رواية رسائل زوجتي الفصل التاسع 9 – بقلم مجهول

رواية رسائل زوجتي – الفصل التاسع

بارت 09

بارت 09

لا أخفيكم سرا، زمرد كانت فتاة لا يُعيبها شيء، بل على العكس، كانت نعمة في البيت، كانت تعتني بأولادي وكأنهم أطفالها، تحاول جهدها أن تساير الأمور، تتفادى أي مشاكل، هادئة، متزنة، تحمل خصالا حميدة تجعل من يعرفها يشيد بها، فتاة مسؤولة، تقف على أشغال البيت دون كلل أو ملل، ترعانا جميعا برعاية لا مثيل لها.

لكن… أنا؟

كنت أعاملها كأخت، نعم، فقط لوجه الله ومع ذلك، لا أنكر أنني كثيرا ما شعرت بالاختناق من وجودها، وكثيرا ما كنت أكبح رغبة جارفة في الصراخ أو ربما… التخلص منها بأي وسيلة.

نعم، لولا صبر الله ورحمته، لكنت ارتكبت ما لا تُحمد عقباه منذ زمن.

تجاوز الأمر لم يكن سهلا على قلبي، كان أشبه بمحاولة خياطة جرح ينزف دون توقف، لكنني تجاوزته… أو بالأحرى، أقنعت نفسي بذلك، لأنني لم أجد حيلة أخرى، لم يكن أمامي خيار سوى التعايش مع هذا الواقع المرير.

صحيح أن سرحات، زوجي، يحاول جاهدا إصلاح الأمر، لكنني لم أعد أحتمل وجوده، مجرد دخوله إلى غرفتي يثير بداخلي موجة من التوتر والخوف، لم أعد أبالي به على الإطلاق، أصبحت علاقتنا… عادية، أو ربما أقل من ذلك.

حتى المبيت؟

لم يعد يبيت معي، في الواقع، أنا من أطرده، غالبا ما أغلق باب الغرفة بعد صلاة العشاء مباشرة، أسمعه يطرق الباب، ينتظر طويلًا، ثم ييأس ويغادر، تلك الطرقات؟ كانت تثير في قلبي شيئا أشبه بالشماتة أحيانا، وأحيانا أخرى باللامبالاة المطلقة.

لقد أصبحت بيننا فجوة لا أعتقد أنها ستُردم أبدا

لكن هذه المرة، جاءني قبل الصلاة بوقت طويل، وبعزم واضح، دفع الباب بقوة، وكل غضبه قد تجسد في هذه الحركة، أمسك بيدي بقسوة لم أعهدها منه.

“ما بك؟ دعني وشأني”

قلتها بحزم، وأنا أحاول الإفلات من قبضته.

“ما بك أنتِ؟ خير، ما هذه الحماقات التي تفعلينها؟ هل فقدتِ عقلكِ؟ وبأي حق تغلقين الباب؟”

كان صوته يرتفع مع كل كلمة، يعكس غضبا مكبوتا.

سحبت يدي من قبضته بقوة وقلت بصوت منخفض ولكن ثابت

“أفلت يدي… وإياك أن تلمسني مجددا.”

توقف لحظة، كلماتي صدمته ثم اقترب أكثر، بنظرة لا تبشر بالخير

“عفوا؟ أعيدي ما قلتِ؟!”

“لا تصرخ، الأولاد نيام… والفتاة قد تسمعنا، لوسمحت، دعني وشأني.”

كانت نبرة صوتي متماسكة، لكن داخلي كان يرتجف من التوتر، شعرت بأننا نقف على حافة هاوية، وأن أي كلمة إضافية قد تدفعنا إلى السقوط.

“الفتاة؟ لقد أخذتها إلى بيت أخيها.”

حاولت التظاهر بالهدوء، فقلت

“قلتُ لك اخفض صوتك… الأطفال نائمون.”

لكنه لم يهدأ. اقترب أكثر وقال

“الصغار نيام، نعم لكن هذا لا يعني أنكِ ستفعلين ما يحلو لكِ، سنتحدث الآن، في الغرفة المجاورة.”

“لن أذهب”

كنت أعلم أن عنادي سيثيره أكثر، لكنه كان رد فعلي الطبيعي.

“لن تتوقفي عن العناد، أليس كذلك؟ لن أتوقف أيضا، أنتِ زوجتي، وسأفعل ما يحلو لي.”

قبضته كانت قوية، وكلماته قاطعة. شعرت بالعجز، وكأن الأرض تنسحب من تحت قدميّ لكنه لم يترك لي فرصة للاعتراض، فقد جرني خلفه دون أي اعتبار لتوسلاتي

أخذني إلى غرفة الصغار، التي كانت فارغة تماما، حاولت الانفلات منه لكن قبضته كانت أقوى من محاولاتي، وعيناه اشتعلت بالتصميم.

“أيها الديناصور، ابتعد عني، اتركني في حالي”

صرخت بصوت متحشرج من شدة الغضب.

“توقفي عن البكاء أولا.”

قالها بصرامة، يأمرني بذلك.

“هذا شيء لا يخصك”

رددت بتحدٍ، وأنا أحاول كبح دموعي دون جدوى.

“أقسم بالله، إذا لم تهدئي وتتوقفي عن البكاء… سأخرج من هذا البيت ولن أعود إلا في صندوق.”

“عادي جدا، ألف رحمة عليك.”

قلتها بسخرية مريرة، وأنا أرفع يدي مستسلمة لذلك.

“عذراء!”

ارتفع صوته بغضب، ثم أضاف بصوت مبحوح

“لا تغضبيني أكثر.”

“اذهب، وجودك لم يعد يعني لي شيئا”

“توقفي عن هذا الجنون، لماذا تفعلين هذا بي؟ أتحاولين مجاراتي؟”

“سرحات، أريد الطلاق.”

قلتها بهدوء متعمد، وأنا أواجه نظراته بصلابة.

“لم أسمعك جيدا.”

ردّ وكأنه يريد أن يمنحني فرصة للتراجع.

“قلت طلقني، سرحات، لم أعد أتحمل أرجوك، أبعد يدك عني.”

تنفس بعمق، وأبعد يده ببطء، ثم قال

“حسنا، هدئي من روعك لقد أبعدتها، لكن لن يحدث هذا.”

“سرحات… طلقني.”

“مستحيل أن يحدث هذا والآن، أرجوكِ، لا تبكي. دموعك غالية.”

“أرجوك، لا تقترب مني.”

قلتها بصوت ضعيف وأنا أبتعد خطوة إلى الوراء.

اقترب رغم توسلاتي، وقال بصوت حاسم

“سأقترب اليوم وغدا… أنتِ ملكي، وأنا حر.”

“لا تتجبر علي، أنا لست جاريتك، يكفي، سرحات”

“رجاءً، عذراء، صغيرتي… صدقيني، لم أقترب منها، والله لم ألمس منها شعرة، ربي شاهد على كلامي.”

“كاذب”

“أقسم بالله، كما أنني تزوجتها فقط لكسب الأجر فيها وإنقاذها من ذلك المستنقع، لا لأي غرض آخر وإن لم تصدقيني، اسأليها بنفسك.”

نظرت إليه بعيون تملؤها الغصة والخذلان، وقلت

“لا يهمني، إما أن تبتعد عني… أو أن تطلقني.”

#يتبع

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية رسائل زوجتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق