رواية حلال منسي الفصل الثالث 3 – بقلم اية طه

 رواية حلال منسي الفصل الثالث 3 – بقلم اية طه 

البارت 3

دار العمدة – قبل شهور – فلاش باك

دخلت حبيبة مكتب العمده عمران، ملامحها باينة فيها الانكسار،

قالت بصوت واطي: انا خلاص ضيعت….انت لازم تتصرف الله يخليك… أنا… حامل…

عمران لف وشه ليها،وقال ببرود: انتي اتخبلطي بعقلك ازاي تدخلي عليا اكديه وايه الحديت الماسخ ديه…. جايه تقولي اكديه ليه؟ وانا مالي تكوني حامل ولا متكونيش ماليش صالح…. 

حبيبة حاولت تبص له في عينه: كيف يعني مالكش صالح… الود منك… إنت أبوه… ولازم تساعدني فى المصيبه اللى انا فيها داي….. ابوس ايدك يا بيه استر عليا.. 

عمران ضرب المكتب بيده بعنف، وقام واقف: إنتي اتخبلطي بعقلك يا حبيبة؟! بتقولي إيه؟! انتي عارفه لو الحديت ديه طلع من خشمك تاني هعمل فيكي ايه؟ على اخر الزمن انا عمران العمده يكون لي واد من خدامه عندينا….. اتصرفي في مصيبتك لحالك انا ماليش صالح فيها انتي سامعه.. 

حبيبة صرخت بدموع: كيف يعني اتصرف لحالي وانت مالكش صالح…. أنا ماكدبتش! أقسم بالله ما قربلي راجل غيرك! انت وعدتني بالجواز… وعدتني إنك هتحميني من الناس…دلوك لما فضيحتي بانت علي رايد تتخلى عني….. دلوك بقيت الخدامه وميشرفكش تجيب واد مني… 

عمران لف حوالين المكتب ومسكها من دراعها بعنف: إنتي فاكرة نفسك مين؟! ديه حتى لو كنت ضيعتك، ما حدش هيصدقك… وماليش صالح باللي في بطنك ديه، فهمتي؟!

حبيبة كانت بتترعش من الخوف، بس صرخت فيه: ده ابنك… أنا ما جبتش العار… إنت اللي وعدت… إنت اللي حلفت! وجيتني وعملت اللى عملته ديه…. 

عمران بص لها بنظرة كلها قسوة: أنا عمري ما هعترف بيه… واللي جاي هيكون سواد لو فتحتي خشمك ديه… فاهمة؟ انكتمي… واختفي من الدار ديه وغور فى اي داهيه بعيد عن اهنيه وديه احسنلك انتي بدل ما ادفنك بارضك وانتي مالكيش حد يسال عليكي واصل….. 

حبيبة بصت له، كأنها شافت شخص غريب لأول مرة. قلبها اتكسر، وانسحبت بهدوء، بس جواها كان فيه نار.

قالت قبل ما تخرج، بنبرة مخنوقة: ربنا كبير… والحق مش هيموت… حتى لو إنت قتلته بإيدك واني صوح ماليش حد بس معاي ربنا اللى احسن من الكل وميرضهوش الظلم ديه واصل… 

                ***************

نرجع تاني لوادي الجبل – الحاضر

حبيبة كانت قاعدة  ضهرها محني، ودموعها بتنزل بصمت. رشاد دخل ومعاه طبق شوربة.

رشاد: كلي … جسمك محتاج يتقوى مينفعش اكديه.. مش هتعرفي تصلبي طولك ولا ترد صحتك انتى لسه والده وتعبانه ومحتاجه تتغذي… 

حبيبة همست: ابني… اسمه وحيد عمران… لو حد ناداه غير اكديه، يبقى كداب…انا اللى قولت اسميه وحيد علشان هيبقى وحيد فى الدنيا دي زي ما كنت بالتمام… 

رشاد بهدوء:

وحيد؟! اسمه وجع في القلب، بس يرضى ربنا؟ احكيلي اللى حوصول بالظبط علشان ابقى عارف بس لو داريت انك كذبتي عليا بحرف مش هتعرفي انا هعمل فيكي ايه؟ 

حبيبة مسحت دموعها بطرف جلابيتها وقالت بصوت مبحوح:

أنا كل يوم بنام على ريحته اللى مشيت من حضني… بحس صدري فاضي من غيره… ده أنا يوم ولادته كنت بموت وفرحانة في نفس الوقت… بس لما فوقت وما لقيتوش جنبي حسيت إني ادفنت وأنا عايشة… ما لاحقتش اطل عليه واشوفو… 

رشاد:

استهدي بالله  الوجع عمره ما يدوم … بس اللي قلبه صافي ومظلوم ربنا بينصره ولو بعد حين… وانا بوعدك إني هرجعلك حقك، مهما طال الوقت وانا راجل جدع مبيخلفش بوعده واصل ولا يرضاش بظلم زي ديه…… 

حبيبة رفعت عينيها وقالت بتصميم رغم التعب:

وأنا مش هسكت… حتى لو كان العمدة عمران نفسه هو اللي وقف في وشي… هو اللي غلط، هو اللي وعد، وهو اللي كسرني ورماني زي الخلجات القديمة… بس أنا هرجع… مش علشاني… علشان وحيد… علشان ابني يعرف أمه مين، وما يعيشش في كذبة طول عمره.

رشاد:

متقلقيش اللي انكسر، هيتصلح… بس محتاجين عقل وصبر… وأنا عند وعدي… أول خطوة هتكون إننا نعرف مين اللي خد الواد… وإزاي خرج من المستشفيه، ومن اللي سجل اسمه!

حبيبة اتلفتت له وقالت:

أنا خابره  مين اللى عمل اكديه… العمدة سجل الواد باسمه علشان يدفن كل حاجة… بس أنا ما سمحتش بديه! أنا ما وقعتش على حاجة! لا ورقة، ولا اعتراف… ومفيش حد يقدر يثبت غير اكديه! وانا مولدتش ولدي بالمستشفيه ولدته بالدار صغيره وسط الغيطان وكان معاي الدايه واسراء مرات العمده وهى والغفر اللى رموني فى قلب الجبل للديابه تنهش فيا… 

رشاد قعد قدامها، وقال بصوت هادي بس وراه عاصفة:

بس اكديه يبقى عندنا خيط… لو العمدة زور ورق، يبقى نقدر نوقعه بيه… بس محتاجين نشتغل في هدوء… و انا ليا رجالتي في البلد، راجل هبعتلهم، ونشوف معاه إزاي نكشف اللي اتعمل فيكي ونرجعلك ولدك… 

حبيبة ضمت إيدها وقالت بحرقة:

أنا مش خايفة على نفسي… بس خايفة الواد يكبر في حضن كداب… يسمع يقولوله: أمك سابتك… أمك شينة… أمك فضيحتنا… ودي كدبة أنا مش هقبلها، حتى لو تمنها روحي! 

رشاد قام وقال وهو بيبص للجبل:

أنا هانزل البلد يوم الخميس… هاروح أدور… لو لقينا الواد متسجل من غير ورقة تثبت ان حبيبه امه، يبقى نبدأ نضغط… وكل حاجة هتتغير لصالحنا ان شاء الله.. 

حبيبة نطقت بالكلمة وهي ضامه على نفسها:

اوعدني يا بيه… اوعدني إنك مش هتسيب حقي يضيع…انا ماليش حد واصل… 

رشاد هو بيبص لها بكل حزم:

 طول ما فيا نفس، ما هسيب حقك يضيع واصل ، ولا حق وحيد.

             ******************

نرجع لدار العمدة – بعد نص الليل

إسراء قاعدة في أوضتها، ماسكة وحيد في حضنها، وبتكلمه وكأنه فاهم:

شايف اللى بيحصول يا وحيد…. أبوك راجع يدور عليها… بس أنا مش هخليك تروح مني… انت بقيت مني أنا… وهي اختارت تعاندني ومتسمع كلمتي…. أنا ربتك… وأنا اللي هفضل أمك!

وفي اللحظة دي، عمران دخل من الباب، عينه حمرا من السهر والتفكير.

قال وهو بيشاور على الطفل:

من النهاردية، محدش يشيل الواد غيري… اسمه وحيد زي ما قولتلكم صوح؟! انا مش هسكت يا اسراء وحبيبه هوصلها يعني هوصلها… وفري على نفسك وعليا يا بنت الناس الوقت وقوليلي عملتى فيها ايه؟ علشان لو عرفت ولا سمعت انه جرالها حاجه ما يكفنيش فيكي عمرك… سامعه ياغراب الشوم انتي… 

إسراء بصت له وقالت بنبرة فيها غيرة ومرارة:

واه ايه كل ديه يا عمران… كنت بتحبها؟ للدرجة دي؟ لحد ما تنكرني وتنسا اللي بينا؟ تقولي انا الحديت ديه وتغلط فيا اكديه علشان مين؟ واحده خدامه متسواش تعريفه وانا اسراء بنت الحسب والنسب….. الواد ديه ابني انا… من حقي انا ومحدش يقدر ياخده من حضني واصل حتى لو كنت انت يا عمران…. 

عمران رد ببرود:

اقطمي يا وليه… واحفظي ادبك واعرفي انتى بتتكلمي مع مين؟…. أنا عمري ما نسيت… ولا هسامح نفسي… بس اللي عملته غلط… واللي جاي هيكون ندم كتير… بس لازم أتصرف قبل ما الحقيقه تتكشف بطريقه غصب عني وعنك.. 

إسراء بصت له وهي بتسأله بنبرة فيها تحدي:

ولو وصلت؟ هتديها الواد؟ هتعرف تقول قصاد الخلق كلهم ان ابنك ديه من خدامه…. وولدك العالم هتطل عليه بانهي عين…. خلي ولدك معي وفى حضننا ويبقى وحيد ابن عمران العمده واسراء بنت الحسب والنسب احسن مايكون ولد الخدامه اللى جاي من غلطه… 

رد عمران وهو بيقرب من وحيد:

انا هشوف اللي فيه مصلحة الواد… بس أنا غلطت مرة، ومش عايز أغلط تاني ومش همشي ورا كلامك تاني….. 

           ***********************

 فلاش باك…. من سنتين… مكتب العمدة 

بالليل يدخل عمران مكتب ابوه العمده حمدان… العمدة حمدان كان قاعد على الكرسي ، ماسك عصاه وبينفخ من ضيقه.

العمدة حمدان بحزم:

تعالى اهنيه يا عمران…في موضوع رايد اتحدت فيه وياك…. جه الوقت اللي نشوف فيه راجولتك… أنا خاطبتلك إسراء… بنت الحاج عتمان…بنت نسب وأصل ومال… ومش هتلاقي زيها!

عمران (واقف قدامه بصمت):

مساء الخير يا ابوي…. خاطبتلي؟؟ اكديه من غير ما اعرف يا ابوي وإنت شايف إن ديه يصوح…انا ما بقتيش صغير لتعمل اكديه.. 

العمدة حمدان (بحدة):

واه حسك بيعلى على ابوك ولا ايه يا واد… أنا شايف اللي فيه خير ليك، وللبلد، وللدار دي كلاتها!

إسراء مش بس بنت حسب، دي كمان ضهر ومصلحة…

وإنت لازم تخلف وتبقى عمدتنا بعدي.

عمران (عينه تنزل لحظة، وبعدين ترفع تاني، بس في عينه حاجة محبوسة):

استغفر الله يا ابوي مقدرش اعمل اكديه واصل… بس انا مش رايد نتجوز دلوك مافيش اختيار تاني؟

العمدة الكبير (بعصبية):

اختيار إيه يا عمران؟

إحنا مش في سيرة حب ومغازل، إحنا في سيرة دار وبلد وشرف كبير…

ولا انت عايزني أموت وأنا لسه ما شوفتش حفيدي؟!

عمران سكت… ما قالش لا… بس ما قالش آه.

جواه صوت بيصرخ باسم “حبيبة”، بس لسانه؟

واقف…

كرامته؟

أكبر من إنه يقول إنه حب خدامة…

قام من قدام أبوه، وقال بجفاف:

خلاص…اللي تشوفه يا ابوي.

العمدة حمدان (مبتسم لأول مرة):

اكديه الرجولة ولا بلاش.. أهو ديه ابني اللي أرفع بيه راسي… فرحك هيبقى بعد أسبوع، وخلي بالك… عتمان جايبها جهزها دهبها ورافعها لفوق أنا رايد الدار كلاتها تتزين، والبلد كلها تعرف زين إن عمران العمدة خد اللي تستاهله!

عمران (ببرود، وبصوت واطي):

أيوه… اللي تستاهله.حاضر يا ابوي تحت امرك اللى تقوله عليه يتنفذ….

• تابع الفصل التالى ” رواية حلال منسي  ” اضغط على اسم الرواية

أضف تعليق