رواية ملاذ العاشق – الفصل الخامس
البارت الخامس
—
– ملاذ العاشق
أم ملاذ بدأت تبص حواليها بقلق وهي مش فاهمة مين الرجالة اللي واقفين قدام بابها، قلبها كان بيرتعش وهي شايفة بنتها واقفة في النص، لابسة فستان أبيض.
صوتها خرج متقطع من الصدمة:
“إيه… إيه اللي إنتِ لابساه دا يا ملاذ؟! ومين دول اللي معاكي؟”
سفيان أخد خطوة لقدام، وحط إيده على كتف ملاذ وهو مبتسم ابتسامة كلها تحدي:
“مش هتعرفي مامتك بيا يا حبيبتي؟”
ملاذ بصتلها والدموع مغرقه عينيها، وهزت راسها بـ”لا” صغيرة مليانة قهر وخوف.
الأم صرخت بصوت كله وجع وانكسار:
“مين دا يا بنتي؟ مين دا اللي جايبك كده؟”
ملاذ بترتعش، حاولت تنطق:
“يماما… ثواني وهفهمك…”
لكن سفيان قطع كلامها بسرعة وبصوت حاد:
“هتفهميها إيه يا حبيبتي؟! أنا وانتي بنحب بعض… ورجعنا هنا علشان نتجوز. مفيش كلام تاني.”
اتلفت للأم ببرود وقال:
“يلا يا حماتي، خلينا ندخل نكتب الكتاب… أنا مش جاي أضيع وقت.”
نهى كانت لسه داخلة البيت، عينيها متورمة من كتر العياط، أول ما دخلت لقت أبوها واقف في الصالة، بيبصلها باستهزاء ويقول:
– “ها… ست الحسن والجمال بتاعتك رجعت!”
بصت له نهى بدموع وعيونها كلها أمل:
– “يعني إيه يا بابا؟ ملاذ رجعت؟!”
ضحك بسخرية وقال:
– “أيوه يا أختي… رجعت! الشارع كله ملهوش سيرة غير إنها رجعت مع راجل… شكله كبير وواصل أوي!”
الدموع نزلت من عينيها أكتر، ورمت شنطتها على الأرض، جريت بكل قوتها ناحية بيت صحبتها… قلبها بيقولها: يا رب تكون رجعت وبخير.
—
عند فاروق:
كان قاعد على كرسيه، ماسك التليفون وصوته كله غل:
– “ظبط نفسك… يومين بالكتير وتخلصلي عليه. مش عاوز أسمع اسم سفيان تاني… سااامع؟”
قفل الخط، مسح العرق من على جبينه، وبص لنفسه في المراية وقال بكره:
– “لازم تموت يا سفيان… أنت وقف لحالي وشغلي… وكان لازم أخلص منك من يوم ما كنت الوحيد اللي نجيت من اللي عملته في أبوك وأمك وإخواتك. المرة دي مش هتفلت… وبأي تمن!”
—
عند بيت ملاذ:
الأب طلع على الصوت، شاف ابنته منهارة وسط الناس. شدها من إيدها ووقفها وراه وهو بيصرخ في سفيان:
– “إنت مين يا جدع؟ وعاوز إيه من بنتي؟! إيه الطريقة اللي داخل بيها البيت دي؟!”
سفيان بص له بتحدي، رفع راسه وقال ببرود:
– “أنا جوز بنتك… أو هبقى جوزها حالًا.”
الأم انهارت على الأرض وهي بتصرخ:
– “مستحيييل! دي مش بنتي… بنتي عمرها ما تعمل كده أبداً!”
ملاذ حاولت تتكلم وتشرح:
– “يماما… أنا اتخطفت… غصب عني…”
لكن كل مرة تفتح بقها، سفيان كان يضغط جامد على إيدها لحد ما تسكت والدموع تنزل من عينيها من غير صوت.
دخل المأذون وهو مرتبك جدًا من الجو المشحون اللي قدامه، حاسس إن في حاجة مش طبيعية، لكن سفيان أشار له بقوة إنه يجهز نفسه.
كريم قرب بخطوة، حاول يهدي صاحبه وقال بصوت واطي:
– “اهدى يا صاحبي… مش كده. إيه اللي بيحصل؟”
—
في اللحظة دي…
نهى دخلت البيت، لقت الباب مفتوح. قلبها وقع من مكانه، دخلت بسرعة، وأول ما شافت ملاذ قدامها جريت عليها تحضنها بكل قوتها.
– “ملاذ! كنتي فيييييين؟! قلقتيني عليكي موت.”
بعد ما خرجت من حضنها، بصت حواليها بصدمة:
– “إيه ده؟ مين الناس دي؟ وليه لابسة كده؟ والمأذون هنا ليه؟ فهميني بالله عليكي!”
ملاذ ماقدرتش ترد… عينيها مليانة دموع بس، وصوتها مخنوق من الخوف والضغط.
كريم من بعيد كان متجمد مكانه… اتصدم لما شاف نهى!
– “دي… دي هي البنت اللي شفتها في المستشفى…”
قلبه دق جامد، نفسه يروح يكلمها، بس الوضع مش سامح، الجو كله متوتر واللحظة مش مناسبه
—
جوا ملاذ كان في صوت بيصرخ إزاي أوفق؟ إزاي أسيب أهلي يشوفوني بالشكل ده؟
بس في نفس الوقت، الرعب من اللي سفيان ممكن يعمله كابس على قلبها.
قبل ما المأذون يبدأ، أمها مسكت إيدها وقالت بصوت مكسور:
ـ “لو مش عاوزه يا بنتي، قولي لا… وأنا معاكي.”
ملاذ بصتلها والدموع مغرقه عينيها، ولسه بتحاول تنطق، سفيان قرب منها وهمس بصوت بارد وعيونه كلها تهديد:
ـ “جربي تقولي لا… وهتشوفيهم جثث قدامك.”
بلعت ريقها بصعوبة، وحاولت تخلي صوتها ثابت وهي بتقول:
ـ “لا يا أمي… أنا موافقة.”
—
الأب كان مضطر يوافق، لأن بنته قالت مواففه، وصوته اتكسر قدام دموعها. مكنش قدامه حل غير إنه يسيبها لمصيرها. وبعد ما المأذون خلص وكتب الكتاب، وملاذ خارجة من البيت، جريت تحضن أمها. بس أمها زقتها برا الباب وقالتلها بصوت مليان وجع:
“من النهاردة… لا إنتي بنتي ولا أنا أعرفك.”
وقفلت الباب في وشها.
اتنفض قلب ملاذ، ودموعها نازلة غصب عنها، وهي ماشيه جنب سفيان. عينيها بتغرق بالدموع وقلبها بيتقطع، وسفيان بيبصلها بنظرة فيها حزن غريب، كأنه متألم معاها… بس هو كمان مفيش في إيده حاجة.
—
📍 مكان تاني – لأول مرة نروحه
شاب وسيم قاعد في أوضة مظلمة، جدرانها مليانة صور لملاذ: صورة وهي في المستشفى بتضحك لحد، صورة وهي شاردة بعينيها الحزينة، صور من كل زاوية في حياتها. عينيه فيها جنون، وابتسامته مش طبيعية.
رن التليفون، رد بلهفة:
“إيه… ظهرت؟”
صوت الشخص التاني قال: “أيوه يا دكتور أدهم… ظهرت.”
قفل أدهم وهو بيبتسم ابتسامة كلها هوس، وتمتم بصوت مبحوح:
“قريب أوي… هتكوني ليا… لوحدي. يا ملاذ قلبي.”
—
📍 قصر سفيان
ملاذ نزلت من العربية، مش شايفة قدامها، ولا حتى واخدة بالها من عظمة القصر اللي دخلته لأول مرة. خطواتها كانت باردة، كأنها بتمشي وهي نايمة.
أول ما دخلوا الجناح، فجأة سفيان زقها على الحيطة، عينيه مركزة فيها بشكل أول مرة تلمحه. قال بصوت واطي مليان يقين:
“إحنا اتقابلنا قبل كده… صح؟”
ملاذ اتفاجئت، صوتها خرج مهزوز: “أيوه…”
مد إيده ولمس وشها، ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفايفه، وقال:
“عارفة… من يومها منمتش قبل ما أعرف كل حاجة عنك. ومن يومها وأنا متابعك.”
اتسعت عيون ملاذ بصدمة، دقات قلبها بتزيد، وسفيان قرب منها أكتر لحد ما حست بأنفاسه السخنة على وشها. همس في أذنها بصوت عميق وهادئ:
“ومن يومها… وأنا مش قادر أنسى عيونك الحلوين دول… يا ملاذ العاشق.”
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذ العاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.