رواية حياة (ادم وحياة) – الفصل الخامس
*الفصل الخامس*
ذهبت حياة ووالدتها للتسوق لشراء ماينقص من اشيائها قبل الزواج ..
وكانت دائماً تختار الأقل سعراً ..
وهذا ليس بسبب قلة المال لديها ، ولكن لسبب آخر داخلها ..
ثم انتهوا من شراء ما ينقصها ، واتجهوا لركوب السيارة (التاكسي)..
وفي الطريق عادت الذكريات لحياة مرة اخرى ، فنظرت خارج النافذة وشَردت في اللا مكان لتستعيد ذكرياتها ..
#
flash_back
..
مر اسبوع على حياة ف العمل ، ومر بشكل روتيني منتظم ، ففي ذلك الاسبوع اثبتت حياة انها جديرة وتستحق تلك الوظيفة ، فكانت تعمل بجهدً وذكاء، وكأنها في تلك الوظيفة منذ سنوات عديدة ..
وفي يوم نهاية الأسبوع كانت تجلس حياة على مكتبها لتنهي عملها ..
رن هاتف المكتب ..
“الو..”
*حياة .. تعاليلي*
“حاضر يا فندم” قالتها بهدوء ..
ثم همت بالوقوف،وذهبت لتطرق على باب مكتبه. .. فجائها صوته من الداخل ..
*اتفضل..*
“نعم يا فندم.. ”
*تعالي يا حياة *
ذهبت حياة لتقف امام المكتب مباشرة ..
*اقعدي .. اقعدي يا حياة*
“حاضر ..” قالتها حياة مع نظرة تساؤل..
“خير يا فندم حصل حاجة ؟”
*حصل حاجات مش حاجة واحدة يا حياة*
توترت حياة وشعرت بالقلق .. فربما يستدعوها لتقصير منها ف العمل ..
“وايه اللي حصل بقا يا فندم! انا حصل مني حاجة او قصرت ف شغلي”
*بصي يا حياة .. انا شايف شغلك حلو جداا ،ده انتي وصلتي لليڤل عالي اوي ف الشغل، فهمتي كل حاجة في اسبوع واحد ودي حاجة مفرحاني ومطمناني .. بس !!*
فرحت حياة بكلام آدم ولكنه عندما توقف ف نهاية حديثه .. شعرت بالقلق والخوف الشديد ، وقضبت حاجبيها منتظرة اكمال حديثه ..
“بس ايه يا فندم؟”
*بس.. مينفعش اشوف حد شغال كويس قدامي ومكافئهوش* قال جملته الاخيرة وهو يبتسم لها..
زفرت حياة باطمئنان ..
“حضرتك وقعت قلبي”
*بعد الشر عليكي.. لو كملتي بقيت الشهر كدا هينزلك مكافأة مادية اخر الشهر جمب مرتبك*
نظرت حياة الى الارض باحراج ..
“ميرسي جدا يافندم والله”
*ومش بس كدا .. عشان اشجعك اكتر النهاردة بعد الشغل هعزمك على غدا وبعدين نشرب عصير سوا*
شعرت حياة باحراج شديد .. فبرغم انها حقاً سعيدة الا انها لا تستطيع الذهاب معه ..
“حقيقي يا فندم متشكرة اوي ،مش عارفة اقولك ايه والله..بس”
*بس ايه يا حياة*
“انا مش هقدر اخرج مع حضرتك ونتغدا برا عشان خطيبي ميشوفنيش وتحصل مشكلة،مالوش لزوم اتعب حضرتك يافندم”
قالت جملتها وهي تنظر في الارض خوفاً واحراجاً منه ..
شعر آدم بالضيق الشديد والغيرة واراد ان يوبخها حقاً عما قالته .. ولكنه تمالك اعصابه وتحدث بهدوء ..
*اللي يريحك ده حقك ، بس ده ميمنعش اننا نشرب حاجة سوا ف المكتب حتى.. ها ايه رأيك!*
ابتسمت له حياة..
“موافقة يا فندم..شكرا جدا بجد”
*العفو على ايه دي مكافئتك .. تقدري دلوقتي تروحي شغلك واخر اليوم هتيجي المكتب عشان نشرب العصير سوا*
“حاضر يا فندم .. اللي حضرتك تشوفه .. عن اذنك”
ثم خرجت حياة وهي سعيدة للغاية ، فهي قد حصلت على مكافأة من الاسبوع الأول بل مكآفئتان ..
يا لها من فتاة محظوظة !!
..وفي نهاية اليوم، طرقت حياة على مكتب آدم كما طلب منها منذ دقائق على الهاتف ليحتسوا العصير سوياً ..
ثم طلب منها الدخول ، فدخلت المكتب وعلى وجهها نظرة دهشة واعجاب..
“واااو.. ايه كل ده !!”
كان آدم يضع طاولة في زاوية المكتب بأضاءة خافتة ويضع على الطاولة الشموع، وكوبان من عصير الفراولة ،وبعض الحلويات، بالاضافة الي موسيقى هادئة زادت الوضع جمالاً ..
وكان هو يقف يضع يده في جيب بدلته ويبتسم ابتسامة جذابة بعيون لامعة..
ثم اجابها :
*ده اقل حاجة .. حبيت اجبلك كافيه لحد عندك طالما مرضتيش تيجي معايا بره*
نظرت حياة الي الارض بخجل شديد .. فكانت عاجزة عن الرد .. كيف يفعل لها كل ذلك .. وما هو المقابل ؟
هل حقاً عملت بجِد لتستحق كل ذلك ؟! ..
“حقيقي يا فندم انا مش عارفة ارد اقول ايه ، او اشكرك ازاي ، بجد شكرا جدا ع تعبك ده”
*مفيش تعب ولا حاجة ، انتي تستحقي كدا طالما اشتغلتي كويس وظبطي الشغل*
نظرت له حياة نظرة خبيثة مع ابتسامة جانبية ..
“يعني حضرتك اي واحدة ف الشغل بتشتغل كويس بتعمل معاها كدا ؟!”
قهقه آدم بشدة على ذلك السؤال ..
ثم اقترب منها واجابها ..:
*ما هو مش كل اللي ف الشركة شغالين سكرتارية ليا ، انا بعمل كدا مع سكرتيرتي الخاصة يعني دراعي اليمين*
“يعني حضرتك كنت بتعمل كدا مع سمية قبل ما تمشي؟”
*انتي لمضة كدا ليه ياحياة*
“انا اسفة يا فندم ” قالتها وهي تنظر للارض بوجه احمر..
*تعالي تعالي متتأسفيش انا بهزر معاكي *
ثم ذهبا الاثنان وجلسا ع الطاولة ..
كانت دقات قلب حياة مضطربة جداا .. فهي لم توضع في مثل هذا الموقف من قبل ..
وكانت دقات قلب آدم ترقص على الموسيقى .. فهو سعيد ، سعيد للغاية ..
عجبك الديكور البسيط ده ؟؟
“عجبني جداا .. بس حضرتك لحقت تعمل كل ده امتة؟*
*ده مخدش ربع ساعة ..ندهت العمال دخلوا من الباب التاني مش من الباب اللي قدامك وظبطوا كل حاجة*
” حقيقي متشكرة اوي على تعبك ده ، انا بجد فرحانة جدا .. واوعدك مش هخيب ظنك ابدا ف الشغل وهشتغل احسن من كدا كمان ”
* لا انتي كدا داخله على طمع بقا وشكلك عايزة مكافأت كتير * قالها وهو يقهقه
ابتسمت حياة بخجل ..
“ابدا يا فندم والله اهم حاجة حضرتك بس تكون مبسوط مش اكتر”
*مبسوط جدا..* قال جملته هذه وهو ينظر ف عينيها كثيراً..
شعرت حياة بسخونة وجهها من الاحراج .. ونظرت الي الارض..
ثم قطع هو خجلها ..
*قوليلي بقا عاملة ايه مع خطيبك دلوقتي*
“اهو الحمدلله يا فندم ف احسن حال”
عض آدم على شفتيه ليكتم غيظه..
*ربنا يسعدكم .. ربنا يسعدكم* قالها مع ابتسامة صفراء.
*مش يلا بقا نشرب العصير*
“يلا بينا يا فندم” قالتها مع ابتسامة رقيقة ..
امسكا الاثنان العصير وقاما بشربه سوياً ..
كان آدم يشرب العصير وهو ينظر الي حياة ولم تطرف عيناه عنها ..
وبعد ان انتهى الاثنان من شرب العصير .. جلسا يتحدثون بخصوص العمل وعن الشركات المنافسة ، حتى ان آدم اعطى حياة قليلاً من اسرار الشركة مما أسعد حياة كثيراً ..
وثم عن اهلها ..
*إلا قوليلي يا حياة ، باباكي ومامتك بيشتغلوا إيه؟!
“حضرتك انا بابا مدرس رياضة ثانوي ، ماما كانت مدرسة لغة عربية ابتدائي بس سابت الشغل من زمان عشان بابا طلب منها كدا ، عشان مبقاش لوحدي في البيت والاقي حد يهتم بيا وكدا ، برغم ان حتى بعد ما ماما سابت الشغل ،اللي كان بيهتم بيا بردو بابا”
*شكلك بتحبي بابا اكتر*
“انا بحبهم الاتنين ، بس بابا اقرب ليا من ماما، واقرب ليا من اي حد كمان”
*ربنا يخليهولك ويطول ف عمره*
“يارب يا فندم يارب”
قالتها حياة ثم شعرت بالدوار وامسكت برأسها ..
قلق آدم كثيراً فقام من مقعده اليها بخضه ..
*حياة انتي كويسة!!*
“ايوا .. ايوا” ..قالتها بصوت ضعيف ..
“انا كويسة يا فندم، هو بس عشان منمتش كويس امبارح ، وعشان مفطرتش ممكن”
*ازاي كل ده متفطريش ومطلبتيش أكل ليه طيب من الكافتيريا هنا..حرام عليكي نفسك يا حياة*
تحرك آدم بخطى سريعة الي الهاتف واتصل بالكافتيريا وطلب لها طعام، ثم اغلق الهاتف وعاد اليها مرة اخرى وجلس بجوارها وهو يعطيها كوب ماء..
*طب تحبي نروح مستشفى*
“لا لا انا فقت والله خلاص هي كانت دوخه بسيطة حصلت كدا ، انااسفة يا فندم تعبتك معايا”
*تعبك راحة يا حياة ، واهم حاجة دلوقتي اطمن عليكي* قالها وهي يطبطب على يديها وينظر في عينيها ..
ولكن هذه المرة لم تنظر حياة الي الارض ، بل نظرت هي ايضاً في عينيه وكأنها تشكره بعينيها على هذا الاهتمام ، وأطالو النظر في عيون بعضهما .. حتى قطع تلك النظرات طرق الباب .، زفر آدم بضيق فهو لا يريد ان يبعد عينيه عن عينيها .. ثم نظرت حياة الى الارض فقام آدم ليفتح الباب ، ثم دخل العامل وعلى يديه صينية مليئة بالطعام وضع الطعام على الطاولة ثم التفت وغادر ..
*يلا يا حياة كلي بقا عشان تبقي كويسة*
“يا فندم انا حقيقي بقيت كويسة والله ، مش محتاجة كل ده”
*حياة متزعلنيش منك و كلي ، انا كنت عازمك برا بس العزومة اتحولت بقت هنا ، نصيبك تتغدي معايا* قال الاخيرة بابتسامة عريضة ..
“حاضر يا فندم عشان مزعلش حضرتك بس”
ثم تناولو الطعام وبعد ان انتهوا شعرت حياة حقاً انها بخير .. وتناولت قليلاً من الماء ..
“شكراً يا فندم بجد ده احسن يوم في حياتي”
*ممكن بقا نعمل اخر فقرة في العزومة* ..
قالها آدم وهو يقف ويبتسم لحياة ويمد يده لها مع انحناء ظهره .. نظرت حياة الي يديه نظرة تساؤل وتعجب ، ثم مدت هى الاخرى يدها ،فجذبها آدم اليه وقربها منه كثيراً ولف يده حول خصرها وبيده الاخرى امسك بيد حياة ووضعها حول رقبته وامسك يدها الاخرى ، وبدأ في الرقص على الموسيقى الهادئة ، وهو لم يبعد عينيه عنها لللحظة..
كانت حياة تنظر له بدهشة وهو ينظر لها بثقة ، فهو كان يعلم انه لا توجد فتاة تستطيع ان تقاوم تلك اللحظة.. فعندما علت الموسيقى ، قام بجذبها اليه اكثر ، فأصبح الاثنان وكأنهم جسدً واحد، واخذا يتراقصا على الموسيقى ومازالت حياة في حالة من الدهشة بالاضافة إلى دقات قلبها التى زادت عندما اقتربت منه وزادت اكثر عندما اقترب من وجهها واخذت انفاسهم تتبادل سوياً..
دَبُلت عينا حياة بسبب تأثير انفاسه عليها ،
وعندما اقترب من وجهها اكثر ، اغمضت حياة عينيها وامسكت يديه بقوة واستسلمت لتلك اللحظة ، التي لا تريدها ان تنتهي ، بل تريد ان تظل على هذا الوضع معه دائماً ..
الآن اصبحت القلوب مشتعلة بنيران الحب ..
نعم هذا هو احساس الحب ، هو بعينه ..
والآن تبدلت نظرات آدم من عينين حياة إلى شفتيها ..
وأخذ يقترب ومازلت حياة مغمضة العينين ، مستسلمة ، تريده ان يقترب منها أكثر وأكثر ..
ها قد حانت اللحظة .. لتلك القبلة المنتظرة ، كان آدم يريدها منذ ان رآها أول يوم ..
فأغمض آدم عينيه وبدأ ان يلامس شفتيها ..
حتى .. !!!!
طرق الباب ففزعت حياة وابتلعت ريقها خوف .. وكادت ان تبتعد ولكن آدم لم يترك يديها ،فكان في حالة من العضب الشديد ، وهو ينظر الي الارض وضغط على يديها بقوة وهو يعض على شفتيه ..
فتحدثت حياة اليه بصوت ضعيف يكاد ان يسمعه ..
“مستر آدم الباب بيخبط ، انا لازم امشي”
حين سمع صوتها لم يركز ف الكلام بل ركز في نبرة صوتها الضعيفة ..فأصبحت الموسيقى تأتي من داخل قلبه ..
لا يريد ان يتوقف هذا الصوت ابداً بل يريدها ان تتحدث ..
تتحدث كثيراً..
ثم طرق الباب مرة اخرى..
فاستعادت حياة صوتها وهي تجذب يديها من يديه ..
“مستر آدم بعد اذنك ، مينفعش كدا ، الباب بيخبط”
افاق آدم من غفوته وترك يديها وهو يعتذر ..
“انا اسف”
ثم استعاد آدم صوته القوي واجاب الطارق ..
“احم احم.. اتفضل”
فدخلت نهلة تخبره انه تأخر عن موعد طائرته ..
هُنا تفآجأت حياة ..
هل سيذهب !!
هل سيتركها بعد ان تعلقت به !!
هل سيتركها بعد ان شعرت بالحب معه !!
ولكن الى اين !!
والى متى !!
ولما هي خائفة الى ذلك الحد !!
#يتبع…
#بقلم_روان_رشاد
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية حياة (ادم وحياة)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.