رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الثاني والعشرون
————–
بسم♥ الله♥الرحمن ♥ الرحيم
اللهم أكفنا السوء بما شئت وكيف شئت وأكفنا شرار خلقك ونجنا وأهلنا من الوباء والبلاء برحمتك ياأرحم الراحمين
————
( سكن وبيت..)..
هل قال أحدهم لك يومآ أن قربك أمان، أطمئنان، وأن النظرة بعينيك بألف حياة..وأن بأحضانك دفيء العالم أجمع..
أحضانك سكنا وبيت…
هل تعرف ما المعني الحقيقي للحب..سأخبرك إذا..!
(الحب هو ذلك الشعور بالدفيء الذي يتسرب إليك ببطيء بجانب أحدهم بلا إرادة منك، شعور مميز بالأمان يتسلل إليك ويغمرك كلك ، حينما يقترب منك ويلمس يديك..
تلتقي طرقكم بلا تخطيط وجهد.. وتتحد نظراتكم بألف وعد ووعد من دون عناء وبحث..
الحب هو أن تأتي المحب معبأ بهموم الكون، فيفتح لك يديه مرحبا بك بحب بأي وقت لا يتحجج بالأعذار ولا يتأفف منك، بين ذراعيه تنسي العالم بأثره..تنسي ألامك وما صابك بلمسة يديه..
الحب ليس كلمه تقال..الحب أفعال ومواقف، الحب أن لا تهان..
الحب أن تأتيني باكياً،شاكيا ظلم الكون، فأخبرك أن لا تهتم..
فهم يرونك بعين العقل، وأنا أراك بعين قلبي..أراك المحب..فلا تهتم..
الحب شعور بالكمال والإكتمال لا يصادف الجميع بل يحظي به البعض، الحب رزق، وخير الأرزاق هو الشعور بالحب… فكن حامدا شاكرا لرزقك، فغيرك يتمني لو يحظي بنصف ما ملكت أنت..)
علي وقع دقات الخيول والطبول..رقص الأحصنه والجمال..وسباق الفرسان..فرحة الأطفال، وأغاني نساء البدو التراثيه الجميلة….
وصوت عدنان الذي يشدو بأعذب الألحان..يسد دينه لمحمد أقرضه له بيوم من الأيام..بليلة كهذه منذ سنوات..
كان يمتطي حصانا، وأمامه معتز السعيد بما يحدث حوله..
متسع العينين..يحثه بكلمات تحفيذيه أن يدفع بالفرس أقوي ليصهل ويرتفع..
أما هي كانت تأخذ جانب النساء، رغم عينها التي ستقتلع عليه، تجلس كالأميرات بفستانها الأبيض البسيط أقرب منه لجلباب بدوي أنيق حاكته لها سليمه بنفسها وأهدته لها كنقوط بسيط….
بجانبها طفلتها بنفس ذات الرداء يحاوط رأس كلتاهما طوق من الورد البلدي الذي ينمو بالمزرعه صنعه له محمد بنفسه، مختطفا من لون ورده وزينه بفروع الياسمين والريحان.. …
كل دقيقه يختلس النظرات لها، تابعا إياها بغمزة عين، تقابلها هي بضحكه سعيده من عينيها….تشعر بعدها بالكمال..تشعر بذلك الامتلاء بقلبها لأول مره..
تشعر بالحب..والراحه..والرضا والأمان..
تشعر بالسعادة..
توافدت عليها الفتيات في طقس محبب بأمر من ساليمه لقرص ركبتها..
ساليمه السعيده مثلهم وأكثر، تقسم أنها تري بعيونها سعادة لهم، لو كانت والدتها مازالت حيه ما شعرت بكل تلك الفرحه بعيونها كما لمست فرحة ساليمه اليوم….
لا تعلم أهي تخصها بها وحدها، أم تفعل ذلك مع الجمع..ولكن لا يهم..فهي سعيده..
عادت بنظرها لجمع الرجال..فوقعت عينها علي الراوي وهو يحاوط محمد بحمايه ويهمس له بشيئا بأذنه، وهو يسحب من يده معتز..
هز محمد رأسه بطاعة له..ووقعت عينه عليها وهي تنظر لهك بإهتمام..ولكن كالعاده غمز لها بطرف عينه، وزادها بقبله من شفتيه أرسلها لها خلسة..ولكن أي خلسه وفهد يمسك بأذنيه مكشرا عن انيابه..
قهقهت علي شقيقها وأفعاله..ولكن صمتت بإقتراب صبا منها، هامسه لها بشيء بأذنها تقسم لم تفهم منه شيء ولكن ما انتبهت له هو أخذها لمياسين من يديها..
دقائق وخفضت الأضاءه..فلم تعد تري شيئا..ولكنها شعرت بأحدهم يحيط خصرها، ويرفعها علي شيء ما، شهقت برهب ولكن سرعان ما أسندها بصدره وهو يمتطي الحصان..
يديه التي حاوطت خصرها، ورائحته التي تميزها من بين ألاف الرجال..أسكرتها، فألتصقت أكثر به تحاوط خصره بيديها..مطلقه العنان..لذلك الشعور الجبري الذي يتسرب لها بقربه..
شعور الأمان…
~~~~~~~~~~~~~~~~
(ميسم)
أغلقت الإضاءه فجأه وشعرت بالفراغ من جانبها، ولكنها لم تهتم فقد حسبته طقسا من طقوس البدو التي تتوالي عليهم منذ أتوا لهنا..يبهروهم بها كالعاده..
هتفت بإسمه بلوعه، ووضعت يدها علي قلبها تلقائيا، بعدما قبض فجأه.، وشعرت بأنه به خطب ما…
انتفضت من مكانها، وتسللت للخارج من بين النسوه ، بعدما عادت الإنارة، وتأكدت من أنه طقسا لهروب العرسان..
أنتبهت صبا لتسللها هذا..وهتفت بأذن نيره..
ـ روحي شوفي ميسم مالها..من الصبح مش علي بعضها..
اومأت نيره لها وانسحبت خلفها..
وجدتها تقف بعيدا عن الجمع..وبيدها هاتفها ترن عليه بإلحاح ولا يجيب ..
بدأ التوتر والقلق يتسرب إلي كل خليه بجسدها، ماذا حدث له..؟
اقتربت نيره منها وحاوطت كتفها بحمايه، وهتفت بحنو….
ـ مالك يا ميسم في أيه، أنتي كويسه..؟
زفرت ميسم بتوتر..
ـ مش عارفه..رائد مش بيرد وقلبي مقبوض أوي، وقلقانه عليه….
نيره بتريث…
ـ أهدي، وتفاءلي بالخير، وبعدين أكيد مشغول…متحبكيهاش بقي، وخلينا نفرح، الفرحة حلوة..
وضعت يدها علي قلبها..ورمقتها بقلق..تتمني لو ما تقوله نيرة صحيح..وأنها تتوهم، وأنه بخير….
أخذت نفسا طويلا وزفرته سريعا، وهتفت برجاء وهي تعود للعرس بصحبة نيره….
ـ ياارب استرها..
عادوا يسألون بفضول عن سولاف، وأين أختطفها العاشق الولهان..
رمقتهم صبا بتلاعب وأقتربت وحاوطت بيديها رؤسهم وهتفت بصوت عالي نسبيا ليسماعوها بمرح..
ـ فادي خطفها وهرب لنبع العشاق….
نظرا لبعضهم البعض بإنبهار..وضحكوا بسعاده وفرحة لهم..
هتفت ميسم بحسرة…
ـ يا بختك ياسولاف..
نيره بأصطناع الحزن..
ـ لنا الله يابنتي..
جاءها صوته المميز بلكنته المميزه من الخلف..هاتفا بعشق..
ـ أشتقت لك..
أغمضت عينيها وأستدارت له..تنظر لعينيه بصمت..
كلما وقعت عينها بعينه العاشقه تحمد الله علي عطاياه..
أبتسمت وهي تتذكر قصتهم المجنونه فمن يستمع لها لا يصدق أبدا..بالطبع..فقصتهم لا يصدقها عقل..
نظر لها بتساؤل..ويده تحاوط خصرها تحسها علي السير بجانبه..
ـ هل قلت شيئا ما؟
ـ ضحكت بخفه وهمست..
ـ نعم قلت..وأنا ايضا أشتقت لك..
داوود بهمس..
ـ ماكره..
قهقهت وهي تميل برأسها تستند عليه..
ـ ولكني أحبك بحق، ولا مكر بعشقي لك….
~~~~~~~~~~
أنتهت حلقة الشر..بالقبض علي نوارس والمشعوذ بعدما أنهت بيدها حياة نصران شقيق زوجها، بطلقه عشوائيه، بعدما فطنت للغدر منه ، وأنه كان علي وشك الهروب وتركها كبش فداء لهم..لمعت شعلة الشر والحقد بعيونها، والتقطت السلاج المسجي أرضا الخاص بساميه زوجة أبا رائد.وأطلقت النار عليه..
كان رائد يطارده للقبض عليه، لمح راضي نوارس تحمل السلاح وتصوب بإتجاههم بأيدي مرتجفه ليست خبيرة، فأنتفض صارخا بأسمه عله ينتبه، ولكنه لم يكن يري ألا ذلك الذي يركض خلفه، وكيفيه الإمساك به….
لم يجد راضي بدا ألا باللحاق به..فأنتفض من مكانه بلمح البصر، وأنقض عليه.. قاذفا بنفسه عليه، مبعدا أياه جبرا عن مسار الرصاصه..
وقعا رائد أرضا وفوقه راضي، صاح رائد بوجع بعدما غرزت الفأس الحاده التي يستخدمونها بالحفر بذراعه..
وأنطلقت الرصاصه بعدها، تشق مسارها لقلب صاحبها فلفظ أنفاسه الأخيرة علي الفور…
~~~~~~~~
بعد ساعه بالمشفي.
~~~~~~~~
يجلس راضي بجواره علي الفراش، يضحك من قلبه عليه….
ورائد يدعو عليه بحرقة وغيظ…
ـ اااه منك لله ياراضي..بغل… وقع فوقي..
راضي بصدمه..
ـ أنا بغل ياطور أنت..تصدق أنا غلطان كنت سيبتك لنوارس خلصت عليك..
زفر رائد بغيظ، وهو يزيحه بيده..
ـ طب أوعي كده..مش طايق أشوف وشك..اااه يااني يا دراعي..ياشماتة ميسم فيا..
راضي بصدمه..
ـ جرا إيه ياااد..ماتنشف كده..دول كلهم كام غرزه..وبعدين ميسم هتشمت فيك ليه..
رائد بغيظ وهو يجز علي أسنانه…
ـ ما أنت مش حاسس يا بقف أنت ..الكام غرزه دول عاملين زي الصاروخ الأرض جو..بيعملوا عمايل أيه..؟
وآااه هتشمت فيا..أصلها بصراحه قالتلي أصدرك أنت للمهمه دي واخلع أنا..وأنا أللي خادتني روح البطوله أوي..
اااااه.
نظر له راضي ببلاهه..هاتفا بإستنكار..
ـ بطوله، وتصدرني، وصاروخ أرض جو..لا أنت حالتك بقي ميؤس منها يا صاحبي..اش حال ما كان الدكتور مديك بنج يعني مش حاسس بحاجه..ولا يكونش البنج أثر علي نفوخك..وبتخطرف..اكيد بتخطرف..
رائد بغيظ…
ـ لا أنا فلة..ملكش دعوة أنت..
راضي بقهقه..ماهو باين ياعم…
زفر رائد براحه أخيرا، بعدما أنهي الطبيب عمله..ولف الجرح..
الطبيب بمهنيه…
ـ تمام كده، أسبوع ونفك الغرز..ومع العلاج أللي هكتبهولك ده..وكل يوم تغير عالجرح، وتطهره..هيبقي تمام..ألف سلامه سيادتك..
هز رائد رأسه بأليه..مجيبا علي الطبيب..
بينما يده الأخري تبحث بجيبه عن هاتفه…
راضي بإستنكار…
ـ أنت بتدور علي إيه؟
رائد بهدوء…
ـ بدور علي تليفوني..ميسم زمانها قلقانه عليا..وهاطين عيشتي لو مكلمتهاش…
راضي بضحك عليه..
ـ تطين عيشتك، اممم، الله يرحمك يا رجوله..
رمقه رائد بغيظ..وإستقام من علي الفراش..
إنتفض راضي سريعا، مردفا بصدمه…
ـ رايح فين يازفت أنت..أنت لسه تعبان..خلينا هنا للصبح..
رفع رائد يده المجروحه..ونظر لها بتمعن، وأردف بمرح..
ـ متقلقش يا أخويا أنا تمام..أنا رايح لمراتي زمانها قلقانه عليا..هتيجي معايا ولا أقول لسمر إنك مردتش تيجي معايا..
راضي بغيظ منه..
ـ لا ياخفيف جاي..أنا اقدر..خليني الأول أظبط كام حاجه ونتحرك…
بعد ساعه..
كان يشق راضي بسيارته الطريق عائدا إلي المزرعه..
راضي بشرود..
ـ إنتهينا من قضيه..فاضل قضية معاذ وأمه، معاذ صعبان عليا أوي..
رائد بإنتباه..
ـ وصلتوا لإيه ياراضي صحيح ….في القضيه دي..أنا أتلهيت في قضيتي ونسيتها..
راضي بشرود..
ـ لو كل حاجه مشت زي ما إحنا مخططين كلها يومين وترجع تاني تشرف في السجن..تصور المجرمه قدرت تورط ابنها، وشركته هو ومحمد في تجارة المخدرات..
رائد بصدمه..
ـ إزاي الكلام ده حصل، وهل أتأكدوا فعلا والكلام طلع جد..؟
راضي بسخرية..
ـ ايوا..جد للأسف..من كام شهر معاذ بدأ يشك أنه في تلاعب بيحصل في الشركه..وشكه الأكبر كان من الشخص المسؤل عن إستلام الشحنات وتوريدها.. مشينا ورا الخيط ده، وأتحرينا عن الشاب ده وعرفنا اصلة وفصله.. واكتشفنا أنه أخو مرتضي من الأم وعايشين في بيت واحد..وأن هو هو نفس الشخص أللي قالت لمعاذ أنه كان بيساعدها في مستشفي السجن، وبيهتم بيها، ويشوفله شغل..
معاذ طيب وصدقها..وللأسف دي كانت خطه من مرتضي وهي أنهم يستخدموا شركته لتهريب المخدرات في البضاعه أللي بيستوردوها من برا..
ـ مرتضي ده جوزها..
راضي بسخريه…
ـ لا أللي بتقول أنه جوزها، في فرق..
رائد بصدمه..
ـ أيه، مش فاهم؟
راضي بسخريه..
ـ ست غبيه والغل والحقد مالين قلبها..
ضحك عليها عيل من دور بنتها، وهي صدقت دور الحب أللي مثلوا عليها، وكتب ورقتين عرفي، وقطعهم وأنتهي، تعرف أن مرتضي ده أصلا متجوز ومخلف وسايب مراته في أسكندريه،وعايش هنا بحجة الشغل، ومقضيها وساخه هو واخوه هنا…وكل يوم مع واحدة شكل..
وطبعا مش هيلاقوا زي والدة معاذ حقوده وعاوزه تنتقم بأي شكل، يضحكوا عليها…
يأخد منها أللي عاوزه ويرميها..
رائد بصدمه..
ـ ياالله، ..الواحد من كتر أللي بقي يشوفه بقي يشك في ظافر رجله..فعلا إحنا في زمن العجايب..وأنا اللي كنت زعلان علي أللي أنا فيه..فعلا أللي يشوف بلاوي الناس..
راضي بتنهيده،شاردا فيما مضي، وماحدث لهم، مكملا المثل..
ـ يهون عليه بلوته ياصاحبي…
~~~~~~~~~~~~
بخيمة رابح…
ربيعة بلهفه…
ها يا رابح طمني يا واد العم..فاج مش إكده؟ ….
أكمل رابح وضع خلطه الجروح علي قدمه المحروقة بعناية..وحمل رأسه علي كف يده..وسقاه من خلطة الأعشاب التي يعدها له بنفسه، كل ليله….
هاتفا بأمل..
ـ هيفوج أن شاء الله..مدام فتح أعنيه، وأنتبه للي حواليه، يبجي هيفوج يا ربيعة…
ربيعه (زوجة رابح)..
ـ يا ترا مين ده يا واد عمي .ومن وين ياحبة الجلب؟
نظر رابح لملابسه بتفحص، وهز رأسة..
ـ شكله أكده تبع الجيش يا ربيعه..وصابو شي في الطريج…
أني لما لجيته في وسط الصحرا، وفيه الروح…مجدرتش أسيبه…
جبته لهنيه طوالي..
ربيعه بإنتباه لما يقوله….ولهفه..
ـ إسمع ياواد العم..أها بيجول شي أها..
هيفوج..هيفوج..أن شاء الله
أقترب رابح برأسه من وجهه، ليسمع ما يقوله جيدا….هاتفا علي زوجته بصبر..
ـ أستني هبابه يا ربيعه، بيجول شي..
صمتت ربيعه….وخرج الصوت واضحا نوعا ما..
ـ كر.. ي.. م. ه..ك..ر..ي.مه.
رابح بلهفه..
ـ بينادم علي حدا إسمه كريمه..
ربيعة بحزن عليه، وهي تمسح علي وجهه بقطعة قماش نظيفه..
ـ ياترا مين يا حاج أللي جلبه متعلج بيها دي…وعم بينادم إكده عليها..
ـ دلوك يفوج..ونعرف منيه كل شي..
نظرت له ربيعه بحزن، بينما لم يتوقف هو علي النداء علي كريمه..
~~~~~~~~
بشقة عمرو…
فاقت من نومها فزعه….تنادي عليه كالمجنونه، تبحث بعينيها عنه هنا وهنا..لربما عاد ولم تنتبه، دموعها تغرق وجهها…
لقد رأته بمنامها، غارقا ببئر عميق، ويمد يده لها..وينادي عليها..
ـ كريمه..
مدت يدها كي تأخذ بيده، و لكن يدا أخري كانت أسرع منها، أنقذته بدلا عنها..
دلفت عمتها سريعا لداخل الغرفة، وأشعلت الإضاءه..وإقتربت، وغمرتها بذراعيها..وهي تقرأ علي رأسها بعض الآيات..
ـ أهدي ياقلب عمتك..أهدي، بطلي بكا….
تمتمت كريمه ببكاء، وعمتها تزيد من ضمها علي صدرها..
ـ عمرو عايش ياعمتي..أنا شوفته بيمدلي أيده..بس في حد تاني غيري أخد بأيده بدل مني..ملحقتوش ياعمتي..ملحقتوش..
هتفت عمتها بأمل، بعدما فسرت الحلم بعقلها….
ـ يبقي هيرجع..هيرجع ياكريمه..حلمك بيقول أنه عايش وأنه هيرجع أن شاء الله….
كريمه برجاء، وقلب موجوع….تمتمت..
ـ يارب ياعمتو يارب..
~~~~~~~~~
علي صدرها..غارقا بنوم عميق، وكأنه لم ينم منذ سنوات..يحكم علي خصرها بيديه، وكأنها ستهرب منه، يتشبث بها كطفل صغير، وكأنها آخر ما لديه في الحياه..
كلما حاولت التملص من أحضانه..زمجر بغضب…
فتستكين مجبرة..إلا أن راحت بثبات عميق هي الأخري.مستسلمه لسحر يديه.
بعد بعض الوقت…
إستيقظت تشعر بثقل علي جسدها، ولكن سرعان ما تذكرت أين هي؟
إبتسمت، واستدارت لتنظر بهاتفها، لتعرف كم الوقت..
صدمت واتسعت عينيها..وشهقت بدهشه..
ـ هل ناموا كل ذلك الوقت…؟
نظرت لمن يتمسك بها بكل قوته وضحكت..
مدت يدها تداعب أنفه بإصبعها..وكلما داعبته يبتعد بوجهه للجهة الأخري..
إلا أن أستيقظ بملل..
هامسا بغيظ..
ـ خديجه سيبيني أنام، أوف..
أقتربت ووزعت قبلات صغيره علي خده، وهمست..
ـ يالا بقي الوقت إتأخر…مش هنروح البيت..
جذبها لأحضانه عنوة، هاتفا بأمر..
ـ مفيش بيت تاني غير هنا..إحنا هنفضل هنا ياخديجه..
انفرجت شفتيها ببلاهه..وهي تراه يعاود النوم بأريحيه كما لم يقل شيئا..
أفعالة وحديثه هذا جعلها، متأكده أن هناك أمرا جلل جعلة يعدل عن كل مخططاته..
هناك بداخل قلبه، ما يؤرقه..لدرجة تخليه عن كل شيء هكذا ببساطه..
أغمض عينيه يمثل النوم، وبقلبه نارا لو أشتعلت لأحرقت الكون بأكمله..
يعلم أنها ليست بغبية…
ولن تتركه حتي تعلم ما به..ولكن ماذا سيقول لها..؟
وماذا سيفعل بمصيبته تلك..؟
والدته كجمر مشتعل كل من يقترب منه..يحترق..
زفر بهم غافلا عن من تراقبه، وتراقب تعبيراته بصمت..
زفرته المهمومه، فضحته..جفونه التي تهتز، جعلتها تتأكد أنه يمثل النوم عليها..ويهرب منها بلباقة..
مؤلم أن تري من تعشق يحترق بصمت، ولا تعلم كيف تطفأ جمر قليه المشتعل….
زفرت هي الأخري بتعب، مقرره تأجيل حديثها معه لوقت آخر..
إن كان لا يريد الحديث الآن، فلا بأس..
لتمتص تعبه اليوم..تخبره أنها مازالت هنا..بجواره..دائما وأبداً
إقتربت منه..ومدت يدها تداعب لحيته بحنان..
تمرر أصابعها تاره علي وجهه، وتاره أخري علي شفتيه..
حتي أنهزم ثباته أمامها، وفتح عينيه هامسا بألم..
ـ أنا تعبان ياخديجه، تعبان أوي..
لم تتحدث..ولم ترهقه بكثرة الحديث..
تركت العنان ليديها..التي أقتربت تحمل رأسه كطفل صغير، ووضعتها علي صدرها بحنان..
تقبل رأسه تاره، وعينيه وخده تاره..حتي أخرجت ذلك الكم الهائل من الثقل بداخله بلا حديث يذكر..
أغمض عينيه براحه..يحدث نفسه، ويؤنبها..
ـ لما كل ذلك البؤس..لتحترق الدنيا، والعالم أجمع..ولتبقي دائما هي بالقرب، هي كنزه الثمين، وما تبقي له بكل هذه الدنيا، كل يسعي لنفسه ولنفسه، وحدها هي من تهتم لأمرة….
فتح عينيه سريعا..مردفا بحماس…
ـ خديجه..
ـ نعم..
ـ تيجي ننزل إسكندريه..؟
فتحت فمها ببلاهه..
ـ هاااا؟
ـ هااا إيه.، بقولك ننزل اسكندريه…؟
ـ دلوقت.؟؟
ـ اه..دلوقت.
ـ إنت مجنون؟؟
إنتفض ممسكا إياها من يدها بقوه..هاتفا بحماس غلب علي حديثه عينيه تلمع ببريق يخطف الأنفاس ..أجبرها علي أن تسير خلفه كالمغيبه..
ـ هو في أحلي من الجنان..فاكره زمان.!
قهقهت..وحديثه يفعل بها الأفاعيل..يعود بها للماضي..لتلك المراهقه التي كانت تنساق خلفة بلا إراده منها..
كالبلهاء..كما كانت أخبرتها والدتها، يوم علمت بأمر تسكعها معه علي الموانيء والطرقات..وإعترافها بهروبها من المدرسه لتبقي معه، بعيدا عن أعين الجميع..
بلهاء هي منذ البدايه وتعترف..
هزت رأسها تنفض عنها ذكري الماضي، ليبقي الماضي ماضي إذا بلحظاته التي لن تمحي أبدا من الذاكره، وتخلق معه ذكريات أخري مجنونه معه..
هتفت بمرح وهي تغمز له..
ـ قول للزمان أرجع يازمان..بس زمان كنا صغيرين..
دلوقت بقيت عجوز ودقنك بقي فيها شعر أبيض يامعاذ..
أغتاظ من لهجتها، وإقترب حاملا إياها بين ذراعيه ، ومن ثم قذفها علي الفراش..هاتفا بضحك..وهو يشرف عليه بجسده الرجولي،متحكما بحركتها من أسفله..
ـ قولي كده قولتي إيه؟
قهقهت وهي تختبأ بصدره من غزو شفتيه التي تعبث بها فسادا….
ـ مقولتش..أوعي بقي..
هتف بمرح، وهو يثبت وجهها بيده بقوه..
ـ لا قولتي..وأنا لازم أثبتلك عكس كلامي..
هتفت بسرعه، تؤيد حديثه..
ـ خلاص..خلاص..صدقت..
ـ صدقتي إيه؟
ـ صدقت أن الزمان مبيرجعش..بس نقدر نعيشه تاني…
ـ وهتسافري معايا..
اومأت برأسها بطاعه.
ـ ايوا..وهتمشيني عالكورنيش..وتأكلني حمص الشام…
أكمل بحماس عنها..
ـ هننزل البحر، وأفضل حاملك علي كتفي رغم إنك بتعرفي تعومي..بس أنتي مكاره..
ـ بعرف أعوم بس عمري ما جازفت وإتجننت ونزلته غير معاك..بشبط فيك لانك أنت بالنسبالي الأمان..
———————
😘
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.