رواية ملاذ العاشق الفصل السادس 6 – بقلم اسراء معاطي

رواية ملاذ العاشق – الفصل السادس

البارت السادس

البارت السادس

ملاذ بدأت تبعده عنها وهي بتقول بصوت مهزوز:

“لو سمحت يا سفيان.. ابعد شوية.. مينفعش كده.”

لكن هو قرب أكتر، عيونه مثبتة عليها:

“هو إيه اللي مينفعش؟ إنتي مراتي.”

زقته بقوة وهي عينيها مغرقة دموع:

“جوازة غصب مش كده!”

ساعتها مسكها من فكها ورفع وشها ليه، صوته غليظ وحاسم:

“دا اللي كان لازم يحصل يا ملاذ.”

سكت لحظة كأنه بيحارب نفسه، وبعدين فجأة أخد خطوة لورا وهو بيزفر بعمق، وكأنه خايف يضعف أكتر:

“ادخلي.. فيه هدوم ليكي في الدريسينج روم. غيري وارتاحي.. أنا كده كده خارج.”

ملاذ حاولت تتكلم لكن ما أدهاش فرصة، خرج وسابها واقفة وسط الأوضة.

اتنهدت بعمق وهي حاسة إنها مستسلمة للواقع غصب عنها. دخلت الدريسينج روم، مش بس علشان تنفذ كلامه، لكن علشان تهرب من دوامة التفكير اللي دماغها عمالة تعذبها بيها.

___

سفيان خرج من جناح ملاذ وهو بيحاول يخفي عن نفسه قبل أي حد تاني الزلزال اللي حس بيه وهو واقف قصادها. شد نفس جامد، ورجع لوشه اللي اتعود عليه قدام الكل: وجه بارد، ملامح قاسية

فتح تليفونه واتصل برقم معين.

– “جلال… العربية تبقى واقفة تحت خلال ربع ساعة. عندنا شغل مهم الليلة.”

صوت جلال جه ثابت:

– “تمام يا باشا، كله هيبقى جاهز.”



بعد شوية، سفيان نزل من القصر، اللبس كله أسود، شيك بس يخوف. فتح باب العربية السوداء المصفحة وقعد في الخلف، وجلال بنفسه قاعد قدام بيسوق، ملامحه كلها تركيز، مش بيبص غير على الطريق والمرايات.

والعربيات اللي فيها رجاله سفيان ماشين ورا العربيات وحوليها

سفيان كسر الصمت بنبرة باردة، عينه بتبص قدام كأنه شايف المشهد قبل ما يحصل:

– “الصفقة دي مش عاوز فاروق يكسبها . أنا عايزها تقع… وعايزه يخسر دم قلبه.”

جلال لمح من المراية، وقال بحذر:

– “فاروق ليه رجالة تقيلة… والليلة دي مليانة مخاطرة.”

ابتسامة باااردة ارتسمت على وش سفيان، وقال بهدوء قاتل:

– “أنا عمري ما لعبت وخسرت. الليلة… فاروق هيتعلم معنى الخسارة.”



وصلوا لمخزن مهجور في أطراف المدينة. الليل كان ساكن، بس المكان كله مليان حراسة ورجالة شايلين سلاح كأنهم في ساحة حرب.

واحد من رجالة فاروق وقف قصاد سفيان، عينه كلها استهزاء:

– “المكان دا مش بتاعك. ارجع أحسنلك قبل ما تتحول لتراب.”

سفيان اتقدم خطوتين، صوته هادي وواثق

– “قول لفاروق… الليلة دي مش هتعدي عليه بسلام.”

ثواني… واشتعل المكان.

رصاص اتفتح زي المطر، أصوات صريخ، ودخان مالي المخزن.

رجالة سفيان اتحركوا كأنهم مدربين على ده من سنين، كل واحد عارف دوره. جلال كان ماسك سلاح تقيل، بيضرب بدقة، وبيأمن ظهر سفيان.

أما سفيان نفسه… كان واقف وسط النار كأنه مولود فيها. عينه متحركة، جسده ثابت، إيده ماسكة المسدس كأنها جزء منه. كل طلقة منه كانت بتصيب حد، وكأن الموت بيمشي وراه خطوة بخطوة.

بعد نص ساعة من معركة مولعة… الأرض بقت مليانة جثث. رجالة فاروق مطروحين، واللي فضل منهم بيجري ينقذ نفسه.

سفيان مسك واحد منهم من قميصه، رفعه وهو لسه بيتنفس بالعافية وقال له ببرود:

– “ارجع لللمشغلك … وقوله سفيان الحديدي بدأ الحرب. والليلة… مجرد افتتاحية.”

ساب الراجل يترمي على الأرض وهو بيجري يعرج ناحية بره.

رجاله سفيان اتحركو واخدو كل المخدرات اللي ف المخزن، وركب عربيته تاني، عينيه متصلبة:

– “دي البداية يا فاروق … واللي جاي خراب عليك وبس.”

📍 مشهد وصول الخبر لفاروق

فاروق كان قاعد في قصره، متكئ على الكرسي الكبير في مكتبه الفخم، قدامه طاولة عليها كاسات كريستال وزجاجة ويسكي. الدخان مالي الجو من السيجار اللي ماسكه بإيده. فجأة الباب اتفتح بسرعة، ودخل واحد من رجّالته، وشه مصفر وصوته بيرتعش:

– “باشا… فيه مصيبه حصلت

فاروق رفع عينه ببرود في الأول، وبعدها لما شاف توتر الرجّال، قلبه اتقبض:

– “اتكلم… إيه اللي حصل؟”

الراجل ابتلع ريقه وقال بصعوبة:

–… سفيان يا باشا اقتحمهو ورجالتو المخزن… وخدوا الشحنة كلها… السلاح والمخدرات.”

الكلمة وقعت زي الرصاصة في ودن فاروق. الكاس اللي في إيده اتكسر وهو بيشد إيده بعصبية، والزجاجة اللي على الترابيزة طاحت على الأرض واتكسرت. صوته خرج هادر:

– “إييييه؟!! ابن الكلب!!! خد الشُحنة اللي داخل بيها أكبر صفقة!!!”

وقف من مكانه بعنف، وعروقه نافرة في رقبته، ضرب بقبضة إيده على الطاولة لدرجة إن الخشب اتشرخ.

– “إزاي دا يحصل وانتو موجودين؟!! إزااااي؟!!”

رجّالته واقفين مش قادرين يتكلموا. فاروق بدأ يتمشى في المكتب زي الوحش المحبوس، عينينه كلها شرّ ودم:

– “هو فاكر نفسه مين؟!! يلعب معايا لعبة قذرة زي دي؟!”

مسك التليفون الأرضي وضربه في الحيطة فتكسر. وبص لرجّالته وصوته مليان نيران:

– “بلغوا كل رجّالنا… من النهاردة دم سفيان مطلوب. هاتوهولي حي أو ميّت… وأنا اللي هفرّيه بإيدي.”

واستناهم اما خرجو واتكلم مع حد ف التليفون بصوت كلو غضب عاوزك تنفز اللي اتفقنا عليه ف اقرب وقت وهديك الضعف

رجع سفيان القصر، قلبه مليان رضا ف اللي عملو في  فاروق ، لكن جواه كان عارف إن الحرب لسه في أولها… مجرد بداية.

طلع جناحو مع  ملاذ بخطوات سريعة، فيها لهفة جواه مش قادر يخبيها. مد إيده على الباب لقاه مقفول. ضحك بسخرية خفيفة، وطلّع المفتاح الخاص بيه وفتحه.

دخل… الجناح كان ضلمة إلا من خيط نور القمر اللي داخل من الشباك.

ولوهلة… اتسمرت خطواته.

ملاذ كانت نايمة على السرير، متكوّرة على نفسها زي الطفل، كأنها بتدور على أمان مفقود. شعرها الدهبي منثور حوالين وشها البرئ، مضوي بلمعة القمر، عامل منها لوحة فنية… حورية واقعة من السماء.

قرب منها بهدوء، كل خطوة منه أبطأ من اللي قبلها، عينه مش قادرة تتحرك بعيد عنها. حس بضعف غريب بيغزوه… ضعف مايعرفوش من قبل.

قعد جنبها على السرير، عينه معلقة بكل نفس بيتحرك من صدرها.

وفجأة، ذكرياته رجّعته لأول مرة شافها…

كان رايح المستشفى علشان يشوف واحد من رجّالته المصاب.

هي كانت هناك… ضحكت بخفة، بعفوية… ومن اللحظة دي سرقت قلبه من غير ما تحس.

مشيت، وسابته تايه… ومن ساعتها وهو بيتابعها يوم ورا يوم، يدخل المستشفى بس علشان يلمحها قبل ما يروح شركته. لحد الليلة اللي شافها فيها بالصدفة… الليلة اللي قلبت حياته.

هي الوحيدة اللي حركت فيه حاجة مدفونة من سنين.

رجع للحظة وهو شايفها بتتحرك في سريرها، تنهد وهو بيقاوم رغبته فيها. قام بخطوات هادية، دخل خد دش، وطلع لابس هدوم خفيفة.

قرب تاني… المرة دي نام جمبها.

مد إيده وسحبها من خصرها برفق، لقاها انسابت في حضنه من غير ما تحس.

شدها أكتر… ودفن وشه في شعرها، يستنشق ريحتها بشغف، كأنه أول نفس حياة ليه بعد غرق طويل.

ابتسم لنفسه، لأول مرة يحس بالراحة دي.

غمض عينه، وهو بيشكر ربنا في سره:

“دي أول مرة أنام كده من سنين… وأول مرة أبقى عايز الدنيا توقف… بس علشان أفضل حاضنك يا ملاذ.”

كريم كان بيلف بالعربية من غير هدف، لحد ما لقى نفسه واقف قدام بيت نهى. استغرب وجوده هنا، لكنه جواه كان عاوز يعمل كده من يوم م شافها ف كتب كتاب سفيان وسأل علي مكان بيتها

عينيه وقعت على بنت قاعدة على سُلّم جانبي، ملامحها مش واضحة. فضوله جابو ينزل، وقلبه وقع لما لقاها نهى، دافنه وشها في إيديها وبتعيط.

قرب منها بسرعة، ولما شافته شهقت بخضة وقالت بخوف:

– “إنت مين؟ عاوز إيه؟”

بصوت هادي:

– “اهدي… دا أنا، مش فاكراني؟”

ملامحها ارتخت وهزت راسها:

– “أيوه… فاكرة.”

– “طب تعالي معايا نركب العربيه، مينفعش تفضلي كده في الشارع.”

كانت قلقانه وخايفه لس مفيش قدامها حل غير كده

ركبت معاه العربية، وهو وهو سايق بصلها بنظرة كلها قلق وسألها:

– “إيه اللي مقعدك هنا لوحدك؟”

نهى بصوت مكسور:

– “أنا وحيدة… ماما متوفيه ومليش إخوات. بابا جوا البيت مع صحابه بيشربو، ولاقيت واحد منهم داخل اوضتي … وحاول يقرب مني.”

دموعها نزلت وهي مش قادرة تكمل، كريم شد على إيده بغضب:

– “وبعدين؟”

– “ضربتو على دماغه وهربت… مش قادرة أرجع البيت.”

كريم بحزم:

– “ومش هترجعي. تعالي معايا.”

في الطريق وقف جاب لها أكل وهدوم بسيطة، وبعدها أخدها شقة مقفولة عنده. أول ما دخلت، وقفت متوترة. هو قرب منها بابتسامة هادية، مدالها المفاتيح وقال:

– “اقفلي كويس على نفسك. دي هدومك، ودا الأكل. أنا هعدي  عليكي بكرة.”

سابها ومشي، وهي لسه مش عارفة هو مين بالظبط… لكن وسط خوفها، كان الإحساس الوحيد اللي جواها إنها حاسه معاه ب الامان

تاني يوم الصبح…

ملاذ بدأت تفوق على إحساس غريب، راسها متكئة على حاجة صلبة ودافية. أول ما فتحت عينيها، اتصدمت لما لقت نفسها في حضن سفيان.

همست بارتباك:

– “إزاي…؟! أنا كنت قافلة الباب عليّ كويس امبارح.”

رجعت تبصله، عينيها تاهت في ملامحه. رغم صلابته المعروفة، وهو نايم ملامحه باينة هادية بشكل يخطف القلب. مدّت إيدها من غير وعي، لمست وشه بخفة، وكأنها بتتأكد إنه مش حلم.

قالت بصوت واطي، كله حنين:

– “قد إيه ملامحك مريحة للعين… عكس وانت صاحي. يا ريت كان دا الحلم اللي يفضل حقيقي… بس مينفعش.”

قبل ما تكمل جملتها… لقت نفسها فجأة متقلبة على ضهرها، وسفيان فوقها، عينه معلقة بيها وصوته خارج ببحة عميقة:

– “وليه مينفعش؟”

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية ملاذ العاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق