رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الثالث عشر
.
ـــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم..
إلهي أذهب البأس ربّ النّاس، اشف وأنت الشّافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا، أذهب البأس ربّ النّاس، بيدك الشّفاء، لا كاشف له إلّا أنت يارب العالمين، اللهم إنّي أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل، أن تشفيه وتمدّه بالصحّة والعافية، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
ادعوا لشقيق العضوه ولاء، حسن بالشفاء، ربنا يشفيه ويعافيه يارب..ولمرضانا ومرضي المسلمين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(بدايات ونهايات)
وقفت تنظر له، ولاطفالها،بغصه..وغصبا عنها شعرت بحرقة تأكل بقلبها..هي السبب بكل ماهو فيه الآن..لو لم ينقذ حياتها، لما صابه كل هذا..
سالت دمعه وحيده علي خدها، كحالها، محتها سريعا، حينما رفع وجهه ووقعت عينه عليها..
أبتسم لها ورفع معتز علي يديه..صائحا بعلو صوته..
ـ ماما أهي..نادي عليها..
ابتسمت لطفلها وأشارت له بيديها..
أنزله وفعل المثل مع شقيقته..ثواني وأنزلها..
همت بالدخول..فوقعت عينها عليه وهو يحاول أن يخبرها شيئا ما بشفتيه..بلا كلام..
تسمرت قدميها بالارض، بعدما فطنت لحديثه، ومايفعله..
يرسم لها بيديه قلبا في الهواء ويهمس بأحبك..
وضعت يدها بلقائيه علي قبلها..
ـ هل خفق قلبها؟هل حن ذلك اللعين لعشقه، وتذكر الماضي..
ماذا يفعل هذا المجنون..
رفع سلساله المخفي بين طيات صدره، ومد يده به ليريه لها، يخبرها أنه مازال هنا، بمكانه، كما وعد..
قربه من فمه، وقبله مره بعد مره..ولكن خانته تلك المره حنجرته، فخرج اعترافه بعشقها شبيها بالصراخ..
ـ بحبك ياسولاف..بحبك..
شهقت بصدمه ودلفت للداخل سريعا، حينما وصل لمسامعها صوت الجد يصيح عليه، ويخبره أن يتأدب بالحديث في وجوده….
عادت بظهرها للخلف خطوتين، تكتم صوت بكاءها، وضحكاتها معا..
تهز رأسها وكأنها جنت تماما..فصدمت بأحدهم..
يخبرها بحزن..
ـ مش أنتي السبب يا سولاف..؟
أخذت ثواني لتستعيد توازنها قبل أن تلتف لها..لا تريد لأحد أن يري ضعفها بعد الآن..يكفي، لتستعيد روحها المقاتله..
يكفي ضعفا، ومرضا..
التفت لها ببطيء، ورمقتها بنظره تهكم..وصل مغزاها لفريده بسهوله..وإستدارت وكأنها لم تستمع لشئ..أو هكذا ظنت فريده..لم تدري أنها أستدارت حتي لا تتوسلها لتبرد علي قلبها، وتخبرها الحقيقه..لقد أنهكها التعب والشعور بالندم..
إغتاظت فريدة من لا مبالاتها، فجذبتها من ذراعها بحده، وأطلقت العنان لكل ما تود قوله لها دفعة واحدة.
نظرت لها سولاف بصدمه…وصاحت بغضب عليها..
ـ سيبي أيدي يا فريدة أنتي أتجننتي..؟
فريده بغضب مكبوت، سحبتها من يدهار ودفعتها بعنف، أسقتطها علي الفراش، فرمقتها بذهول..
ـ لا أنتي أتجننتي خلاص..
فريدة بغيظ منها..
ـ لا متجننتش، ياست سلاف أنتي أللي خلاص، قفلتي قلبك وعقلك، وكان لازم تسمعي الحقيقه، بأي شكل..
أنتي لازم تسمعيني وتفهمي اللي هقوله كويس أوي…
من زمان وأنا عاوزة أحكيلك الحقيقه، بس حضرتك في كل أجازه كنا بنيجي نزورك فيها، كنتي أسألك منفسكيش تسمعي الحقيقه.. وبكل برود كنتي بترفضي، وأظن بقي دلوقت.. آن الآوان عشان تعرفي الحقيقة بقي..
وبعدها ليكي مطلق الحرية..يا تمدي أيدك وتآخدي فرصتك من الدنيا، ياتبعدي من هنا، وأنا بنفسي أللي هطلب من جدي يسيبك براحتك..وأن رفض ههربك بأيدي..
رمقتها سولاف بوجع وأردفت بذهول..
ـ أنتي بتقولي أيه؟، دا كله عشان أخوكي..
صاحت فريدة بها بحرقه…
ـ أخرسي ياسولاف، ومتلخبطيش في الكلام، أنتي عارفه أن أنتي، ومحمد قطعه من روحنا كلنا، ومفيش حد بيميز حد منكم عن التاني، بس لحد كده وكفايه، عاوزة تفهميني إن قلبك ده، مبيوجعكيش عليه، وهو بيترجاكي تسامحيه، مبتتألميش لما بتشوفي ولادك في حضنه ومتمسكين بيه..
طب سيبك من دا كله..قوليلي ياسولاف..
محمد وأللي عمله زمان، كان هو محمد أللي روحه فيكي..
لو فكرتي بعقلك كنتي عرفتي الحقيقة لوحدك..كنتي بكيتي عليه بدل الدموع دم..
صاحت سولاف بها بوجع..
ـ فكرت كتير، واتوسلته زمان وكان ناقص ابوس رجله، قولتله بلاش تضيعني، بكيت وأترجيته، وهو داس عليا وحتي مدنيش فرصه أن أختار واقرر حياتي بنفسي..
صرخت فريده بوجهها، وجذبت من ذراعها للشرفه، أشارت علي اطفالها..
ـ ودول كنتي هتجيبيهم أزاي؟
كنتي هتقدري تعيشي طول عمرك من غير أطفال ياسولاف..
غصبا عنها قبض قلبها، ما الذي تهزي به هذه؟
نفضت ذراعها من يدها..ونظرت لها بحده واردفت بهجوم..
ـ ملكيش دعوه بولادي يافريده..
أردفت فريده بتهكم..
ـــ آااه ولادك، أللي من يوم ما رجعوا، وهما في حضن محمد..
نظرت له بصدمه، وأجابتها بحرقه..
ــ ولادي صغيرين يافريده، وطبيعي يتعلقوا بمحمد لأنه الوحيد أللي فاهم لغتهم، وبيعرف يتكلم معاهم..
نظرت لها فريده بتهكم..واقتربت من وجهها، هامسه لها بتهكم..
ـ كدابه؟
رمقتها سولاف بصدمه..وصاحت..
ـ فريده..!
لم تهتم لها وأكملت..
ـ كذابه، أيوا كدابه، دول كأنك مرضاعهم عشق محمد، عشق محمد، زي ميكون ورثوه من عشق أمهم لمحمد..
وضعت يدها علي أذنيها، وهي تعريها أمام نفسها، وتجلدها بكلماتها..
ـ أخرسي بقي يافريده، أنتي عاوزه أيه؟
فريده بحزن..وتهكم..
ـ مش عاوزه حاجه…أنا جايه أقولك الحقيقه، أللي متخلكيش تحسي بالذنب، وتفوقي لنفسك، ولولادك أللي ملهومش ذنب دول، وتخرجي برا دايرة الذنب أللي حوطتي نفسك فيها دي..
دفنت وجهها بكفيها، وهمست بوجع..
ـ وتفتكري في سبب يخليني محسش بالذنب، أنتي مش فاهمه حاجه، أنا تعبانه، وحاسه إني بدور في دايرة ملهاش أول ولا آخر..أرجوكي لو كلامك هيزود عذابي أسكتي، معنديش أستعداد أسمع يا فريده..أرجوكي..
ـ بس أنتي لازم تسمعي؟
ـ أسمع أيه؟
أن عقم محمد مكنش بسبب فشل الكلي وتبرعه ليكي..، دا بسبب حاجه تانيه خالص، ولولا أصلا اللي حصل لمحمد مكناش لحقناه، وبقي في وسطينا دلوقت..
ربنا مبيجبش حاجه وحشه أبدا..وأللي حصل ليه وليكي، كان خير يكمن في الشر..
صمتت بذهول مما تلقيه فريده عليها، فأكملت فريده
ـ كان عنده تدريب في الكليه، ولسوء حظه مكنش اكتشف لسه أنه مريض سكري، واليوم ده كان عنده تدريب قفز..
وهو خلاص بيستعد للقفز حس بدوخه، ومقدرش يسيطر علي نفسه، ولا قدر يخالف الامر، فنفذ الأمر..
وللاسف ، وقع واقعه جامده، ومن قوتها مبقاش قادر يحدد فين الوجع بالظبط..
فاق بس كان حاسس بوجع، بس ماهتمش ، فات يوم والوجع بيزيد، وبينتقل لحاجات تانيه في جسمه، وتاني يوم الوجع زاد وبقي تورم في أماكن برده حساسه، لحد ما قلب بحراره وقئ، وهنا جسمه أنهار مقدرش يستمر..
حولوه علي المستشفي العسكري، وهناك عملوله كشف شامل وللأسف كانت الصدمه، أن الوقعه عملتله
torsion of the testicles، وللأسف كان حالته أتأخرت كتير، ووصلت لمرحله لازم عمليه أستئصال، لو كان أهتم بتعبه وكشف في الاول كان يمكن موصلش لكده بس نصيب….وطبعا في حالة زي دي أنتي عارفه نتيجتها العقم..لأنه أستئصال كامل ياسولاف..
سولاف بذهول مما تسمعه..
ـ أنتي بتقولي أيه؟
أكملت فريدة تنهي ما بدأته، لن تتراجع..
ـ بعدها أتوالت المفاجأت ..بدأ يتعب بكليته أللي فاضله كتير، كل ده وأحنا منعرفش وهو مخبي علينا وكل ما نكلمه يقول كويس، لما كان بيغيب عنك بالساعات كان نايم بسبب المخدر والعلاج..
سالت دموعها وهزت رأسها بالرفض..
وفريدة تلقي بوجهها الحقائق..
كليته بطلت تقوم بواظيفها، واصيب بـ فشل كلوي..
وطبعا كان بسبب أن محمد كان مريض سكر أصلا واللي تقريبا ورثه عن بابا الله يرحمه..، وهو ميعرفش لحد مالسكر بقي يعلي بطريقه جنونيه، ومبقاش ينفع معاه غير الانسولين..
تصوري كدا معايا، راجل عقيم، والفشل الكلوي آثر علي قدرته كراجل ، راجل عايش ميت..
مكنش في حل غير انه يلاقي متبرع، ينقذه من أللي هو فيه، وطبعا ده مش سهل، وأحتمال اصلا ميحصلش وأنه يفضل يغسل كلا العمر كله..
مكنش في قدامه غير أنه يخليكي تعيشي حياتك، حتي لو علي حساب نفسه، وبدأ فعلا يكرهك ويبعدك عنه..ونجح في ده..نجح أنه يكره الكل فيه، مش أنتي بس.
كلنا كنا بنتحسر عليكي ونسينا نبص في عينه أللي كانت بتحكي ألف قصه وألف وجع..
الكل كان مستغرب، بس مكنش حد يعرف الحقيقه غير فهد.
ـ فهد؟
ـ آه فهد، وطبعا مش محمد أللي حكاله..
القائد اللي اتوسط لمحمد يدخل الأكاديمية الطبيه، يكون صديق لفهد، وهو اللي بلغ فهد، لما لقي حالته بتسوء ولازم عيلته تقف جنبه…
انتفضت من مكانها بحده..
ـ انتي عاوزه توصلي لايه؟،تفهميني اني اخويا شافني بتعذب وسكت..كان عارف بكل أللي بيعمله محمد..وأنه بيمثل، وساعده..
شاف جرح محمد وظلمه ليا، وساعده كمان..أنتي عارفه بتقولي أيه؟
حرام عليكي يافريده، ليه عاوزه تصدميني في أخويا كمان ليه…
أكملت فريده دون أن تضعف من بكاءها وشهقاتها..
ـ محمد كان بيموت، كان رافض كل سبل العلاج، وشرط علي فهد أنه يساعده في إنك تبعدي مقابل أنه يتعالج..
ولأن فهد كان شايفه بيموت بالبطئ، فقرر يساعده..،حتي أنا محمد خبي عليا الحقيقه، ولولا شنطته أللي نسيها عندي، وبحكم شغلي كطبيبه قدرت أفهم اللي فيها..مكنتش نفسي هعرف..
يوم فرحك فهد أعترف لجدي بالحقيقه، وسافر هو ومحمد بعد ماودعك، واتفاجأنا أن كيان سافر وراهم، لأنه كان شاكك فيهم من الاول…
وهناك اكتشف الحقيقه المره، محمد كان مسافر و داخل العمليه، ومفكر أن الطبيب صديق القائد أللي وصاه عليه، لقاله متبرع ، بس الحقيقه أن المتبرع كان فهد نفسه، وأنه كان بيتواصل مع الطبيب، وأتأكد أنهم الاتنين فصيلتهم متوافقه مع بعض …
والحمدلله العمليه نجحت، ومحمد صحته أتحسنت، بس ربنا حرمه من أنه يبقي أب طول عمره ، وزي ما أنتي شايفه لسه مريض سكري..وراضي..
صمت تام عم الغرفه بأكملها، ألا من صوت شهقات سولاف المتتاليه..
فأردفت فريده بحزن..
ـ أنا خلصت كل اللي عندي، مفيش حاجه مقلتهاش ليكي..
مدت يدها بحقيبه صغيره، واعطتها لها..
ـ ودي كل الأوراق، والاشاعات اللي تخص حالة محمد، شيلتها عندي، لان كنت عارفه أن هيجي اليوم أللي هتعرفي فيه الحقيقه، كل حاجه معاكي دلوقتي..تقدري تعرضيها علي أي طبيب مختص هيأكدلك كلامي..
أعطتها ظهرها ودلفت للخارج، بلا حديث، لقد وضعتها علي أول الطريق….ويجب عليها هي السير بطريقها وحدها..بأرادتها الحره..
ألقت نظره علي الحقيبه بجانبها، وأزاحتها عنها بعنف..دفنت وجهها بين كفيها ، وانفجرت بالبكاء..
نصف ساعه..وكانت تنتفض من علي الفراش..حينما تذكرت جارتها الطبيبه بإسبانيا، متخصصه بمجال العقم والذكوره..
هاتفتها وأرسلت لها كافه الصور والاشاعات عبر احدي التطبيقات..
مرت عليها الدقائق كالدهر..دموعها تسيل بلا أرداه، تدعو الله بقلب ملتاع، أن يكون كل هذا كابوس وستفيق منه..
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فسرعان ما شهقت واضعه يدها علي فمها تكتم شهقتها بيدها، وهي تستمع لما تقوله لها جارتها..
كل ما اخبرتها به فريده أذن صدق….
لم تستطع أن تستمع لحرف واحد بعد..أغلقت الهاتف سريعا وقذفته أرضا..تكورت علي الفراش ودفنت وجهها بين قدميها، وشرعت تبكي بحرقه..تهتف بأسمه بلوعه..
ـ محمد..يامحمد..
ــــــــــــــــــــ
بالسياره..
اوقف رائد السياره أمام منزل الجد راشد..يحاول جاهدا أن يجعلها تكف عن البكاء، قبل أن يرحل ويتركها هنا، ولا فائده..
زفر بحزن..
ـ ميسم، عشان خاطري كفاية بكي بقي..
عبست بشفتيها ورمقته بإمتعاض..
ـ رائد أنت مخبي عني أيه، أنا خايفه أوي..
رائد بصبر..
ـ هو أنا مش قلتلك أول ما أوصل هحكيلك كل حاجه.
هزت رأسها بالرفض..وبرجاء..أكملت..
ـ طب عشان خاطري، برد قلبي يارائد، أنت عارف أنت رايح فين؟ أنت رايح للمطاريد برجليك..
أبتسم وهو يجذب كف يدها بين يديه، يقبلها بترو، وحنان..
مردفا بهدوء..
ـ المطاريد دول حبايب الجد راشد..ومن زمان تابوا وبقوا في حمايه الجد راشد…وجدي متولي،هما آه يموتوا في الفلوس، بس مش مهم، يآجل الورد..
ـ طب مخدتش جدك معاك ليه؟
ـ لأن انا مش حابب جدي يعرف حاجه دلوقت عن الموضوع أللي رايحله..
عشان كده جبتك هنا، بحجه أن أنت تقعدي مع سولاف..عشان عارف هيقعد يقررك..
يعني اطمني…مفيش قلق..
ـ بجد؟
ـ بجد، ياقلب رائد…ويالا انزلي بقي اتأخرنا..
ـ يالا..
ــــــــــــــــــــــــ
بعد ساعه….يفترشا الفراش، و سولاف تبكي بين احضان ميسم بحرقه…
ميسم بحزن..
كفايه ياسولاف حرام عليكي، أنا مش فاهمه أنتي بتبكي ليه، احكيلي..أنتي مخبيه عني أيه؟
ابتعدت سولاف عنها، وجففت وجهها، لن تخبر أحدا بما علمته.يكفي هذا القدر من الوجع..ولكن..
يجب أن تتحدث معه..تشعر بأن قلبها اللعين عاد يدق بقوله مطالبا بوجودها بجانبه..وألي هنا، ولعبت هرموناتها اللعينه بجسدها..
تريده الآن..وحالا..
انتفضت من مكانها..وتركت ميسم
ميسم بصدمه..
ـ رايحه فين ياسولاف؟
ارتدت عباءتها، ولفت حجابها بعشوائيه، وهبطت للاسفل..
تبحث بعينها عنه..
ضربت ميسم كفيها، وأردفت بصدمه..
ـ أيه الجنان دا..سولاف استني رايحه فين؟
بحثت عنه بكل مكان ولا أثر له..
رأت طفلها يلعب بالحديقه، فأقتربت سريعا منه..
وبهمس بأذنه سألته.. جذبها بيده للحديقه الخلفيه، وأشار لها عن مكانه..
يتحدث بالهاتف، معطيا ظهره لها، تحسبه لم ينتبه لها..
أغمضت عينيها، ولم تعد تدري ما، أو ماذا تقول؟
ولكن وجدت لسانها يهتف بتلقائيه..
ـ عاوزه أروح عند البحيره..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالاسفل أمام بيت رضوان..
يقف معاذ يتوسل لأبيه وخالته، أن يبيتا معه الليله..ولا يسافرا الآن..
ـ أنت رايح فين يا بابا، إزاي أسيبكم تسافرو اسكندرية دلوقت،أنتو هتباتو معايا، في بيتي وتسافرو الصبح…
الوقت اتأخر، بالله عليك يابابا..ومش هبقي مطمن عليكم..
ماتقولي حاجه ياخالتو، ينفع كده
حسين بحنان..
ـ متقلقش ياحبيب أبوك، هو في احلي من السفر بالليل..
عارف يا معاذ أنا انهاردة بس حسيت أني تميت الرساله، أنت والحمدلله، أخدت اللي بتحبها، وأخيرا شوفت الفرحه علي وشك، واختك وربنا جبر بخاطرها بعد سنين من قله الخلفه.. متصورش يامعاذ انا فرحان ليكوا قد إيه، ومش عاوز حاجه من الدنيا يابني، ألا سعادتكم.. خلي بالك من نفسك يامعاذ، واوعي في يوم تتخلي عن أختك وأمك، انت سندهم من بعد مني..
ومراتك..خليكي أبن أصول معاها يامعاذ
معاذ بوجع بقلبه.
ـ أيه اللي بتقوله دا ياحس بس، دا أنت الخير والبركه..أنت بتودع ولا إيه؟ولا بتهرب بقي إنك تبات معايا، هو أنا موحشتكش، ولا إيه؟
ايمان بحب..طب بزمتك أنت، ينفع اسيب اختك في ظرف زي ده، وهي لسه والده،والعيال مبهدلينها، وغير الواد تيم اللي لازق للبت، ومصمم يجوزها، ويقول بتاعتي أنا، وأختك وتيم زي اللي مولودين فوق روس بعض، دا يقولي بتاعتي، ودي تقوله بعينك..
دانا لولا معزتك عندي عمري، ماكنت سيبتهم أبدا..
معاذ بغيظ..
ـ بتلوي دراعي ياامونه..وكنتي عاوزه تتخلي عني في ليلة جوازي
ـ قلب أمونه انت..مقدرتش والله، ربنا يفرحك ويسعدك.. عقبال ما أشوف عوضك أنت كمان..
ربنا يريح قلبك وبالك يا معاذ..
بس صدقني مينفعش..يدوب نلحق نسافر والجو حلو أهو..مش هنعرف نسافر الصبح في الصيام..
ـ طب سافرو طيران، بلاش بالعربيه..
حسين بحب..
ـ مش مستاهله والله يابني ..وبعدين دول هما ساعتين سفر، أطمن أنت، وعيش الفرحه اللي اتمنتها من زمان..
معاذ بقبضه بقلبه..
ـ يابابا بس..متقول حاجه ياعم رضوان..
رضوان بحزن..والله يابني قولت كتير، واتحايلت عليه يبات معايا أنا حتي، مرضيش..
ربت حسين علي كتف رضوان، مردفا بحب..
ـ منحرمش منك يا رضوان، مش هوصيك علي معاذ، خلي بالك منه، وحنن قلب خديجه عليه..
رضوان بعتب..
ـ كده بردو ياحاج، دا معاذ دا نور عيني ربنا يعلم معزته في قلبي عامله إزاي، دا أبني أللي ربنا رزقني بيه….
حسين بود..وهو يتقدم للأمام مع رضوان
ـ عارف يارضوان..عارف، متنساش أللي اتكلمنا فيه، وافق يارضوان، الواد ده كبر في نظري أوي، لو كانت نيته مش تمام، مكنش حكالك..أوعي تفرط في الأصيل يا رضوان..
في فرق كبير بين ولاد الاصول،وبين أللي معاهم فلوس..
ومراد دا أصيل..وابن أصول..
ـ عندك حق ياحسين..أنا تعبت ومراتي تعبت ومش عارف أمتا هيحين الآجل، وخايف أموت قبل مااطمن علي خلود..
ـ تعيش وتجوزهم يارضوان..
ربنا يراضي قلبك بيهم، ولو عوزت أي حاجه، أوعي تتردد ومتتصلش بيا..
ـ شايلينك للكبيره ياحاج..
اقترب حسين من ابنه، وودعه وداع حار..وكذلك فعل مع خالته.
وقف معاذ شاردا، قلبه يؤلمه لا يعرف لما، ولكنه يشعر بوجع بقلبه..
ـ مالك يامعاذ يابني؟
ـ مش عارف ياعم رضوان، مش مطمن..قلبي بيوجعني أوي..
ـ سلامة قلبك ياحبيبي..تعالا يالا نطلع نتسحر سوا وعاوز أتكلم معاك في موضوع..وننزل نصلي الفجر سوا.
ابتسم معاذ بخبث..
ـ سحور إيه ياعم رضوان دي بنتك لو شافتني تاني هيجيلها صرع، دي ماصدقت إني مشيت..بتحبني أوي
ضحك رضوان علي حديثه.
ـ الله يحظك يا معاذ، إنتوا مش هتبطلوا أبدا، أنا مش عارف هتعيشوا إزاي في بيت واحد..
معاذ بلوية فم..
ـ ادعيلي ياعم رضوان، يصبرني علي أمي ومراتي..
انتبه رضوان لحديثه لأول مره عن والدته..
ـ ألا صحيح يامعاذ أمك عامله إيه؟، وايه رأيها في جوازتك من بنتي..ومجبتهاش معاك ليه؟
معاذ بحيره..
ـ مبقتش عارف حاجه ياعم رضوان، أمي دي محيراني، لغز كبير، الحمدلله اتحسنت كتير، وبقت بتقدر تتحرك وتمشي، وكل الدكاتره بتقول أنها طبيعيه ومع العلاج بتتحسن أكتر، ومفيش مانع من قله كلامها..
بس دايما ساكته، واكلمها مبتردش..عليا..حتي لما قولتلها اني هتجوز خديجه، كنت مفكره أنها هتثور وتكسر الدنيا، بس ولا أي حاجه..
رضوان بحيره مثله..
ـ والله يابني ماعارف..ربنا يحوش عنها..أوعي يامعاذ تتخلي عنها، أنت عارف لو كنت اتخليت عنها، مكنتش عمري وافقت عليك، انما وقوفك جمبها كبرك في نظري وعلاك..ربنا يجبر بخاطرك يابني..أللي ملوش خير في أهله، ملوش خير في حد أبدا.
أمك ثم أمك ثم أمك..ثم أبوك..
اقترب معاذ من رضوان وقبل رأسه مردفا بحب..
ـ ويخليك لينا عم رضوان، لولاك مكنتش ام دماغ ناشفه دي وافقت عليا..
انتفضا الاثنان علي فتح باب المنزل..وخلود تقول بضحك..
ـ سمعتك يامعاذ وهفضحك..
معاذ بسرعه..
ـ لا لا استني يابت..خلود..
ـ لالا..والله لأفتن عليك..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت معاذ..
وضعت أماني الهاتف بجانبها بخبث..مردفه بهمس يقطر غلا وحقدا..
ـ أنا هوريك يا حسين..أن ما حرقت قلبك عليها، زي ماحرقة قلبي، مابقاش أنا أماني..
ضحكت بخبث..وشردت بالماضي..حينما علمت بالقبض علي شركاءها، ممن يمولونها بالبضاعه التي تعطيه لزبائنهاا..سرا..
وماحدث بعدها، وتخلي ذلك الاهوج مرتضي الذي طلقها، وتخلي عنها بعدما ابتلع ثروتها بجعبته، وعاد يتذلل لها الآن بعد خروجها من السجن، ويساعدها بإخلاص للتخلص من غريمتها، حتي تعود له، ويتمع بأموال ابنها، بعد أستنشاقهاا جرعه مخدرات مره واحده، ولولا أنها كانت تتلاعب بخامات البودره، وتزيدها بخلطات من عند العطار حتي تزايد من حجم مبيعاتها ، لما كانت الآن حيه، ويعود الفضل لذلك الظابط المحنك الذي أسرع في انقاذها،لتنال عقابها، ورغم أنها اصيبت بجلطه، وأثرت علي بعض الاعضاء بجسدها، ألا انها ممتنه للقدر، فلولا ما حدث لما توسط لها حسين، وخرجت بالعفو الرئاسي، أما الآن وبفضل أموال معاذ، وعرضها علي أكبر الاطباء تماثلت للشفاء تماما..
ألا أن عقلها وقلبها لم يشفوا من الحقد والغل تجاه شقيقتها وزوجة ابنها..
أماني،، بغل..
ماشي يامعاذ..اخلص بس من خالتك الحبيبه، وأفضي لزوجتك المصونه، لا يمكن اخلي الجربوعه دي، تتهني بيك.
صعدت الدرج تنظر للهاتف كل دقيقه، عله يأتيها الخبر اليقين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يقف أمام صديقه صاحب محل الكترونيات وشريكه في أفعاله القذره..منتصر..يتأفف كل ثانيه..
ـ أنجز يامنتصر في الليله دي، بقالك ساعه ياأخي، قولي هتتنيل تعرف تجيب الصور والحاجات أللي عليه ولا لا؟
تمتم منتصر بتساؤل..
ـ غريبه؟
ـ هو أيه اللي غريبه يامنتصر، هي أول مره يعني..
ـ لا مش أول مره، بس مفيش حاجه عالتليفون أصلا، وكأنه لسه جديد..
انتفض جاسر من مكانه وامسك بتلابيه..
ـ انت بتخرف ياجدع انت بتقول ايه، ازاي يعني؟
أبعده منتصر بعنف..
ـ ياعم أهدي في إيه؟بقولك التليفون أبيض يا ورد..معموله أعاده ضبط مصنع يامعلم…
شوف مين عمل فيك العمله الوسخه دي..يااما قلتلك اقفله برقم سر..
قذف له منتصر الهاتف وكارت الذاكره مردفا بشماته…
ـ خد ياعم النيله بتاعك دا من هنا، ومتجيش عندي تاني..هي ناقصه قرف..
زمجر جاسر وجز علي أسنانه..
ـ هو مفيش غيره نادر، محدش غيره يقدر يعملها..
خرج جاسر من المحل قاصدا بيت نادر…
بعد نصف ساعه..
كان يدق باب منزله بعنف..نادر..أنت يانادر..
فتحت والدته السيده حبيبه الباب، وصدمت بجاسر، فهتفت بترحاب اخجله..
ـ جاسر، إزيك ياحبيبي، عامل إيه، ومش بقيت بتيجي ليه؟
جاسر بخجل..
ـ أبدا ياخالتي، مشغوليات ماانتي عارفه..هو فين نادر..
ـ نادر سافر يابني البلد اللي حولوه ليها دي من ساعه كدا..
مش عارفه إسمها أيه؟ تاهت عن بالي..
ـ طب متعرفيش هيرجع أمتي؟
ـ والله يابني ما أعرف بس مش أقل من شهر كدا..
ـ ماشي يا خالتي، استأذن أنا بقي..
ـ لا ياجاسر لازم تخش تشرب حاجه يابني..دا أنت وحشتني أوي..
ـ مره تانيه بقي ان شاءالله، اما يكون نادر هنا..وكمان الوقت اتأخر..مينفعش
ـ في رعاية الله ياحبيبي..
أخذ درجات السلم بقفزتين، يتمتم بغل..
ـ فلت مني المره دي يانادر، ضيعت اللي بقالي شهور اعمله ياغبي..
اقترب من الصيدليه الخاصه به، وما لبث أن وجد خاله بإنتظاره عينيه كجمر مشتعل..
ـ مالك ياخالي في حاجه ولا إيه؟
انقض عليه خاله، يلكمه بفمه، لكمه بعد أخري، ويسبه بأوسخ السباب..
اجتمع الناس علي الصراخ والسباب..
خاله بحرقه..خربت بيتي ياوسخ، واتسببت برفدي من شغلي، وقطعت باب رزقي بعمايلك، أنت إزاي وسخ كده..وأنا مشوفتكش علي حقيقتك..
أحدهم..أهدي يااستاذ عامر مينفعش كده، إنتوا أهل، ودا زي ابنك..
عامر بحرقه..أبني، اعوذ بالله، بتشبه الشيطان دا بإبني، الشيطان ده زي اللي خلفوه غدار زيهم، اأويته في بيتي بعد ما أبوه وأمه راحو كل واحد في ناحيه، وسابوه، وأول معض، عض الايد اللي أتمدتله..
ملعون ابواليوم أللي عرفته فيه..
بصق عليه، وتركه ورحل يتمتم بحرقه..
ـ ربنا ينتقم منك ياجاسر..منك لله..
ازدات الهمسات، والنظرات، أحدهم مشفق، وآخر يعرف حقيقته مشمئز..
فصاح عليهم بغضب..
ابعدو كده..ابعدو..بلاش تمثيل..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببيت رضوان..
معاذ بخجل..
أنا مكنش قصدي ياعم رضوان إني اخبي عليك..أنا كنت خايف عليك من الصدمه وعلي طنط زينب..
ربت رضوان علي كتف معاذ بحنو..
ـ عارف يامعاذ، عشان كده مزعلتش منك..عارف أن نيتك خير..
معاذ بحيره..
طب وأنت إيه رأيك ياعم رضوان، مراد انسان كويس، وبصراحه مش هتلاقي زيه لخلود..أنا كنت متأكد أن مش هيقدر يخبي، عامل زي العيل الصغير ضميره بيأنبه من ساعتها، وكل ليله يتصل بيا يقولي حاسس إني شايل إثم كبير..
ابتسم رضوان بفخر..
تصدق كبر في نظري جدا..وأنا أن كان عليا أنا موافق
وخالتك زينب من ساعه ما شفته وهي عنيها هتطلع عليه أصلا..
قهقه معاذ..علي خالته وافعالها..مردفا بضحك..
ـ بصراحه أنا واخد بالي، وأكيد مراد كمان خد باله..
رضوان بغيظ..منها..
ـ منك لله يازنيب علطول فضحانا..أنفجر معاذ ورضوان بالضحك
، سرعان ما دخلت عليهم زينب، مردفه بصدمه..
ـ بتضحكوا علي إيه،ما تضحكوني معاكم…؟
نظرا لبعضهم، وعاودا الضحك..
بعد نصف ساعه..
كانت تطلق زرغوطه قوية..يا ألف نهار أبيض، يا ألف نهار مبروك….كلمه يارضوان بسرعه وقوله موافقين، بقي دا عريس يترفض ياراجل..
استمعا لزرغوطه والدتهم فأنتفضا بصدمه من عالفراش..
خديجه..انتي يابت ياخلود خديني معاكي، دا انا العروسه..
خلود بزهق..ياشيخه روحي بقي هو كل شويه أشد فيكي، نادي علي جوزك يشدك..
خديجه بغيظ..ماشي ياخلود..ماشي..يمهل ولا يهمل..
اقتربت بلهفه من غرفه الصالون..ولكنها صدمت بحديث والدتها..
دلفت للداخل، وانفرجت شفتيها ببلاهه..
ـ هااا..عريس مين؟
ـ الدكتور مراد، عريسك ياقلب امك..
ـ نعم..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بسيارة عمرو..
أوقف السياره بشارع جانبي، لا يوجد به الا بعض الماره من السيارات….
فشهقت كريمه بخوف..
ـ ايه ياعمرو، وقفت ليه؟إحنا فين؟
ـ نظر يمينا ويسارا، يتأكد من شئ ما..
وسرعان ما مال مقتنصا رحيق شفتيها..بقبله كرفرفه العصافير..غرد لها قلوبهم..
سرعان ما دفعته بصدره بعيدا عنها بخجل، مردفه بصدمه..
ـ أنت عملت إيه ياقليل الادب..
غمز لها واقترب يهمس بأذنها.. بوقاحه..
ـ القمر حجي أنا..هيوحشني وبودعه
همست بصدمه..
ـ عمرو أنت مابتوبش أبدا..مش كفايه عمتي وأللي عملته..
اقترب ليغمرها بذراعيه ألا أن صوت دق علي شباك السياره،بسرعه جعلهم ينتفضان، ويبتعدا عن بعضهم..
عمرو بصدمه..نعم..
الظابطـ… بطاقتك يا حبيب..
شهقت كريمه بصدمه..
ـ ياخيبتك ياكريمه..
عمرو ببلاهه.قولي يا نحسك يا عمرو مش ياخيبتك ياكريمه….
الظابط بتهكم عليهم..طب يالا نشوف الموضوع دا في القسم..
ـــــــــــــــــــــــــ
ببيت مراد..
نظرت لهاتفها الذي يرن بإلحاح بإمتعاض، مردفة بغيظ.
ـ بردو مش هرد..
سرعان ما تلقت رساله منه..وأتسعت عينيها بصدمه..
ـ طب عليا النعمه يا لمار لو ما فتحتي لكون جايلك جايبك من شعرك، وداخل عليكي دلوقت..
لطمت خديها بخوف..
ـ ياوقعتك السوده يا لمار، أهو ذنبك خلص ياخلود..ثالث ومتلت
مراد بصدمه من خلفها..أنتي بتكلمي نفسك يالمار؟
انتفضت من علي الفراش، وأسرعت تمسك بذراع مراد، مردفه برجاء..
ـ مراد، أنا عاوزة أتوب يا مراد..
اتسعت عين مراد، واردف بدهشه..
ـ تتوبي؟أزاي؟
هزت رأسها بسرعه..
ـ آه عاوزه أتوب، وأروح اتأسف بنفسي لخلود..بصي ولوالد خلود كمان ومامتها..بس بالله عليك خلصني من صاحبك دا..
بص هعمل أي حاجه..بس أبعد المجنون ده عني..
أنا والله مش وحشه، جاسر اللي كان بيهددني..
مراد بصدمه..أهدي يالمار، خلاص قولنا متفتحيش الموضوع ده تاني، وبعدين إيه أخلصك من مصطفي ده، هو لعب عيال دا جوزك..
استمعت لرنين هاتفها للمره التي لا تعلم عددها..بحسره..
مراد بضحكه مكبوته عليها..
دفعها بيده..رودي علي جوزك ياهانم..أحسن أنتي عارفه دماغه ضاربه، ومبيتفهمش..ولو طقت في دماغه حاجه..محدش بيقدر يحوشه..
نظرت لشقيقها بصدمه..
ـ يعني لو جه يخدني دلوقت وقال مراتي وعاوزها، مش هترفض..
مراد بلامبالاه..وأرفض ليه؟
دا يوم المني يابنتي..وبعدين مراته وهو حر فيها..
شهقت بصدمه، وهرولت لترد عليه..سرعان ما لطمت خديها..
ـ يلهوووي..فصل..فصل..
أغلق مراد الباب عليها، وهو يقهقه علي جنان مصطفي..
تافف وهو يعيد الاتصال بعمرو وكريمه للمره التي لا يعلم عددها..هامسه بغيظ…
ـ رد ياعمرو الزفت..هتفضحنا…الله يخربيتك
ـ لا رد..
ـ طب ردي أنتي ياكريمه..
هنا خرجت شهقه من خلفه وهي تصيح بغضب..
ـ نهار أسود ومهبب، عمرو..
ـ خالتي..
ـــــــــــــــــــــــــــ
بمنتصف الليل..
الجبل..
وجدي بترحاب..
ـ يامرحب، يامرحب، عاش من شافك ياحاج راشد..
راشد بود..
ـ أهلا بيك ياوجدي..كيفك وكيف أحوالك..
ـ بخير وفي نعمه بفضلك ياحاج راشد انت والبهوات..ربنا يعمر بيتكم..لولاك انت وراضي ورائد..كنا فضلنا عمرنا كلو مطاريد ياحاج..
رائد بإبتسامه..
ـ متقولش كده يا وجدي، أنت جواك إنسان كويس، بس الظروف اللي بتفرض علينا حياتنا….الثار ومشاكله، هي أللي ضيعت الدنيا، وفرقت الأحباب..
الجد بحزن..
ـ عندك حق يارائد ياولدي..
ـ ربنا يلملم أحبابنا حوالينا من تاني..
دقائق من الحديث..
وصاح وجدي بلهفه..بعدها..
السحور ياولد..لضيوفنا..
راشد بلهفه..
ـ ملوش لزوم ياوجدي..أسمعني أني جايلك في رجاء..
ربت وجدي علي عنقه بتلقائيه..
ـ رقابتي ليك ياحاج..
ـ ودا العشم بردو ياوجدي..
ـ اسمعني ياوجدي، أنا مش جايلك في خدمه ليا، إني جايلك في خدمه لرائد..ولما حكالي قولتله مفيش غيره وجدي هو اللي هيجيب قرار الموضوع ده زين..
ـ موضوع إيه ده ياحاج، لو بإيدي مهتأخرش عنكو واصل..
ـ خيتك نعمات..
ـ خيتي، مالها؟
ـ عاوزينها..
ـ بس اني مهعرفلهاش طريق ياحاج، من يوم ما فوت تاني ع البلد، معرفلهاش طريق..ودورت عنها كتير بعد ما سابت بيت الحاج متولي، ملجتهاش وكأنها فص ملح وداب..
رائد بحزن..إزاي متعرفش عنها حاجه إزاي؟
ـ هو في حاجه يارائد بيه؟..
الجد..ايوه ياوجدي، مسأله حياه أو موت، خيتك هي الوحيده أللي تعرف الحقيقه..
ـ حقيقه ايه؟
ـ موت أمي؟
ـ هاااا..أمك، بس الموضوع ده فات عليه يااما يارائد ياولدي، ليه بتدور وراه تاني..
ـ أمي ماممتش موته طبيعيه ياوجدي، ماتت مسمومه، الطبيب اللي كشف عليها وزور التقرير الطبي قبل مايموت طلبني بالاسم وروحتله، وهناك اعترفلي، أن في حد هدده، وأداله فلوس عشان يزور التقرير..وكان
خايف يموت قبل مايعترف بذنبه..
ومن يومها وأنا بدور علي اللي قتل أمي، وبما أن اختك كانت شغاله عند جدي وهي الوحيده اللي اختفت بعد الحادثه علطول، يبقي أكيد تعرف حاجات كتير..
ـ ياوجعه مربربه، كيف ده، أنت متوكد من كلامك ده..
كيان بهدوء..بعد نصف ساعه من الصمت..
زفر بهدوء، بعدما لاحظ توتر وجدي..
ـ بص ياوجدي، أنا مبحبش اللف والدوران.. وانت عارفني..
وجدي بأرتباك..
ـ عارفك ياكيان بيه طبعا..
نظر له كيان بإمعان.. مردفا بثقه..
ـ عاوز كام وتجبلنا أختك..
وجدي بحرص..
ـ وايش يضمني انكم متأذوهاش..
أتسعت عين الجد ورائد.. وأردف رائد بحده..
ـ يعني انت عارف مكانها..
امسك وجدي بلحيته بين اصبعيه، مردفا بخبث..
ـ انا اعرف كل حاجه بعون الله مادام بفلوس، واجيبلكم اللي انتو عاوزينه..
ضرب راشد الأرض بعصاته..
ـ عاوز كام ياوجدي، وأختك تاجي وتشهد بالحق..
وجدي بجشع..
ـ مليون اجنيه، وشهر بالظبط وتكون عنديكم..
رائد بخيبة أمل.. بس شهر كثير قوي..
ـ يا رائد بيه أساسا اني ما أعرفش مكانها.. بس هاجلب الدنيا لحد ما اجيبها
دول مليون جنيه برده
أنا هاديهم لك يا وجدي.. وأنت عارفني كلمتي واحده..
يوم ما تسلمني أختك، هسلمك باقي المبلغ..
أخرج حقيبه من جانبه..وفتحها أمام أعين وجدي المتسعه..
ـ وآدي ميت الف جنيه..أهم..تسلمني أختك..اسلمك الباقي..والحاج راشد ضامني.
التقطت وجدي الحقيبه بلهفه، يتحسس الأموال بيده..
ـ متجلجش يارائد بيه، اني عطيتك كلمه، ولا يمكن إرجع فيها واصل..واسأل عني الحاج راشد..
كيان بهدوء..يبقي إحنا كده مهمتنا خلصت، أنت عرفت إحنا عاوزين ايه..؟وأحنا عرفنا أنت عاوز أيه؟
ومش عاوز أاكد عليك، لو حد شم خبر باللي اتفقنا عليه، احنا ممكن نعمل فيك أيه؟
ـ لااااه اني رجبتي سداده ياكيان بيه..سرك في بير، إني هجلب عليها الدنيا، وأجيبهالكم..الحاج راشد والحاج متولي، خيرهم سابق..
كيان بسخريه، وهو ينظر لحقيبة الأموال بيده..
ـ ماهو واضح يا وجدي واضح..
يالا ياجدي…
ـ يالا ولدي…
كيان بغيظ للجد..
ـ كلب فلوس..
الجد بتريث..
ـ دا رزقهم ياولدي، ومحدش ضربنا علي إيدنا نلجأ ليهم..
رائد بلهفه..
ـ مش فارقه ياكيان، بس انتقم من أللي قتلت امي، وأللي كانت السبب في هروب مراتي، ولسه للآن بتهددنا..
انا عاوز أبرد ناري…وبس..
كيان بصدمه..انت ياحضرت الظابط اللي بتقول كده، بقي مشعارف توصل بمكانتك دي لواحده زي دي؟
رائد بتهكم..وأوصلها فين، أذا كانت محبوسه؟
كيان بصدمه..محبوسه؟
ـ اااه..محبوسه..
ـ تقصد؟!
ـ آااه هو بعينه..؟
ـ أنت مجنون صح؟
ـ لا عاوز ابرد ناري، ومستعد أمشي في أي طريق، يوصلني لهدفي..
الجد بشرود..
ـ هتبرد ياولدي، ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم..
أبيض علي كل مظلوم، وأسود علي كل ظالم..
ـ عندك حق ياجدي..
كيان بتساؤل..بس ليه محكتش لجدك لدلوقت يارائد..
ـ جدي لو عرف هيخلص عليها، وهو أساسا شاكك فيها ومحملها مسؤلية موت أمي من زمان..ولو اتأكد هيقتلها، ويروح فيها، مش لازم يعرف دلوقت..
راشد بضحك..طول عمره جدك متهور، وسلاحه سابقه..زين ما عملت ياولدي..
بعد نصف ساعه..
كيان بصدمه..وهو ينظر أمامه
ـ أيه ده؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي الطريق..
حسين بصراخ من تخبط السياره يمينا ويسارا..
في أيه يا حامد؟، وقف العربيه؟
ـ مش عارف ياحسين بيه، في عربيه من أول ماطلعنا من القاهره ماشيه ورانا..أروح يمين، تجي ورايا، أروح شمال ورايا..
ايمان بخوف..يالهووي..مين دول؟
التف حسين بجسده ليري ما يحدث…فصرخ وهو يميل بجسده علي إيمان..محاوطا أياها بحمايه..
ـ حاسب ياحامد..حاسب..
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية ونهاية..
عشقك كان قدرا، كنت أسخر منه منذ البدايه
لم أعي يوما أنني سأقع عاشقا لتلك الأبتسامه
دوما كنتي أنتي نهاية كل بداية..
أذا شردت، شردت بوجههك الصبوح، وأبتسامتك التي تحكي ألف حكايه..
وأذا أغمضت عيني طالعني طيفك بالمنام، راسما معك أجمل حكايه..
يقولون الهوي ضعف، وذل، ومهانه..
أذا لما أشعر أنا بعشقك بكل تلك الإستكانه..
لما بعشقك أشعر بأني عدت ملك الحكايه..
ياإمرأه عشقها نار تكوي القلوب، وأبتسامتها سر الحكايه…
أعشقك مهما أبعدتنا الدروب..وصعب اللقاء..
وأن لم يكن لنا بالحلال لقاء..فلنحيا بالدعاء…
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.