رواية رحماك الجزء الثالث – الفصل الواحد والعشرون
——————-–—
بسم الله الرحمن الرحيم..
«اللهم استرنا بسترك الجميل، ولا تفضحنا بين خلقك ولا تخزنا يوم القيامة اللهم أعلِ بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم أسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض ويوم العرض عليك».
21/(بابا…)
بشقة كريمة.…

أسبوعا مر عليها هنا..ثقيل..حزين..جفت دموعها من كثرة النحيب..وهزل جسدها..خارت قواها، وأنتهت حياتها قبل أن تبدأ…
ماذا جنت بحياتها كي تعاقب بتلك القسوة..ويكون الفراق دوما من نصيبها..
لا أم تحنو عليها، ولا أب تستند عليه، ولا أخ يجفف دمعها..
وحده هو من كان لها كل هذا، من كانت ترمي كل وجع العالم بين يديه….
كان لها أبا حنونا، وأخا مؤنسا، وصديقا وفيا، وبأحلك وأقسي لحظاتها مارس دور الأمومه عليها..
أغمضت عينيها، وسالت دمعة وحيده علي خدها، أحرقتها، فمدت يدها سريعا ومحتها.. لا… يكفي بكاء..عمرو لم يتركها..
رددت أسمه بهمس.. قهر.. ووجع..
ـ عمرو..!
وسرعان ما دخلت في نوبة بكاء مريره..
دفنت وجهها بين قدميها تبكي وتبكي
وهل تملك غير البكاء؟ …
إقتربت عمتها منها سريعا ترتدي السواد..تهتف ببكاء..
ـ فوقي ياقلب عمتك حرام عليكي كدا..أنتي كده بتعذبيه..
قولي..اللهم آجرني في مصيبتي وأخلفلي خير منها…
رفعت وجهها، وهتفت بشراسه..
ـ لا عمرو مامتش وهيرجعلي..لو كل الدنيا قالت مات ممتش، أنا واثقه…
عاودت عمتها البكاء مرة أخري بصوت أعلي..
ـ علمه عند الله يابنتي..ربنا عاوز كده..قولي يارب.
رمقتها كريمة بوجع، وهتفت بتوسل..
، متقوليش كدة ياعمتو..والله مماتش..قومي إقلعي الأسود ده..متفوليش عليه..
هزت منيره رأسها بحزن عليها لتهاودها، حتي لا تدخل بنوبة أخري من الانهيار والصدمه..
منذ علمت تلك الليله بما حدث له وهي بعالم آخر تفيق وتدخل بنوبه أخري.. …
تستيقظ وتصرخ بإسمه، وتغفو بالمهدئات بصعوبه…
مسحت منيرة دموعها بطرف حجابها وهي تدعو بحرقه..
ـ الله يلعن الاهمال إللي في البلد..منكوا لله ياللي حرقتوا قلوبنا..ويتمتوا كام بيت وأسرة..ياارب صبرنا..
رفعت كريمة رأسها، وهتفت بأمل..
ـ مامتش قلبي بيقولي أنه عايش وأنه لسه بيتنفس..طول ما قلبي لسه بيدق يبقي عايش..صدقيني ياعمتو..عمرو هيرجع..دا لو جراله حاجه كنت أنا كمان مت..
أنا متأكده أنه عايش.متأكده..
منيرة بأمل….
ـ ياريت ياكريمه..ياريت يكون عايش..ويرجع ويبرد قلوبنا..
بالخارج..
تجلس والدته مربطة الرأس عيناها تذرف الدمع كشلال..أمامها تجلس جدته (لأمه، لواحظ)..تندب بلا انقطاع..
ـ يااما قولتلك بلاش بت سعاد يا تميمه، دي بومه ونحس زي أمها..خرابة، وحرابة..
ما هي الحربايه هتخلف إيه…طااوس..هتخلف حرباية زيها.
تميمه بحزن..كفاية يا امه حرام عليكي وكريمه ذنبها إيه، دي من ساعة ماسمعت الخبر وهي في دنيا تانيه..دي أعمار يا أمه، ودا قضاء ربنا، وعمرة، وأنا راضية وصابره..
ـ اللهم لا لوم ولا إعتراض علي قضاءك يارب..
يارب صبرني..
لواحظ بغل…طول عمرك هبله، وفايته حقك..
تميمه بصبر علي حديث والدتها..
ـ كريمه وصية الغالي الله يرحمه(ابوها)..بلاش كده الله يرضي عنك يا أمه..
لواحظ بغل أكبر…ياريتها كانت غارت في داهية ومتجوزتوش، دي بومه، وقدمها شووم ونحس..
دلف أخيه الأصغر( معين)، وخلفه مراد ومعاذ، ومصطفي. فإنتفض أباه الصامت تماما لا يتكلم ولا يبدي رد فعل من الصدمه….
ـ ها ياولدي، لقيوا الجثه..برد قلبي ياولدي..أخوك حي ولا ميت…
نكس معين رأسه..وهتف..
ـ لا يا حاج..ملقنهوش لا حي ولا ميت، لفينا عالتلاجات كلها ومتعرفناش عليه..
حتي تحاليل الدي أن إيه.. إللي أتعملت للجثث الخلصانه، مراد أشرف عليها بنفسه، مفيش ولا تحليل انطبق عليه..
في ناس كتير مش لقينها، وأهلها هيتجننوا عليها..
صاحت تميمة بأمل..
ـ يبقي ولدي عايش صح ياداكتور مراد..برد قلبي الله يرضي عنك…
هتف مراد بحزن..
ـ مش عاوز أديكي أمل ياحاجه وأطلع كداب..
دي مش حادثه سهلة.. دول 3 اتوبيسات في بعض وعربيه نقل كبيره، ويمكن في ناس في مستشفيات تانيه لسه موصلناش بلاغ بيهم..
عربية النقل كانت محمله مازوت مخلتش حاجه وعلي ماوصل الإسعاف في جثث بقت رماد….حتي الجثث إللي يعني.. بصعوبه إستدالينا علي أصحابها..
واللي لسه عايشين بين الحيا والموت ياعالم..هما الشاهدين عن الحادثه..وأكيد في ناس شافت عمرو….
فإحنا مستنين وعلي أمل…
ضربت الجده علي رأسها بقوه بينما انفجرت النساء بالبكاء والعويل….
لواحظ بحرقه..بومه وقدمها شوم منها لله زي أمها..
جز مراد علي اسنانه وهتف بصبر بعدما فهم علي من ترمي الحديث…
ـ دا قدر ومكتوب ياحاجه..كريمه ملهاش دخل وياريت مش كل شويه تسمعينا البوقين دول كل ما نيجي هنا، لاحظي أن كريمة تعبانه، وأعصابها تعبانه، ومش هسمح بحد يهينها أبدا….
أكملت لمار بدلا عنه بحرقه ووقاحة تليق بهم …
ـ هي أكتر حد فيكم قلبه محروق، مشوفناش واحده منكم انهارت ولا وقعت من طولها يعني..ولا هو كلام يحرق الدم وخلاص..ثم إيه اللي مقعدكم هنا لدلوقت..
صرخ مصطفي عليها..
ـ لمار اسكتي..أخرسي عيب كده…
نظرت له بغيظ ودلفت لغرفة كريمة..وتبعتها خديجه وخلود
دلفت خديجه للداخل، واقتربت وحاوطتها بحمايه..
كريمه كالزهرة الرقيقة، وكان هو ساقيها الحنون..
هتفت كريمه برجاء..
ـ لقيوه صح وهيرجع مش كده يا خديجه..
خديجه بإبتسامه وهي تمسح علي وجهها بحنان..
ـ قلبك حاسس أنه عايش..
اومأت برأسها..
ـ يبقي عايش ياكريمه..وهيرجع بس إجمدي وقولي ياارب..
إنفجرت بالبكاء..هاتفه بتوسل..
ـ يارب..وحياة حبيبك النبي يارب…
~~~~~~~~
ببيت قديم يعود لنادر علي الطريق العام..
جلس نادر علي المقعد بتعب..
وهو يمسح حبات العرق بمنديل ورقي..
و بصدر يعلو ويهبط..لجاسر الملقي أرضا مربط الايدي والقدمين..
ـ أف تعبت..بس متقلقش..هآخد فاصل ونواصل..
تحدث جاسر بصعوبه..بكلمات مقطعه
ـ خلاص يا نادر..أقسم.. بالله.. ما هقربلها تاني..
فكني عشان.. خاطر العيش.. والملح..
نادر بتهكم..
ـ عيش وملح إيه يالا..يا نجس يا كلب..وأنت إللي زيك يعرف يعني أيه عيش وملح.
حظك أن مراد، ومصطفي مشغولين وسيبينك ليا..وأنا بقي معنديش يأما إرحميني..
أنهي حديثه مستقيما راكلا إياه، ببطنه بقوه..
ـ اااه..إرحمني..
نادر بغضب…
ـ وأنت كنت رحمت البنات إللي مرمط شرف أهاليهم في الأرض يا وسخ..
ـ ااه. حرمت يا نادر..سيبني هموت..توبة
لكمه أخري، وبصقه..وأكمل بشماته..
ـ ماتموت..ألاوساخ إللي زيك حلال فيهم الموت…
أنهي جولة اليوم، ولملم متعلقاته..وأمر الرجل الذي يجاوره بأن يطعمه ويسقيه ويعالج جروحه للغد..
منذ احتجزوه، وهو يأتي يوميا لينال منه ويذهب..
بالخارج..
مغاوري بتساؤل..
ـ ها شفيت غليلك أنهارده ياداكتور.
نادر بغل..
ـ لسه يا مغاوري..عينكم عليه..الوسخ ده عاوزه يقول أن الله حق…
مغاوري وهو يتحسس عنقه..
ـ رقابتي يا داكتور…
أخرج نادر من جيبه رزمه من الأموال، وأعطاهم لمغاوري..
ـ أمسك مش خساره فيك..
مغاوري وهو ينظر للأموال بفرحه..
ـ كدا كتير ياباشا..خيرك مغرقنا..
نادر بتهكم…دول عشان متبعنيش وتفكه يامغاوري، هو أنا مش عارفك..
مغاوري بلهفه..
ـ عمري يا داكتور..أنت مش عارف أنت غالي عندي أد إيه ولا إيه؟..دا كفايه وقفتك معايا وجدعنتك في تعب أبني..
نادر بصبر..
ـ يعني شيلهالي جميله يا مغاوري..
مغاوري بصدق..جميلتك فوق راسي العمر كله يا داكتور..ومن غير حاجه خالص..أنا أبن بلد وصاحب صاحبي واستحاله ابيعك..
أطمن ياداكتور وأتكل عالله شوف مصالحك..أنت لسه متعرفش مغاوري وعاذرك..
نادر بإبتسامه، وهو يصعد لسيارته..
ـ يارب تخلف ظني فيك يامغاوري، وتصدق للاخر..
دلف نادر لسيارته، ونظر لهاتفه وجدها رسالة من ألما..أتسعت عينيه وهو يقرأ ما بها
دقيقه وكان يصيح علي معاذ الذي جبرته الظروف علي معرفته بالهاتف..
ـ معاذ أنت فين…؟
ـ أنااا
ـ طب أفتح تليفونك، وبص عالكاميرا بسرعه..
~~~~~~~

ببيت معاذ..
دلف مرتضي للبيت بأريحيه مستغلا أن لا احد
هنا معاذ وخديجه منذ حادثة عمرو، ويقضون اليوم بأكمله بالخارج وأن أتوا يأتون بأخر الليل..حيث نام الجميع
أماني بحده لألما..
ـ خلي عينك عالباب لو أي حد جه نبهيني أنتي فاهمه..
هزت ألما رأسها بطاعه وخبث باتت تجيده جيدا…
ـ حاضر يامدام..متقلقيش كله تحت السيطرة..
نظرت لها أماني بسعاده..
ـ بدأتي تفهميني، وشكلك كده هتعمري معايا..
اصطنعت ألما فرحه وبسمه علي وجهها وهتفت..
ـ بجد..دا يوم المني ياهانم..بس تراعيني شويه،العيشه بقت غاليه أوي..
أماني بغرور..وهي تدلف للغرفه..
ـ تراعيني أراعيكي..ويالا بقي نفذي إللي قولتلك عليه..
~~~~~~~~~~
بغرفة أماني.
دلفت أماني للغرفه، وخلعت مئزرها، وإقتربت من مرتضي الذي ينظر لها بخبث…
ـ دا إحنا قلبنا قوي أهو..وبقينا نطلب أجي البيت..
ألتصقت به، وسحبت السيجاره من فمه، وهتفت بلا مبالاه..
ـ جوزي وواحشني ، ولا مش من حقي..
تفحصها مرتضي بخبث من أعلاها لاسفلها..
ـ جوزك؟!، أممم ما علينا، وأنت تتنسي ياجميل..بس مش كان أولي تيجيلي أنتي ولا أيه؟
أماني بغيظ..
ـ أنت نسيت إني المفروض مريضه، ومبمشيش أد كده ومبتكلمش..
حك مرتضي رأسه بتفكير..
ـ عندك حق..المهم خلينا في إللي إحنا فيه..
اقتربت لتتحسس صدره..فأبتعد عنها مبتلعا قرفه منها بمهارة لم تلاحظها….
ـ بقولك فوقي كده، وخلينا نتكتك للي جاي..
ابتعدت عنه وهي تسحب نفسا آخر من سيجارته..ونفثته ببطء..
ـ وإيه بقي إللي جاي..خديجه وخلاص مبقتش تقدر تستغني عن الجرعه..
مرتضي بخبث..
ـ وتفتكري ادمانها كفايه…
ـ تقصد إيه؟
ـ أقصد إني عندي خطه ليكي تخليه يقتلها مش يخلص منها، ويطلقها بس..
أماني بإهتمام..
ـ خطة إيه دي…أنا مبقتش أثق في خططك كفاية الخطه الهبابه إللي عملتها علي إيمان…
أهو حسين إللي مات، وهي فضلت عايشه..
مرتضي بثقه..
ـ لا متقلقيش المرة دي خطتي متخرش الميه..إسمعي بس..
هتفت بلا مبالاه..
ـ قول…اللي عندك….وأشوف
ـ إسمعي يا ستي
~~~~~~

بشقة معاذ…
بعدما أستأذن منهم علي عجل، بعد مكالمة نادر..تركهم ببيت كريمة..ورحل..
أغلق معاذ الهاتف، وهو يتصبب عرقا من مدي حقارة والدته…كيف لها أن تكون بتلك الحقاره..
اغمض عينيه، وهو يكافح أن لا يتقيأ..
بجانبه نادر التي أتي مهرولا خلفه ليري ما يحدث..
وراضي الذي هاتفه نادر ليلتقيا هنا سرا لمتابعه سير خطتهم..
نادر بقلق عليه..
ـ معاذ أنت كويس..؟
هز رأسه ببطء..وهتف بصوت مختنق..
ـ أه كويس..متقلقش
راضي بشك..
ـ بقولك يامعاذ هي والدتك لسه علي ذمة مرتضي…
معاذ بصدمه..
ـ مش عارف..إللي أعرفه أنه طلقها لما اتقبض عليها..
ليه؟!
راضي بصبر…
ـ يعني مشوفتلهاش ورقة طلاق؟ …
ـ لا مشوفتش أنا مكنتش موجود، بابا إللي كان متابع..
راضي بلهفه..
ـ طب اتصل بيه واسأله..
معاذ بشك..
ـ ليه…مهتم كدا..أفهم..
راضي بهدوء..
ـ لو مش متجوزين..قدامنا فرصه نقبض عليهم متلبسين بقضية زنا..غير البلاوي إللي بيخططولها ومتسجلة صوت وصوره..
انتفض معاذ..مردفا برفض قاطع…
ـ لالالالالا..إلا كده..أنت عاوزني أخرج امي كده بملايه لف…أنسي ياراضي..لا يمكن يحصل..مش ممكن
نادر بسخط..
ـ أنت لسه باقي عليها، بعد البلاوي دي كلها..فوق يا معاذ..
نظر لنادر بألم وهتف…
ـ دي أمي فاهم يعني أيه؟
مهما عملت أمي…أعمل أللي أنت عاوزه يا راضي بس بلاش كده، لو ليا خاطر عندك..
زفر راضي بحزن عليه…وهتف وهو يلتقط هاتفه..
ـ يبقي نستني لما ينفذ الخطه إللي عملوها..ونقبض عليهم متلبسين، مفيش غير كده….
كده او كده أمك مش هتشوف النور تاني..
وخصوصا بعد إللي بتخططله وأللي عاوزه توقع شركتكوا فيه..
معاذ بكسره..
ـ عارف..بس بلاش عشان خاطري تعرف محمد حاجه..خليه يفرح وينبسط..هو يستحق..
تركه راضى بعدما وعده بألا يخبر محمد شيئا، وتبعه نادر..
ارتمي هو علي الاريكه بقلب يقطر ألما…هامسا بوجع..سامحني ياصاحبي، ربنا يفرحك..
~~~~~~~~~~~~
خرجت من غرفه كريمة بعدما راحت بثبات عميق. تبحث عنه..
ـ أومال معاذ راح فين؟
مراد بهدوء..
ـ راح مشوار مهم..لو كريمة نامت يالا أوصلكوا ..
ـ ااه نامت..يالا بينا..
بعد ساعه..
بالسياره…
خديجه بتساؤل..
ـ معاذ فين يا مراد..برن عليه مبيردش..
ـ في الشقه بتاعته..هوصلك ليه الاول..
خديجه بقلق..
ـ الشقه..ليه..هو كويس..؟
مراد بتنهيده، وهو يمسح علي وجهه..
ـ اااه كويس متقلقيش..
نصف ساعه أخري
وكانت تدس المفتاح الذي بحوزتها بباب شقته بهدوء..
دلفت تبحث عنه علي أطراف اصابعها.
فوجدته ملقي علي الفراش واضعا ذراعه علي وجهه..
جلست القرفصاء بجواره..ومدت يدها لتزيح يده..
تهمس بإسمه بهدوء….
ـ معاذ..
~~~~~~~~

بسيارة مراد..
شاردا ضائعا..ما حدث لعمرو ولكريمه يدمي القلب..أي حظ عثر طال إبنه خالته..
يسوق السياره بعقل مشتت..كاد أن يصتطدم أكثر من مره بأخري..
أما هي تجلس بجانبه ترمقه بقلق كل دقيقه..تاره يزيد من سرعة سيارته..وتاره أخري يبطء فتصدم بالتابلوه أمامه، وهو، مازال شاردا بحاله..ويبدو أنه نسي أنها بجانبه.
أغمضت عينيها بحزن..وهي تفكر أنها
مقصره هي من ناحيته، وتعلم هذا جيدا..
مدت يدها المرتجفه، وأمسكت بيده بجرأه جديده عليها..
جفل ونظر لها سريعا..وكاد يصتطدم بالسياره المقابله له..
فسحبتها سريعا..
زفر وهو يصف السيارة بجانب الطريق..
لم تترك له الفرصه ليتفاجيء..
باغتته وأقتربت منه، وأمسكت بوجهه بين كفيها..
وهتفت..
ـ مراد أنت كويس..؟
تسمرت عينيه علي عينيها، وتلاقت نظراتهم طويلا..ألي أن قررت هي قطع تلاقي النظرات هذا، وهي ترتمي علي صدره، وتحاوط عنقه بقوه..
تمتص تعبه وشروده..تخبره أنها هنا بجانبه..
ثواني وكان يزيد من ضمها لصدره..مردفا براحه لم يجدها ألا بين ذراعيها..
ـ كنت محتاج الحضن ده أوي ياخلود..خليكي جمبي متبعديش..
همست وهي تزيد من أحكام يديها علي عنقه..
ـ أنا جمبك مش هسيبك أبدا، أوعي أنت تنساني..، فاهم.. أبتسم علي أمرها الطفولي له.. وهتف.
ـ فاهم..
~~~~~~~~~~

بكافيتريا قريبه من بيت لمار..
يجلس مصطفي ينتظر ردها علي ما أخبرها به بصبر .
لن يستطيعا أقامه حفلا للعرس، في تلك الظروف أبدا …
ولا لأجل مسمي…ولا يريد تركها بعيدا عنه..
لمار شعله موقده يجب أن يسيطر عليها
دائما..جالبة للمصائب وللمشاكل دوما…
هتف بصبر..
ـ ها يالمار قولتي إيه؟
نكست رأسها بحزن…
تعتقد أنه دائم الشك بها ، وهذا ما يؤلمها..
خائف من أن يبقيها بمنزل أخيها، فتعود لما مضي خصوصا، وهي علي مشارف إنهاء امتحاناتها، ودخول الجامعه..
ولكن يعلم الله أنها من عشقها له، لم تعد تري رجلا آخر أمامها ولا بحياتها..
فذلك الجلف أمامها إستطاع ببراعة إيقاعها بعشقه..
عاود نداءه بإسمها، حينما لاحظ صمتها..
ـ لمار….
زفرت ورفعت رأسها وهتفت..
ـ أنت شايف أن دا وقته يامصطفي..
مصطفي بحنق..
ـ قلتلك هستني تخلصي إمتحانات..ونسافر أنا شغلي مأجل استلامه ومش تحت أمري حضرتك، ومش بمزاجي والله..
لمار بشك وتهكم..
ـ عشان شغلك بس.. ولا عشان لسه شاكك فيا..
جز علي أسنانه، وهتف بصبر مقدرا حالتها النفسيه السيئه..
ـ أنا لو شكيت فيكي يبقي بشك في نفسي..وأنا معنديش شك في نفسي يالمار..
هسيبك تفكري..لحد آخر يوم في الإمتحانات..وبعدين قوليلي قرارك..
هزت رأسها بهدوء..وهتفت..
ـ طيب ..
~~~~~~~~~
بشقه معاذ..
رفعت يده عن وجهه بحنان، وهمست…
ـ معاذ..أنت كويس..
رمقها بعينين ملؤها الألم والانكسار..ولم ينطق..
ساعدته أن يستقيم..وجلست بجانبه..
ـ مالك يا معاذ..وإية إللي جابك هنا..
نكس رأسه بألم، ماذا يخبرها..؟
أيخبرها أن والدته بجلالة قدرها تخطط للنيل من شرفها..وأن تجعلها علكه بأفواه الجميع..تخطط بأن تندس شرفه، وهو من إلي الان لم يلمسها، ويعاملها كملكه متوجه..
أيعقل أن تنتصر والدته، وتسلبه روحه منه، وتحرمه منها الي الأبد..
مدت يدها ورفعت وجهه، ومن تعابير وجهه شعرت بتخبطاته، قلقه، وحيرته..
أمسكت بكف يده، واحكمت عليها بين يديها..
ـ مش عاوز تحكيلي..من إمتا وأنتي بتخبي عليا..
رمقها بإبتسامه مصطنعه..
ـ تعبان شويه..شويه صداع، متقلقيش
بهدوء إقتربت منه، وأحتضنته بقوة …
إبتسم، وهتف بمرح مصطنع، حتي لا تقلق هي..
ـ بتعوضيني كده يعني..هفضل لحد إمتي، أفهمك أن ده مش بيساعدني أبدا.
دا أنتي كده بتفتحي علي نفسك فتوحه..
قهقهت علي مزحه..وضربت عنقه..
ـ رخم أوي..أنت مش كنت زعلان..أفضل زعلان..
هتف بإمتعاض، وهو يحملها علي قدمه..
ـ عاوزاني انكد علي نفسي يعني يا خديجه وأتقهر وأموت..
صدمت من رده، وابتعدت بوجهها عنه..وهتفت بعتاب..
ـ بعيد الشر عنك..إيه الكلام دا…متقولش كده تاني..سيرة الموت بقت بتخوفني..كفايه لحد كده..
معاذ بترو، وهو يخلع عنها حجابها..
ـ الموت علينا حق يا خديجه..أوعي تخافي منه..
خديجه بتردد، وخوف لا إرادي..
ـ مش خوف..أد ما هو مش هقدر أتصور حياتي من غيرك..الفكره نفسها بترعبني..أوعي تقول كده تاني…
أنا كل ما حط نفسي مكان كريمة بحس بنار بتقيد فيا…
وأفضل أقول هي إزاي صابره كده..؟
معاذ بحنان، وهو يضمها لصدره…
ـ ربنا يصبر قلبها..ويعينها عاللي جاي، ويبرد علي قلبها..
ـ يارب…
صمت قليلا، ورفع وجهها، وهتف بخبث..
ـ ماتيجي بقي أقولك كلمه..
هتفت بلا فهم..
ـ كلمه إيه دي..أنت مخبي عني حاجه. صح…
معاذ بمكر..
ـ حاجه واحده، قولي حاجات..
خديجه بقلق..
ـ إيه قول بسرعه، خضتني..
معاذ وهو يقلدها..
ـ خضتني..تموت في الكلام..والرغي..
خديجه بغيظ..معااااذ..
اقترب منها، وهمس بأذنها بمكر..
ـ صليتي الظهر، ولا لسه؟
خديجه ببراءه، وعدم فهم..
ـ آه صليت في بيت كريمه قبل ما آجي..
هتف بفرحه..صلاة النبي أحسن، هو دا ..
خديجه بصدمه..وهو يحملها بين ذراعيه..
ـ إيه في إيه، نزلني يامعاذ..
قذفها علي الفراش، وهتف وهو يخلع قميصه بسرعة..غامزا لها بعينه..
ـ هقولك..كل حاجه..صبراً
فهمت عليه، وهمت بالركض..إلا أنه أحكم حصاره عليها وأردف بخبث….
ـ رايحه فين..؟
خديجه بخجل..
ـ معاذ إتلم.. وإحترم نفسك..
معاذ بإمتعاض، وهو يلتقط شفتيها بخاصته..
ـ أتلم أكتر من كده، هيقولوا عليا سوسن..
شهقت..
ـ هاا..معاا..
لم تكمل باقي حديثها..عاود تعنيفها بشفتيه بقوه..
آخذا حقة فيها عنوة، لم تجد مفر للأختباء منه إلا بين ذراعيه..
وسكتت شهرزاد..
~~~~~~~~~
بشقة كريمة..
لم تصمت الجده عن ولولتها، ولا لوم كريمه..إلا بعدما صاحت منيره بها وهمت بطردها شر طرده..
هاتفه بقوه..أن البيت بيتها وليس مرحبا بها خصيصا به.
لولا رنين جرس الشقه من أوقفها، لكانت جذبتها منيرة عنوة وقذفتها بالخارج..
فتحت الباب أحدي شقيقات تميمه، وصدمت من ما أمامها كانت سعاد ترتدي ملابس ملونه مكاده بهم، وترمقهم بشماته..
دقائق وصرخت صرخه قويه، أفزعت تلك النائمه..
خرجت كريمة سريعا من حجرتها لأول مرة منذ ما حدث..
ـ في إيه..عمرو..
قطعت حديثها، وهي تري والدتها أمامها..
ـ ماما..
كادت تجري عليها لولا حديث والدتها الحاد..
ـ قلبي داعي عليكي ياكريمه..خالفتيني، وخرجتي برا طوعي، وضحك عليكي الواطي…أهو ربنا حرق قلبك عليه..
صدمة أجتاحتها رجعت علي أثرها للخلف قليلا..
أيمكن أن تغرز الكلمات بقلوبنا وتدمينا، أقوي من نصل سكين حاد ..
هتفت بوهن..
ـ ماما..أنتي بتقولي إيه…دا عمرو..
دارت معركه أخري من الشماته والكلمات بين والدتها وجدة عمرو، وتميمه حماتها..ما فهمته أن والدتها كانت عاشقه لوالد عمرو..والكل يعلم…ووالد عمرو عاشق لتميمه..
والدتها تغار من تميمه..لأن عمها لم يختارها هي…وأختار تميمه صديقتها.
جدة عمرو كانت امرأه صلبه وقويه وذات جسد قوي..انقضت علي والدتها، وإنهالت عليها بالضرب وشاركتها أشقاء تميمه أيضا..
بينما هي إنزوت بعيدا، بأحضان عمتها التي همست بأذنها..
ـ سيبيهم يولعوا ببعض. عيله وسخه كلهم..
هتفت كريمه ببكاء بأذن عمتها..
ـ كنت فكراها جاية تاخدني في حضنها..ياعمتو..نفسي أحس اني ليا أم..
أقتربت منها تميمه، التي كانت تقف بجوارهم، وأخذتها من أحضان عمتها عنوه..
واحتضنتها بحب بعدما إستمعت لكلماتها بأكملها، وعلمت ما تعانيه..
ـ هفضل أمك لأخر العمر..أوعي تفكري إني محملاكي ذنب موت عمرو..دا كان روحه فيكي..وأنا إللي يحبه عمرو..أشيله في قلبي وحباب عنيا العمر كله..
ـ إرتمت بأحضان تميمه…تبكي بحرقه..
ـ مامتش عمرو هيرجع..متأكده انه هيرجع..
تميمه بثقه وهي تبتعد عنها..
ـ وأنا والله يابنتي قلبي حاسس أنه هيرجع..
إنتهت المعركه بالفوز لصالح والدة تميمه وشقيقاتها.بعدما فض الشجار بينهم شباب العائله بصعوبه..
استقامت سعاد تصيح بغضب، واقتربت من ابنتها وجذبتها من شعرها بقوه..
ـ طول عمرك وسخه وناقصه..أمك تنضرب قدامك..ومتدافعيش عنها..اتفو عليكي..بس ملحوقه
يالا انجري قدامي إللي كان ليكي هنا..غار في داهيه..
هتفت لواحظ بحرقه..
ـ يالا خديها وغوري من هنا.. جوازة الشوم والندامه..
فلت صبر منيره ولم تعد تتحمل، فهتفت بحرقه وصوت مرتفع..
ـ خلصتو كلام وخناق..؟
نظر الجميع لها بإنتباه..
فصرخت بهم..
ـ أن كنتوا خلصتوا… براا..كله براا من بيتي يالا..
دا بيتي أنا، وكريمه مش هتتحرك من شقتها طول ما أنا عايشه..بره..
وأللي هيقربلها هطلبله البوليس وابلغ عنه بره..
لواحظ بغضب..
بتطردينا يامنيره..عجبك حديت أختك ده يا أبو عمرو..
هتف الرجل أخيرا بحرقه..
ـ آه عاجبني وعندها حق…يالا يا معين حضر العربيات تنزل الحريم البلد..
ـ يالا..
تحرك معين ينفذ أمر والده بينما أمسكت منيره بسعاد وقذفتها بالخارج..
ـ برا ملكيش بنات هنا..وقسما عظما لو قربتي منها لابلغ عنك، وأوديكي في ستين داهيه…برا..
سعاد بغيظ..مش هسيبها، ولا هسيبهالك تتهني بيها أبدا….
منيره بغضب..
ـ غوري بقي ياشيخه..
~~~~~~~~
رحماک3
دعنـي أراک
✍️أسما السيد✍️
————–
بعد يومان آخران..
بالمزرعه..
(اﻟﺘّﻨﺎﺯُﻻﺕ… ﻓِﻌﻞ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑِﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻫﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻚ..)
كتبت هذه العباره علي صفحتها الشخصيه قبل أن ينهال عليها المتابعين بالرد عليها من كل حدب وصوب…
إعتادت ذلك منهم، ولكن ما لم تعتاده هو أن يرد عليها..ببوست مشابه رداً عليها..
ـ [أقسي التنازلات.. هي أن تتنازل لمن هو ملك لك لآخر تعلم أنه يريده منذ البدايه في غفله منك..معتقدا أنك تبني له جسرا من السعاده يعبر به، لبر الأمان.. متناسيا وجع قلبك وحياتك التي أصبحت حطام..
اقسي التنازلات….كانت تنازلي عنك أنت..ولو عاد بي الزمن..ما فعلت ما فعلت..ولكن..حينما أنظر لقطعتي السكر خاصتك..يبتسم القلب..ويخبرني العقل..أبشر يا رجل فتضحيتك طرحت ورد..#أحبك..]
إحتضنت الهاتف…وأشبعتة تقبيلا…وهي تبتسم بسعاده..
لا تصدق أن الليله ستكون أخيرا له..زوجته
لمحمد عشق الصبا، ومنية القلب…
الليله ستزف له عروسا بعدما إستغل إعترافها تلك الليله..
وهرول كالمجنون يسوقها خلفه…
صائحا بعلو صوته..أنها اخيرا إرتضت به..ووافقت..
أخجلها أمام الجمع..وإضطرت أسفا أن توافق عليه..
مجنون…وكم تعشق جنانه وهوسه بها..
ماذا ستتمني غير ذلك..رجل عاشق، وصديق يفهم عليها من لغة العيون..وآخر محب حرر قيودها برسالة أخذت عمرا طويلا من حياتها لتتأهل لها..
تقسم لم تعش سعاده كليلتها تلك، باتت بجواره إلا الصباح يحكي، ويحكي بلا إنقطاع، حتي أنه لم يخفي عليها مساعدة ريتا له، حتي أنها الآن أصبحت صديقه لها…حتي شروطها اللعينه لم تواتيها الفرصه لتمليها عليه..
لقد أخذ حقة بها عنوة..وكم عشقت عنفة في أخذ حقة منها، كم هي سعيده بعودة حبيبها المتملك..؟ …
رفعت عينيها للمرآه، فلمحت تلك العيون اللامعه التي ترمقها بخبث وزفرت بغيظ..
ـ أف منك يا صبا..خلصيني بقي…هفضل قعده كدا كتير..
فلتت ضحكه مرتفعه من صبا وتبعتها باقي الفتيات التي يجهزونها لليله عرسها عليه…
فهتفت بحده أكبر..
ـ ااه أنتو هتعملوني تسلايتكم بقي..مفيش غيري..
دارت عينها بالغرفه تبحث عنها..ولم تجدها..
ـ أومال ميسم فين؟
أجابتها ديما زوجة مروان(شقيقة معتز)، وهي تقترب منها، وتحاوطها بحب من الخلف..
ـ أممم ميسم مع رائد، ركزي أنتي في نفسك، وحضري قلبك للفرحة الكبيره.
رمقتها سولاف بتوتر واردفت بقلق…
ـ تفتكري هو مبسوط عشاني دلوقت..؟
قبلتها ديما بحب علي خدها…
ـ عمرة ما إتمنالك غير السعاده..معتز أنتي تعرفيه أكتر مني..تفتكري كان هيبخل بالفرحه علي سولاف حبيبته..
هزت رأسها بلا، ودموعها خانتها لتسقط كل كل علي حده..
ـ لا عمره ما كان بيبخل عليها بأي شيء يسعدها..
مسحت ديما دموع سولاف بكف يدها، ومازالت تنظر لها في المرآه، وعلي شفتيها نفس الابتسامة..
ـ طب شوفتي بقي…إفرحي يا سولاف..وإنسي إللي فات وعيشي حياتك..متسمحيش للحزن يملا حياتك..
هي حياتنا هنعيشها كام مره…
هي مره واحده..فلازم ناخد حقنا من السعاده منها بالقوه..معتز أكيد مبسوط، ومحاوطك دايما، ومحاوط ولاده..إللي السعاده معرفتش طريق حياتهم إلا مع محمد..ودا محدش يقدر ينكره..
اقتربت فريده منهم وجلست أمامها علي المنضده وهتفت بغيظ..وهي تعطيها زوجا من المناديل..
ـ اه قوليلها والنبي..الكئيبه دي..ترحم قلب الغلبان اللي ما صدق يفرح..
رمقتها سولاف بنظره طفوليه، وهتفت بغيظ..
ـ ملكيش دعوه انتي..أف..خنيقه أنتي وأختك..
واتتها ضربه خفيفه، علي رأسها من سلمي..التي هتفت بغيظ..
ـ ماشي ياقطه إثبتي علي كده..يااكش تعمرو مع بعض..ومتمسكوش في بعض كل يوم زي الأول..
خرجت سولاف لها لسانها لتغيظها..
ـ امممممم ملكيش دعوة أنتي، وبعدين ربنا يخليلي فهودي حبيبي يجيبلي حقي، مش شكل ناس..
أطلقت سلمي شرارات نار من عينيها، ونفخت بحده..
ـ ربنا يهني سعيد بسعيده يختي…
وأكملت من تحت أسنانها..
ـ ماشي يافهد الزفت، أن ماوريتك يافهودي..ال فهودي ال..
انفجر الجميع بالضحك علي سلمي وفهد..الذي تكبر معهم مشاكساتهم وشجاراتهم، كلما كبروا..
~~~~~~~~~
ببيت الضيوف بالمزرعه..
تتمسك به بخوف..تأبي أن يبتعد عنها..تشعر بقبضه بقلبها..لا تعلم لما..ولكن..قاطع تفكيرها رائد..الذي
مال عليها متعمقا بقبلته لها..ينسيها قلقها الذي تنقله له جبرا..
منذ أخبرها أنه راحل بعد قليل، ولن يستطع البقاء لحضور العرس لمهمه خاصه قريبة من هنا، وهي تبكي وتتمسك به..
قبلاته تزداد جرأه.. عله يغيب حزنها بعشقه لها…إلا أن جرفتهم معا للحظاتهم الخاصه…
أخذته معها بعالم وردي..ينسيه كافة آلامه، وهمومه
دقائق مرت إلا أن أصبحوا علي وشك صلاه العصر..
انتفض ضاحكا من بين ذراعيها التي تتشبث به..
ـ يامجنونه سولاف هتقتلك..دي المره الألف إللي بتتصل عليكي فيها..العصر هيأذن وهيكتبوا الكتاب..
هتفت بإمتعاض..
ـ أوف..لا خليك جنبي..إحنا لو خرجنا من هنا. أنت هتمشي..
هتف بحزن..
ـ لازم أمشي ياقلب رائد..هو لعب عيال..دا شغلي وأنتي عارفه كده..
هتفت بخوف…
ـ أنا قلبي مش مطمن..ومقبوض..مينفعش تسيب راضي يطلع الطلعه دي..
قرص خدها، وهتف بضحك عليها..
ـ ياسلام..وتفتكري دا حل..وهتبقي مبسوطه أن جوزك حبيبك أبو ولادك جبان، وبيتخلي عن شغله..
هزت رأسها بالرفض..
ـ لا..بس..
ـ مبسش ياقلب رائد..كل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..
استغفري ربنا، وأدعيلي أنتي بس..
اومأت بقلة حيله..
ـ حاضر يارائد..هدعيلك وبدعيلك..أنا مليش غيرك..
أبتسم بحنان لها، ومال مقبلا ثغرها بترو وابتعد عنها..هامسا بخبث….
ـ طب يالا قومي بقي عشان أنتي قعدتك دي مبتجيش وراها خير أبدا..وكده هيرفدوني من الشغل..
قهقهت علي حديثه، واستقامت سريعا من أمامه.
ـ خلاص قمت أهو..اف بقي…

~~~~~~~~~~
بعد ساعه..
بعد صلاة العصر..
بعدما تم كتب كتابها أخيرا، وأخذ كيان موافقتها وتوقيعها علي القسيمه، وأصبحت زوجه له..تجلس تنظر للجمع بجوارها بصدمه..
هل صارت زوجته حقا..
سولاف لميسم بجانبها..
ـ ميسم أقرصيني بسرعه..
ميسم بضحك عليها وفرحة لها..مدت يدها وقرصتها من ركبتها بقوه آلمتها فصرخت..
ـ اااه يا حيوانة…إيدك تقيله اوي..
ـ ميسم بخبث..عشان تصدقي يختي..
دلفت إحداهن ترتدي نقابا وملابس أنيقه واقتربت مباشرة منها فصاحت سولاف بصدمه بعدما علمت من هي؟.
ـ نيـــــــــــره..أنتي جيتي بجد..!
عانقتها نيرة سريعا…وهتفت بفرحه حقيقيه..
ـ يعني كنتي عاوزاني مجيش لفرحك يا سولاف..دا انا فرحانه ليكي أكتر منك..وأكتر كمان عشان محمد الغلبان، إللي بهدلتيه ده..
سولاف بسعاده..
ـ أنا فرحانه أووي أوي يانيره..أوي..
ميسم بغيظ وهي تندس بينهم..
ـ فرحوني معاكم…
ضحكوا عليها، واحتضنوا بعضهم…بسعاده..
إنضمت نيره لهم..وانغمست معهم بالحديث بسهوله..
بينما إقتربت ساجده، وهمست بأذنها..بشيء وسحبتها بخفه من بينهم..
سولاف بتساؤل..
ساجده..أنتي مودياني علي فين..؟
ساجده بضحك..أصبري صابره يا سولاف..
أدخلتها لغرفه ما..وأغلقت خلفها..
سولاف بصدمه من فعلتها..
ـ هو في إيه؟
لفت رأسها لتنظر للغرفه، ولكن سرعان ما شهقت رعبا، وأحدهم يحاوط خصرها بذراعيه بتملك..
ـ مراتي..بقيتي مراتي ياسولا.. بعد سنين مرار عجاف..بهدلتيني وخلصتي عليا..
قربها أكثر منه، إلي أن ألتصق ظهرها بصدره..
همست بخجل، وجسدها ينتفض من يديه التي تتحسس خصرها بوقاحه..
ـ محمد..؟
رفع يده اليسري وأزاح تلك الطرحه، التي تخفي عنه شعرها الذي إشتاقه حد الجحيم.وألقاها أرضا بعنف..
وعاود الهمس بالقرب من أذنها..
ـ يا روح محمد..
أغمضت عينيها، وهي تلتقط أنفاسها بصعوبه، تحاول الثبات، وألا تنزلق قدميها، وتفضحها..
هتفت بثبات مصطنع..
ـ بس أنت مسمعتش شروطي..
همس بلا إهتمام وهو يدفن وجهه بعنقها من الخلف ويزيد من إحتضانها ..
ـ وإيه هي شروطك بقي..؟
عضت شفتيها، وهمست بلا وعي وشفتيه بدأت بنثر قبلات خفيفه علي عنقها..
ـ أممم..شروطي..ان..
ـ أن إيه..يالا قولي سامعك..
ـ إن جوازنا يعني..يكون علي ورق..
إنتبهت لتصلب جسده، ويده التي تضغط علي خصرها بقوه..
وشفتيه التي توقفت عن تقبيل عنقها..
فهتفت لنفسها بغيظ..
ـ غبيه..يا سولاف…أوف..
قطع عليها تفكيرها هاتفا..بغيظ..
ـ هي كتابتك للروايات أثرت علي عقلك مش كده، ولا دا إجتهاد ذاتي..
شعرت بسخريه حديثه..وهمت بالثأر منه..
أستدارت وهتفت بغيظ، وهي ترفع اصبعها بوجهه..
ـ محمد مسمحلكش تتريق علي كتاباتي..
نظر لأصبعها الذي رفعته بوجهه بصدمه،وهتف بخبث…
ـ أبعدي صوباعك دا، وراجعي نفسك يا سولاف أحسنلك..
سولاف بغيظ..
ـ راجعت..ودا إللي عندي
ـ راجعي تاني عادي..
هتفت بغيظ..
ـ محمد..؟
محمد بضحك عليها..
ـ قرار نهائي..؟
قبل أن تقذف رصاصات أخري من فمها تلوث شفتيها بهم ..كان يلتهمهم بشغف..شوق..وعشق، قاطعا عليها أي ترهات لعينه تهتف بها……
يخرس كلماتها التي تشبهه القنابل الذريه بشفتيه.
يديه تعزف لحنا عذبا علي جسدها، أسكرتها..فإستسلمت برحابه صدر لعشقها البائس له..
دقائق مرت عليهم وكلما تذكرت وحاولت أن تبتعد، يجذبها بطريقته حتي إستكانت تماما..معلنه انهزامها بين يديه..
أبتعد عنها مسندا جبينه علي جبينها، ملصقا ظهرها للحائط..التي لا تعلم كيف اأتت له..
يضحك بسعاده عليها..وعلي استسلامها المخزي..
أبعدته عنها بحده، وغيظ، وهتفت بخجل..
ـ سافل..بطل ضحك بقي..
أمسكها من يدها وجذبها بقوه لصدره..محتضنا إياها بشوق جارف..وحاجه ملحه لإحتضانها، للبقاء بجانبه..لا يصدق أنها هنا أخيرا بين ذراعيه، زوجة له..
لم تكن بأقل فرحة منه..أستسلمت لشوقها له..وحاوطت عنقه بسعاده..
محمد بهمس بأذنها…
همس متملك..يملي عليها أول أوامره ..يذكرها بما نسته..
أنه هو، من تركته بالماضي لم يتغير به إلا تلك السنوات التي طرحت بجسده العديد من الأمراض، وبعض الشعيرات البيضاء التي غزت شعره..أما جنونه وتملكه..مازال كما هو..
ـ تلغي شرطك العجيب الغريب ده من قاموسك….وتنسيه، وتشيلي جنانك ده من راسك..وتبطلي تكلميني بالرقعه..عشان أفهمك
ومسمعش منك غير حاضر ونعم..
همت أن تبتعد عنه، هاتفه بصدمه وإستنكار من تلك الكلمه العجيبه الغريبه التي القاها بوجهها….
ـ بالرقعه؟!
إللي هو إزاي يعني..؟
لم يفلتها رغم إعتراضاتها، ويديها التي تكيل له الضربات علي عنقه..
ـ أنت كنت بتوقعني يامحمد لحد ما تكتب الكتاب مش كده..
هز رأسه بالموافقه..وهتف بضحك عليها..
ـ أينعم..حصل، وحسك عينك ياسولاف…أسمع منك الكلام العجيب دا تاني…
عاوزك زوجة مطيعه..عشان أنتي عرفاني..مجنون وغبي..
شهقت بصدمه..
ـ نعم…يااا..
ـ هاا يا…إيه..؟
أبتعد عنها وهو يعدل من جلبابه..ويضع عمامته التي خلعها
واقترب من الباب ليفتحه..
دلف للخارج بعدما قذفها بقبله بالهواء، متمتا بغيظ..
ال علي ورق قال…البت دي عبيطه ولا إيه، هو أنا اصوم أصوم وأفطر علي بصل.. ؟
ولا كتر الروايات إللي بتكتبها لحست دماغها….
رآه معتز الذي كان يبحث عنه..فاقترب منه سريعا ، فحمله محمد علي ذراعيه بينما هتف معتز.. بسعاده..
ـ محمد أين كنت..لقد بحثت عنك كثيرا…
خرجت والدته خلفه واقتربت منهم..وهتفت بسعاده لرؤيه طفلها..
ـ معتز حبيبي..ماهذا الجلباب الجميل..؟
هتف معتز بفرحه..تشبه جلباب العريس بابا….
صدما الاثنان وابتلعت سولاف ريقها بصدمه..بينما تصلب جسد محمد، شعرت به هي، وهي تضع يدها علي كتفه..وتستند عليه..
فأكمل معتز ببراءه…
ـ لقد أخبرني إدوارد اليوم علي الهاتف، أن أناديك بابا لأنك الآن بمثابه بابا..زوج والدتي يكون… بابا..
إبتلع محمد ريقه…وهتف بترو وصوت مختنق…
ـ وماذا عنك..هل تود ذلك..أم تفعل هذا كما أخبرك إدوارد.؟
إبتسم الطفل، وحاوط عنقه..
ـ أود ذلك..أنا أحبك بابا محمد….
أطلق محمد زفرة حاره، من صدره، وهو يحتضن معتز بكل قوته..بعاطفه لم يستطع طفل غيره إخراجها منه..
يشعر بالإنتماء لهذين الطفلين..هم عطية الخالق له سيتمسك بهم لآخر نفس بحياته…
أغمض عينيه شاردا بالحلم الذي رآه بالأمس..
لقد رأي معتز آتيا بإتجاهه يعطيه بيديه ثلاثة سكاكر، كان سعيدا مبتسما، مطمئنا…
إبتسامه إنتقلت له لا إراديا..
ولم يترك يده، إلا بعدما أحكم هو إغلاق يديه عليهم..
إبتعد وهتف وهو يعود مع تلك الغيامه البيضاء الذي خرج له منها..
ـ بتوعك أنت..خلي بالك منهم..دول بتوعك.. أنا مش هأمن عليهم ألا معاك..
أغلق عينيه مبتسما سعيدا..بعطيته..وبتلك التي إقتربت منه هي الأخري تطالب بحملها كشقيقها..
ـ بابا أنا الأخري
نظر لتلك التي تتمسك بذراعه كأطفالها وهتف بغيظ..
ـ شيلي بنتك هاتيها في حضني..
تأففت بغيظ وهي تحمل إبنتها، وتضعها علي ذراعه.
وهتفت بغيرة..
ـ وأنا مليش مكان..أنا بقيت مراتك علي فكره..
غمز لها، وأكمل بضحك..
ـ الله..وشرطك.؟
ضربت الأرض بقدمها بغيظ، وإستدارت لترحل..فهتف سريعا..
ـ سولاف..
أستدارت له..فهتف بهمس..
ـ بحبك..يا مراتي..
إبتسمت وصعدت سريعا للأعلي..واردفت بخجل..وهي تصعد الدرج..
ـ وأنا بموت فيك ياجوزي..
احتضن الطفلين بسعاده..هاتفا بضحك..
ـ الله يعيني علي أمكم..هتجنني..

~~~~~~~~~~~
بعد العشاء…
بالبلده…
ببيت بعيد بالقرب من الطريق المؤدي للجبل..
حيث يتم التنقيب منذ شهور عن تلك المقبره..
يقف الجد الكبير لميسم (منصور) ونوارس، وشقيق زوجها نصران، وساميه بالنيابه عن زوجها وإبنها الراحل..
من المفترض أن تفتح المقبره من الامس، ولكن للان غير قادرين علي فتحها..
ساميه بغضب..
ـ إيه إللي بتقولوا دا يا حاج منصور يعني إيه، تقللو من نصيبي، ولا اكمني واحده ست، مفكرين أنه بينضحك عليا..
لا فوقوا..أنا واحده ست، بس بكلمه مني أوديكوا في داهيه متنسوش أن تواريخكو كلها معايا.
والبضاعه دي مش هتخرج من هنا، إلا لما نتقاسم النص بالنص.
منصور بغضب…خبر إيه ياحرمه هتهددينا والا إيه،دا إحنا ندفنوكي إهنه، ولا حدش يعرفلك طريق جره..
ساميه بغل..كده…يبقي أنتو اللي بديتو والبادي اظلم ياحاج..
هتف المشعوذ المسؤل عن فتح المقبره…
ـ اهدوا ياجماعه..لسه شويه علي الفتح..عشان نتقاسموا..كدا مينفاعش..خلوني أركز أشوي..
نوارس بحده..
ـ انت بقالك شهر عالحال ده..قدامك الباب أهو..ليه مفتحش الباب لدلوقت..وقولت امبارح خلاص الفتح ومفيش فايده
المشعوذ بخبث..الصبر ياستنا..الصبر..
ساميه بجنون..غير واعيه ألا لنصيبها..
ـ قولتو إيه ياحاج..؟
نصران بحسم..جولنا لااه…نصيبك ١٠٪ وبس..
ـ وان قلت لا..؟
نصران بغضب..
ـ قولي إللي تقوليه..مفيش حرمه انخلقت علي وجه الارض تمشي كلامها علينا..وأنتي خابره أكده.
رمقته بغل وغضب وبدأ الشيطان يلعب بعقلها..
وما هي إلا ثواني ألا وكانت تخرج سلاحا من أسفل ملابسا تهددهم به..
ـ يبقي عليا وعلي أعدائي ياحاج..
منصور بصدمه..
ـ باااه ياواكله ناسك هتقتلينا اياك..دا إحنا ندفنك اهنه..
ساميه بجنون..متقدرش..هخلص عليكم كلكم..
كانت نوارس تقف خلفها، وبسرعه انقضت عليها وامسكت بها من شعرها..
ضغطت ساميه علي الزناد وأنطلقت الرصاصه فشقت صدر الجد منصور…اااه..
صدم نصران حينما وجد والده يفترش الأرض غارقا بدماءه…
وأخرج سلاحه وصوبه عليها، بدأت تلتقط أنفاسها بصعوبه
ثواني واختل توازنها ودفعها المشعوذ بخبث بالحفرة الكبيره حيث باب المقبره..
نصران بصدمه..
ـ عملت إيه يا بهيم إنت..؟
المشعوذ..
ـ بقدم القربان..
.ثانيه، اثنتان…دقيقه، وعم الصمت.. وأستمعوا لصوت باب المقبره يفتح..ورجت الأرض من تحتهم….
المشعوذ..بصياح..المقبره فتحت…فتحت…بالدم..
ولكن قطع عليهم فرحتهم، الصوت الآتي من مكبرات الصوت الخاصه بالشرطه..من جميع الجوانب..
ـ كله يرمي سلاحه..ويستسلم المكان محاصر..
المكان محاصر..
انتفض الحراس، ودارت معركه كان يترأسها رائد وراضي….
دلف رائد لداخل البيت المهجور، بهدوء وخلفه راضي بعدما قتل معظم حراس المقبره..من رجالة منصور..واسر الاخرون
نصران لنوارس، الذي ما زال يختبيء بالداخل.. …
ـ اداري إهنه..متطلعيش..واصل..
إستمعت نوارس لكلامه وإختبأت..، كان يخطط لجعلها كبش فداء لهم ويخرج من الباب الاخر الذي يعلمه..
إلا أن رائد كان أذكي منه..وسد الطريق عليه…هاتفا بشماته..به…
ـ إثبت مكانك..المكان محاصر..
راضي من خلفه..والله ووقعت يا نصران..أخيرااا..
نصران بغل… ما يوقع إلا الشاطر ياراضي..
رفع سلاحه ليصيب رائد، إلا ان راضي باغته سريعا بضربه بذراعه.
انتبهت هي لما يحدث.. وأقتربت منهم.. ومدت يدها وخطفت سلاح نصران، وبلحظه كانت اطلقت طلقه عشوائيه…عرفت طريقها..لصاحبها..
صاح راضي بصدمه علي أثرها…
ـ رائد….
~~~~~~~~~~
بخيمه بسيطه تعود لرجل عجوز من العرب الرحاله..
يجلس الرجل يعد شيئا ما..خارج الخيمه..
أمامه قطيع من الحيوانات يرعاهم..ويرحل بها من بلد لبلد هو ومجموعه من الرجال والسيدات والأطفال.
وأستقر هنا منذ أسابيع قليله، حيث الماء والخضره، لإطعام قطيعه..من البقر والماعز والخرفان..
دقائق ودلفت السيده العجوز خارج خيمتهم فرحه..
ـ الخلطه صابت يارابح…وشكله هيفوج ياواد عمي …
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية رحماك الجزء الثالث) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.