رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل السادس عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما حد يقولك ” ادعيلي ” مبيكدبش..هو بيبقي في امس الحاجه لدعوه..يمكن تتقبل منك أنت..يمكن تصادف دعوتك دي ساعة استجابه..
لما حد يقولك ادعيلي، اعرف ان وصل لدرجه صعبه من عدم التحمل..فمتسمعش وتنسي..أو تطنش وتستهزأ بيه..
لا.. قول..
”اللهم اقضي حاجة من وكلني بالدعاء لك.. ”
فتلاقي الملائكه بترد عليك وبتقول..ولك كمثل…
هتقولو ايه مصدرك..من الكلام ده..
اقولكوا أقروا الحديث ده👇
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ)
أدعولي رجاءً ولكم كمثل..
ـــــــــــــــــــــــــــ
( الحنين للماضي..محمد)..
(بشقة معاذ)
أقترب يجر قدميه نحو الباب بتخاذل وتباطؤ..، يؤلمه قلبه قبل جسده..عقله يعيد عليه.. العديد من الأفكار..
ـ هل خذلته للتو، ولم تجيب حتي عليه بكلمه تثلج علي قلبه، وتريحه.
أغمض عينيه،ليتناسي، ومد يده ليفتح باب الشقه..
وسرعان ما عاد للخلف مصعوقا، متسع العينين، قلبه تتسارع دقاته..كمن كان يعدو بماراثون للسباق..
يهمس بلا وعي..لا يصدق أنها هنا بحق…
ـ خديجة..؟!
ـ أنتـي..؟
قابلت صدمه بإبتسامه، ولولا علمها بأن مراد خلفها، لهرولت لأحضانه..ياالله كم اشتاقت له؟
ظهر من خلفها مراد حاملا لحقائبها..
لكذه بكتفه، وهو يدلف من الباب، مردفا بخبث..
ـ مراتك أهي ياعم.. قولنا نعيد عليك بيها، يااكش يطمر بس، وتلاغيني زي ما أنا بلاغيك..وتوصي عليا حماتك الصغيره(خلود).
لم ينتبه لأي حرف مما نطق به مراد..كان هائما بها، وبعينيها التي تحتضن عيونه..تجذبه للقاع وتعود لتطفو به علي السطح، كموج البحر..
عقله لم يستوعب ما يحدث بعد…ولم يفق إلا علي يد رضوان الحانية، وهي تتمسك بكف يده..ويضعها بيد إبنته بحنان..
رضوان بحب..
ـ سلمتك بنتي يا معاذ، وعارف إنك هتصونها.. لا عاوز من مهر ولا شبكه..
أنا أبيع الكون وأشتريك يامعاذ، أنت اول فرحتي مش هي.. بس بردو عاوزك توعدني أنك تشيلها في عنيك، تسمع ليها بقلبك قبل عنيك، وتراعي ربنا فيها، وتبدأو حياتكم بطاعة المولي ورضاه، أنسوا إللي فات، وإبدأو مع بعض من جديد..
ها توعدني يامعاذ.. …؟
كالابله هز رأسه، وهو يجيبه بفرحة شقت صدره..وهو عينه معها، ينظر لها بسعادة..هي هنا وكفي..
ـ في عنيا وقلبي والله..
ــــــــــــــــــــــ
يقف أمام باب شقة معاذ..يسد عليها الباب بجسده..
خلود بغيظ..
ـ ما تفسح كده، يا هضبه أنت، عاوزه أدخل، أف..
مراد بصدمه..وإستنكار..
ـ أفسح…؟!
أسمها وسع يا متعلمه، يا بتاعت الروايات..
شهقت بصدمه..وهتفت بغيظ..
ـ وأنت مالك، أف..ماشي يا زينبو..أوعي بقي..
مراد بخبث لمشاكستها..
ـ لااااع معنديش حريم، تدخل شقق حد غريب واصل…
نظرت له بإمتعاض ، وهتفت بتهكم..
ـ والله؟
أجابها بنفس نبرتها المتلاعبه..وهو يميل برأسه للأسفل ليصل لرأسها..
ـ وحياتك..
أستغلت وضعه وحاولت الدخول من جانبه، ألا أنه باغتها، وهو يمد ذراعة يحجز عليها..مردفا بمكر..
ـ تؤتؤ..فعلاً صدق إللي قال..
ـ أحذر كل من اقترب من الأرض..
شهقت بصدمه، وسرعان ما تحولت ملامحها للغضب..
ـ تقصد أيه، إني قصيره؟
مراد بنفي محبب..
ـ لالالا..اوعي تفهميني صح أرجوكي.
جزت علي أسنانها بغيظ، وقهر ودبت الارض بقدمها..
وهتفت ..
ـ يعني هدخلني، ولا ياأبو طويله أنت غي ليلتك دي، ولا أنادي علي بابا….
هز رأسه بالنفي..
ـ تؤتؤ..مش هتدخلي..
استدارت ، لتهبط الدرج بحزن..فشهق، وهبط خلفها..
ـ خلود..أنتي يابت..أنتي رايحه فين؟
لحق بها علي الدرج..فألتفتت له..بغيظ..
ـ براحه يا أبوطويله، هتوقع العماره..
نظر لها بأستنكار..
ـ دا ليا أنا الكلام دا؟
أشاحت وجهها عنه بلا مبالاة..
ـ ايوا..ليك هخاف يعني؟
مراد بغيظ…
ـ طب أنجري أمشي قدامي
هتفت بغيظ..
ـ ماشيه أهو..متزقش بس..وخلي بالك إللي قولته في البيت ده..مش هيحصل..؟
مراد ببراءه..إللي هو أيه؟
هتفت بغيظ..
ـ مراااد..، متلفش وتدور عليا؟
أقترب بوجهه منها..وهمس بهيام..
ـ أحلي مراد دي ولا إيه، طالعه من شفايفك.؟
عضت علي كف يدها بغيظ..وهتفت بعصبيه..
ـ عاااا..أنت هتشلني، بارد..
مراد ببرود أكثر..
ـ أومال عاوزاني أنفعل، ويجرالي حاجه وانا لسه في عز شبابي..هتنفعيني أنتي..وهتف وهو يفرد ذراعيه..
كن باردا، تكن أجمل..
أتسعت عينيها بصدمه..وهتفت بغيظ.
ـ أيه البرود دا..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذهب والدها وبقي هو وهي؟
مازالت الصدمة تحتل أفعاله..إسمها مازال يردده ببلاهه..
ـ خديجة؟
هزت كتفيها بدلال محبب لقلبه..وهتفت بنبره حاولت مرارا أن تكون جريئه، ولكنها فشلت فيها، فخرجت متحشرجه بخجلها..
ـ مكنتش هعرف أقضي عيد تاني بعيد عنك..أنااا..
قطع المسافه بينهم سريعا، جاذبا إياها لصدره، محاوطا أياها بين ذراعيه..يود لو يدخلها بين ثنايا صدره.. يتأوه بأسمها . وهو يلتهم شفتيها بعشق وتملك..
يديه تتمسك بها كمن ستهرب منه..
حاوطت هي عنقه ، مستسلمه لعاطفته التي يدخلها لها جبرا ..تؤنب نفسها علي فكرها العقيم..
كيف كانت للآن بعيدة عنه، كيف أستطاعت أن تحرم نفسها من لذة البقاء بجواره بالحلال..بالحلال كل شيء أنقي وأجمل..
أي فرح هذا، وأي فستان لعين كان سيشعرها أنها عروس، وحده الأمان والاطمئنان بليلة العمر، هو ما يميز ليلة العمر..
أن تكون بجانب شخصا، حنونا، تري به أنه العالم أجمع، وأن بين ذراعيه الدنيا، ومن عليها ملك لك..وأن حنان العالم كله لا يضاهي حنانه، أبتسامته سر الحياه، وراحة قلبك بين يديه، أن تستيقظ يوميا فتجده بجوارك، وأن تألمت يشعر بك ولو كنت في أخر بقاع الأرض.. أن يخبرك دوما أن بصوتك وهمساتك لا يكتمل يومه.. وأن تتلاقي أرواحكم ليلا فيزورك بأحلامك، أن يخبرك أنك الأروع والأجمل دوما حتي لو أصبحت كهلا عجوزا، هذا ما يميز شريك العمر لتصبح ليلتكم، ليلة العمر..
معاذ أمان العالم بين ذراعيه، وكفي.!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودعهم مراد مرة أخري بعد حرب دامت ساعه كامله من النظرات، والغمزات..
دلفت للمنزل، وألقت بحجابها أرضا بغيظ، وهتفت بغيظ.. لوالدتها..
ـ أسمعي بقي ياست زينبو..جواز من مراد مش مجوزه..
شهقت زينب بصدمه، وهي تلكذها بسبابتها في جبهتها..
ـ نعم يختي..هو أنا أخلص من واحده تطلعيلي أنتي..
خلود بغيظ، وهي تجز علي أسنانها..
ـ يعني أيه كلامك دا يازينبو..؟
أقتربت والدتها منها، وبسرعة البرق أمسكتها من شعرها بحده..فصاحت خلود.
ـ آه..حرام عليكي يا زينبو عاوزه أيه بس؟
زينب بغيظ..
ـ حرمت عليكي عشتك يابعيده..هو أنتي مش وافقتي، هو إحنا لعبه في إيدك..هاا..ولا أنتي يا بايرة تطولي دكتور زي مراد..
خلود بتأفف..وهي تحاول نزع شعرها من يدها..
ـ ياماما هو إللي ضحك عليكم..وبعدين أنا مش بايره هو اللي أصلا يطولني، وبعدين دا مش فتي احلامي….
زينب بشهقه وهي تعاود هزها بعنف..
ـ فتي إيه، يا إللي تنشكي..هااا
ـ ياماما بقولك فتي احلامي..عريض المنكبين، وملون العينين..
عاودت زينب هزها بقوه وهي تقبض علي شعرها..
ـ عريض إيه وزفت إيه؟، انتي عاوزه إيه يابت..هااا..عاوزه تجلطيني..ولا تشليني..وبعدين تعالي هنا..
ضحك علينا ازاي؟، وانتي كنت واقفه فاشخه بوقك أد كده..
خلود بتبرير..
ـ يا ماما ماهو خدني علي خوانه..ما أنا كنت لسه هعترض..
الله..مينفعش كده يا زينبو..هو الجواز بالعافية..
إغتاظت زينب من ردها البارد..وخلعت حذائها ونزلت فوقها..مردفه بغيظ..
ـ تعالي بقي، هو الشبشب إللي هيربيكي، وآاه..هو بالعافيه..مش هسيبك انهاردة، ألا لما تقولي موافقة..
خلود بوجع..
ـ أي..أي..حرام عليكي يا زينبوو..
ـ انطقي يا بت أنتي..مش هسيبك انهاردة..
هي كلمه ومش هتنيها، هتتجوزي من مراد يعني هتجوزي منه.. وكتب كتابك الخميس الجاي..
شهقت بفزع، وفلتت سريعا من يد والدتها.. وهي تضع يدها علي صدرها.. يلهووي.. كمان؟
عاأاا….حرام عليكي يا أامه..الجوازه كده تبقي باطله..
هرولت زينب خلفها، لتجذبها مره أخري..فشهقت خلود بخوف.. وهي تغلق باب غرفتها..
ـ خلاص، خلاص الخميس الجاي موافقة..
ابتسمت زينب بإنتصار، وسرعان ما فتحت ذراعيها لها.
ـ ايوا كده فرحتي قلبي..تعالي في حضن أمك ياقلب امك..
فتحت خلود باب غرفتها بتوجس، ونظرت بنصف عين لوالدتها ورمقتها بصدمه..وهتفت ببلاهه..
ـ هااا، لا والله..
زينب بمكر، وفرحة حقيقيه..
ـ تعالي يابت متخافيش دا أنا أمك حبيبتك..
خلود بريبه..مش مرتحالك….يازينبو..
ـ لا تعالي..ياقلب أمك.
ـ مش هتضربي..؟
ـ لا..
اقتربت منها وإرتمت بأحضانها..
زينب بخبث..بنتي حبيبتي..
خلود بريبه وهي تشدد من احضان والدتها..
ـ ربنا يستر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل معاذ..
أماني بحقد..ماشي يا بت رضوان، مش بعد ما خسرت كل حاجه..وحسين يموت..تيجي أنتي وتقشي علي الجاهز..
عليا، وعلي أعدائي..
مرتضي بترو علي الهاتف…..أهدي يا حبيبتي. عشان نعرف نفكر..ونقدر نبعدها عنه..
أماني بهستيريا..إزاي يامرتضي؟أزاي؟
مرتضي بخبث، وهو ينظر لصوره خديجه بيديه..أزاي دي سيبيها عليا، المهم لازم تنفذي اللي هقولك عليه بالظبط..
ــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت عمرو بالبلده..
بعد إنتهاء مراسم الحنه..
يدلف من الباب بيديه الهاتف، يحدثها بسعاده…
ولم يلحظ تلك التي استقامت تنظر له بحزن…وهمست..
ـ عمرو..
أنتفض ونظر بصدمه لوالدته..حزينه علي غير العاده..
أغلق معها سريعا، واقترب باسما منها، مقبلا يديها ورأسها..هامسا بمشاغبه..
ـ ياحلا عمرو..يا أم عمرو الغالي…ماله القمر مكشر ليه بس..؟
أغمضت عينيها بحزن..كيف ستخبره ما قالته لها تلك الحيه والدتها..وكيف ستستطع كسرة فرحة وليدها وأول فرحتها، وتلك التي ذنبها الوحيد أنها ولدت وأمها تلك الحيه….
ورغم أنها ليست مقتنعه بكل ما قالته لها..ولكن لما ستكذب هكذا كدبه علي إبنتها..؟
لاحظ شرودها ودمعتها التي فرت علي خديها..فاقترب سريعا منها..
ـ مالك يااامي في أيه؟ أنتي قلقتيني..
تميمه بحزن..مفيش ياعمرو بس الجوازه دي مينفعش تكمل يابني….
شهق فجأه وعاد للخلف..مردفا بصدمه..
ـ أنتي بتقولي إيه، جوازة إيه دي اللي مش هتم؟
تقصدي جوازتي من كريمه، إللي أنتي عارفه قد إيه فضلت مستني اليوم ده..ولا حد غيري…فهميني ياأمي..
أبتسم وأكمل..
ـ أكيد بتهزري صح..قولي صح؟
أنفجرت تميمه بالبكاء عليه، يشهد الله أنها لم تقتنع بكلامها ولكن لابد وأن تخبره بما جري، وبما اخبرتها به تلك الحيه..؟
تمالكت نفسها ومدت يدها لتمسك بيده..
ـ تعالا معايا ياعمرو..
بعد فتره خرج يجر قدميه جرا لغرفته..أسودت الدنيا بعينيه ولم يعد يري أو يشعر بشئ حتي أنه إصطدم بأحدهم ولم يعرف بمن اصطدم؟..
هتف والده بإستنكار..
عمرو…واد ياعمرو..ماله ده، أنت يازفت الطين..؟
لا رد..نظر لزوجته بغيظ منها ومن أبناءها، وجنانهم..
ـ ماله إبنك ياتميمه، ولا الفرحة لحست مخه..
صحيح الحب بهدله..
تميمه بحزن وشرود…هااا..
ـ ها إيه؟
ضرب عامر كفا علي كف..لا دا أنتو مش هنا خالص…قومي يا وليه نناملنا ساعتين قبل النهار ما يطلع..بكره يوم طويل..
هزت رأسها بآليه..
ـ حاضر ياحاج..حاضر..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـبيت منيره..
مالك يا بت يا كريمه…رايحه جايه كده ليه خيلتيني.؟
كريمه بوجع بصدرها..مش عارفه يا عمتو..عمرو برن عليه مبيردش خالص..مش عوايده.
لوت منيره فمها..
ـ تلاقيه تعب ياكبد أمه من الهد والرقص وسط الشباب، قال يريح بقي..بكرة يوم تاريخي يابت، ولازم يرفع راسنا..اااه..
مش شاكلك خايبه، وطاير من عينك النوم..
أبتسمت كريمه بخجل..
ـ دا من الفرحه ياعمتو..مش مصدقه أن خلاص..
منيره بخبث قاطعتها سريعا…خلاص إيه يابت هاا..قولي أنا زي عمتك بردو..
شهقت كريمه بإستنكار..الله ياعمتو، هو أنتي علطول نيتك وحشه..أنا أقصد الحب..و..
ـ و إيه يابت..هاا..
كريمه بغيظ..
ـ لا أنا قايمه أنام أنا كمان…بدل ما تعمليني تسلايتك الليله..
منيره بإمتعاض..
ـ ماشي ياكريمه..قومي نامي.. ويا أنا يا أنتو..هتروحوا مني فين؟
خطوتين وأكون في وسطكوا..
كريمه بغيظ..تعمليها ياقادره أنا تايهه عنك..ياهادمه الملذات أنتي..
دلفت للغرفه..وهي تعاود الرنين عليه بإلحاح..ولا يجيب..
أستمع لرنين هاتفه بإسمها للمره التي لا يعلم عددها..
نظر لها بوجع بقلبه، كخنجر مسموم غرز به..
وألف سؤال، وسؤال جال بخاطره…
كيف يصدق هكذا أشياء عن حبيبة عمره؟
لقد تربت علي يديه، يعلمها أكثر مما تعلم هي نفسها..لو قال العالم أنها خانته، لن يصدقة، اذا لما سيصدق والدتها اللعينه، وهو اكثر من يعلم لما تفعل كل ذلك؟
أسيضيع فرحته، وفرحتها بسبب ترهات والدتها الخبيثه.؟
وماذا أن كانت كاذبه، كيف سيواجه كريمه بعدها، وماذا سيجيبها؟وبماذا سيجدي الندم بعد خسارتها..
أين ثقته أذن بها؟
دفن وجهه بين كفيه، بقهر، وما أصعب قهر الرجال..
يناجي ربه بحرقه..
ـ يارب..
فجأه استقام ودلف للحمام، توضأ وأستعد للصلاه..وبين كل ركعه وأخري يدعـو ربه بأن يلهمه الصواب..
أنهي صلاته..مرتاح البال..وأبتسم براحة.. وأرسل لها..
أن أغمضي عينيكي ياحبيبة العمر..فغدا يوم طويل..
هدأ بالها..وأغمضت عينيها براحة، وراحت هي الأخري بثبات عميق..
ــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت مراد..
تجلس لماربغرفتها واضعه يدها علي فمها تكتم دموعها بيديها بقوه..بعدما استمعت لمكالمة خالتها بأكملها…. مسحت دموعها بقوه وقررت مواجهتها، لن تتركها تدمر كريمه، كريمه لا تستحق أبدا..
دلفت بحده لداخل غرفة خالتها….
ـ أيه اللي قولتيه دا ياخالتي لأم عمرو انا سمعتك..أنتي أتجننتي؟
ـ إزاي تقولي علي كريمه كده..
انتفضت سعاد من مكانها..وأغلقت الباب، وجذبت ابنة شقيقتها من يدها، فسقطت علي الفراش..
وهتفت بغضب..
ـ أسمعي يابت أنتي..أنتي تنسي إللي سمعتيه ده أحسنلك.
رمقتها لمار بعداء..وهتفت بغضب..
ـ أنتي يستحيل تكوني أم كريمه..دا أنتي لو عدوتها مش هتعملي كده..ليه بتعملي كده…لييه..حرام عليكي؟
سعاد بتهكم..
ـ شوفو مين بيتكلم عن الحرام والحلال…أش حال لو مكنتيش عاملة عمله بقي قبل كده..
أبتلعت لمار ريقها بخوف..من خالتها..وهتفت بشجاعه..
ـ بردو ميهمنيش، أعملي إللي تعمليه..مش هسيبك تعملي في كريمه كده..وتضيعي فرحتها..حرام عليكي، حرام.، انا هتصل بعمرو وأحكيله كل حاجة..
جلست سعاد واضعه قدم علي الأخري بلا مبالاه..
ـ وماله قوليلهم..وأنا كمان..هقول لمصطفي لما يجي أنتي ليه اتبليتي علي خلود….واللي عملته مع كريمه، سهل أوي أعمل معاكي ولا إيه؟
دب الرعب بأوصالها ..وأرتجفت من فكرة أن يعرف مصطفي الحقيقه..
لاحظت خالتها دموع الخوف التي ترقرت بعيونها..وهتفت بتحدي..
ـ قومي يا لمار..نامي وبلاش دور الخضره الشريفه ده..واعرفي أن كريمه بنتي، وأنا أدري بمصلحتها فين؟ ومع مين؟
استقامت لمار، وهبطت دموعها بقهر وهتفت ببغض..
ـ انا بكرهك ياخالتي، بكرهك، ياريتني سمعت كلام امي زمان..لما قالتلي خالتك دي لا.. أبعدي عنها، متخديهاش قدوة.. كل إللي حصلي في حياتي حصلي من تحت راسك أنتي..بكرهك..ياريت يرجع بيا الزمان وأنا اترمي تحت رجلي أمي وأبوسها واقولها سامحيني..
أبتلعت سعاد غيظها وغيرتها من شقيقتها، وهتفت بحقد..
ـ أمك..طيب ياقلب أمك..اتكلي علي الله من هنا..وردي هيوصلك لحد عندك..وأبقي وريني مباديء أمك هتحلها أزاي؟
خرجت لمار وصفعت الباب بوجهها..
ودلفت لغرفتها..سريعا.. تبكي بحرقه..تتذكر كلام والدتها لها..أن لا تخالط خالتها، ولا تتخذ من أسلوب حياتها نهج لها لتهدي به..كم كانت تسخر من والدتها؟
وكم مره أخبرتها بوجهها أنها لا تحب شقيقتها..ياليت الماضي يعود يوما..
خالتها كانت دوما قدوتها بالحياه..تحررها..وصوتها العالي بالحق والباطل..كم كانت حمقاء.؟.حتي أنها من شجعتها علي الحديث مع جاسر، حينما بدأ بالحديث.. معها..
دوما كانت بئر اسرارها..ولم تلحظ أنها شيطان رجيم يجذبها لأهوائة الشخصيه..
سالت دموعها خوفا وندما..وقهرا..دقائق ووجدت هاتفها يرن برسائل عديده خلف بعضها..
فتحتها سريعا..خوفا من أن يكون مصطفي ويعنفها..
وسرعان ما شهقت ولطمت خديها..حينما أرسلت لها خالتها الصور التي كانت بحوزة جاسر..متي وكيف ولما؟
ارتجف جسدها وهي تقرأ ما سطرته لها خالتها بأخر رساله..
ـ أظن فهمتي دلوقتي كل حاجه..هتقفلي بوقك ولا أبعتهم للمحروس اللي هيشيل الليله..
أخذت بالنحيب والولوله..
فتح الباب علي مصراعيه بغتة، ودلفت منه سعاد..
سعاد بمكر..أنا قلت أجي أشقر عليكي..
لمار ببكاء..حرام عليكي، ليه عملتي فيا كده..ليه؟أنتي اللي زقيتي جاسر عليا صح.؟أنتي أللي بعتيله صوري عريانه ياخالتي..ليييه؟
سعاد بغل..شاطره زي أمك أهوو وبتفهميها وهي طايره.اه صح؟
ـ ليه ياخالتي، ليه، دا انا كنت بعاملك أحسن من أمي؟
سعاد بــــلامبالاه..
ـ غلطانه..هو في بعد الام….أمك والباقيه تأتي…
دا أنا وأنا قدك..كنت معاديه الكل عشان أمي..أصل أنتي متعرفيش أنا وأمك اصلا مش اخوات شقايق..
أنا من ام وهي من أم تانيه..وعمري ماحبيت امك ولا نزلتلي من زور..
شهقت لمار وعادت للخلف..اه ياحقوده..أمي عمرها ما فكرت كده..كانت تقولي أن أنتوا احسن من الشقايق.
ـ هتفت بتهكم…
ـ ابويا كان متجوز أمي جواز تقليدي وجابني، ولما قابل جدتك حبها واتجوزها وطلق أمي..وخلف أمك..
ـ يعني أنتي بتنتقمي مني..؟
اكملت بشرود..
ـ امي اتجوزت وسابتني لستك تربيني، أمك كانت مدلعه أوي، حتي لما كبرت رموني لواحد مبحبوش..إنما امك طول عمرها اللي بتشاور عليه بتاخده..
هتفت لمار بحده..كدابه؟
ـ اغتاظت منها واقتربت وجذبتها من شعرها بقوه..انا مش كدابه انتي اللي كدابه انتي وامك..
ـ لمار ببكاء..طب انا وعرفت سبب كرهك ليا، طب وبنتك..عملت فيكي ايه، حرام عليكي
تركتها سعاد، وهتفت بحقد..مش هي اللي عملت..وذنبها ايه؟
ذنبها انها عشقت أبن أكتر واحده بكرهها في الكون..
وأكملت بهمس وأبن اكتر واحد عشقته في حياتي..وفضل غيري عليا…
استدارت ورمقتها بغل..وهتفت بحده..
ـ عقلك في راسك تعرفي خلاصك..وياريت تعجلي بجوازتك وتخلصينا..حاجه تقرف..
ارتمت لمار أرضا تبكي بقهر..إلي متي ستظل مهدده؟
خلاصها بين يديها، لتخبره الحقيقه وينتهي الامر؟
أمسكت هاتفها..وسرعان ما إرتجفت خوفا منه..سيقتلها مصطفي لا محاله أن علم..وربما يتسبب بقتل أحدهم أيضا..
ياليتها قابلته بظروف أخري..وياليتها فعلت مافعلت..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباحا..
ببيت معاذ..
فتحت عينيها و صوت تكبيرات العيد تشق أذنيها..نظرت حولها، وتذكرت أنها هنا أخيرا ببيت معاذ…تفترش ذراعيه كوساده لها..
ابتسمت وهي تتذكر ما حدث بالأمس، كانت خائفه كأي فتاه بمكانها، وبظروفها…فلتت ضحكه منها..
وهي تتذكر ظروفها، وهيئته..
flash back..
حملها بين ذراعيه يدور بها يمينا ويسارا، لايصدق أنها هنا بين يديه..زوجة له بعد سنين من التعب والألم والفراق..
هتفت وهي تشعر ببوادر الدوار..
ـ معاذ أنا دوخت نزلني..
انزلها ببطء، وهو ينظر لها بعشق..
هتفت بخجل…
ـ معاذ متبصليش كده؟
همس بالقرب من وجهها..
ـ أومال ابصلك أزاي، وأنا عاوز أكلك أصلا..
شهقت بخجل، وهي تلكذه بكتفه..
ـ أحترم نفسك واتلم..
تمتم ببلاهه..
ـ أتلم؟
خديجه بضحك علي تعبيراته..
ـ آه، تتلم..عادي
معاذ بإستنكار..
ـ يعني مراتي، وفي بيتي وعاوزاني اتلم، دا يبقي عيبه في حقي كراجل…
هتفت بغيظ..
ـ معاااذ…
همس بحب…
ـ ياعيون معاااذ..
أقترب منها، فعادت بسرعه للخلف.. فاقترب أكثر ففرت من أمامه سريعا….
معاذ بضحك..راحة فين، وراكي وراكي؟
قهقهت عليه، وهي تصعد الفراش..أهدي بس عاوزه أقولك علي حاجه مهمه..أوي..
معاذ بمكر..
ـ حاجة أيه؟، إنزلي أنتي بس، وأنا أقولك علي حاجات كتير أوووي..
ـ لا أنا خايفه منك..
ـ لا بس تعالي..
هبطت من علي الفراش، واقتربت منه..فأمسكها كالفأر..
ـ تعالي هنا جننتيني..
ـ معاذ استني هقولك..!
ـ قبل رأسها بحنان..وترو..
ـ قولي ياقلب معاذ..أنتي مكسوفه مني..؟
همست بخجل..معاذ أنا..
معاذ بمكر..أنتي أيه، وهو يقبل خدها..
خديجة بارتباك وهي تبتعد عنه..
ـ أصل مش هينفع..
أبتعد عنها..قليلا وسألها بترو..
ـ هو أيه أللي مش هينفع؟
عضت شفتيها بتوتر..أصل..أصل.يعني..
أبتسم وجذبها من يدها..تعالي نصلي مع بعض ياخديجه..عاوز نبدأ حياتنا صح، وبعدين قوليلي إللي أنتي عوزاه..سامعك طول الليل….
ابتلعت ريقها، وهزت رأسها بالرفض..وهمست بصوت يقطر خجلا..
ـ مش هينفع..!
رفع حاجبه مستنكرا..وسرعان ما شهق بصدمه..
ـ أنتي؟
همست بخجل..يارب تكون فهمت..
نظر لها بصدمه، وثانيه وانفجر بالضحك..وهو يضرب بكفيه..
ـ الجوازه دي مبصوص فيها أنا عارف..وأنا اقول الجرأه اللي انتي فيها دي جت منين؟أتاريكـــي..!
هتفت بغيظ..
ـ معاذ…؟
ـ اقترب منها وجذبها لصدره. خلاص متزعليش..كفاية إنك جمبي اصلا..كنت محتاجك جمبي اووي..
رفعت وجهها وهتفت بعشق…
ـ معاذ..
ـ عيون معاذ..
ـ بحبك
تأوه بنشوة..وهتف..
ـ ياااه..أخيرا …قولي تاني كده؟
ـ بحبك..يا..
اكملت اعترافها بين شفتيه بقبله عاصفه….جرفتهم للفراش..
أبتعد عنها بعد برهه، وقبل رأسها .. وهتف بعشق..
ـ وأنا بعشقك ياقلب معاذ..
افترشت صدره، ونامت قريرة العين، بعد سنين عجاف..
back..
قبلت لحيته بترو، وحنان..فتح عينيه وهمس
خديجه.؟
ـ اممم..
ـ أنتي هنا بجد؟
أبتسمت بخجل..وهزت رأسها وهتفت..
ـ انا جنبك..يالا قوم عشان تصلي العيد…
قلبها، واعتلاها…
ـ طب مش تاخدي عيديتك الاول..
خديجه بفرحه..
ـ ايوا، عاوزاها..
أدخلها لعالمه الوردي، بقبلة وعاد سريعا يهمس بعشق..
ـ كل سنه وانتي معايا.، وجنبي وفي بيتي..
همس بخبث..
ـ فين عديتي انا بقي..
اقتربت بجرأه ولمست شفتيه بخاصتها، بقبله كرفرفة العصافير..
زفر بحنق..
ـ فاضل كام يوم؟
خديجه..بعدم فهم..علي أيه؟
ضغط علي شفتيه وهو ينظر لها بخبث..وغمز لها..
ـ علي…
شهقت بخجل، وأزاحته عنها بقوه، فسقط علي الفراش..
هاتفا بغيظ..
ـ ياصبر أيّوب..
هتفت بضحك..
أنت أللي منحوس..الله..وأنا مالي..
ـ أنا بردو…
دقائق ورن هاتفه برقم الممرضه التي تخدم والدته..
أجابها وسرعان صاح بها..أيه بتقولي، أنا جاي أهو؟
خديجة بخوف..في أيه يامعاذ؟
ـ ماما تعبانه أوي..لازم أروحلها حالا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت دياب.
تجلس علي الفراش تنظر له بإمتعاض..وحزن…
وهو يبحث بين ثيابه علي شئ ما..بتأفف..
صعد البارحة، ولم يعطيها فرصه للحديث معه، دلف للغرفه الأخري، وأوصد الباب خلفه..
جلست بقية الليل تهاتف سولاف التي لم يكن حالها بأحسن منها كل منهما تبكي علي ليلاها…
لم يغمض لها جفن طوال الليل..إلي أن فتح بابه أخيرا، ودلف للغرفة…
رائد بغضب..
ـ انتي ياهانم..فين الزفت الجلابيه..مش مكويه ليه؟
ـ هاا؟
ـ ها ايه وزفت أيه؟ هروح أصلي أنا بإيه دلوقت..
أقتربت منه بحزن..وجذبت الجلباب من الخزانه..وأردفت بهدوء….
ـ ثواني هكويهالك….
ـ ومنكوتش ليه من الاول!
رمقته بعتاب، وهتفت بصبر..
ـ مكنتش أعرف انك هتصلي بيها؟
ـ ياسلااام…
نفذ صبرها، فألقت الجلباب بحده علي الفراش وهتفت بغيظ..
ـ أنت عاوز تتخانق وخلاص صح..مالك يارائد في أيه، اللي حصل لكل ده..
جز علي أسنانه وهتف بغيظ من صوتها المرتفع..
ـ ميسم!
هدأت، وسألته..
ـ ممكن تقولي أنت مخصمني ليه؟
لم يجيبها وجذب جلبابه، وخرج من الغرفه بأكملها..
وقفت تنظر له بحزن، وهو يكوي جلبابه بنفسه..
لم يكلف نفسه حتي، أن يعيد عليها بأول عيد لهم معا..
هبطت دمعه وحيده من عينيها، بعدما هبط صافعا الباب خلفه بقوه….
دلفت لغرفتها ومدت يدها وجلبت أختبار الحمل المنزلي التي كانت تود مفاجأته به..من تحت وسادتها، نظرت له بحسره وألقته بالقمامه ..
أغلقت الإضاءه، وألقت بنفسها علي الفراش..راحله بثبات عميق
ــــــــــــــــــــــــــــ
بالبيت الكبير..
الفرحة تعم البيت بأكمله…تستمع لصوت الضحكات الآتيه من الأسفل..كل بجانبه زوجته وأطفاله..لأول مره تشعر بذلك الشعور القاتل بوحدتها ووحدة اطفالها..بالأمس حينما أتي..وهرول أبناءها للقاءه..كانت تود لو تهرول معهم لتلقاه.. شعرت وأنها عادت تلك المراهقه التي كانت تنتظر قدومه ليلة كل عيد بهدية لها..
لولا بعض التعقل التي مازالت تتمسك به، لهرولت لأحضانه ليلا، تخبرة كم أشتاقته..إكتفت فقط بمراقبته من الأعلي..
ابتسمت وهي تنظر لطفلها بجلبابه الأبيض الذي أهداه له بالأمس، وطفلتها بعباءتها المزخرشة، تشبه أميرات الحواديت..
لم ينسي طفلاها..في حين نستهم هي،ونست نفسها وكأنها تناست تلك العادات منذ زمن..
منذ سنوات لم تشعر بالعيد ولا بفرحته، ولا بذلك الثقل بقلبها والحزن علي وحدتها ووحدة أطفالها…
انتبهت لطفلها يهتف بحماس..
ـ هيا ماما، تأخرنا..محمد ينتظرني…
إبتسمت بحزن..وهتفت..وهي تعيد ترتيب خصلاتة…
ـ إنتهينا حبيبي.أنظر الآن..لنفسك بالمرآه..
اقترب من المرآه، ونظر لتسريحة شعره بحزن..
ـ لا أريدها هكذا..أريدها كما يفعلها محمد لي..
تأففت بغيظ..
ـ وكيف يفعلها محمد إذا؟..لقد حاولت ولم تفلح معي..
معتز بطفوله..
ـ سأهبط ليفعلها لي..أنتي فاشله بأشياء الصبيان..أهتمي بـ أميرة الحكايات خاصتك..
نظرت له بغيظ، وهو يركض للاسفل..ويحمل جلبابه بيده،
رن جرس الشقه..فهتفت به..
ـ لا تفتح معتز..انتظر لارتدي حجابي..
فتح معتز الباب وصاح بفرحة..
ـ محمد ها قد أتيت، كنت سأهبط لك الآن..لتساعدني بتسريحة الشعر….
حمله محمد سريعا، وهو ينظر له بأعجاب..
ـ أميري الوسيم..عيدك مبارك..
حاوط معتز عنقه متمتا بفرحه..
ـ عيد مبارك محمد..
اقتربت منه مياسين، وهتفت وهي تستدير بعباءتها بطفوله.
ـ وأنا أميره الحكايات، ما رأيك بي…
قهقه عليها، ومد يده لها لتأتي له..فأسرعت لتلبي النداء..
حملها علي ذراعه الآخر، وقبلها كما فعل مع شقيقها..
ـ عيد مبارك يااميره الحكايات خاصتي.
ـ عيد مبارك…
تقف تستند بذراعهاا علي باب الغرفه بمقابل باب الشقه، تنظر لأطفالها وله بإبتسامه حزينه..لأول مره تشعر بيتم أطفالها، ويتمها أيضا..علي مدار سنوات كانت تعتقد بأنهم أسعد سعداء الأرض، والآن لاتظن أنها رأتهم سعداء هكذا يوماً..
شردت، ولم تنتبه لذلك الذي دلف للداخل، واقترب منها
انتفضت علي صوته..وهو يخبرها..
ـ كل سنه وأنتي طيبه يا سولاف..
إبتلعت ريقها بتوتر..من قربه هذا ..كيف دلف لهنا ولم تنبه؟..وأين رحلو أطفالها؟..
هتفت بتوتر من عيونه التي تلتهمها بلا خجل..بوقاحة اعتادتها منه قديما..وكبرت معه واصبحت أجرأ
ـ وأنت طيب يا محمد..
نكست رأسها، لتهرب من غزو عينيه..
زفر وهو يصارع يديه التي تريد أن تجذبها لصدره عنوة، يشبع نفسه من دفيء أحضانها…
استغفر بسرة، ومد يده لها بحقييه ما..
ـ اتفضلي..
نظرت للحقيبه بتساؤل..
ـ أيه ده؟
محمد بحب..
ـ معقول نسيتي، عموما بصي فيها وأنتي تعرفي..
عادت بذاكرتها للماضي، وشهقت بخجل وهي تنظر لما بها وتذكرت وقاحته فيما مضي وكيف كان يجلب لها كل عيد عباءه لها بكافة احتياجاتها..وكيف كانت تغضب وتثور عليه..
هتفت بصدمه..أنت؟
قهقه عليها، واقترب منها وهمس باذنها..
ـ أنتي حقي أنا، أللي هفضل طول عمري أشكر ربنا أنه رجعلي، ورجعلي بهديتين لو عملتي المستحيل مش هفرط فيهم أبدا..يعني مفيش مفر مني ياسولاف..مرجوعك لحضني….
أزاحته بيدها بغيظ..أبعد يامحمد متحلمش، بعينك ..
قهقه عليها..وأردف معاتبا لها..
ـ ينفع كده، نقضتي وضوءي، هضطر اتوضي تاني..
هتفت بغيظ..
ـ وأنت كنت هينفعلك صلاة اصلا، من غير ما تعيد الوضوء،كفايه وقاحة عينك..وقح..وأمسك مش عاوزه منك حاجه..
هتف بأستنكار..الله وإيه دخل ده بده، خلينا في سكه واحده….؟
رمقته بغيظ..
فهمس بعشق…سولا حبيبتي..
أبتسمت علي دلعها الذي تعشقة من بين شفتيه غصبا عنها
ونظرت له بمكر، ومدت يدها له..
ـ لا أنا عاوزه حقي ناشف..
أنفرجت شفتيه، بضحكه رجوليه إشتاقت لها كثيرا، أشعلت بقلبها الحنين لوطنها بين ذراعية، ولعشقة المتملك القديم..وهو يمد يده لداخل جيب جلبابه، ويخرج ما به من أموال، ويعطيه لها..
ـ هتفت بطفوله..عاوزه فلوس جديده يامحمد..مليش فيه..
أبتسم ووضع بيدها رزمه كبيره من الأموال الجديده..
ـ كنت عارف إنك طفله..غيرتهم إمبارح عشانك..
أخذتهم منه بسعاده..وهي ترمقهم بفرحه..
لطالما انتظرت العيد لتأخذ منه، ومن أشقاءها خلسة أموالا جديده، كان يرفض أن تأخذ من غيرة، لطالما كان عشقة متهورا مجنونا…
هتف بخبث…آخد الهدوم دي بقي أديهم لسلمي..
شهقت بإستنكار، وخطفت الحقيبه من يده..
ـ لا دول بتوعي انا….عاودت النظر بالحقيبه وهتفت بحزن..فين الجزمة؟
ـ أخرج حقيبه أخري من خلفه..فالتقطتها سريعا منه…
استدارت لترحل ولكنها عاودت وهتفت بإبتسامه..
ـ شكرا يامحمد.
ـ سولاف..
استدارت مرة أخري..وهتفت بهدوء..
ـ نعم يا محمد..
ـ كل سنه وأنتي معايا.. ياقلب محمد
ــــــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعه
كانت تهبط الدرج بيدها طفلتها، بعباءه إكتشفت أنها تشبه عباءة طفلتها تماما..
خطفت أنظار الجميع لها…
عايدتهم جميعا..وكالعادة أختلست النقود الجديدة من أشقاءها خلسه..قبل أن يدلف للداخل..حاملا معتز علي كتفيه كالعاده..وقعت عينه عليها..اتسعت عينيه، وهو يرمقها بأعجاب وعشق أهلك قلبه….
رفعت عينها فوقعت عليه، فغمز لها بوقاحه وأبتسم لها..أشاحت وجهها عنه.خجلا..
إلتف الجميع حول مائدة الإفطار وجلست هي بين شقيقيها، وكل دقيقة يرمقها بغيظ..تقابله بإبتسامه مستفزه في نظرة..
وأخري شامته من فهد..متلاعبه من كيان الذي يصمت قليلا ويطعمها بفمها..
جز علي أسنانه واجلي حنجرته، وهتف موجها كلامه لجده..
جدي..كنت عاوز رد علي طلبي منك إيد سولاف..
غص الطعام بحلقها..وجحظت عينيها..والجد يلقي بكلامه عليهم..
ـ بكره مسافرين كلنا مزرعة الراوي..وبعد ما نعاود هقولك قراري النهائي
همست بصدمه..جدي؟
الجد بحده..خولص الكلام..
رمقها بإنتصار، فبادلته بغيظ..وعاود فهد دس الطعام بفمها.. بشماته..
ـ كولي ياقلب أخوكي..كلي..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت رائد..
دلف يبحث عنها يمينا ويسارا لم يجدها..
عصا الجد هي من نبهته له..
ـ مرتك فين ياواكل ناسك..ياكش تكون نكدت عليها في ليلة العيد…وأنا اقطع خبرك..
نكس رأسه بحزن وهو يتذكر حزنها وعتاب عينيها…لا يعلم ما به..لم يكن يوما مضغوطا هكذا..ولكن خوفه من القادم عليها خصيصا تدفعه ليتصرف بحماقه..وغيرته العمياء ستجعله يخسرها بالتأكيد..
خطف الدرج سريعا..غير مكترثا لترهات زوجة أبيه اللعينه..
دلف لشقته..يبحث عنها..وجدها تفترش الفراش تغط بثبات عميق..
همس بأذنها..
ـ ميسم..
لارد..
عاود الهمس بإسمها ففتحت عينيها ورمقته بعتاب..
مال وقبلها برقه علي شفتيها…
ـ كل سنه وانتي طيبه ياقلب رائد..حقك عليا متزعليش
أغلقت عينيها بألم..وهمست..
ـ رائد..أنا..
أبتسم ظنا منه انها تتدلع عليه..
عاود تقبيلها فشهقت بألم أكبر وهي تضع يدها علي بطنها…
أبتعد عنها بوجهه سريعا، حينما شعر بحرارتها العاليه علي وجهه..
هتف بقلق..
ـ ميسم حبيبتي..أنتي كلتي أيه تحت..، أنت تعبانه؟
نظرت له بدموع..ولم تستطع إخراج حرفا واحدا..
صرخ بها.
ـ ليه ياميسم، أنا منبه عليكي..ليييه..
أغشي عليها…وهو يصرخ بإسمها بلوعة..
ـ ميسم..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءا…
انتهي حفل الزفاف بسعاده علي البعض..خوف وانتظار من البعض..وبين ندم ووجع من البعض الآخر.
بسيارة مصطفي..
رغم جمالها الذي خطف لبه بلباسها المحتشم وحجابها البسيط..إلا انه متأكد أنها ليست علي مايرام..ليست تلك المتمرده الذي يعشقها..
مد يده وأمسك بيدها، ولاول مره أيضا لم تعترض..
هتف بقلق
ـ لمار؟
نظرت له بهدوء..
ـ نعم.
ـ مالك ياحبيبتي..
نبرة الحنو بصوته، وعيونه التي ترمقها بعشق تشعر به بكل خليه بجسدها…. دمعت عينيها،و خفضت رأسها سريعا..حتي لا يراها…
ولكنه شعر بها وأوقف السيارة بغتة علي جانب الطريق، وجذبها لصدره مردفا بخوف عليها..
ـ في أيه مالك؟
حاوطت عنقه بتملك، دب الرعب بأوصاله وهي تهتف ببكاء..
ـ أنا عاوزه أعترفلك بحاجه مهمه؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجلس بجانبه بتأفف بعدما جرها جبرا لتجلس بجانبه..
رمقته بعداء..وهتفت بغيظ..
ـ متفكرش إني كده موافقه..
مراد بلامبالاه..وكأنه لم يستمع لها.. حضري نفسك عشان بكره هننزل ننقي الشبكه..
شهقت بإستنكار..
ـ مين قال الكلام دا..يابني آدم افهم هو أنا وافقت..
هل انا وافقت..؟، أنا لسه بفكر..
مراد ببرود..مش مهم فكري، وأنتي مراتي عادي…
ـ يعني أيه الكلام ده بقي.؟
ـ يعني لا مفر مني يا خلود..وريحي عقلك من مكرك ده بقي..
جزت علي أسنانها بقهر..
ـ اف..منك..دا انت قدري..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة عمرو وكريمه..
انتفض كالملسوع من جانبها. ..يهز رأسه بصدمه..قهر وخذلان..ويديه تدلك بصدره بقوة.، يشعر وأن روحة ستخرج منه..
يتمتم بلا وعي..
ـ مش معقول..مش معقول أبدا..
بينما هي تنظر له بصدمه أكبر..وهو يهمس
ـ مين؟
ـــــــــــــــــــــ
علي طاولة العشاء..
وقع الطعام من فمها، وجف حلقها، وهي تهمس بإسمه بصدمه..وتقترب منه..بدلال..
ـ محمد..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد
عشقه في القلب دوما حيا..
عشقا غريبا، مريبا لم ولن يقل له يوما
عشقا كتب علي قلبي، كلعنة أبديه..
مهما توارت عليه الايام..باقيا بالقلب كنقشا أثريا..
مهما فرقتنا الايام..باقيا بالقلب دوما حيا
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.