رواية الحب كما ينبغي الفصل الثاني عشر 12 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الثاني عشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثاني عشر

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل الثاني عشر:

“يوسف أنت سامعني ؟؟؟ يا يوسف أنت باصص فين بصلي هنا وركز معايا الله يكرمك.”

هتف “أحمد” كلماته بإلحاح وإصرار على تركيز ابن عمه معه، مستخدمًا يديه في تحريك وجهه وانظاره نحوه بعدما كان يصب كامل تركيزه وبصره تجاه المطعم وعلى إحدى الفتيات.

انعقد حاجبي “يوسف” وهو يجيب بأسلوب غريب وعلى أتم استعداد للترجل من السيارة مثيرًا تساؤلات الآخر:

“مش وقته، مش وقته، بعدين”

ضاقت عين الآخر وهو يردد كلماته بدهشه وحيره من آمره:

“بعدين إيه ؟؟؟ وايه مش وقته دي !! خد يا يوسف، خد ياض، أنت رايح فين”

هبط هو الآخر يلحق به وقبل أن تدس قدماه المطعم كان أحمد يمسك به يجبره على الإيقاف متمتم بذات الحيره والدهشة:

“هو ايه اللي مش وقته وبعدين مش بكلمك أنا في موضوع مهم ولا مش بكلمك في موضوع مهم ولا اكونش مش بكلمك في موضوع مهم، يا يوسف انا مش فتان وربنا ما فتان، والدليل قدامك أهو، محمد ابن عمك خليل شغال هنا من فتره ومحدش غيري عرف ومن بعدها معرفتش حد وده ليه بقى عشان أنا مش فتان، وربنا ما فتان يا يوسف”

جذب “يوسف” ذراعيه من قبضته وهو يغمغم بزهق وملل من أحاديثه المتكررة:

“يا عم غــور بقى وسبني دلوقتي”

كاد يتحرك ويخطو داخل المطعم لولا ذراع أحمد الذي مسك به مجددًا قائلًا:

“اغور ايه تعالى هنا أنت رايح فين، أنت عايز محمد يعرف اني قولتلك وفشيت سره ويعرف إني فتنت عليه ده كان يقتلني فيها”

تلك المره دفع “يوسف” ذراعيه عنه بانفعال، متمتم بكلمات منفعلة وإصرار شديد على دخول المطعم:

“طب ما انت عارف اهو أنك فتان، اومال من شوية مكنش فيه على لسانك غير انك مش فتان ليه، بقولك ايه اقسم بالله لو ما حليت عني لكون انا اللي قتلك غور بقى ده أنت غتت”

أجاب عليه أحمد ينفى تلك الصفة السيئة عنه و الذي اعترف بها منذ لحظات فقط :

“لا فتنة عن فتنه تفرق، أنا قولتلك بس عشان احسن صورتي السيئة امامك، انا مش وحش يا يوسف و لا فتان ”

لم يهتم أو يبالي بحديثه، فقد كان قلبه يحركه و يدفعه للتعجل و رؤيتها عن كثب، دفعه تلك المرة رافضًا الإنصات إليه أكثر..

لم يستطع أحمد تلك المرة اللحاق به أو منعه ودخل يوسف وشق طريقه نحو تلك الفتاة التي سلبت أنفاسه وجعلت قلبه يدق بشكل سريع غير اعتيادي ولم تدرك شيء عما فعلته به وبقلبه الذي يضرب كالطبول وبشكل مثير للريبة.

شرد رغمًا عنه و عن إرادته بعينيه معها ومع كل رد فعل تصدر منها أثناء عملها متحدث مع نفسه

“ايه اللي بيحصلي ده!!! أنا حصلي كدة من نظرة وياريتها حتى متبادلة، اومال لو اتكلمت معاها أو حتى بصتلي ايه اللي هيحصلي ؟؟ ايه اللي بيحصلك يا يوسف، وقلبك ماله بيدق بسرعه كدة ليه!! ”

بالخارج وبعد دخول يوسف و رؤيه أحمد لوقوفه أمام الفتيات وكأنه أحد الزبائن، أدرك بأن محمد على وشك أن يراه ولا مجال للفرار من هذا.

ابتلع ريقه وقرر أن ينقذ نفسه قائلًا بصوت خافض قبل أن يصعد بسيارته ويهرب من المكان بأكمله:

“وعلى رأي المثل الجري كل الجدعنة”

وبالعودة لداخل المطعم كان “محمد” يقف على مقربة من يوسف بأعين واسعة و تعابير مصدومة من تواجده بالمطعم

تعابير سرعان ما سيطر عليها مبتلعًا ريقه مقررًا عدم الهروب و مواجهه يوسف والذي وقعت عينيه عليه في ذات اللحظة.

اقترب منه محمد متمتم بهمس و شك كبير تجاه أحمد:

“أنت بتعمل ايه هنا يا يوسف ومين اللي جابك هنا ؟”

رد عليه بنبرة صادقة و هو يختطف نظرة نحو الفتاة السارقة لفؤاده:

“أحمد ابن عمك هو اللي جابني هنا”

اغمض محمد جفونه وهو يضم شفتيه فقد توقع الإجابة قبل أن يحصل عليها..

لم يكتفي يوسف بهذا الاعتراف بل أضاف وعينيه لا تزال تسرق النظرات نحوها:

“شافني مضايق منه و بقول عليه فتان ف حب يثبتلي عكس ده و جابني هنا عشان يوريني أنت فين و بتعمل إيه و أنه كان عارف و مداري عليك و حافظ سرك ”

شعر محمد بالنيران تتصاعد لرأسه و كم رغب بتلك اللحظة بتواجد أحمد أمامه لإفراغ كل ما يحمله بداخله من غضب وثوران، متمتم بنبرة سريعة خافضة غاضبة ساخرة بذات الوقت:

“انا مش فاهم هيعمل إيه وهيقول لمين تاني، المرة الجاية هلاقيه داخل عليا بجدك وابويا، يوسف امشي من هنا الله يخليك وانا هفهمك كل حاجة بليل، بس امشي دلوقتي”

غضبه و قلقه و صدمته مما حدث من تواجد ابن عمه جعله غافلًا تماما عن حالة يوسف و عينيه المتابعة لشقيقه من أحب.

اماء يوسف موافقًا على الذهاب، مجيبًا بهدوء:

“انا ماشي، بس قبل ما امشي عايز أعرف اسم البنت دي يا محمد ”

أشار بعينيه نحوها مع قوله الأخيرة.

حول محمد رأسه نحو الفتاة التي يقصدها فهتف عاقدًا حاجبيه:

“اشمعنا.”

“انجز يا محمد الله يخليك”

وللتخلص وإنهاء ما يحدث و من أجل ذهاب يوسف أجابه بهدوء و هو يتركه و يعود ليباشر عمله:

“اسمها برق يا يوسف.”

ذهب تاركًا إياه يردد اسمها من جديد معجبًا باسمها المميز.

“برق.”

ومع نطقه اسمها عادت ضربات قلبه لتتفاقم من جديد، و ما زاد الأمور سوءًا بالنسبة له عينيها التي تقابلت مع عينيه بنظرة سريعة جعلته يدرك جواب سؤاله ألا وهو ما سيحدث عندما تصبح نظراتهم متبادلة.

والآن حصل على جوابه، مغادرًا المكان وهو مجبر على ذلك تاركًا عقله و قلبه معها.

تاركًا “محمد” خلفه يفكر في كيفية تخليص حقه من “أحمد” الذي لم يلتزم باتفاقه معه عازمًا على عدم الإلتزام هو الآخر مستعينًا بتلك المقولة الذي ظل يرددها بداخله

“البادي اظلم .”

********

عاد “أحمد” إلى منزل عائلة والدته، وما لبث أن يلج باحثًا عن جده “مروان” حتى استمع لصوته يأتي من الجانب الخلفي لحديقة المنزل.

توجه صوب الصوت و هو يضع يديه بجيب بنطاله و كلما اقترب كان يرتفع صوت جده أكثر و أكثر و هو يردد تلك الأرقام بغيظ مما حدث و كيف اكتشف حفيده حقيقته بل و الاسوء تهديده وابتزازه له بفعل ما يطلبه مستقبلًا كي يحافظ و يصمت عما اكتشفه

“واحد، اتنين، تلاتة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة ”

انبهر “أحمد” مما يراه وكيف يقوم جده بتمارين رياضية بلياقة بدنية عالية لا تليق مع عُمره.

أطلق أحمد صفيرًا عاليًا مصفقًا بيديه قائلًا :

“عاش يا جدو عاش، لا جدو ايه ده أنا اللي جدو . ”

توقف مروان قائلًا بدقات قلب متسارعة و صدر يعلو ويهبط:

“جدو في عينك يا حيو

لم يدعه أحمد يسترسل متمتم :

“لا كله إلا الشتيمة يا جدو، متنساش أن كل شيء انكشف وبان وعلى وشك يبان يا نداغ اللبان، بقولك إيه يا جدو قُضي الأمر خلاص.”

“ده أنا شكلي اللي هقضي عليك و انهي حياتك، أنا مش عارف ليه مقتلتش ابوك زمان وارتحت منه على الاقل مكنش بلاني بيك، ولا مخي كان فين وأنا سايب بنتي بتجوزوا، آه لو يرجع بيا الزمن”

“قول لزمان أرجع يا زمان، و بعدين متندمش على اللي راح يا جدو و بص للي جاي، وحبني، جرب كدة تحبني، متشوفنيش ابن ابويا، شوفني ابن أمي اللي هي بنتك، مش يمكن ربنا ينفخ في صورتك وتحبني.”

ضغط مروان على شفتيه وهو يجيبه بنبرة صادقة تخللها شيء من السخرية:

“كنت حبيت أبوك زمان، بس سبحان الله مش عارف اتقبله لحد دلوقتي، بص يا أحمد يا بني، أنا للاسف مضطر استحملك وده مش لأجلك ولا لأجل أبوك لا ده لأجل بنتي اللي بتقول أنك ابنها ولو أني معرفش إزاي بنتي حتة القمر تجيب عيل عرة زيك كدة”

وببسمة بسيطة استرسل أحمد مضيفًا على حديث مروان:

“هي ماما قمر بس ؟؟ دي بسكوت نواعم يا جدو والله، وبعدين لو مكنتش قمر مكنش بابا حبها واتجوزها، المهم أنا رجعتلك عشان أنا قبل ما اسيبك وامشي قولتلك عندي شروط، أول شرط منهم هو ”

قاطعه مروان منفعلًا لا يصدق ما يحدث معه و كيف بات في هذا الموقف:

“حيلك حيلك، أنت لحقت فكرت، وبعدين مستعجل على ايه يا أخويا هو أنا هطير ”

“لا مش هطير، بس أنا اللي رقبتي هطير، أنت نسيت عملت إيه في اوضة صابر و لبستهالي، أنت دلوقتي هتيجي تصلح اللي حصل و تصلح علاقتي باخويا وتعرفه إن مش أنا اللي عملت كدة و كان أنت ،و أنت بحكم الزهايمر هتصعب عليه متخافش و مش هيعملك حاجة، أنا عارف أخويا صابر يبان جامد وبارد آه بس من جواه مفيش ارق وأحن منه اسمع مني ”

“طب مدام هو كدة بقى يبقى ملوش لزوم أقول حاجة، وشيلها عني المرة دي و بعدين أنا جدك يا أحمد يا حبيبي يعني لو مشلتش عن جدك مين هيشيل عني يا ابني، ده أنا راجل كبير مُسن، يرضيك اتبهدل على آخر أيامي ، و يا عالم فاضل في العُمر قد إيه، بس أكيد اللي جاي مش قد اللي راح، سبني اعيش الكام يوم اللي فاضلني بسلام يا حبيبي”

رفع أحمد يديه ومسح على عينيه بطريقة ساخرة راسمًا التأثر على محياه، قائلًا:

“لا يا جدو، لا، أنت حقيقي خسارة في البيت ده، أنت المفروض كنت تمثل، انت مكانك التمثيل مش هنا، وبعدين راجل كبير مسن إيه، ده أنت كنت لسه بتلعب تمارين ولا اجدعها شاب في العشرينات، بقولك إيه يا جدو فكك من الحوارات دي وميغركش اني مؤدب لا أنا ممكن اقلب عربجي أو بلطجي تحب تشوف؟ ”

قطب مروان حاجبيه وسأله بتفكير:

“انا موافق اروح اصلح علاقتك مع اخوك واقوله أنه انا اللي عملت كدة في اوضته، بس مش هتحرك من هنا قبل ما تقولي الفرق بين بلطجي أو عربجي اللي قولتها دي ”

وبابتسامه جانبية رد عليه:

“أنت جيت في جمل يعني، سهلة وبسطية، بلطجي جاية من بلطجة وعربجي جاية من عربجة. ”

ارتفع حاجبي مروان وصاح مصفقًا :

“الله عليك، روح يا شيخ ربنا ياخد أمثالك، قدامي يالا، قبل ما اتجلط واموت منك بجد وبحق وحقيقي قدامي. ”

بعد دقائق تشكلت الشماتة على وجه مروان بعد أن علموا من “دلال” بعدم تواجده بالمنزل.

متمتم بعد ذهابها وهو رافعًا يديه:

“كدة أنا عملت اللي عليا و زيادة وجيت معاك زي ما طلبت عشان اقوله بس أنت حظك شبه وشك واخوك مش موجود، سلام عليكم.”

“توقف يا جدو، فـ والله لن تبرح مكانك إلا بعد مجيئه واعترافك له بكل شيء. ”

“أنا نفسي أفهم أنت ليه مصمم تكلم زي أبوك، اش حال كنتوا بتكلموا فصحى غلط، اومال لو بتتقنوا اللغة كنت عملتوا في اللي خلفونا إيه ؟؟ ”

هنا و جاء صوت من خلفه يدرك صاحبه جيدًا، قائلًا:

“حمايا العزيز، ده يا ألف ويلكم بيك والله. ”

ابتسم أحمد ورد على والده:

“تعالى يا بابا، جدو كان لسة بيسأل عليك، و سبحان الله أول مرة ميمسكش فيا ويفتكرني علطول، لا وإيه خد الكبيرة والتقيلة بقى.”

تفاعل “جابر” مع ابنه وقال:

“أيوة خش عليا بالتقيلة بقى. ”

“سأل على صابر اخويا، و بكدة ولأول مرة في تاريخ جدو مروان يبقى فاكرنا إحنا التلاتة. ”

هلل جابر بطريقة مرحة ملوحًا بذراعيه:

“اللهم صلي على النبي، إيه كمان اشجيني ياض”

“لا ما خلاص كدة، اجيب منين تاني. ”

ومع إنهاء حديثه اقترب جابر واحتضن مروان رغمًا عنه والذي كان يحاول التملص منه لولا كلمات أحمد التي جعلته يتراجع والذي صاحبها بغمزه من عينيه ماكرة مهددة:

“حاسس أن كان في حاجة تاني والله يا جدو، بس غالبا بدأت افتكرها.”

لكزه مروان دون أن يرى جابر فعلته لتواجد أحمد خلف والده متمتم من بين أسنانه:

“لا مش غالبا، خليك ناسي أحسن. ”

************

دخلت “ضياء” المقهى الذي ينتظرها بداخله صديقها “طارق” بعدما هابت من تهديده لها وازدحمت رأسها بالأفكار السيئة التي ستحدث ما أن يدرك والدها علاقتها بهذا الشاب وكيف كانت تحادثه وتقابله دون أي خجل.

رسمت القوة على محياها، واخفت خوفها الذي لا يكف عن النهش بها ويكاد يقضي عليها، مقتربة من الطاولة الذي يجلس عليها ولا ينتبه إليها فقد كان منشغلًا بهاتفه و بدخان سجائره السعيد بها و التي تشعره بأنه رجل بالغ ناضجًا.

قائلة بذات القوة ومن بين أسنانها وهي تسحب المقعد المقابل له وتجلس عليه:

“ممكن أعرف أنت عايز مني إيه، هو مش خلاص موضوعنا اتقفل وانتهى، عايز منى إيه يا طارق، ابعد عنى بقى”

ترك الهاتف أعلى الطاولة، ثم قال ببرود كأنه لم يسمع أي شيء مما قالته:

“اتاخرتي، بقالي ربع ساعة مستنيكي، ليه التاخير ده كله؟. ”

“انا اللي بسألك أنت عايز مني إيه يا طارق”

“ما أنا قولتلك، ولا الحلوة واقعة على ودانها وسمعها تقل ”

“يا طارق بلاش كدة، بلاش تندمني اني في يوم وثقت فيك وكنت مدياك الأمان، خلينا نقفلها حلو بلاش النهاية تبقى ”

لم يدعها تسترسل وقال مقاطعًا بنبرة ساخرة ونظرات دبت الرعب بقلبها:

“وأنا مش عايزها تنتهي، وعايز نكمل، وحوار نقفلها ده لو حصل يبقى بمزاجي أنا يا بنت شكري، وصدقيني كل حرف و كلمة قولتهالك هنفذها ولو متعدلتيش وبطلتي عوق هتزعلي مني جامد اووي، وانا بصراحة مش عايزك تزعلي. ”

مع قوله كلماته الأخيرة سحب يديها التي تضعها أمامها على الطاولة مقبلًا إياها.

لم تتحمل لمسته أو قبلته وسحبت يديها عنوه، فتركها تفعل ما يحلو لها متمتم بثقة و أريحية وهو يعود بظهره للخلف:

“وبمناسبة رجعونا بقى يلا اعزميني على الغدا وصالحيني أصلي لسة حاسس إني زعلان و واخد على خاطري منك أوي.”

*************

“قصي عمل بلوك لـ همسه ليه يا آسر ”

طرحت “يارا” سؤالها ما أن استقلت السيارة وجلست جواره

لم يهتز من صوتها العالي الغاضب، وأجاب ببرود وهو يتحرك بالسيارة:

“معرفش، و وطي صوتك وأنتِ بتكلميني.”

بروده ونبرته الخافضة جعلوها تسوء بها، رافعة من نبرتها أكثر وأكثر:

“مش هوطي صوتي يا آسر وعايزة اعرف دلوقتي هو بلكها ليه، هي كانت عملتله إيه عشان يبلكها وينهيها بالطريقة الزبالة دي، اسمع يا آسر لو هو متعود على البنات الشمال وأنه أول ما يزهق يروح مبلك الواحدة فـ احب اقولك أن همسة مش من الشمال دول ومينفعش يعمل معاها كدة. ”

وبذات البرود رد عليها وهو ينظر إليها تلك المرة:

“انا قولت توطي صوتك يبقى توطي صوتك أنا مبحبش اكرر كلامي كتير و أنتِ عارفة ده كويس اوي، والأهم من كل ده اتكلمي عن قصي عدل علشان وعزه وجلاله الله يا يارا هتشوفي وش و معاملة جديدة خالص وصدقيني مش هيعجبوكي.”

تراجعت عن غضبها وهدأت تعابير وجهها معللة سبب غضبها :

“انا آسفة يا حبيبي، بس أنت متعرفش همسة منهارة إزاي من ساعة ما بلكها، وانا مكنتش حبة اتكلم معاك في الموضوع ده في الموبايل وقولت استنى لما اشوفك عشان نتكلم، متزعلش مني والله ما قصدي ازعلك.”

“وأنا وأنتِ ملناش علاقة بيهم، والله رجعوا واتجوزوا ألف مبروك، سابوا نهائي ومرجعوش الله يكرمه باللي احسن منها ويكرمها باللي احسن منه، غير كدة متكلميش معايا أنا مش ولي أمره ، ولا أنتِ ولية آمرها.”

انهى حديثه وهو يبدل طريقه ويدور بالسيارة بسرعة فائقة أصدرت صوتًا عاليًا، ابتلعت ريقها وهي تستفسر منه:

“طب خلاص أهدى، وبعدين أنت رايح على فين احنا مش كنا رايحين الـ.”

“مش رايح في حتة وهروحك، عكرتيلي مزاجي ويومي اتقفل، يارب تكوني مبسوطة.”

حاولت معه لتغيير قراره واستعطافه، لكنه أصر على رفضه ولم يجيب بأي كلمات واكتفى بمتابعة طريقه.

جزت على أسنانها ونظرت من نافذة السيارة وهي تقول بسرها:

“الله يحرقك يا همسة أنتِ وسي زفت بتاعك اللي خربتوا عليا اليوم، ربنا ياخدكم.”

*************

في المساء.

عاد “صابر” من الخارج وقصد غرفته بعد تبادله أطراف الحديث مع والدته.

بدل ملابسه وعقب انتهائه تطرق إلى مسامعه صوت دقات الباب.

صوب بصره نحو الباب قائلًا:

“مين ؟ ”

فتح”مروان” الباب وتقدم منه فظهر أحمد من خلفه يحتمى به من أخيه والذي باتت انظاره ثابته عليه.

توقف مروان ثم حمحم قائلًا:

“ازيك يا غالي يا ابن الغالي، طبعا عارفني وفاكرني مش كدة ؟؟”

انا جدو يا واد يا صابر، تعالى في حضني.

مال أحمد وهمس له بغيظ :

“أنت بتعمل إيه، أنت فقدت الذاكرة بجد ولا إيه، هو فاكرك وعارفك على فكرة أنت جاي تعرفه على نفسك، أنت تعبان في مخك يا جدو ولا ايه، ما هو عارفك، مش ناسيك المفروض أن أنت اللي بتنسى مش هو ..بقولك ايه خش في المفيد علطول.”

رد عليه هامسًا هو الآخر:

“اعمل ايه الكلام طار من مخي معرفتش اقول إيه مش شايف بيبصلنا ازاي، كأننا قتلنله قتيل”

“بالله لو ده حاصل مش هيبصلنا كدة، المهم خش في المفيد وقول اللي عندك خلينا نمشي.”

ضاقت عين صابر وهو يراهم يتهامسان بصوت خافض، اقترب خطوتين متمتم بصوت غليظ:

“انتوا جايين توشوشوا بعض هنا.”

عقب انتهائه حول بصره وثبته على احمد متمتم بغيظ وخطوات متقدمة من أحمد وهو يتذكر ما فعله بغرفته من خراب وفوضى:

“هو أنت ليك عين توريني وشك وتدخل الاوضة تاني بعد اللي هببته فيها..”

ركض أحمد من خلف مروان، هاربًا من أخيه واقفًا فوق الفراش المرتب بحذائه وهو يدافع عن نفسه:

“اقسم لك، اقسم لك بالله يا أخي اني مهوبتش من غرفتك، ولا حتى لمستها، وانا هنا مع جدك عشان يقولك الحقيقة، ويقولك أن هو اللي عمل كدة بحكم الزهايمر اللي عنده، أنت ساكت ليه يا جدو ما تقوله اللي حصل.

اماء مروان موافقًا مقتربًا من صابر الثائر وكأنه على وشك الانقضاض على أحدهم، متمتم بصوت خافض:

“بقولك إيه الكتاب باين من عنوانه، وبيقولك أنه معملش حاجة وبيجيبها فيا وهو أساسا واقفلك على السرير بالجزمة وقدامك كمان البجح ما بالك بقى وأنت مش موجود بيعمل ايه، ده مش بعيد يكون بيعملك بيبي على السرير يا جدع وبصراحة بقى جه واتحايل عليا علشان اجي اقولك انه أنا واشيلها عنه وأنا علشان قلبي طيب مقولتش لا، بس بصراحة هو زودها أوي.”

تشكلت بسمة على وجه “أحمد” و هو يراه يتحدث معه.

فقد ظن أنه يروي عليه ما حدث وكيف خرب الغرفة له.

هبط من على الفراش مقتربًا منهم متمتم ببسمة واسعة:

“عرفت بقى أنك ظالمني، بس معلش أنا مسامح، تعالى في حضني بقى.”

وعلى عكس المتوقع مسك به صابر بطريقة أفزعته صارخًا عليه:

“وحياة أمي يا أحمد ما أنا حلك، علشان أنا خلاص جبت أخرى واتخنقت منك.”

اتسعت عين أحمد وسأل مروان وهو يحاول فك حصار أخيه عنه:

“أنت قولتله إيه بضبط.”

“هكون قولتله إيه اللي حصل طبعا، عيب يا صابر يا بني كدة سيب اخوك، ميصحش كدة طب احترم وجودي يا ولد..”

في تلك اللحظة ولج “محمد” الغرفة بعدما وصل إليه أصواتهم وهو في طريقه لغرفة أحمد بحثًا عنه.

كز محمد على أسنانه غضبًا وغيظًا قائلًا:

“حلو اوي، وكويس اني لقيتك سبهولي بقى يا صابر علشان هو يلزمني.”

مر من جانب مروان ومسك هو الآخر بـ أحمد الذي بات بالمنتصف بين صابر ومحمد وكل منهما يتصارع ليظفر به ويلقيه درسًا.

خرج صوت أحمد والذي يعاني ويهتز جسده بالكامل مما يحدث به وكيف يتشاجران عليه:

“انتوا بتتخانقوا على ايه الله يحرقكم سبوني..يا جدو أنقذني أرجوك هيفعصوني وانا لسة مدخلتش دنيا…….

مع قوله الأخيرة بحثت عيناه عن مروان ولكنه لم يجده فانكمش وجهه وكأنه على وشك البكاء مناديًا بأعلى صوت:

“يا أبي انقذني، فـ ابنك في أمس حاجة إليك الآن…..

أبــــــــــــــــى

……”

يتبع.

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق