رواية اهداب والماضي – الفصل الخامس
— الفصـل الخامـس « خـــديـعـــة »
أين ….. و متى ….. و كيف …. و كل ما يدعو إلى التساؤل أحاط بضابط الأمن ، حين علم بعدم وجود صاحب بلاغ الانتحار ” مدحت ” …..
ليحيك رأسه بأنامله فى بلاهة ، و حيرة ……
لقد تم إدخاله المشفى للعلاج ،…..أين ذهبت جثته….؟!
و لأن ما في جعبة الكتمان … لا يذهب إلى أي مكان ….فقد ظن هو بشخصيته أن ذاك الجاني هو نفسه المجني عليه ، و إن الشك فى مصداقية الأمر لا يَحتَمِلُ …ولا يُحتمل……..
التفت إلى مسئولة الاستقبال التى أودعته بسمتها ، ثم تساءل :
— إنتِ متأكده إن مفيش مريض دخل بِـإسم “مدحت الصواف” ، ولا هو مات، و أسرته استلمت الجثه ؟!
أجابت الفتاة بذكاء :
— يا حضرة الضابط …. أنا السيستم قدامي ، ومفتوح … طالما مفيش تسجيل للبيانات ، يبقى مفيش مريض اجى بالاسم ده ….ربما يكون فيه غلط ف بياناته ولا حاجه …!!
انتاب الغيظ نفس الضابط ، ليمسك هاتفه لتحرير إتصال بوحدات المعمل الجنائى ….. فى نفس الوقت الذى ألقى فيه الدكتور “سمير ” نظرة أخيرة على “مدحت” الذى إنتهى من إجراء عمليه شديدة الحساسية له ، و وضعه في غُرفة العنايه المركزه .
أوصى الممرضة المرافقه له بتوخي الحذر ، ثم خرج فى ارتياح …. ليقابل زميله دكتور “مصطفى” الذى همس فى أذنيه :
— ها ايه الأخبار …. ؟! ….. بلغتهم يكتموا عـ الموضوع ….؟!
أجاب دكتور” مصطفى” قائلا :
— كله تمام يا صاحبي…. والله لولا إن ملكش ذنب ؛ أنا لا يمكن كنت شاركت فـ مهـزله زي دي ….
تحدث “سمير” فى ثبات :
— أَدِيـك قولتها …. مليش ذنب …. كنت عايزني أستنى لما يجيبـوا أجلِي …. دول صعايدة يا بُوي ….. هو أنا قدُّهم ….
ابتسم “مصطفى” مُوقنا بحديث صديقه ليؤكد قائلاً :
— آه والله عندك حق ….ده بيقولوا دول عيلة واحده بس … أومال الصعيد كله عدد سكانه أد إيه ….؟! ….
ده أنا اتخضيت من شكلهم لما حاوطوا المستشفى …. الحمد لله ربنا بعتلنا الحل لغايت عندها …
ليعود سمير بذاكرته إلى الوراء ….. قليلاً منذ يومين ….. استقبلت مستشفى “الشفاء” حالة عاجلة خطِـرة لأحد الرجال صعيدي الهويه، مُضرج بدمائه نتيجة عدد من الطلقات الناريه ؛ يصحبه عدد كبير من الرجال …
بينما تجمع حوله عدد من الأطباء ، يقودهم دكتور “مصطفى” إلى غرفة العمليات .
استمرت العمليه ٧ ساعات متواصله ، ليُفاجَىء دكتور “مصطفى” بإصابة الرجل بأورام سرطانية فى المرحلة الأخيرة ،و منتشرة بشكل كبير حول الكبد ، و الرئتين تفيد أن ذاك المريض فى حالة احتِضار…
كان على “مصطفى” استخراج الرصاصات التى اخترقت الكليتين و الطحال ، و أثناء تركيزه …توقف القلب فجأة ..
حاول “مصطفى” استعادة النبض من جديد ، وبعد عناء فعل …. إلا أنه ولشدة إرهاقه أغفل عن خطأ فاحش ، توقفت له الدماء فى عروقه ..
فقد انزلقت أصابعه لتقطع الشريان الأورطى ، مما أدى إلى نزيف داخلى ، و توقف الدم عن السريان فى باقي أنحاء الجسم …..
حاول “مصطفى” احتواء الموقف …..إلا أن الصفير المتواصل أنبأ عن وفاة المريض .
خرج “مصطفى” من غرفة العمليات الخلفيه فى حالةٍ يُرثى لها …. لا عِلْم له بما عليه أن يفعل ، و كيف سيواجه أسرة المريض .
يَنعي شبابه الذى لم يُزهِر بعد ، فبالتأكيد لن يستوعب أحد منهم أن المريض على مشارف الموت ، حتى وإن أكد لهم إصابته بالسرطان فى كافة أنحاء جسده ، ليتساءل فى دهشه :
— إزاي المريض ده كان عايش طبيعي ، فى ظل المرض ده …..؟! …. معقول مكنش بيتوجع….. ولا حس بأي ألم ….. !! ….. طب إزاي …!!
ظل الدكتور “مصطفى” يرتجف ، يحاول ترتيب أفكاره لتلك المواجهه ، إلى أن دخل عليه دكتور سمير الذى انتبه إلى إمتقاع لونه ، وشحوب وجهه…. متسائلاً :
— مالك كده ….. وشك أصفر ، زي ما يكون عامل عمله ….!!
نظر إليه “مصطفى” فى بؤس دون إجابة ، ليتساءل “سمير”مُجددًا :
— إيه مالك …؟! …. خلصت العمليه بتاعت مريض الصعيد ولا دخَّلت حد مكانك …؟!
أجاب “مصطفى” فى لهجة هجوميه :
— قصدك إنك إنتَ اللي دخلتني مكانك ….. أنا مليش دخل باللى حصل …. الحالة كانت بتاعتك إنت … و إنت اللى لازم تتصرف …. أنا مليش دعوه … مليش دعوه …
انتبه “سمير” إلى ارتباك و خوف “مصطفى” البادي على ملامحه فى وضوح :
— هو حصل إيه فـ العمليات ….؟! …. إوعى تقول إن المريض مات ……
ملامحه ، وصمته ، و ظهره المتهدل كان قمة الإجابة الصادقه ، ليهتف “سمير” :
— يا خبر إسود ….. دي فيها قطع رقاب ، و دلوقتي هيدخلوا السيستم ، و يعرفوا إن أنا المسئول عن الحالة … ياخراب بيتك يا “سمير”… روحت بلاش … يعني إيه ..؟! مش هلحق أشوف ابني …. يا حبيبى يا بني ياللى
هتتولد يتيم …
استنكر الدكتور “مصطفى” عويل “سمير”، رغم الرعب الجاثِـم على صدره جراء هوية المريض الذى لا يزال جثمانه على فراش غرفة العمليات ، و عائلته التى يحجب أعدادهم نور الشمس ، ثم حاول بث الطمأنينة فى قلبه :
— جرى إيه يا جدع … إنت هتوَلـوِل زي الولايا … ما تستهدى بالله كده و تصلي على حبيبك النبي .. وخلينا نِهدى ونفكر هنعمل إيه ؟!
نظر “سمير” إلى زميله فى شجن :
— و إنت بِتجَمع ليه يا خويا … ما إنت خلاص طلعت زين الشعره من العجينة ، و أنا اللى لابس فيها ….لوحدي .
ربـت “مصطفى” على كتف “سمير” قائلاً فى هدوء :
— ولا لوحدك ..و لا حاجه … إنت فاكرني هسيبك يعنى فـ المصيبة دي ، مينفعش تواجِـههم لوحدك …. دول يكلُـوك يابا …. بقولك إيه …. أنا هخرج أقولهم إن العملية نجحت ، و بعد كده نقول إنه اتوفى فى العناية …القلب وقف … أي حاجه .
بعيون دامعه أردف “سمير” :
— و تِفتكر ده كفايه ….. لا…لا …مش هينفع … الناس دي مش سهله ولا أغبيا عشان يصدقوا كلامك … وسهل جدًا يوصلوا للحقيقة من تقرير المستشفى.
ابتسم “مصطفى” فى ثقه :
— ما ده اللي مطمني … إن تقرير المستشفى لسه ما انكتبش ، و بكده يبقى سهل علينا نلعبها صح …. و بعدين صدقني يا “سمير” … المريض ده حالته كانت ميؤوس منها … المرض اتمكن من الكبد و الرئتين … أنا مش عارف هو كان ماشي إزاي … ده رجل ميت أصلا من قبل ما ينضرب بالرصاص …
لكن نزاهة “سمير” ، تفَـوقت على خوفه ، ليُعنِف صديقه قائلاً :
— متحاولش تبرر خطأك يا “مصطفى” … الرجل مات بسبب خطأ جراحي إنت السبب فيه …. أما بقى مسالة هو هيعيش لإمتي ، أو هيموت إمتى … دي مش بتاعتنا ، ده عمره اللي ربنا كتبهوله …
وبعدين أنا مش بعفِـي نفسي من المسئوليه … أنا كمان غلطان إني سيبت شغلي ، و مشيت و وكِلته ليك وإنت تعبان ومرهق ، بس أعمل إيه مكنتِش أعرف والله .
جلس “مصطفى” على أقرب مقعد ، يزفر أنفاسه الحارة فى صعوبه ، ثم أردف :
— مقولتليـش … هى مدام “سمر” أخبارهـا إيه دلوقتي ….. طلعت أعراض ولادة ، ولا زي اللي قبلها ….؟!
أجاب “سمير” فى إشفاق :
— “سمر” …. دي حكاية لوحدها … تخيل الهانم وقعت على ضهرها ، و خافت تقوللي ….
روحت لقيتها نايمه عـ السرير ، و داهنه ضهرها فولتارين ، مش عارف إزاي ….. أخدتها بعد استجواب مرير ، و روحنا عيادة الدكتوره اللى بتتابع عنها ، عشان تعملها أشعة …. والحمد لله ربنا ستر … طلعت تمام هى والبيبى …… الواد ده على ما يتولد ، هيكون روحي طلعت من القلق و التوتر و الخضَّة …..”
دقائق متتالية ، قاربت العشرين …. على إثرها قرر “مصطفى” استيفاء خطته ، و إبلاغ عائلة الصعيدي المتوفي ، بنجاح العمليه ….. و حاجته إلى المكوث فى العناية لحين افاقته …..
و ما إن وطأت أقدامهم إلى الخارج، أسرعت إحدى الممرضات تهتف فى ذعر :
— إلحق يا دكتور “سمير”….. فيه حاله خطيرة محتاجة تدخل جراحي حالا …..و فيه أمن مصاحب ليه ..
انضم “مصطفى” إلى “سمير” ، ليُسرعوا إلى المريض ، و محاوله إنقاذه قبل فوات الأوان ، ليقول :
— أمن ليه ….؟! …. هو مجرم ولا إيه ؟!
نَفَـت الممرضة تلك التهمة لتقول :
— مش باين عليه الإجرام …. ده شاب صغير و وسيم … و شكله كده مضروب بالنار ….ده نِـزف دم كتير أوى يا دكتور
تلاقت عيني “سمير “و”مصطفى “فى وجوم هاتفين :
— ضرب نار برضه ….. هو إيه الحكاية ….؟! …. الشنق قصر معاهم فـ حاجه ….؟!
واتجهوا سويا إلى غرفة العمليات ، بعد أن تجهزا بالتعقيم اللازم …
و عندما وقعت أنظارهم على “مدحت” ، تسمَّـر كلا الطبيبان ؛ فمن شاهداه الآن ليس “مدحت” رجل الأعمال الذى أتى بطلق ناري ؛ و إنما كان الرجل الصعيدي اللى لقِـي حتفه على فراش العمليات … أو بالأحري شبيهه التوأم ….
إلتقت أعين كليهما فى نظره سردت المكنون ، الذى صَعُبَ على كل منهما التوضيح فيه ، لخطورة الحالة ، وضيق الوقت .
و شرعا بالتدخل الجراحي ، ومحاولة إنقاذ المريض بكل ما أوتيا من قوه ..
الحياة مدرسة ، وكلنا فى ربوعها طلاب …. وحين ينتهي الطالب من سنوات عمره الجامعية التى تعدت الخمس ، ينال شرف القسم المهني …
فيقسم أن يبذل ما فى وسعه لإنقاذ حياة المريض ، و ألا يكِـل أو يتعب إن واتتْـه الفرصة للتضحية بنفسه فى سبيل الواجب …..
و هذا ما فعلاه كلا الطبيبين…. و نفذاه فى حياتهما العمليه …. أما تلك المرة فكان المقصد أكبر من مجرد واجب ، أو حياة مريض على المحك .
و إنما حياتهما شخصيًا هى التى أضحت على المحك ….. و إن صدَق الظن ، فربما كان ذاك الأمر من حُسن طالعهم …..
بذل كلا منهما مجهودًا كبيرًا يفوق التحمل ، حتى انتهت العملية بالنجاح ، ليتم إيداع المريض فى العناية المركزة.
خرج كُـلاً من “سمير” و “مصطفى” يؤكدان لعائلة مريض الصعيد نجاح العمل الجراحى ……
ثم رافقوهم إلى غرفة العناية المركزة لرؤية مريضهم من خلف الزجاج … أو بالأحرى رؤية “مدحت” دون علمهم بما يُخططان له ……
و فى الخارج انتظر أفراد الأمن خروج الأطباء لسؤالهم عن حالة ” مدحت ” لإستكمال التحقيق .
اقترب الدكتور “سمير” من ضابط الأمن يتصفح ملامحه فى وجوم قائلا :
— أنا آسف يا فندم …. المريض اللى إجى مصاب بطلق ناري تعيش إنت …
اتسعت مقلتي ضابط الامن ، رغم معرفته المسبقه بحالة “مدحت” ، و خسارته الكبيرة للدماء ، إلا أن للموت رهبه لا يتحملها بشر….. ثم أضاف :
— طيب جهز الجثمان واكتب التقرير، علشان أسرته تستلمه ونقفل المحضر .
أومأ الدكتور “سمير” بالموافقه ، فى حين رحل الضابط ليتبقى ثلاثه من العساكر بانتظار الإجراءات الأمنية المُتبعه ، لذا اقترب “مصطفى” من “سمير” هامسًا فى خوف :
— إيه اللي إنت هبِّبتُـه ده …. ولما الرجل اللى جوه ده يفُـوق ، ويحب يرجع بيته ، هنقوله إيه … معلش إنت فقدت الذاكره ، ودي ذكريات حد تاني …. ما هو ببساطه هينكر معرفته بالصعايدة دول ، و هتبقى مصيبة أكبر من الأول…
هدوء غلف ملامح “سمير” قائلا :
— ولا مصيبة ولا حاجه …. تفتكر واحد زي المريض اللى جوه ده لما ييجي معاه ضابط ؛ و ثلاث عساكر ، ومصاب بطلق ناري على بُعد إنشات من القلب ، تِفتكر هيكون عمل إيه …..؟! ….. كان بينضف المسدس مثلاً ،
فخرجت منه طلقة غلط … لأ طبعا …..
ده أكيد يا إما ليه عداوه مع حد ، يا إما حاول ينتحر …. وفي الحالتين دي جريمة ، و ليها عقاب حسب القانون ، وإحنا بقى هنضغط عليه فـ الحِتـه دي ….
يا إما يقول إنه إبن الصعيد لفترة مؤقته على الأقل ، يا إما يدخل السجن ، أو يخرج للي حاولوا يقتلوه….
ولو فشلوا مره ، ممكن ينجحوا فـ التانيه..
انبهر “مصطفى” من عقلية “سمير” الجُهنميه ليقول :
— إيه الدماغ دي يا “سمير” …. يخرب عقلك … ده إنت رسمتها مظبوط أوى ….بس …. بس أنا خايف من حاجه ..!!
تساءل “سمير” فى حيرة :
— حاجة إيه ؟!
— خايف حد من المعمل الجنائي ييجي يعاين الجثه تاني ، ويلاحظوا الفرق …. ما هم أكيد قبل ما يجيبوه على هنا ، أخدوا بصماته ، وعينة من دمه ..
حاول “سمير” نفض أفكار زعزعة موقفه من رأسه ليقول :
— لأ.. مظنِـش ….. ده مفيش حد نهائي إجى معاه…. و الأمن مش فاضي للأمور دي … يعنى هم مش وراهم غيره …. أقطع دراعي من هنا _ و أشار إلى إصبعه الخنصر _ إن الضابط اللي مِشى ده ما صدق إنه سِمع الكلام اللي قولته عشان يقَفِـل المحضر ..
ابتسم “مصطفى” ليداعب صديقه فى محاوله لتخفيف حدة الموقف :
— و هو دراعك بقى صابعك يا ضلالي ….!!
أجاب “سمير” أثناء توجهِـه إلى أسرة الصعيدي :
— و هو أنا يعنى مستغني عنه علشان أحلف بغِيـره ….
على الجانب الآخر …فى مستشفى “الهلال الدولي”حيث ترقد السيدة “فريده”.
اجتمع شمل الأخوين ، ليتفرس “عماد”ملامح شقيق والدته فى حيرة قائلا :
— مامي …. إزاي أونكل ده يشهبك أوي كده ….. هو أخوكي ؟!
ابتسم “فريد” ، مرحبا بـ “عماد” ، باسطًا كفيه إليه فى تودد :
— ما شاء الله عليك يا حبيبى … إنت فعلا ذكي و لمَّـاح …. أنا خالك “فريد” .. أخو ماما …بس كنت مسافر من سنين طويله ، و دلوقتي رجعت و قررت أستقر هنا …
ظهرت الابتسامة على ثغر “فريدة” ، لتشرق ملامحها الفاتنه قائله :
— بجد يا “فريد” ….. هتستقر هنا خلاص …؟!
إلتفت إليها ، مُمسكًا بكفَّيها فى رفق :
— أيوه يا حبيبتى …. باذن الله عشان أكون جنبِك ، و أطمن عليكي طول الوقت
اقتربت “أهداب لتجلس على ساقيه ، قائله :
— تطمن عليها هى بس ؟!
أشبعها “فريد” بالقُبُلات على كافة أنحاء وجنتيها قائلاً :
— لأ إزاي …و دي تيجي ….. حد فـ الدنيا يقدر ينسي البرنسيسة “أهـداب” و البرنس “عماد “…… ده انتوا الاثنين سحر الجمال كله .
قرر “عزت” السائق إمهـال فريدة الراحة ، و تبادل السعادة والترحاب بشقيقها المجهول ، ليقرر أخبارها بأمر “مدحت” فى اليوم القادم….. لتنتهي الليلة كما بدأت مُتعبه ، و مرهقه …..
وفى صباح اليوم التالي
اصطحب “عزت” الطفلين إلى مدرستيهما ، ثم انطلق إلى المشفى ليجد “فريد” جالسًا جوار شقيقته ، يُطعِمها وجبة الفطور بيديه ..
شعر “عزت” ببعص الإرتياح ، ليطالب بالحديث إلى “فريد” على انفراد قائلا :
— صباح الخير يا “فريد” بيه …..صباح الخير يا “فريدة “هانم ….طمنيني عليكي …. أخبار صحتك الغالية إيه النهارده ؟!
أجابت “فريدة” تحية الصباح لتستأنف قائله :
— الحمد لله يا “عزت” …. فين الولاد …طمني عليهم ؟!
— الولاد الحمد لله بخير ، فطروا و وصلتهم المدرسه بنفسي …. متقلقيش ولا تشغلي بالك …..
ارتبكت “فريدة” قليلا مما هى مُقبِله عليه لتتساءل :
— و…. و…. و”مدحت” …؟!….. متعرفش عنه حاجه ؟!
هنا وجد “فريد” الفرصة سانحة فقد حار فى أمر مدحت ، كيف تُـلازم زوجته الفراش ، و ترقد بالمشفى دون أن يحاول الاطمئنان عليها أو زيارتها ؟!
لقد كان يظن أنه لم يبرح الأرض حتى يطمئن عليها ، و تعود إلى منزلها بين أحضانه و على قدميها …..
لذا أردف :
— صحيح يا “فريدة” …. هو “مدحت” فين ؟! … مش المفروض يكون جنبك فـ ظروف زي دي … و إوعي تقوليلي إن غيابه بسبب الشغل …
وهنا أردف “عزت” كي يقطع حِبال الكذب أو الاختباء خلف مبررات واهية لا أساس لها من الصحة :
— يا “فريد” بيه …. اللى حصل لمدام “فريدة” ، “مدحت”بيه هو المسئول عنه … “مدحت” بيه هو اللي ضربها بالشكل ده ، و لولا إني لِحقتها فـ الوقت المناسب ، كانت حالتها بقت أسوء من كده …..
غلت الدماء فى عروق “فريد” ، ليصرخ دون الحرص أو التفكر بإلتزام الهدوء فى ذاك المكان الذى يجلس فيه :
— إنت بتقول إيه ؟!….. أومال ليه قولتلي إنها عملت حادثه …. أنا كان قلبي حاسس ، و مكنتش مصدق….
……ثم أمسك “عزت” من تلابيب ثيابه ليصيح :
— عمل كده ليه ؟! …. انطلق ….
أجاب “عزت” فى خجل :
— أنا معرفش إيه السبب بالضبط ، بس يجوز أكون ؛ كنت السبب بشكل غير مباشر ….. يومها سألني فين الهانم ، وليه رجعت من منتزه الشروق لوحدي …..قولتله إن الهانم طلبت مني أوصلها ، و بعدين أرجع لها تانى بعد ثلاث ساعات …… والله يا باشا ده اللي حصل …
و لو كنت أعرف إنه هيمد إيده عليها ، مكنتِـش نطقت ، وكنت وِقفت له قبل ما يقرب منها ……
حاولت “فريدة” تشتيت ذهن أخيها ، ليُلغى فكرة اذعانه فى التشابك مع “مدحت” ، و إيذائه لشقيقته لتهمس :
— أرجوك يا فريد ….. أنا ما صدقت رجعت لي ….. ده خلاف بسيط بس أنا عشان حساسة شويه ، متحملتش .
و هنا أطلق “عزت” قنبلته المدوية هاتفًا :
— مفيش داعي لإنفعالك ده يا “فريد” بيه … “مدحت” باشا إنــ….إنــ …. إنتحر من يومين ….بعد ما رجعت الفيلا حاولت أخد منه المسدس ، و أفوَّقه عن الجريمة اللى هيعملها فـ حق نفسه ، بس للأسف هو ضغط عـ الزناد …. و مــ …. ومات …
انطلقت صرخة “فريدة” تُدوي فـى أرجاء المشفي ، ليحتويها أخيها بين ذراعيه فى شفقه :
— اهدي يا “فريدة” … عشان خاطر صحِتك وخاطر ولادِك محتاجينك ، و كلنا منتحملش عليكي الوجع….
الله يرحمه و يغفر له …. إنا لله وإنا إليه راجعون….
ثم إلتفت إلى “عزت” فى غضب:
— كان لازم تستعجل ، و تقولها …كنت اإستنى لما تقوم بالسلامة …..خلاص مش قادر تحكُـم لسانك …
أجاب “عزت” بوازِع من الندم :
— أنا آسف والله …. بس الإسعاف إجى و أخده عـ المشفى و الدكتور قال إن حالته خطر و……
انتفضت “فريدة” من بين أحضان شقيقها ، لتقول فى لهفه:
— يعنى هو راح المستشفى قبل ما يموت …. هو في مستشفى إيه …؟! …. يمكن قِـدروا يلحقوه …..يمكن لسه عايش … أنا عايزه “مدحت” يا “فريد” … رجعهـولي ….. رجعلي حبيبى و أبو ولادي …. هو مظلوم ، هو محكوم باللى شافه ……
هتف “عزت” فى رجاء :
— يا ريت يا هانم …. والله أنا بتمنى يكون لسه عايش …. الباشا أفضاله عليا ملهاش أول من آخر …. بس هو الدكتور قال إنه نزف كتير ، و إن الرصاصه دخلت القلب و…..
تلك المرة ، تساءل “فريد “قائلا:
— هو إنت روحت معاه المستشفي و عرفت حالته إيه …. أو لسه عايش ولا ….؟!
أجاب “عزت” بنفي :
— لا والله يا باشا ….. أنا انشغلت بالهانم لأن حالتها كانت صعبه أوي ، و الولاد كانوا مُنهارين …..و بصراحة كنت زعلان من “مدحت” بيه أوى ، و مقدرتش أغفرله اللي عمله فـ الهانم
بعيون يملؤها الرجاء و الإلحاح ، طالبت “فريدة” شقيقها الذهاب للمشفى ، و الاطمئنان على حبيبها الأوحد ، و إن أذنب بحقها … فسوف تغفر له ما قد فعل .
لأجلها سيفعل المستحيل ، و يطوع الحديد ليجعله ليِّنًـا
لذا ما إن طالبت حتى أجابها ” سمعًـا و طاعـة ”
انطلق “فريد” بصحبة “عزت” إلى المشفى بعد أن استأذن شقيقته ، يتمنى بداخله أن يكون زوجها لا يزال على قيد الحياة ..من أجلها وأجل الصغار فقط …
ليصلا إلى المشفى فى غضون ساعة و بادرا بالسؤال عنه ، فى نفس اللحظة التى كتب فيها سمير التقرير الذى يفيد بوفاة “مدحت” نظير رصاصة تربعت بقلبه ، فأودت بحياته ….
تم تحضير الجثمان فى وجود عساكر الأمن الثلاثه ، ليتم التحفظ عليه بالمشرحة ، لحين التواصل مع أسرته و استلام الجثة .
لم ينتظر الدكتور “سمير” طويلاً ، فقد وصل “فريد” بصحبة “عزت” للاطمئنان على “مدحت” ، الذى أفادته موظفه الاستقبال بالذهاب إلى الدكتور المختص عن الحالة و سؤاله بنفسه….
كان “سمير” فى تلك الأثناء يُطمئن رجال الصعيد عن نجاح العمل الجراحي لإبنهم ، و عن ضرورة بقاءه بالعنايه المركزه لحين إفاقته ، و استرداده لصحته …..
وعندما علم بوجود أسرة “مدحت” ، تنفس الصعداء ليبدأ خطته التى اضطر إلى حياكتها هروبًا من مصيره سواء بالـزج خلف القضبان ، أو بالقتل على أيدي رجال الجنوب …..
خطئه الوحيد الذى اقترفه هو أنه اعتذر عن عمله ، بغية الاطمئنان على زوجته التى تحمل طفله الأول فى أحشائها …..
لذا استأذن أسرة الآخر ، ليقابل “فريد” و “عزت” ، و يلقي على مسامعهما تلك الفاجعه .
طأطا رأسه فى ألم قائلاً :
— هو حضراتكم تِـقربوا للمريض اللى إجى بإصابة الطلق الناري …؟!
أجاب “فريد” فى ارتجاف :
— أيوه يا دكتور … أنا أخو مراته ….
أردف “سمير” فى حزن :
— للأسف الحالة وصلت المستشفى شبه مُنتهية … مجرد ما دخل العمليات و بدأت العمليه قلبه توقف ، و اتوفى …. أنا حقيقي آسف ، بس صدقني أنا عملت اللي عليا ، لكن هو عمره انتهى لغايت كده ….
بكى فريد فى أسف ، و قلق على وحيدته “فريدة” حين تعلم ، فهى الآن فى أمَس الحاجه إلى الكذب المعسول بدلا من صدق العلقم ، ليقول فى ايمان :
— إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم اغفر له و ارحمه ، و أبدل دار الفناء ، بدار لا حزن فيها ولا شقاء …
نقدر ننهى إجراءات الدفن إمتى …؟!
— دلوقتي إذا حبيت …. الجثمان جاهز فى المشرحة …. البقاء لله ، و تعازي الحارة للمدام و الأولاد …. تقدروا تروحوا الإدارة و تنهوا الإجراءات ….. عن اذنكم …
بدموع هاربة ، أردف “عزت” :
— البقاء لله يا “فريد” بيه ….. لكُل أجلٍ كتاب …والله المرحوم كان ليه حسنات كتير ، عمري ما هنساها … وكان بيعشق الهانم … أنا مش عارف إيه اللى وصَّـله لِـكده …..!!
صمت “فريد” ، ليتوجه إلى الإدارة و إنهاء الإجراءات التى احتاجت لبعض الوقت ثم قرر الانتهاء من مراسم الدفن قبل علم “فريدته” و أطفالها ….
و بعد مواراة مدحت _ أو بالأحرى رجل الصعيد _ التراب ، قرأ كلاً من “فريد” ، و “عزت” ما تيسر من القرآن الكريم البيِّنات … ليعودا من جديد إلى “فريدة” فى المشفى ..
فى ذلك الوقت انتهى كل من “عماد” و “أهداب” من يومهما الدراسي ، ليصاحب شقيقته إلى المشفى و الاطمئنان على والدتهما ؛ فى حين جلس فريد يُلقي على مسامعها الحزينة خبر وفاة زوجها فى بؤس ..
زرفت “فريدة” الدموع الحارة كما لم تفعل من قبل ، فى حين إنهارت “أهداب” حزنًـا على والدها ، إلا “عماد” الذى تعامل مع الأمر بقليل من البرود ، لحزنه الشديد من والده…
احتواء “فريد” كان مصدر الأمان والـزود عن أبناء شقيقته ، يشعر كلاً منهما أن والدهما لم يمت بعد …… فقد زرع الله الحب بقلبي الصغيرين تجاه خالهما ….
أيام تمر…. و أسابيع … استعادت فيهم “فريدة” صحتها ، ليقرر الطبيب التصريح لهما بالخروج من المشفى
عادت إلى الفيلا بحالة نفسية سيئه ، فلم تعد تحتمل المكوث بها بعدما حدث …..
فصورة “مدحت” و ذكرياتهم سويا ، و غضبه منها، و الأذى الذى لحِـق بها قد نقش جذوره فى كل شبر من تلك الفيلا …….
اضطرت “فريدة” إلى التواصل مع ” أمين ” شقيق زوجها “مدحت” ، و إخباره بوفاته ، الذى ما إن علم بذلك الخبر حتى حزن كثيرًا …. و قرر العوده الى مصر …..
فـ “أمين” هو الشقيق الأكبر لـ “مدحت” …هاجر الى استراليا فى سن الثالثه والعشرين ، تزوج من سيدة انجليزيه مسلمة ، و أنجب منها ثلاث أبناء …وقد كان تواصله مع أخيه هاتفيًا فقط من وراء الشاشات ….
لم يفكر فى العوده مطلقًا إلا أن “مدحت” كثيرًا ما اعتاد زيارته فى الخارج من زوجته و طفليه ….
بعد أيام قلائل … عاد “أمين” إلى مصر ، و قصت عليه ما حدث من رسالة والدها التى قدمتها إليه ، ليتمعن بها فى اهتمام ، ثم تعرَّف على “فريد ” و شقيقه الصغير “لـؤي”
و استشهد بشهادة المحامي …. لينهار “أمين “على ما حدث لـ “مدحت” من تسرُع ، و سوء الظن ….
اقترح على “فريدة ” إصطحاب الطفلين معه إلى الخارج ، للإبتعاد عن ظروف الحادثه و ويلاتها ….
و خاصة بعد الحالة النفسيه السيئه التى عانت منها “أهداب بعدما علمت ….
بعد تفكير عميق وافقت “فريدة” على أن تكون رحلة مؤقته لا تتجاوز الشهرين ، بعدها تعود مجددًا إلى مصر الحبيبة ….
وَداع ما أقساه على قلب أم …!!… خسرت منذ أيام زوجها المحب …. لتودع أبنائها الآخرين ، و إن كانت رحلتهما مؤقته ؛ إلا أنها لم تعتاد غيابهما من قبل …
و انطلقت الطائرة ….. تودع ماضٍ حزين … و ترحب بمستقبلٍ …. قد يكون أجمل …. ربما …..يفعل …..
تولى “فريد” إدارة شئون الشركة …. و عرض الفيلا للبيع بعد طلب صريح من “فريدة” ، لعدم قدرتها على الاستمرار فى تلك الأجواء المؤلمة …
ودعت “فريدة” ذكرياتها ، لتحملها بداخلها …. فتلك الجدران لا ترصد ما قد يحمله القلب من صور و مشاهد و سنوات من السعاده والسكينة … تنعمت بها بقلب زوجها الراحل “مدحت” .
انتقل “فريد”و “لـؤي” للسكن مع شقيقتهما بفيلا أخرى ابتاعها “فريد” من ماله الخاص ، فقد صمم على الحفاظ على أموال شقيقته ، و أبناءها اليتامي … و الزود عنها ضد أي مكروه ….
وفى بُـؤرةٍ أخرى ……
و مشفى آخر …. أفاق “مدحت” ليلحظ كلاً من الطبيبين بجواره يحمدان الله على سلامته .. ثم تحدث سمير ، بقليل من الحذر :
— أستاذ “مدحت “…. أنا طبعًا أخدت بياناتك من البطاقة الشخصيه اللى كانت معاك وقت ما وصلت المشفى …
الحمد لله حالتك دلوقتى أفضل من الأول بكتير ، و قدرنا نستخرج الرصاصه اللي كانت فى مكان حساس و خطر ، بس الحمد لله ربنا وفقنا ، و كلها أيام وتقوم بالسلامة .
أسدل “مدحت” أهدابه فى امتنان ، فى حين تحدث “مصطفى” هذه المرة قائلاً :
— دلوقتي يا أستاذ “مدحت” …. فيه موضوع مهم أنا عارف أنه مش وقته ولا مكانه ، وكمان حالتك متسمحش ، بس لازم نتكلم فيه ….
لما حضرتك وصلت المستشفى ، كان مرافق ليك أربع ضباط أمن ، فلو افترضنا إنك على عداوه مع حد …وبصراحة اللي ضربك كان مُحترف في الرماية … يعنى لو فشل المرة دي ، فإنت ما زلت فـ خطر … و أنا مضمنش إنه يكررها لما تخرج من هنا باذن الله …
امتقعت ملامح “مدحت” قليلاً ،فى حين أردف” سمير ” :
— اهدى يا أستاذ “مدحت” … إنت فـ أمان هنا … و أنا مستعد أساعدك ، بس خُد بالك اللي هقوله دلوقتي قُدامك هيبقى سِـر بيننا ، سواء وافقت أو رفضت ….
حرك “مدحت” رأسه قليلاً ، ليُفيد بموافقته ، ليستكمل “مصطفى” الحديث عن صديقه :
— دلوقتي لغايت ما تقوم بالسلامة ، محدش فينا يعرف سبب الرصاصة دي إيه ، ولا مين اللى حاول يقتلك…. لكن فيه أمل تكون فى أمان بعيد عن أعدائك ، وكمان بعيد عن البوليس لو كنت مثلاً فكرت تنتحر ….
إنت عارف إن الإنتحار جريمة فـ حق النفس ، و عليها عقوبه بموجب القانون ، ده غير الشوشرة اللي هتعانِي منها بعد ما عرفنا إنك رجل أعمال مشهور ….
فالحل هنا …. إنك تنسى إنك مدحت ، و تاخد هوية واحد تاني غيرك …. بمعنى أصح تكون” مدحت ” بهوية “كاشف” ….
اتسعت مقلتي “مدحت” ، دون استيعاب ، ليستكمل “سمير” الحديث :
— فيه حالة وصلت المشفى فى نفس اليوم اللى جيت فيه … لرجل اسمه” كاشف ” من أعيان الصعيد …. المريض ده كان برضه زيك مصاب بثلاث طلقات نارية ، لكن للأسف حالته كانت أسوء ، و كان بيعاني من أورام سرطانيه ، تقريبًا مكنش بيتعالج ، وصلت بيه لمرحلة النهاية … علشان كده للأسف مات .
أهله طبعًا مش هيقدروا يتحملوا الخبر ده … وأنا مقدر وجعهم عليه ….
الفراق مش سهل …. علشان كده أنا بقدملك فرصة من ذهب …. إيه رأيك نبلغهم إن العمليه نجحت ، و إنك إنت كاشف …. وصدقني مش هيلاحظوا الفرق ، لأن أنا كطبيب خمنت إنكم توأم ، وكل واحد فيكم كمل طريقه بشكل غير التاني …. قوللي … يا “مدحت” إنت ليك اخوات توأم ؟!
اومأ “مدحت” برأسه علامة السلب …. ليعاود “مصطفى” الحديث:
— الناس دول واصلين ، وليهم هيبه كبيرة ، و مركز ملوش أول من آخر… و إنت معاهم هتكون فـ أمان … والموضوع هيكون مؤقت ..
و إن كان على أسرتك تقدر بعد كام شهر ، ترجع لهم من تاني … أو تصفي شغلك هنا فـ مصر و تسافر … و يمكن كمان تستفيد من وضعهم ، ومكانتهم و تقولهم إنك كنت متجوز بره مصر ، و دول الولاد … و تبلغ زوجتك بالموضوع ….
صدقني لو فعلا اللى حصل معاك من أي حد بيتربص لك …. الناس دي أكتر حد يحميك منهم ….
فكَّـر شويه …. و قبل ما ننقلك لغرفة خاصة تبلغنا بقرارك .. و احنا معاك فـ اللي تقرره …. وحمدًا لله عـ السلامة ….
رحل الطبيبان تاركان “مدحت” فى حالة من التِـيه ، ثم التفت “سمير” إليه قبل أن يغادر :
— على فكره التحقيق فـ موضوعك لسه قائم ، و الضابط المكلف منتظِـر إنك تستعيد وعيك ، وكل اللي موجود حاليًا لتأمينك هو ٢ بس من العساكر ..
يعنى لو حاول حد يدخل المشفى و يكمل اللي عمله ، هيقدر ببساطه ، و لو فكرت إن الانتحار سهل إنه يعدي بدون عقاب تبقى بتحلم ….
اللى ممكن يحميك دلوقتي هم عيلتك الجديده اللى ماليين المشفى ، و محاوطينها من بره …. ريَّـح و فكر كويس …
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية اهداب والماضي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.