رواية رحماك الجزء الثالث الفصل الرابع عشر 14 – بقلم أسما السيد

رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الرابع عشر

ــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
نص دعاء هدوء النفس : اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وداعاً)

 

ببيت الحاج… راشد…
لا تعرف لما، ولا لماذا أرادت الذهاب لهناك؟
وهو لم يعترض..جذبها بحنان بيد، ومد يده الأخري لطفليها اللذان تعلقوا بها سريعا….
أقترب من سيارته وأجلسها بجانبه، ووضع الأطفال المتحمسون بالخلف..بلا كلام..
فقط السعاده تغمر صدره..يخشي الحديث ويسأل لما، فيصدم بسبب يعكر صفو سعادته بقربها..أخيرا بعد سنوات قضاها بعيدا عنها عجاف، لم تثمر من بعدها شئ الا ذلك الحنين الذي يشتعل بقلبه لها يوما بعد يوم..
ليحمد الله، ماذا سيريد بعد..؟

 

فتح السياره وجلس بجانبها، بعدما رمقها بنظرة عشق ممزوجة بفرحه ظهرت جليا علي قسمات وجهه الذي تناسي كيف هي شكل الفرحة من بعدها…. ولكن سرعان ما تذكر شيئا، عاد بنظرة للخلف، لهؤلاء المتحفزون للرحله، غير واعين لتلك الحرب المشتعله بقلوبهم….
نظر لهم بأعين لامعه..تبعها بغمزه بعينيه.. مردفا بلهفه..
ـ لقد نسيت شيئا مهم..لا يجب الرحيل بدونه..
سأله معاذ بلهفه..
ـ ما هي؟
تركهم و خرج من السيارة، وهو يهرول سريعا بعدما أجابهم بمكر..وهو يوجهه حديثه لها..
ـ ستخبركم والدتكم..أن تذكرت..
نظر معتز لها، مردفا بحماس..
ـ ماهذا الشئ ماما..هل تذكرتي؟
انتبهت أخيرا لما يحدث حولها..وكأنها كانت مغيبه..ماذا تفعل هي؟
ماذا يحدث لها؟ ولما باتت تتصرف بكل هذا التهور؟
أين تلك (سولاف) التي عانت سنوات بترميمها..
لم تعد تعرف نفسها..
عاود طفلها سؤالها مرة أخري؟
فشهقت بعدما وصل لها مغزي حديثه، وعاودت التساؤل..
ـ أما زال يحتفظ به؟
أغمضت عينيها، وهزت رأسها بهستيريه..تنفض عنها غبار الندم والألم..يجب أن تقوي، لما باتت بكل ذلك الضعف..؟
همست بإسمه بلوعه، ودموعها تسيل علي خديها، تكويها بصمت..
ما حدث كان مشيئة الله، حتي إقترانها بمعتز رحمه الله، كان مشيئة الله، ماذا كانت ستفعل هي أن لم يكن معتز ومياسين بحياتها..
يجب أن تنفض عنها كل ذلك الندم، وتأنيب الضمير وترضي بما قسمه الله لها..
ماحدث كان إختبارا قاسيا، عليهم جميعا، لما لا تسامح إذن، وتلتمس له العذر، لأنه بالفعل يستحق..
لقد عاني بحياته، ما لم يعانيه أحد!
لما لا تصبح هي بلسما لجراحه..لما لا تتناسي..؟
ألف ماذا ولما، خطرت بعقلها، وأدركت تهورها في تلك الخطوه..كان يجب أن تأخذ وقتها لتفكر، قبل أن تهرول له..
تهكمت علي نفسها..وأنبتها..
لقد فعلتي كل ذلك، كما إعتدتي من قبل سولاف، بالفرح والحزن..تهرولين لذراعيه..؟
شعرت بالخزي من نفسها، وتأكدت بأن محمد لم ولن يكون ماضي أبداً بحياتها، كاذبة هي انا أدعت غير ذلك..
أذا لما تركها قلبها وهرول ليبحث عنه الليله..
دفنت وجهها بين كفيها، وبكت، تريد التفكير، تريد الإنفراد بنفسها، لتضع نقاط حياتها بخاناتها الصحيحه..
سرعان ما تذكرت أنها بسيارته، سيأتي الآن، وحتما سيحن قلبها بهذا المكان اللعين المعبأ بذكرياتهم..
يجب أن تهرول من هنا، يكفي ضعفا..
مدت يدها لتفتح باب السيارة ، لتهرول للداخل..
يجب ان تعود لرشدها أولا، ولا تنساق وراء صدمتها، يجب أن تفكر بالعقل..
ما كادت تخرج قدمها،
إلا و باغتها فجأه وجذبها بيده للداخل، مغلقا السيارة اتوماتيكيا..
دب الرعب بقلبها وهي تتساءل ..متي أتي؟ولم تشعر به.!
نظرت للخارج بصدمه..
كيف فعلت بنفسها ذلك، لقد شارف الليل أن ينجلي…
نظر لوجهها بشوق، مردفا بحب..
وهو ينقل نظره لأطفالها في الخلف..
ـ اليوم سأريكم أحب الاماكن علي قلبي..هل أنتم مستعدون؟
هلل الاطفال..بأيديهم..
ـ حقا، مستعدون..
ـ أذن لننطلق..
همست بضعف..محمد..انتظر..
لم يعيرها انتباها، ولن يدعها تفسد عليه لحظته التي تمناها منذ سنوات…
بالكاد أدار محرك السياره، ورن هاتفه بإسم كيان…
تجاهله قصدا، وعاد ليدير السياره، ففوجأ به يرن مره أخري..
همست بقلق دب بقلبها..فجأه، في أيه، مين بيرن؟
حك مقدمة رأسه بتوتر، وأخبرها بشرود..
ـ دا كيان….
هتفت بلهفه…
ـ طب رد بسرعة مستني أيه، دول طلعوا الجبل، ليكون حد جراله حاجه..
نظر لها بصدمه..
ـ الجبل..؟!
ـ مين قالك الكلام دا؟
نظرت له بإستنكار ، وهتفت بغيظ…
ـ انت لسه هتسأل..رد بسرعه يامحمد..
لم يستمع إلا لأسمه، من بين شفتيها..فأردف بهيام..
ـ أنتي قولتي محمد..بجد..قولي تاني كده..
أتسعت عينيها بصدمة..وهو يكمل بأمتعاض..غير مكترثا لهاتفه الذي يرن بإلحاح، ومن يتصل عليه، يقف بقلب الصحراء يسبه بأبشع السباب..
ـ مش كل ماتشوفيني مستر محمد..بذمتك مش كدا أحلي..
قولي محمد..علطول..وحشني أسمي من شفايفك..
أتسعت عينيها منه..وأردفت بصدمه
ـ دا وقته..رد..
عاود الهاتف الرنين..فهزت رأسها بيأس منه..وهو ينظر للهاتف، بإمتعاض..
مدت يدها لتأخذ الهاتف منه، لتجيب اخيها، هاتفه بغضب..
ـ هات الزفت دا اما اشوف أخويا في أيه.؟
أبعد الهاتف عن يدها، هاتفا بغيره..
ـ وتردي ليه أنتي، قاعده جمب سوسن؟
شهقت بصدمه من وقاحته، واقتربت منه وحاولت خطف الهاتف منه..
فأبعده مره أخري عنها ، فوقعت بين ذراعيه، أقترب من أذنها وهمس بخبث وهو يملي عينه منها..
ـ أعتبر دا ايه بقي، هو انهاردة يوم سعدي وهنايا ولا إيه؟
رمقته بسخط، وحاولت الاعتدال فلم تجد مفرا من أن تستند علي صدره..
أسندت يدها علي صدره لتعتدل، فتأوه عشقا، وهو يمد يده ليمسك بيدها…هامسا مرة أخري بأذنها
ـ أظاهر أن ربنا أستجاب لدعوة أمي انهارده وهي بتفطر يابت ياسولاف….
حاولت افلات يدها، فأمسكها من يدها بقوه..فجزت علي أسنانها، وهي تسب نفسها بنفسها علي غبائها وتهورها.
تستحق ما يحدث الآن..للحظه اعتقدت أنه تغير وأصبح رجلا راشدا..ولكن أي رشد هذا..؟
انتبهت علي همسه..بأذنها..بمرح
ـ كل يوم ساعة الفطار ألزق لناديه، وأقولها مش هتدوقي الأكل، إلا لما تدعيلي، أن سولاف تحن عليا..
رفعت رأسها بصدمه..من حديثه، فهز رأسه لها بالأيجاب مردفا ببراءه..
ـ آه والله العظيم، حتي اسئليها..
هتفت بغضب مراهقه، عادت فجأه لأيام مضت، ظنت أنها لن تعود أبدا..
ـ أنت سافل ليه؟
همس بخبث..وهو يقترب بوجهه من وجهها.
ـ وأنتي بتحلوي ليه ها؟
همست بصدمه
ـ محمد..
ـ ياعيونه….
جزت علي أسنانها، وأردفت بغيظ..
ـ سيب أيدي يازفت أنت..وأحترم نفسك..أنت نسيت أن معانا أطفال..
أتسعت عينيه، وألقي نظره سريعه عليهم، فوجدهم ينظرون لهم بإنتباه، كأنهم ينظرون لفيلم كرتوني، فاغرين أفواههم ببلاهه..
أبتلع ريقه، وترك يدها سريعا متمتا..
ـ اللهم اغذيك ياشوشو.. متحترمي نفسك بقي..
نظرت له بعداء..
وهي تشير علي نفسها..
ـ دا أنا بردو..طب افتح الزفت الباب دا يامحمد..أنا غيرت رأيي، مش عاوزه أروح في حته..
محمد بصدمه..
ـ نعم يختي..بقولك إيه، أنا قولت هنروح يعني هنروح..
همت أن تتحدث إلا أن، دقا قويآ علي زجاج السيارة بجانبه جعله ينتفض بصدمه..
ـ ايه ده فهد..؟
أنزل الزجاج، وسرعان ما باغته فهد بغضب..
ـ انت يامحمد الزفت، مبتردش علي كيان ليه..؟
محمد ببلاهه، هاا، أصل مسمعتش..
ابتسمت بمكر، واقتربت من الزجاج حيث يقف أخيها، واردفت يخبث..
ـ لا يافهد بيكدب، وخاطفني في العربيه، انا وولادي، ومش عاوز يرد..ألحقني يافهد منه..
نظر لها بصدمه..متسع العينين..مشيرا بيده علي نفسه
ـ أنااا..؟
اكملت ببكاء مصطنع..
ـ أيوا أنت.. وأسأل الاولاد كمان..، ونظرت للخلف تسأل اطفالها..بالأسبانيه مستغله عدم معرفة فهد بها؟
هل تحبون ماما؟
ـ هز الأطفال رأسهم بالأيجاب غير واعين لمغزي الكلمات
فهد بصدمه..دا أنت ليلتك مش معديه يامحمد..بتخطف أختي وولادها عيني عينك كده..يا ويلك مني يامحمد..
رمقها محمد بغيظ..
ـ يابنت ال..لعبتيها صح..بس ماشي..
نظرت له بخبث وعاودت البكاء..فهمس بغيظ..
ـ ماشي ياسولاف..افتكريها..
هتف فهد بغيظ..أفتح يامحمد الزفت ده، وأنزل وسيب أختي في حالها..
هبط من السياره، بعدما اقترب منها، هامسا بأذنها..
ـ أظاهر أن القطه فاقت. وبقت تعرف تخربش..بس علي مين، متنسيش أني أنا أللي مربيها..وكله تعليمي
رفعت حاجبها، وأجابته بنفس الهمس..
ـ مبتتهددتش..
معتز بغيظ..لمحمد..
ـ ألن نذهب؟
محمد بغضب..لقد افسدت والدتك الخروجه، هي السبب..
نظر معتز لها بغضب..لما ماما، أريد الذهاب؟
فهد ببلاهه..هو أنتو بتتنيلوا تقولو إيه؟
هي الترجمه بتاع الفقرة دي هتنزل أمتي؟
وبعدين.. ما تحترموني هو أنا شفاف بينكم….
نظرت لأخيها بتوتر، وسألته لتشتت تفكيره…
ـ هو حصل إيه لكيان، بيتصل كتير..
نظر لها فهد بأمعان..يعلم أنها تكذب، ويبدو أن القلوب بدأت تحن لساكنيها.. مرة أخري، ويامرحبا بهم..
وأجابها..
ـ العربيه عطلت بيهم بطريق الجبل..وبيتصل عشان نروحله..
هزت رأسها بارتباك من عيون ذلك الذي يقف خلف اخيها، يهمس بشفتيه، بكم يحبها..ويقذف لها بقبلات تخجلها..
ـ طب الحمدلله، هطلع أطمن ميسم بقي..التفت سريعا ودلفت للداخل..تدعو الله أن أحدهم ايقظها من جنانها..
التف فهد لذلك الذي ينظر لها بهيام وأمسكه من تلابيه..هاتفا بغيظ..
ـ يالا ياحبيب، يالا الطريق طويل..حسابك بعدين..
محمد بغيظ..أزاح يديه..عن قميصه..
ـ طب اوعي ياهادم الملذات أنت..
فهد بتهكم..يعني أختك وعيالها ينكدوا عليا..وأسيبك أنا تحب في اختي..يا أخي دا يبقي عيب في حقي..
نظر له محمد بصدمه، وأردف بسخط..
ـ وأنا ذنبي أنا إيه، أنت أللي مش مسيطر..
فهد بحده، وهو يزيحه عن كرسي القياده..
ـ طب أوعي ياخفيف، لو سيبتك تسوق مش هنوصل انهارده..
محمد بهيام وهو يميل برأسه علي المقعد..
ـ لا في دي عندك حق..أنا عاوز أهيم في الكون بسلام..
فهد بغيره..
ـ في الكون برده، ولا في أختي ياحيوان..
محمد..هييييح عيبك إنك فاهمني صح..
فهد بغيظ..وهو يعض علي قبضه يده..
ـ طب أضرب أمك فين، وأنت معدش فيك حته سليمه..
محمد بعشق.. مش مهم، فدااها..
نظر له فهد بقلة حيله، ينعي نفسه..مردفا بغيظ..
ـ منك لله ياسلمي أنتي وولادك..يمهل ولا يهمل…
محمد بخبث..
ـ بتقول حاجه ياأبو الفهود..
ـ بقول أختك دي حبيبتي..
ـ آه بحسب..
ـ لا يا أخويا متحسبش..حسبي الله..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت مراد..
بعد ساعتين…
منذ أستمعت لحديث مراد ومصطفي وعلمت الحقيقة…وهي تجلس مشددة الرأس ومراد ولمار ومصطفي يجلسون أمامها..
مصطفي الذي عاد مهرولا، لينفذ قسمه عليها، ولكنه تراجع حينما رأي الجو مكهرب..
وياليته لم يعد ..
عاودت خالتها الضرب علي صدرها..مره بعد مره، وهي تولول تارة وتتعدد، وتصرخ تارة أخري.
ـ يا خيبتك التقيله ياسعاد..يافضحتك ياسعاد..أنا بنتي أنا تعمل فيا كده..مكنش العشم يا مراااد..يختاااي..
كتم مراد أذنيه، من كثرة الصراخ والعويل ولم يفلح..، ويدية تمسك بهاتفة يعاود الرنين عليهم مرة بعد مرة بإلحاح ولا فائدة..
أيعقل فعلها عمرو وأخذها معه…
انتفض جاذبا مصطفي من قميصه..
ـ منك لله يامصطفي الزفت أنت السبب..لو ما اتنيلتش اتكلمت..كنا أتصرفنا..
مصطفي بسخط..أزاح يديه..وهو يتمتم ببراءه..
ـ الله هو أنا يعني كنت أعرف أنها ورايا..ماهي خالتك اللي واخدة توكيل تسنيط من بلدنا والبلاد المجاورة… وخدتني علي أخوانه..
ـ أخرس ياأخي بقي؟
ـ ما أنا ساكت أهو أنا أتكلمت، وبعدين بردو خالتك بتلمع أوكر..
flash back..
قبل ساعة..
دخل كالقطار، بعدما تجاهلته ولم ترد علي أي من مكالمته، ينادي عليها بغضب…
لمار..أنتي يا زفته..
فجأه ظهر مراد من العدم وجذبه من عنقه سريعا..
ـ أخرس يازفت أنت، إيه أللي جابك تاني، في الليله اللي مش عاوزه تعدي دي..؟، هي وكالة من غير بواب…!
مصطفي بسماجة..
ـ جيت آخد مراتي أادبها..
نظر له مراد بإستنكار، وأزاحه بعنف..
ـ تأدبها؟
طب إتنيل أسكت،احسن لك خلينا نشوف حل في المصيبه أللي أنا فيها دي..
مصطفي ببلاهه..ما أنا بقولك أهو، أنا هاخدها أربيها..
مراد بغيظ..
ـ يابني آدم أفهم أنا مبتكلمش علي لمار، أنا بتكلم علي الزفت عمرو وكريمه، مجبهاش لدلوقت وخالتي سمعتني وأنا….
قاطعه مصطفي بشماتة، وبصوت مرتفع..
ـ أحسن فرحان فيك.. عشان تبقي تسمحله يخرج مع مراته وأنا لا…
عشان تبقي تفرق أوي..
مراد بغيظ منه.. شوف ياأخي أنا في إيه؟
وأنت في إيه؟
مصطفي بتساؤل، ليه أيه اللي حصل، أوعي تقول أن خالتك عرفت أنهم أتجوز انهاردة الصبح..
دفع الباب، وتبعه صوت شهقه مرتفعة ، وصراخ أفزعهم..
ـ أيه أتجوزوا..يخرااااابي، يانصيبتي..
back..

 

لمار بقلب ميت..وبعضا من خبث.
ـ متقولش علي خالتو بتتصنط، خالتو متعملش كده أبداً..
نظروا لها الاثتنين بصدمه، سرعان ما تحولت للسخط..
مزمجرين الإثنين بصوت مرتفع عليها..
ـ لمار، أخرسي..
لمار بخوف..
ـ ياماما، إيه ها تكلوني..
سعاد بغضب..أنا بصنط عليك يامراد..أااانا
مكنش العشم يابن أختي، ياللي حطيت راسي في الطين….
يا صدمتي فيك..أنا تعمل فيا كده..
مصطفي بهمس بأذن لمار..غير مكترثا بما يقال…
ـ لولا أللي حصل كان زمانك في بيتي، وفراشي، يا ست كوته..
نظرت له بدهشه، وهمست بإستنكار..
ـ كوته؟
ـ ااه كوته، بت حلويات..
لمار باستنكار..
ـ في حد يقول لمراته كوته..؟
مصطفي بغيظ..
ـ وهو في واحده محترمه تسيب جوزها يتفلق، ومتردش عليه…؟
لمار بغرور مصطنع..
ـ آه، أنا..
أمسكها من ذراعها وضغط عليه بقوة…جازا علي أسنانه بغيظ..
ـ أحترمي نفسك يا لمار واتعدلي..
رآهم مراد، فجذب شقيقته سريعا، من جانبه وأجلسها بجانبه، صائحا به بغضب..
ـ ياأخي كانت جوازه سوده ومنيله بنيله، ما تحترم امي بقي ياأخي، هو أنا مش قاعد..مش عاملي إحترام ليه..
أقولك، قومي أمشي يامصطفي، الوقت اتأخر واحنا هنام..
لمار بلفه..
ـ ااه والله يامراد..جوازة وشها وحش، وآدي أول الغيث..
طلقني منه بقي..
هم بالأعتراض ألا أن…
نظرت لهم سعاد بغل، ووقفت سريعاً، واطلقت صرخة مرتفعه.
ـ يختااااي،يختاااي، ياقهرتي، ياشماتة الأعادي فيااا..وسقطت أرضا…
ـ خالتي..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أمام قسم الشرطه..
عمرز بحرج من الرجل العجوز صديق والده، الذي أتي بنفسه ليضمنه، ويخرجة بشهادته من تلك الورطه..
وهو المأذون الذي كتب كتابهم صباحا أيضا…
أبتسم الشيخ مطاوع علي أبن صديقه المجنون عشقا بتلك الخجوله أبنه عمه، وأمسك بأذنه مردفا بخبث..
ـ يعني مكنتش قادر تصبر يابن سالم.. الشهر ده، لحد ما تخوشو.. أجي أجيبك من القسم في انصاص الليالي كدة..
عمرو بحرج، وهو ينظر لكريمه التي تبكي بصمت..وترمقه بسخط كل ثانيه..وأردف ببلاهه..
ـ والله يا عم مطاوع بوسه بريئه..
شهقت كريمه، ودفنت وجهها بين كفيها، حرجا..
فقهقه الشيخ عليهم..
ـ بوسه بريئة تجيبك القسم بردك، يا خايب الرجا أنت…
عمرو بتهكم..
ـ لا ياعم مطاوع دا مش البوسه أللي جبتني، دا حظي النحس..ملازمني..
الشيخ بضحك..ترك أذنه وهتف بخبث..
ـ آااه بحسب، لا مادام نحسك أللي جابك..يبقي له حق..
ـ ماشي ياشيخ..اضحك، أضحك..
قهقه سالم وودعهم ورحل..
بعد ساعه…
كان يصف قبل بيت مراد قليلا..
نظرت له بصدمه..
ـ أنت وقفت ليه..تاني..؟
عمرو بسخط..هتفضلي تعيطي كده؟
عاودت البكاء مرة أخري..
ـ أنت شايف أن أللي حصل ده صح.. وبعدين ماتصلتش بمراد ليه بدل المأذون..وطمنته وخلاص..
عمرو بحزن، وهو يقترب منها، لياخذها بأحضانه..
فشهقت بصدمه، وألتصقت بباب السياره..
ـ أبعد يا عمرو، وأثبت مكانك..أنت لسه هتحضن وتبوس..
انت مبتحرمش..
جز علي أسنانه، ونظر لها بسخط، والتزم بمكانه مجبرا..
ـ ماشي يا كريمه..طيب..حاضر…حلو كده؟
نظرت له بشك..واعتدلت بمكانها…
ـ ااه يعني..قولي ليه بقي ما أتصلتش علي مراد..
عمرو بتنهيدة…
ـ محبتش أخلي حد يبصلك بصة مش تمام يا كريمه..أنا مش مهم..أنما أنتي لا..أنا مكنش ينفع أحطك في الموقف ده أصلا..حقك عليا..أنا محفظتش عليكي، بس والله كان غصب عني..سامحيني
نظرت له بحزن ممزوج بفخر دوما به..
ها هو حبيبها الذي عشقت..إبتسمت بخوف وقلق وهي تنظر لساعة الهاتف..ولعدد المكالمات من مراد ولمار التي لا حصر لها..
ـ طب وبعدين ياعمرو أنا اتاخرت أووي، وهما
مش مبطلين رن..ورسايل..
أبتسم لها، وعاود القياده..مردفا بترو وحنان..
ـ أنتي ندمانه علي جوازك مني؟
رمقته بسخط، وأردفت بسرعه…
ـ طبعا لا..
ـ يبقي سيبيها لله، زي ما ترسي وتدق..المهم مشوفكيش زعلانه..
أبتسمت بحب..فمال سريعا وقبل خدها وهمس بعشق..
ـ لسه الجميل زعلان؟
هزت رأسها بيأس منه..واردفت بضحك…
ـ مش زعلانه..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطع الدرج عدوا، وعينيه تذرف دموع الحسره، مما استمع له علي الهاتف.. هل كان والدة يودعه، ويوصيه علي شقيقته ووالدته..
وخلفه يركض رضوان، ينادي عليه بلهفه..
ـ استنا يا معاذ يابني، استنا طمني أيه اللي حصل؟..
إستدار معاذ له، قبل ان يدلف لسيارته.. وأردف سريعا
ـ أبويا ياعم رضوان.. اضرب عليه نار عالطريق.. والأسعاف خدته عالمستشفي.. أدعيله ياعم رضوان..
رضوان بصدمه..
ـ ياساتر يارب.. طب يالا بينا بسرعه..يالا..
ان شاء الله يكونوا بخير.. أنا مش هسيبك هاجي معاك..
معاذ بحزن .. يارب…
هم بدخول السيارة، فاستوقفه صوتها.. آتيا من الاعلي..
ـ معاذ..
رمقها بألم.. وأستقل السياره، ورحل سريعاً …
جلست أرضا، وحاوطتها شقيقتها بذراعيها..
ـ أهدي يا خديجه، دلوقتي نعرف في أيه، ويطمنونا.. أصبري، اكيد خير ان شاءالله..
خديجه بحزن.. قلبي بيوجعني أووي ياخلود.. في حاجه حصلت أكيد..
زينب ببكاء من خلفهم…
ـ مش مكتوبلنا الفرحه أبداً.. جيب العواقب سليمه يارب..
يارب متحرقش قلوبنا بالفراق، ياارب..
ــــــــــــــــــــــــ
ببيت مراد..
دلفت للداخل بحرص، فصدمت بمنظر والدتها التي تجلس مربطه الرأس بعدما أسعفها مراد، وتولول..وتصرخ وتبكي تاره..وتسب عليها وتتوعدها تارة..
دب الرعب بقلبها، ورجف جسدها خوفا من والدتها وشرها..
وقعت عين والدتها عليها، فإستقامت سريعا، ولم تنتظر لتسمع منها، هجمت عليها، وجذبتها من شعرها وأسقطتها أرضا..وهي فوقها..
بالكاد تأخذ كريمه أنفاسها..
ـ اتجوزيه ياوسخه..ضحك عليكي..اتجوزتيه ليه غلط معاكي..أنطقي لموتك..
كنتي فين يا وسخه لدلوقتي..أنا هقتلك انهاردة، وأخلص من عارك….
حاول مراد ومصطفي أبعادها عنها وبصعوبه، أبعدوها عنها..
بينما هرولت لمار للخارج..تبحث عن عمرو فوجدته كما توقعت يقف ينتظر الاطمئنان عليها، وأن تعطيه إشاره بالرحيل…
صدم بلمار تجذبه من يده للداخل..
ـ لمار في أيه؟
لمار بخوف..علي أبنه خالتها..
ـ بسرعه لازم تلحق كريمه، خالتي هتموتها..خالتي عرفت بجوازها منك…
ـ عرفت إزاي.؟
ـ الزفت مصطفي، غلط بالكلام وسمعته..
وقفت كريمه ترتجف بجانب الباب..ووالدتها تسبها وتلعن بها..ومراد يهدأ بها..
وسرعان ما باغتتهم وهجمت مره أخري عليها بقوه أكبر، وسحبتها من شعرها، وألقت بها للخارج..
ـ يالا ياوسخه روحيله، أنتي مش بنتي ولا أعرفك..
دخل مهرولا للمنزل..وفوجأ بوالدتها تقذفها وكأنها ساقطه للخارج..
أقترب منها سريعا..وتلقفها بين ذراعيه..
جز علي أسنانه، ونظر لزوجة عمه بنظره أرعبتها..
رفعت كريمه عينها لتري بحضن من سقطت..؟
وجدته هو..خفض رأسه ونظر لها باطمئنان..فسرعان ما حاوطت عنقه وانفجرت بالبكاء…
ـ بلا حديث، أستدار ويديه تحاوط خصرها بتملك..لينهي تلك المهزله والآن..
جن جنون سعاد، وهي تراه يسير بجانب ابنتها بكل برود أعصاب..
فألقت سبابا بشرف ابنتها وصل للجميع بوضوح، سرعان ما نظروا لها مصدومين..من ظنها في ابنتها..
ألتف عمرو مصدوما منها، أوصلت لذلك الحد من الشك والأذي.. نظر لها بغضب، غضب مشتعل بقلبه، حاول التحكم به، وهو يجز علي أسنانه، وأردف بحسم..
ـ قسما عظما، لو مش أنتي أمها، وبتناديلك ماما
لوريتك النجوم في عز الظهر..أللي حيشني عنك كلمه ماما، اللي هي بتقولها..غير كده..من انهاردة بنتك ماتت….أوعي في يوم تفكري فيها..
هتفت بكرهه..
ـ في داهية، وأنا كمان ميشرفنيش تكون بنتي..
رمقتها كريمه بألم، واردفت بحزن..
ـ يالا ياعمرو..أنا أمي من اللحظه دي ماتت..
ــــــــــــــــــــــــــ
بعد يومان..
ببيت معاذ..
صاحت بغضب، وهي تحدث أحدهم..
ـ غبي..غبي..كان لازم هي اللي تموت مش هو..لاااا..
لو حسين مات..هخلص عليك يامرتضي الزفت..
مرتضي بسخط..وانا أعملك أيه؟، مش هو أللي عامل حامي الحما، وخد الطلقه بدالها..وهي طلعت منها زي الحصان..
أماني بحقد..
ـ أخرس، أخرس..
القت الهاتف بغضب علي الفراش..وهتفت بغل..
ـ لازم تموتي يا أيمان، لازم أحرق قلبك..لازم..
عادت الممرضه التي تمكث معها بصدمه للخلف، بعدما استمعت لما قالته، وعلمت أن من بالداخل ليست الا شيطانا متحركا، لا تمت للانسانيه بصله..وتتكلم أيضا، ليست بكماء..
ولكن لسوء حظها اصطدمت بشئ ما، فسقط أرضا وأصدر صوتا، جذب من تجلس بالداخل تتوعد لشقيقتها بالهلاك….
استقامت أماني فزعا، وخرجت من الغرفه سريعا، وصدمت بمن لم تسعفها قدميها للركض..
نظرت لها بتهكم، وأردفت بخبث..
ـ اممم شكلك سمعتي..
هزت الممرضه رأسها سريعا. وأردفت بهلع…
ـ لالا والله..أنا..
ـ أخرسي متحلفيش بالله..
ابتلعت الممرضه ريقها وهتفت ببكاء حار..
ـ أنا تحت أمرك يامدام..ومن إيدك دي لايدك دي..
نظرت لها بتمعن، وسرعان ما توصلت لشيء ما، هذه الممرضه ستفيدها في القادم جدا، جدا..، وهي كنزها الثمين..
اشارت لها أماني بخبث..وأردفت بثقه..
ـ تعالي ورايا..
ـ أمرك..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفي..
يجلس بتعب دافنا وجهه بين كفيه أمام غرفة الأنعاش التي بها والده..وبجوارها بنفس الطابق غرفة خالتة، التي اصيبت بصدمه عصبيه لما رأته، ولم تستيقظ بعد، مازالت تعيش علي المهدئات…
لقد أصيب زوجها أمام اعينها دفاعا عنها، وقتل السائق أيضا..
اما هي تجلس بجواره بصمت، آثرت أن تأتي لتبقي بجانبه..رغم كسر قدمها، ولم تستمع لحديث أحد..حتي هو لم يستطع إقناعها بالرحيل، وبالحقيقه هي أكثر من يحتاجها الآن، لولا المكان والزمان لأرتمي بين ذراعيها، يشكو لها قسوة الأيام عليه..
وبعيدا قليلا يقف زوج شقيقته، ورضوان ومحمد، الذي أتي مهرولا ليقف بجانب صديقه، كما وقف هو بجانبة دوما….
همست بحنان بإسمه…
ـ معاذ حبيبي..
رفع رأسه، ورمقها بنظره ضائعه..
مدت يدها وأمسكت بيده بجرأه لم يتوقعها أبدا منها، أثلجت علي قلبه..وأردفت بإبتسامه..
ـ هيبقي كويس ان شاءالله..
امسك بكف يده كف يدها بقوة، وكأنه بذلك يدفن نفسه بصدرها، يزيح عنه الالم والتعب..
نظرت بعينيه، فرأت بهما تشتتا وضياع.. اقتربت برأسه منه ومالت علي كتفه.. أبتسم بحزن.. ومد يده حاوط خصرها، وهمس بألم..
ـ اوعي تسيبني أبدا..
ـ عمري ما هسيبك، أطمن..
بعد نصف ساعة..
فتح باب غرفة الانعاش، ودلف منه الطبيب، انتفضوا جميعا، وإقتربوا منهم..
ـ معاذ بلهفه..طمني يا دكتور أرجوك، هو كويس….
الطبيب بأسف..
ـ آسف، البقاء لله..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ياراحلون عن الدنيا وأوجاعها..
سلام عليكم منا..حتي نلقاكم..
أمانه عليكم أن رحلتم لاتحرمونا ليلا من رؤياكم..
سأذكركم..كل ليله..وبكل سجده..
أدعو..بأن يقترب اللقاء ونلقاكم..
وأن أشتد الحنين أليكم.. سنزور قبوركم ونحيي ذكراكم..
يا راحلون عن الدنيا وأوجاعها..
طبتم وطاب ذكراكم..

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق