رواية الحب كما ينبغي الفصل الرابع والستون 64 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الرابع والستون

الفصل الرابع والستون

الفصل الرابع والستون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الرابع والستون:

لم ينصت صابـر إليهم أكثر وأسرع بالتحرك والذهاب كي يقوم بمساندة أميرة والتواجد معها.

كاد والده أن يتحرك ويأتي معه فأوقفه صابـر متمتم بحزم:

-خليك أنت يا بابا محدش يجي معايا ولو في حاجة هكلمكم.

-طب ابقى كلمنا وقولنا لو هيعملوا العزا النهاردة عشان نروح نعزي واجب برضو.

بعد ذهاب صابـر كرر أحمد ذات الكلمات فقام فريـد بالتعقيب على حديثه وهو يضرب كف بالآخر:

-لا حول ولا قوة إلا بالله….أنا مالي يا عم أحمد، ده قضاء وقدر ومكتوبله، مجبهاش فيا وفوق كدة أنا مش تيتا دلال أنا فريـد ومش جديد عليكم عايش معاكم من زمان وبعدين ده أحنا امبارح كنا سمن على عسل، أحنا اتحسدنا دي أكيد عين آسـر وصابـر.

-سيب صابـر في اللي هو فيه دلوقتي، وبعدين لا دي عين آسـر ولا عين صابـر دي عينك اللي هخزوهوملك.

بعد قوله الأخيرة نظر نحو جابـر وسأله بقلق وتخمين:

-أبي هو كدة الفرح هيتلغي؟

-لا طبعًا يتلغي إزاي يعني، هنكمل عادي هو كان إيـه اللي جرا ده يدوب أبو أميرة مات، حاجة بسيطة يعني متستاهلش نلغي.

كتم فريـد ضحكته من سخرية جابـر الواضحة.

لاحظ أحمد حالة فريـد فقال يجيب على جابـر وهو يلكز ابن عمه بغيظ:

-اخـــرس، على الله تضحك هكسرلك صف سنانك اللي فوق واللي تحت هخليك من غير سنان خالص…وأنت يا أبي العزيز الحبيب اتريق اتريق أنا اللي استاهل عشان بسأل.

-أسئلة غبية….أسئلة غبية يعني بنصاحة أهلك هنعمل الفرح اللي كان بعد كام يوم إزاي وأبوها مات، يعني الواحد يعقل الكلام قبل ما يقوله مش كدة متشلنيش أنا فيا اللي مكفيني…أنا مش فاهم الواد ده مش مكتوبله يفرح ولا يكونش حد عمله عمل… مش فاهم بصراحة.

رد أحمد على الفور وهو يشير تجاه فريـد يخبر والده:

-لا وأنت الصادق دي عين ورشقت ومش محتاج أقولك عين مين…قعد يقوله والعة معاك لحد ما ولعت في وش الواد…روح منك لله..ابعد عني بقى عشان خلاص قلقت منك.

رفض فريـد الإنصات إليه وحاوطه بذراعيه الضخمة هاتفًا برفض:

-متقولش كدة بس في وشي والله ازعل.

-خلاص اديني ضهرك مدام وشك مش عجبك وهيزعلك…وبعدين ابعد بقى متلزقش فيا كدة أنت قافش فيا بدرعاتك كدة ليه بتوريني عضلاتك يعني خلاص عرفنا أنك خسيت وطلعلك عضلات.

لوح جابـر بذراعيه في الهواء وتركهم في منتصف حديث أحمد.

وبعد توقف أحمد عن الحديث حرره فريد بالفعل ثم هتف:

-أنا هروح أسلم على أجدادي تعالى معايا عشان تساعدني افاجئهم.

-ما تروح تسلم على أجدادك من غيري عادي هما أجدادك الفراعنة يعني دول الحلواني عادي.

ضحك فريـد عاليًا وتمسك بأحمد وأصر على أن يأتي معه:

-اقسم بالله بحبك ومحدش بيضحك هنا غيرك، وعشان خفة دمك دي هتيجي معايا يلا ولو قولت لا هستخدم عضلاتي ما أنا لازم استعين بيهم ده أنا شقيان فيهم دول.

______________________

يتواجد مروان في حديقة المنزل يحاول التمرن رغم شعوره بالاجهاد ولكن هذا الشعور لم يوقفه وظل يعافر واستمر في التمرين.

تعالت أنفاسه وكلما مر الوقت كلما زادت الأمور صعوبة عليه.

ولج فريـد رفقة أحمد من البوابة محمل بعض من الهدايا للعائلة وكذلك أحمد يحمل معه ويساعده.

التقطت عيون فريـد مروان…لم يتمهل واستدار نحو أحمد وترك لـه ما يحمله كي يصبح خالي الوفاض.

وما أن أصبحت يديه خاليه حتى صاح باسم مروان يلفت أنظاره نحوه:

-يا جــــــدو….يا ميرو، أنا رجعت.

صُدم مروان مما يراه وتبسم وجهه وسارع الاثنان بالاقتراب من بعضهما.

ثواني وكان مروان يضم فريـد إلى أحضانه يخبره:

-أنت فريـد مش كدة…أيوة أنت ملامحك هي هي، بس خسيت وضبط جسمك…يا بن الإيـه لا جامد ياض….جيت أمتى وحشتني يا بن الكلب…أنت جاي لوحدك ولا إيـه…فين البت الصاروخ اللي كانت معاك، أوعى تقول مجتش معاك، أقسم بالله اديك على وشك بضهر أيدي فين البت ياض انطق.

ارتفع جانبي أنف أحمد ورد على مروان:

-براحة ابلع ريقك كل ده كلام ورا بعضه يرد إزاي هو، وإيـه جاي لوحده دي هو أنا مش عجبك، هوا أنا؟؟ وبعدين صاروخ دي بقت قديمة أوي في جديد نزل السوق وأقولك التقيلة بقى يا مروان مش هتشوف الصاروخ ولا هتلمحه لا أنت ولا هو عارف ليه؟؟

وقبل أن يستفسر مروان تابع أحمد:

-الصاروخ سابته عشان خس وضبط جسمه وهي بتحب الطخان.

-طخان!!!! اسمها تخان بـ التاء يا اللي عاملي فيها خبير لغة عربية.

-لا أنا زهقت منكم، واد يا فريد مش كنت عايز تفاجأ العيلة، أنا هصرعهوملك وهفجعهوملك دلوقتي مش بس هفاجئهم.

عقد فريـد حاجبيه بعدم فهم وكذلك مروان، وعلى حين غرة وبحركة غير متوقعة صاح أحمد بعلو صوتـه مهللًا:

-يا جدو سليم….يا جدو بسـام…..يا أهل المنزل……فريـد رجـــع…..هل من مستقبل….. طب هل من مرحب…. يا أهل المنزل…..فريـد خس وعمل فورما وطلعله عضلات وأنا لسة….يا أهل المنزل فريـد اتساب من الحتة بتاعته عشان خــس وهي بتحب الطخان.

دنا فريـد من أحمد بسرعة البرق وحاول إسكاته…متمتم بصدمة:

-اخرس فضحتني، أنت بتهبب إيـه؟!!

رفض أحمد الخضوع لـه وأجاب عليه وهو يبعده عنه:

-بصرعهم، سبني لسة مدخلتش في التقيل.

رفع من نبرة صوتـه مجددًا مضيفًا على حديثه السابق:

-يا أهل المنزل بقى عندنا تيتا دلال بس نسخة رجالي وها هو أمامكم بشحمه ولحمه….يا أهل المنزل فريـد قعد يقول لصابـر والعة معاك لحد ما ولعت بحق وحقيقي وحماه مات وفرحه اتلغــــــى.

حضر الكثير من أفراد العائلة ولم يلاحقون على الصدمات سواء التي يروها أمامهم وتتشكل في فريـد وهيئته وجسده الجديد،

أو يسمعوها حول إلغاء حفل زفاف صابـر.

_______________________

ظل آسـر مستيقظًا طوال الليل..لم يغمض لـه جفن…عيونه تراقب الهاتف ينتظر شيء لا يضمن إذا كان سيحدث أم لا.

ولوهلة شعر بالندم لارساله لها تلك الرسالة وفكر كثيرًا في حذفها.

وبعد سهره الليل غلبه النوم وذهب في سبات عميق بعد شروق الشمس.

لم يشعر حتى بالضجة والقلق الذي حدث خارج الغرفة بفضل فريـد وأحمد.

وبعد ساعات من النوم الطويل لم يستيقظ إلا على صوت عالي يحفظه ويعرف صاحبه وهو يردد بصوت عالي:

-أنت إيـه مبتصحـــاش ليه أنت مُت أنت كمان ولا إيه….يخربيت أمك يا فريد، واد يا آسـر رد عليا طمني عليك.

فتح آسـر عيونه وطالع أحمد الواقف فوق رأسه يقوم بهزه بعنف، قائلًا بصوت يحمل أثار النوم:

-عايـز إيـه يا أحمد على الصبح؟

-هعوز منك إيـه، أنت يتعاز منك حاجة.

-ولما أنا كدة بتتنيل تصحيني ليه، بقولك إيـه اطلع بــــرة متخلنيش امسك فيك على الصبح.

ردد آسـر حديثه وهو يلتقط هاتفه ينظر بـه يتأكد من أنها لم تجيب.

وفجأة ارتفعت وتسارعت ضربات قلبه وهو يرى رسالة منها.

تسمر وشعر بالصدمة وبأصابع مرتجفة أثر الصدمة والفرحة ضغط على الرسالة وقام بفتحها والتي كانت كالتالي.

“الحمدلله، وأنت؟؟”

ماذا يعني هذا!!!!!!

هل ما يراه ويقرأه الآن حقيقي أم أنه لا يزال نائمًا وكل هذا ما هو إلا حلم جميل.

بالله لو كان حلمًا حقًا فهو لا يريد الاستيقاظ منه أبدًا يريد البقاء داخله لآخر العُمر.

انتشله صوت أحمد والذي يسأله عن سبب تلك الحالة من الدهشة والتصنم كالتمثال:

-في إيـه ياض أنت كويس؟؟؟ هل أنت بخير أخي؟؟

طالعه آسـر بعدم تصديق ونطق بصعوبة:

-أحمد أنا صاحي بجد مش كدة؟؟ يعني أنا مش بحلم؟؟؟ اقرصني كدة.

-اقرصك إيـه أحنا في مصيبة، الراجل حمى صابـر مات ربنا يرحمه.

في الحقيقة كان آسـر في عالم آخر، لم يشغله ما ردده أحمد وعاد يقرأ رسالتها مرة أخرى، هل حقًا تسأل عن حاله وأحواله…هل تهتم لأمره!!!!

وبحركة غير متوقعة انتفض من نومته أعلى الفراش وأصبح واقفًا فوقه وبدأ يقفز كالأطفال وهو يردد بسعادة تتراقص في عيونه:

-أنا مش مصدق….اقسم بالله ما مصدق، أنا في حلم ولا في علم……أنا فرحان.

أجاب أحمد بأعين قد اتسعت على آخرها وقال بعدم فهم واستيعاب:

-فرحان عشان الراجل مات؟؟؟؟؟ أنت عبيط!!!! للدرجة دي مبتحبش صابـر…وبعدين بطل تنطيط.

-صابـر إيـه وراجل إيـه، دي ردت عليا يا أحمد ردت عليا، كنت فاكرها مش هترد سهرت طول الليل مستنيها ترد لحد ما فقدت الأمل، أنا لازم أرد عليها بس أقولها إيـه أنا متلغبط.

كان صادقًا في كل حرف قاله، يشعر بشعور غريب وسيطر عليه الارتباك كأنه لم يتحدث مع فتاة من قبل.

من يرى حالته الآن لن يصدق بأنه قد رافق قديمًا الكثير والكثير من الفتيات وكان صاحب علاقات عديدة.

هل الحب يفعل كل هذا بالمرء!!!!!

-أنت بتقول إيـه يا بني أنا بقول إيـه وأنت بتقول إيـه، بقولك فرح صابـر اتلغى الراجــل مــــات…هل تسمعني…حول.

هنا واستوعب وانتبه آسـر أخيرًا، فما كان منه سوى سؤاله بعدم فهم:

-راجل مين اللي مات وفرح صابـر مين اللي اتلغى!!!!!

-أومال أنا بقول إيـه من الصبح، صابـر حماه مات يا آسـر، يعني كدة مفيش فرح بس في عزا.

________________________

-مساء الخير يا كابتن وسـام.

استدار وسـام نحو الصوت المألوف وسرعان ما احتلته الصدمة هو الآخر مما يراه.

اتسعت عيونه قليلًا وسارع بضم فريـد والترحيب بـه متمتم بعدم تصديق ممزوج بإعجاب واضح:

-يخرب عقلك عملتها إزاي دي….وحشتني يا فريـد.

خرج فريـد من أحضانه يخبره:

-وأنت كمان….زهـر عاملة إيـه ونـور، يا ترى طلعت شبهك ولا شبه زهـر.

-لا حتة شبهي ولا شبه زهـر دي أنت اللي تقولها بقى، استنى هغير هدومي ونخلع على البيت.

ثم تحرك كي يبدل ملابسه مثلما أخبره وفي ذلك الوقت قام بمحادثة زهـر وأبلغها بقدوم ضيف معه كي ترتدي شيء مناسب وتضع حجاب رأسها.

بعد مرور بعض الوقت وصل وسـام وبرفقته فريـد الذي أخذ الهدايا الذي آتى بها لأجلهم من سيارته.

قرع وسـام الجرس رغم وجود المفاتيح معه.

ثواني وكانت زهـر تفتح الباب وهي تحمل الصغيرة التي تأبى تركها على ذراعيها.

وما أن سقط بصرها على فريـد حتى خرجت شهقة عالية تعبر عن صدمتها قائلة:

-إيـه ده عملتها إزاي دي يا ابن القردة.

ضحك فريـد وكذلك تبسم وجه وسـام الذي سألها وهو يأخذ ابنته منها:

-هو ده اللي شاغلك يعني متفأجتيش أنه رجع وأنه هو اللي معايا.

-ما هو كان مصيره يرجع وده العادي والطبيعي بس أنه يرجع كدة دي اللي فجعتني، لا بس التحديث ده أجمد اثبت بقى على كدة.

مع ختامها الحديث ولج الاثنان معها وبلهفة لرؤية الصغيرة أخذها فريد من بين يد وسـام ومنحه ما كان يحمله لهم، لم يهتم وحملهم باستسلام عنه فقد كانت عيونه تشتعل من حديثها وانتهز انشغال فريـد بابنته هامسًا لها:

-ما تلمي نفسك، تحديث إيـه اللي أجمد، اضبطي كدة.

قطع فريد حديثهم يخبرهم بأعين تتفحص وجه الصغيرة التي كانت هدأت بعض الشيء بالفعل قبل أن يأخذها وسـام من والدتها:

-لا الموضوع صعب مش قادر أحدد هي شبه مين، بس هي شبهكم أنتوا الاتنين.

رد وسـام بطريقة ساخرة منزعجة:

-شوف إزاي كان لازم تطلع شبه الجيران إزاي يعني تبقى شبهنا أحنا الاتنين ده أحنا يدوبك أبوها وأمها.

لكزته زهـر بخفة تتفهم غيرتـه…والتي لم تكن من فريـد كشخص بل من أي رجل في العموم.

طالعها بجانب عيونه وغيرته تشتد وتزيد وتصبح واضحة كوضوح الشمس.

-ادخل اقعد يا فريـد، أنت رجعت أمتى صحيح وإزاي متقولش أنك جاي.

-جيت امبارح بليل قعدت مع العيلة شوية وبعدين نمت وقولت الصبح أروح لجدودنا التانين بس اسكتي أخوكي جرسني النهاردة عندهم ندمنى أني قولتله تعالى معايا…ده حتى يوسف ومحمد لسة هروحلهم…صحيح معرفتوش اللي حصل.

تساءل وسـام و زهـر بقلق واضح:

-إيـه اللي حصل؟

وباهتمام يمنحه للصغيرة التي تبتسم لـه ومن الواضح أنها قد أحبته:

-صابـر حماه مات النهاردة.

وبنفس واحد وصدمة كبيرة هتف الزوجان:

-إيـــــــــه!!!!!!!!!!!!!

________________________

رحب الكثير والكثير بعودة سـارة، حظى الفيديو على كثير من التفاعل سواء كان بالإعجاب بـه أو حتى التعليقات والتي عكست لها مدى اشتياق متابعيها لها ومعاتبتها على غيابها دون مقدمات أو تمهيد.

زينت البسمة وجهها أثناء قراءتها للتعليقات، لم تحزن حتى من معاتبتهم لها مخبرة نفسها أن العتاب من باب المحبة.

لم يتوقف حبهم لها عند هذا الحد، بل وجدت رسائل عدة بُعثت لها في الخاص.

قراءت القليل من تلك الرسائل ثم تجاهلت البقية مقررة الرجوع لهم في وقت لاحق.

وأثناء تقلبيها في الهاتف آتى أمامها بما جعل بسمتها تختفي وتذهب في مهب الريح، وتتسارع دقات قلبها ألا وهو فيديو جديد يعود لـ عـادل قام بنشره منذ حوالي عشر دقائق وقد كان عبارة عن وجهه المبتسم بسمة واسعة رأتها مبالغ بها.

مستقلًا سيارته خلف مقعده وصديقه المقرب معه يجلس بالمقعد المجاور لـه، يخبر متابعيه قبل إنطلاقه بالسيارة بتلك الكلمات:

“حبيت أفرحكم وأبلغكم أني لسة قافل مع حمايا المستقبلي واللي هو بابا جهاد و خدت ميعاد خلاص أنا وأهلي عشان نطلب أحلى عروسة في الدنيا، وأنا من موقعي ده أحب أقول لجهاد أني بحبها وبحبها أوي كمان ومحبتش قدها جهاد بالنسبالي الحب الحقيقي اللي لا حبيت قبلها ولا هحب بعدها و زيها…..”

أغمضت سـارة عيونها عند استماعها لكلماته الأخيرة والذي اختتم بها الفيديو والتي لم تكن بالسهلة عليها.

فكانت بمثابة الملح الذي وضُع على الجرح.

بعد كل ما فعلته معه وشهرته التي كانت هي سببها يعترف بحبه لأخرى لم تفعل لـه نصف ما فعلته هي.

فتحت عيونها وهي تتفهم الرسالة القابعة خلف حديثه.

فهو يدرك جيدًا أنها سترى كل جديده ويرغب بأخبارها أنه لم يحبها من الأساس وليست الحب الحقيقي لـه.

حالتها تبدلت وبعد أن أضحت بخير قليلًا، خرب لها كل شيء وتمكن الغضب منها وبدأ ينهش بها دون رحمة.

لم تدري ما عليها فعله الآن.

ترغب في الرد ولكن بشكل أقوى.

ظلت تفكر ولم تجد حل سوى توصيل رسالة مبطنة هي الأخرى.

نهضت كي تبدل ملابسها وترتدي شيء أجمل مما ترتديه وتحسن من وجهها الشاحب رغم استخدامها للفلاتر التجميلية للوجه إلا أنها لا تحب أن يكون وجهها خالي من الزينة.

وأثناء استعدادها عادت البسمة ترتسم على محياها رويدًا رويدًا ولكن تلك المرة كانت مختلفة من نوعها…حيث كانت مفعمة بالتحدي والإصرار قائلة:

-ابقى تف على وشي لو الجوازة دي كملت.

باتت على أتم استعداد وعلى الفور زادت الأضاءة من حولها وسلطتها على وجهها.

لم تأتي بأي صوت أو موسيقى بل قررت الحديث معهم بما سيثير استفزاز عـادل و.. جهاد وهذا هو المطلوب وهذا سيحتاج الكثير والكثير من الوقت لذا قامت بفتح بث مباشر.

“وحشتوني وحقكم عليا آسفة بجد أني غبت عنكم من غير تمهيد أو حتى أبلغكم بقراري أني هبعد، بس صدقوني كان لازم ده اللي يحصل وابعد حبة عشان حاجات كتير منها أفكر وارتب أفكاري وكمان نفسيتي ترتاح….وبجد مبسوطة أوي أنكم منستونيش وكنتوا مستنين رجعتي، حبة أشكر كل حد اتفاعل مع الفيديو وكتبلي كومنت حلو…….بصوا هقوم أجيب حاجة اكلها معاكم وأجي نكمل كلامنا وافضفض معاكم..”

في ذات الوقت وداخل سيارة عـادل، حدق بـه صديقه بجانب عيونه وهو يسأله:

-متأكد من حوار أجي معاكم وأنت رايح تتقدم لجهاد ده؟

أكد لـه عـادل متمتم بتأكيد:

-أنت بتهرج هو ينفع يوم زي ده متبقاش موجود معايا فيه؟؟؟ ده أنا عايش معاك، ومع بعض في الوحش قبل الحلو وبشوفك أكتر ما بشوف أهلي، مينفعش يا صاحبي يوم زي ده يجي من غيرك.

ابتسم له صديقه مدركًا صدق كلماته فهو دائمًا ما يلازمه، يعرف عنه ما لا يعرفه غيره، بير أسراره، يعيشان سويًا تحت سقف واحد ويتقاسمان الإيجار.

-اللي تشوفه يا صاحبي.

لحظات وكان يأتي بهاتفه ويعبث بـه يشعر بالضجر وبتلك الأثناء قابله البث المباشر لـ سارة فقال لـه بهدوء مثبتًا عيونه عليه:

-ألحق سـارة طالعة لايف.

فور انتهائه من أخبار عـادل عاد ببصره مبصرًا الهاتف، رافعًا من صوت البث كي يتمكن عـادل من الاستماع لما تهتف وتثرثر بـه.

عادت سـارة وجلست وهي تتناول وتلتقط فواكه مقطعة من الصحن التي أحضرته، عيونها تقرأ التعليقات على علم بأن أحدهم سيأتي بذكر عـادل وما يحدث بتلك الفترة، فالكثير ممن يحبونها انزعجوا مثلها مستنكرين فعلته.

وقد جاءتها فرصة على صحن من الذهب، وكتب أحدهم لها هذا التعليق وقام بثبيته لها:

“سارة إيـه رأيك في اللي بيحصل ده وكلام عادل والفيديو اللي نزله أنا مش مصدقة أنه بيقول كدة بجد أنا مصدومة فيه مكنتش فاكرة أنه كدة..”

بدأت في الحديث عما تريد مجيبة على الفتاة التي كتبت لها التعليق:

“جماعة متكتبوش أسامي حد عندي بعد إذنكم، الموضوع منتهي، والحد ده أنا مش عايزة اسمه يتكتب عندي، عارفة ومقدرة أنكم مضايقين عشاني بس أنا نفسي مش مضايقة أنا ربنا نجدني وكل اللي عايزة أقولـه للبنات اللي عندي متدوش قيمة للي ميستاهلش ومتثقيش في راجل بذات لو كان خاين وعينه زايغة ميملهاش غير التراب مفكر نفسه رشدي أباظة عصره ربنا يعين اللي معاه على اللي هي فيه، عشان هي بجد مخدوعة فيه، ندعيلها كلنا بقى يا بنات تفوق وتلحق نفسها مهما كان بنت برضو زينا ولا إيـه..”

على الطرف الآخر..

لمعت عين إحسان بشر وخرجت من غرفتها متحركة صوب غرفة جهاد التي تتواجد داخلها تستعد هي الأخرى للهبوط ومغادرة المنزل.

فتحت الباب بعدما طرقت عليه بخفة وتناهى إليها صوت جهاد تسمح لها بالدخول:

-ادخلي.

لم تعرف جهاد أي من شقيقاتها تطرق بابها ولكن سرعان ما رأت إحسان من خلال إنعاكسها في المرآة.

منحتها بسمة وسألتها باهتمام:

-تعالي يا إحسان عايزة حاجة؟؟؟

اغلقت إحسان الباب وتقدمت منها وهي تمنحها الهاتف والتي كان صوته مرتفعًا يخرج منه صوت سـارة والذي لم يكن بالغريب عليها بل كان مألوفًا فهي كانت من محبينها ومتابعينها سابقًا.

لم تكتفي إحسان بجعلها تشاهد وتسمع ما تقولـه سـارة، بل أخبرتها بهدوء:

-بتكلم عليكي أنتِ وعـادل أو بمعنى أصح بتلقح عليكم وبتقول على عـادل خاين وعينه زايغة وأنك صعبانة عليها يا حرام.

انتبهت جهاد ومنحت تركيزها لما يحدث والتعليقات التي تُكتب لسارة:

“أنتِ طيبة أوي يا سارة ندعيلها إيـه دي وقعت في شر أعمالها تستاهل بكرة يخونها وتاخد على دماغها.”

“روشة أنتِ كدة باين أوي أنك هتموتي من جهاد بتضحكي علينا ولا على نفسك.”

“مبترديش عليا ليه، ردي يا ســارة.”

“مستنية إيـه من واحدة صورها نزلت معاه قال وطلعوا يقولوا مفيش حاجة بينا وبعديها بفترة ارتبطوا وده ملوش غير تفسير واحد واللي هو كانوا بيشتغلونا.”

“مبترديش عليا ليه، ردي يا ســارة.”

“سارة متديهاش قيمة بجد.”

“مبترديش عليا ليه، ردي يا ســارة.”

“عـادل بيغيظك بيها وده باين أوي مقهور أنك سيبتيه.”

“مبترديش عليا ليه، ردي يا ســارة.”

توقفت جهاد عن قراءة التعليقات التي تكتب لها، تمنح اهتمامها لـ سارة التي قالت ببراءة لا تليق بها:

“خلاص يا جماعة بقى محدش يتكلم عنهم وزي ما قولتلكم ندعيلها تفوق من اللي هي فيه ولو عليا فـ أنا الحمدلله مبسوطة جدًا واتأكدت أن ربنا بيحبني وأنا أكيد استاهل شخص محترم وابن ناس ميكونش بتاع حوارات وبنات.”

عضت جهاد على شفتيها من الداخل منزعجة من طريقتها في الحديث سواء كان عنه وعنها.

بأي حق تتحدث عنهما…لا تملك حق فيما تفعل.

ولكن من الواضح أنها كاذبة ولم تتخطى حتى الآن علاقتهما وهذا إن دل على شيء فيدل على أنه شخص من الصعب نسيانه.

والآن هي من بدأت وعليها أن تتحمل عواقب أفعالها.

أما عن عـادل فصاح بصوت عالي والعصبية والغضب يتملكان منه:

“يا بنت الكلب…راجعة عايزة تبوظ الدنيا بس وربنا ما هسيبها ولا هحلها أنا هوريها وأخليها تندم على اللحظة اللي فكرت فيها ترجع وتكلم عليا..”

لم يفعل صديقه شيء سوى محاولة تهدأته وأخباره بأنها لن تستطع التأثير على علاقته بجهاد وأفعالها تلك سيراها الكثير بأنها غيرة.

غيرة دفعتها للرجوع للساحة.

وكان من ضمن من يشاهد ذلك البث قُصي والذي تم تجاهله وتجاهل رسائله الذي أرسلها في الخاص في نظره.

وأثناء حديثها عن عـادل وجهاد ظل يكرر كتابة ذلك التعليق ويضعه مرارًا وتكرارًا كي تجيب عليه وتبرر لـه عدم ردها عليه حتى الآن، لا يبالي بما يدور بين الثلاث.

“مبترديش عليا ليه، ردي يا ســارة.”

ورغم رؤيتها لذلك التعليق المكرر بشكل مبالغ فيه وقراءتها لاسم المُرسل وصورته تجاهلته كأنها لا ترى شيئًا.

لم يمل أو يكل أو يفقد الأمل وظل مترقبًا ردها.

________________________

“الحمدلله دلوقتي بقيت أحسن من الأول بكتير أوي.”

كانت تلك رسالـة آسـر الذي أرسلها لـ ضياء سريعًا، مجيبًا على استفسارها عن حاله هو الأخر، ومن حينها ترقب أي رد آخر منها ولكن هذا لم يحدث وكأنها تبخرت.

ورغم الأحداث الراهنة والأخبار الصادمة في منزلهم اليوم إلا أن ردها على رسالته كان لها النصيب الأكبر في صدمته و….سعادته في آن واحد.

فقد كان فقد الأمل في أن تجيب بالأمس وبالصباح أثبتت لـه أن عليه التفائل والتمسك بالأمل…فلا يدري أحد ما ينتظره بالغد.

في ذات الوقت وداخل منزل الفتيات.

تواجدت ضياء داخل غرفتها، تتجاهل رسالته الثانية، تفكر بـه وفيما حدث معها منذ أن رأت رسالته الأولى، وحتى الثانية لم يختلف الوضع كثيرًا، بل أضحى أكثر سوءًا.

خفقات قلبها تسارعت بلا سبب واضح ومفهوم بالنسبة لها.

شعرت بالحيرة والتشتت، تجيب أم لا تجيب؟؟؟

في النهاية قررت ألا تفعل وعزمت على تجاهله في بادئ الأمر ولكن رغمًا عنها وعن أنفها وجدت نفسها تلتقط هاتفها وتكتب لـه رسالة صغيرة مكونة من بضع كلمات معتادة.

ورغم صغر الرسالة إلا أنها كانت تكفي لإسعاده وإدخال البهجة، والأمل قلبه.

هو لم يتوقف ثانية واحدة عن التفكير بها.

بينما هي لم تتوقف عن سؤال نفسها لما يحدث معها كل هذا ولما يخفق القلب بهذا الشكل منذ أن راسلها!!!!

الندم يساورها الآن وتندم على تلك الخطوة التي أتخدتها في لحظة تهور و..رُبما لحظة ضعف.

ليتها لم تجيب وليت قلبها لا يدق على هذا النحو.

رفعت يدها و وضعتها موضع قلبها.

وعلى الفور شعرت بـه وكأنه على وشك القفز خارج جسدها مما زاد حيرتها وخوفها من القادم المجهول.

________________________

آتى دور يوسف ومحمد كي يقوم فريـد بزيارتهما.

وقف في مدخل البناية والتي كان بابها مفتوح وطالع الشقتان القابعان أمام بعضهما البعض لم يستطع تذكر أي منهما شقة يوسف.

وقف والحيرة تبدو عليه تارة يرمق الشقة المتواجدة على يمينه وتارة أخرى الواقعة على يساره.

وبصوت خافض سأل نفسه:

-أقول حادي بادي طيب واخبط على اللي هتبقى صاحبة النصيب؟؟ لا أنا اعتمد أي حاجة و زي ما تيجي تيجي.

وبالفعل اقترب من أحدهما وقام بقرع الجرس.

لم يستجيب أحد رغم استماعه إلى صوت محمد ويوسف من الداخل.

عقد حاجبيه ولم يفهم ما يحدث.

رفع يده وطرق الباب بيده تلك المرة وأثناء فعلته فُتح الباب واستمع إلى تلك الكلمات الناتجة عن شجار بسيط طفولي بين الاثنان:

-هي دي شقتك ولا شقتي، لما تبقى شقتك ابقى افتح أنت.

كاد محمد أن يعلق على كلمات يوسف لولا صدمته و وقوفه متجمدًا محله هو ويوسف وهما يرون فريـد أمامهما بعد كل تلك الفترة من البعد والفراق عنهم جميعًا….وأيضًا بمظهر جديد جيد للغاية.

تخطى محمد صدمته واندفع بجسده تجاه فريـد يعانقه دون تردد.

بادله فريـد عناقه بيد واحدة فالأخرى لست خالية، مستمعًا إلى كلمات الآخر المعبرة عن اشتياقه لـه:

-يا فريـد وحشتنا بجد، إيـه التغير الحلو ده لا جدع بجد، عاش.

ابتعد الاثنان عن بعضهما وعلق على حديث محمد:

-الله يكرمك، ولسة في أحسن من كدة كمان الصبر بس.

ثم حول بصره نحو يوسف المتجمد يرمقه بنظرات معاتبة يلومه بها على ابتعاده كل تلك الفترة.

وبترقب وهدوء سأله:

-إيـه يا يوسف مش هتسلم عليا؟؟؟ صاحبك وابن عمك وأخوك مش وحشك؟؟؟

قاوم يوسف رغبته في البكاء وكبح مشاعره، وصوب حديثه لـ محمد:

-محمد قولـه ميكلمش معايـا ولا لسانه يخاطب لساني.

ارتفع حاجبي فريـد ثم قام بتسليم ما آتى بـه من هدايا لهم لمحمد، هاتفًا بحزن أجاد إتقانه:

-ماشي يا محمد قولـه أني ماشي، بس كمان قولـه أنه وحشني ومكنتش فاكر قلبه جاحد بالشكل ده…وكان نفسي بجد أشوف ابن أخويا… يوسف الصغير.

أدرك محمد حقيقة ما يفعله فريـد وهو اللعب على مشاعر يوسف الحنون والذي لن يتحمل أن يراه يذهب دون أن يعبر لـه عن مدى افتقاده لـه ويجعله يرى ابنه بل ويلعب معه، وأيضًا يعرفه على زوجته التي استطاعت سلبه قلبه.

أولاهم فريـد ظهره وخطى خطوتان وقبل أن يخطو الثالثة قام يوسف بتوجيه الكلمات إليه:

-متمشيش….ومتزعلش، بس أنت وحشتني، أنت معندكش دم بجد وحيوان كمان.

التفت فريـد ولم يمهله يوسف وقتًا كي يستوعب حديثه معانقًا إياه عناق أخوي محب.

ضمه فريـد وأخبره معتذرًا:

-حقك عليا، بس كنت عايز افاجئكم…وحشتني يا صاحبي.

مرت دقائق معدودة وكانت إسلام وبـرق يخرجان من غرفة بـرق بصحبة ابنها يوسف.

أشار محمد نحو إسلام وهتف يعرفه هو الآخر بزوجته:

-مراتي إسلام يا فريـد، وبـرق أختها وتبقى مرات يوسف، أما بقى النونو ده فـ ده يوسف الصغير ابن يوسف الكبير، أما أنا وإسلام لسة محصلش نصيب.

ابتسم لهما فريد ورحب بهما وهما كذلك أيضًا وسرعان ما أخذ يوسف ابنه الصغير ومنحه لـ فريـد الذي ردد من بين ضحكاته:

-يوسف يوسف..ابن صاحبي وأخويا، قاهر قلوب البنات المستقبلي بعون الله.

لكزه يوسف وهتف يصحح لـه:

-قاهر في عينك، ابني ميقهرش قلب حد.

وبعد تبادل أطراف الأحاديث تذكر فريـد أن يخبرهم أيضًا:

-شباب صحيح أنا عندي خبر وحش.

-خبر إيـه؟؟؟

-مع الأسف أبو عروسة صابـر مات النهاردة، ادعوله بالرحمة.

_________________________

بعد مرور يومان، انتهت فترة العزاء، وبعد محاولات كثيرة باءت بالفشل من صابـر لرؤية أميرة والأطمئنان عليها والوقوف معها في تلك الظروف العصيبة..فقد كانت ترفض مقابلته وتتعلل والدتها وتخبره بأنها ليست بخير.

وافقت أخيرًا أن تراه وتجلس معه.

أخذ صابـر نفسًا طويلًا وزفره بهدوء تام، وهو يمعن النظر بها فها هي تقبع أمامه على الأريكة وهو يجلس على مقعد مريح مجاور للأريكة الجالسة عليها، يشعر بصعوبة ما تمر بـه ويعرف بأن الكلمات لن تهون عليها ولكن ما باليد حيلة ولا يملك سوى هذا الحل.

ما لبث أن يفتح فمه ويتحدث معها بأي شيء.

يخبرها بأنه معها وجوارها، سيحاول تعويضها رغم إستحالة ذلك فلا يتواجد على وجه الارض شخصًا يعوض مكانة الأب في قلب ابنته ولكن ما هي سوى محاولات منه ربما كي يثبت لها أنها ليست وحيدة هو معها وكذلك والدتها.

سبقته وتحدثت قبله لم تترك لـه فرصته للحديث، قائلة دون النظر إلى وجهه:

-لو مش ناوي تقول حاجة عرفني عايزة ادخل الأوضة أنام.

طريقتها في الحديث وكلماتها لم تنال إعجابـه، بل جعلت الكلمات تتوقف على طرف لسانه ولا ينطق بأي شيء مما كان يريد التفوه بـه.

ولكن هل يقسو ويفتعل شجارًا الآن ويسألها لما تتحدث معه بتلك الطريقة الفظة في عيونـه.

كز على أسنانه يكبح استياءه وغضبه الذي يرغب في الأنفلات والانفجار في وجهها.

ولكن تماسك بكل قوته وقمع كل ما يعتريه بصعوبة، مخبرًا ذاتـه بأنه لن يفعل هذا وسيتحملها…فكل منا تختلف طريقته في التعبير وإخراج حزنـه ورغمًا عنا في بعض الأحيان تكون الطريقة فظة.

ظلت عيونه مثبتة عليها وقبل أن تتحدث مرة أخرى سبقها هو تلك المرة قائلًا بهدوء ظاهري فقط:

-أميرة أنـا عـ……

انفجرت فيه وكأنها كانت تنتظرها وتطلبها وها هي قد نالتها، لم تعد بإمكانها التحمل….أو تحمله هو تحديدًا.

هبت من جلستها أعلى الأريكة، هاتفة بغضب كلي احتل نبرتها واعتلى وجهها:

-برضو أميرة، برضو المفروض أقولك كام مرة أني بكره الاسم مبحبــــوش متقوليش يا أميرة وبرضو مصمم عليه أنت ليه مش بتحترم رغبتي ليه مش بتعملي الحاجة اللي أنا عايزاها، إيـه صعب عليك تقولي ميرا.

نهض صابـر هو الآخر وحاول تنظيم أنفاسه والتي تسارعت من فرط الغضب الذي تسلل إليه ورغم نجاحة في كبحه في بادئ الأمر إلا أن قدرة تحمله قد باتت مستحيلة فقد صُدم مما رآه واستمرارها في التعليق على اسمها حتى في هذا الوقت الثقيل على القلب!!

-وطي صوتك وأنتِ بتكلمي يا أميرة وبعدين هو أنا بشتمك!!! أنا بكلمك باسمك، أنا بجد مش فاهمك ولا فاهم أنتِ بتكلمي في إيـه أنا مش مصدقك ومش قادر استوعب.

أوشكت على الصراخ في وجهه وأخباره الحقيقة الذي يشعر بها أحيانًا إلا أنه ينكرها، ولا يوهم ويخدع سوى نفسه.

لولا حضور والدتها والتي انقذت الموقف وأوقفتها عما يحدث بتدخلها قائلة بأعين لا ترتكز إلا على ابنتها الثائرة:

-في إيـه يا بنتي صوتك عالي ليه؟؟؟؟ عيب كدة، أي كان مينفعش صوتك يعلى بالشكل ده.

نظرت أميرة في عيون والدتها وفمهت مغزى نظراتها والتي تخبرها بالتراجع وألا تتهور، في بالنهاية لا ترغب الأم في خسارة ابنتها شاب مثل صابـر.

انتبه صابـر لما يحدث بينهم من تواصل بصري.

ضاقت عيونه وحاول قراءة ما يحدث وأثناء ذلك نظرت إليه والدتها تبرر لـه أفعال ابنتها:

-معلش يا صابـر أميرة أعصابها بايظة متاخدش على كلامها يا بني حقك عليا أنا.

هنا وترقب صابـر أن تصرخ مثلما تفعل معه لنطق والدتها اسمها التي تكرر دون ملل أنها تبغضه ولكن هذا لم يحدث…لم تعلق حتى بل التزمت الصمت التام.

هنا وابتسم بسمة ساخرة، ثم ردد وهو على أتم استعداد لمفارقة المنزل:

-ولا يهمك أنا همشي دلوقتي لو احتجتوا أي حاجة في أي وقت كلموني…مع السلامة.

بعد ذهابـه وتناهي صوت الباب إلى والدتها، استدارت إليها تسألها بعدم تصديق:

-إيه اللي بتعمليه ده؟؟؟ بتعامليه كدة ليه؟؟؟ هو ده جزاته يعني؟؟ صابـر ميستاهلش منك المعاملة دي إيـه.

وبانفعال مفرط أجابت عليها تبرر لها ما تفعله معه:

-لا يستاهل كذا مرة أقوله متقوليش يا أميرة متقوليش يا زفت وبرضو مصمم ينرفزني مش كفاية أني مبطقهوش مش كفاية جبرتوني عليه أنا خلاص مش قادرة مش بينزلي من زور، كل كلمة بيقولها أو حاجة بيعملها بتعصبني، قولتولكم مش عايزة الموضوع كله من الأول محترمتوش رغبتي لا أنتِ ولا بابا، فرضتوه عليا وبسببكم وبسبب إلحاحكم وزنكم وافقت، أنا موافقتش بمزاجي و مليش في جواز الصالونات ده.

-جبرناكي عشان عايزين مصلحتك، صابـر ميتعوضش ابن ناس ومتربي ويفهم في الأصول، كفاية أوي أنه مستحمل قلة ذوقك و وقف جمبنا هو وأهله في وقت زي ده، بلاش تتبطري على النعمة يا أميرة عشان متزولش من وشك يا بنتي.

تفاقم انفعالها وحنقها وتركت الحديث بأكمله وعلقت تلك المرة بعصبية:

-برضو هتقوليلي أميرة أنتِ كمان، أنتوا متفقين عليا!!!!! ماما أنا مش هكمل في الجوازة دي ومش عايزاها، وده آخر كلام عندي.

_________________________

لم يتحرك صابـر بسيارته ظل واقفًا مثلما هو، فقط كل ما فعله فور مغادرته منزلهم هو صعود سيارته والجلوس بها.

يفكر ويفكر ويفكر.

تفكير لا نهايـة أو حدود لـه.

هو ليس بالأحمق.

أو عديم المشاعر.

هو ذكي ويملك مشاعر مثل الجميع.

قد يظهر للجميع بأنـه باردًا لا يفقهه في المشاعر والحب شيء ولكنه على العكس تمامـًا بالنهاية هو بشر من لحم ودم.

حاول أن ينكر كثيرًا ما كان يصل إليه من أسلوبها وطريقة حديثها معه، حاول التبرير لها مرارًا وتكرارًا.

كان يرغب في أن تكمل تلك الزيجة ويتزوج ويملك منزل خاص بـه و زوجة يراعاها وترعاه…واضعًا قلبـه جانبـًا داعسًا عليه بكل قسوة وجحود.

ولكن كان غباءًا منه أن يتابع مع فتاة لا تحبه أو حتى تتقبله.

فهي حتى لا تتقبل حرف منه ما بالك هو كيف تشعر تجاهه.

آتى في جاله ذلك اليوم التي عرضت عليه والدته أمر أميرة واقترحت عليه أن يخطو خطوة ويفكر في الارتباط والزواج ويذهب لرؤيتها ومقابلتها قائلة في حقها وحق عائلتها الكثير من الصفات الجيدة والذي يبحث عنها أي رجل يطمع في

الاستقرار وتكوين أسرة…والغريب الصادم بالنسبة لوالدته هو موافقته بكل سهولـة، سهولـة لم تتوقع أن تجدها منه وعلى الفور حادثت والدة أميرة والتي كانت تعرفها معرفة بعيدة واتفقا على ميعاد كي يتقابلا ومن بعد تلك المقابلة التي لم تطول ولم يظهر اعتراض أميرة وكان أسلوبها حينها هادئًا لبقًا على النقيض تمامـًا بأسلوبها الذي بدأ يتحول ويتغير بعد خطوبتهما وارتداء الخواتم وكأن تلك الزيجة لست على هواها ومجبرة عليها من قِبل أهلها وعلى وجه الخصوص والدها.

كذب على نفسه وتحملها كثيرًا ولكن نفد صبره وقدرة تحمله.

لن يكذب على نفسه بدءًا من تلك اللحظة وذلك لأن نفسه لا تستحق أن يفعل بها ما يفعله بل هي دائمًا تستحق الأفضل.

حسم قراره وعزم على تركها لن يظل مع فتاة لا تتقبله وتطيقه ولكن هذا ليس الوقت المناسب.

هو يريد العيش في منزل يملؤه السلام والاستقرار، منزل يحب العودة إليه بكل صدر رحب وليس لجحيم يهرب منه ولا يرغب بالدخول إليه.

_______________________

في اليوم التالي.

حل اليوم المنتظر وهو يوم قدوم عـادل وعائلته وصديقه الوحيد الماكث معه في منزل واحد مستقلًا معه بعيدًا عن عائلته، للتقدم لجهاد بشكل رسمي.

لم تذهب جهاد وشقيقاتها إلى منزل شكري وزوجته بل جاء هما الاثنان إلى منزل جهاد و وصلا باكرًا كي يتجهزان هنا قبل موعد قدومهم.

لم تكن المرة الأولى التي تأتي بها نرمين بل جاءت من قبل مرة واحدة رفقة زوجها راغبة في مشاهدة المنزل والتي لم تكن ترى سوى جزء بسيط منه في الفيديوهات التي تقوم جهاد بتصويرها أو أثناء البث المباشر.

وحينما وطأت قدميها للداخل في المرة الأولى بدأت تتفحص تفاصيل المنزل..لم تترك شيء لم تمعن النظر بـه وعلى الفور تمكن منها الحقد، والغيرة وانعكس ما تشعر بـه في لحظتها بعيونها.

تلك المرة استقبلتهم ضياء واتجه الاثنان نحو الصالون، جلس شكري أولًا.

بينما التفتت نرمين نحو ضياء وسألتها بحاجب مرفوع:

-أومال فين المحروسة أختك…قصدي العروسة مش عيب متستقبلناش هو أحنا بايتين في حضنها ولا يكونش بايتين في حضنها.

وبكل برود ردت عليها ضياء بتلك الكلمات:

-جهاد مش فاضية، بتجهز في الأوضة ومعاها الميكب ارتست.

اتسعت عيون نرمين وهتفت بدماء تفور:

-ولازمته إيـه الميكب ارتست ليه الأفورة دي وبعدين هو العريس أول مرة يشوفها دول أربعة وعشرين ساعة مع بعض.

رددت الكلمات الأخيرة بطريقة ليست بريئة حملت بين طياتها الكثير من الافتراءات.

لم يعقب شكري ويدافع عن ابنته، فقط ظل الصمت يصاحبه، في حين أن ابنته قد اغتاظت وصاحت في وجهها تحل محله ودوره وما يفترض أن يتسم بـه:

-أنتِ قصدك إيـه!!!!! وإيـه أربعة وعشرين ساعة مع بعض دي هو أنتِ معاهم الأربعة وعشرين ساعة وشايفاهم سوا، اسمها بيشتغلوا سوا وأنا مسمحلكيش ترمي كلام ولا تلمحي مجرد تلميح ميعجبنيش على أختي، أنت سامعة؟؟

خرجت شهقة عالية من فم نرمين، تجيبها بانفعال:

-لا اهدي كدة واقفي عوج واتكلمي عدل، ما تشوف بنتك يا شكري ده ناقص تديني قلمين.

وها قد جاء دوره للحديث ولكن ليس للدفاع ونفى اتهام زوجته عن ابنته، بل من أجل الوقوف مع زوجته ضد ابنته الثانية ضياء:

-اتكلمي معاها عدل بدل ما أقوم ألطشلك أنتِ هتشوفي نفسك علينا ولا إيـه، لا ده أنا أجيبك تحت رجلي……تعالي يا نرمين اقعدي متقفيش كتير عشان متتعبيش تعالي.

رفضت نرمين الجلوس وقالت لـه وهي تنظر داخل عيون ضياء بكل تحدي:

-لا مش هقعد هنا أنا مش جاية أقعد، أنا هدخل أشوف العروسة…عندك مانع يا آنسة ضياء ولا حاجة لو عندك قولي.

-وهي تقدر تفتح بُقها، ادخلي يا نرمين اعملي ما بدالك يا أم عوض.

__________________________

تجلس جهاد على مقعد مرتفع قليلًا، ترفع رأسها تثرثر مع الفتاة (الميكب ارتست) والتي اختارتها لمثل هذا اليوم وهي تباشر عملها بهدوء.

فلم يكن هذا التعامل الأول بينهما..فقد كان لجهاد دورًا كبيرًا في شهرة الفتاة عن طريق الترويج لها ولعملها والتي أحبته كثيرًا فكانت تراها تستحق الشهرة وترى عملها أفضل من كثيرات سبق لها التعامل معهم ولكن عملهم لم ينال إعجابها مثلما نالت هي.

وتلك الفتاة ما هي إلا ريهام..

ريهام التي عانت كثيرًا سواء كان بعد اكتشافها خيانة ياسين لها وطلاقها وحتى بعد موتـه…ولولا وقوف عائلتها و صديقتها زهـر بجوارها ومحاولتهم مساندتها بشتى الطرق ما كانت الآن واقفة على قدميها.

فقد كان لـزهـر النصيب الأكبر في تشجيعها للعودة إلى ممارسة عملها والتي توقفت عنه من أجله.

وهل بالفعل كان يستحق تلك التضحية التي قامت بها؟؟

هكذا تساءلت وكان الجواب هو لا…لم يستحق ولا يستحق أحد أن تتوقف عن عملها من أجله.

وبالفعل بدأت تستعيد نشاطها وعادت للعمل وتعاونت مع كثير من مشاهير السوشيال ميديا وكان من ضمنهم جهاد والتي رغبت في تشجعيها هي الأخرى ورأتها تستحق هذا عن جدارة و رويدًا رويدًا بدأت علاقتهما أن تتعمق وبات الاثنان صديقتان مقربتان.

ارتفع حاجبي جهاد بعد استماعها إلى حديث ريهام تسألها بعدم فهم:

-طب بجد معاه حق ليه متديهوش فرصة يا ريهام، أنتِ هتفضلي موقفة حياتك يعني؟؟ ما أنتِ مصيرك هتتجوزي أكيد مش هتفضلي من غير جواز، يبقى ليه متديهوش فرصة خصوصًا أنه قالك أنه بيحبك وعايز يدخل البيت من بابه.

ظلت ريهام تباشر عملها دون توقف، مجيبة عليها بصدق و خذلان مما رأت ومضى:

-مش كل اللي بيقولك أنه بيحبك يبقى بيحبك بجد وتصدقيه بسهولة، الحب أكبر من أنه يكون كلمة سهلة تتقال، أنا مش عايزة اللي يقولي بحبك، أنا عايزة اللي أشوف في عينه وأفعاله أنه بيحبني بجد، أنا صعب أثق وأصدق راجل تاني.

-طب وهو أنتِ ادتيله فرصته عشان تشوفي في عينه وأفعاله هو بيحبك بجد ولا لا، اديله فرصة يا ريهام وبعديها قرري، الخطوبة اتعملت عشان نقدر نتعرف على اللي معانا ونشوف طباع بعض ونقرر سواء هنقدر نكمل والموضوع يوصل لجواز ولا أساسًا الموضوع مش نافع، محدش بيقولك أتجوزوا بس على الأقل خليه يجي ويتقدم مدام هو مُصر.

تنهدت ريهام ثم أخبرتها:

-كلامك نفس كلام ماما و زهـر…مش عارفة بقى ربنا يقدم اللي فيه الخير.

وعلى ذكر زهـر تذكرت جهاد صابـر.

شعرت بغصة في قلبها كان سببها ذكر أخته فقط.

ابتلعت ريقها وحاولت الثبات وفي تلك اللحظة فُتح الباب دون إستئذان ودخلت نرمين تاركة الباب مفتوح خلفها قائلة بصوت عالي انتشلها من تلك الحالة:

-مبروك يا بنت جوزي..ربنا يتمم على خير.

أثناء مباركتها دارت عيونها على جسد جهاد تحدق بالفستان المنزلي التي ترتديه.

ثم سريعًا ما حولت نظرها نحو ريهام التي توقفت وابتعدت عن جهاد تترك لها مساحة للحديث والرد على زوجة أبيها ولكنها لم تترك لها مجالًا وصوبت حديثها تلك المرة نحو ريهام قائلة ببسمة واسعة:

-أنتِ ريهام الميكب ارتست اللي عملتي لجهاد قبل كدة صح؟؟ ده أنا عملالك فولو وكل ما تنزلي فيديو بتفاعل عليه وبسيبلك كومنت، بجد شغلك خطير وبذات بتاع الأفراح وكان نفسي من زمان أوي تعمليلي شوفي الصدفة…أنتِ بقى خلصي جهاد واعمليلي مفيش مناسبة أحسن من دي عشان تعمليلي وكدة كدة لسة بدري كويس أنكم بدأين بدري والله جت بفايدة.

وقبل أن تعلق جهاد جاء الرد من ريهام تخبرها بكل هدوء وجدية:

-تسلميلي وكان نفسي اعملك والله بس مع الأسف مش هينفع عندي عرايس تانين ومواعيد لو كنتي حجزتي من قبلها كنت عملتلك.

ابتسمت جهاد من رد ريهام وعلى الفور قالت لها:

-معلش يا مرات يا أبويا اطلعي وخدي الباب في أيدك عشان ريهام متعرفش تشتغل وحد موجود.

شارفت نرمين على الإنفجار، سواء من ريهام التي رفضت تجميلها أو جهاد التي تقوم بطردها الآن دون ذرة خجل.

أولتهم ظهرها وأثناء خروجها وجدت ضياء في وجهها فأخبرتها بصوت وصل إلى جهاد:

-متدخليش أختك مش عايزة حد معاها.

-تعالي يا ضياء عايزاكي.

لم تمنع ضياء بسمتها من الظهور والارتسام على وجهها وأجابت على جهاد وهي تنظر في عيون الآخرى بتحدي:

-حاضر…عن إذنك يا مرات أبويا أختي عايزاني معاها.

ثم تحركت و ولجت الغرفة وأغلقت الباب خلفها.

أما نرمين لم تلتزم الهدوء والصمت وقررت إشعال الأجواء.

دنت من زوجها الجالس على الأريكة يتابع شاشة التلفاز الذي قام بتشغيلها:

-شوفت بناتك وعمايلهم وقلة ذوقهم، بقى أنا داخلة عشان أباركلها تقل بذوقها معايا وتطردني برة وتدخل ضياء ويقفلوا الباب في وشي، أنا يعملوا فيا كدة؟؟؟؟ كنت عملتلهم إيـه عشان استاهل منهم كدة يا شكري هـا رد عليا.

-لمي الدور يا نرمين مش عايزين نعمل مشكلة من مفيش مع جهاد، البت شيلانا وبكرة تشيل أخوها.

-أنت عايز تفرسني..أ..

لم تتابع بفضل قدوم إسلام وبـرق كي تقفان مع جهاد في هذا اليوم فقد قامت عصمت بفتح الباب لهما.

ألقت بـرق التحية أولًا وهي تحمل معها ابنها النائم:

-سلام عليكم.

بينما لم تنطق إسلام بشيء.

رد شكري السلام بجفاء، مبدلًا الحديث قائلًا:

-الواد نايم ولا إيـه.

وبضيق بسيط ردت بـرق:

-أيوة واسمه يوسف يا بابا.

-يوسف آه، رايحة تسميه على اسم جوزك ده بدل ما تسميه على اسم أبوكي.

وأخيرًا نطقت إسلام ودافعت عن أختها باستماته:

-ومالـه اسم يوسف مفيهاش حاجة لو سموه على اسم أبوه، يوسف مش وحش وشايل برق على رأسه ربنا يحميهم ويبعد عنهم العين، قولي آمين يا بت يا بـرق.

رضخت بـرق ورددت:

-آمين يارب.

برقت عين نرمين بخبث وعادت بظهرها للوراء، رافعة يديها واضعة إياها على جوفها مررة أصابعها بهدوء هاتفة بمكر يليق بها:

-ألا صحيح يا إسلام أنتِ مش متجوزة مع أختك! ليه بقى محملتيش لحد دلوقتي؟؟؟ أوعي يكون عندك مشكلة ولا يكونش جوزك.

وبدون تفكير وباندفاع ردت إسلام:

-شيء ميخصكيش يبقى متكلميش فيه، وياريت تخليكي في نفسك.

حولت نرمين بصرها نحو زوجها تنتظر تعقيب منه على حديث ابنته الفج الفظ.

فتح شكري حديثه قائلًا بانفعال من طريقتهم في التعامل مع زوجته:

-هو في إيـه شايفين نفسكم على إيـه وبتعاملوها كدة ليه، هي غلطت في إيـه بتطمن عليكي.

كذلك نهضت بـرق أثناء حديثه خلف إسلام التي لم تعقب وترغب في دخول شجار معهما.

___________________________

حل المساء وحضر عـادل وصديقه المقرب وعائلته المكونة من والده و والدته وشقيق صغير.

يجلس في حجرة الصالون مع شكري و زوجته، إسلام، وبـرق، روضة، وإحسان التي كانت الحقد يملئ قلبها.

دقائق معدودة وكانت جهاد تخرج رفقة باقي شقيقاتها ترتدي فستان أبيض اللون وحجاب مربوط للخلف لم يخفي عنقها المزين بسلسلة بسيطة من الذهب.

نهض عـادل ومنحها باقة الورد الذي آتى بها من أجلها وجلس مجددًا، ثم راقبها بأعين كالصقر وهي ترحب بعائلته ترحيب حار،  وبعدها جلست هي الآخرى وطيلة الجلسة لم يستطع إزاحة عينه عنها وشعر بسعادة لم يسبق لـه أن شعر بها.

معترفًا للمرة الذي لا يعلم عددها بأنها فعلت بـه ما لم تستطع غيرها فعله.

اتفقوا على كل شيء وسارت الجلسة على ما يرام ولم يحدث اختلاف على شيء.

تم قراءة الفاتحة واتفقا على موعد الخطوبة والزفاف وبعد الإنتهاء انطلقت “الزغاريد”.

كما بدأ عـادل وجهاد التقاط بعض الصور كي يعلنان ارتباطهما بشكل رسمي.

كما قاما بتصوير بعض الفيديوهات قام صديقه بتصويرهم وكان من ضمنهم واحدًا تعمدت جهاد إيصال رسالـة إلى سـارة بطريقة غير مباشرة بواسطته، قائلة لـه خلال التصوير تلك الكلمات:

“بجد مكنتش متخيلة أن اللحظة دي هتيجي بالسرعة دي، بس ده يثبت قد إيـه أحنا بنحب بعض وهنكمل مع بعض غصب عن عين اللي بيكرهونا وبيتمنوا أننا نسيب بعض وده مش هيحصل غير في أحلامهم، ولو هتدعولي فعلًا ادعولي أن ربنا يتمملنا على خير..”

غزت البسمة الواسعة السعيدة وجه عـادل فقد وصل لـه مغزى كلماتها وفهم تلميحها والرسالة التي تهدف في إيصالها إلى حبيبته السابقة.

فما كان منه سوى التقاط كف يدها وتقبيله بحب وتوق لتلك اللحظة التي ستجمعه بها تحت سقف واحد على أحر من الجمر.

تم نشر الصور والفيديوهات..ولاقت تفاعل كبير في وقت قصير.

ومن ضمن من شاهد ورأى ما تم تنزيله كانت سـارة التي تغاضت عن ألم قلبها مما تراه من لحظات كانت تتمنى أن تعيشها معه يومًا ما.

فقد حلمت بهذا اليوم كثيرًا، ولكن الأحلام غير الواقع وقد تأتي بما لا تشتهي الانفس.

ها هو قد آتى لـه ولكن مع فتاة غيرها.

فتاة تعيش الآن حلمها.

_______________________

عادت عائلة عـادل إلى المنزل وعاد هو رفقة صديقه إلى منزلهم.

ولج غرفته وبدل ملابسه بأخرى ثم دفع جسده على الفراش يبتسم بسمة حالمة، يتذكر تفاصيل هذا اليوم الأجمل على الإطلاق.

لم يدرك كم من الوقت مـر وهو على هذا الحال ولم يفيق إلا على صوت الباب الذي فُتح وطل منه صديقه يسأله:

-نمت ولا إيـه يا عـادل؟

نفى عـادل وقال وهو ينظر نحوه ولا يزال يتمدد على الفراش:

-لا صاحي بس بحلم وأنا صاحي.

ابتسم صديقه واقترب منه يخبره:

-حتى لو نايم كنت هصحيك.

وباهتمام سأله:

-أشمعنا؟

-محضرلك مفاجأة أنما إيـه من العيار التقيل ومن صاحبك وأخوك اللي حابب يوجب معاك.

قرع الجرس و وصل صوته إليهما، فصاح صديقه ببسمة جانبية:

-أهي المفاجأة وصلت.

غادر الغرفة كي يفتح الباب وعـادل نهض وخرج من خلفه بفضول.

اتسعت عيون عـادل وهو يراه يفتح الباب ويقف على عتبة منزلهما امراتين قام على الفور بإدخالهم.

تحركا الاثنان وجلسا على الأريكة يطلقان الضحكات الخافتة المائعة..بينما تحرك هو نحو عـادل يسأله:

-إيه رأيك بقى في المفاجأة دي.

جذبه عـادل لداخل الغرفة وأغلق الباب متحدث بتشنج:

-إيـه اللي أنت هببته ده، أنت عارف أني.

كاد يخبره بأنه قطع علاقاته بالفتيات ولم يعد بعلاقة سوى مع جهاد الذي يعشقها.

-عارف هتقول إيـه، بس هي جهاد هتعرف منين يعني، وبعدين أيام زمان وحشتني بصراحة ومفيهاش حاجة لو فرفشنا يوم، وبعدين ده بدل ما تشكرني..وبعدين بص عليهم كدة بصة تاني كدة والله هيعجبوك، متنكدش علينا بقى وخلينا نحتفل بيك ونرجع يوم من أيام زمان…يلا يا عـادل، بذمتك مش جامدين.

ختم حديثه وهو يفتح الباب فتحة صغيرة كي يجعله يلقي نظرة عليهم.

وبالفعل نجح صديقه في التأثير عليه فكما يقولون:

“الزن على الودان أمر من السحر.” وخاصة مع ذكور أمثال عـادل.

كما وسوس لـه الشيطان وزين لـه الفكرة وجعله يضعف يخبر نفسه

لما لا؟؟؟؟

ستكون المرة الأولى والأخيرة.

لن تعرف جهاد شيء عنها!!!!!!

إذن لا بأس بأن يستمتع قليلًا وليوم واحد.

لن تخرب الدنيا.

خرج رفقة صديقه وجلس مع الفتيات وبدأ يستمتع وينخرط أكثر وأكثر سواء كان مع رقص الفتيات ومحاولة تقرب واحدة منهما منه.

لم يمانع واستجاب وغفل تمامًا عن صديقه الذي نهض وترك الفتاة الثانية تنشغل بالرقص وآتى بالهاتف وبدأ يلتقط الصور بشكل سريع لكن واضحة لصديقه مع الفتاة…يستجيب ويتجاوب معها بشكل يثير الأشمئزاز.

زينت بسمة خبيثة وجهه وسرعان ما قام بأرسال الصور إلى شخص ما……

على الطرف الآخر.

كان الهاتف بين يديها وتلقت الصور التي تعود لعـادل ورافقها رسالـة تخبرها:

-الصور أهي زي ما طلبتي وزي ما اتفقنا، حوليلي الفلوس اللي اتفقنا عليها ودلوقتي يا ســــــــارة..

«يتبع»………

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق