رواية الحب كما ينبغي الفصل الثلاثون 30 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثلاثون

الفصل الثلاثون

الفصل الثلاثون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الثلاثون:

انفرد “سلطـان” وابنائه أشرف وخليل بأحفاده محمد و يوسف داخل غرفة المكتب، يقبع هو خلف المكتب جالسًا على مقعده وابنائه يقفان بجواره أما أحفاده فكانوا يجلسون أمامه كل واحد منهما يجلس على مقعد.

لا تخلو الأجواء من التوتر و يعمها السكون التام بعدما باتت الأمور واضحة حتى أمام آبائهم ولم يعد هناك ما هو مخبأ بعدما أدرك سلطان بكل شيء حدث ويحدث مع كل حفيد من أحفاده و هما يدركون بأنه بات على علم.

قطع هذا الصمت بعد المواجهة مع الاثنان صوت سلطان الذي بدأ صبره ينفذ من سكونهم و حرجهم الشديد:

-مـا تنطـق يا بنـي أنت وهـو سـاكتين ليـه!!! ردوا عليا حد فيكم ينطق ويقولي أنتوا راضيين عن اللي عملتوه ده! مبسوطين وأنتوا كل واحد فيكم قد الشحط والبغل وبيكدب عيني عينك مش مكسوفين من نفسكم قولولي إيـه اللي استفدتوه وعاد عليكم من الكدب ها…هرد أنا مكانكم وأقول ولا أي حاجة.

تبادل الاثنان النظرات سريعًا وتلك المرة سبق يوسف محمد قائلًا:

-جدو، بـابـا، أنـا عارف أنـي غلط أنا أسف بس صدقوني غصب عني أنا بحبها أوي حبيتها من أول نظرة من أول ما عيني وقعت عليها تصرفي مكنش صح بس أنا دلوقتي عايز أصلح كل حاجة عايز اتقدملها ونتجوز وكان لازم أبلغ حضرتك بقراري ده وأنت كمان يا بابا.

جاء دور محمد فصاح يعتذر هو الأخر من جده وأبيه على كذبه السابق عليهم فيما يخص عمله:

-أنا كمان تصرفي من الأول مكنش صح وكان المفروض افكر وأخد قرار صح وأعرف أنه الكدب عُمره ما كان حل أبدًا علشان كدة أنا كمان قررت وقولت لازم أتكلم علشان تعرفوا قراري.

ضرب سلطان بكف يده على سطح المكتب بخفة وهو يقول بتحفز و سعادة من قرارهم هذا:

-وهو ده اللي كان المفروض يحصل من الأول لو كل واحد حب واحدة وعمل زيكم كدة مش هنخلص، بس مش مهم اللي فات و راح المهم اللي جاي وهو ده القرار السليم والصائب و الصح، بـــس..

هتف يوسف بلهفة :

-بس إيـه يا جدو!!

اقتحم جابـر المكتب بتلك اللحظة وهو يردد ببسمة واسعة بعد أن أدرك رغبة محمد ويوسف بالزواج من والدته التي شاعت بالخبر بالخارج:

-افرحي يا عروسة أنا العريس يا عروسة يا عروسة أنا العريس..مبسوط من قلبي لأرواح قلبي.

كبح يوسف ومحمد ضحكاتهم بينما صاح سلطان مصوب حديثه لجابر:

-جابـر اتصلي بـ آسـر خليه يجي قوله جدك عايزك ويجيلي حالًا.

قطب حاجبيه و سأله جابر:

-خير يا بابا عمل إيـه هو، استر يا اللي بتستر.

-كلمه بس وبعدين أقولك.

اماء بموافقة وعاد مغادرًا كي يأتي بهاتفه ويحدث آسـر.

تابع سلطان ما توقف عنده مضيفًا بهدوء وهو يبصر يوسف:

-هترجع تعيش في البيت هنا وسطينا وسط أهلك وناسك ممنوع تبعد عننا تاني.

وبالتأكيد أخبره يوسف بموافقته:

-موافق جدًا موافق أوي يا جدو……بس في مشكلة مش عارف ممكن تأثر ولا لا.

عقد سلطان حاجبيه وسأله بدهشة:

-مشكلة إيـه دي؟؟؟؟

-آسـر وصابـر وعمي جابـر ضربوا وأتخانقوا مع أبو البنت اللي أنا عايز اتجوزها النهاردة واللي هو هو أبو البنت اللي محمد عايز يتجوزها فمش عارف هل ده ممكن يبقى عائق ويخلي عمو شكري يرفض ولا إيـه.

هنا وصاح محمد يخبر جده يبرر فعلة الثلاث مع الرجل:

-بصراحة هو يستاهل ويستاهل أكتر من كدة كمان بس هو كدة فعلًا ممكن يسبب مشكلة ويرفض بس في الأول والآخر أنا ويوسف ملناش علاقة باللي حصل ومحدش فينا مد أيده عليه.

~~~~♡♡♡♡~~~~

وصل آسـر أمام البناية ثم خطى بقدمه داخلها.

وصل الدور الذي يقطن بـه.

وكذلك هـي.

وقف أمام باب الشقة وأخرج المفتاح وضعه بمحله وقام بفتحه وقبل أن يلج للداخل وجد جسده يلتفت رغمًا عنه ويبصر باب شقتها.

الحاجز بينه وبينها.

متمنيًا رؤيتها أو حتى لمح طيفها.

يسأل نفسه هل تنعـم بنوم هانئ أم لا تزال يقظة.

متذكرًا صوتها الذي استمع إليه اليوم بفضل أحمد ومحادثته معها.

وللحق يحسده، فهو بالأخير يستطع الحديث معها وتتقبل هي هذا بصدر رحب.

بتلك اللحظة وبفضل تفكيره وأنشغاله الكلي بها بات خفقان قلبه غير منتظم وتسارع كأنه يخوض سباق ما.

انتبه لدقات قلبه المتسارعة والذي يكاد يجزم بأنه يستمع إليها من علوها وقوتها.

هز رأسه يحاول طردها من عقله والجًا المنزل مغلقًا الباب.

ظل واقفًا محله مرة أخرى وسؤال واحد يردده.

“مـا الـذي فعلتـه بـه وبقلبـه النابض بقوة كما لم ينبض من قبـل………..”

رفع يده و وضعها على قلبه يربت عليه وشعور بالعجز عن فهم ما يحدث يسيطر عليه.

والآن يطمح فقط أن يسكن فؤاده وتهدأ خفقاتـه.

دقائق وكان يخرج من غرفة النوم حاملًا ملابس له ومنشفة يرغب في الاستحمام ثم الذهاب بالنوم سريعًا فلم تعد لديه شهية كي يتناول شيء ما.

ولكن قبل أن يلج دورة المياة استمع لرنين هاتفه والذي صدح صوته عاليًا.

عاد أدراجه من جديد تجاه هاتفه.

التقطه ورأى بأن المتصل هو عمه “جابــر”.

أجاب عليه سريعًا بطريقة مازحة مرحبة:

-يا مساء الورد شعرك طبيعي ولا فـرد.

ضحك جابـر عاليًا ثم أجاب عليه:

-لا طبيعي يا بن أخويا والله كان بودي أقولك فرد بس مع الأسف أنا كلي طبيعي و كاريزما من يوم يومي عشان كدة عمك نضال وأبوك عابد بيغيروا مني، المهم متاخدنيش في حتة تانية وتبعدني عن اللي عايزك فيه.

ضحك آسـر تلك المرة ثم سأله من بين تلك الضحكات:

-كلي آذان صاغية أتفضل يا جابـر جبوري.

تلفت جابر من حوله يتأكد من عدم تواجد أحد حوله وما أن تأكد حتى صاح بهمس: -جـــدك.

عقد حاجبيه يسأله بترقب:

-جدو سلطان ولا مروان ميرو.

-لا سلطان.

-مالــه!!!

-عايزك تيجي دلوقتي، أنت عملت إيه يا واد أنت.

~~~~♡♡♡♡~~~~

تبادلت الأدوار وأضحى كل من أشرف وخليل ويوسف ومحمد خارج غرفة المكتب، وجابـر بالداخل بعد أن أنهى مكالمته مع آسـر و نادى عليه سلطان ثم أغلق عليهم باب المكتب.

أبصـر يوسف الباب الذي أغلق ثم نظر أمامه ليجد والدته بإنتظاره مقتربة منه بلهفة وترقب تتساءل عن صحة ما استمعت إليه وأدركته مؤخرًا من دلال.

-الكلام اللي أنا سمعته ده مضبوط يا يوسف؟! أنت فعلًا عايز تجوز؟

وبدون تردد أكد لها يوسف هذا:

-أيوة في بنت بحبها ومش عايزها تضيع من أيدي أو أخسرها لأي سبب من الأسباب علشان كدة قررت أني أخد أهم وأول خطوة هتوصلني وتجمعني بيها.

ارتخت قسمات وجهها لم يعد بإدراكه معرفة ما يدور بخلدها وما يحدث معها، باتت جامدة.

لحظات وكان يخرج صوتها معاتبًا:

-وبالنسبة لـ أمك مبتفكرش فيها؟؟ أنا استاهل منك كدة، بدل ما كنت تيجي تقولي بنفسك أعرف كدة بالصدفة!! للدرجة دي قلبك قاسي يا يوسف؟!! عرفت تحبها وخايف تخسرها ومش خايف من خسارة أمك صح، هتلاقيها هي اللي مقوياك ومقوية قلبك عليا كدة وأنا اللي مستغربة أنك متغير معايا.

هنا وتدخل أشرف يجذبها من ذراعيها معه تحت أنظار الجميع المدهوشين مما تفعله وكيف تتحول معه وتتعامل بذلك الأسلوب.

دخل الاثنان غرفتهم فصاحت تخبر زوجها:

-أوعى يا أشرف، سبني أنا مش عيلة صغيرة عشان تجرني وراك بالشكل ده.

حررها ثم أغلق الباب وعلى الفور أقترب منها متحدث بغضب مكتوم من أفعالها التي لا تكف أو تتوقف عنها مع ابنهم:

-أنتي إيـه يا وعـد أنا تعبت منك وتعبت افهم فيكي، اسمعى بقى علشان خلاص جبت أخرى من طريقتك دي، ملكيش دعوة بـ يوسف هو مش صغير، ابنك كبر خلاص وهو حر بطلي أسلوبك الزفت ده معاه وكفاية بقى تحرجيه، سبيه يعيش حياته ويحب ويجوز سبيه يتهنى متبقيش أنتي مصدر النكد والهم اللي في حياته.

لم تصمت أمامه وصاحت تدافع عن نفسها:

-أنـا يا أشرف!! أنا مصدر النكد والهم في حياته بتقولي أنا كدة، ده أنا أكتر واحدة بحبه في الدنيا دي، بتلومني على إيه أنت ها بتلومني على خوفي عليه وحبي فيه.

-الشيء لما بيزيد عن حده بينقلب ضده يا وعـد وجه الوقت اللي لازم تفوقي بقى يوسف داخل على مرحلة جديدة في حياته، مبقولكيش متحبيهوش ومتخافيش عليه لا حبيه وخافي بس بعقل بحدود، أنا متخيل من دلوقتي إيه اللي ممكن تعمليه مع البنت اللي اختارها وغيرتك منها هتبقى عاملة إزاي بس خليكي عارفة أنك لو فكرتي تزعليها أو تضايقيها هتخسري يوسف و وقتها مش هتبقى بتحبيه ولا بتحميه أنتي بتخربيله حياته وهتخليه تعيس.

عم السكون بالغرفة يتبادل الاثنان النظرات الصامتة.

لحظات وكان أشرف يقترب منها أكثر قائلًا بهدوء:

-وعـد لو بتحبيه بجد خليه مبسوط حبي اللي هو أختارها عامليها كأنها بنتك وبما يرضي الله وده هينعكس على يوسف وهيخليه مبسوط فوق ما تتخيلي وساعتها أنتي هتنبسطي علشان شيفاه فرحان صدقيني.

ظل يردد حديثه مرارًا وتكرارًا يقنعها به فلم يجد من جانبها سوى الهدوء مما جعله عاجزًا عن فهم ماهيته.

هل اقتنعت وتفكر بكلماته معها أم أن هذا ما يسمى هدوء ما يسبق العاصفة….

على الطـرف الآخـر، صدح صوت سلطان المنفعل يلوم جابـر على فعلته وإشتراكه في العراك مع شكري:

-ضربت الراجل أنت وابنك وآسـر، ضربت اللي هيبقى حما ولاد أخواتك يا فالح لا وبدل ما تعقل العيال اشتركت معاهم.

صاح جابـر يدافع عن نفسه باستماته أمام والده:

-يا أبي صدقني راجل مهزق يستاهل أكتر من كدة، ده بيضرب بناته وأنا و ابني وآسـر حبيب عمه بنقدر المرأة ومنحبش حد يجي عليها أو يمد أيده عليها مين ما كان يكون.

-بتقدروا المرأة آه، أنت عايز تشلني، طب دلوقتي محمد ويوسف عايزين يتجوزوا اتنين من بناته تقدر تقولي يا فيلسوف زمانك وعصرك أنت وهما هنعملها إزاي الراجل أكيد مش هيرضى بعد ما رنتوه علقة، إيـه الحل بقى!!

أجابه جابـر على الفور ببساطة:

-سهلة وبسيطة نديله علقة موت تاني وأهو يخاف ويضطر يوافق وساعتها مش هيبقى عنده شجاعة ولا جسارة أنه يرفض.

صمت سلطان وأخفض رأسه وشعور باليأس والأرهاق يتضح عليه، مما جعل جابـر يقترب منه بقلق وهو يسأله:

-أبي، ماذا دهاك أخبرني هل أنت بخير وعلى ما يرام؟

هز سلطان رأسه ينفي هذا:

-لا لست على ما يرام، حاسس أني هتجلط أو هتشل أيهما أقرب، بقولك إيـه.

-ماذا هيا أخبرنـي.

-سبني لوحدي واطلع ومحدش يدخل هنا سبوني أفكر وأمخمخ علشان أعرف هعمل إيـه وأول ما آسـر يوصل دخلهولي.

رد عليه بحب ومرح موافقًا متأهبًا للخروج وتركه بمفرده:

-أمرك مولاي السلطان سلطان……

~~~~♡♡♡♡~~~~

بعد مرور أربعين دقيقة، وصل آسـر واستقبله جابـر وهو يسحبه معه بعيدًا عن أنظار الجميع مقتربًا من غرفة المكتب القابع بها سلطان بإنتظار آسـر.

همس له جابـر أثناء جذبه له:

-جدك عايزك قاعد لوحده بقاله حبة ومستنيك، ادخل وأتكلم معاه وإياك تقل أدبك أو تطول لسانك عليه خليك واد خلوق مؤدب محترم ومتنساش أنه جدك مفهوم؟

أماء له برأسه يوافقه:

-حاضر يا جبوري مفهوم.

-إذن انطلق ربنا معاك يا بني.

طرقات خافضة صاحبها فتح الباب ودخول آسـر متحدث بتهذيب وهو يبصر سلطان الجالس خلف المكتب والذي ما أن استمع لصوت حفيده حتى رفع رأسه يناظره:

-مساء الخير يا جدو، حضرتك طلبت تشوفني.

هز سلطان رأسه بتأكيد مشيرًا له كي يقترب أثناء رده عليه:

-أيوة، تعالى يا آسـر أقعد.

رضخ وأمتثل لطلبه وجلس أمامه وبدأ الفضول يتسلل إليه، لكنه لم يدم طويلًا فقد بدأ سلطان الحديث وكانت تلك الكلمات هي البداية:

-أنا مش عجبني بُعدك عننا وعن البيت أنا عايزك ترجع، يوسف خلاص وافق أنه يرجع و يقعد هنا، وأحمد كدة كدة لما هيخرج هيرجع على هنا أنا مش هسمح لكم تفضلوا بعيد عننا بالشكل ده.

رد عليه آسـر بتهذيب:

-بس مش حضرتك اللي طردتني، بابا اللي طردني بسبب اللي حصل معرفش حضرتك عرفت ولا لا بس أنا كنت أعرف بنت وكنت بخرج معاها كتير وبعد كدة سبتها وتاني يوم فرح وسام وزهر وده اللي بابا طردني فيه جت هي و والدتها وقالوا كلام محصلش، قالوا أني داخل خارج عندهم و وعدتها بالجواز، وأنا أقسم لك كانت أول مرة أشوف أمها كان يومها عُمري ما شوفتها ولا شوفتلهم بيت، بس بابا صدقها وخيرني بين أني اخطب البنت يا أما أسيب البيت فـ أنا أخترت الصح بالنسبالي.

لم يكن ذلك الحديث جديدًا على سلطان فقد سبق له معرفته وكذلك أخبره اليوم صابـر عن ماهية الحديث الذي دار بينه وبين آسـر فقط متجنبًا الحديث عما حدث مع شكري، وبناءًا على ما أدركه وسمعه من صابـر عنه قال:

-وأنا مصدقك يا آسـر علشان كدة عايزك ترجع تعيش وسطينا وسيب عابد عليا، بس أنا عايزك توعدني أنك تفوق لنفسك وتبطل عك وقرف أنت مبقتش صغير وأكيد عارف الحلال والحرام، متلعبش بمشاعر واحدة ولا تكسر قلبها يا بني بنات الناس مش لعبة، وصدقني لو بعدت عن اللي بتعمله ده ربنا هيكرمك وهيريح قلبك وهيبعتلك اللي تصونك.

كلمات جده لمست قلبه وبقوة، جعلت فؤاده يرتجف ويندم أكثر وأكثر على أفعالة الصبيانية السابقة والتي لا تمت للرجولة بصلة.

ابتلع تلك الغصة العالقة بحلقه بصعوبة، رافعًا عينه ينظر داخل عين سلطان قائلًا بصدق:

-أوعدك يا جدو أني هتغير وهبطل عك وقرف، وإن شاء الله هبقى أحسن من الأول بكتير.

~~~~♡♡♡♡~~~~

تتمدد ضياء على الفراش تنام على جانبها تولي روضة ظهرها، تفكر بـ طارق المتغيب تمامًا وذلك يثير ريبتها ويجعلها تتساءل عن سبب هذا الغياب وما الذي ينتظرها بالمستقبل.

هل تراجع وندم على ما كان يفعله ويرتكبه بحقها أم أن هناك شيء آخر تجهله وهو ما يتسبب بغيابه.

عادت بذاكرتها لذلك اليوم الأخير التي رأته بها متذكرة تهديده وأسلوبه الوقح وعدم مراعاته لها ومطالبته المستمرة بالنقود.

ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها على يقين بأنه لن يتراجع عن إبتزازها بتلك السهولة من المؤكد حدوث شيء ما معه تجهله ولكنها حمدت ربها وناجته بأن يظل متغيب ومختفي دائمًا وهي لن تفكر حتى بالسؤال عنه فـ أمره لم يعد مهمًا.

على الفراش الآخـر والذي كانت صاحبته روضة النائمة على ظهرها تبصر السقف بنظرات مبهمة والحزن والتعاسة يرتسمان على وجهها، فبعد أن ارتفعت وحلقت بالسماء بفرحة كفرحة طير تحرر من سجن قفصه سقطت من السماء للأرض بسرعة البرق جريحة تعيسة، فهو لم يتصل لأجلها فقط وللسؤال عنها، بل هي عنده مثل ضياء تمامًا.

لا يشعر نحوها مثلما تشعر هي.

أوصدت جفونها وهي تخبر وتشجع نفسها بصوت خافض للغاية لم يصل إلى ضياء

-مش هيبصلك ولا هيحبك، بطلي أحلام و أوهام فوقي من اللي أنتي فيه و ركزي على مستقبلك وأدعيله ربنا يرزقه ببنت الحلال اللي تريحه وتفرح قلبه وأنتي بقى ربنا يعينك ويقويكي على اللي أنتي فيه.

بالغرفة المجاورة، لم تغفل إسلام عن حالة جهاد، ولم تعد تتحمل رؤيتها حزينة منكسرة القلب والنفس.

نهضت إسلام عن الفراش وجلست على طرف الفراش بجوار جهاد المسطحة.

رفعت يديها وربتت على خصلاتها بحنان يطابق حنان الأم:

-ممكن تفكي، أنا مبحبش ومش بقدر أشوفك كدة، وبعدين هو جديد عليكي!! هو زي ما هو مش هيتغير وهيفضل كدة والمشكلة هنا مش فيكي ولا فيا ولا في أي حد المشكلة في بابا نفسه، مشكلته اللي عملت فينا كدة وهو أنه كان نفسه في الواد اللي مجاش.

خرج صوت جهاد هادئ ضعيف تجيبها بنظرات شاردة:

-أحنا كل ذنبنا أننا بنات، أنا مش عارفة أنا حسة بـ إيـه! جوايا وجع مش قادرة ولا هقدر اوصفه، هو ليه مش حنين علينا؟ ليه مش بيحتوينا ويهتم بينا!! مستخسر فينا ليه حبه!! ليه يخلي الغريب يعطف علينا، ليه يعيشنا كل ده، أنا وأنتي وبرق وروضة وضياء وإحسان وعصمت ورضا عملناله إيـه عشان يعمل فينا كل ده!! مش حرام عليه!! طب أحنا مش بنصعب عليه؟! مش بنصعب عليه ليه يا إسلام!!!

أنهارت تمامًا عقب إنتهائها من الحديث وإخراج كل ما بداخلها.

أنهارت وتحطمت بعدما كانت كالجبل ثابتة شامخة طوال هذا الوقت والآن حان وقت الأنهيار والسقوط.

لم تتركها إسلام بل سارعت بضمها إليها بقوة ممزوجة بحنان تربت على ظهرها تمنحها كل ما تحتاجه بتلك اللحظة، لم تبخل عليها بشيء.

بادلتها جهاد عناقها بضعف تبكي بين أحضانها فمن يراها الآن لن يتعرف عليها لم تكن تلك المرحة صاحبة اللسان السليط الطويل، بل كانت في أوج حالتها ضعفًا وأنهيارًا.

بعد دقائق هدأت جهاد تمامًا بعد أن افرغت حزنها نائمة على ظهرها وإسلام بجوارها لم تتركها، تنام على جانبها وتستند برأسها على راحة يدها وبيدها الأخرى كانت تعبث بخصلات جهاد، تسرد عليها ما حدث مع محمد بالمقهى كمحاولة منها لإلهائها وإخراجها من تلك الحالة.

وبعد انتهائها سألتها جهاد بهدوء وهي تنظر داخل عينيها:

-أنتي ليه عملتي معاه كدة؟ ما هو في الأول وفي الأخر عمل كدة عشانك أنتي، يعني بيحبك، فرقت إيه بقى غني من فقير، المهم أنه بيحبك وعمل عشانك حاجة، آه كدب بس المسامح كريم.

-أنتي مش فاهمة يا جهاد، محمد سواء غني أو فقير مش ده اللي فارق معايا زي ما بتقولي اللي فارق معايا كدبه، أنا محبش أني أكمل و أعيش مع واحد بيستسهل الكدب، ما هو زي ما كدب عليا أولاني هيكدب تاني وتالت، الفكرة مش في الماديات.

كانت تصدق بحديثها فإنجذابها تجاهه بعد إدراكها لأمر كذبته لم يكن لثرائه فحتى لو كان فقيرًا كانت ستنجذب إليه، بل كان لتفكيره وأهتمامه بها، وهذا ما كانت تفتقده ولم يفعل لها أحد مثلما فعل هو.

زمت جهاد شفتيها قائلة بعدم فهم ارتسم على محياها:

-أنا مبقتش فهماكي، أنتي عايزة إيه دلوقتي، وفرضًا كدة قرر ياخد خطوة واتقدم هتوافقي عليه ولا هترفضي أنا أحترت.

زين وجهها بسمة وهي تمنحها جوابها:

-أكيد هوافق لأنه ساعتها هيكون أثبتلي أنه بيحبني بجد ومتمسك بيا حتى بعد صدي ليه، وده اللي أنا عايزاه ومحتجاه، عايزة الشخص اللي هكمل معاه بقية عُمري يبقى بيحبني بجد ويفضل متبت فيا ومستعد يعمل أي حاجة عشاني.

~~~~♡♡♡♡~~~~

باليوم التالي قام سلطان بمهاتفة “شكري” وأخباره برغبة محمد ويوسف بالزواج من إسلام وبرق، ولكن ما أن أدرك بأن يوسف هو نفسه القابع أمامه والذي تجرأ ابن عمه وعمه ذات نفسه بضربه والتطاول عليه رفض وبشدة، كذلك علم بالقرابة التي تربطهم بـ محمد العامل السابق لديه.

لم ييأس سلطان وحاول مع شكري مرة واثنان وثلاث ولكن النتيجة واحدة.

شكري لا يقبل ويرفض منحهم موعد للمجيء.

مــر شـهـر بأكمله خرج أحمد من المستشفى وعاد لمنزله من جديد وسط عائلته، كما أدركت الفتيات خلال هذا الشهر برغبة محمد ويوسف بالزواج من إسلام وبرق.

لتتأكد إسلام أخيرًا من حقيقة مشاعر محمد تجاهها وينجح في إثبات مدى حبه وتمسكه بها.

كذلك سعدت بـرق وتراقص قلبها ولكن سعادتها لم تدم لمعرفتها بأمر رفض والدها.

على النقيض بـ إسلام التي كانت تدرك بأنه لن يستسلم وسيفعل المستحيل لأجلها وللظفر بها.

والآن وبمنزل سلطان وبعد تأدية الشباب لصلاة الجمعة.

اجتمع أحمد، صابر، يوسف ، قُصي، محمد، وآسر بغرفة أحمد والذي ألح عليهم وأقنعهم بصعوبة للعب معه.

دفع آسـر وقُصي أجسامهم ممددين على الفراش بينما جلس يوسف ومحمد على طرفه، أما عن صابـر فظل واقفًا بجوار أحمد.

بدأ أحمد حديثه يسرد عليهم قواعد اللعبة.

-دلوقتي دي لعبة شوفتهم بيلعبوها فحبيت أطبقها معاكم وقواعد اللعبة يا أخواتي بسيطة، وعبارة عن أنكم مجاوبوش صح، يعني أنا هسأل السؤال وأنت لازم تجاوب غلط وبسرعة وكمان لو جاوبت صح هتبقى غلط طبعًا مش فاهمين هنعطي مثال دلوقتي، صابر أنا اسمى إيـه؟ ورد بسرعة.

رد عليه صابـر بهدوء:

-صابـر طبعًا.

اتسعت بسمة أحمد بعدما أدرك فهم صابـر لتلك اللعبة البسيطة وقبل أن يعلق صاح آسـر:

-صابـر إزاي يعني، أنتوا بتقولوا إيه أنا مش فاهم حاجة.

رد أحمد عليه وهو يحك جانب جبينه:

-آه أنت غبي وهتغلبنا معاك نسيت، طيب بص يا آسـر يا حبيبي، أنت اسمك إيـه.

-أنت عبيط.

انزعج صابـر وكاد يتقدم من آسـر وهو يزمجر به:

-ما تلم لسانك ده مين ده اللي عبيط.

مسكه أحمد يوقفه وهو يجيب على آسـر:

-أيوة صح أنت اسمك أنت عبيط أنت مكدبتش، برافو عليك يا حبيبي أنت كدة بدأت تلقطها وهي طايرة.

هنا وصدح صوت يوسف يتساءل:

-يعني أنت دلوقتي هتسأل السؤال والمفروض نجاوب غلط واللي هيجاوب صح يبقى خسران صح كدة.

-صح خسران وهيتعاقب كمان عندنا عقوبات أشكال وألوان ومن مختلف البلدان، جاهزين يا شوباب.

رفض محمد اللعب معهم ونهض قائلًا:

-أنا مليش نفس ألعب ألعبوا أنتوا.

ما لبث أن يغادر حتى مسك به أحمد يمنعه من الخروج متمتم:

-خليك وألعب معانا أنا عايز نلعب وأهو نغير مود عقبال ما الأكل يجهز يلا بقى.

تراجع محمد لأجله وجلس من جديد وكذلك نهض قُصي وآسـر من نومتهم وأصبحوا جالسين، بدأت اللعبة وبدأ أحمد أسئلته:

-آسـر الكلب؟

ناظره آسـر وهو ينهض له قائلًا بإستنكار:

-نـعم!! آسـر إيه؟

-مش قصدي والله أنا قصدي يعني بيعمل إيه وأنت قول بيهوهو أو بيزغرط أي حاجة يلا أقعد ربنا يهديك هسألك تاني.

وقبل أن يطرح أحمد سؤاله أبصر صابر آسـر يخبره بتوعد:

-دي التانية..التالتة بقى تبته ومتزعلش مني.

تجاهل آسـر حديث صابر وسارع أحمد بطرح سؤاله من جديد لتحسين تلك الأجواء:

-يلا يا آسر الكلب بيعمل إيه؟

-بينونو.

ثم جاء دور قُصي فـ القى سؤاله التاني:

-اسمك إيـه؟

-وسـام.

حل دور يوسف فطرح أحمد سؤاله عليه:

-اسم فيلم مصري جديد.

استغرق يوسف ثلاث ثواني قبل أن يجاوب ثم صاح بسرعة:

-صغيرة على الحب.

وقبل أن يأتي دور محمد استمعوا لصوت تلك الطرقات على الباب والتي صاحبها دخول جابـر والذي صاح يخبرهم:

-خير اللهم اجعله خير متجمعين بربطة المعلم كدة ليه؟؟ قلبي مش مرتحالكم.

صاح آسـر يناديه ويدعوه للتقدم منهم واللعب معهم:

-تعالى يا جابـر ألعب معانا.

ابتسم جابـر بسمة واسعة وسارع بالتقدم منهم يردد:

-بتلعبوا إيه ومحدش نداني ليه أنتوا مش عارفين أني تافهة أصلًا وبموت في اللعب والمسخرة، بتلعبوا إيه بقى.

رد عليه أحمد ببساطة:

-لعبة بسيطة أبي كل ما عليك هو الإنصات لسؤالي و الإيجاب بشكل خاطئ فإذا صادف أن تأخرت بالرد أو أجبت جواب صحيح سيتم عقابك فالعقوبات معانا أشكال وألوان ومن جميع البلدان.

ارتفع حاجبي جابر وسأله:

-أيوة عقوبات زي إيـه برضو أرضي فضولي.

-يعني ممكن تشرب فنجان خل، تأكل قرن فلفل حامي نار.

هنا واقترح جابر عليه:

-طب ما تسمع مني وخد العقاب التقيل ده مني.

سأله أحمد بفضول وحماس:

-إيـه هو، اشجيني.

-اللي هيخسر يترمي في حمام السباحة وهيترمي يعني هيترمي مدام خسران يترمي ولو مرضيش يترمي بمزاجه هنشيله ونرميه غصب عنه.

نال هذا العقاب أعجاب الجميع فتابع أحمد طرح أسئلته ممن توقف عنده، والذي كان محمد يسأله:

-الملوخية لونها إيـه.

-صفرا.

وبعد جوابه أبصر صابر يسأله:

-صابـر فريد مسافر فين.

-إيطاليا.

جاء دور جابـر فسأله أحمد:

-بابا جاوب بسرعة اسمك إيه.

وبسرعة البرق رد عليه بكل ثقة:

-جابـر على سنح ورمح.

بعد عشر دقائق كان آسـر وقُصي وأحمد وصابـر يحملان جابـر ويتجهون به نحو حمام السباحة تحت صرخاته وصوته العالي يحاول مقاومتهم مردد:

-يا ناس الحقوني العيال اتجننوا اتنين هيرموا أبوهم في البسين في عز التلج ده والباقين بايعين عمهم وهاين عليهم، آه يا عاق منك ليه، نزلني يالا أنت وهو نزلونـــي…… يا ثراء، ياما، يا أشرف، يا عابد، يا نضال، حد يلحقني…..

صدح صوت يوسف الذي يردد خلفهم يحثهم على تركه:

-سيبوه أنتوا هترموه بجد ولا إيه ده مهما كان عمو برضو عيب وميصحش عيب يا صابر عيب يا أحمد ده والدكم.

مال جابـر برأسه يطالعه ليراه بالمقلوب قائلًا له:

-والله وطمرت فيك التربية أنت الوحيد اللي متربي في كل الكلاب دول.

هنا وتحدث محمد الذي يسير بجوار يوسف ومنزعج مما يفعلوه البقية:

-ما تسيبوه أنت وهو.

أبصره جابـر هو الآخر متمتم:

-وأنت كمان يا محمد طول عُمري بقول أن خليل أخويا رباك مرتين.

هنا وصاح صوت قُصي وهو يكتم ضحكته:

-بصراحة بقى لو حد فينا كان خسر مكنتش هتسمي عليه يا جابر ومعلش اللعب لعب ودي قواعد وأصول لازم نمشي عليها وأنت اللي اقترحت العقاب أصلًا.

وافق آسر الذي يشارك في حمل جابر على حديث قُصي متمتم:

-حصل.

طالعه جابر يحاول استعطافه:

-آسـر آسـورة، ده أنا جابـر جبورة نسيت؟ أهون عليك؟؟ ده أنا بقولك عليك ابني مش ابن أخويا.

-معلش يا جبوري اللعب لعب…

رد عليه آسر في ذات اللحظة الذي وصل بها الشباب أمام حمام السباحة يرفضون تركه قائلين معًا وبنفس واحد:

-واحد… اتنين…. تلاتة..

أغمض جابـر عيناه وهو يفقد الأمل في أن يتم أنقاذه وسيتم إسقاطه لا محال.

ثواني وكان يفتح عيناه بعد ان استمع لضحكاتهم الرنانة ليجدهم قد حرروه ولم يلقوه مثلما كانوا يرددون..

وسريعًا ما جلس على الأرض يتنفس الصعداء يستمع لحديث أحمد:

-أنت صدقت أننا هنرميك بجد؟؟ معقول نرميك يعني يا أبي، أحنا بس حبينا نهزر معاك.

هز جابـر رأسه بتوعد وعلى حين غرة نهض عن الأرض وهو يخلع حذائه عن قدمـه ويندفع نحوهم به ليركض الشباب من أمامه وهو خلفهم يلحق بهم هاتفًا بتلك الكلمات……..

-بتهزروا آه وأنا كمان بهزر… والله ما أنا سايبكم النهاردة يا ولاد الكلب قطعتولي الخلف.

~~~~♡♡♡♡~~~~

-يا وسـام بقى يا وسـام متنزلش الجيم النهاردة بليز، وخلينا نروح نقعد مع بابا وماما والعيلة شوية.

نطقت زهر كلماتها تحاول إقناع وسـام بالبقاء معها والذهاب مساءًا لمنزل عائلتها لقضاء بعض الوقت معهم.

فقد عاد الأثنان من رحلتهم التي قاما بها منذ أسبوع تقريبًا، وحينما ذهبت لزيارة عائلتها أدركت بما حدث مع أحمد فظلت تبكي بشدة وهي تحتضن أخيها ولا تكف عن سؤاله كل دقيقة هل هو بخير، هل يشعر بألم….

وبالطبع ذلك الإهتمام من قِبل زهر أسعد أحمد للغاية.

كذلك عبر وسـام عن سعادته وفرحته بتواجده ورجوعه سالمًا غانمًا.

رد وسـام عليها وهو يرتدي حذائه الرياضي ويتواجد بجواره حقيبة تحوي على بعض الاشياء له :

-يا زهـر بقى يا زهـر هنزل الجيم يعني هنزل الجيم أنا طلعلي كرش يا روحي قعدتي دي مش حلوة، وقولتلك بليل إن شاء الله هاخدك ونروح نقعد مع بابا وماما وأحمد وصابر والعيلة كلها.

أنهى حديثه يطبع قبلة على جبينها، مغادرًا على وجه السرعة.

بعد ذهابه ظلت واقفة مكانها تنظر في أثره.

لحظات والتفتت بجسدها وعينيها تدور من حولها وكأنها تبحث عن شيء ما.

تحركت نحو غرفة النوم ودارت عينيها بها وبالأخير وقعت على الخزانة التي تحتوي على ملابسها وملابسه.

ورغم ترتيب الخزانة وعدم حاجتها لهندمة الملابس بداخلها إلا أنها قد آتت بكل ما بداخل الخزانة من ملابس له ولها وأسقطتها أرضًا ثم قامت ببعثرتهم.

وبعدما أنتهت وباتت الملابس في حالة من الفوضى جلست بجوارهم على الأرضية وبدأت في أعادتها من جديد….

استمعت إلى صوت الباب الذي أغلق لاحقه ظهوره و وقوفه أمام عتبة الغرفة.

تسمر وهو يرى ذلك المنظر أمامها.

ضاقت عينيه وصاح يسألها بصدمة:

-إيـه المنظر ده!!!! لية كـدة؟؟

-راجع ليه من تاني!!! عايز إيه أنساني اللي بتكلم عنه ماضي وعدى و زمنه أهو راح..

-إيـه المنظر ده يا فنانة؟؟؟

-ملكش دعوة متسألش، إيه اللي رجعك تاني ها حسيت بالذنب مش كدة؟؟ بس بعد إيـه يا أستاذ بعد ما قلبت الدولاب رأسًا على عقب!!!

-وأنتي تقلبي الدولاب رأسًا على عقب ليه؟؟؟ بتعاقبيه مثلًا عملك حاجة، ما كان زي الفل ومترتب وآخر روقان لية كدة!!

-أهو مزاجي اقلبه وأروقه مكنش عجبني أصلًا كان في حاجة غلط وكنت هتسلى فيه لحد ما ترجع أومال هفضل قاعدة بوزي في بوز الحيطان.

-لا اقلبي الدولاب ويبقى بوزك في بوز الدولاب، أنتي صح وعندك وجهه نظر أنا أسف أنا غلطان، عمومًا أنا مرجعتش علشان حاسس بالذنب لا أنا رجعت علشان نسيت الموبايل.

أشار تجاه هاتفه القابع أعلى الفراش.

التقطه و وضعه في جيبه وهو يشير لها بمرح:

-كملي يا حبيبتي كملي أنا أسف أني قاطعتك.

خرج من الغرفة ثم من المنزل بأكمله تاركًا إياها خلفه تتأفف من ذهابه…..

دقائق وكانت تشعر بالإرهاق وساورها الندم الشديد لإرتكابها مثل تلك الحماقة في لحظة غضب واندفاع:

-إيـه اللي أنا هببته في نفسي وفي الدولاب ده بس…….

شعرت بحاجتها للراحة مما جعلها تنهض وتترك الملابس أرضًا وتلتقط هاتفها ثم دفعت بجسدها أعلى الفراش…

بدأت تعبث بها وأثناء هذا ظهر لها اقتراح صداقة للصفحة الخاصة بـ ريهام.

دققت النظر بها وسرعان ما تذكرتها وتعرفت عليها.

لوت شفتيها وبدون تفكير كانت ترسل لها طلب صداقة.

~~~~♡♡♡♡~~~~

في المساء، تغيب سلطان وصابر وتساءل الجميع عنهم وإلى أين ذهبوا!!

حاولت دلال الإتصال على زوجها والوصول إليه ولكنه لم يجيب.

كذلك حاول أحمد الإتصال على صابـر…..

في ذات الوقت هبط سلطان وصابر من سيارة صابر والتي وقفت أمام البناية الذي يمكث بها شكري.

فلم يعد يرغب سلطان في إحزان محمد ويوسف أكثر من ذلك فحتى لو كانا لا يظهران ما يشعران به من حزن إلا أنه يدرك بأنهما ينتظران لحظة موافقة شكري على التقدم على أحر من الجمر.

فقد قرر عدم الإتصال والتواصل مع شكري عبر الهاتف بل رؤيته والحديث والتفاهم معه وجهًا لوجه وذلك فقط من أجل أحفاده.

دخل الاثنان البناية وأعلن هاتف صابر عن اتصال.

أخرج الهاتف ونظر به فوجده أحمد مستمعًا لسؤال سلطان له:

-لو حد من البيت متردش عليهم دلوقتي.

-بس ده أحمد.

جوابه على جده كانت بسيطًا ولكنه يحوي على الكثير والكثير من المعاني والحب نحو أحمد.

لم يتجاهله ويتركه يرن كثيرًا وأجاب عليه:

-نعم يا أحمد في حاجة ولا إيـه.

-لا بس اختفيت أنت وجدو وقلقنا حتى مقولتوش رايحين فين.

وبصوت هامس حاسم أخبره صابر:

-بنحضر مفاجأة لـ محمد ويوسف بس متقولش لحد خليها مفاجأة.

كاد يبتسم أحمد ولكنه تراجع وهو يرى نظرات الجميع مصوبة عليه، متمتم بصوت عالي يزيف غضبه:

-يعني مش هتقول أنتوا فين برضو واختفيتوا ليه ماشي يا صابر براحتك سلام.

أغلق معه مما جعل البسمة تحتل وجه صابر من فعله أحمد.

وصل أخيرًا الطابق المنشود، وقبل أن يقرع الجرس نظر إليه سلطان مردد كلماته يسخر منه ظاهريًا لكنه سعيد من باطنه من تطور العلاقة بين التوأمين:

-بس ده أحمد ها… رن يا أخويا الجرس رن لما نشوف حكاية شكري ده كمان.

وبالفعل قرع صابر الجرس.

لحظات وكان الباب يُفتح وتظهر لهم جهاد….

وقع بصرها على سلطان أولًا ثم صابـر والذي تبادل معها نظرتها له، وقبل أن يتحدث أي منهم قالت مصوبة حديثها لصابر:

-لا، لا أنا بحلم صح أكيد ده حلم، لا مش بحلم ده حقيقة……متقولش أنك جاي تتقدملــي، أنت جاي تتقدملي

صــح

……!!!!!!!!!!!

««يتبع»»………………..

فاطمة محمد.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق