رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثاني والثلاثون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الثاني والثلاثون:
-مـوافقيـن طبعًا.
صدر هذا الجواب من محمد ويوسف واللذان نطقا في ذات اللحظة، موافقين على طلبه والذي لم يكن بالصعب أو غير محبب.
بل كان هذا الطلب الأخير مثلما يقولون “عـز الطلـب.”
بعد منحهم الرد، خرج صوت “وعد” المتذمر والساخط فقد صمتت وتحملت هذا الرجل مجبرة ولكن الآن وبعد هذا الحديث السخيف الأخير لم تعد تتحمل الصمت أكثر، قائلة بانفعال وسرعة كي لا يوقفها أحدهم متجاهلة أشارة فجر والدة محمد وهمساتها لها بأن تتوقف عما تفعل:
-لا مش موافقين طبعًا، هو في إيـه سكتناله دخل بحماره ولا إيـه، ولا أحنا عشان ساكتين عمال تسوء فيها، مش كفاية عايزنا ناخدهم بشنطة هدومهم لا كمان قاعد وبتتنك علينا ده على إيـه كل ده إن شاء الله.
ثار شكري وانفعل هو الآخر منتفضًا من جلسته واقفًا محله متحدث بعصبية من تطاولها عليه:
-حماره!! هي حصلت لحماره، مش كفاية غلطكوا فيا اللي قبل كدة ورغم كدة عديت واحترمت الراجل الكبير اللي جه لحد عندي و وافقت! جايين النهاردة تاني عشان تكملوا غلطكم فيا وأنا المفروض بعد كل قلة القيمة دي أوافق مش كدة، طب أنا بقى اللي مش موافق ومعنديش بنات للجواز.
هب كل من يوسف ومحمد والخوف من خسارتهم يلاحقهم.
تحدث يوسف أولًا يسأله بهدوء:
-يعني إيـه يا عمو الكلام ده، صدقني ماما مش قصدها.
تحدث محمد هو الآخر يخبره:
-مينفعش الكلام ده أحنا لحد دلوقتي مقولناش على حاجة لا وبعدين ده سوء تفاهم وأنا بعتذر لحضرتك نيابة عن مرات عمي.
تلك المرة وقبل أن تدخل وعد من جديد سارع سلطان وأشرف بالنهوض أيضًا والتحدث وحل الموقف وما خربته “وعد”.
فكان الحديث الأول من نصيب سلطان والذي هتف يعتذر عما بدر منها:
-حقك عليا أنـا، امسحها فيا المرة دي كمان هي متقصدش صدقني.
خرج صوت أشرف معقبًا بعد والده يؤكد على حديثه:
-أم يوسف مش قصدها مش كدة يا أم يوسف.
وأثناء طرحه لكلماته حرك رأسه يبصرها يشير لها بعيناه كي تعتذر من الرجل وتصلح معه ما أفسدته بلسانها.
كزت على أسنانها والتفتت برأسها تنظر لفجر والتي شجعتها للتأسف، ثم وقع بصرها على ابنها فوجدته يترقب ردها على أحر من الجمر و وجهه يليح عليه الخوف والقلق من القادم وألا تتم الزيجة.
وعلى الرغم من أن ما يحدث لا يعجبها بالمرة ألا أنها من أجل يوسف ومن أجل سعادته اعتذرت له على مضض:
-أنا مش قصدي وبعتذر منك لو كلامي ضايقك ومش هفتح بُقي تاني هسيبكم أنتوا تتفقوا وتتكلموا.
لمعت عين شكري بتلك اللحظة ببريق الإنتصار، فرغم معارضته في بادئ الأمر وحتى قبل مجيئهم كان ينوي ألا تتم تلك الزيجة لكن الآن وبعد رؤيته للسيارات وما حملوه ودخلوا بـه المنزل وطلباته وشروطه التي تمت الموافقة على جميعها، تبدل رأيه وتغير مخططه……
عاد يجلس من جديد يزفر بصوت مسموع، ثم صاح قائلًا:
-وأنا راجل بيفهم في الأصول وميرضنيش أخرجكم من بيتي زي ما رحتوا زي ما جيتوا، عشان كدة لو موافقين على كل اللي قولته وطلبته يلا بينا نقرأ الفاتحة والشبكة تتجاب الأسبوع الجاي زي النهاردة أما بقى كتب الكتاب والفرح وعشان زي ما قولتلكم محبش الحال المايل بقول يبقى على الشهر الجاي وأهو يبقى اديت الشباب وقت يخلصوا فيه ومبقاش زنقتهم ولا جيت عليهم أصل أنا راجل حقاني ميرضنيش الظلم.
رد والد محمد “خليل” عليه يوافق على حديثه:
-ربنا ميجبش مشاكل إن شاء الله.
كذلك عقبت والدته “فجر” وهي تصوب حديثها لشكري:
-طب مش هنشوف البنات ويقرأوا معانا الفاتحة ولا إيـه.
نفى على الفور:
-لا إزاي نناديهم حالًا ونشرب الشربات كمان، يوه يقطعني نسيت أقدملكم حاجة معلش، بس أحنا لسة فيها أهو…….
~~~~♡♡♡♡~~~~
-أنت كنت فين يا وسـام ومبتردش عليا ليه بكلمك من بدري وكتير أوي وأنت ولا الهوا……. إيـه ده!!!! مين عورك في بُقك كدة!!! أنت اتخانقت مع حد ولا إيـه.
طرحت “زهـر” كلماتها على مسامع وسـام والذي جاء للتو وما أن فتح الباب وخطى بقدمه لداخل المنزل حتى استقبلته بتلك الكلمات ولكنها توقفت وتوقف لسانها لوهلة ما أن رأت شفتاه المجروحة.
اقتربت منه والقلق عليه يشع من عينيها.
انعكس خوفها كليًا على تعابير وجهها وجسدها الذي اقترب وحركة يدها تجاه جرحه.
وصل إليه مشاعرها مما جعله يترك حقيبته الذي كان يحملها جانبًا ويصب كامل نظراته واهتمامه نحوها يطمأنها عليه يتحدث بمرح:
-متقلقيش ده جرح بسيط مش مستاهل كل القلق ده.
رغم طريقه حديثه المرحة إلا أنها التقطت ذلك الحزن الذي يعتريه من خلال عيناه..
دققـت النظـر بهما تحاول تكذيب ما تراه ولكن من غيرها يستطع معرفته وحفظه بهذا القدر، رفعت يدها وحاوطت وجهه براحة يدها، تسأله بحب وحنان بالغ:
-في إيـه مالك.؟؟
-أنا كويس الحمدلله.
-هو الحمدلله على كل حال أكيد، بس برضو عايزة أعرف مالك ومتقوليش كويس تاني، عينك بتقول غير كدة، أنا مش عبيطة ولا عيلة يا وسـام أنا مراتك، مين اللي عمل فيك كدة و ليه الحزن والزعل اللي أنا شيفاهم في عيونك دول!
مسك بيدها التي تحتضن وجهه وقام بتقبيلهم، ثم فارق مكانـه متجهًا نحو الأريكة وهو يجاوبها وهي بالطبع خلفه تقوم بتتبعه:
-ياسين جالي النهاردة الجيم.
دفع بجسده أعلى الأريكة بأهمال مع انتهائه من أخبارها.
لاح الانزعاج على وجهها وكزت على أسنانها وهي تكرر اسم صديقه بطريقة تعبر عن مدى السخط والكره تجاهه:
-ياسين آه ومد أيده ليه عليك الحيوان ده يكش أيده اللي رفعها عليك تنقطع.
جاوبها وسـام بشرود:
-جاي يحملني مسؤولية فشل جوازته، جه عشان يقولي أننا من النهاردة مبقيناش صحاب وأنه بقى عدوي، جه عشان يهددني يا زهـر.
وصلت الدماء لرأسها لم تعد تتحمل أكثر فـ انفجرت في وجه وسـام كالقنبلة الموقوتة:
-في ستين ألف داهية، أنا أساسًا معرفش أنت كنت مصاحبه على إيـه!!! ده أنت اللي المفروض كنت تنهي صحوبيتك معاه من زمان، أنت اللي غلطان عشان صاحبت واحد بالإنحطاط ده وأنت اللي اديته الفرصة أنه يعمل كدة، الخطوة دي كانت المفروض تبقى بتاعتك من بدري، هما مش بيقولوا برضو أن الصاحب ساحب!!
جلست جواره على الأريكة تلقي عليه باقي حديثها:
-كنت مستني إيـه منه كنتي مستني يسحبك معاه ويخليك تخوني زي ما هو عمل وخان ريهام، اقسم بالله ربنا نجدها منه، يا شيخ ربنا ياخده وياخد أمثاله بجد أحنا مش ناقصين قرف، أنا بس عايزة افهم مدام مش هيصون ولا هيحافظ على اللي معاه كان بيتنيل يتجوز ليه من الأول، ليه يبهدل بنات الناس معاه!! قال والبجح جاي يضربك ويهددك كمان طب أنا عايزاه يهوب منك اقسم بالله اسيب عليه رجالة العيلة كلها ياكلوه ني ويشربوا من دمه.
حاول وسـام تهدأتها رافعًا يده يربت على ظهرها:
-اهدي بس يا زهـر، أنا بحكيلك افضفض معاكي مش بحكيلك علشان تتعصبي ودمك يفور بالشكل ده اهدي هو ولا يقدر يعمل حاجة وأكيد لما يفوق لنفسه هيندم على كلامه بس وقتها الندم مش هينفعه.
وباستنكار قالت:
-نـدم!! وهو اللي زي ده يعرف الندم ده حيوان، لا حيوان إيـه أحنا كدة بنظلم الحيوان والله، بقى بذمتك ده يتزعل عليه، ده يترقع على رحيله زغروطة زي دي كدة.
أنهت حديثها مطلقة “زغروطة” عالية تحت أنظار وسـام المدهوشة كليًا من رد فعلها والذي للحق باغته وللغاية.
بعد انتهائها سألها:
-أنتي عملتي إيـه.
وببساطة أجابته:
-زغرط، خليك قاعد زي ما أنت هقوم اجيب علبه الإسعافات وأشوف مرهم احطوهلك عشان التعويرة تلم.
نهضت وغابت عن أنظاره لثواني ثم عادت وهي تأتي بعلبه الإسعافات.
عادت جالسة بجواره ثم فتحت العلبة وبدأ بحثها عن العلاج المطلوب والذي يفيد جرحه ويساعده على الإلتئام.
وأثناء بحثها هذا ظل يبصرها بنظرات شغوفة يملؤها الحب والإمتنان.
وبينه وبين نفسه شكر ربه عليها وتمنى بقائهم سويًا طوال العُمر.
وجدت ضالتها أخيرًا فقالت ببسمة:
-لقيت المرهم استنى بقى نقفل العلبة ونبعدها وادهنلك.
وبالفعل ابعدت العلبة التي كانت تقبع بالمنتصف بينهما ثم دنت منه وهي تفتح أنبوب المرهم.
اخرجت القليل منه على اصبعها ثم قامت بتقريبه من مكان الجرح وبدأت بوضعه بلطف شديد.
ظلت نظراته كما هي، رغب في التحدث وأخبارها كم يعشقها ويهواها ويهيم القلب بها.
ولكن قبل أن يفعل ويتحدث لسانه كانت تسبقه قائلة بهدوء وهي لا تزال تضع له المرهم الطبي:
-صحيح كنت هنسى أنا بكرة هنزل اشتري شوية هدوم..
وقبل أن تتابع رفعت عينيها لتتلاقى مع عيناه مضيفة:
-وهقابل ريهام هتيجي معايا وأنا بشتري بدل ما أنزل لوحدي.
قطب حاجبيه وهو لا يستوعب بعد عن أي ريهام تتحدث.
-ريهام مين؟؟
-ريهام يا وسـام طليقة زفت الطين صاحبك.
قطب حاجبيه ومسك بيدها يوقفها ويبعدها في ذات الوقت يسألها بترقب وأعين قد ضاقت:
-وهو أنتي ليكي كلام معاها أصلا عشان تنزلوا سوا!!!!!!
-ما أنا هقولك أصل أنا من أول ما شوفتها حبيتها ما شاء الله البنت زي القمر وكمان كانت صعبانة عليا وأنا بصراحة فكرت قبل كدة أني أحاول أتواصل معاها وأقولها على عمايل جوزها وبصراحة بعتلها أدد وهي قبلته ودخلت اتكلمت معاها بس قبل ما أقول أي حاجة عرفت منها أنها اطلقت وخلصت منه في الأول هي افتكرت أن هو اللي يكون قايلك وأنت قايلي بس أنا فرحت لما عرفت أنها سابته وبصراحة رقعت زغروطة ليها برضو.
وبترقب وهدوء ما يسبق العاصفة قال:
-وبعدين!!
-ولا قبلين، اتفقنا نتقابل بكرة وتنزل معايا وأنا بشتري هدوم وأنا قولت أعرفك عشان أكيد محبش اخبي أو اعمل حاجة من وراك، وكمان عشان تبقى عارف مراتك حبيبتك فين.
هب جسد وسـام على حين غرة مما سبب فزعها بعض الشيء منصتة لكلماته الغاضبة:
-بقى أنا قاعد اشتكيلك بقالي ساعة أنه شايفني السبب في خراب الجوازة تقومي رايحة تتصاحبي عليها وتخرجي معاها وتسخنيها عليه عشان يبقى هو على حق!!! أنتي إيـه اللي بتعمليه ده وبتتصرفي على مزاجك ليه، ليه مش بتعرفيني المصيبة قبل ما تعمليها.
اعترضت على حديثه، فنهضت هي الآخرى واقفة أمامه مدافعة عن نفسها وعنه باستماتة:
-والله يفكر زي ما يفكر هو كدة كدة محتاج يتعالج، سيبه يكش يتفلق، وبعدين البنت صعبت عليا يا وسـام لما عرفت أنها اطلقت دي لسة صغيرة وحلوة واتخانت وهي لسة عروسة جديدة أكيد مش هسيبها للإكتئاب، أنا عايزة أساعدها تتحسن وتنساه وتنسى اللي حصل، متستهونش باللي مرت بيه، مفيش ست جوزها بيخونها بتبقى كويسة دي بتبقى من جوه منهارة محتاجة اللي يطبطب عليها ويقف جمبها وأنا حبيتها وهعمل ده، وأنت مش المفروض تفكر فيه أصلا أو في رد فعله تفكيرك غلط على فكرة.
-تفكيري أنا اللي غلط برضو!!!!!!!!! طب خلاصة الكلام ملكيش كلام معاها ومفيش نزول بكرة في حتة وده آخر كلام عندي يا زهـر.
وقبل أن يتركها ويتحرك من مكانه مسكت به من ذراعيه توقفه وهي تسأله:
-هو عند وخلاص عامل حساب لزعله أوي كدة وأنا إيـه اتفلق يعني!!!
وبعلو صوته وعصبية لم يسبق لها أن رأتها من قبل صرخ بوجهها:
-آه يا زهـر وقفلي سيرة على الموضوع ده بقى عشان مزعلكيش أنا كل ده عمال اهدي في نفسي وماسك نفسي بس أنتي مستفزة ومصممة تحرقي في دمي.
وبفضل صراخة وعصبيته عليها عجز لسانها عن النطق أو الرد، وتحدثت عينيها بدلًا منه.
فقد ترقرقت الدموع بعينيها وقبل أن يسقطوا من عيناها كانت تتحرك من أمامه وتلج الغرفة وتغلق الباب من خلفها، تاركة إياه خلفها يكاد يأكل أظافره ندمـًا مما ارتكبه من صراخ وصياح عليها…..
~~~~♡♡♡♡~~~~
تحرك آسـر صوب المطبخ وهو يحاول الإستنشاق جيدًا محاولًا معرفة سبب ومصدر تلك الرائحة القادمة من المطبخ.
ولج المطبخ وعلى الفور سقط بصره على أحمد والذي كان يجلس على مقعد أمام الرخامة وعليها يتواجد الطعام الذي تصدر منه الرائحة.
انكمش وجه آسـر قائلًا بضيق من الرائحة:
-وأنا أقول الريحة دي جاية منين، يخربيتك قلبت ريحة البيت، هو في حد يأكل فسيخ ورنجة دلوقتي ريحة البيت بقت لا تطاق.
ابتلع أحمد ما بفمه وهو يجيب عليه:
-أنا أكل فسيخ ورنجة دلوقتي عادي هيقولوا لا يعني؟ تعالى تعالى شمر كمامك وتعالوا أنا شويت الرنجة على عين البوتجاز لحد ما طقطقت وجابت آخرها والفسيخ كمان خطير مقولكش.
ضاقت عين آسر وقال بحاجب مرفوع:
-هو أنت هتصاحبني؟؟ ولا فاكر أن آسـر بتاع امبارح هو آسـر بتاع النهاردة لا يا حبيبي العلاقة بينا أنا وأنت باظت تاني وادمرت من اللحظة اللي اتبليت فيها عليا وقولت كلام محصلش، وأنا دلوقتي مش جاي في ديت أنا جاي عركة.
رد أحمد عليه بعدم اهتمام وهو يلتقط واحدة من البصل الأخضر ويقضم منها:
-طب استنى اخلص أكل ونشوف الكلام على إيـه؟ اتفقنا!
دخل صابـر بتلك اللحظة وجاء صوته من خلف آسـر يتساءل:
-اتفقتوا على إيـه؟
رد عليه أحمد بتلقائية:
-آسـر عايز يتعارك معايا أصله جاي في عركة مش جاي في ديت فـ أنا قولتله الصبر أخلص بس أكل ونشوف الكلام على إيـه، بقولك إيـه يا صابر ما تيجي تاكل معايا وأهو تفتح نفسي أكتر وأكتر، لحسن أنا قلقان على محمد ويوسف وفكري عمال يجيب ويودي عشان كدة قولت الهي نفسي بالأكل، بقولك إيه تاني في رنجاية لسة أشويهالك وأطقطقهالك على النار؟
اقترب صابـر وتجاوز آسـر وهو يجيب على أحمد:
-لا خليك أنت وكمل أكلك، هاكلها كدة عادي.
وبالفعل جلس هو الآخر وتشاركا تناول الطعام سويًا.
بينما ظل آسـر واقفًا مثلما هو ينظر لـ أحمد تارة ولـ صابـر تارة أخرى.
توقف صابـر عن متابعة طعامه وهو يسأله:
-هتفضل واقف كدة كتير ما هو يا تيجي تاكل معانا يا تتكل وأنا شايف أنك تتكل أحسن.
ابتسم آسـر بسمة ساخرة جانبية واقترب من الاثنان ثم قال محدثًا إياهم:
-أنت متشوفش أنا اللي أشوف واقرر، وأنت بقى يا سي أحمد انسى آسـر الجديد اللي كان بيعاملك بطيبة وإحساس ويدلعك قدام الناس، آسـر القديم هيرجع تاني.
قبل أن يجيب أحمد سبقه صابر يسخر من الآخر:
-لا يا راجل طب أبقى وريني هيرجع إزاي وبعدين أنت بتقول شكل للبيع!!! شكلك عايز تضرب وجعان ضرب لو جعان قول والله ما هستخسر فيك حاجة وهشبعك لحد ما تقول يا بس.
-خلي بالك أنت مش عجبني وبدأت اتخنق منك، كل ما اتكلم معاه كلمة تنطلي في أمها وأنا خلاص بدأت اجيب آخري.
توقف أحمد عن الطعام هو الآخر قائلًا بمرح:
-في إيـه يا جودعان ما تصلوا على النبي.
-عليه أفضل الصلاة والسلام.
رد الاثنان بنفس واحد، فتابع أحمد سريعًا:
-أحنا في الأول والآخر ولاد عم وأخوات وملناش إلا بعض والله عيب اللي بيحصل ده، عارفين لو جدكم مروان شافنا هيشمت فينا، بقولكم إيـه تسمعوا نكته يمكن تضحكوا وتفرفشوا؟.
لم يأخذ رد من أي منهما تلك المرة فابتسم مقررًا إلقاء نكته ما:
-خلاص هقول، بيقولكم إيه بقى مرة واحد اسمه نادر اتجوز واحدة اسمها نادرة خلفوا واد سموه مهدد بالانقراض.
لم يضحك أي منهما أو حتى تتبدل تعابير وجوههم بل جاء صوت الضحكة من شخص آخر مصفقًا بحرارة قائلًا:
-الله عليك يا بني، ابن أبوك بصحيح.
ابتسم أحمد لجابـر وسأله بحماس:
-بجد يا بابا عجبتك؟
-عجبتني بس!!! ده أنت كنت هايل، كنت رائع، كنت فاخر من الآخر، متقولش نكت تاني بقى.
ارتخت ملامحه وسأله:
-يبقى وحشة.
-لا يا واد ينقطع لسان اللي يقول وحشة.
-أومال بتقولي مقولش نكت تاني ليه!
-عشان متتحسدش ياض وتاخد عين، يعني بعمل عشانك.
ابتسم أحمد باتساع وقال:
-وأنا اللي ظلمتك اتفو عليا بجد وعلى سوء ظني بحضرتك.
هنا واقترب جابـر ومال على أذن أحمد يهمس له وعيناه تدور على ابنه وعلى ابن اخيه:
-في إيه مالهم دول بيلعبوا تماثيل اسكندرية ولا إيـه؟؟ ما لو بيلعبوا ما نلعب معاهم أنا بحب اللعب أوي أنا تافهة أصلا.
همس له أحمد هو الآخر:
-لا مش بيلعبوا، هما دلوقتي في حرب صامتة قايمة بينهم دلوقتي مش شايف الرصاص والرشاشات اللي بطق من عينهم، بقولك إيـه يا أبي بينا نفلسع قبل ما يحصل خساير ونخسر بصلاية خضرا ولا حتة رنجاية أو فسيخاية لم معايا اطلع اكل في الهواء الطلق تاكل معايا؟
-أكل معاك ماكلش لية يعني، يلا بينا نهرب يابني.
استجاب جابـر لطلب ابنه وبدأ بلملمة الطعام معه وأثناء فعلته لم تبعد عيناه عنهم.
فشعر بالملل وصاح قائلًا وهو يقترب منهم:
-آسـر آسورة…
لم يأتيه جواب فنظر لابنه وقال يناديه:
-صابـر صبورة…
كانت النتيجة واحدة فعاد هاتفًا:
-كدة مبتردوش على جابر جبورة، طب عنكم ما رديتو، أحمد حمودة.
-نعم أبـي…
-هيا بنا يا بني نأكل الفسيخ والرنجة والبصل الأخضر وسيبهم هما ياكلوا في بعض يلا نفلت بجلدنا قبل ما يفترسونا عن طريق الخطأ.
~~~~♡♡♡♡~~~~
حضرت الفتيات وتم قراءة الفاتحة لكل من إسلام ومحمد ويوسف وبرق.
وبالتأكيد لم تُرحم برق من نظرات وعد والتي دققتها جيدًا وشملت رأسها حتى أخمص قدميها.
لم تنتبه برق فقط لتلك النظرات بل لاحظتها جهاد وضياء، وكذلك يوسف، أما عن شروط وطلبات أبيهم فقد أدركوا بها عن طريق رضا قبل خروجهم وقراءة الفاتحة ورغم ضيقهم إلا أنهم بنسبة كبيرة توقعا ما ينوي عليه ومن حسن حظهم بأن محمد ويوسف عاشقين حد النخاع ولن تقف تلك الشروط في وجه عشقهم.
بعد دقائق تحرك الأربع للجلوس داخل الشرفة سويًا بعدما رفض شكري رفض قاطع بالسماح لهم بالجلوس بمفردهم بل صمم وأصر على أن يجلس الأربعة معًا وألا ينفرد أي شاب منهما بابنته.
داخـــل الشرفة.
وبعدما وضع بها أربع مقاعد خشبية فالشرفة لم تكن بالصغيرة وسعت لهم بأريحية.
جلس يوسف بالمقعد المجاور لمحمد والمقابل لبرق وكذلك جلست برق بالمقعد المجاور لإسلام والمقابل ليوسف.
وبعد لحظات من الصمت والسكون تبادل ابناء العم النظرات وعلى الفور خرج صوت يوسف مازحًا بكلمات رآها محمد لا تناسب ذلك الموقف البته:
-منورين والله وألف ألف مبروك وعقبال الليلة الكبيرة.
تلقى نظرة من محمد عقب انتهائه كانت كفيلة لجعله يصمت ويدرك مدى حماقته.
فعين ابن عمه نطقت بكلمة
“اصمت”.
ابتلع ريقه ثم ابعد بصره عنه وتطلع بها فقط.
فوجدها تبصره هى الآخرى ولكن ما أن تلاقت عيناهم حتى تحاشته خجلًا.
فعيناه ونظرته اربكتها جعلتها تتورد وتسير بها رجفة بسيطة لا تدري أكان سببها برودة الطقس أم عيناه المحبة العاشقة لدرجة تفضح أمر ما يكنه ويشعر به نحوها……..
ابتسم محمد بسمة مشرقة وهو يناظر إسلام ثم بدأ حديثه، متمتم بهدوء:
-مين كان يصدق أننا هنقعد القعدة دي، لحد دلوقتي مش مصدق أننا قرينا الفاتحة.
هز يوسف رأسه تأكيدًا، مجيبًا عليه:
-معاك حق أنا نفسي لسة مش مصدق لا وكمان هننزل نجيب الشبكة الأسبوع الجاي، والفرح الشهر الجاي.
من جديد حرك محمد رأسه ينظر ليوسف.
بادله يوسف نظراته وعلى الفور اختفت بسمته التي كانت تزين ثغره تدريجيًا.
مدركًا بأنه لم يكن ينتظر تعقيب منه هو بل كان من أجلها ولفتح حديث معها.
عاد يوسف ينظر أمامه وهو يرفع يده يحك جانب جبينه كمحاولة منه لعصر ذهنه والتفكير في كلام قد يبدأ به حديثه معها.
وعندما فشل هتف بقلة حيلة وأسلوب خرج مازحًا رغمًا عنه:
-لا ما هو أنا مش عارف أتكلم ولا لاقي كلام يتقال في القعدة دي هو مكنش ينفع نقعد بعاد عن بعض حبة على الأقل أعرف أقول كلمتين.
نفت إسلام وقالت بوجه مبتسم مازحة معه:
-لا مكنش هينفع وبعدين هو أحنا مضايقينك أوي كدة.
نفى يوسف يجيب عليها بحرج:
-لا والله مش قصدي أنا اقصد علشاني وعلشانكم مش علشاني أنا بس.
وما أن أنهى كلماته حتى سقط بصره على برق فقال لها بطريقة بلهاء هائمة في ذات الوقت:
-عاملة إيـه.
-الحمدلله وأنت؟
-أنا زي الفل، أنا بخير، أنا مبسوط، أنا مش مصدق وحاسس أني بحلم، ينفع أصارحك وأقولك أني حبيتك و وقعت في غرامك من أول ما عيني وقعت عليكي و….
كاد يسترسل حديثه العاشق معترفًا بما يجتاح صدره ولكن قاطعته تلك اللكزة من محمد وكلماته المتذمرة الهامسة له:
-حيلك حيلك حضرتك أنت مش قاعد معاها لوحدك عشان تنزل هاتك يا غرام ولافلفة في اتنين كمان معاكم.
وببراءة وهمس مماثل قال له:
-وأنت تقعد معانا ليه من أصله، لو مش عجبك سد ودانك دي فرصتي وجاتلي لحد عندي أكيد مش هضيعها أنا مستني اللحظة دي بقالي كتير أوي حس بيا يا محمد أرجوك سبتي أقول وأعبر عن اللي جوايا بدل ما انفجر يا أخي.
رد عليه بذات الهمس تحت أنظارهم من همسهم وتحدثهم سويًا بدلًا من فتح حديث معهما:
-وأنت متحسش بيا ليه!! على رأسك ريشة!؟
-أنت إيـه مشكلتك دلوقتي أنا مش فاهم والله لو غيران أو مضايق اعمل زينا كدة كدة مش هركز معاك صدقني هبقى مشغول بيها.
عقب إنتهاء حديثه هبت إسلام وبرق مقررين إنهاء تلك الجلسة معهم والخروج للجلوس معهم بالخارج في بجميع الأحوال كانت جلسة بلا جدوى.
لاحظ يوسف نهوضها فسألها:
-قومتي ليه أنا لسة مخلصتش اللي عندي!!
أجابته ببساطة:
-نأجل كلامنا بقى للمرة الجاية إن شاء الله.
خرجت الفتيات أولًا وما أن ابتعدوا حتى التفت يوسف تجاه محمد متحدث بغضب طفولي:
-عجبك كدة أنت السبب.
-هو أنا جيت جمبك يا بني.
بعد دقائق معدودة نهضت العائلة وهي تودع شكري وقبل الرحيل هتف سلطان بتلك الكلمات:
-طيب أنا حابب اعزمكم وتشرفونا يوم نتعشا مع بعض.
وافق شكري ورحلت العائلة على وعد بلقاء آخر مساء يوم الخميس القادم……
~~~~♡♡♡♡~~~~
فتح وسـام تلك الغرفة الواسعة والكبيرة المتواجدة داخل منزلهم والذي اعدها وجعلها تحوي على الكثير من الأجهزة الرياضية والحديد.
راغبًا في صب وتوجيه غضبه بالتمرين.
فهو قبل أن يكن غاضبًا منها كان ساخطًا يشعر بالحنق من نفسه.
دموعها التي ملئت عينيها لا تذهب صورتهم من باله ولا تفارقه ظلت تلازمه طيلة تدريبه وكأنها تعذبه لما اقترفه بحقها وفي حق قلبه المتألم.
كف عن التمرين تاركًا الوزن الذي كان يحمله مغادرًا الغرفة بأكملها وهو يحمل ملابس آخرى له كانت تتواجد بغرفة التمرين، والجًا دورة المياة كي يأخذ حمامًا ويذهب ذلك العرق عنه.
وما أن انتهى حتى قصد غرفتهم التي تنام بها.
دخل الحجرة وسقط بصره عليها وهي تجلس فوق الفراش وهاتفها على أذنيها تهتف بتلك الكلمات بصوت حاولت جعله يبدو عاديًا طبيعيًا رغم بكائها قبل اتصالها هذا:
-طيب أول ما يرجعوا طمنيني عملوا إيـه ولو حد منهم كلمكم قبل ما يوصلوا برضو عرفيني ياماما متسبنيش قلقانة.
وبعدما أخذت جوابها أغلقت مع أمها، مما جعل وسـام يقترب منها أكثر حتى بات يجلس أمامها ينظر داخل عيناها الباكية المنتفخة أثر ذلك البكاء وبدون أي مقدمات قال لها بنبرة نادمة وهو يلتقط يدها ويقم بتقبيلها:
-زهـر أنا أسف على اللي قولته وعملته معاكي، صدقيني مش قصدي ومحبش أني ازعق أو اشخط فيكي بالطريقة دي، بس أنا كنت مخنوق من الموضوع كله وبحكيلك لقيتك بتقولي اللي قولتيه.
لم تسحب يدها منه بل تركتها له، مجيبة عليه بصوت لم تبذل به مجهود كي يخرج عاديًا:
-مش أنا سبب عصبيتك هو السبب، أنا معملتش حاجة تستدعي زعقيك وعصبيتك عليا، أنا واحدة عايزة تساعد بنت زيها وتقف جمبها ده ولا عيب ولا حرام، حتى مخبتش عليك ومعرفتكش لا عرفتك وبلغتك، لو أنا فعلا كنت خبيت عليك وروحت قابلتها أو عملت ده من وراك كنت آه ساعتها هقولك استحق ده منك بس أنا اللي عملته ده قصدي بيه خير، أنا فعلا حبيتها وصعبت عليا، مكنتش استحق منك كدة على فكرة.
مع نطقها للأخيرة لم تتماسك وهبطت دموعها من جديد كما خرجت بعض الشهقات العالية….
لم يعد بإمكانه تحمل دموعها فسارع بمسحهم بأنامله بحنو شديد ثم قام بجذبها لداخل أحضانه ولسانه لا يكف عن الإعتذار، طابعًا قبلة أعلى رأسها:
-حقك عليا يا حبيبتي، أنا أسف حقك عليا، ينقطع لساني وصوتي لو علي عليكي تاني، بطلي عياط بقى، كدة بكره نفسي وبتخليني عايز أولع فيا.
رفعت عيناها الباكية قائلة من بين بكائها الذي هدأ قليلًا مقارنة ببادئ بكائها:
-بعد الشر عليك متقولش كدة.
ابتسم من حنانها وحبها له حتى بذلك الموقف وفي عز غضبها وحزنها بل وبكائها منه.
طبع قبله جانب عيناها قائلًا بحنان:
-طب خلاص كفاية عياط والله اعيط معاكي.
-لا متعيطش، أنا بس اللي اعيط، وسـام.
-عيون وقلب وروح وحياة وسـام.
-ممكن أقابل ريهام بكرة؟
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يمنحها جوابه:
-قابليها يا زهـرتي، يكش يولع ياسين على اللي خلفوا ياسين مبسوطة كدة؟
هزت رأسها بإيجاب كطفلة صغيرة مانحة إياه بسمة وهي تؤكد له سعادتها من موافقته:
-أيوة مبسوطة اوي، بحبك.
-ده أنا اللي بموت فيكي يا بنت جابـر والله.
~~~~♡♡♡♡~~~~
باليوم التالي وداخل إحدى المولات تقابلت زهـر وريهام بواحد من المقاهي المتواجدة بداخله فقد وصلت زهـر أولًا وانتقت طاولة لفردين وجلست بانتظار ريهام.
لم تمر خمس دقائق و وصلت ريهام.
بحثت بعينيها عنها فوجدتها سريعًا فلم يكن من الصعب التعرف عليها.
كما أن زهـر انتبهت هي الآخرى وتعرفت عليها رافعة يديها مشيرة لها بابتسامة واسعة.
تقدمت ريهام منها ونهضت زهـر وما أن باتت أمامها حتى قامت بتبادل السلام معها بحفاوة مقبلة إياها على كلا وجنتيها وهي تردف تلك الكلمات:
-عاملة إيـه، ده إيـه الحلاوة دي بس مش معقول جمالك ربنا يحميكي والله.
لم يكن أطراء أو مجاملة فجمال ريهام كان ملحوظًا بشكل كبير.
منحتها ريهام بسمة مجيبة عليها وهي تسحب مقعدها وتجلس أمامها:
-ده عيونك اللي حلوين والله، واصلة بقالك كتير اتأخرت عليكي صح.
نفت زهـر برأسها ولا تزال تحتفظ ببسمتها:
-لا أبدًا أنا واصلة قبليكي علطول مكملتش خمس دقايق حتى.
بعد مرور بضعة دقائق طلبا الاثنان مشروبات دافئة، وتبادلا الأحاديث المعتادة عن الحال والأحوال وتعرفت كل منهما على الأخرى بشكل أفضل.
والآن حان وقت الحديث التي رغبت زهـر بقوله لها، قائلة بهدوء وبسمتها تبخرت وتحولت نبرتها من المازحة إلى أخرى جدية لدرجة كبيرة:
-لما بعتلك مكنتش أعرف أنكم سبتوا بعض بصراحة، وبصراحة أكتر كنت مضايقة من الزفت ياسين ده أوي، يوم فرحي أنا وسام عرفت أنه مكنش مع وسام وكان بيكدب عليكي وأنتي متستاهليش ده ومش أنتي بس لا، مفيش ست على وجه الأرض تستاهل أنه جوزها يخونها ويعمل معاها كدة، عشان كدة كنت بعتالك كنت عايزة أعرفك أو على الأقل ألمحلك، اترددت كتير بس في النهاية حطيت نفسي مكانك وقولت أنا لو بعد الشر اتحطيت في موقف زي ده محبش أني أفضل متغفلة ومعرفش أن جوزي بيخوني عشان كدة خدت قرار أني أكلمك.
سحبت ريهام نفسًا عميقًا ثم زفرته بهدوء وراحة شديدة وهي تسرد عليها:
-أنا شكيت فيه حاولت أكدب نفسي وكل حاجة حساها، بس قلبي كان بيقولي غير كدة، ومخبتش ده عليه واجهته بدل المرة كذا مرة بس كانت دايمًا نفس النتيجة كان بيحب يقلب التربيزة عليا ويطلعني الغلطانة الوحشة النكدية.
أكدت زهـر على كلماتها:
-آه ما هما الرجالة الخاينة لما بيتزنقوا في الزاوية بيحبوا يقلبوا الترابيزة، ويحسسوكي أن الغلط منك أنتي وهيشكك في نفسك وممكن يطلعك مجنونة كمان وكل ده عشان يفلت بس، بس على مين هو أحنا عيال ولا إيـه.
-لا مش عيال وده اللي مرضيش يفهمه فضل يستنفذ طاقتي لجد ما جاب آخرى مبقاش عندي طاقة أكتر من كدة خلصت، سبتله البيت وأنا معيش دليل على خيانته، بس ربنا كبير والدليل جالي لحد عندي وأنا قاعدة في بيت أهلي.
اعترى الفضول زهر فقامت بسؤالها:
-إزاي ده؟!
-جاب واحدة من اللي يعرفهم البيت ما أنا مش فيه بقى، وهي اللي بعتتلي صور ليهم وكمان صورها في كل حتة في البيت.
-طب وعملتي إيـه؟
-روحتله واديته كلمتين في عضمة وعرفته أني هسيبه سواء بمزاجه أو غصب عنه، أنتي عارفة أنه مكنش عايز يطلق فعلًا لولا بابا ربنا يخليه ليا هو اللي وقفله واتصدرلي، وفين وفين على ما وافق والحمدلله خلصت منه.
-أقسم بالله جدعة ما هو الأشكال دي متستاهلش غير كدة، تعرفي أنه من فترة كلم وسـام وغلطه وشيله المسؤولية لا والبجح مكتفاش بـ ده بس راحله امبارح الجيم وضربه ويقوله من النهاردة مبقيناش صحاب.
قامت بتقليد طريقة الرجال وهي تهتف كلمات ياسين مما جعل ريهام لا تستطع كتم ضحكاتها.
سعدت زهـر بأنها سببًا في ضحكتها، ابتسمت هى الآخرى مضيفة:
-محسسني أن وسـام هينقص أيد ولا رجل ما في ستين داهية بناقص صاحب ناقص زيه..
في ذات الوقت وبعيدًا عن أنظار الاثنان ودون أن ينتبهوا، كان هناك رجلًا يمسك بهاتفه ويلتقط صورًا لريهام وتلك الفتاة بصحبتها.
وعقب انتهائه قام بإرسال الصور إلى ياسين والذي كلفه منذ طلاقه لها بمراقبتها وتتبعها أينما ذهبت…………..
~~~~♡♡♡♡~~~~
جاء يوم الخميس وذهب شكري وفتياته لمنزل سلطان وعائلته…
تجهز الجميع وأصبحوا مستعدين لاستقبالهم.
جلس آسـر يعبث بهاتفه يحاول إشغال ذهنه عن التفكير بها مدهوشًا من قلبه الذي تتعالى خفقاته كلما اقترب موعد قدومهم أكثر وأكثر.
بينما صابر فكان كعادته الأخيرة يتحدث ويمزح مع أخيه.
أما عن محمد ويوسف فكانا الأكثر سعادة بين الجميع.
مقرر كل واحد منهم بألا يمر اليوم دون الحديث معهم وأخبارهم بالعديد والعديد.
بالخارج وصل شكري والفتيات بعدما وجد البوابة قد تركت مفتوحة، ولكنه كان واقفًا متجمدًا يناظر المنزل بذهول قائلًا بصدمة بينه وبين نفسه:
-دول عايشين في قصر!! دول أغنية بحق وحقيقي!!! قال وأنا اللي مكنتش موافق، دي الحياة شكلها هتضحكلي ولا إيـه.
لم يختلف حال الفتيات الواقفات خلفه عنه وقد كان الحديث الأول من نصيب رضا التي صاحت بإعجاب وهي تترك يد روضة وتتقدمهم عدة خطوات حتى كادت تصل لمكان وقوف والدها:
-الله كل ده بيت وكل دي جنينة، هو أنا مينفعش أعيش هنا؟
ردت جهاد عليها وهي تجذبها من يدها تمسك بها:
-وماله عيشي كدة كدة محدش طايقك أهو نرتاح منك، يالهوي ده في بسين كمان الحقيني يا برق الحقيني يا إسلام هيغمى عليا من الجمال، حقًا لا أصدق ما تراه اذناي، أكاد من فرط الجمال أذوب ذوب…..
لحظات وكان شكري يقرع الجرس.
سارع يوسف وذهب لفتح الباب والبقية تحركوا وفارقوا أماكنهم يقتربون من الباب كي يرحبون بهم بحفاوة.
دخل شكري بعد ترحيب وتشجيع من يوسف والفتيات أيضًا من خلفه.
ولم تكف عيناه عن فحص المنزل وتدقيق تفاصيله بسعادة بالغة، فـ أخيرًا ضحكت له الحياة، مبتسمًا باتساع لسلطان وكذلك ابنائه.
وقعت عين جهاد بتلك الأثناء على صابـر فتجاهلها مثلما كان يفعل معها دائمًا مما جعلها تخبر نفسها بتلك الكلمات:
“اتقل اتقل التقل صنعة برضو، وبعدين هو تقلك ده اللي جابني الأرض.”
أما عن آسـر فقد حاول قدر الإمكان وبكامل قوته الذي استحضرها أن يتجاهلها ويقنع نفسه أن وجودها وحضورها كغيابها تمامًا فهي لا تفرق معه بشيء.
غافلًا عن نظرات رضا المصوبة كليًا نحوه بإعجاب.
سقط بصر أحمد على روضة ورغم وجهه المبتسم إلا أنه ازداد ابتسامًا بل وإشراقًا ما أن جاءت عينه عليها.
بادلته بسمته سريعًا ثم نظرت باتجاه ضياء، مما جعل بسمته الواسعة تعود كما كانت.
اقترب يوسف من برق مستغلًا انشغال شكري مع البقية، رافعًا يده كي يبادلها السلام باليد قائلًا بتهذيب:
-أزيك يا برق عاملة إيـه.
-الحمدلله يا يوسف وأنت.
نطقت اسمه بطريقة سلبت عقله وقلبه في آن واحد، واضعة يدها بيده تبادله التحيه بطريقة عاجلة.
ابتلع ريقه واعتلت خفقاته بجنون……..
دنا محمد من إسلام واكتفى بالقاء التحية قولًا، وهو يمنحها بسمة شغوفة مشتاقة يهمس لها:
-تعرفي أنك وحشتيني ولا متعرفيش؟
ردت عليه بهمس وحياء طفيف:
-لا مكنتش أعرف.
-طب اديني عرفتك يا جميلة الجميلات.
انتهوا أخيرًا من السلام وتعرف شكري على بقية العائلة.
حتى جابـر والذي تشاجر معه من قبل تناسى شكري له ما فعله معه مسبقًا مخبرًا نفسه بأن ذلك سيصب بمصلحته في النهاية.
ورغم اندهاش جابـر مما حدث إلا أنه تجاهل ولم يفكر كثيرًا به فهو بالنهاية لا يرغب بالعراك ويريد مصلحة وسعادة ابناء اشقائه.
تحركوا تجاه غرفة السفرة كي يأكلون جميعهم سويًا ولكن قبل أن يختفوا ويلجوا للداخل توقفوا مستمعين لصوت الجرس الذي قرع.
تحرك آسـر وأحمد في ذات الوقت كي يقومان بالفتح.
ورغم رؤيتهما لتحركهم معًا إلا أنه لم يتراجع أي منهما وتسابقا تجاه الباب متناسين وجود الضيوف لوهلة.
وضع آسـر يده أولًا على مقبض الباب وأحمد كذلك وقبل أن يبدأ شجارهم الطفولي أشار آسـر له بعيناه بوجود ضيوف لديهم ولا يصح ما يحدث.
تنحنح أحمد وقال مبتسمًا مقترحًا:
-خلاص مدام جينا لحد الباب سوا نفتح سوا.
وافق آسـر على مضض وفتح الاثنان الباب..
ارتخت قسمات آسـر وأحمد معًا وصاح أحمد أولًا يسأل ذلك الرجل الذي يرتدي جلباب ويحمل أريجلة بيد وباليد الآخرى يحمل بعض الأكياس :
-من أنت؟؟؟
-عرفتك أنت أكيد ابن جبورة، أنت أحمد صح؟
تعرف جابـر على صوت ذلك الضيف فقام بالاقتراب من الباب كي يكذب ما تسمعه اذنيه ولكن ما أن التقطته عيناه حتى تأكد من صدق ما سمعه فصاح بصدمة:
-ميــن؟؟؟ صديق عُمــري!!!!!!؟!
ابتسم الرجل له وسرعان ما أزاح آسـر وأحمد من طريقه والجًا المنزل واضعًا الأكياس والأرجيلة جانبًا قائلًا وهو يفتح ذراعيه له:
-جبورة صاحب عُمري، أنت مش قولتلي أجي أنا وكريمة في أي وقت براحتنا ومرحب بينا، اديني جتلك أهو……………..
««يتبع»»…….
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.