رواية اوهانا الفصل الرابع 4

رواية أوهانا الفصل الرابع بقلم الكاتبة مريم عوف

رواية اوهانا الفصل الرابع 4 (اشتياق  و مرور)

كان يجلس في إحدى الملاهي الليلية و قد تجاوزت الساعة الخامسة  و النصف صباحًا ولم يكن يوجد سوى العمال……لم يكن يأبه على أي حال فقط كان يحتسي الخمر و بيده اليسر يمسك تلك المادلية الفضية التي يتوسطها صورة فاتنته “أسير” ، كانت الشيء الجيد الوحيد بحياته 

لا يتذكر شيئا من طفولته سوى بضع مقتطفات ، شجارات بين والده و والدته التي أنتهت بـ الطلاق و قرر كلاهما التخلي عن مسؤوليته و وضعه بـ دارٍ للأيتام 

و هناك وجد تلك الصغيرة الباكية في عمر الرابعة ، التي جاءت في حادث سير توفي على أثره والديها و بقيت هي وحيدة…..لم تكن تسكن سوى بين ذراعيه و تدريجياً شعر بمسؤولية تجاهها و قرر عدم التخلي عنها

حتى إذا ما بلغ الثامنة عشر عامًا و خرج لمواجهة الحياة و كسب لقمة العيش لم يتخلي عنها بل و قرر الزواج بها حينما تكبر قليلا

أنتظرها سته سنوات حتى أكملت الثامنة عشر و تزوجها ، خلال تلك السنوات كان يسعى بكل جهده کی يكسب ” المال ” تلك الكلمة ظن أنها سوف تعوضه عن كل ما عاناه من ذل ، بذل كل طاقتك و لم يهتم في أي طريق يسير كان مغيبًا ، فقط يتزكر كل ما كان يريده ولم يتوفر له التعليم الذي لم يكن مثل المستوي الذي حلم به ، لم يفكر في تلك الكلية البسيطة المكونة من خمسة أحرف ” الرضا ” ، فقد سولت له نفسه قبل الشيطان ذلك الطريق و الآن هو في نهايته ولا يوجد مفر

*فلاش باك *

كانت أسير تجلس في شقتها البسيطة التي تجعل الشعور الدفء والأمان يتسربان إليها ، مضي عام و الآن قد تأكدت من حملها من ذلك الفارس الذي عشقها ولكن يبدو أن الفارس قرر التمرد 

کانت تمسك بـ ذلك الإختبار الذي أبتاعتع من إحدى الصيدليات القريبة و هي تردد كلمات الحمد و الشكر و دموع الفرح تشق طريقها ” أحمدك و أشكرك یا رب “

مسحت دموعها سريعًا وهي مقررة أن تعد مفاجأة سريعة لـ”رائف” و لكنه فاجأها بدخول فور خورجها من المرحاض،  أخفت الإختبار بـملابسها دون أن يلاحظ و هي تهتف في توتر “ايه اللي جابك بدري يا حبيبي “

حاوط كتفيها بـ يديه و أخذ يقبل كل إنشٍ في وجهها بـ سعادة مفرطة ” خير اوي يا حبيبتي، جالي شغل هينقلنا نقلة تانية خالص “

دفعته بلطف وهي عاقدة حاجبيها بتعجب ” شغل ايه ده يا بابا و بعدين ما احنا مبسوطين كده و الحمد الله”

هتف الأخر بسخرية متعجبًا من رفضها ” يا بنتي بقولك عيشة تانية بدل الفقر و الهم ده “

هتفت الأخرى بـ حدة ” شغل ايه ده يا رائف!! “

نظر لها الأخر يحاول تجميع شتات نفسه…

هل يخبرها ؟!أم يكتفي بكذبة بيضاء

أولها ظهر و أخرج سيجارة يهدئ بها أعصابه ” تجارة “

فقدت الأخري صوابها ، عي تعلم أنه يلاوعها ” تجارة ايه دع يا رائف ، هو أنا هاخد الكلام هناك بالقطارة ، ايه اللى يدخلك تجري مبسوط كده و بعدين تقف زي العيل الصغير تحاول تألف كدبة “

” تجارة ممنوعات ” كان ما يزال يوليها ظهره ، ليس علي إستعداد ليري صدمتها و خيبة آمالها به 

دقائق من الصمت حتى أنه ظن إنها قد غادرت إلى الغرفة و لكن سؤالها المريب هذا…..

” مستعد تخسر نفسك و تخسرني ؟!” 

ألتفت لها متعجبًا من سياق السؤال ، و لماذا تسأله من الأساس

حينما لم تستشف منه إجابة أكملت في سخرية ” شغلانة حلوة كلها حرام في حرام و ماله……و رئيسك عشان يعليك و مراتك عجبته وعايز يقضي ليلة وماله ، واحدة حلوة في إيدها تعليك هي كمان ، ليلة حلوة و تعدي مش هضر “

ألتقت أنفاسها ثم أكملت بصوت حزين يطغى به الخذلان ” سوري يا رائف باشا واضح إن أخترت غلط من فضلك طلقني “

أحتضن وجهها بـ كفيه ” مافيش حاجة من ده هتحصل يا أسير ابدا ، و بعدين طلاق ايه يا حبيبتي اللي بتقولي عليه!! “

هتفت بمرار وحسرة “ بكرة الأيام ثبتلك و انا ماعنديش استعداد أخسر نفسي ، طريقك غير طريقي “

تنهدت بحزن ثم تابعت حديثها ” أنا كسبت مرة لما لقيتك و حافظت عليا من استغلال الناس ، أرجوك يا رائف لو عايز تكمل جميلك طلقني”

اقترب منها يطبع قبلة حانية فوق جبهتها ثم ابتعد يدقق النظر في معالهم ، يحفظها في ذاكرته ” إنت طالق يا أسير “

فعل ذلك و قلبه يسب عقله ب أبشع الألفاظ ، كيف يمكن لعاشق التخلي عن روحه ، بينما عقله يقنعه انه فعل الصواب حتى إذا ما امتلك سلطة يمكنه إرجاعها دون جعلها تخسر نفسها و كأنه يضمن الأيام….

كانت أسيرة منهارة من داخلها ولكنها تظاهرت بالجمود ، لقد تخلى عنها ……ظنت إذ خيرته سوف يعود عما بـ عقله و لكنه مصمم

ترك لها الشقة و أخبرها أنه سوف يتدبر أمره

مرت ستة أشهر ليعود متفاجئا أنها قد باعت الشقة و تركت له ذلك الظرف بنصف المبلغ و عبارات الوداع و إختبار حملها !!!!

و من يومها يبحث عنها كالمجنون ، علم أن العلاق طردية المال لا يتوافق مع راحة البال و السكينة و العكس صحيح……..

و كانت أسير على حق في الأيام أخرجت أسوء ما بـ رائف أو باالأخص رائف كان يخرج غيظه و قلة حيلته بها

مرت ثمان سنوات و لا جديد سوى أن عدد الأسر التعيسة يزداد و يزداد معها عدد الأحبة المفقودة و المستقبلات التي تم تدميرها……

وقفت ” آلاء ” أمام ذلك التقويم ، فقط ثلاثة أشهر  هي المتبقية

حاوطت فاطمة عنق آلاء بيدها وهما ينظران في أعين بعضها ، هتفت “آلاء ” متسائلة ” تفتكري ممكن ننجح في اللي هما ماعرفوش يعملوه !؟ “

هتفت فاطمة بـ درامية ” دعينا لا نسبق الأحداث يا عزيزتي “

لحظة و أنفجرت الفتاتان بالضحك ، ضحك ينبع من القلب و لكن لا أحد يعلم هل سوف يستمر هذان القلبان بـ الخفقان أم للقدر رأي أخر .. يتبع الفصل الخامس والأخير اضغط هنا

أضف تعليق