رواية رسائل زوجتي – الفصل العاشر
بارت 10
نظرتُ إليه، وقد امتلأ قلبي بثقلٍ لا أستطيع تحمله بعد الآن، كنت قد وصلت إلى نقطة النهاية، حيث لم يعد الصمت يحمي المشاعر، ولم تعد كلماتنا تجدي نفعا
كان الصمت بيننا قد طال، ولكنه كان يتراكم في داخلي حتى انفجر في تلك اللحظة.
“سرحات، أرى أن الطلاق هو الحل لمشكلتنا”
قلتها بتهدجٍ في الصوت، رغم أن قلبي كان يئن من الألم، لم يكن قرارا سهلا، لكنه كان القرار الوحيد الذي أراه صحيحا الآن.
فوجئ بردي، وتغيرت ملامحه فجأة، كما لو أنه لا يستطيع تصديق ما سمعه
“هذا ليس حلا، هذا تعقيد للمشكلة، كيف لقصتنا ولكفاحنا من أجل بناء هذا العش وإنجاب تلك العصافير أن ينتهي هكذا؟ كيف يمكن أن يذهب كل شيء سدى؟”
كلماتُه كانت تؤلمني، كانت تلامس الندم، أرى في عينيه الأسى على ما فقدناه لكنني كنت قد فقدت الأمل تماما، وبداخل أعماقي كنت أعرف أن كل شيء قد انتهى منذ فترة طويلة.
أجبتُه بهدوء، وأنا أشعر بثقل الكلمات التي خرجت مني
“أنت السبب في كل هذا الخراب الذي نعيشه اليوم والآن، أطلب منك بكل هدوء وقناعة أن تطلقني، يمكنك أن تكمل حياتك مع شريكتك الجديدة، أما أنا، فقد فقدت نفسي في هذا كله، لم أعد صالحة لشيء.”
فزع من كلماتِهِ، وسرعان ما أطلق صوته في وجهِي
“كفاك هذيانًا، عذرااااء! عودي إلى رشدك! هل جننتِ؟”
لكنني كنتُ أشعر أنني في صراعٍ داخليٍ طويل، وأنا أرتجف من قرارٍ كان يشتعل في صدري
“لا، أنا بخير، وأعي تماما ما أقول لم أعارض قرارك في أي وقت، وأنت كذلك لا تعارض قراري، عليك تنفيذه، شئتَ أم أبيت.”
توقف قليلا، الكلمات لا تزال ترفض أن تعبر عن معاناته، ولكنه كان يعلم في قرارة نفسه أنني قررتُ بالفعل فتمتم قائلا “يستحيل أن تكون هذه التفاهات نابعة من قلبك.”
“من قلبي نابعة، أريد الطلاق.”
قلتها بنبرة حاسمة.
لكن ذلك لم يُوقفه، انفجر بالصراخ، لا يريد أن يصدق ما يحدث بيننا
“توقفِ، أصمتي رجاءً! لقد اكتفيت من آذى كلامك! كثرة الحديث أصبحت تتعب قلبي.”
وفي تلك اللحظة، شعرتُ بكل شيء يتوقف في داخلي، وكان الصمت هو الرد الوحيد الذي أستطيع أن أقدمه.
“ابتلعت لساني، لم أعد أقوى على التفوه مجددا”
قلتها في هدوء، كما لو أن كل الكلمات قد نفدت من فمي، وتركتُه مع صمته.
ابتعد عني متجهًا نحو الشرفة، ممسكا بعلبة السجائر التي كانت في يده، وأشعل سيجارته، صُعِقت لهذا المشهد، زوجي أصبح يدخن دون أن أدري، وكان الأمر يؤلمني بشكل لا يمكن تصوره.
“سرحات، ماهذا الذي تفعله؟ منذ متى وأنت تدخن؟ ألم تعدني في بداية زواجنا أنك لن تعود إلى هذه القذارة؟”
قلتها بنبرة متألمة، محاولا فهم ما يحدث.
رد بهدوء، وكأن الأمر عادي بالنسبة له
“بلى، كنت عند وعدي، ولكن منذ أن أصبحتِ حبيبة أولادك، أصبحت علبة السجائر حبيبتي، بل معشوقتي كلما ابتعدتِ عني خطوة، اقتربتُ من سجارتي خطوتين.”
“سرحات… توقف”
كان قلبي يعصره الألم، كنتُ أريد أن أوقفه، ولكن كل كلمة زادت من حزني.
“دعيني أتبوق، لا تقلقي، لن أموت.”
قالها، غير مكترث بما يحدث.
“سرحات، كفى، أرجوك توقف”
كان الصوت يخرج مني متحشرجًا، لكن لم يكن هناك فائدة.
“قلتِ دعيني، أخبرتكِ أن إهمالكِ يؤذيني، أخبرتكِ في بداية زواجنا أن تهميشكِ سيجعلني أعود إلى مستنقعات الفساد، أخبرتكِ أن رعايتكِ وحدها من تجعلني أستقيم.”
قالها، وكأنما يلقي اللوم عليَّ في كل شيء.
“سرحات… أخبرتكِ سابقًا، وما زلتُ أخبركِ أنني لا أستطيع رؤية غيري في حياتك، أخبرتكِ في ما مضى أن غيرتي تقتلني، قلتُ لكِ إنني حساسة من هذا الجانب، وأنني ضعيفة وأنت ضغطت على ضعفي بشدة، افهم يا سرحات، لا أستطيع أن أعيش معكما، لا يمكن أن تنام عندها ليلة وتنام عندي ليلة، أحب أن تكون لي أو لا تكون وأرى أن الطلاق هو الحل الأنسب لإنهاء هذه الفوضى.”
كنتُ أختنق بكلمات قلبي التي أخفيتها طويلاً.
“عذرااااء… انسي فكرة الطلاق، لا تفقدين صوابي إنني متعب بما فيه الكفاية، ضغط العمل أظنه كافٍ.”
قالها بنبرة متعبة، لكنني كنتُ أشعر أنه لا يزال يتهرب من الحقيقة.
“صدقني، طلاقنا سيريحك وعروستك الجديدة كافية لتزيل عنك التعب.”
أجبتُه وأنا أشعر أن الكلمات تخرج من أعماق قلبي، رغم الألم الذي أشعر به.
“عذراااء، أرجوك… كلامك يؤلم قلبي، بل حتى معدتي، إرحميني.”
بدا وكأن الألم يطحنه من الداخل.
“لكنك أنت لم ترحمني عندما توسلت إليك، عندما قلت لك أنني هشة ولا أريد أن يكون خليلي هو من يكسرني.”
كنتُ أقول ذلك وأنا أتذكر اللحظات التي كنتُ أحتاج فيها إلى حضنه، لكنه كان بعيدا.
“لا تكوني سيئة مثلي، أعرف أن قلبك طيب، لا يمكنه إيذائي وأعرف أنكِ غاضبة مني حينما استيقظتِ ليلتها ولم تجديني بجانبك…”
قالها بصوت خافت، وكأنما يحاول أن يخفف من حدة الموقف، ولكن الألم في عينيه كان واضحا.
#يتبع
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية رسائل زوجتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.