رواية ملاذ العاشق الفصل التاسع 9 – بقلم اسراء معاطي

رواية ملاذ العاشق – الفصل التاسع

البارت التاسع

البارت التاسع

ملاذ فتحت عينيها الصبح على نور الشمس اللي كان بيتسرب من شباك الأوضة، غمضت عينيها لحظة كأنها بتحاول تستوعب هي فين، ولما رفعت راسها لقت نفسها لسه في المستشفى. أول ما افتكرت اللي حصل قلبها اتقبض، قامت بسرعة وهي لسه مش مدركة الوقت كام، وخرجت من الأوضة تدور على سفيان.

وهي ماشية في الممر ما لقتش كريم، بس شافت ممرضة معدية، وقفتها بسرعة وقالتلها بقلق:

– لو سمحتي، المريض اللي كان في الأوضة دي… راح فين؟

الممرضة بصتلها وقالتلها:

– قصدكِ سفيان بيه؟ فاق من بدري ونقلناه أوضة تانية. كان معاه الأستاذ كريم صاحبه. وبالمناسبة… أول ما فاق كان بيسأل على حضرتك، كان قلقان جدًا، وأول حاجة قالها: “فين ملاذ؟”. هتلاقيه في آخر أوضة على اليمين.

ابتسمت ملاذ ابتسامة صغيرة رغم التعب اللي باين على ملامحها وقالتلها:

– شكرًا ليكي.

في أوضة سفيان، كان كريم قاعد جنبه على الكرسي، ماسك إيده كأنه خايف يسيبه، وصوته متخنق وهو بيقوله:

– كده تقلقني عليك يا صاحبي؟ أنا ليَّه مين غيرك! والله يا سفيان لو كان جرى لك حاجة كنت لحقتك.

سفيان، رغم ضعفه وتعبه، رفع إيده السليمة وربت على كتف كريم وقال له:

– وأنا ماليش غيرك يا صاحبي… انتَ سندي وضهري في الدنيا دي.

كريم اتنهد، وحاول يخفي دموعه اللي كانت قربت تنزل، وبصله وقال ب مرحه المعتاد:

– بس برضو أخص عليك! أول ما تفوق تسأل على المدام وأنا لأ؟

سفيان ابتسم ابتسامة صغيرة وهو نايم على السرير، ولسه هيرد… الباب خبط.

كريم رفع صوته:

– اتفضل!

دخلت ملاذ، ملامحها كانت باينة عليها التعب، عينيها مجهدة ووشها باين عليه التعب، وحجابها مش معدول كويس، وهدومها لسه عليها بقع دم من سفيان.

سفيان أول ما شافها قلبه اتخطف، عنيه اتعلقت بيها وكأنها الحاجة الوحيدة اللي مخلياه قادر يتنفس. فتح إيده ناحيتها وقال بلهفة:

– تعالي يا ملاذ…

مشيت ناحيته بخطوات مترددة، عينيها مليانة قلق ومشاعر مش قادرة تخبيها. وقفت جنبه وهي ماسكة إيديها في بعض وقالت بخجل واضح من وجود كريم:

– سلامتك يا سفيان.

رد عليها سفيان بصوت دافي كله حنية:

– الله يسلمك، يا ملاذ… انتي عاملة إيه؟

خفضت عينيها، والخجل مغطي وشها أكتر، وقالت بهدوء:

– الحمد لله.

قدام القصر الكبير بتاع سفيان، وصل محمد أبو ملاذ بعد ما سأل كتير عشان يعرف مكانه. وقف قدام القصر مدهوش من ضخامته، وبص حواليه بإعجاب ممزوج بالرهبة. راح للحارس وسأله بلهفة:

– لو سمحت، عاوز أقابل سفيان بيه.

الحارس وشه اتغير شوية، وقال بحزن:

– للأسف يا استاذ … سفيان بيه والمدام كانوا عاملين حادثة. دلوقتي هما في المستشفى.

قلب محمد وقع من مكانه، وصوته خرج متقطع:

– حادثة! حادثه ايه … طب مستشفي ايه انا ابو المدام

الحارس حاول يهديه وقال بسرعة:

– اهدي يا حاج… المدام بخير الحمد لله. اللي اتأذى كان سفيان بيه بس.

محمد اتنفس بصعوبة وحط إيده على صدره وقال بصوت مهزوز:

– الحمد لله يا رب… طب والنبي يا ابني قولي المستشفى فين؟

الحارس اداله العنوان وقال:

– اركب أي تاكسي وقل للسواق العنوان، هيوديك على طول.

محمد شكر الراجل، وركب تاكسي بسرعة وهو طول الطريق بيدعي:

– يا رب احفظ بنتي… يا رب انا مليش غيرها

في شقة كريم… نُهى صحيت الصبح على صوت المفتاح وهو بيحاول يدخل في الكالون، بس الباب ما بيفتحش لأنها قافلة من جوه. قامت بسرعة ولبست الإسدال على عجل، متخيلة إنه كريم اللي رجع. أول ما فتحت الباب، اتصدمت.

قدامها واقفة ست كبيرة، ملامحها قاسية ونظراتها كلها تكبر واستعلاء. أول ما عينها وقعت على نُهى، بصتلها من فوق لتحت باستهجان وقالت بحدة:

– انتي مين؟ وكريم ابني جايبك هنا تعملي إيه؟ هو ابني بيلعب بذيله مع أشكال رخيصة زيك ولا إيه؟

الكلمات وقعت على نُهى زي السكاكين، دمها غلي من الإهانة، بس حاولت تمسك نفسها وقالت بعصبية:

– لو سمحتي… أنا مرات كريم.

اتسعت عينين الست – “دولت” – بصدمة، وضحكة سخرية خرجت منها وهي تقول:

– كريم؟ ابني أنا؟ يتجوزك انتي؟ يا زبالة؟!

نُهى اتأذت من الكلمة جدًا، دموعها قربت تنزل بس مسكت نفسها وقالت:

– مين فينا الزبالة؟ أنا محترماكي علشان سنك… بس ما ينفعش تهينيّ بالطريقة دي.

دولت فجأة رفعت إيدها، نزلت بالقلم على وش نُهى بكل غل، ومسكت طرحة الإسدال وشدتها وهي تصرخ:

– أنا أتهان من واحدة زيك؟! يلا برا من هنا، ومشوفش وشك تاني! كريم ابني… ابن دولت هانم، يبصلك انتي؟ يا شحاتة، يا جربوعة؟!

قفلت الباب في وشها بعنف.

نُهى وقفت مكانها مصدومة، إيدها على خدها اللي وجعها من الضربة، دموعها نازلة وهي مش قادرة تستوعب اللي حصل. نزلت تحت العمارة، وقعدت في زاوية تبكي بمرارة. مش عارفة تروح فين ولا تعمل إيه… وأكيد ما تقدرش ترجع بيت أبوها.

في المستشفى

الموبايل بتاع كريم بيرن ورنات ورا بعضها… “أم كريم” اللي بترن، وهو مش بيرد لأنه قاعد مع ملاذ. وسفيان

دخلت الممرضة وقالت:

– “معاد العلاج يا … سفيان بيه، والفطار.”

وبصّت لملاذ:

– “وانتي يا مدام ملاذ لازم تعلقي محلول تاني… امبارح كان عندك هبوط جامد.”

بصّ لها سفيان بلهفة وقال بحزم:

– “اطلعي على السرير اللي قصادي وخديه… مينفعش تطنشي.”

هزّت ملاذ راسها بالموافقة وهي حاسة إنها تعبانة فعلًا. طلعت على السرير، والممرضة ركبتلها المحلول. بعد شوية عينيها تقفلت ونامت.

استغرب سفيان وسأل الممرضة:

– “هي ليه نامت بسرعة كده؟”

قالت:

– “المحلول فيه نسبة مسكن… بيريّح الجسم وبيسبب نوم.”

الممرضة بدأت تغيّر له على الجرح وتدي له العلاج. كريم استأذن وقال لسفيان إنه هيروح البيت ويرجعلو تاني.

تحت في المستشفى

وصل “أبو ملاذ” وهو طالع بلهفة، راح على الاستقبال وقال:

– “لو سمحت، في مريض هنا اسمه سفيان… ومعاه بنت اسمها ملاذ؟”

ابتسم الموظف وقال:

– “أيوه يا حاج… سفيان بيه في أوضة 205.”

طلع أبو ملاذ بسرعة، لكن وهو طالع… شاف حاجة صدمته وخليت عينيه تتفتح من الذهول.

عند كريم

وهو راجع العمارة، لقى نُهى قاعدة في الركن، عينيها مورمة من العياط.

جرى عليها ونزل لمستواها، مسك وشها بين إيديه وقال بقلق:

– “إيه اللي جابك هنا يا نُهى؟ وليه بتعيطي كده؟”

ارتمت في حضنه وهي بتبكي أكتر. ضمّها كريم بحنان، ولما مسك وشها لاقاها بتأن بوجع

شاف الكدمة وقال بصدمة:

– “مين اللي ضربك كده؟!”

ردت بصوت متقطع:

– “أمك… أمك يا كريم! دخلت البيت واتهمتني إني معاك من غير جواز. ولما قلتلها أنا مراتك… شتمتني وهزقتني وضربتني وطردتني. موبايلي جوه ومعرفتش أرنّ عليك… وأنا مليش مكان أروح له غيرك.”

اتنفس كريم بعصبية وقال بحزم:

– “قومي معايا.”

وخدها طالع بيها الشقة.

عند سفيان وملاذ

الأوضة كانت هادية… ملاذ نايمة قصاده، وسفيان مرهق على سريره. فجأة الباب اتفتح… وأدهم دخل متوتر.

وقف قدام ملاذ وبصّ لها بعيون كلها حنين، مدّ إيده ومسح على خدها وقال بصوت متخنق:

– “بعمل كل ده عشان تكوني ليا… يا حبيبة قلبي.”

رجع يبص لسفيان بغضب وقال بعصبية مكتومة:

– “إنت لا شوفتني ولا تعرفني… ولا تعرف إني مشترك مع عمك في كل حاجة. كل صفقة أعضاء بتبوظ بسببك… عادي أعديها. إنما تيجي على ملاذ؟! عشقي الوحيد…وصوتو اتخنق وهو بيقول  الحاجة الوحيدة النضيفه اللي  في حياتي؟! يبقى لازم تموت يا سفيان.”

قال كده وهو مطمّن إن سفيان واخد علاج فيه منوّم. طلع الحقنة من جيبه وهو بيبص له بغيظ. ولسه هيدخلها في المحلول… الباب خبط فجأة.

دخل “أبو ملاذ” وهو مصدوم. أدهم اتوتر جدًا وقال بسرعة:

– “مين حضرتك؟”

أبو ملاذ ما ردش، عينيه كلها على بنته. قرب منها، نزل لمستواها وهو بيمسك إيدها ويقول بحرقة:

– “ملاذ… مالك يا قلب أبوكي؟ مالك يا حبيبة قلبي؟”

اتشنج أدهم، وخرج وهو متعصب لانو طبيعي لو كان ادالو الحقنه والراجل دا جوه كان ممكن بتعرف السبب اللي مات بيه خرج من الاوضه وهو متضايق وبيحلف انو مستحيل يسيب سفيان وتنو هيخلص منو

عند كريم

بيفتح الباب وبيدخل بعصبيه وهو بينده:

– يا دولت هاانم!

خرجت دولت وهي بتقول ببرود:

– فيه إيه يا كريم؟

وبصت لعصبيه وقالت:

– وايه اللي جاب البنت الجربوعه دي هنا تاني؟

هدر فيها كريم بغلط:

– لو سمحتي، هتغلطي فيها غلطة تاااني مش مسموح! دي مرآآآتي.

بتتصدم دولت وبتقوله:

– يعني إيه؟ يعني البنت دي مش بتكدب لما قالت كده؟

قالها:

– لا، مش بتكدب. وياريت متدخليش ف حاجة ملكيش دعوه بيها.

قالتله:

– يعني إيه؟ ابن دولت هانم يتجوز دي؟

وهي بتبص لنهى باستعلاء.

ضحك كريم بسخرية وقال:

– ابنك دلوقتي افتكرتي ابنك؟ بعد ما رمتيه هو وبنتك وهما حتة لحمة حمرا نفسهم يلاقوا جمبهم أم تحسسهم بالحنان… وسبتينا مع أب ميعرفش الرحمة، ومرات أب زبالة… وبنتك اللي مرمية ف المصحة النفسية دي، إييييه؟ مش بسببك!

وكمان جاية تزعقي لمراتي وتغلطتي فيها؟ لاااا دا مش مسموح أبدًا. ولو سمحتي، اتفضلي اطلعي من بيتي، وملكيش دعوه بيا ولا بحياتي يا دولت هانم.

خرجت وهي بتبص لنهى بغضب وبتتوعد لها ف سرها.

بص كريم لنهى وباس إيديها بحنية وقال:

– ارتاحي انتي يا نهى وأنا أرجع هفهمك كل حاجة عن حياتي… روحي نامي يا حبيبتي.

أومأت نهى وهي بتبص بحزن على حالته والوجع اللي حسته في صوته وهو بيكلم أمه. أومأت بالموافقة، وهو سابها ومشي.

عند سفيان

بيفوق يلاقي راجل ماسك إيدين مراته، قام بسرعة بس هدي لما لاقاها أبوها.

راح لعنده وقاله:

– متقلقش، هي بخير.

بصله محمد ولمح نظرة الحنية اللي بيبص بيها سفيان لملاذ. وقف وقاله:

– طب استأذن أنا يا سفيان بيه، وابقى أجيلها أنا وأمها وقت تاني أطمن عليها.

بصله سفيان وقاله:

– بيه إيه بس يا عمي، أنا قد ابنك… اسمي سفيان وخلاص. أنا وملاذ هنروح النهارده.

اتمنى إن انت والست أم ملاذ تتفضلوا تيجوا تعيشوا معايا أنا وملاذ ف القصر… واتمنى ملاقيش منك اعتراض، لأن دا هيريّح ملاذ وأنا عاوز راحتها.

بصله أبو ملاذ وحس إن الراجل دا جواه حنية وطيبة، بس فيه حاجة هي اللي مخلياه يبان قاسي كده. أومأ بالموافقة ومشي، وهو بيفكر هيجيبها لأم ملاذ إزاي.

راح سفيان عند ملاذ وبصلها بحنية، وقعد جمبها على السرير، ومسك إيديها وباسها بحنية، وقعد يبصلها بابتسامة ومش بيمل إنه يتأمل في ملامحها.

عند كريم

وصل المستشفى وراح لسفيان، لاقاه قاعد جنب ملاذ.

قاله بمرح:

– يا سيدي يا سيدي ع الحب!

بصله سفيان بابتسامة وقاله:

– تعالي نخرج بره شويه علشان ملاذ، وأما تفوق نمشي.

أخده كريم وخرجوا بره.

قال سفيان بغضب ووعيد:

– توفيق مش هيجيبها البر.

رد كريم وقاله:

– متأكد إنه هو…

سفيان: أكيد هو اللي عملها من يوم اللي حصل.  والصفقه اللي خدتها منو وأنا كنت متأكد إنه هيعمل حاجة، ومتأكد إنه ورا دا، وأنا مش هسيبه.

اتنهد كريم بقلق وقاله:

– يا صاحبي، انت ماشي ف سكة غلط.

بصله سفيان بغموض وقاله:

– متقلقش، أنا عارف أنا بعمل إيه… ويلا، أكيد ملاذ فاقت علشان نمشي.

بيدخلوا الأوضة… بيتصدموا من الممرضة اللي نايمة على الأرض والدم من حواليها!

وملاذ مش موجودة على السرير!

وفي نفس الوقت وصل لسفيان رسالة محتواها:

“اللعب بدأ من دلوقتي يا ابن الجارحي.”

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية ملاذ العاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق