رواية رحماك الجزء الثالث الفصل الخامس عشر 15 – بقلم أسما السيد

رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الخامس عشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم….
(اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ وربَّ الأرضِ وربَّ العرشِ العظيمِ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ فالقَ الحَبِّ والنَّوى مُنزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والفُرقانِ أعوذُ بك مِن شرِّ كلِّ شيءٍ أنتَ آخِذٌ بناصيتِه أنتَ الأوَّلُ فليس قبْلَك شيءٌ وأنتَ الآخِرُ فليس بعدَك شيءٌ وأنتَ الظَّاهرُ فليس فوقَك شيءٌ اقْضِ عنَّا الدَّينَ وأغنِنا مِن الفقرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(حنين..واحتياج)

بعد أسبوع..
ليله العيد…
مر قاسيا صعبا علي بعضهم، وحزينا مؤلما علي البعض..
أحدهم يعاني الفراق، والآخر لوعة وأشتياق..
ببيت رضوان..
فكت خديجه جبيرتها منذ ثلاث أيام، منذ ذلك اليوم المشؤم بالمشفي، وموت والده، وإصراره علي رحيلها نهائيا تلك الليله، ورفضه رفضا قاطعا أن ترافقه للاسكندريه حيث مراسم دفن والده،حرفيا من ذلم اليوم وهو بعيداً عنها، تحادثه بألحاح دوما ولا يجيب، تعلم أنه كان متعلقا بوالده كثيرا، ولكن هناك شيئاً غامضا تشعر به، ما حدث تلك الليلة غريب جعل الريبة تدب بقلبها، ولكنها تجاهلت كل ذلك وراء ظهرها، فهو فقط من يهمها أمره، لقد أخبرها والدها اليوم صراحة أنه احتراما لمعاذ ووالده الراحل.. لن يكون هناك عرسا لعام كامل، أما أن ترضي بذلك، أو تنتظر لتلتئم الجروح، ويتسع القلب لفرحة تنسيه جراح الماضي…
أغمضت عينيها، وأسندت رأسها للخلف…
بعدما نظرت لرسالته الذي أرسلها لها منذ نصف ساعه، بعدما توسلته بأخري أن يطمأنها عليه..رسالة نصها قصير، قصير جدا…
ولكنه مؤلم للغايه..
ـ أحتاجك…لتكوني بلسما شافيا لجراح الماضي..كوني بقربي..
دخلت خلود، بهيئتها المهلكه، وجلست بجانبها، ورمقتها بنصف عين، شقيقتها مشتته ضائعة، ولو كانت مكانها لهرولت لمن تحب، الفرق بينها وبين شقيقتها كالسماء والأرض خديجه يغلب العقل علي قراراتها بينما هي بلهاء كما تلقبها والدتها، تنساق كالبهيمة وراء قرارت قلبها..إبتسمت ببلاهه، وهي تتذكر آخر قرار أخذته بالامس.. وهي تتخيل شكل صاحبه.. وهتفت بمشاكسه لشقيقتها..
ـ أنا لو مكانك ألغي عقلي اللي جيبلي الكافيه ده خالص..
انتبهت لها خديجه، واعتدلت ورمقتها بغيظ وقرف من هيئتها بآن واحد..
ـ تقصدي ايه ياعاشقه الروايات أنتي، أهي الروايات دي اللي هاتخيبك علي رأي زينبوو..
خلود بتهكم..
ـ رغم أن نظرتك ليا جرحاني بس ماشي، عفونا عنك..ماهو أنتي لو متمرمطه شكلي من الصبح تأديبا لكي مكنتيش بصتيلي كده..ماعلينا..
ـ قهقت خديجه علي أفعال والدتها، فهل بالفعل تعامل خلود كالخادمه الملعونه منذ الصباح، تأديبا لها.. ولقرارها الأهوج كما تخبرها والدتها طوال الوقت..
أكملت خلود بلا مبالاه وهي تضع بفمها أحدي المصاصات ـ وإيه بقي دخل قرارات القلب بالروايات ياست الناصحع..بصي يا خديجه أنا عمري ما قرأت رواية أو كتاب مش هيفيدني، يمكن آه بفرط في قراءتهم بس إتعلمت منهم ومن تجارب كتير علي لسان أصحابها..
نظرت لها خديجه بأمتعاض، وهتفت بتهكم..
ـ طيب يافيلسوفه عصرك وأوانك أنتي، لو أنتي مكاني أيه بقي القرار اللي كنتي هتاخديه…؟
اعتدلت خلود بجلستها وأراحت ظهرها علي الفراش.. وشهقت براحه أخيرا.. ومازالت تلوك المصاصه بفمها.. وهتفت بهيام..
ـ طبعا مكنتش هسيب جوزي يمر بكل ده لوحدي..
هتفت خديجة بحزن..
ـ طب إفرضي هو مش عاوزك تكوني معاه..هتفرضي نفسك بالقوة عليه..
استقامت خلود وألتقطت الهاتف من يدها عنوه، وفتحته علي رسالته ورفعته بوجهها…
ـ انتي غبيه صح.؟!
سؤال… هل أنتي غبيه…؟
ـ يووه ياخلود، أنا متوتره ومش عارفه أعمل أيه؟
أنا..أنااا..
ـ أنتي ايه؟
ـ أنا خايفه..ومش عارفه أعمل أيه؟
ـ ليه خايفه؟لسه شبحه أمه مخوفك..بس أنتي مش هتتجوزي أمه يا خديجه، أنتي هتتجوزي معاذ اللي روحك فيه، وأستحمل منك ما لا يطيقه بشر..يبقى واجبك عليه..تكوني دلوقت معاه وفي بيته..
تصلب جسدها وأتسعت عينيها بصدمه وهي تردد بتوجس.
ـ بيته؟!
خلود بلا مبالاه، أفترشت الفراش بظهرها مرة أخري وأردفت بترو..
ـ آااه بيته، لو منك أقوم الم هدومي دلوقت، وأخرج كده زي الشاطرة أقضي ليلة العيد في حضن جوزي…
هزت خديجه رأسها، يمينا ويسارا بصدمه من حديثها..
ـ لا أنتي أتجننتي عاوزاني أروحله بيته برجلي أنتي مجنونه صح..؟
أكملت خلود غير مكترثه لهستيريتها..بتهكم
ـ خلاص أنتي حره، بس متبقيش تزعلي لما معاذ يجي بعد كده يقولك موقفتيش جنبي، وفضلتي الفستان والفرح عليا..
هاجمتها خديجة مردفه بغضب…
ـ بس أنا ميهمنيش الفستان ولا الفرح ولا عمري فكرت في كده..أنتي عرفاني كويس..
ـ بس معاذ هيفكر كده؟
ـ يبقي محبنيش ولا فهمني..أنتي بتجلديني ليه يابت أنتي..أنتي مش فاهمه أنا عاوزه اقول أيه؟
ـ لا فهماكي..كويس أنتي اللي مش فاهمه نفسك..
أنتي عامله..علي رأي زينبو ما بتقول
ـ نفسي فيه وأقول أخيييييييه
همت خديجه أن تنقض عليها، وتقتلع شعيراتها غيظا من نظراتها، وتعريتها لها أمام نفسها، إلا أن قاطعهم صوتا مرتفعا.. …
ـ ياخلود..أنتي يادكتوره ياخلود..
انتفضت خلود من علي الفراش تتمتم بغيظ..
ـ يادي النيله علي خلود وسنين خلود..أيوا حاضر جايه أهوو يازينبو..دكتوره مره واحده..أيه يا زينبو الأدب اللي حل عليكي ده.. ..
دلفت للخارج، وهي تمتم.. ترتدي عباءه منزليه تعسك طرفها بعقده، تظهر جزءا من ساقيها المحتشمان ببنطال بيجامه ذات خطوط طويله باللون الأسود والابيض، وتلف علي رأسها إيشاربا قديما لوالدتها ويخرج شعرها منه من جميع الجهات، وفي طريق خروجها من الغرفه جذبت تلك المكنسه التي تركتها لتقتطف بضعا من الراحه من المجهود الشاق الذي تفعله منذ الصباح..وكما يفعلونه كل عيد من تننضيف وتشطيف ، وذلك العيد هربت شقيقتها بحجة قدمها المجبره..او هذا ما أقرته والدتها تأديبا لها
ضربت الارض بالمكنسه وهتفت بغيظ..غير واعيه لمن وقف مصعوقا من هيئتها تلك أمام باب غرفة الضيوف..
ـ أيوا، نعم، حاضر، أديني اتنيلت جيت اهوه..ومعايا مقشتي ومعداتي، ها عاوزه أيه تاني يا زينبوو؟
عشان نخلص من العقاب ده بقي..
شهقت والدتها، وحركت فمها يمينا ويسارا، وهي تشيح بيدها..يمينا ويسارا..
فهتفت خلود بأمتعاض..
ـ أيوا..أيوا اعملي الشويتين دول..وأنجزي عاوزه الحق استحمي حماية العيد..أخلصي يا زينبو..واوعدك اول عريس هيتقدملي هوافق..خلاص قشطه..
هتفت وللدتها بغيظ..غصبا عنها..
ـ تستحمي يامعفنه، ولا تقري رواية..
شهقت خلود وقذفت المكنسه من يدها، وأردفت بغيظ..وهي تستدير لتعود لغرفتها.
ـ لا بقولك أيه يازينبو، أنا سكتالك من الصبح، عشان.. أنتي…أنتي..
شهقت بصدمه.. بعدما رأته أمامها..
ـ يالهووي انت؟
هرولت للداخل، ويتتبعها هو متسع العينين، وسرعان ما انفجر بالضحك…
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت العمه منيره..
منيره بغيظ..
ـ يابنتي الله يهديكي..في عروسه تعمل كده؟
جففت كريمه دموعها..وألقت نظره علي فستانها، ومتعلقاته بحزن..
فرحها بالغد علي أبن عمها الحبيب، عشق الصبا، وحلم المراهقة، وأمنية طلبتها بدعاءها ليلا مع نهار بإلحاح أن تتحقق، لقد قرر عمها، وزوجها بالاتفاق مع مراد، أن يعجلوا بالزواج، فلا داعي للتأجيل..
تذكرت مراد الذي وقف بجانبهم كأخا حقيقيا، حتي جهازها كعروس لو لم يقسم عمرو عليه لآتي به كاملاً..بينما تخلت عنها أقرب الاقربين لها…
عمها تكفل بجهازها بأكمله، وعمتها الحبيبه تكفلت بثيابها وزينتها، ولم تترك شيئا ناقصا خلفها، حتي شقتها هي من فرشتها علي ذوقها..
فاقت من أحزانها علي لكذه قوية من عمتها..تبعتها بغمزه من عينيها، التي تقطر خبثا..
ـ أنتي يابت أنتي هتفضلي مبلمه كده..يالا قومي عشان ورانا لسه حاجات كتير..
شهقت كريمه بخجل، بعدما فهمت مغزي كلمات عمتها…وحاوطت جسدها بيديها..
ـ لا ياعمتي..أنا..
نظرت لها عمتها بسخط، ورفعت قدمها وأمسكت بحذاءها فقامت كريمه من مكانها فزعة..
ـ خلاص..خلاص..قايمه أهو..
عمتها بفرحه حقيقيه..اقتربت وأخرجت شيئا ما من حقيبه كان أحضرها عمرو صباحا قبل رحيله لحضور الحنه الخاصه بأهل البلده..كعاداتهم..بعدما رفضت هي فعل المثل هنا..الحنه وتكليفاتها علي العروس وهي لا تمتلك فلسا واحدا، رغم أن عمتها أثرت عليها كثيرا، ألا انها استكفت علي الفرح وكفي..
همست بهدوء….
ـ أيه ده ياعمتو..؟
فتحتها عمتها، ونظرت لما بها بخبث..ورفعته بيدها..هاتفه ببراءه..
ـ لا طلع بيفهم الواد عمرو..
شهقت كريمه، ووضعت يدها علي وجهها بخجل..
ـ يانهار اسود ومنيل أيه دا؟
أوعي تقولي أن عمرو إللي جاب دا..
عمتها بخبث..اقتربت منها ورفعت القميص أمام وجهها..
ـ حلو صح..؟
أزاحت كريمه، إصبعا من أمام وجهها، كالفأر المذعور وصدمت من هيئة القميص العاري الذي سوف سيكشف أكثر مما سيستر..وهتفت بقلة حيله..
ـ ياخبر أسود ومنيل، منك لله ياعمرو أنت وعمتك..أيه ده..؟
شهقت عمتها بأمتعاض، وقذفت القميص علي الفراش وجلبتها من شعرها..
ـ تعالي هنا يازفته أنتي، انا سمعتك بتدعي عليا صح..؟
ـ أنا أبدا ياعمتو دا أنتي اللي في القلب..
تركتها عمتها، وسرعان ما تبدلت ملامحها للسعاده..هاتفه بضحك عليها..
ـ بس أنا عارفه تلاقيكي مكسوفه يابت..بس متقلقيش القميص له روب هيداري..
ألقت كريمه نظره خاطفه، علي الفراش وهتفت بغلب..
ـ روب، روب أيه دا إللي لفوق الركبه ياعمتي..أبن أخوكي عاوز يفضحني ولا يسترني..
قهقهت عمتها عليها، وضربت بيدها علي ذراعها..
ـ كتك أيه يا كريمه، يا بت أنتي خيبه خالص كده، طب دا أنا قبل يوم دخلتي نزلت مع عمك سعيد جبته بنفسي..
شهقت كريمه بخجل..
ـ بجدد؟ بتهزري..دا أنا سبت عمرو في المحل، وروحت لوحدي..وكان هيقتلني، عملتيها إزاي دي يا قادره..
ـ وحياتك ونقيته أحمر وبترتر كمان..
كريمة بصدمه..أحمر وبترتر..كمان..؟!
ـ أومال ….علي أيامنا يا بت كانت الموضه كلها بترتر..ومقولكيش بقي..
قهقهت كريمه علي عمتها وأفعالها، وهتفت وهي تقلدها..
ـ لا قوليلي والنبي..عشان خاطري..
هتفت عمتها بخبث..
هقولك، وأنتي تبقي تقوليلي ماشي..
فطنت لمكر عمتها، وابتعدت عنها..
ـ لا ياستي مش لاعبه..انتي بتضحكي عليا وبتستعبطيني..
ـ يابت استني..
ـ لا ياعمتي لااا..أنا مصحصحالك..والله أفتن عليكي وأقول لعمرو..
اقتربت من الباب لتدلف لخارج الغرفه، ولكنها أستدارت فجأه، وهي تمسك بظهرها من الألم..
ـ اااه كده ياعمتي..بتحدفيني بالشبشب..طب قدري إني عروسه طاااه..
ـ همت أن تقذفها بالآخر..فهرولت كريمه للخارج..وهي تهتف بذعر..
لا مش أسلوب عمه دا أبدا..قلبي مش مستريحلك..
ـ سمعاكي يا خيبتي التقيله..سمعتك..هتجيبيهم سوخنين وتيجي أنا عارفه..
هتفت كريمه بإمتعاض…
ـ هما إية دول؟
ـ الكحكتين أللي دفعتي دم قلبي فيهم ياختي..
ـ ذليني كمان، ذليني..
ـ بس يافاشله..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل رائد..
أمسكت ساميه الخادمه من تلابيبها وأمسكتها بالحائط خلف البيت..فهتفت الخادمه بذعر..
ـ والله ياست ساميه، الست ميسم كأنها عارفه لا بترضي تأكل ولا تشرب من ايدي..أنا معليش ذنب..وأديكي شوفتي بنفسك معظم اكلهم فوق في شقتهم، وهي من يوم ما سي رائد راح شغله، وهي يا عند أمها يا عند بيت الحاج راشد والحرس محاوطها..
جزت علي أسنانها بقهر وتركتها، وهي تدور حول نفسها..
ـ يعني أيه، يعني أيه؟
محطتيلهاش ولا حبايه، يعني إحتمال العقربه دي تكون حامل دلوقت..وتقوش الورث كله..
طب وقريبتك أللي بعتيها تشتغل في بيت أهلها، محطتلهاش حاجه خالص..
هزت الخادمه رأسها بالنفي مردفه بخوف..
ـ بنت عمي بتقولي مامتها مبتخرجهاش أصلا من بيتهم ولا حتي بتروح بيت جدها..
ـ طب وبعدين؟
أخرجت هاتفها، واشاحت بيدها للخادمه..
ـ روحي انتي، وأنتي عارفه لو حرف واحد خرج برا هعمل فيكي ايه؟
ـ حاضر يا ست ساميه..طبعا عارفه
ضربت رقم ما، وسرعان ما اجابت…
ـ أيوا يا نوارس..أنا ساميه..
(نوارس، زوجة عم ميسم، ووالده محمود خطيبها الذي قتل دفاعا عنها، ومن ساعدت ساميه بخطتها..، لهروب ميسم تلك الليله)
ـ أيوا يا ساميه..معاكي..
بعد ساعه..
أغلقت نوارس الخط بتشفي..بعدما اتفقت هي وساميه علي خطه أخري للقضاء علي ميسم والانتقام منها..
ـ يا آني يا أنتي يا ميسم، لازم أحرج قلب امك عليكي، زي ماحرقتي جلبي علي ولدي..
وأن كنتي فلتي المره اللي فاتت، مهتفلتيش أبدا المره دي..
نادت الخادمه التي تعمل معها..
ـ مليحه، يا مليحه..
ـ أيوا ياست نوارس تحت أمرك..
نوارس بهمس..هتروحي تجابلي قريبتك دي، هتعطيكي شي هاتي، وتعالي طوالي..
ـ حاضر ياست نوارس أمرك..
أخرجت نوارس بعضا من المال..
ـ خدي دول يامليحه، وتركبي توكتك وتاجي طوالي عشان محدش يستعوج غيابك..وأن حد سألك جوليله رايحه اجيب دوا الضغط دا، واعطت لها علبه ما، لست نوارس..
ـ حاضر ياستي..
أستمعت للباب سيفتح فهرولت لتختفي خلف أحد الحوائط..كاتمه انفاسها بيدها..
تأكدت من ذهاب الخادمه..وهتفت بصدمه..
ـ معقول، أللي سمعته ده..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
نزلت الدرج بفرحه، بيدها هاتفها تنظر به بسعاده وهي تتمتم..
ـ رائد جاي..رائد جاي..
الجد بضحك عليها..وااه يابتي أللي واخد عقلك يتهني آبه..
انتبهت لنظرات الجد اللعوب، واقتربت، وجلست بجانبه ومدت يدها وتأبطت ذراعه..كم تعشق ذلك الرجل، يذكرها بوالدها الحبيب..!
الجد بمكر..جوزك خابر إنك هتمسكي بيدي إكده يا مخبله أنتي..
ميسم بضحك..لااااه مهيعرفش..ما أنت مش هتقوله ياجدو..
الجد بضحك..واثقه أنتي بقي..
هزت رأسها للأعلي والأسفل..آااه..
ـ طب قوليلي مالك فرحانه اكده..؟
تنهدت بحب، وهتفت بفرحه..
ـ أصل رائد بعد غلب بعاتلي رسالة، وقال أنه جاي في الطريق..وهيعيد معانا كمان..هيييه
ـ ودا اللي مفرحك إكده..؟
هزت ميسم راسها بخجل..وهتفت..لاااا..وحاجه تانيه.
خبر تاني، بس متقعدش تسحبني بالكلام بقي وتضحك عليا..عشان أقولك كالعاده.. فمتحولش ياجدو.. كفايه أللي رائد عمله فيا، لما فتنت عليه، وقولتلك انه طلع الجبل، وكمان مشي مخاصمني..وطوال الأسبوع مش بيرد عليا..
الجد ببراءة..
ـ أني يابتي بسحبك..دا آني طيب، وعشان آني طيب ربنا بيبعتلي الطيب يخبرني، ويوعيني..
هتفت ميسم بأستنكار، ولم تنتبه لمكر الجد..
ـ أزاي يعني، يعني أنا كده انا كمان طيبه اني قولتلك؟مش فتنانه يعني؟
الجد بتأكيد.
ـ طبعا أومال..
ـ ياسلام..!
ـ ما مصدقنيش أياك..طب افهمك اني..واحده واحده..
ميسم بحماس..
ـ ماشي فاهمني ياجدو..
الجد بمكر..
بس علي شرط..
ـ أيه هو؟
ـ لو طلعت طيب، هتخبريني أنتي فرحانه إكده ليه؟
ميسم بدون تفكير..
ـ ماشي موافقه..
الجد بإنتصار..
ـ عال..عال..اسمعي ياستي..
ـ ماشي…
ـ بقي ياستي أنتي لو مقولتليش يوميها أن المغفلج ده طلع الجبل..مين كان هيلحقهم في وسط الصحرا لما عطلت عربيتهم..
ميسم بسرعه..
ـ فهد ومحمد عادي يعني..؟
ـ لااااه غلط..أحسبيها أكده..أني كونت ماشي وراهم امراقيبهم..والطريق للجبل بياخد شي ساعتين وبزياده.. ولما عربيتهم عطلت بالطريق، وهما معاودين..، عطلت في وسط الصحرا، لاهم قادرين يعاودو لوجدي ولا ينزله البلد..
ـ هااا…
ـ وعلي ما محمد وفهد، يااجو كانت الديابه اللي اتحوطتهم وكلاب الليل هجماتهم..صوح ولا أني غلطان..
ميسم بتفكير..تصدق صح..
عاوز تقول إنك لولا كنت وراهم ولحقتهم علطول كانوا أتاكلو، علي ما محمد وفهد جم..!
ـ عفارم عليكي يابت ياميسم، مرت ظابط بحق وحقيقي..
ـ يبقي اللي عملتيه صوح ولا غلط..؟
ـ صوح..
ـ يبقي استاهل أعرف ولا لاااه..؟
ـ هاااه..تعرف أيه ياجدي..
ـ اللي مخبياه ياقلب جدك
ـ لااا ياجدي لااا..أنت بتضحك عليا..وأني ماسكه علي قراري..دا رائد لو عرف هيقطم رقبتي..
ـ يابت أني جدك حبيبك..
ـ لا ياجدي كفايه، أنت بتسرح بيا..هو في ديابه وكلاب ليل بالجبل..
ـ أومال؟
ـ طب ماشي، فرضنا كلامك صح، اكيد جدي راشد وكيان ورائد معاهم سلاح..يهوشو بيه، والعربيه مصفحه، هيقفلوا عليهم وخلاص..لحد ما حد ياجي..
رمقها الجد بغيظ..وأفلت ذراعه منها..
ـ طب قومي يا ميسم من اهنه..قبل ما يجي خايب الرجا يشعللها..وأنتي ناصحه أكده
عاودت التمسك بذراعه بحب..
ـ طب خلاص ماتزعلش ياجدو ياحبيبي، أنا هقولك متزعلش..
صوتا متهكما من خلفهم افزعهم..
ـ ما جبلكو شجرة واثنين لمون أحسن..
شهقت بصدمه وفرحه..
ـ رائد..
جز علي أسنانه..وسحب يدها التي تتمسك بذراع جده بغيره..
ـ ااه رائد، اتصدمتي ولا إيه؟
ـ هااا..
ـ إقفلي بوقك دا يا ميسم وانجري علي فوق…
صدمت من حدته..وهمت بالحديث..فصاح بها..
ـ يالا علي فوق..
ضربت الأرض بقدمها، والقت نظره علي الجد، وصعدت مسرعه..
الجد بغيظ..
، مالك ياواكل ناسك جاي كيف القطر أكده ليه؟، قولتلك ميت مره ملكش صالح بيها..حبيبة جدها دي..
رائد بإمتعاض..حبيبة جدها بردو..ولا رويتر اخبار لجدها..
الجد بضحك..
ـ قول أكده بقي، أنت غيران مني كامني ليا تأثير عليها..
رائد بغيره..
ـ هاا وهغير من إيه، أنا، وأغير، أبدا..
ـ واضح..واضح..
جز علي أسنانه، ورمق جده بغيظ..، وصعد خلفها..والجد يقهقه عليه..
يتمتم بغيظ..
ـ ماشي ياميسم، ماشي..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت راشد..
تجلس علي الفراش بجانب أبناءها، وكل دقيقه تقف وتلقي نظره علي الشارع، والحديقه..
منذ رحل هذا اليوم ولم يعود..
تحاول جاهده ألا تفكر به، ولكن لا فائده أبدا..
دفنت وجهها بالوساده بقهر، تهمس بغيظ لنفسها..
ـ أنا مالي بيه..أنا مالي..إتجننت ولا ايه؟
رفعت وجهها وهي تتمسك بسلسالها وشردت تتذكر آخر لقاء جمعهم معا…..
flash back
بعد ما فلتت منه بالأمس..اجبرها الجد بالهبوط لتناول طعام الإفطار فلم يعد هناك أعذرا بعد..
تناولوا الإفطار، ولم يعد ألا هي وهو واولادها..الجميع صعد لشقته..والجد بغرفته..
جلست بالحديقه تعمل علي حاسوبها تاره وتهاتف أدوارد وعائلته..
عينيه لم تتركها، يراقب أنفاسها، لم تبالي لنظراته الحارقه واندمجت بالحديث مع إدوارد هي وأطفالها بينما جلس هو أمامها واضعا قدما علي الاخري يدخن سيجارته غير عابئا ولا مكترثا لمرضه ولا لشئ..
وقعت عينها عليه، وشهقت خوفا عليه غصبا عنها..تركت ما تفعله واستقامت، وخطفت السيجاره من فمه، وألقتها أرضا..
رمقها بغضب…وأغمض عينيه يحاول كبت غضبه وغيرته التي تشعل صدره..ولكنها لم تمهله..
ـ أنت اتجننت يامحمد أنت لسه بتشرب سجاير..انت وع..
ابتلعت ريقها، وكأنها تناست الماضي والحاضر وماحدث وهي تذكره بوعده لها، ألا يقربها..
تهكم، وأكمل بدلا عنها..
ـ كملي وعدنك مشربهاش..
استدارت لتعود..ألا أنه جذبها من يدها..عنوة..
وهي تصرخ عليه..
ـ أنت اتجننت سيب أيدي يامحمد..واخدني لفين؟
نادي أطفالها،أن يتبعوه غير مكترثا لترهاتها اللعينه..
خرج الجد علي صراخهم..
ـ في إيه بيحصل هنا؟
سولاف برجاء..الحقني ياجدو..
فتح باب سيارته والقاها بها بعنف..هاتفا بغيره..
ـ اخرسي..
ـ إيه أللي بتعمله ده يامحمد، اتجننت يااك..
محمد بجنان..
ـ بقولك إيه ياجدي، الله يرضي عليك، أنا عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي..
الجد بلا اكتراث..ادار وجهه ودلف للداخل، هاتفا بهم..
ـ احرقوا بعض..المهم تتجاوزوا ونوخلص
هتفت سولاف بصدمه..
ـ جدي..!
أبتسم لها بتشفي..وهو يغلق باب سيارته بعدما أجلس الأطفال بالخلف..
ـ شوفي بقي مين هيخلصك من أيدي، واهو جدك بنفسه سلمك ليا..
رمقته بعداء، وهتفت بغضب..بينما سارت السياره تشق سكون الليل..
ـ نزلني يامحمد دلوقت..حالا…
لم يهتم بها..قطع المسافه بدقائق ألا أن أصبح أمام البحيره..
غصبا عنها رمقت المكان بإشتياق أضناها، وحنين لطالما زار قلبها السنوات الماضية خصيصا لهذا المكان..
أنتبهت له، وقد تبدلت نبرة صوته لأخري تعرفها..
نبرة عشق، وهل تخطئ بها يومآ..محمد مهما غضب منها لا يقسوا عليها أبدا..
ـ إنزلي يا سولاف..
رمقته بضعف..وهمست..
ـ هستني هنا..
فتح الباب وهبط وأنزل الأطفال..الذين انطلقوا يستكشفون المكان من حولهم..
اقترب من باب السياره وفتح، تقابلت نظراتهم معا..
هي بلوم وهو بأسف..أن سامحيني ياحبيبة العمر..
الف سؤال وسؤال جال بخاطرها وهي تجلس علي جسر البحيره، وهو يؤرجح أطفالها علي الأرجوحه التي صعد كالعادة وصنعها لهم بصعوبه، علي ضوء سيارته وعواميد الاناره القريبه..بنفس الحبل الذي أحتفظ به بصندوق ذكرياتهم معا..
نظرت له، وهو منفصل تماما مع اطفالها عن ما حوله..
جميل هو معهم..متفاهم وحنون..وهم معه وبجواره لا تحمل لهم هما..وتغفي مطمأنه، لا تنكر عشق أطفالها له، وعشقه لهم..
رحل تفكيرها، ألي أين ذهب القلق المرضي علي اطفالها، لقد كانت تخشي عليهم من الهواء الطلق، منذ قدمت وهم بحوذته، بليالي مرضها كانوا يبيتون بأحضانه هو..وكانت تعلم وأرتضت..كيف فعلتها وهي من كانت لا يغفي لها عين ألا أن كانوا بأحضانها..
أهو أطمئنان الذي يصيب المرء وهو بالقرب من العائله..
أم أن أطفالها مثلها، وقعوا بعشقه..؟
يبدو أن فريده كانت صادقه، حينما اخبرتها أنها أرضعتهم عشقه..
التقت نظراتهم معا، فأبتسم وهو يمد يده لها حتي تأتي لمكانها..
غصبا عنها إبتسمت خجلا من جنانهم القديم، واشاحت وجهها عنه ..
دقيقه وكان صوته يشق سكون قلبها قبل أذنها….
ـ موحشتكيش المورجيحه..؟!
لم يمهلها جذبها جبراً لها، وأطفالها يصيحون فرحا..
ـ لا يا محمد لا…
ـ شششش اركبي يلا عارفك هتموتي وتركبيها.. …
ضحكت وأزاحت يده بعيدا..وهتفت بغيظ..
ـ طب أبعد كده..أنا هركب لوحدي..مش محتاجه مساعده..
تركها لتعتليها، وفجأه صرخت، وهو يدفعها بيده..
ـ عااا..يامحمد..وقف.وقف..هقع..
محمد بأستنكار..
ـ ياخساره زمان كنتي بتقولي قوي يا محمد..
أغمضت عينيها، وأستسلمت للريح، ولعشق الطفوله..
حتي باتت تهتف به برجاء بأن يدفعها مره بعد مره
بعد فتره..
هبطت وهي تشعر بأن قدميها كالهلام، حاول إسنادها وهو يقهقه عليها..فأبعدته بغضب.
ـ متضحكش عليا..
جذبها من يدها بقوه ، قوه أسقطتها بأحضانه فصرخت من الصدمه وقوه الدفعه
ـ وجعت أيدي يامحمد..
وبوجع أكبر بقلبه.. أمسك وجهها بكف يده يجبرها علي النظر لوجهه الذي شاخت ملامحه من البعد والفراق.
إبتلع مرارة جوفه.. وحاول إخراج صوته ليبدو طبيعيا..
ولكنه فشل كالعاده.. فخرج مبحوحا ممزوجا برجاء
بصيلي ياسولاف.. بصي حواليكي.. شوفي إحنا فين؟
طب فاكره زمان لما كنا بنيجي هنا.. بصي حواليكي هتلاقي كل حاجه، زي ماهي
ترك وجهها وأمسك بكف يدها لتنظر لتلك الشجره التي زينت بأساميهم
لسه أسامينا زي ماهيا..كل ما كان يغلبني الشوق كنت بآجي أقعد هنا
تخلت عن صمتها وهو يمد يده.يزيح حجابها عنوه ليريها كم هي كاذبه، وأن النصف الآخر من السلسال.. مازال يحيط عنقها..
دفعته بيدها بقوه
ـ إوعي تفكر تمد إيدك..أنت واهم..أنا وإنت عمر سككنا ماهتتجمع تاني يا محمد..محمد أللي كنت أعرفه مات من سنين، وإندفن لما عايرني بأمي وجرحني وداس علي كرامتي
إبعد عني بقي ياأخي..مش كفايه لحد كده
إستدارت لترحل بعدما رمقته بنظره..حاولت علي قدر الإمكان أن تظهر جامده..لكنها فشلت وهي تستمع لما قاله
ـ إعملي إللي تعمليه، إقسي وإتجبري، وقولي كمان بكرهك..قولي ماحبتكيش،وكنت بخدعك
قولي ياسولاف كل اللي علي بالك ونفسك فيه..إضربيني لو هيريحك..بس تعالي في الآخر وسامحيني..مرجوعك ليا، وأنتي حقي من الدنيا ومش هفرط فيكي تاني أبدا، أنتي ليه مش حاسه..أني من غير مش قادر
مش قادر يا سولاف..مش قادر أشوفك قدامي وأعمل معرفكيش..ولا أغير عليكي..مش قادر أنسي..ولو أعرف كنت شيلتك من قلبي من زمان
مش قادر وعهدالله ما قادر..إرحميني بقي
إندفعت بإتجاهه مرة أخري الغضب يغشي عينيها ودموعها سالت علي وجنتيها بقهر
وأخذت تكيل الضربات له بقبضه يدها علي صدره
ـ عملت فيا ليه كده..؟مصرحتنيش ليه؟، وسبتني أختار طريقي..بنفسي..ليه عملت فينا كده؟ ليييه؟
ـ عشان بحبك..وعهدالله عشان بحبك
ـ كدااااب
أغمض عينيه، وجذبها لصدره بقوه..انهارت بعدها ونست نفسها والمكان ومن هي، ومن هو؟ واطفالها الذي وقفوا مسروعين ينظرون لهم، وما رابطهم؟ تناسوا وعادوا عشاقا صغارا متهورون….حاوطت عنقه بقوه..ودفنت وجهها بعنقة..
ـ ليه ظلمتني كده..لو خيرتني بين الموت وبعدي عنك..كنت هختار الموت ولا أني أبعد عنك..
شدد عليها بذراعيه..وهو يسرق من العمر لحظه ضعف معها..ربما تفيق بعد قليل وتبعده عنها..كالعاده، بعدما تتذكر أفعاله الشنيعه بحقها..
هتفت..برجاء أن يريحها ويطبطب علي جراحها..
محمد..ليه جرحتني أوي كده؟
فأجابها برجاء أقوي..
ـ أنسي وسامحيني..سامحي محمد يا قلب محمد..
أهكذا ببساطه..
دقائق من البكاء، في أحضانه، كانت كفيلة بعوده المآسي لعقلها، انتبهت لما تفعله..وعادت بلحظه لذكري أخري وهي تهرول خلفه، وتترجاه أن لايظلمها..
ذكري بعيده..ولكن مؤلمه..أبكتها ليالي..حزنا علي نفسها وضعفها..
أبتعدت بهدوء..فأمسك وجهها بين كفيه، وهو يهمس بعشق..
ـ بصيلي يا سولاف أنا محمد…أنا…أغلقت عينيها وشردت بذكراها وهي تهرول خلفه..تتوسله أن ينظر لها..وتخبره نفس الشئ..ولكنه لم يرأف بحالها..وتركها خلفه ورحل..
أزاحت يده بحده، وغضب، وقرف من ضعفها معه وبقربه..
وأعطته ظهرها..وأغمضت عينيها تستغفر لضعفها وقلة حيلتها بجانبه، تستغفر ذنبا كلما اقتربت منه، تذنب أكثر…لن تضعف أبداً يكفي..ألي هنا…؟
أغمض عينيه..وهتف بوجع…
ـ مفيش حاجه لمحمد حلوه أبدا في قلب سولاف تشفعله..يا خساره يا محمد رميت زرعتك بأرض بور جاحده..
أستدارت ورمقتة بنظره جمعت خيبة أمل ووجع والم العالم اجمع..وأردفت..
ـ عاوزه أروح..
back..
فاقت علي صوت أطفالها وصراخهم بأسمه من الشرفه..
ـ محمد..لقد أتي محمد..
وضعت يدها علي قلبها الذي تتراقص دقاته وهمست..
ـ محمد..ياتري الأيام مخبيالنا أيه؟
ــــــــــــــــــــ
ببيت رضوان..
هرولت للداخل تلطم خديها..
خديجه بصدمه.. في أيه يابت مالك..؟
نظرت خلود لما تفعله شقيقتها وهتفت وهي ترتجف..
ـ هااا..أنتي أللي بتعملي أيه؟أنتي مهاجره ولا إيه؟
القت خديجه بما يدها بالحقيبه..وأغلقتها..
واقتربت منها..مالك يابت فيكي ايه..؟
اشارت بيدها للخارج وهمست بوهن..
ـ مراد..؟
هتفت خديجه ببلاهه..
ماله..مش خلصنا وابوكي بلغه رأيك..
ـ هزت رأسها للأعلي والاسفل..وأردفت بهمس..
ـ آه..بس هو برا دلوقت….؟
أتسعت أعين خديجه، ونظرت لشقيقتها من الاعلي للاسفل بقرف وصدمه..
ـ وشافك كدا، صح؟
هتفت خلود بببكاء..
ـ عاااا… ااه تصوري..
قهقت خديجه، وسرعان ما كتمت فمها بيدها..
ووالدتها تدلف لداخل الغرفه كالقطار القشاش….
اقتربت زينب من خلود وأمسكتها من شعرها، وأخذت تميل بها للأعلي والاسفل، بغيظ…
ـ أعمل فيكي أيه، فضحتيننننني، وجيبالي الكافيه..هتموتيني ناقصه عمر..
ـ ياماما والله ما أعرف أنه برا، وبعدين هو جاي ليه أصلا، ماأنا خلاص..
صاحت عليها والدتها بغضب..
ـ اخرسي مسمعش حسك..ودقيقه وتكوني مغيره القرف ده وتيجي ورايا..فاهمه..
خلود بغلب بعدما دفعتها والدتها علي الفراش..
ـ ليه طيب..عااا..يازينبوووو
ـ أخرسي ياحيوانه..وورايا، ليلتك مش معديه أصبري عليا ياخلود..صبرا..يافاشلة، يا بتاعت الروايات..
دلفت والدتها لخارج الغرفه..فدفنت هي وجهها بالفراش..
ـ عااا..ياحظك المنيل ياخلود..
ارتمت شقيقتها علي الفراش تكتم ضحكاتها المجلجله علي شقيقتها ومنظرها..وهمست بخبث..
ـ والله ربنا نجدها نوسه..
ـ عااا.اخرسي..أنتي كمان
بعد دقائق..
بدلت ثيابها لعباءه نظيفه أبرزت مفاتنها ببزخ وتبعته بحجاب بسيط، أبرز مفاتن وجهها البرئ..ودلفت للغرفه بيدها فنجاني قهوه له ولوالدها..
يكتم مراد ضحكاته عليها….رفعت ووجهه ورأته فنظرت له بسخط..وهمت بالخروج..
فأستوقفها مراد..آنسه خلود ممكن دقيقه..بعد أذنك ياعم رضوان..؟
نظر رضوان لابنته وخجلها..ولمراد بقلة حيله وأردف بتنهيده..
ـ طبعا يابني..أنا بره هنا..
همست بخجل..بابا..تركها والدها وخرج..
انتظر خروج والدها وباغتها سريعا.
ـ ممكن أعرف أيه سبب رفضك ليا.؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسياره مصطفي..
أنا تعبت؟
ـ لارد..
ـ مصطفي أنا تعبت..ومفيش فستان أخترته عجبك..فا أنا بقولك أنا مش عاوزه البس زفت..خلاص أرتحت
أدار وجهه لها وأمسك بذراعها بغضب..
ـ عاوزه تلبسي عريان ياهانم ليه متجوزه اريال..مش كفايه شعرك اللي فرحنالي بيه ده
ـ هااا..
ـ بلا هااا، بلا زفت، هي كلمه..مفيش خروج بعد كده ألا بالحجاب وأن شفتك لابسه زفت محزق ولا ملزق هقطعه عليكي..من هنا لحد يوم الفرح مشوفش وشك بأي حاجه من دول..فاهمه..
لمار بصدمه..بس..
ـ قولت اخرسي..وفستان الفرح أنا هجيبه وعلي ذوقي لأن زوقك ماشاء الله هباب..
نظرت له بإمتعاض وخفضت رأسها..
ـ مش عاجبك كلامي ولا إيه؟
رفعت رأسها وهتفت بغيظ..
ـ أنت عاوز تتخانق صح..؟
جز علي أسنانه، وهو يصف السياره أمام منزل شقيقها..
ـ انزلي..
فتحت الباب وهرولت للداخل وهو خلفها..
تمشي سريعا وتضرب الارض بقدمها..تنادي شقيقها..ولا أحد يجيب..
دلفت لمكتبه وهو خلفها ولم يجدوه..
ـ مرااد..
دلف لداخل المكتب واغلق الباب..
ـ افتح الباب قفلته ليه.؟
شمر ساعديه وأقترب منها، وهي تبتعد ألي أن جذبها من خصرها بغته..
ـ ياماما..أبعد عني..أنت مكلبش فيا ليه؟
ـ غلطاتك كترت أوي يا لمار..
ـ والله بريئه ماعملت حاجه..أنت أللي متعصب عالفاضي..
ـ يا شيخه..
ـ اه والله العظيم..
امسكها من شعرها فصاحت بوجع..
ـ وده.؟
ـ هغطيه…خلاص..اوعي ايدك..
تسللت يديه لتمسك بسروالها من الخلف فشهقت بصدمه..
فهمس بخبث..
ـ ودا؟
بلعت ريقها خوفا وخجلا..
ـ هوسعه..
اقترب وعضها من خدها، بقوه فصرخت… اااه خلاص
ـ إجابتك غلط..ياحبيبتي
ـ خلاص مش هلبسه تاني أوعي بقي..
طقطق بشفتيه، واقترب من وجهها وابتلع بكاءها بشفتيه بقبله طويله، عنيفه، حاولت أبعاده ودموعها تسيل علي خديها..
أبتعد عنها ووضع جبينه علي جبينها..وهمس..
ـ بحبك.
ـ وأنا بكرهك..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
بشقة معاذ الخاصه…
ينظر للهاتف بحزن..لم ترد علي رسالته..حينما ارسلها كان يريدها هي لتكون بجانبه دونا عن كل البشر، ولكن كالعاده خذلته..رفع ذراعه وغطي بها عينيه..وهو يفترش الفراش بظهره..لينام عله ينسي ويتناسي
فرت دمعه شارده من عينيه..وهو ينعي حظه التعس..
والفراق الذي نال من قلبه ما نال…
ــــــــــــــــــــــــ
ببيت رضوان..
همست خلود بخجل..انااا..
ـ انتي أيه ياخلود..إيه فيا شايفاه وحش، ومينسبكيش وأنا اغيره عشان اناسبك..
أبتلعت ريقها وعضت علي شفتيها بخجل..
فأكمل..
ـ ساكته ليه؟أنا جاي هنا عشان تقنعيني برأيك، وأنا أقنعك بيا…
همست بحيره..
ـ وليه أنا بالذات..؟.
أبتسم بتهكم..ماذا يخبرها..أن قلبه وقع لطفله..بعيدا عن حمايته لها بتلك الزيجه…وما يخفيه لهم القدر..
حك جبهته وأردف بتوتر..
ـ مش عارف..بس أنا عاوزك معايا
نظرت له بصدمه..وهمست..
ـ مش سبب مقنع..علي فكره…
جز علي أسنانه، وخرج الكلام منه طواعيه..
ـ عشان بحبك أو حبيتك مش عارف، ارتحتي؟
اتسعت عينيها بصدمه..ووعي هو لما قاله…وفي نفسه..
ـ إيه اللي أنا قولته ده..اغمض عينه، واشاح بوجهه للجهه الاخري، واعطاها ظهره…
وسرعان ما استدار بعدما علم أنه، لم يعد هناك مفر..واقترب بوجهه منها..
ـ قدامك خيارين مفيش غيرهم..وهآخد رايك كمان يومين…
ـ إيه هما؟
ـ الاول.. يا ااه وتوافقي..وصمت
فهمست هي..
ـ والتاني؟
ـ يا تسكتي وهاجي ورحمة أبويا وأمي واخطفك..
تركها مصعوقه، ودلف للخارج..
زينب بلهفه..ها يامراد وافقت..؟
حك رأسه وأردف بخبث..
ـ ااه زرغطي يااامي.
شهقت من خلفه..وأردفت بصدمه..
ـ ااايه؟
همت زينب أن تزرغط فصرخ بها رضوان..
ـ أنتو اتجننتوا..نسيتوا حالة الوفاة أللي عندنا..
ابتلع الجميع ريقه، وهتف رضوان..
ـ انتي بجد وافقتي ياخلود..
خلود ببلاهه..
ـ هااا..أنا
مراد بسرعه..
ـ يعني انا بكدب ياعمي..
نظرت له بصدمه، فغمز لها وأستأذن سريعا ليرحل..
أوقفه صوت خديجه..
ـ مراد استني؟
نظروا لها جميعا..بصدمه وهي تحمل حقيبه كبيره بيدها..
ـ أيوا ياخديجه؟
نظرت لهم بخجل، ووجهت حديثها لوالدها..
ـ بعد أذنك يابابا..أنا هروح لجوزي هو محتاجني..
رمقها والدها قليلا بترو وهدوء..وصمت قليلا..
فهمست بخوف من رفضه…
ـ بابا انا…!
زفر رضوان،، واقترب منها، وجذبها لصدره..
ـ هتقطعي بيا ياقلب ابوكي.
همست بصدمه..
يعني انت موافق..بجد يابابا
ـ طبعا موافق..عين العقل ياحبيبتي..متسبيش جوزك في أزمته..وبعدين أحنا أللي بنخلق الفرح، مش الفرح أللي بيخلقنا ولا أيه؟
ـ صح يا بابا، ربنا يخليك ليا يارب.
ودعتهم ورحلت ورافقها والدها وشقيقتها لشقة معاذ التي لا يعلم بها غير أصدقاءه..
كل دقيقه يرفع مراد وجهه ويغمز لها خفيه من المرآه الأماميه، فتنظر له بأمتعاض وغيظ، وتشيح وجهها عنه وهي تتوعده بنفسها..
ساعه، وكانت تقف أمام باب الشقه….
أغمضت عينها، ورنت الجرس..
أنتفض من نومته سريعا، ليري من يرن بألحاح هكذا..ثواني وفتح الباب..عائدا للخلف بصدمه….
هاتفا بلا تصديق…
ـ أنتي؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يغمرني شوقا، ويجلدني بغيرة كالنار..
يقيم الدنيا ويقعدها، أذا خالفته وأشعلت النار
يهديني بسمة عاشقة، ويعود ليفرض علي قلبي الحصار
يعيدني تاره بالحنين، وتارة بشوقي له بسنيني العجاف..
يلعب علي وتري الحساس…
يأخذني عنوة لأماكن موشومه علي قلبي بالأخلاص..
يحاصرني من كل الجهات..يطلب مني عشقا وحماس
تائهة، ضائعة أنا..لا منجي لي من عشقة من الأساس..
مهما فرقتنا الاماكن..وأبتعدنا..نحن لذلك العشق البائس..
أخبروه..علي لساني..
مهلا ياحبيب العمر..مازال بالقلب غصه..شيدتها أنت ووضعت الأساس..
مهلا..ورفقا.. فمازالت أكتب علي قلبي مغلقا..
دون المساس……

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق