رواية الحب كما ينبغي الفصل الثالث والستون 63 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثالث والستون

الفصل الثالث والستون

الفصل الثالث والستون

في كلمتين حبة أقولهم قبل الفصل.

أي حد شاف الفصل اللي فات ممل ومفيهوش أحداث فالفصل أحداثه تمهيديه ولازم تكتب لأن بناءًا عليها بيترتب عليها مشاهد وأحداث تانية، فبالنسبالي أنا الفصل مهم❤❤

كمان نقطة أن الأحداث مش عجباكم ومش قادرين تستوعبوها ومستغربينها وعندكم أسئلة كتير عنها أنا قولتلكم نهاية الفصل اللي حصل فيه مرور زمني امشوا معايا واحدة واحدة بس أنتوا مستعجلين😂❤

المهم حبة اطمنكم وأنا بقولكم اطمنوا مفيش حد بيحب يبوظ روايته وأنا مقدرة والله حبكم للرواية والشخصيات وحبيت تفاعلكم حتى لو كان بالسلب لأن ده إن دل يدل على تأثركم الشديد بالرواية ده طبعًا بعيدًا عن اللي شايف الرواية بقت سخيفة ومملة لأن النقطة دي مش هتكلم فيها لأنها في الأول والآخر أذواق وكل واحد وذوقه وطبعًا رأيكم كلكم يحترم❤❤

في النهاية وعشان مطولش عليكم بطمنكم تاني أهو والصبر عليا أنتوا بتحكموا من غير ما تشوفوا أو تبقوا عارفين أنا ناوية على إيـه أو إيـه اللي في دماغي وجاي لسة. ❤

بس كدة ويارب الفصل يعجبكم قراءة ممتعة. ❤

_____________________________

الحـب كـمـا ينبغـي.

فـاطمة محمـد.

الفصل الثالث والستون:

-أيوة إيـه علاقة ده بكلامنا، مطلوب مني اعمل إيـه؟؟؟ وبتقولي ليه أساسًا.

ارتكز ببصره عليها أثناء حديثها وإيجابها على ما نطق بـه من خبر زواج صابـر بأخرى.

محاولًا التقاط أي شيء..غضب..انفعال، وربما غيرة مميتة.

لكنه لم يجد أي من هذا.

ملامح وجهها ظلت كما هي، لم تتبدل ولو شيء بسيط…حتى نبرتها كانت عادية.

ابتسم لها بسمة لم تصل لعيونه، معقبًا بهدوء:

-هو أنا قولتلك مطلوب منك حاجة لسمح الله!! أنا قولت أعرفك بس لتكوني مش عارفة…ولا لتكوني عرفتي وخدتي خبر قبل مني.

لم تطيل جهاد الحديث حول هذا الأمر.

قائلة تلك المرة ببرود أثار أعصاب شكري:

-أنا جاية من برة تعبانة ومحتاجة اريح ومش فاضية خالص للكلام الفارغ والهري ده كله..تصبح على خير يا بابا.

-أنتِ بتطرديني؟؟؟؟ بتطردي أبوكي يا جهاد!! هي حصلت!؟؟..على العموم أنا كدة كدة كنت ماشي.

بعد رحيله تجاهلت نداء ضياء وسارعت بدخول غرفتها مغلقة الباب خلفها.

تشعر بمشاعر غريبة…مريبة لا تجد لها تفسيرًا.

مشاعر لم تكن تلك المرة الأولى التى تشعر بها فيها بل عايشتها قبلًا.

خبر زواجه لم يكن جديد عليها بل أدركت بـه قبل أسابيع عن طريق شقيقتها إسلام.

ابتلعت ريقها…واقتربت من الفراش وجلست على طرفه تتذكر ذلك اليوم التي تلقت بـه الخبر الصادم بالنسبة لها رغم إدراكها بخطوبته…حينها لم تُصدم مثلما صدمت حين تلقت خبر الزواج وموعده الذي تحدد بالفعل.

حيث كانت إسلام في زيارة لهم وتجلس معهم.

لم تتحدث في شيء أمام البقية وطلبت منها النهوض معها والحديث على إنفراد وبالتأكيد امتثلت جهاد لطلبها وتحركت برفقتها نحو الغرفة.

وبعد إغلاق بابها وانفرادها بها تساءلت جهاد بفضول:

-في حاجة ولا إيـه؟؟ شكلك عندك حاجة عايزة تقوليها ومرضتيش تقوليها برة، محمد مزعلك؟؟ ولا يكونش أبوكي؟؟ اتكلمي يا إسلام أنتِ ساكتة ليه سكوتك ده موترني، انطقي يا بنتي.

نطقت إسلام تبرر لها سبب سكونها:

-ما أنتِ مش مدياني فرصة، اديني فرصة واسكتي عشان انطق يا جهاد.

عقدت جهاد ذراعيها وقالت بنفاذ صبر:

-اديني سكت اتفضلي اتكلمي وقولي في إيـه؟!

-طب تعالي نقعد هنتكلم وأحنا واقفين يعني؟

ختمت حديثها وهي تقوم بسحبها معها نحو الفراش.

جلس الاثنان أعلاه، ثم قالت لها:

-أنا لسة عارفة من محمد، قالي امبارح وقولت لازم تسمعي مني وكدة كدة أكيد هتعرفي.

ضاقت عين جهاد وقبل أن تسمع أي شيء تسارعت ضربات قلبها.

قلبها الذي شعر بأن الخبر كارثي لا محال.

كادت أن تفتح فمها وتتحدث كي تخفي حالة التوتر التي سيطرت عليها، لكن لم يحدث ذلك وسبقتها إسلام هاتفة دفعة واحدة:

-صابـر خلاص هيتجوز وحدد ميعاد الفرح.

أخبرتها بموعد زفافه، وبعدها لم تعد جهاد تتواجد معها وغاب عقلها.

لسانها انعقد بشدة، صُعب عليها الحديث.

الحروف…والكلمات ترفض الخروج.

تعند معها مثلما عاندت هي قلبها.

ابتسمت لها بوجهها الشاحب لونه كالموتى، ونظرت داخل عيونها تحاول الثبات وإثبات أن الأمر لا يعنيها ولا يفرق معها في شيء!!!

ولكن ما تحاول فعله كان عكس ما تراه إسلام.

دارت عيون إسلام وسألتها بقلق:

-جهاد أنتِ كويسة؟؟؟؟ وشك اتقلب وسكتي…أنت لسة بتحبيه مش كدة.

صرخت جهاد بانفعال بها ودافعت عن نفسها وعن حبها التي تكنه لـ عـادل:

-أنتِ اتجننتي يا إسلام؟؟؟ مين ده اللي لسة بحبه؟؟ صابـر ده أنا نسيته وخرجته من قلبي، ميفرقش معايا يتجوز ولا ميتجوزش، أنا بحب عـادل ومبحبش غيره ومحدش حبني غير عـادل….هو لو بجد حبني وحبه حقيقي مكنش راح خطب وارتبط بواحدة تانية…وأهو بيتجوز ما شاء الله عليه أسرع واحد يعمل موف أون.

استنكرت إسلام ما تنطق بـه، متمتمة باستهجان جلي:

-طب ما يخطب ويرتبط ويتجوز يا جهاد صابـر اترفض منك ومن أبوكي، المفروض يعمل إيـه بعد كل ده، أي راجل هيعمل اللي صابـر عمله، وأنتِ المفروض تبقي عارفة أنـه بعد ما ترفضيه مش هيفضل عايش على ذكراكي يعني، أكيد هيبقى عايز يستقر ويبقى عنده بيت و ولاد، وبعدين أنتِ اللي بتكلمي عن السرعة والموف أون والحب الحقيقي، طب ما أنتِ كمان دلوقتي مرتبطة براجل تاني والانيل مفيش أي مسمى لعلاقتكم غير أنكم مرتبطين، أو زي ما بيقولوا اليومين دول متصاحبين..وكل ما واحدة فينا سواء أنا أو برق نتكلم معاكي الكلام مبيعجبكيش ومبيدخلش مزاجك، أنا شايفة أن اللي صابـر عمله ده هو عين العقل…وبعدين مش ملاحظة أنك أفورتي في عصبيتك.

تلك المرة ابتسمت لها جهاد بسمة زائفة لم تصل حتى لعيونها…ثم قالت تحاول نفي وجود أي مشاعر قديمة أمام نفسها قبل أن يكون أمام إسلام:

-أنا مش متعصبة يا إسلام أنا برد عليكي وعمومًا ألف مبروك ربنا يكمله ويتممله على خير، حلو كدة؟؟؟؟

ورغم كذبها عليها إلا أن إسلام كانت تدرك الحقيقة.

لا داعي لقول أي شيء.

فهي على يقين بأنها لا تكذب عليها فقط، بل على نفسها وعلى قلبها.

هزت جهاد رأسها يمينًا ويسارًا بحركة سريعة كأنها تطرد أو تودع تلك الذكرى واليوم الثقيل على قلبها والتي اندهشت بـه من نفسها ولم تفهم حقيقة ما حدث وسبب غضبها الغير مبرر.

وبعدما فاقت وعادت للوقت الراهن، نهضت عن الفراش وفارقت غرفتها.

بعد خروجها تنفست بعمق و وقفت لثواني، لا تعرف لما خرجت وما هي الخطوة القادمة.

لم يطل وقوفها وجهلها بما عليها فعله، مقررة دخول غرفة إحسان والإطمئنان عليها خاصة بعد مجئ شكري والذي لم تتحسن علاقته بـ إحسان حتى الآن وتتجنبه كلما آتى وتتجنب رؤيته.

فما فعله بها لم ولن يمحو من ذاكرتها وآثاره باقيه بداخلها حتى الآن.

طرقت جهاد على الباب قبل ولوج غرفة إحسان، ثم فتحت الباب وخطت بقدميها للداخل وشارفت على الحديث معها ولكن توقفت ولم تنطق بشيء وأتخذت الصمت رفيقًا لها، بعدما وجدت الظلام يعم الأجواء.

ولا ينير لها سوى أضاءة خافضة تأتي من الخارج وبفضل الباب المفتوح.

وإحسان ممددة على الفراش ومن الواضح أنها نائمة.

شعرت جهاد ببرودة الغرفة وعلى الفور سلطت عيونها على المكيف، ثم على إحسان التي لا تغطي جسدها بغطاء.

أكملت جهاد سيرها داخل الغرفة وتحديدًا نحو الفراش ثم دثرتها جيدًا كي لا تبرد وربتت بحنو على رأسها وطبعت قبلة أعلى جبينها…ثم غادرت وأغلقت الباب خلفها.

وفور خروج جهاد وسماع إحسان لصوت الباب يغلق، فتحت عيونها…وتسللت يديها لأسفل الوسادة وأخرجت هاتفها الجديد والتي جلتبه لها جهاد منذ شهور.

وسرعان ما شاهدت ذلك المقطع الذي يقوم بـه عـادل بمفاجأة جهاد وطلب الزواج منها..والأسوء هو موافقة جهاد.

كانت تعلم بعلاقتهم منذ فترة وكيف تطورت وأحب الاثنان بعضهما البعض وذلك نظرًا إلى تقضيتهم الكثير من الوقت معًا…فهو كان يرى جهاد أكثر منهم في كثير من الأوقات حيث كانت تستيقظ وتنزل باكرًا وتعود على النوم وكثيرًا ما كانت تستغنى عن النوم وتقوم بفتح بث مباشر ولا يبدأ نومها إلا بعد شروق الشمس.

ابتسمت إحسان باستهزاء فـ لم يكفيها بأن جهاد سلبتها حلمها والرجل الذي كان سيساعدها على الوصول لذلك الحلم.

بل ستتزوج أيضًا بـه..

على الرغم من إدراكها بما بينهم إلا أنها لم يأتي في خاطرها أن توصل الأمور لتلك الدرجة وبتلك السرعة.

دفعت الهاتف بغل بجوارها.

وظلت تكز على أسنانها تشعر برغبة في الصراخ والإنفجار.

تشعر بأنها قليلة الحيلة، لا تملك شيئًا لفعله.

وبتلك الأثناء جاء لها فكرة ابتسمت على أثرها وقررت التنفيذ وفي الحال، لن تنتظر حتى.

مسكت بالهاتف من جديد ثم قامت بفتح حساب آخر لها.

حساب لا يعلم بـه أحد وباسم مزيف.

جاءت بالفيديو وكتبت هذا التعليق بأصابع تتحرك سريعًا على لوحة المفاتيح:

“علاقة فيك والاتنين مش بيحبوا بعض، وبيعملوا كل ده عشان يعلوا الريتش عندهم أكتر وأكتر، علاقتهم مصلحة مش أكتر وفي الأخر يا هيسيبها يا هتسيبه، وأنا شايفة أنه هو اللي هيسيبها بعد ما خد مصلحته منها ورفعتله الريتش، أنا فاكرة كويس أوي الريتش عنده كان واقع إزاي قبل ما يجيبها، مستنية أوي نشوف الجديدة بس أتمنى ذوقه يرجع يبقى حلو تاني عشان جهاد دي بجد بيئة أوي.”

بعد إنتهائها قامت بقراءاته مجددًا وبدون ذرة تفكير نشرته.

____________________________

بدلت جهاد ملابسها لأخرى أكثر راحة تنوي النوم وفتح بث مباشر بالغد وتعويض مُحبيها بالتواجد عدد ساعات أكثر.

أغلقت الأضاءة و أوت إلى الفراش تشعر بإرهاق بسيط.

تسطحت على الفراش وظلت تنظر بشرود في سقف الغرفة وبدون إرادة منها تذكرت صابـر وأمر زيجته وحفل زفافه في نهاية هذا الأسبوع.

لاحت شبه بسمة ساخرة على وجهها وهي تتذكر تلك المرات الذي كان يخبرها بها بمدى حبه وعشقه لها.

كــــاذب.

لم يحبها من الأساس كما أدعى.

لحظات وبدأت تستوعب ما تفعله وتفكيرها بـه!!!!!!!!!!!!

ابتلعت ريقها تلوم نفسها على تفكيرها بـه.

ليس من المفترض وخطأ كبير أن تتذكره وتفكر بهذا الشكل…خاصة أنها قد باتت تحب غيره وقريبًا ستتزوج منه.

وعلى ذكر عـادل ابتسمت بسمة حالمة متوهمة، تتذكر تفاصيل اليوم ورغبته في استكمال حياته معها.

تلمست الخاتم الذي وضعه بأصبعها والابتسامة لا تزال ترتسم على محياها.

دوى رنين هاتفها وعلى الفور التقطته وهي تدرك بأنه هو المتصل.

وكما توقعت كان هو، أجابت عليه وقبل أن تنطق كان يسبقها متمتم:

-نمتي؟؟

-لا كنت مستنياك، مش أنا قولتلك هستناك، أنت فين دلوقتي وبتعمل إيـه؟

-مبعملش قاعد في البيت مشغل فيلم وقاعد قاعدة رايقة أصل عقبال عندك المزاج رايق أوي وده بسببك طبعًا.

-اشتغلني اشتغلني، كلمت بابا صحيح؟ شكلك نسيت صح؟

رد ينفي نسيانه أمر الحديث مع شكري:

-لا مش صح، أنا لقيت الوقت أتاخر قولت هكلمه بكرة إن شاء الله.

تنهدت أولًا ثم أخبرته:

-أنا طلعت لقيته أصلًا وعرفته أنك هتكلمه بكرة أو بعده بالكتير.

-زي الفل، أنتِ هتفتحي لايف النهاردة ولا ناوية على إيـه؟

-لا مش قادرة افتح خالص النهاردة بكرة بقى وعليهم خير.

دقائق معدودة وكانت تنهي المكالمة معه تاركة لـه بعض المساحة بمفرده كي يفعل ما يشاء ولا يشعر بالاختناق.

أما عنها هي فظل الهاتف بين يديها وبدأت تقرأ التعليقات الجديدة.

وليتها لم تفعل.

فقد تعكر مزاجها.

وكلما شارفت على الرد على تلك التعليقات السلبية المسيئة كانت تتراجع ومن ضمنهم كان تعليق إحسان والتي تركته بحسابها المزيف.

وتجنبًا لحدوث مشكلة وردها على التعليق المسئ بأخر مسئ أكثر منه اغلقت الهاتف وتركته جانبًا.

____________________________

-عملت معاها إيـه؟؟ هتجيبلي العربية أمتى.

تساءلت نرمين، ملقية استفسارها على مسامع شكري والذي تم استقباله ما أن ولج المنزل وقبل حتى أن يغلق الباب.

أغلق شكري الباب وأجابها وهو يسير صوب غرفة النوم كي يبدل ملابسه:

-مرضيتش.

-مـ… إيـه، لا سمعني كدة تاني؟؟

توقف شكري واستدار إليها يكرر ذات الكلمات والتي جعلتها تشتعل بالنيران:

-مرضيتش يا نرمين إيـه اللي مش مفهوم هو أنا بكلم هندي؟ قالتلي لا ومرضيتش.

-مش بمزاجها يا حبيبي دي على قلبها قد كدة مستخسرة فيا حتة عربية، يخربيت العفانة والنتانة بتاعتها بقولك إيـه يا شكري عشان نبقى على نور كدة العربية لو مجتليش تنساني أنا وابنك خالص.

-انساكم!!!! أنتِ اتجننتي يا نرمين.

-لا يا حبيبي ده هو ده العقل كله، أنا مطلبتش حاجة صعبة ولا مش في مقدرة بنتك وبعدين دي أقل حاجة تقدمهالي أنت وهي، أنا هجيبلك الواد ولا أنت مش واخد بالك.

زفر شكري وحاول التبرير لها كي تهدأ قليلًا محاوطًا ذراعيها بيديه:

-طب اهدي متتعصبيش العصبية مش حلوة على عوض، أنا هحاولك معاها تاني.

نفضت يده عنها وقالت بتشنج لا تبالي بكلماته وخوفه على ابنه:

-أهو كلامك ده كفيل يخليني اتجنن مش اتعصب بس، هو أحنا بنشحت منها ولا بنشحت منها ده حقنا، أنت أبوها وأنا مراتك وحامل في أخوها، اسمع بقى يا شكري لو رفضت تاني تعرفها أنك مش هتوقفلها في حاجة.

عقد شكري حاجبيه وسألها بعدم فهم:

-حاجة إيـه قصدك إيـه؟

-جوازتها يا حبيبي، ولا هو حبيب القلب هيتجوزها من برة برة مش المفروض برضو يكلمك ويجي يقابلك هو مش أنت أبوها برضو ولا هتتبرأ منك.

-مش هينفع ادخلها من الحتة دي أنتِ عارفة أن الكوفي شوب مش بيدخلنا كتير، وأننا عايشين وبنصرف وبندلع نفسنا من فلوس أول كل شهر، لو عملت كدة معاها زي ما بتقولي وكبرت الموضوع ممكن تمنع الفلوس، ساعتها هنعيش منين وإزاي يا ناصحة؟؟؟

-يعني مفيش عربية مش كدة؟؟؟؟

شعر شكري بالضجر وقال بعدما أطلق تأففًا:

-أنتِ طلبك حامي ليه يا نرمين، قولتلك هجبهالك يبقى هجبهالك، اهدي بس واصبري عليا وأنا هتصرف وهجبهالك، مبسوطة كدة؟؟؟

عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تقوم بهز جسدها غيظًا:

-لما نشوف.

_____________________________

قام أحمد بتوصيل علي الصغير ملبيًا طلب فريـد والذي لم ينسى ما اتفق بـه مع علي وقبل ذهابه مع أحمد منحه مبلغ كبير من المال بعيدًا عن أنظار الجميع مع وعد بلقاء جديد معه.

عاد أحمد وقصد غرفة فريـد حيث يتجمعون الشباب معه مثلما أخبره جابـر…فبعد جلوسه بعض الوقت مع عائلته وخاصة والدته التي لم يشتاق أحد لـه مثلها…أخبرهم بأنه سيصعد غرفته المشتاق لها ولم يتركه أي من صابـر وآسـر وصعدا معه كي يتبادلون أطراف الحديث.

فتح أحمد الباب ودخل دون استئذان فوجد كل من صابـر وآسـر يتمددان على الفراش وفريـد يضع ويرتب أغراضه الذي آتى بها في الخزانة الخاصة به.

وفور دخول أحمد وإغلاقه للباب قال مازحًا:

-إيـه ده في إيـه؟؟ هو مين اللي راجع من السفر أنت ولا هما؟

رد عليه فريـد وهو يوليه وجهه يمنحه اهتمامًا:

-تقريبًا هما فعلًا مش أنا…المهم سيبك منهم وقولي وصلت علي؟؟

هز أحمد رأسه تأكيدًا ثم هتف مبدلًا الحديث وعيونه تجول على جسد فريـد المختلف والذي أضحى رياضيًا:

-سيبك من علي وخلينا في المهم والمفيد أنت خسيت كدة إزاي ياض وعضلاتك دي طبيعي ولا نفخ؟؟؟

-عيب عليك طبيعي أقسم بالله، أنا كلي طبيعي ياض، حتى خسساني طبيعي وباجتهادي الشخصي ومن غير تدخل جراحي…بس إيـه رأيك في الفورما موت مش كدة؟؟؟

ردد فريـد كلماته وهو يترك ما يفعله ويدور حول نفسه يستعرض جسده بتباهي، رافعًا ذراعيه يظهر ويبرز عضلاته أكثر وأكثر لـه.

ابتسم أحمد ببلاهة ثم أخبره بصدق:

-موت بس؟؟ دي موت الموت، آه يا زمن فريـد يعمل فيه فورما وأنا لسة زي ما أنا، أنا أكيد محسود.

-اتنيل واتوكس بقى، بقولك إيـه هو العيال دي عاملة كدة ليه؟؟ هما مش فرحانين أني رجعت ولا إيـه، والله ازعل واسافر تاني، الحق عليا يعني أني نازل أحضر فرح أخوك؟؟

وقبل أن يجيب أحمد خرج صوت فريـد متذكرًا أمر حفل زفاف يوسف ومحمد والبذلة الذي كان يرتديها أحمد حينها.

-صحيح إيـه البدلة الجامدة طرش فحت موت اللي أنت كنت لابسها دي…أنا كنت مبهور ياض.

اتسعت عين أحمد ولم يصدق ما سمعه، فقال مخمنًا استهزاءه:

-أنت بتتريق صح؟؟ اتريق اتريق ما أنت متربتش زيك زي قُصي وآسـر متفرقش عنهم في حاجة.

-اقسم بالله ما بتريق البدلة بعد ما دققت فيها عجبتني بشكل متتخيلهوش..ده أنت كنت مميز يا ابني مش شبه حد وده في حد ذاته حاجة حلوة اقسم بالله.

تدخل آسـر أخيرًا وقال بعدم تصديق:

-اقسم بالله أنت هتروح جهنم بصاروخ على الكدب ده، متقعدش تشتغله بقى وتقوله حلوة ومش حلوة مش ناقصين يعرنا في فرح صابـر كمان، كفاية أوي يوسف ومحمد.

-سبني عليه يا فريـد، سبني بقولك أنا هعلمه الأدب، سبني متمسكنيش بقولك.

حول فريـد بصره نحو أحمد، ثم رفع يده التي لم تمس أحمد من الأساس وتمنعه من الهجوم على آسـر يخبره بضحكة:

-لا لا مسبكش أخاف عليه منك، خلاص قلبك أبيض حقك عليا أنا، عيل وغلط، امسحها فيا أنا.

تنهد أحمد ثم هتف بطريقة عازمة:

-عشان خاطرك أنت بس يا أبو الصحاب.

التوى ثغر آسـر وقال وهو يعتدل في جلسته من جديد ويخرج هاتفه كي يعبث به ويضيع وقته :

-آه ده أنتوا مجانين زي بعض، أنا مش فايقلكم لما أفوقلكم هبقى أجيلكم.

-معاك حق المواصلات ولا ابعتلك انستا باي.

ختم أحمد حديثه مطلقًا ضحكات عالية.

شاركه ضحكاته فريـد الذي صاح بإعجاب وهو يضرب معه كف بالآخر:

-لا جامدة.

تلك المرة انتفض آسـر وقال بانفعال:

-هو إيـه اللي جامدة بضبط، أنا واخد بالي أنه من ساعة ما جه وأنت عمال تطبله.

حرك أحمد رأسه يبحث في الغرفة عن شيء ما ثم قال:

-فين ده اللي بيطبلي مش شايف طبلة أنا لا في أيده ولا في الاوضة وبعدين مالك مشخصنها معانا ليه يا كئيب يا عدو الفرحة.

رد فريـد على أحمد ينهي ذلك الشجار البسيط الدائر:

-سيبك منه يا أحمد وخد هديتك كل اللي هنا خدوا الهدايا بتاعتهم وأنت برة، مش فاضل غير بيت الحلواني وناوي اروحلهم بكرة، وبرضو يوسف ومراته ومحمد ومراته و وسـام و زهـر والكتاكيت الصغننة وأنت…اتفضل يا حمادة هديتك، يارب تعجبك.

-أنت متغير على فكرة، أنت استحالة تكون فريـد، أنا حاسس أنك شخص آخر مختلف من ساسك لرأسك.

-طب ودي حاجة حلوة ولا حاجة وحشة؟

-دي حاجة تحفة التحف.

زفر صابـر هو الآخر ونهض من جلسته وهو يخبرهم بنفاذ صبر:

-أنا هقوم أحسن أنا من غير حاجة تعبان ومصدع ومش ناقصة ظرفاتكم على المسا.

فارق صابـر الغرفة تحت أنظار فريد وأحمد، ومثلما فعل صابـر فعل آسـر، ناهضًا عن الفراش متمتم بتلك الكلمات:

-أنا هروح أنام أنا كمان أنا غلطان والله أني جيت على نفسي وقعدت معاك.

وقبل أن يخرج استمع إلى تعقيب فريـد:

-وأنت قاعد عاملي إيـه يعني أنت والتاني ده أنتوا جبتولي اكتئاب ده بناقص قعدتكم دي والله أحمد ده بيكم كلكم.

لم يصدق أحمد مدح فريـد له بهذا الشكل فصاح يكرر ما أخبره به منذ لحظات:

-مش بقولك اتغيرت ده أنت مكنتش بطيقني يا جدع، إيه الحلاوة دي؟؟؟ هو السفر بيخلي الواحد يتغير كدة؟؟ لو كدة بقى ممكن نسفر آسـر وصابـر أسبوعين ولا حاجة عشان يفكوا زيك.

___________________________

تجلس سـارة أمام المرآة..وقبالتها يتواجد الكثير من أدوات التجميل.

تضع منهم على وجهها بعناية و اهتمام.

نظراتها لنفسها خلال المرآة يملؤها التحدي…الكره….الحقد…ورغبة في الانتقام.

هاتفها مثبت أمامها هو الآخر تشاهد ذلك الفيديو الذي يحتوي على عرض الزواج من عـادل وموافقة جهاد.

تشاهده مرارًا وتكرارًا دون توقف.

تشعر بغصة بقلبها.

أحبت بل عشقت وأخلصت وساعدته وكان لها الكثير من الفضل في شهرته وبالنهاية أحب أخرى وعلى وشك أن يتزوج بها!!!!

وماذا عنها هي!!!

ماذا عن ذلك الوقت والأيام التي ضاعت من عُمرها!!

ابتعدت منذ سنة عن تلك الأجواء، لم تعد تظهر أو تصور وتوقفت عن هذا العمل.

حتى لم تخبر جمهورها الكبير بقرارها، بل اتخذته ونفذته على الفور لم تبالي بهم.

تركت مجالًا لهما واشتهر الاثنان معًا وأضحى لهم الكثير من المحبين.

حاولت كبت غضبها وغيرتها من جهاد ونجحت في هذا.

ولكن عرض الزواج ورغبة عادل في الزواج منها خرب هذا النجاح وكان دافعًا قويـًا لها حتى تعود للساحة من جديد.

بعد وقت انتهت من تزين وجهها.

هندمت خصلاتها وتركتهم متحررين على ظهرها ثم نهضت واتجهت صوب المرآة الكبيرة الطويلة تنظر لنفسها وتتفحص ملابسها.

نالت هيئتها إعجابها بشدة ثم جاءت بهاتفها وجاءت بأحدث تريند وذو ضجة تلك الفترة وقامت بالتصوير مرة أخرى.

وبعدما انتهت شاهدت الفيديو ونال إعجابها وعلى الفور نشرته.

لتعلن عودتها من جديد.

أو تعلن الحرب بطريقة غير مباشرة.

____________________________

-أنت ناوي تنام هنا ولا إيـه؟

-أينعم، وحشني ياض وأوضتك كمان وحشتني طول الفترة اللي فاتت كانت مقفولة….تعرف أنك وحشتني أوي و وحشتنا كلنا، كنا بنضايق منك عشان مبتكلمناش كتير وحتى لو كلمتنا مبيهونش عليك تكلم فيديو زي ما كنت بتعمل، بس خلاص فهمت السبب، أكيد كنت عايز تفاجأنا بالنيولوك الجديد ده…صاحبتك عاملة إيـه صحيح، مش ناوي تتجوز أنت كمان زي صابـر ويوسف ومحمد وتفرحنا؟

تنهد فريـد الممدد على فراشه أخيرًا بعد غياب وفراق طويل.

ثم أجاب على سؤال أحمد:

-سابتني، أنت محضرتش وأنا بحكيلهم سابتني ليه كنت بتوصل علي.

-سابتك!! اتجننت دي ولا إيـه؟ سابتك ليه؟ أكيد في سبب؟؟ احكي ولا أنت مش ناوي تحكي، يعني ده ذنبي أني روحت أوصل علي صحيح خيرًا تعمل شرًا تلقى.

-يا عم أهمد هحكيلك أهو أهمد، بس على الله تضحك أنت سامع.

-اديني همد أهو انجز بقى وقول ومش هضحك حاضر من العين دي قبل العين دي.

سحب فريـد نفسًا عميقًا ثم بدأ سرد القصة مجددًا.

والسبب الذي جعل رفيقته تتركه.

وبعد استماع أحمد لما حدث انطلقت ضحكاته رغمًا عنه رغم محاولته لكتمها لكنه فشل.

ومن بين ضحكاته هتف مازحًا معه:

-أنا قولتلك مش هضحك صح…أنا آسف معلش مقدرتش مضحكش، أنت إيه الحظ ده!!! يخربيت كدة، ضحك بجد، يلا ربنا يعوض عليك ويرزقك بـ بنت الحلال اللي تحبها وتحبك.

ابتسم فريـد بطريقة حالمة مترقبًا تلك الفتاة والتي ستجعل قلبه يدق ويخفق لها وتقلب حياته رأسًا على عقب.

بينما شرد أحمد بعد كلماته الأخيرة ولم يعد عقله حاضرًا بل جسدًا فقط.

عائدًا لذلك اليوم الذي قرر فيه مراسلتها وكتابة رسالة لها وأخبارها بالكثير والكثير.

فاليوم هو اليوم الأول لها في حياتها الجامعية.

لم ينام يومها وظل يفكر طوال الليل هل يخطو تلك الخطوة أم يتراجع.

وفي النهاية قرر الإقدام عليها وأن يتقدم خطوة.

مسك هاتفه وقبل أن يقوم بفعل أي شيء انتبه لقبولها طلب الصداقة عبر تطبيق الفيس بوك والذي أرسله بالأمس.

سعد كثيرًا، وتراقص قلبه فرحًا وشعر بأنها إشارة لـه كي يفعل ما نوى.

وبالفعل وفي هذا الوقت الباكر من الصباح كتب لها تلك الرسالة.

“صباح الخير….أول حاجة ألف مبروك النجاح، فرحت جدًا لما عرفت أنك نجحتي، ومش عايزك تفكري أني نسيت أسال واطمن، أنا يوم النتيجة مكنتش على بعضي وبطريقتي الخاصة اللي مش هقولك عليها قدرت اطمن وافرح…وفرحت أكتر وأكتر لما عرفت أنك دخلتي حقوق، واثق أنك هتبقي أشطر محامية فيكي يا بلد…..

طبعًا هتقولي عليا رغاي أوي بس معلش أعذريني واسمعي واقري الكلمتين اللي جايين دول عشان مهمين أوي..

أنا بحبك يا رضوى….بحبك فوق ما تتخيلي أو حتى يصورلك عقلك….كنت ناوي ومخطط حاجات كتير بس الحمدلله قدر ولطف…أنا بس حابب أنك تعرفي أني بحبك وهتجوزك يعني هتجوزك….كل المطلوب منك أنك تستني وتستحمليني فترة صغيرة وأوعدك أنك مش هتكوني غير ليا…..”

ابتلع ريقه وهو يعود قراءة ما كتبه وبعدما انتهى قام بالارسال.

لم يكتفي بتلك الرسالة وعاد يكتب لها رسالة أخرى:

“محدش هياخدك مني، أنا ليكي وأنتِ ليا بعون الله، وبالمناسبة أنا مش هبعتلك تاني ولا هكلمك ولا هطلب حتى أننا نتقابل، دي أول مرة ابعتلك وهتبقى الأخيرة برضو، أنا مش هقبل أحطك في موقف سخيف أو أخليكي تعملي حاجة غلط وحرام واحسسك بالذنب، أنا مش عايز رد منك بس أنا عايز أعرف هتستنيني ولا لا اديني أي أشارة أفهم منها، هتقوليلي إزاي مردش وإزاي اديك إشارة هقولك معرفش بجد، بس أقولك لقيتها أنتِ ممكن تعمليلي ريأكت لايك أو ممكن لاف اللي هي قلب أحمر دي وأنا بكدة هفهم أنك هتستنيني…..وآه قبل ما انسى خلي بالك من نفسك أنتِ داخلة عالم ومرحلة جديدة، أنا عارف أنتِ إيـه وعلى إيـه بس برضو خلي بالك من نفسك ولو حد ضايقك أو داسلك على صباع أنا موجود ومعاكي وهفروملك اللي يفكر بس مجرد تفكير يضايقك. ”

أرسل تلك الرسالة أيضًا، وسرعان ما ارتجفت يده وكاد يسقط الهاتف عندما وجدها قد فتحت الرسائل ومن المؤكد تقوم بقراءتها.

خفق قلبه كما لم يخفق من قبل.

ابتلع ريقه وترقب دقائق.

دقائق مرت عليه كأنها سنوات وليس دقائق معدودة.

وأخيرًا تفاعلت مع رسائله و وضعت لـه قلب أحمر ليصل لـه مغزى فعلتها.

وتتضاعف سعادته وتصبح أضعاف أضعاف..

عاد أحمد بذاكرته للوقت الحالي مطلقًا تنهيدة محملة بالأشواق والعشق يترقب الوقت المناسب كي يتقدم لها و حينها سيتزوجها على الفور لن يطيق الصبر……

على الجانب الآخر حيث تتواجد روضة داخل حجرتها تحديدًا الفراش.

الغرفة مظلمة عدا عن ضوء بسيط صادر من هاتفها والكاشف عن تلك البسمة الواسعة العريضة على وجهها وهي تقرأ رسالـة أحمد الذي بعثها لها أول يوم في الدراسة

تقرأها مرارًا وتكرارًا دون شعور بـ ذرة ملل…

تقرأها بذات الفرحة والحماس التابع للمرة الأولى…

فقط لم تتواجد تلك الصدمة التي تشكلت على محياها وقتها وظنت بأنها تتوهم وما تقرأه ليس حقيقي أو أنه ليس أحمد..

ولكن صورته و…اسم رضوى الذي لا يناديها غيره بـه وقام بـ دسه في رسالته جعلها تتقن بأن ما تقرأه وتعيشه حقيقة مائه في المائة.

تصدقه وتعلم بأنـه سينفذ عاجلًا كان أم أجلًا.

فلو كان يلعب ويتسلى بها كان على الأقل سيحافظ ويظل على تواصل معها ولكنه لم يفعل.

ولماذا؟؟

كي لا يضعها في موقف محرج أو سخيف.

وتشعر بأنها تفعل ذنب لا يغتفر ألا وهو الحديث معه دون وجه حق وبدون علم أحد.

لكنه لم يعرضها ويضعها في موقف كهذا.

أغمضت عيونها وبدأت تردد وتكرر الرسائل على مسامعها بصوت خافض للغاية دون الحاجة للنظر أكثر والحملقة في شاشة الهاتف.

قد حفظتها ظهرًا عن قلب…

وكيف لها ألا تفعل؟؟؟

والآن لا تفعل شيء سوى الذهاب إلى جامعتها….والجلوس مع شقيقاتها، ثم الانفراد بنفسها والمذاكرة بعض الوقت.

وفي نهاية اليوم تلجأ إلى رسائله الأولى والأخيرة كي تهون عليها بعاده وتمنحها القليل من الصبر…

فلا تملك في الوقت الحالى سوى الانتظار

انتظار سالب قلبها وعقلها في آن واحد والتي هي على أتم استعداد لانتظاره سنوات.

بعد إنتهائها من تكرار قراءة رسائله بينها وبين نفسها تساءلت بذات الصوت الخافض:

-يا ترى بتفكر فيا زي ما بفكر فيك ولا أنا بس اللي بفكر فيك؟؟

___________________________

خرج صابـر من دورة المياة الملحقة بغرفته بعدما أخذ حمامًا دافئًا…مرتديًا رداء الحمام، المنشفة بين يديه يقوم بتجفيف خصلاته المبتلة ويتساقط منها قطرات صغيرة من المياة.

متحركًا صوب الخزانة كي يخرج ملابس من تلك المريحة المخصصة للمنزل.

لم يقاطع فعلته سوى رنين هاتفه الذي تعالى صوته معلنًا عن اتصال.

انزل يديه الممسكة بالمنشفة ودنا من الهاتف وعلى الفور قرأ اسمها على الشاشة.

“Amira”.

التقطه وأجاب عليها قائلًا:

-إيـه يا أميرة عاملة إيـه؟

تأففت الفتاة وقالت بانزعاج حقيقي:

-هو في إيـه يا صابـر برضو أميرة؟؟؟ قولتلك بدل المرة مليون مرة بلاش أميرة دي مش بحب الاسم ده، قولي ميرا يا صابـر، ميرا مش كل شوية نعيد ونزيد في نفس الحوار، أنا بجد الموضوع مضايقني.

رد صابـر بهدوء وجدية:

-وأنا مش بحب ميرا ده، إيـه ميرا ده؟!!! يعني يبقى اسمك أميرة وأقولك ميرا!!!! وبعدين سيبك من حوار اسمك ده دلوقتي واركنيه على جمب ممكن أعرف أنتِ فين من بدري كلمتك كذا مرة ومردتيش.

-مسمعتوش كنت مع ماما بنجيب شوية حاجات، وأول ما شوفت مكالماتك كلمتك.

هز صابـر رأسه وسألها بترقب:

-يعني كلمتيني عشان أنا اتصلت، يعني لو مكنتش اتصلت عليكي مكنتيش هتسألي مش كدة؟؟

-أنا مقولتش كدة، متاخدش كلامي وتوديه في حتة تانية بعد إذنك، وبعدين أنت عايز تتخانق وخلاص وتعمل مشكلة من مفيش مش كدة؟؟؟

استنكر صابـر حديثها وقال بطريقة باردة:

-ده أنا مش كدة؟؟؟ أميرة أنتِ اللي أول ما فتحتي بُقك فتحتيه في خناق ومش عجبك أني بناديكي باسمك اللي عجبني أكتر مليون مرة من التاني.

زفرت “ميرا” وقالت بضيق واضح:

-وأنا بقولك مش عجبني يا صابـر والمفروض تحترم رغبتي بجد مش كدة يعني أنا مش بطلب منك حاجة صعبة.

أخذ نفسًا عميقًا يهدأ نفسه من خلاله…وبعدما زفره، قال:

-ماشي هحترم رغبتك ومش هقولك أميرة تاني، ممكن بقى كفاية خناق…..فاضية بكرة تيجي نتغدا سوا؟؟

-لا مش فاضية ومش هعرف ورايا مشاوير كتير مع ماما ومايا صاحبتي، مفيش وقت…بقولك إيـه أنا هقفل بابا بينادي عليا.

أغلقت المكالمة وظلت جالسة مكانها لم تتحرك وهذا لأن والدها لم ينادي عليها فقط أرادت إنهاء المكالمة وتحججت بتلك الحجة..

والآن هي….شاردة…خائفة…..ونـادمة كثيرًا…كما أنها مجبرة ولا يوجد مجال للتراجع والابتعاد……….

____________________________

يتقلب آسـر على الفراش يعجز عن النوم.

وهذا ليس بالجديد عليه.

فقد مر الكثير والكثير وحنينه لم يقل يومـًا بل حدث العكس تمامًا فكلما مر الوقت أكتر كلما وجد نفسه يشتاق ويتوق أكثر.

أصبح يدخن بشراهة وأضحى التدخين وسيلة كي ينفث عن كل تلك المشاعر الذي حاول بشتى الطرق مقاومتها وكبحها.

قام بإشعال سيجارة وهناك شيء بداخله يحثه على فعل شيء.

فما عاد القلب يطيق البعاد…والحنين والتوق لها استنزفه تمامـًا.

انتهت السيجارة الأولى ولم يكتفي بها وقام بإشعال أخرى يفكر في محادثتها مجددًا.

فقد مر عدة أشهر..

وخلال تلك الفترة لم يتقابل معها وجهًا لوجه ولكنه كان أحيانـًا يذهب خلسة طامعًا في رؤيتها دون أن تشعر أو تراه.

فعل ذلك ثلاث مرات ثم توقف ولم يفعلها مجددًا وذلك لأنه كان يعود مدمر بما تعنيه الكلمة من معنى.

لم ينساها يومـًا ولم يعود لما كان عليه، كان يظن ببادئ الأمر أنـه قد ينساها ولكن هذا لم يحدث.

لم ينساها يومـًا ولم تخرج من قلبه.

لا تزال تسكنه وتحتله كما يحتل العدو الأراضي قسرًا.

لم يفكر بالارتباط بغيرها فقد رأى أنه هكذا يُظلم أخرى وهو لم يعد يريد ظلم أي فتاة…

أنهى السيجارة الثانية وهتف بانفعال وغضب من نفسه وهو يطفئها وذلك لتفكيره في المحاولة معها بعد تلك الفترة..فمن المحتمل أن يحدث فرق وتنجح محاولته:

-مستحيل….من سابع المستحيلات اكلمها وأحاول تاني، أنا حاولت كتير، أنا لازم أفهم واستوعب أنها مش بتحبني..وأنا مش هفرض نفسي على حد…مش هكلمها، لازم أشيل الفكرة دي تمامـًا من دماغي….أو أنا لازم أنام، هو النوم الحل، بس هنام إزاي ما أنا حاولت ومش عارف…بس لقيتها هاخد منوم.

استحسن تلك الفكرة ولكن سريعًا ما قال:

-بس هعملها إزاي دي وأنا معنديش منوم أصلًا.

ابتلع ريقه وحنينه ما عاد يُحتمل.

أوصد عيونه يقاوم رغبته الكبيرة، محدثًا ومشجعًا نفسه:

-مش هينفع، أوعى تعمل كدة، متكلمهاش يا آسـر…متكلمهاش، أنت قادر تتحمل…صدقني أنت قدها وقدود.

دقائق وكان يمسك بهاتفه ويأتي بتطبيق “الإنستجرام” ويفتح صفحتها والتي كانت تجعلها عامة وقليلًا ما تنشر عليها شيء، ورغم ذلك لديها عدد لا بأس بـه من المتابعين والفضل يعود إلى جهاد شقيقتها المشهورة المحبوبة.

والذي بفضلها أيضًا استطاع إيجاد ومعرفة صفحتها فقد أشارت إليها في إحدى المنشورات وفي الحقيقة لم تكن ضياء فقط بل فعلت كذلك مع البقية ولكنه لا يبالي بهم، يهتم بها هي فقط.

ارتجفت أصابعه قليلًا وسيطر عليه التوتر كأنه لم يتحدث أو يتعامل مع فتيات من قبل كان حرجًا لأقصى درجة.

فقد ضرب بحديثه عرض الحائط وها هو على وشك إرسال رسالة لها.

أخذ نفسًا عميقًا واحتار فيما عليه كتابته.

ولكن سريعًا ما نهى تلك الحيرة وقرر أن يكون عفويـًا تلقائيًا بسيطًا وتكون رسالته من القلب حتى تكون أكثر مصداقية:

“طمنيني عليكِ عاملة إيـه يا ضياء، يارب تكون بخير…مش عارف هتردي عليا ولا لا، بس بتمنى من كل قلبي متخذلنيش وتردي عليا تطمنيني عليكِ بس مش عايز أكتر من كدة صدقيني…”

وعلى الفور ولكي لا يتراجع ولا يرسل الرسالة بالأخير ضغط على الأرسال وارسلت لها بالفعل وفور أرسالها تنفس الصعداء ودفع جسده على الفراش ومن حين لآخر ينظر بهاتفه يترقب أي رد أو جديد ولكن طال انتظاره.

زفر مخبرًا نفسه أن الوقت متأخر وربما تكون نائمة ويأتيه الجواب في الصباح.

ولكن كيف لـه أن يعرف للنوم سبيلًا.

من الواضح أنه قد كُتب لـه ألا يرى النوم اليوم.

______________________________

في وقت متأخر من الليل….حيث يدوي صوت بكاء في الأرجاء مسببًا قلق والديه..

فتحت الأم عيونها وانتفضت عن الفراش مقتربة من الفراش المخصص لابنها الصغير والذي لم يبلغ من العُمر ستين يومـًا.

قائلة بصوت ناعس وهي تحمله وتقوم بهزه بخفة على أمل أن يسكن ويهدأ:

-إيـه يا يوسف…إيـه يا حبيبي مالك بتعيط ليه؟؟ كدة تقلق ماما من النوم؟؟؟

نهض يوسف هو الآخر عن الفراش وتحرك نحو زوجته وابنه الصغير والذي يحمل نفس الاسم، فقد أحبت بـرق أن تطلق عليه ذات الأسم خاصة أنها تراه يشبهه كثيرًا.

وافقتها وعـد كثيرًا واتفقت معها وأحبت هي الأخرى الاسم وبالطبع لم يمانع يوسف أو يعترض على أن يسمى ابنه على اسمه.

فالآن لم يعد هناك يوسف واحد فقط بل بات أثنان.

-بيعيط ليه كتير؟؟ بصي هاتيه هحاول أنا اسكته وأنيمه تاني.

رفضت بـرق وأخبرته:

-مش هيسكت معاك، هو كدة عايز يرضع، كمل أنت نوم عشان تعرف تصحى الصبح وتروح شغلك وأنا هرضعه وانيمه في السرير وهرجع أنام.

لم ينال حديثها إعجابه وقال:

-لا هقعد معاكم و…

-يا حبيبي تقعد معانا تعمل إيـه، أنا عارفة ابني هو كدة جعان وهينام تاني علطول، روح نام أنت كمان قبل ما النوم يروح منك يلا يا حبيبي.

-حاضر، بس لو احتجتي حاجة صحيني.

ختم حديثه منحنيًا صوب ابنه طابعًا قبلة حنونة للغاية أعلى جبينه.

ومثلما فعل مع ابنه فعل معها المثل.

ثم توجه نحو الفراش وكما توقعت بـرق غرق سريعًا في بحر النوم.

أما هي وبعد إنتهائها من رضاعة الصغير خارج الغرفة، نام هو الآخر وعلى الفور توجهت وعادت إلى الحجرة و وضعته في الفراش الصغير الخاص بـه بحذر شديد كي لا يستيقظ ويبكي مرة أخرى.

استقلت الفراش هي الأخرى وحاولت النوم مجددًا ولكنها فشلت في فعلها.

كما حال الكثير من الأمهات واللواتي ينهضون من نومهم على صوت بكاء صغارهم و رغم ذلك لا يتذمرون أو يغضبون بل يقومون بإرضاعهم بكل حب وحنو.

ظلت نائمة على الفراش تحدق بزوجها الذي لم يقل حنانه واهتمامه يومًا حتى الآن.

حدث الكثير من التغيرات بجسدها بفضل الحمل والولادة..لم تعد تملك الكثير من الوقت للاهتمام بـه وبالمنزل ورغم ذلك لم يشكو أو يشعرها بتقصيرها بل يمنحها حبًا ولطفًا أكثر وجلب لها فتاة تأتي في نهاية كل أسبوع وتتولي أمر تنظيف المنزل….

______________________________

في اليوم التالي، استيقظ قُصي من نومته يشعر بالإرهاق والصداع الشديد.

فقد أطال السهر بالأمس وظل يتحدث مع واحدة من الفتيات طوال الليل يتساير ويمزح معها، كما تغزل بها قليلًا.

ولم يغفو ويذهب في سبات إلا بعد شروق الشمس.

وبمجرد استيقاظه جاء بهاتفه الحبيب، وبأعين ناعسة بدأ يقلب بـه حتى يفوق تمامًا.

ولكن توقف وشعر بالصدمة وهو يراها مجددًا.

خفض بصره بسرعة البرق ينظر إلى تاريخ نشر الفيديو، ربما يكون قديمًا فهي غائبة منذ سنة..لم يراها مجددًا، اختفت وكأنها تبخرت.

حاول التواصل معها كثيرًا وأرسل لها الكثير من الرسائل بعد اختفائها يسأل عنها ويطلب منها أن تجيب وأن تلقاه ويتقابلان في ذات المكان ولكنها تجاهلته لم تجيب عليه.

والآن تظهر من جديد…….

اغتاظ من تجاهلها وغيابها بعدما سمحت لـه بتقضية بعض الوقت معها.

وعلى الفور سارع بإرسال رسالة جديدة، كاتبًا لها بتشنج واضح على وجهه، يعاتبها كما لو كان حبيبًا أو زوجًا لها:

-والله!!!!!!! لسة فاكرة ترجعي تاني دلوقتي، كنتي فين كل ده؟؟؟؟؟؟ عارفة لو مردتيش المرة دي كمان هعمل إيـه؟؟؟ أنا بقى مش هقولك أنا هخليكي تشوفي بعينك، ما هو أنا لازم أعرف اختفيتي فين وغيبتي سنة بتاع إيه، ردي يا ســــــــــارة…

________________________________

خرج فريـد من غرفته وهو يدندن وبجواره أحمد الذي لا يزال بملابس المنزل ينوي التوجه صوب غرفته وأخذ حمامًا باردًا، وارتداء ملابسه للخروج.

وقبل أن يلج أحمد غرفته سأله فريـد:

-العريس زمانه لسة نايم ولا صحي؟؟

أجابه أحمد بثقة يخبره:

-العريس زمانه نزل من بدري أوي، أنت مش عارف صابـر ولا إيـه.

ابتسم فريـد وأجاب بمرح:

-لا كفاية أنت مش هيبقى أنا وأنت.

-صح كفاية أنا، محدش في الدنيا دي يعرف صابـر توأمي أكتر مني، ده أنا حفظه وممكن اسمعهولك دلوقتي.

وقبل أن يعلق فريـد فُتح باب غرفة صابـر وخرج تحت أنظارهم.

انكمش وجه أحمد وهتف بضيق:

-إيـه الكسفة اللي ما بعدها كسفة على الصبح دي!!!

بينما صوب فريـد كلماته إلى صابـر:

-جود مورنينج يا عريس.

-أهلا.

لم يولي فريـد اهتمامًا لطريقته في الحديث وسأله:

-على فين متأخر كدة؟؟ رايح تشوف عروستك ولا إيـه؟؟

كاد صابـر أن يجيب لولا فريـد الذي سارع بالرد على نفسه بنفسه:

-أكيد وحشتك..بس خلاص كلها كام يوم ويتلم شملكم، أيوة يا عم…يارب أوعدنا يارب…يارب تولع معانا زي ما هي والعة مع صابـر كدة وهيتجوز.

تناهى إلى مسمع الثلاث صوت جابـر الذي ينادي بعلو صوته باسم أحمد.

-أحمد…واد يا أحمد أنت في البيت ولا نزلت.

التهم جابـر درجات السلم وفور وصوله كان يتنفس بطريقة لاهثة مستمعًا إلى جواب أحمد المازح معه:

-لا نزلت…ده شبحي اللي واقف قدامك ومعاهم دلوقتي.

تجاهله جابـر، وحول بصره صوب صابـر والذي كان يريده من الأساس ولم يتوقع تواجده بالمنزل، قائلًا:

-أنت هنا يا صابـر…شوفت المصيبة؟؟؟

رد كل من أحمد وصابـر في ذات اللحظة:

-مصيبة إيـه؟؟ في إيـه؟؟؟؟

أدرك جابـر عدم إدراكه بعد.

سحب نفسًا وزفره سريعًا ثم قال دفعة واحدة:

-البقاء لله…حماك في ذمة الله…إنا لله وإنا إليه راجعون.

اتسعت عيون أحمد وحدق بـ فريـد مغمغم بعدم تصديق وفظاظة:

-يخربيت أمك….أنت إيـه اللي رجعك، الراجل مــــــات….

««يتبع»»……….

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق