنام هنا النهاردة عشان خاطري…أو عشان خاطري ليه أنا مش بطلب أذنك أنا هنام يعني هنام سواء شئت أم أبيت…..

لم يتناقش معه صابـر تركه يفعل ما شاء فقط قال تلك الكلمات الأخيرة لـه:

-طب اطفي النور بعد أذنك…….

___________________________

في اليوم التالي…وبعد بحث قام بـه آسـر عن أحمد..

لم يجده سواء كان في غرفته…أو المطبخ…أو الصالون…

وبالنهاية خمن تواجده في غرفة صابـر.

لم يخيب تخمينه و وجده بالفعل يغط في نوم عميق هو وصابـر.

خرج صوته عاليًا يقوم بايقاظهم يخبرهم:

-أحمد….صابـر….يا أحمد…يا صابـر….قوموا أنتوا الاتنين يلا.

فتح أحمد عين واحدة ورد بصوت ناعس:

-ماذا!!

-ماذا إيـه أنت مش قولتلي نسافر دهب ولا شرم….وأنا فكرت كويس في كلامك وقررت اعمل كدة…قوم بقى أنت وهو خلونا نضبط السفرية…وكمان أنا كلمت قُصي وهيجي هو كمان معانا.

أجاب أحمد بأسلوب ساخر:

-ما أكيد هيجي ما هو صايع وضايع مش هيقول لا…بقولك إيـه خد لفه في البيت وارجع أكون نمت اربع ساعات كمان ولا حاجة.

استيقظ صابـر هو الآخر وكان ينصت للحديث الجاري بين الاثنان، فقال بعدم فهم:

-أنتوا بتكلموا عن إيـه؟؟ أنتوا مسافرين؟؟

نظر إليه آسـر وقال يصحح لـه:

-أنتوا!!! مسمهاش أنتوا اسمها أحنا هنسافر……..

لم يعترض صابـر على العكس تمامًا وافق بسهولة لم يتوقعها أي من آسـر وأحمد….

فكل واحد منهم في أشد الحاجة إلى تلك الرحلة والتي ربما قد تساعدهم كثيرًا على التحسن وشفاء جروحهم..

وربما لا تفعل ولكنها ستكون محاولة لن يخسروا شيء في خوضها…………………………

___________________________

“بعد مرور سنـــــــــــــة………………”

داخل إحدى البنايات الراقية، تحديدًا الطابق العاشر.

حيث تتواجد شقة جهاد والتي باتت تمكث بها رفقة شقيقاتها بعيدًا عن والدهم.

فالمنزل يختلف تمامًا عن منزلهم القديم.

فقد تبدل حالها خلال تلك السنة، ربحت الكثير والكثير من وراء هذا العمل الجديد باتت تملك منزل كبير خاص بها، انتقلت إليه وأخذت معها شقيقاتها…لم تتركهم خلف ظهرها فقد كان لهم الأولوية طوال تلك الفترة.

كما تعلمت القيادة وأضحت تملك سيارة لم تحلم بها يومـًا.

من يراها اليوم لا يصدق بأنها نفس الفتاة.

أحبها الكثير وتخطى عدد متابعيها الثلاثة مليون….تخطت شهرتها شهرة عـادل…..وأصبحت ثنائيتهم مشهور ومحبوبة بعد صنعهم كثير من الفيديوهات معًا…

الجميع يتحدث عن قصة حبهم الكبير… والحقيقي.

والآن داخل غرفتها الجميلة والتي انتقت كل شيء بها على ذوقها وساعدها عـادل كثيرًا…

لم يتركها يومـًا بل كان جوارها دائمًا يساندها ويقوم بتشجيعها.

ارتفع رنين هاتفها وتسبب في ازعاجها أثناء نومها.

تململت وتأففت ومدت يدها بلا اهتمام تلقتط هاتفها الذي نال نصيبه هو الآخر من التبدل والتغيير.

وضعت الهاتف على أذنيها تجيب على المتصل دون أن تقرأ اسمه وتعرف هويته متحدثة بصوت ناعس مرهق يرغب في النوم أكثر وأكثر:

-ألو…

-هو أنتِ لسة نايمة يا جهاد…قومي يلا وفوقي عندنا إعلان عايزين نصوره.

ردد عـادل تلك الكلمات على مسامعها، مما جعلها تخبره:

-مش قولت هنصور الساعة ستة يا عـادل، سبني أنام الشوية دول أنا طول الليل فاتحة لايف ونايمة الصبح.

-تنامي إيـه يا حبيبتي الساعة خمسة ونص أساسًا، يعني فاضل نص ساعة وتبقى ستة، أنتِ كدة متأخرة.

فتحت عيونها وأزالت الهاتف تنظر بالتوقيت فوجدته بالفعل كما قال لم يكذب عليها.

فقالت وهي تنهض بنصفها العلوي من نومتها:

-ده بجد الساعة خمسة ونص…أومال أنا مشبعتش نوم ليه…أنا تعبانة أوي بجد..هو مينفعش نأجل طيب و….

قاطعها رافضًا يخبرها بحزم:

-لا طبعًا مينفعش…وأساسًا مينفعش نقول للشغل لا…من أمتى بنقوله لا…وبعدين أنا عايز أشوفك، أنا موحشتكيش ولا إيـه، و ربنا أزعل……

زينت البسمة وجه جهاد وقالت لـه:

-ما أنت لو زعلت أنا هزعل أني زعلتك…أنا خلاص قومت أهو..اديني نصاية بالكتير وهبقى جاهزة.

وبمرح ومزاح معها هتف:

-نصاية يا جهاد مش أكتر.

-نصاية يا عـادل مش أكتر..وعــد.

في تلك اللحظة دخلت ضياء الغرفة وما أن رأت أختها تتحدث في الهاتف حتى التزمت الصمت وكادت تفارق الغرفة وتتركها كي تتحدث على راحتها لولا يد جهاد التي أشارت لها كي تبقى ولا تغادر….

أنهت المكالمة مع عـادل وسلطت بصرها على ضياء تسألها:

-إيـه يا دودو أنتوا رجعتوا أمتى من الجامعة؟؟

-مش من كتير….

-طب في حاجة ولا إيـه؟ عايزة حاجة!

منحتها ضياء بسمة ممنونة قبل أن تجيبها،

فقد فعلت الكثير من أجلهم.

-كنت داخلة أصحيكي عشان تأكلي معانا، روضة طلبتلنا أكل.

رفضت جهاد وقالت وهي تتجهه إلى دورة المياة المتواجدة في غرفتها:

-لا عندي شغل وهبقى أكل مع عـادل، كلوا أنتوا ألف هنا………

___________________________

-إيــــــه!!!!! بتكلمي جد يا نرمين!!!!!!!!!! أنتِ حامل في واد بجد!!!!!!! اللي أنا سمعته مضبوط صح؟؟؟؟ ولا أنا كبرت وخرفت!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

نطق شكري كلماته بأعين متسعة وعدم تصديق لما سمعه للتو من زوجته.

تلك الفتاة التي انجذب لها منذ رآها أول مرة في المقهى ودار حديثهم بينهم لم يقاطعه سوى حضور صابـر….ومن بعدها بدأت تتردد كثيرًا على المقهى، ثم تطورت علاقتهم رويدًا رويدًا حتى وصلت للزواج ثم علمت بحملها وتضاعف تدليله لها..واليوم أدركت من الطبيب التي تتابع معه نوع الجنين والذي كان صبيًا كما تمنى وحلم شكري دومـًا……

منحته بسمة وهي تقترب منه تحتضن وجهه براحة يديها تؤكد لـه:

-متقولش على نفسك كدة، ده أنت أصغر من أصغرها شاب…تحب أحلفلك طيب على مصحف أني حامل في ولد…خلاص يا شكري هحققلك حلمك اللي كنت بتحلم بيـه طول عُمرك وهجبلك الواد يا حبيبي خلاص……

وعلى الفور قام بضمها بلهفة وفرحة لا تسعه، قائلًا بسعادة وقلب يتراقص:

-أنا مش مصدق والله ما مصدق……حاسس أني في حلم مش عايز أصحى منه….يعني أنا كمان كام شهر هشيل ابني هاخده في حضني….ده هيشوف دلع…ده أنا هجبله الدنيا كلها.

خرجت من أحضانه عاقدة ساعديها قائلة بعبوس زائف ودلال لم يناسبها:

-والله!! يعني هدلعه هو بس وأنا اتفلق!!!!

-تتفلقي ده إيـه!! ده أنا اللي اتفلق قوليلي نفسك في إيـه وأقسم بالله يجبلك وقتي.

دارت عيونها ثم ادعت التفكير…وهو يترقب جوابها وطلبها كي يحققه لها.

وبالأخير نطقت تخبره:

-عايزة عربية زي عربية بنتك جهاد وتتكتب باسمي.

تلاشت بسمته قليلًا ثم هتف بترقب:

-أنت عارفة العربية دي بكام؟؟

-يا سلام خسارة فيا يعني، أنا أم ابنك على فكرة وبعدين ما أنت بتقبض منها كل أول شهر مبلغ محترم، مفيهاش حاجة لما تقولها عايز فلوس عشان تجيب عربية، ما هي على قلبها قد كدة وبتكسب ملايين، دي كل يوم بتطلع لايف وبتطلع توب وان كتير أوي، يعني يا حبيبي اللي هتديهولك هتعرف تجيبه تاني في لايف واحد من بتوعها.

-خلاص متزعليش عشان خاطر عيون عوض…أنا هقولها وأنتِ عارفة أنها مبتقوليش لا.

ضاقت عيونها وعقبت بعدم فهم:

-عوض مين؟!!!

-عوض ابني…ما أنا هسميه عوض عشان هيكون العوض……..

_____________________________

وصلت جهاد العنوان المنشود حيث كان ينتظرها عـادل داخل سيارته.

صفت السيارة وهبط الاثنان في ذات اللحظة.

كل منهما منح الآخر بسمة كبيرة….

فقد حدث معه ما لم يتخيله عقله….ألا وهو الوقوع في عشق صاحبة العباءة السوداء والتي انجذب لها منذ لقائهما الأول.

فلا دخل لـه في أمور القلب وقد كان لقلبه رأي آخر…..

أحبها بصدق…..تعلق بها بسرعة شديدة…

أصبح يحب رؤيتها…الحديث معها…سماع صوتها والتحديق بعيونها والذي كلما اطال النظر بهما سقط في بحور عشقها أكثر وأكثر…..

لم يدق قلبه لـ سـارة أو أي فتاة أخرى كما دق لها.

يحاول بشتى الطرق التغيير لأجلها وأن يكون رجلًا صالحًا يستحقها.

يعاملها بكل حنو…لم يقسو عليها لمرة حتى تلك اللحظة.

وكل هذا ما جعلها تتعلق بـه هي الأخرى.

تعلقها بـه وحبها لاهتمامه وحنانه جعلها تتساءل هل عشقت آخر من قبل حقًا..!!!!!!!!

بدأت تشك في هذا….

فهي تتعايش ربما تكون تأقلمت على الوضع..أو أنه لم يعد لـه مكانـًا داخل قلبها وحل عـادل محله…………..

-اعمل فيكي إيـه على التأخير ده ها؟؟؟

قلبت عيونها ثم قالت بتفكير مصطنع:

-متقدرش تعمل… هي أول مرة يعني ما ساعات بتحصل….وبعدين متأخرتش أوي ميعادنا هنا ستة وأنا جاية سبعة ونص… عادي عادي عديها..

تنهد ثم قال وهو يشير لها كي تلج أولًا:

-ماشي يا ستي يلا اتفضلي.

تقدمت وسبقته بعدة خطوات… وعلى الفور التهم هو تلك الخطوات في حركة سريعة وسار بجوارها.

تقدم من باب المطعم وقبل أن تفتحه هي قام بفتحه لها.

وما أن خطت قدميها للداخل حتى تلاشت بسمتها التي كانت ترتسم وحل محلها صدمة مما تراه……

المطعم خاليـًا تمامًا….الأضاءة خافتة وأمام عيونها هناك طاولة مزينة بالطعم والورود الحمراء….

كذلك لم تخلو الأرضية من ذلك التزيين والورود الحمراء التي صنعت و وضعت على الأرض وتشكل لها ممرًا يقوم بإيصالها للطاولة.

ابتلعت ريقها وتجمعت الدموع بعيونها تأثرًا مما تراه وفعل لأجلها، وقبل أن يصدر أي رد فعل منها كان عـادل يتقدم ويجلس أمامها على ركبة واحدة رافعًا يده بعلبة حمراء صغيرة قام بفتحها وكانت تحتوي على خاتم للزواج…..

قائلًا بنبرة محملة بالعشق :

-تقبلي تتجوزيني وتنوري حياتي بوجودك فيها!!؟؟؟

وضعت يديها على فمها بحركة عفوية، وهبطت دموعها دون سابق إنذار وعلى الفور هزت رأسها بموافقة دون إرادة أو تفكير……

كيف لها أن ترفض رجل مثله!!

رجل بالنسبة لها لن يتكرر ولا يتواجد كثيرًا…أمثاله قد انقرضت وتكاد تكون معدومة من الوجود.

-موافقة….أكيد موافقة يا عـادل.

___________________________

داخل واحدة من سيارات الأجرة حيث يجلس شاب وسيم بشدة ذو جسد رياضي بالمقعد الخلفي يرتدي قبعة سوداء بالمقلوب و ملابس رياضية صيفية تبرز عضلات ذراعيه….

هاتفه بين يديه….يراسل أحدهما….

وبتلك الأثناء توقفت السيارة في إشارة مرور.

انتهز صبي صغير تخطى السبع سنوات وقوف السيارات واقترب من الكثير من السيارات الواقفة يعرض عليهم المناديل الورقية الذي يقوم ببيعها….

لم يشتري منه أحد….

حتى جاء الدور على السيارة الذي يجلس بها هذا الشاب الوسيم….

وقف الصبي أمام النافذة وقال يطلب منه:

-تاخد مناديل يا عمو..اشتري مني الله يخليك…ربنا يسعدك ويخليك.

ابتسم لـه الشاب وخرج يده عابثًا بخصلاته يسأله بمرح وعطف شديد:

-أنت صغير وكتكوت أوي كدة ليه…ده أنت تلاقيك بتلف من صباحية ربنا والشمس كلت دماغك…أنت كلت حاجة؟؟ جعان؟؟ تحب تيجي تأكل معايا؟

ابتسم الصغير وابتلع ريقه الذي جرى واشتهى الطعام، قائلًا بموافقة وبدون تفكير وصدق شديد:

-أنا جعان أوي مكلتش من امبارح.

شعر الشاب نحوه بالشفقة وعلى الفور شجعه على صعود سيارة الأجرة قبل أن يفتح الطريق وتنطلق السيارة.

استقل الصغير السيارة بجوار ذلك الشاب والذي سأله فور صعوده:

-اسمك إيه بقى يا صغنن؟ خلينا نتعرف.

رد الصغير وعيونه يملؤها الامتنان والسعادة فها هو على وشك الذهاب لتناول الطعام كما أخبره الشاب، فلم يضع حسبانًا بأن يكون كاذبًا وقد يكون يعرض نفسه للخطر:

-اسمي علي…وأنت اسمك إيـه؟

رد عليه الشاب وهو يمد يده لـه والبسمة تزين وجهه الوسيم:

-عاشت الأسامي يا علي… أنا يا سيدي اسمي فــــــــريد…………………..

«يتبع……….»

فاطمة محمد.

طبعًا الفصل مليان صدمات وأحوال متشقلبة وأكيد أغلبكم هيسأل طب فلان حصل معاه إيـه….كل ده هتعرفوه متقلقوش امشوا بس معايا وأنا هوضح كل حاجة مش عايزاكم تقلقوا من النقطة دي….

المهم قولولي رأيكم وتوقعاتكم. 😘❤🫂

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق