رواية رحماك الجزء الثالث الفصل السابع عشر 17 – بقلم أسما السيد

رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل السابع عشر

(اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملّكته أمري إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك الحمد حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك)
_~_~_~_~_~_~_~_~_
(ملجأي الوحيد…)
أنتفض ممسكا بقلبه يدلكه بيده، لربما يخفف من وقع الصدمه عليه، رغم أنه كان يتوقعها، ولكن مواجهة الحقيقه دوما أمر من معرفتنا بها..
يشعر بأن الدنيا تدور من حوله، يريد أن يطمأنها، يخبرها أن العيب ليس بها، بل بنفوس مريضه تعيش من حولنا…
ولكن جسده الذي وهن فجأة يمنعه..
أغمض عينيه، ووضع رأسه بين كفية يصارع شيئا وهميا
هو نفس لا يعرف ما هو؟
انتفضا إثناهم فجأة، علي جرس الشقة الذي يرن بلا أنقطاع
وكأنهم تلقوا ضربة فوق روؤسهم، أفاقتهم معا من ثباتهم..
كانت ترتجف وتلملم بيدها الفراش لتستر جسدها، خائفة، ضائعه، لم تعد تعلم الصواب من الخطأ..ولا ماذا يحدث حولها؟
أجاب هو وكأنهم سيسمعونة من مكانه هذا، وهو يلتقط أنفاسه بصعوبه، وكأنه يودع الحياة؟
ـ مين؟
هزت رأسها بصدمه، وخوف، ظنا منها أنه يتساءل إعتقادا منه أنها دنست شرفها..ويسألها مع من فعلت هذا؟
دار عقلها سريعا..
ـ له كامل الحق.. أن يتسأل، هي موضع شك الآن، ياليتها ماتت قبل هذا، أين دليل براءتها إذن؟
وكيف ستبرر له؟
وهي بكل هذا الخوف والتوتر، ورغم كل ذلك لا تمتلك تبريرا كافيا ولا مقنعا لكل ما يحدث..
دموعها تسيل علي خديها كشلال..لم تعد تمتلك غير دموعها
علها تطفئ جمر قلبها المشتعل..
حاولت إخراج صوتها وتخبره أي شئ، ولكنه لم يترك لها فرصه للحديث..
إستقام يجر قدميه جرا ليري من يدق الباب هكذا بلا صبر، ولم يلتفت لها..
غصبا عنها حينما رأت هيئته تلك نحبت بصوت مرتفع، وصل لمسامعه فوراً، صوت نحيبها مزق قلبه، فأستدار لها..وكأنه تذكرها الآن..كيف نساها؟ وتذكر صدمته فقط
أيعقل أن ينساها هي!
وقعت عينه عليها، وعلي وجهها الذي تبدلت ملامحه فجأه..ترمقه بعتاب آلم قلبه..
هز رأسه رافضا ما فعله بها و أقترب منها سريعا
خاطفا المسافه بينهم ، وإلتقطها بين ذراعيه، يشاركها وجعه منها.. وعليها..ومن عقاب وهمي تعاقبهم عليه الدنيا..
أستغفر من تفكيره وهتف بصبر علي إبتلاءه..متذكرا قول عمته له صباحا..
الصبر عند المصيبة الأولي..فقط قل..
ـ إن لله وإنا إليه راجعون..اللهم أجرني فيمصيبتي وإخلفلي خيرا منها..
وجد لسان حاله يردد بآليه..الامتحان صعب..وسيجتازوه معا..كالعادة..حبيبته بريئة وهو يعلم..
يثق بها..كثقته بنفسه…
إحتواءه لها، أشعرها بالأمان..وأعطاها الضوء الاخضر لتبكي..وتخرج ما بقلبها..
فإنفجرت بالبكاء.. وبدأت تبرر له بكلمات تخرج من فمها مرتجفه، ضائعه كحالها..
ـ عمرو والله مافي.. غيرك.. لمسني..أناااا
همس وهو يشدد من إحتضانها..
ـ ششش إهدي..أهدي ومتفكريش في حاجه خالص..
أبعدها قليلا ونظر لوجهها مبتسما بحزن..وهو يمسك بوجهها بين كفيه، وهتف بحنو..
ـ تمام إهدي ..مفيش حاجه.. وأكمل مغتصبا إبتسامه..
ـ إهدي ياكوكو..إهدي وبطلي بكا..
همست بتوجس، وصدمه من حنانه عليها ..
ـ أزاي مفيش.. أنت بتقول إيه… أنااا..
قطع حديثها بحسم..
ـ ششش قولت أهدي، ومتفكريش هشرحلك كل حاجه بعدين.. كل أللي عاوزه تعرفيه هنتكلم فيه، وقومي غيري هدومك يالا..عشان دي أكيد أمي وعمتي..جايين يطمنو علينا..
همست برجاء من بين شهقاتها.. …
ـ عمرو!
قبل جبينها، وحاوطها بذراعه، يعاونها علي السير
ـ إسمعي الكلام يالا..
أنتقي بنفسه لها ملابس بيتيه مريحه، وأعطاها لها..
ـ يالا غيري هدومك، ولا أساعدك..
شهقت بخجل وخطفتهم من يده ودلفت للحمام
ـ عدل هو من ملابسه، وهو يحاول إخراج صوته طبيعيا..مغتصبا إبتسامه علي وجهه، ليداري بها ألم قلبه.
وهو يصيح بإمتعاض عليهم..
ـ أيوا..حاضر جاي أهو..
إستمع لسباب عمته من خلف الباب، فإبتسم غصبا عنه عليها..
ـ ايوا ياعمتي..حاضر، الله، مفيش صبر..عرسان ياعالم..عرسان ياناس..
فتح باب الشقه، فدفعته عمته بجسدها الممتلئ بعض الشيء للأمام..مردفه بإمتعاض..
ـ عرسااان إيه، وزفت إيه؟
اوعي كدا يا خايب الرجا أنت..فين كوكو حبيبة عمتها..
كتم فمه بيده وهو ينظر لعمته بغيظ..
ـ جوا ياعمتو..بتلبس..
دلفت عمته لداخل غرفة النوم..بينما جذبته والدته من ذراعه للغرفة الأخري وأغلقت عليهم….
عمرو بقلق من حركتها تلك..
ـ في إيه ياأمي..بتشديني ليه كده.؟
رمقته والدته بإمتعاض، وهتفت بغيظ..
ـ عمرو أنت مش عارف في أيه، أنا قلقانه يابني طمني، كلام أللي ما تتسمي أمها دا طلع صح، وكريمه مش بنت بنوت..
نظر لها عمرو قليلا بصمت، فظنت الحديث صحيحا وما قالته لها سعاد علي الهاتف حقيقه.
لطمت خديها، وشهقت..
ـ ياخرابي..يبقي فعلا مراد عملها..
انتفض عمرو ووضع يده علي فم والدته، هاتفا بصدمه..
ـ أسكتي يا أمي، أيه اللي بتقوليه ده..ومراد داخله إيه؟ حشرتيه ليه دلوقت في كلامنا..وبعدين أنا قلتلك كلامها صح..؟
أبعدت يده بغضب..وهتفت بحده..
ـ ما تنطق ياعمرو وتطمن قلبي، هو أنا هسحب الكلام من بوقك..وبعدين سعاد هي اللي قالتلي كده، أن مراد اللي عمل كده، عشان كده كانت عاوزه تجوزه لكريمه..
عمرو بتهكم، رغم ألم قلبه وخوفه وغيرتة من فكرة زواجها من غيره…
ـ وصدقتيها ياأمي؟
لا مراد ولا كريمه يتصدق فيهم كده يا أمي..وأطمني كريمه صاغ سليم بختم ربها زي ما بيقولو…
هتفت بسعاده..الحمدلله يارب…الف حمد وشكر ليك يارب..وأطلقت زرغوطة عاليه فرحة بها..
وسرعان ما رمقته بهدوء..وهتفت بشك..
ـ عمرو أوعي تكون بداري عليها يابني..
ابتسم لها، ومد يده وقبل يدها..وتفتكري عمرو أبنك حبيبك هيخبي عنك حاجة بردو..
أبتسمت برضا وربتت علي كتفه…مردفه بحنان..
ـ أومال مالك ياقلب أمك، حساك مش مبسوط ليه، وشايل هم الدنيا فوق راسك.
عمرو بإبتسامه…
ـ بتهيألك، أنا بس زعلان عشان كريمه كانت بتعيط وكانت نفسها أمها تكون معاها في ليله زي دي، زي كل البنات.. ما أنتي فاهمه بقي…وغير كده متوقعتش أن مرات عمي توصل بيها أنها تتهم كريمه أتهام زي ده..
تغيرت معالم وجه والدته للحزن وهتفت بتهكم…
ـ وأنت كنت مستني منها أيه غير كده..هي مكنتش تقصدك أنت ياعمرو..هي كانت قاصده تكسر فرحتي بيك وببنتها..وتقطم ظهر أبوك وتذله يابني…
رمقها عمرو بهدوء..
ـ مش ناويه تقوليلي أيه سر العداوه دي بقي..ياأمي..
أومأت والدته بالإيجاب وأردفت بهدوء..
ـ هو مش سر حربي يا عمرو..أما تروق وتهدي أبقي أنزل لعمتك تحكيلك كل حاجه….إنما دلوقت يادوب نلحق نسافر أبوك مستني تحت..
عمرو بدهشة..
ـ هتروحو دلوقت باتو للصبح..!
هتفت والدته بضحك..نبات فين بالجيش ده كله ياعمرو..
أنا بس لولا إتحايلت علي أبوك أقعد شويه علي ما أطمن عليك، وعلي كوكو..كان زمانا في بيتنا بناكل رز مع الملايكه..
ابتسم علي حديثها وهتف بغلب وصعبنه..
ـ يعني هتسبوني لعمتي خلاص تستفرد بيا..
لكذته والدته وهي تدلف من الغرفة..
ـ أحسن خليها تربيك..هطمن علي كوكو وأنزل..
ـ يا كوكو..كريمه..
نظرت لها عمتها بنظره فهمتها جيدا أن تبتسم وكأن شيئا لم يكن بعدما قصت عليها ما حدث..
فأومأت بصمت ومسحت دموعها سريعا..وهي تجيب زوجة عمها..
ـ أيوه يا مرات عمي أنا أهو..
اقتربت تميمه وجذبتها لاحضانها بفرحه..
ـ قلب مرات عمك أنتي..ألف مبروك يا مرات أبني ياغاليه..
كريمه ببسمه مصطنعه
ـ الله يبارك فيكي يا..
قاطعتها تميمه سريعا…
ـ من الليله تقوليلي ياا ماما..أو يا أمه زي ما البغل اللي قاعد بره دا بيقولي…
اومأت برأسها وشبح ابتسامه علي وجهها..بدأ بالظهور من القلب..
ـ حاضر يا ماما..
قبلتها تميمه بحنان علي جبينها وهتفت..
ـ قلب امك..انا سايبالك عمرو أمانه..خلي بالك منه ياكوكو..
هتفت بحب..
ـ في عنيا متقلقيش
جاءها صوته الممتعض من خلفها، وهو يسحبها من يدها ليحاوطها بذراعه..
ـ في عنيكي بس..طب وقلبك راح فين..هااا..
رفعت وجهها، ونظرت له بحيرة..كيف يفعل ذلك وواحد مكانه كان قتلها بيده…كيف؟
بادلها بإبتسامه مطمئنه أثلجت علي قلبها، فمالت برأسها علي صدره بقلة حيله..مستسلمه لقدرها الخفي..مردفه بشرود..
ـ طبعا في قلبي وروحي..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت مراد..
بعدما أوصل خلود لشقتها.. دلف للمنزل وجد شقيقته وأمامها مصطفي بملامح لا تبشر بالخير..فعلم أنها أخبرته الحقيقه..بالأمس بعدما عاد للمنزل..صدم بها وهي تصرخ عليه، تبكي بحرقه..
صراخ متتالي وهي تنادي علي خالته..التي أتت مصعوقه ترتجف..
شقيقته كانت منهاره حرفيا..وبدأت بسيل من الإعترافات له..
جعلتة واقفا متيبسا، لا قادر علي الحديث ولا علي الصمت..
حرب دارت بين قلبه وعقله..وخالته تبرر وتبرر وتكذب شقيقته..
ألا أن صرخ بهم أن يصمتوا.. وقعت عينه علي شقيقته
خوفها وضياعها في وجوده أشعرته بالدونيه، والوضاعه..كيف تتألم صغيرته هكذا؟
وكيف سيقابل أبيه، حينما يسأله عنها..
فتح ذراعيه لها..فإندست بهم تبكي بنحيب..
flash back..
ـ ششش أهدي..
ـ صدقني يامراد..والله اللي قولته كله حقيقه..
ـ مصدقك..والله مصدقك ياقلب أخوكي..
صرخت خالته به..
ـ دي كدابه متصدقهاش..
رفع هاتفه وضرب رقما ما.. وجده صدفه بالأمس وهو يتصفح الانترنت… مردفا بثقه..
ـ ألوو..الإداره العامه للمعلومات..
ـ ممكن توصلني بضابط الإتصال..
بالفعل تم تحويله للضابط الذي أجابه علي الفور..وبدأ يشرح له مشكلة شقيقته وما حدث معها بالضبط تحت أنظار خالته التي وقفت ترتجف كالفأر المذعور..تتوسله أن ينهي الإتصال..ولكنه لم يهدأ ولم يتراجع
أخبره الضابط بضرورة الذهاب غدا ل مقر وزاره الداخلية لتسجيل المحضر
بسكرين شوت من هاتف الشخص الذي تعرض للتهديد..سيتم من خلالها تحديد مكان الشخص في خلال 48 ساعه..وبعدها سيرسل المحضر للنيابه لاستكمال المحضر وسيسجل المحضر كجنحه ستصل عقوبتها للحبس والغرامة …
back..
أنهي أتصاله، مقررا الذهاب غدا لإنهاء هذه المهزلة وللأبد..كان يجب عليه من البداية أخذ حق شقيقته بالقانون ولتذهب السمعه والعادات الباليه هذه للجحيم..لن يسمح لأحد أن يأخذ شقيقته بذنب لم تقترفه يوما..
طرد خالته شر طرده بعدها، بعدما توعدها بأخذ شقيقته وإبنتها..وأن يضع جميع الأمور بنصابها الصحيح ولم لن يبني حياتة وحياة شقيقته علي الكذب أبدا، أخبرها أن تخبر مصطفي بنفسها الحقيقة وتمنع عنهم حرج بعد ذلك..وفعلت..
أبتسم ولاول مره يشعر قلبه بالراحه..لم يكن من هواة الخداع والكذب يوما..صديقة يستحق أن يعرف الحقيقه..وحبيبته أيضا..
ولكنة آثر الصمت الليله…لينتهي من شقيقته أولا…
جلس علي الأريكه بجانبها ، وسحب شقيقته بذراعه، يحاوطها بحمايه، قابلتها هي بصدر رحب وهي تدفن وجهها بصدره تنتحب بصمت..
زفر مراد بحزن، مردفا بهدوء لصديقه…
ـ عرفت الحقيقه مش كده؟
رمقة مصطفي بتهكم..وهتف بنبرة عتاب..وهو ينظر لمن أندست بين أحضان أخيها بغيرة تختبئ منه..
ـ اااه يا صاحبي عرفت..في حاجه تانيه المفروض أعرفها..
ولا خلاص كده؟
مراد بنفي..
ـ لا مفيش حاجه تاني..أظن كل حاجه دلوقت بقت علي نور…وأنت مش مضطر تكمل في جوازه ممكن تتسببلك في أي تعاسه بعد كده.. أو أحراج من أي نوع.. لأني مش ناوي أتخلي عن حق أختي مهما كان مين إللي أتسبب في أذاها.. تقدر تطلق أختي وتشوف حالك ياصاحبي، وأتأكد أن اللي بينا هيفضل زي ماهو..أخوات وأصحاب..
لا تعلم لما فكرة الفراق دبت الرعب بقلبها، ورفعت وجهها تنتظر رده علي حديث أخيها..أيعقل أنه لن يكون هناك أي مصطفي بحياتها..أستدفع ثمن تهورها بفراقه للأبد.. وهي من بدأ قلبها يتمرد عليها ويدق له حبا..
وقعت عينها بعينه التي ترمقها بحده كجمرة نار، فانكمشت سريعا بأحضان أخيها
سرعان ما انتفض مصطفي من مكانه، مردفا بما جعلها
ترتجف بأحضان شقيقها صدمة..
ـ الفرح الخميس الجاي، وحق مراتي محدش هياخده غيري..وأنت تخرج من الليله دي خالص…متشكر لخدماتك ياصاحبي..
رفعت رأسها تنظر له بصدمه..فبادلها بأخري جامده وأستدار تاركا لها البيت بأكمله..
فتحت فمها ببلاههه..
ـ هاااا..
ضرب مراد فمها بكف يده سريعا..هاتفا بضحك
ـ إقفلي بوقك ده..؟
كريمه بصدمه..
ـ هو قال إيه..!
مراد بقهقه..وهو يزيحها بغيظ عنه..
ـ إبقي أسأليه يافالحه..
تذكرت كريمه وهتفت بقلق..
ـ طب وكريمه..أنا قلقانه عليها أوي..
مراد بشرود وهو يصعد الدرج..
ـ متقلقيش عمرو بيعشقها…وإللي بيعشق مبيأذيش..هو أحن عليها مننا..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمشفي
دلف رائد للغرفة حيث ترقد هي بتأفف..
جلس بجانبها علي الفراش، يبتسم عليها وعلي غضبها المحبب لقلبه..
رمقته بحده وهتفت بغيظ، وهي تحاول نزع الكانيولا من يدها
ـ انا عاوزه أمشي من هنا..أنا زهقت..أف..
رائد بحب وهو يمد يده ليمنعها من نزع الكانيولا.. مردفا بحنان..
ـ طب أهدي بس..المحلول ده يخلص وهنروح ياميسم..
ميسم بعناد..
ـ قصدك تروحني وتمشي..أنا عاوزه ماما..وديني لماما يارائد..أنا كويسه أهو..
رائد بصبر..
ـ حاضر ياميسم أللي انتي عاوزاه هعمله..بس أهدي عشان متأذيش نفسك، وأللي في بطنك..الحمل مظهرش عالسونار وللأسف نسبته ضعيفه جدا..والدكتور قال لازم ترتاحي..مش تتعفرتي كده..
ميسم بغضب..
ـ متمثلش إنك خايف عليا..أنت كسرت فرحتي يارائد..وأنا مستنياك طول اليوم عشان أقولك..ياريته كان…
قاطعها رائد سريعا بغضب.
ـ أوعي تنطقيها تاني…ياميسم..كفاية لحد كده..من الصبح مستحمل جنانك عشان عارف أني غلطان..وأنك هنا بسببي
بس ياريت متسوقيش فيها..عاوزه تسيبي البيت وتروحي بيت أبوكي..تمام هوديكي..بس أعرفي أن اللي في بطنك ده لو جراله حاجه هيبقي أنتي المسؤله..
ترك يدها، وأنتفض من مكانه…هاتفا بجمود..
ـ هروح أجيب الدكتور يطمن عليكي ونخرج..
دلف للخارج..وهي تتبعه بأعين متسعه من الصدمه…
ـ أبهذه السهولة سيتخلي عنها..أحقا سيتركها تبيت بمنزل غير منزله..أين ذهب وعده لها أذا، بأنه لن يتركها تبتعد ليله عن أحضانه..
عبست بشفتيها وهي تقاوم ألا تهطل دموعها..خوفا علي جنينها، بعدما أخبرها الطبيب أن لا تنفعل فحملها ضعيف مهدد بالفقد بأي لحظه..
ـ يعني كدا تمام يادكتور، نقدر نخرج..
الطبيب بمهنيه..
ـ أيوا بس لازم تمشي عالعلاج ده مظبوط، وتاخد مضاد الجلطات ده بإستمرار..وعلاج الانيميا لان نسبتها عاليه ودا اللي سببلها حاله الاغماء اللي حصلتلها الصبح..مع المحافظه طبعا في الاكل..وزي ما قولتلك الحمل ضعيف جدا..ومحتاج متابعه واهتمام.. ولازم تآخد الميبت في مواعيده.. وأشوفكو ان شاء الله بعد أسبوع نعيد التحاليل تاني، ونتأكد من الحمل أذا كانت نسبته بتعلي في الدم ولا لا؟
ـ تمام شكرا يا دكتور..
ـ العفو عن أذنكم..
بعد نصف ساعة..
كان يقود السياره بجانبها بصمت..فقط يرن هاتفه كل بعض الوقت بإسم جده يطمأن عليه..
دلف للبلده، لاحظت أنه يسلك طريق بيت والدها..فهتفت بتردد.
ـ رائد..
ـ نعم..
ـ أنت هتوديني بيت بابا..؟
رمقها بجمود وهتف ببرود.
ـ مش أنتي عاوزه كده؟
سالت دمعه وحيده من عينها وأومأت بصمت..
فزفر بحزن..ومد يده سريعا وجففها بمنديل إلتقطه من أمامه..هاتفا بهدوء..
ـ أنتي عاوزه أيه يا ميسم؟
ـ أنت زعلان مني ليه؟
ـ أنا عمري ما أزعل منك..أنا بس متوتر وقلقان وأنتي عارفه..
رمقته بإمتعاض وهتفت..
ـ عارفه..بس أنا ذنبي أيه؟
ـ ذنبك أنك نقطة ضعفي الوحيده ياميسم وبيضغطوا عليا بيها…أنتي مش عارفه أنا كانت حالتي عامله إزاي وأنت كده انهاردة؟..وأول حاجه فكرت فيها أنهم اذوكي، وكلتي حاجه من تحت..بقيت عامل زي الفرخه اللي بترفرف، ولولا رحيم أتصرف عني وفوقك، هو ومرات عمي مكنتش هعرف أعملك حاجه، أنا كنت زي المشلول مش عارف اعمل إيه؟
شوفي أنتي عاوزه أيه ياميسم وانا اريحك..؟
رمقته بحزن..وهتفت..وهي تمد يدها تمسك بيده..
ـ أنا عوزاك أنت..هروح معاك مش هعرف أبعد عنك..
عادت الفرحه تزين عينيه، وهتف بلهفه..
ـ بجد يا ميسم..هتروحي معايا..
أبتسمت وهزت رأسها..
ـ أيوا..أنا كعقدرش أبعد عنك أصلا..
زفر براحه وهو يغير مسار طريقه لبيت جده..مردفا بتأكيد..
ـ ما دام هتروحي معايا..هاوديني في إللي هقوله ماشي..
نظرت له بتساؤل..
ـ هتفهمي أما نوصل..
اومأت برأسها بلا مبالاة، وهتفت..
ـ طيب..
ـ أيوا كده يا أم العيال، أحبك وأنتي مطيعه..
ميسم بإستنكار..
ـ عيال؟
ـ ااه عيال..قلبي حاسس أنهم توأم..
ـ ياسلام..أذا كان أساسا مفيش حاجه ظهرت في السونار..عرفت إزاي أنت بقي..
رائد بفخر..
ـ قلب الأب..
ـ يا سلااام..
ـ وحياة عبدالسلام..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلف للمنزل بلهفه..يبحث عن والدته..وهي خلفه
تنظر للبيت بشرود..لا تعلم لما قبض قلبها وكأنها تدلف لمقبره للموتي..
هذا البيت به رائحه غريبه..شعرت بالأختناق بمجرد الدلوف من باب المنزل فقط…أذا كيف ستتعايش هنا..
بينما هو يخطف الدرج باحثا عن والدته..هاتفا للمرضه بصراخ..
ـ هي فين، انطقي، وكنتي فين لما وقعت.؟
اإبتلعت الممرضه ريقها بصمت وأشارت للأعلى..
ـ فوق يا معاذ بيه..
رمقت خديجه الممرضه بحزن، بادلتها الأخري بحزن أكبر وندم..علي اشتراكها بخطه كهذه، ولكن ليس بيدها حيله..
لتنتهي من هنا وتذهب للابد..
دلف لغرفة والدته وجدها تنتحب بدموع مزيفه، تحاول جاهده أن تصطنع البؤس علي وجهها..
معاذ بلهفه…ماما حبيبتي..مالك بس..انا هنا أهو …
أشاحت وجهها عنه بإصطناع الحزن منه..
فهتف معاذ وهو يقبل يدها..
ـ حقك عليا ياماما..مش هسيبك تاني أبدا..
نظر لقدمها المجبره بندم..
ـ وقعتي إزاي بس ياماما..والممرضه دي بتعمل إيه، أومال بتاخد فلوس علي إيه..من الصبح هدورلك علي وحده تانيه..
أدارت وجهها بسرعه وهزت رأسها بالرفض..
ـ إيه عاوزاها..بس دي مهمله..ومخدتش بالها منك..
رفعت هاتفها وكتبت له..
ـ لا ياحبيبي..هي مذنبهاش حاجه..انا اللي اصريت انزل لوحدي بدون مساعدتها..سيبيها هي ملهاش ذنب..أنا عوزاها..
اومأ معاذ برأسه..وهتف بتنهيده..
ـ حاضر ياأمي إللي يريحك..
دلفت للغرفه الموجوده بها حماتها التي أشارت لها الممرضه علي مكانها..وهتفت..
ـ السلام عليكم..
انتفضت أماني، ورفعت رأسها تنظر لها بصدمه.. رغم أنها توقعت أن تفلح خطتها ويأتي بها لهنا..
اقتربت خديجه منهم بعدما مد معاذ يده لها لتأتي بجانبه..
ـ معاذ بإبتسامه…
ـ ماما..طبعا عارفه خديجه..مراتي..
رمقتها أماني بشر قبل أن تبدلها سريعا بحب مصطنع..
وهزت رأسها بالإيجاب، ولكن خديجه رأتها جيدا..انكمشت بسرعه داخل أحضان معاذ..
وهتفت..
ـ الف سلامه علي حضرتك ياطنط..
استمرت حرب النظرات الخفيه بينهم، إلا أن رن هاتف معاذ برقم محمد..
تجاهله في البدايه مبتسما بإنتصار..ولكن مع إلحاحه اضطر للرد عليه..وقبل أن يجيب ، سحبها من يدها لينهي حرب النظرات تلك التي لم تخفي عليه.. ولكنه تركها قصدا
فلم يحن أوانها بعد..
زفرت براحه..وهو يدخلها بيده لغرفتهم..مال مقبلا ثغرها بترو هامسا لها بشفتيه..
ـ بحبك..
ـ وانا كمان..
خرج واغلق الباب عليها..
وسرعان ما أتاه صوت محمد الساخط..وهو يجيب عليه
ـ أنت يابني آدم أنت..دي عامله تعملها فيا..
معاذ ببرود..
ـ عملت إيه؟
محمد بجنون..وهو يدور حول نفسه بالحديقه أمامه ريتا تجلس علي المقعد تلاعب اطفالها..وفوقه هي ترمقه بعداء واضح من شرفة غرفتها..
عداء وغضب لم تدخر جهدا لتداريه عنه..بعدما انقضت عليهم ريتا صديقتهم الانجليزيه التي تعرفوا عليها أثناء دراستهم..
ـ بقي كده يامعاذ..تبعتلي ريتا لحد عندي وأنت عارف اللي فيها..
معاذ بإمتعاض..
ـ يعني كنت عاوزني استقبلها عندي وخديجه تقتلني..
محمد بغضب يحاول كبته بصعوبه..
ـ وهي جيالي أنا..، ريتا عاوزاك أنت..وأنت عارف
معاذ بهمس وهو يتلصص بعينيه يمينا ويسارا..
ـ وأنا أعمل أيه يامحمد..ما انت عارف أنا حاولت أفهمها ميت مره إني بحب خديجة..ولا يمكن أتجوز غيرها..بس هي مصممه..وبعدين انا خلاص اتجوزت والحمدلله..قولت أبعتهالك يمكن تعمل معاك شغل حلو..
محمد بإستنكار..
ـ شغل..شغل إيه اللي هتنيله ريتا..دي بوظت كل خططي في ثانيه بعد ما سولاف بدأ قلبها يحن عليا..جت طينت الدنيا..لا وداخله بقلب جامد تبوس وتحضن..
معاذ بخبث..
ـ بس هو دا؟
محمد بغضب..
ـ هو إيه اللي هو دا..انت الجواز لحس مخك ولا أيه؟
معاذ بزفره..
ـ ياجدع أفهم..خليها تغير من ريتا، وشوف رد فعلها وهتدعيلي..
القي محمد نظره علي شرفتها..ولم يجدها..فهتف بتهكم..
ـ غيره..أنت اتجننت يا معاذ.. أنت عارف أن محدش مريض بالغيرة غيري..
ـ بتهيألك وهتشوف..
لم يكمل كلامه إلا وهي تندفع بإتجاه الطاوله..تسحب طفليها بحده من يدهم..
ـ هيا للاعلي..لقد تأخر الوقت..
اغلق الهاتف بوجهه معاذ الذي زفر براحه من تخلصه من ريتا مردفا..
ـ معاك ربنا بقي ياصاحبي..هييه ربنا يقدرنا علي فعل الخير..
هتفت ريتا برجاء لها..
ـ أتركيهم معي قليلا..مازال الوقت مبكرا..
رمقتها سولاف بعداء اأجفلها..وهتفت بغيظ وهي ترفع سبابتها بوجهها..
ـ لا تدخلي انتي بنظام أولادي..
محمد بصدمه..وهو يرمقها بعتاب علي طريقة كلامها الجارحه.
ـ سولاف..!
اقتربت منه وهتفت بغيظ..
ـ نعم..خير..عاوز ايه؟
محمد بعتاب وتلاعب وهو من داخله قلبه يرقص طربا علي غيرتها الظاهره للعيان..
ـ ليه بتكلميها كدا..دي مهما كان ضيفة عندك..
جزت علي أسنانها..وهتفت بغيظ..
ـ ضيفتك وأنت حر فيها..مش ضيفتي ولا اعرفها..ومش مسموحلها تقرب من ولادي..فاهم..
رفع يديه للاعلي هاتفا بمراوغه..
ـ فاهم ياسولاف هانم..اللي تشوفيه..
وصلها تلاعبه بها..بسهووله
فهتفت بغيظ..
ـ محمد..
ـ عيون محمد..
ضربت الأرض بقدمها وسحبت أطفاالها خلفها للأعلي سريعا..تتمتم بغيظ
ـ مستفز..
قهقه عليها وهتف
ـ سمعتك ياناري… جرب نار الغيره..وقولي.
نقلت ريتا عينيها بينهم، وهتفت بدهشه لمحمد..
ـ أهذه هي سولاف؟
محمد بعشق…وهو يضع يده علي قلبه..
ـ نعم هي، معذبة الفؤاد..
ـ أنها تغار محمدد..مازالت تعشقك إذن…
حك رأسه ببلاهه..
ـ أعتقد ذلك..
نظرت له ريتا وانفجرت بالضحك عليه..
ـ أنت غير معقول يارجل…
ـ أنا اعشقها.
ـ هل تريد بعض المساعده.؟
ـ يبدو ذلك
ـ لك هذا..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انتفضت كريمه من مكانها وعمرو يحكي لها ما حدث..
ـ مش ممكن..ماما تعمل فيا أنا كده..مش معقول…أبدا..
طب وال…
عمرو بحب..أنت صاغ سليم ياقلب عمرو..
ـ إزاي؟
ـ هحكيلك..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد يأتيك أحدهم إلي قلبك لاجئا..متعبا من الدنيا وأحوالها..فلا تزيدها عليه بكثرة الاسئله..
فقط أبسط ذراعيك له..ليحتمي بك من الدنيا وأوجاعها..
كن سكنا له..فسيأتي يوم وسيكون هو ملجأك الوحيد..
سيأتي يوم وتري بعينيه دفئا يغنيك عن شمس الدنيا حتي لو كنت في شتاء قارص..
وبين ذراعيه راحة وأمان..وبأحضانه يتحقق عالم الأحلام..
سيبثك بكل جوارحة السكينه، وسيبذل قصاري جهده..ليوفر لك الإطمئنان..
فإسكنوا القلوب..وحسنوا سكناكم..وحطموا الشواذ..
إدخلوا القلوب من أوسع أبوابها..فطارق القلوب مكرم لا يهان…

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق